مغروور قطر
04-01-2009, 11:31 AM
مركز الجمان يبدى نظرة غير ايجابية لسوق الكويت خلال عام 2009
مركز الجمان 04/01/2009
تقلصت الفجوة بين المؤشرين الوزني والسعري إلى 5 نقاط مئوية في نهاية ديسمبر الجاري أو بتاريخ إعداد هذا التقرير تحديداً ، حيث بلغ انخفاض المؤشر الوزني 41% منذ بداية العام بالمقارنة مع انخفاض المؤشر السعري بمعدل 36% ، وقد بلغت تلك الفجوة ذروتها – على أساس شهري – نهاية سبتمبر الماضي حين كان بمقدار 11.5 نقطة مئوية ، ويعني ذلك تقلص اختلال التوازن النسبي في أداء الأسهم الصغيرة والكبيرة منذ بداية العام حتى الآن ، حيث كان الاتجاه لصالح الأسهم الصغيرة في ما مضى ، وذلك إلى حين التدخل الحكومي في البورصة والمتمثل في شراء الأسهم التشغيلية والتي هي كبيرة في معظمها ، وبالرغم من كون المؤشر السعري قد انخفض بمعدل 37% بما يفوق انخفاض المؤشر الوزني الذي كان بمعدل 35% خلال الربع الرابع ، إلا أن أداء المؤشر السعري كان أفضل من الوزني خلال ديسمبر الجاري حيث انخفض بمعدل 5% في مقابل انخفاض الوزني بمعدل 7% ، وقد صاحب التراجع في أسعار الأسهم لشهر ديسمبر 2008 انخفاض في متوسط التداول اليومي بمعدل 9% حيث انخفض إلى 81.8 مليون د.ك في ديسمبر مقابل 89.6 مليون د.ك في نوفمبر 2008 ، وقد تسبب انكشاف الشركات الورقية إضافة إلى أزمة مديونيات بعض شركات الاستثمار في انخفاض مؤشرات التداول والأسعار ، ناهيك عن ما يردده البعض من الامتعاض من تأخر الدولة في دعم البورصة من خلال الشراء المباشر للأسهم ودور ذلك في التأثير سلباً على نفسيات شريحة كبيرة من المتداولين ، والذي أدى إلى لانخفاض التداول إلى أرقام قياسية حيث انخفض التداول بتاريخ 21/12/2008 إلى 26.7 مليون د.ك ، والذي يقل بشكل حاد عن المتوسط اليومي لعام 2008 والبالغ 148.7 مليون د.ك ، وقد تم إغفال تداول يوم الخميس الموافق 13/11/2008 والبالغ 23.6 مليون د.ك من اعتباره أقل يوم تداول ، نظراً لإيقاف التداول فيه خلال الجلسة بموجب حكم قضائي .
تدخل الدولة… وأزمة الثقة
وبالرغم من احترامنا لوجهات النظر التي تقول بأهمية تدخل الدولة بشكل مباشر لدعم مستويات الأسعار في البورصة ، إلا أننا نختلف مع وجهات النظر تلك ، حيث إن التدخل بالطريقة التي تمت والتي ستتم ينطوي على عدة سلبيات ، أهمها صرف النظر ولو مؤقتاً عن الأزمة الحقيقية للبورصة والمتمثلة في الفساد المتفشي بالشركات المدرجة ذاتها والأجهزة الحكومية المعنية بالبورصة وبعض المتداولين خاصة كبار المضاربين ، ناهيك عن القصور التشريعي وموقف بعض الأجهزة الاعلامية – خاصة الصحف -من التعمد في تضليل المتداولين وخلق انطباع مُغاير للحقيقة ، حيث تغذي وتعمق هذه المعطيات السلبية أزمة الثقة الراهنة في سوق المال ، والتي لا تجدي معها مئات الملايين من الدنانير المتوقع ضخها في البورصة ، فالحل الحقيقي لمشكلة البورصة هو الالتفات بجدية وحزم نحو حل أوجه القصور المرتبطة بها ، والتي تم ذكر بعضها آنفا .
ولا يستبعد أن تنعش الأموال السيادية حركة التداول وأن تعزز المستويات السعرية لكن لفترة مؤقتة جداً ، بعد أن يتم استنفاذها ، مثلما حدث تماماً عندما تم استنفاذ ما لا يقل عن 300 مليون د.ك من أموال الدولة خلال أكتوبر الماضي خلال أقل من ثلاثة أيام دون أي جدوى تُذكر ، بل أن المؤشر السعري انخفض بمعدل 31% منذ التدخل الملحوظ لهيئة الأستثمار بتاريخ 12/10/2008 عبر الصناديق الاستثمارية حتى الآن .
