المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفائدة الصفرية تدفع الودائع إلى هجر البنوك.. وتباين المواقف الخليجية



مغروور قطر
18-12-2008, 10:58 AM
بوحليقة: أولوية كبح التضخم تتراجع أمام شبح الكساد
الفائدة الصفرية تدفع الودائع إلى هجر البنوك.. وتباين المواقف الخليجية


حفز الطلب وتحريك الأموال
مخاوف عودة المضاربات
تثبيت الفائدة لضبط السوق






دبي – قطب العربي

بعد الخفض الأخير للفائدة الفيدرالية الأمريكية والتي قاربت الصفر مساء الثلاثاء 16-12-2008 تباينت مواقف الدول الخليجية المرتبطة بالدولار في تسعير عملاتها؛ حيث استبقت مؤسسة النقد السعودية قرار الفيدرالي بخفض سعري العائد على اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء العكسي بواقع نصف نقطة مئوية، وهو ما فعلته دول خليجية أخرى مثل الكويت والبحرين للمساهمة في زيادة السيولة في القطاع المصرفي، وإغراء الودائع بالخروج من البنوك إلى الأسواق؛ إلا أن الإمارات خالفت هذا التوجه مبقية على سعر الفائدة الحالي دون تخفيض، وهي المرة الثانية التي تفعل فيها الإمارات الشيء ذاته بسبب رغبة مصرفها المركزي في لجم التضخم من ناحية، وإعادة الاستقرار للنظام المصرفي الذي تساهل كثيرا خلال الفترة الماضية في القروض لدرجة فاقت معها القروض الودائع.

وخفض الاحتياطي الفيدرالي نسبة الفائدة الرئيسية 9 مرات منذ نشوب أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة في صيف عام 2007، وباتت منذ الاجتماع الأخير نهاية أكتوبر/تشرين الأول 1% وهو أدنى مستوى لها في المطلق قبل أن تصبح بين صفر و0.25% في الخفض الأخير لتصبح النسبة متواكبة مع النسبة الحقيقية المعتمدة من الصناديق، والتي تتراوح بين 0.12% و0.52% منذ الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وفي حين يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن خفض الفائدة إلى حدود الصفر يجعل الفيدرالي وكأنه استنفد كل أدواته النقدية لمساعدة الأسواق، فإن خبراء آخرين يرون أن الفيدرالي لا يزال لديه أدوات نقدية أخرى يمكنه استخدامها، لكن الطرفين اتفقا على أن السياسات النقدية ليست وحدها كافية لمواجهة الأزمة، بل ينبغي التركيز أكثر على السياسات المالية، كما تباينت مواقف الخبراء الخليجيين من خفض الفائدة في بلدانهم اقتداء بالفائدة الأمريكية، حيث رحب البعض بالخفض باعتباره وسيلة مناسبة لتنشيط الأسواق من خلال جذب الودائع من البنوك، بينما عارضه البعض بدعوى أنه يحافظ على بقاء التضخم مرتفعا.


حفز الطلب وتحريك الأموال

وقال الخبير الاقتصادي السعودي الدكتور إحسان بوحليقة: إن هدف خفض الفائدة سواء في الولايات المتحدة أو كما حدث في السعودية وبعض الدول الأخرى هو حفز الطلب وتحريك الأموال من البنوك إلى الأسواق سواء للاستثمار أو حتى للاستهلاك حيث ستصبح الودائع المصرفية مع خفض الفائدة عليها أقل جاذبية.

وقال الدكتور بوحليقة لـ"الأسواق.نت": إن خفض الفائدة الأمريكية إلى حدود الصفر لا يعني نهاية المطاف بالنسبة للفيدرالي، حيث يمكنه رفعها مرة أخرى عند الضرورة، مشيرا إلى أن اليابان حين مرت بكساد أوائل التسعينيات خفضت الفائدة إلى حدود الصفر.

لكن الدكتور بوحليقة يرى ويؤيده في ذلك خبراء آخرون أن السياسات النقدية في حاجة إلى تكامل مع السياسات المالية لمواجهة الأزمة، متوقعا ارتفاعا كبيرا في الإنفاق الحكومي في الميزانيات الجديدة التي توقع أيضا أن تكون قياسية، كما أشار إلى وجود أدوات مالية أخرى غير قائمة في الدول الخليجية منها إمكانية الخفض الضريبي.

وأوضح الدكتور بوحليقة أن المصارف المركزية -ومنها الاحتياطي الفيدرالي- لا يزال لديها العديد من الأدوات النقدية بخلاف سعر الفائدة، ومن ذلك الاحتياطات النظامية التي تفرضها على البنوك والإجراءات التنظيمية الأخرى للبنوك، مثل السماح أو عدم السماح بزيادة رأس المال للبنك، أو تحديد شروط الإقراض.

