المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عاصفة انتقادات برلمانية للحكومة الكويتية بسبب صفقة »داو« وعدم مطالبتها بشروط أفضل بعد



مغروور قطر
20-12-2008, 02:12 AM
القليل من الجهد قد بذل لحماية المصالح الكويتية في الاتفاق
أوكسفورد بيزنس جروب: عاصفة انتقادات برلمانية للحكومة الكويتية بسبب صفقة »داو« وعدم مطالبتها بشروط أفضل بعد الهبوط الحاد للأصول







إعداد محمود عبدالرزاق:

بعد ان تمتع بمزايا ارتفاع اسعار الطاقة الذي ساد الاسواق النفطية العالمية خلال النصف الاول من العام الحالي وما تمخض عنه من فوائض مالية ضخمة، عانى الاقتصاد الكويتي من تراجع المداخيل النفطية خلال النصف الثاني من العام على نحو يساير الاتجاهات الناجمة عن الازمة المالية العالمية . وفيما يدنو عام 2008 من نهايته، فان ثمة دلائل على ان الاقتصاد الكويتي على الرغم من قوة مقوماته الاقتصادية، سيشهد تباطؤا في النمو خلال عام 2009.

ذكرت ذلك مجموعة اوكسفورد بيزنس جروب في تحليل لها بقلم مدير التحرير الاقليمي اوليفر كورنوك وقالت ان عام 2008 شهد بداية طيبة سجل فيها الاقتصاد الكويتي نموا قويا، وكشفت الحكومة الكويتية في يناير 2008 النقاب عن تفاصيل مسودة الميزانية الجديدة للسنة المالية 2009/2008، والتي بدأت في ابريل الماضي . واستنادا الى سعر للنفط بالغ التحفظ بلغ 50 دولارا للبرميل، توقعت الميزانية ايرادات قدرها 46.4 مليار دولار، ما يعني زيادة قدرها %52.8 عما كانت عليه في السنة المالية السابقة . كما قدرت حجم المصروفات الحكومية بواقع 65.2 مليار دولار مرتفعا بنسبة %57.5 عما كان عليه في الميزانية السابقة. وقد تركز الكثير من هذه الزيادة في المصروفات على مشاريع تحسين البنية التحتية والارتقاء بالخدمات الاجتماعية.

وقالت اوكسفورد بيزنس جروب انه بفضل الاداء القوي لاسعار النفط خلال الجزء الاعظم من عام 2008، فقد تمكنت الحكومة من الاعلان في الثالث من ديسمبر الجاري عن تحقيق فائض في الميزانية قدره 29.39 مليار دولار خلال السبعة الاشهر الاولى من العام.

ولكن المجموعة قالت ان بنك الكويت الوطني حذر من احتمالات تراجع هذا الفائض الى نحو 6.5 مليارات دولار بحلول نهاية السنة المالية الحالية في 31 مارس المقبل، وذلك مع الاخذ في الاعتبار التحويلات غير العادية التي توازي 20 مليار دولار التي يتم تحويلها الى مؤسسة التأمينات الاجتماعية لدعم الخدمات التي تقدمها الدولة نتيجة لتراجع اسعار النفط.

ورغم قوة الفوائض القياسية التي سجلتها الميزانية الكويتية، فان المطالبات بتعزيز التمويل الحكومي اخذة في التزايد. ففي 13 ديسمبر الجاري، اعلنت وزارة التجارة والصناعة انها انفقت نحو 168 مليون دولار على الدعم خلال الاشهر الستة المنتهية في 30 سبتمبر الماضي، وهي فترة النصف الاول من السنة المالية الحالية . ومن اصل هذا المبلغ، كان 113.4 مليون دولار من نصيب دعم اسعار السلع والمواد الغذائية، بالاضافة الى 36 مليون دولار لدعم مواد البناء . وبالمقارنة، فقد انفقت الكويت مبلغ 88 مليون دولار على الدعم خلال السنة المالية الماضية.