من جهة أخرى ، فإن من المرجح وبقوة توفر استعداد كبير لدى شريحة كبيرة من كبار المستثمرين لانتهاز السيولة الحكومية في تسييل جزء من استثماراتهم في البورصة ، وذلك على ضوء المؤشرات غير الإيجابية عن العام المقبل 2009 ، والذي ربما يدعو باقي المتداولين -خاصة صغارهم -للتفكير جدياً في حذوهم حذو هؤلاء الكبار ، وذلك من حيث تسييل جزء من استثماراتهم على الأقل ، ومن ثم الانتظار والترقب لما ستؤول إليه الأمور خاصة بعد اكتمال اعلان النتائج عن العام 2008 والتوزيعات المصاحبة لها ، والتي نتوقع أنها ستكون أقل من طموحات الكثيرين .
لماذا استمرار إيقاف تداول سهم بنك الخليج ؟
لقد كان إيقاف تداول سهم بنك الخليج اعتباراً من تاريخ 26/10/2008 موفقاً للغاية ، وذلك بمبادرة من بنك الكويت المركزي ، على خلفية علمه بخسائر البنك بالمشتقات المالية والاستثمارية ، ولكن بعد إعلان حجم الخسائر بدقة وبشكل رسمي بتاريخ 19/11/2008 ، وأيضاً عقد الجمعية العمومية بتاريخ 2/12/2008 ، فإنه ليس هناك مبرر إطلاقاً لاستمرار وقف تداول سهم البنك حتى الآن ، وذلك لعدة أسباب منها ، أن وضع البنك أصبح واضحاً ، كما ان هناك شريحة مهمة من المساهمين يسعون لتسييل جزء أو كل استثماراتهم في البنك ، وبالمقابل نتوقع وجود مستثمرين مستعدين للشراء على مستويات سعرية منطقية ، حيث إن استمرار الإيقاف غير المبرر للسهم يكبد مساهمي البنك خسائر إضافية نظراً لاستحقاق التزامات مالية على بعضهم كان من المفترض تمويلها من خلال تسييل بعض أو كل مساهمتهم في البنك ، من جهة أخرى ، فإن سعر إغلاق السهم بتاريخ 23/10/2008 -وهو آخر يوم تداول له والبالغ 950 فلساً – يعتبر غير منطقياً وغير عادلاً لتقييم المحافظ والاستثمارات ، خاصة وأننا على أبواب تقييم الأسهم بمناسبة إعداد البيانات المالية للعام 2008 ، حيث لم يتأثر سعر السهم بعاملين جوهريين وهما ، التسوية الخاصة بإعادة هيكلة رأس المال ، وأيضاً تداعيات الخسائر التي تكبدها البنك ، ناهيك عن تقييم سوق المال للإدارة الجديدة للبنك ، حيث إن سعر 950 فلساً إذا تم اتخاذه أساساً لتقييم السهم سواء كاستثمار أو للرهونات ، فإن ذلك يعتبر مضللا للغاية ، وينبئ بتعقيدات وإشكالات جسيمة في المستقبل المنظور .
ولعل السبب في استمرار وقف تداول السهم هو خشية المعنيين خاصة البنك المركزي من تدهور تقييم استثمارات بمئات الملايين من الدنانير ، وكذلك مئات ملايين أخرى متعلقة بالرهونات ، وانعكاس ذلك على سوق المال ومخصصات البنوك ، وإن كان هذا هو سبب استمرار وقف تداول السهم حتى نهاية العام الحالي ، فإن ذلك السبب غير منطقي وغير مبرر ، حيث يعتبر ذلك تأجيلا قصير المدى للمشكلة وليس حلاً لها بكل تأكيد ، فتداول السهم سيتم عاجلاً أو آجلاً وسينعكس سعره على الاستثمارات والرهونات المرتبطة ، وبالتالي ستحدث المشكلة وربما بشكل أكبر ، نظراً لتأجيل الاعتراف بها في التوقيت الصحيح والمناسب .