ورغم أن خفض الفائدة عادة يساهم في زيادة السيولة وبالتالي زيادة التضخم؛ إلا أن الدكتور بوحليقة يرى أن التضخم تراجعت أهميته في مقابل شبح كساد اقتصادي، لكنه يؤكد في الوقت ذاته أن الأسعار تتجه الآن نحو التراجع في المملكة والأسواق الخليجية الأخرى، حيث سيضطر التجار إلى خفض الأسعار لتنشيط المبيعات، والحصول على سيولة تمكنهم من سداد التزاماتهم من إيجارات ورواتب ومديونيات.. إلخ.


مخاوف عودة المضاربات

ويرى نائب رئيس المصرف المركزي البحريني السابق ومساعد المدير العام للخزنة والاستثمار في بنك البحرين والكويت الدكتور عبد الرحمن السيف أن الأزمة الكبرى التي يمر بها الاقتصاد العالمي حاليا وهي متعددة الجوانب لا يصلح لمعالجتها السياسة النقدية منفردة، حيث قامت السياسة النقدية منذ بدايات الأزمة صيف عام 2007 بخفض الفائدة عدة مرات من 5.25% إلى الحدود الصفرية الحالية، كما قام الفيدرالي بتوفير السيولة للقطاع المصرفي والمالي من خلال عدة تسهيلات، واستحداث أدوات تمويل جديدة، والمساهمة في رؤوس أموال المصارف المتعثرة، ودعم المؤسسات المالية المتعثرة.

وقال الدكتور السيف لـ"الأسواق.نت" إن مجالات التحرك تراجعت كثيرا أمام الفيدرالي؛ حيث إن سعر الفائدة الحقيقي في الولايات المتحدة حاليا هو مستوى سالب، وقد حدث ذلك من قبل في اليابان بداية التسعينيات، ومنذ ذلك الوقت وخلال عقدين لم تحقق اليابان سوى معدلات نمو طفيفة جدا، في حين لا تزال بعض الأدوات ممكنة أمام المركزي الأوروبي والبريطاني، وبعض المصارف المركزية الأخرى.

وقال السيف: إن الأزمة الحقيقية هي في تراجع الثقة للمستهلك، والمستثمر عادة ما يتطلب وقتا أكبر لإعادة الثقة حتى تعود عجلة الأسواق إلى وتيرتها السابقة.

وأكد السيف أن تباين الدول الخليجية في اقتفاء أثر الفائدة الأمريكية لن يشجع على عودة المضاربات على العملات كما حدث صيف 2007، موضحا أن رؤوس الأموال التي دخلت للمضاربة خرجت من الأسواق، وليس هناك أي مؤشرات على عودتها مرة أخرى، وموضحا أيضا أن الظروف اختلفت، حيث كانت معدلات النمو والتضخم في الخليج مرتفعة خلال الصيف الماضي، كما كانت أسعار النفط عالية، وكانت النظرة للمنطقة متفائلة جدا بتحقيق مزيد من النمو، أما الآن فإن توقعات النمو تم تعديلها ولم العوامل المحركة للمضاربات قائمة.


تثبيت الفائدة لضبط السوق

وفي الإمارات التي لم تخفض الفائدة رغم ارتباط عملتها بالدولار قال رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس الوطني الاتحادي أحمد حارث المدفع: إن الواقع الاقتصادي في الإمارات مختلف عن الولايات المتحدة، فالمشكلة في الإمارات نتجت عن توفر السيولة خلال الفترة الماضية، ما رفع كثيرا معدل التضخم إلى 14%، كما أن البنوك الإماراتية تجاوزت الحدود في منح القروض لتتجاوز هذه القروض الودائع بكثير.

وقال المدفع لـ"الأسواق.نت": إن هدف السياسة النقدية الحالية في الإمارات هو إعادة البنوك إلى الوضع السليم (أي لا تزيد القروض عن محفظة الودائع)، مشيرا إلى أن البنوك وفي إطار حرصها على تنفيذ هذه السياسة رفعت الفوائد إلى 7.5% على الودائع بهدف اجتذاب أكبر مبالغ ممكنة لمواجهة طلبيات القروض، لكن المدفع ألمح إلى أن التوقيت الحالي هو توقيت سيئ، وكان من المفترض أن تتم هذه الإجراءات قبل وقت طويل.

وحول سبب استمرار ارتفاع التضخم في الإمارات رغم عدم تخفيض الفائدة، ورغم انخفاض الأسعار عالميا قال المدفع: إن اللجنة المالية والاقتصادية في المجلس الوطني أعدت مقترحات لمواجهة ارتفاع الأسعار رفض الكشف عنها، مشيرا إلى أن هذه المقترحات تتضمن أوضاع أسعار المحروقات والسلع الاستهلاكية والقطاع العقاري ودور الجمعيات التعاونية، وأن المجلس سيحدد لها جلسة للمناقشة قريبا.



تعليقات حول الموضوع