استكمال الخطط



واضافت اوكسفورد بيزنس جروب ان الكويت اعلنت مطلع العام الحالي استكمال خطط لما يعتبر واحدا من اكبر مشروعات التطوير العقاري في الشرق الاوسط، الا وهو مشروع مدينة الحرير. ويستهدف المشروع المقدرة تكلفته بنحو 77 مليار دولار ومن المزمع استكماله بحلول عام 2030، ليس فقط اسكان 700 الف نسمة، بل انه سيلعب دور منطقة للتجارة الحرة تربط بين قارتي اسيا واووربا، ليكون منافسا لامارة دبي كمركز رائد في المنطقة لادارة الاعمال.

واضافت ان الاعمال الاولية قد بدأت بالفعل في المشروع الذي سيغطي مساحة تربو على 200 كيلومتر مربع في منطقة الصبية على مقربة من الحدود العراقية .وستكون مدينة الحرير عبارة عن اربع مدن مرتبطة ببعضها البعض مع مراكز مخصصة للنشاطات التجارية، والنشاطات الترفيهية والتسلية، مع مراعاة النواحي البيئية ومراكز دبلوماسية وتعليمية.



تراجع المكاسب



وبعد ستة اشهر من المكاسب المتواصلة، بلغ مؤشر سوق الكويت للاوراق المالية مستوى قياسيا بلغ 15654 نقطة في شهر يونيو الماضي. على ان ذلك النمو القوي كان مظهرا من مظاهر المد العالي الذي لا يلبث ان يعود الى الجزر، حيث شهد منتصف شهر ديسمبر الجاري هبوطا للمؤشر الى 8910 نقاط، في اعقاب انتشار الازمة المالية العالمية وامتداد اثارها لتطول مختلف دول العالم .

وقد انعكست التطورات السياسية على الوضع الاقتصادي، وتحديدا عندما قدمت الحكومة الكويتية استقالتها وتم قبولها من امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في 13 ديسمبر الجاري، على خلفية ضغوط متواصلة من مجلس الامة واتهامات حول الاداء الحكومي وادارته للشؤون الاقتصادية.



أزمة »داو«



وقالت المجموعة ان الحكومة تعرضت على وجه الخصوص الى انتقادات برلمانية بسبب الموافقة على صفقة تم ابرامها بين شركة صناعة الكيماويات البترولية التابعة لمؤسسة البترول الكويتية وشركة داو كيميكال الامريكية العملاقة لتأسيس شركة (كي - داو). وتدفع مؤسسة البترول الكويتية بموجب الاتفاقية 7.5 مليارات دولار لشراء %50 من الحصص في الشركة الجديدة، في حين تتمثل مساهمة داو كيميكال الامريكية باصول قائمة في عدد من المجمعات الصناعية المنتشرة حول العالم.

وقد وجه عدد من البرلمانيين انتقادات للاتفاقية التي كانت مقدرة في الاصل بواقع 9 مليارات دولار قائلين انه كان يتعين على الحكومة ان تطالب بشروط افضل حيث شهدت الشركة الامريكية تراجعا حادا في قيمة اصولها في اعقاب انكماش النشاطات الاقتصادية العالمية. وقال بعض النواب ان القليل من الجهد قد بذل لحماية المصالح الكويتية في هذا الصدد.

ومن الامور الايجابية ما توقعته شركة جلوبل في تقرير لها في منتصف ديسمبر الجاري من تراجع معدل التضخم في الكويت في نهاية العام الحالي الى %11.3 مقارنة مع %11.64 الذي سجل في اغسطس الماضي. وقال التقرير ان التضخم يجب ان يشهد مزيدا من التراجع في 2009 على خلفية تراجع معدلات الايجارات واستقرار اسعار السلع المستوردة، وعزا ذلك جزئيا الى تنامي قوة الدولار الامريكي.



تضرر العقار



ورغم فك الكويت ارتباط عملتها بالعملة الامريكية في مايو 2007، الا انها ما زالت تدفع قيمة الجانب الاعظم من قيمة وارداتها بالدولار، الذي سجل ارتفاعا في سعر صرفه خلال الاشهر الاخيرة، الامر الذي خفف من ضغوط التضخم المستورد، في حين يتوقع المراقبون ان نشهد اثار هذا الارتفاع في العام الجديد.