صفقة بنك بوبيان... واختراق القانون
وفي إطار الحديث عن البنوك ، فقد قامت شركة دار الاستثمار ببيع حصتها في بنك بوبيان والبالغة19 % من رأس ماله إلى البنك التجاري ، وذلك وفقاً لتفاصيل معينة تم الاعلان عنها في حينه ، وقد تمت الصفقة في السوق الرسمي بتاريخ 15/12/2008 ، فيما تم الإعلان عنها في اليوم التالي ، ونظراً لكون الكمية المباعة تزيد عن 5% من رأس مال بنك بوبيان ، فإن طريقة البيع التي تمت بها من خلال التداول الاعتيادي تعتبر مخالفة صريحة لإجراءات وقواعد بيع ما يساوي أو يزيد عن 5% من رأس مال الشركات المدرجة ، وبالرغم من حدوث تطورات جديدة بشان بيع حصة الدار في بنك بوبيان ، والذي أدى إلى إلغاء الصفقة والذي تم الإعلان عنه بتاريخ 24/12/2008 ، إلا أن عملية البيع كانت غير صحيحة وتعتبر مخالفة سافرة ، حيث تعتبر إدارة سوق الكويت للأوراق المالية مسؤولة عنها بشكل مباشر ، والذي يؤكد التقصير المستمر والمتزايد من جانب المعنيين بسوق المال ، وهو ما يجني الاقتصاد الوطني تبعاته الكارثية ، مما يؤكد استفحال حالة الفلتان والفوضى السائدة في سوق المال على وجه الخصوص ، ومعظم مرافق الدولة بشكل عام ، والذي يضعف -إن لم نقل: يعدم-التوقعات الايجابية الخاصة بالبورصة للعام 2009 على الأقل .
هرطقة الدمج والاستحواذ !
وفي خضم حالة تدهور البورصة ، تتردد تصريحات وتحليلات بإن الفترة المقبلة أو العام القادم مرشح لحدوث العديد من حالات الدمج والاستحواذ ، وذلك كأحد الوسائل للخروج من الأزمة الحالية أو التخفيف منها ، ولا شك بأن عمليات الدمج والسيطرة -أو الاستحواذ بالمصطلح الدارج – هي عمليات متعارف عليها ومفيدة إذا كانت مبنية على دراسة سليمة ومهنية ، أما ما يتردد حالياً عن احتمالات الدمج والاستحواذ فإنها من قبيل الهرطقة والكلام الفارغ من وجهة نظرنا ، كما أن بعض من يردد تلك المصطلحات لا يفقه معناها الحقيقي ، حيث تصدر تلك التصريحات عن أناس غير مهنيين إن لم نقل مشبوهين ، وذلك كونهم مسؤولين عن شركات ورقية ليس لها قيمة إطلاقا ، سواء تم دمجها أو الاستحواذ عليها أو بقيت كما هي ، حيث يجب أن يكون مصير تلك الشركات هو سلة المهملات ، ويمكن ترديد اسمها لغرض السخرية والتندر لا أكثر ، وليس على سبيل العمل الاقتصادي والمهني الذي يؤدي إلى نتائج إيجابية ونقله نوعية في مسيرة الشركات المتعثرة والاقتصاد بشكل عام ، ولا يعني كلامنا عن عمليات الدمج والاستحواذ استحالة تطبيقها في كل الحالات ، حيث من الممكن أن تتوفر مستقبلا حالات تنطبق عليها تلك العمليات بشكل ناجح مما يمثل قيمة مضافة ، لكننا لا نرى في الوقت الحالي خطوات جدية وسليمة في هذا الاتجاه .
توقعات نتائج الربع الرابع والعام 2008
لا شك بأن الظروف المحلية والعالمية ستلقي بظلالها على نتائج مجمل الشركات المدرجة خاصة في الربع الرابع ، والتي ستؤثر في مجمل نتائج العام الحالي 2008 ، حيث انخفض المؤشر الوزني بمعدل 35% خلال الربع الرابع وهو أكثر ضعف انخفاض ذات المؤشر في الربع الثالث ، مما سيترك أثراً سلبياً بالغاً على نتائج الشركات خاصة المتورطة منها في استثمارات في سوق المال ، وهي شريحة عريضة من الشركات المدرجة ، إلا أن تعديل المعيار 39 – والخاص بتقييم الاستثمارات المحتفظ بها للمتاجرة – سيخفف من وطأة التداعيات السلبية على نتائج الشركات كما حدث خلال الربع الثالث ، وبناءً عليه فإننا نتوقع أن يكون إجمالي الأرباح المعلنة للشركات المدرجة للربع الرابع 2008 نحو 450 مليون د.ك ، وذلك دون الأخذ بالإعتبار خسائر بنك الخليج التي بلغت نحو 375 مليون د.ك على أثر تعاملات بعض عملاءه في المشتقات المالية ، حيث لا يُستبعد أن ينخفض إجمالي الأرباح المعلنة لجميع الشركات المدرجة بما فيها بنك الخليج إلى 100 مليون د.ك في الربع الرابع 2008 ، وذلك بالمقارنة مع 927 مليون د.ك في الربع المناظر 2007 ، أي بإنخفاض تقارب نسبته 90% ، وإذا ما صدقت توقعاتنا بشأن الربع الرابع ، فإن مجمل نتائج العام 2008 المتوقعة ستبلغ 3.252 مليارات د.ك بانخفاض معدله 32% عن العام 2007 ، والذي كان إجمالي أرباحه 4.810 مليارات د. ك .