وقالت اوكسفورد بيزنس جروب ان اثار ازمة الاقراض العالمية بدأت بالتدفق نحو قطاع العقارات الكويتي في النصف الثاني من العام الحالي، حيث تراجعت تداولات العقارات بنسبة %56 في شهر اكتوبر مقارنة مع الشهر ذاته من عام 2007، ولتبلغ نسبة تراجعها في المتوسط %43 خلال الشهرين السابقين.

على ان الازمة المالية العالمية لم تكن هي العامل الوحيد المؤثر على المبيعات في سوق العقارات الكويتي، بل كان هناك عامل آخر لعب دورا مؤثرا في هذا المضمار، على الاقل بالنسبة لشريحة العقار السكني . ففي مطلع عام 2008، بدا سريان تشريع يحظر على الشركات الاستثمارية تداول وتجارة العقارات السكنية . وقد ادى هذا الحظر، مصحوبا بتشديد بنك الكويت المركزي القيود التي تقدم البنوك من خلالها القروض لتمويل شراء العقارات باعتبارها جزءا من محافظ الاقراض الكلية لدى هذه البنوك، الى امتصاص بعض السخونة التي كان سوق العقارات السكنية يتميز بها.



تحديد نسب الأقساط



وبالاضافة الى ذلك، طبق البنك المركزي اعتبارا من مارس الماضي تشريعات جديدة كان من شأنها تحديد الدفعات الشهرية للفوائد والأقساط التي يمكن للمقترضين من القطاع الخاص الالتزام بها لتسديد القروض الجديدة التي يحصلون عليها من البنوك بما يوازي %40 او اقل من رواتبهم الشهرية، مقارنة مع %50 في السابق ومن اجل تعزيز الثقة في النظام المصرفي في اعقاب الاعلان عن تكبد بنك الخليج، احد اكبر البنوك الرائدة في الكويت خسائر كبيرة نتيجة التعامل بعقود مشتقات اليورو، عمد مجلس الامة الكويتي الى اقرار تشريع تضمن الحكومة بموجبه كافة ودائع البنوك التي تقدر بنحو 87 مليار دولار.

وقد تضافر هذا الاجراء مع خطوات اخرى من قبل بنك الكويت المركزي برفع نسبة القروض الممكن للبنوك منحها الى نسبة الودائع من %80 الى %85، وتخفيض اسعار الفائدة لتتيح المجال امام ضخ المزيد من السيولة في السوق.



محفظة دعم السوق



وفي منتصف نوفمبر الماضي، اعلنت الحكومة ايضا تأسيس محفظة جديدة لدعم الشركات المحلية التي تواجه مصاعب مالية من خلال الهيئة العامة للاستثمار.ووفقا لتقارير اعلامية محلية، فان نحو 12 مليار دولار سيتم توفيرها واستخدامها في شراء حصص واسهم في شركات وقعت في قبضة الازمة، كما تضمنت الخطة ان يتم بيع هذه الاصول بعد انقضاء مدة متفق عليها.

وقد طفا على السطح دليل اخر على ان الازمة المالية قد بدأت تحدث آثارها، عندما اعلنت الحكومة اواخر نوفمبر الماضي انها بصدد مراجعة برنامج التنمية البالغ قوامه 128 مليار دولار على نحو ينطوي على تأجيل او اعادة النظر في بعض المشاريع الكبرى بما فيها انشاء المراكز السكنية والتجارية ومرافق الموانئ وخطوط السكك الحديدية.

وعلى الرغم من انتشار آثار الازمة المالية العالمية، فان الاقتصاد الكويتي بشكل عام قوي، وقد تصدت الدولة لدعم القطاع المالي وتعزيز وضع السيولة في السوق وتوسيع نطاق المراقبة التشريعية على سوق العقار للحيلولة دون تطور ونشوء مناخ لمنح القروض لا يمكن استدامته.

وعلاوة على ذلك، وفي ظل المستويات العالية لاوضاع التمويل التي تتمتع بها الدولة فضلا عن الاحتياطيات النفطية الضخمة، فان الكويت تتمتع بقاعدة عريضة من الاموال التي تحتاجها لركوب الموجات التي قد تحملها اية ازمات اقتصادية


تاريخ النشر 20/12/2008