توقعات 2009
وبمناسبة قرب انتهاء العام الحالي 2008 ، وبداية العام الجديد 2009 ، فإنه جرت عادتنا على إصدار توقعات للعام الجديد سواء كانت إيجابية أو سلبية ، وقد صدقت توقعاتنا السلبية للعام 2008 ، وذلك رغم عدم توقعنا لحدوث الأزمة العالمية ، حيث كانت توقعاتنا عن أداء سوق الكويت للأوراق المالية فقط ، أما بالنسبة للعام 2009 ، فإننا لا نتوقع أن يكون عاماً إيجابياً من حيث أداء مؤشر سوق المال الكويتي ، بل نتوقع أن يكون الأداء سلبياً ، ونظراً لغموض الوضع وتعدد المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية ، فإننا لا نستطيع في هذا الوقت تحديد نسبة الانخفاض المتوقع لسوق المال الكويتي خلال العام 2009 ، وتنبع توقعاتنا السلبية من التخبط في إدارة الدولة بشكل عام ، وبالشأن الاقتصادي بشكل خاص ، ناهيك عن انخفاض سعر النفط الكويتي إلى دون 30 دولار أمريكي ، والذي يقل بنسبة 50% عن سعر التعادل المقدر لتوازن الإيرادات مع المصروفات ، وانخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي أيضاً ، بالإضافة إلى التداعيات السلبية الجسمية المرتبطة بمعظم الشركات المدرجة خاصة المتعثرة والورقية منها ، ومن جهة أخرى ، فإننا لا نسقط الأزمات السياسية المتلاحقة والمتفاقمة في البلاد على توقعاتنا الاقتصادية المستقبلية ، حيث إن أثر تداعيتها السلبية خارج الحساب نظراً لصعوبة حصرها وتوقع درجة تفاقمها .
وبالرغم من نظرتنا غير الإيجابية للعام المقبل ، فإننا لا ندعو الجميع إلى اعتناق وجهة نظرنا ، حيث أنها معرضة للصواب والخطأ ، وذلك رغم أن النظرة السلبية للعام القادم هي على المستوى الإقليمي والعالمي ، والتي يقول بها المعظم الساحق من المحللين الماليين وأصحاب الأعمال وأهل الأختصاص ، ولا شك بإننا نامل إن تكون التداعيات السلبية على بلدنا ومنطقتنا هي الأقل ، بالمقارنة مع الوضع في بقية العالم.
مركز الجمان 04/01/2009
تقلصت الفجوة بين المؤشرين الوزني والسعري إلى 5 نقاط مئوية في نهاية ديسمبر الجاري أو بتاريخ إعداد هذا التقرير تحديداً ، حيث بلغ انخفاض المؤشر الوزني 41% منذ بداية العام بالمقارنة مع انخفاض المؤشر السعري بمعدل 36% ، وقد بلغت تلك الفجوة ذروتها – على أساس شهري – نهاية سبتمبر الماضي حين كان بمقدار 11.5 نقطة مئوية ، ويعني ذلك تقلص اختلال التوازن النسبي في أداء الأسهم الصغيرة والكبيرة منذ بداية العام حتى الآن ، حيث كان الاتجاه لصالح الأسهم الصغيرة في ما مضى ، وذلك إلى حين التدخل الحكومي في البورصة والمتمثل في شراء الأسهم التشغيلية والتي هي كبيرة في معظمها ، وبالرغم من كون المؤشر السعري قد انخفض بمعدل 37% بما يفوق انخفاض المؤشر الوزني الذي كان بمعدل 35% خلال الربع الرابع ، إلا أن أداء المؤشر السعري كان أفضل من الوزني خلال ديسمبر الجاري حيث انخفض بمعدل 5% في مقابل انخفاض الوزني بمعدل 7% ، وقد صاحب التراجع في أسعار الأسهم لشهر ديسمبر 2008 انخفاض في متوسط التداول اليومي بمعدل 9% حيث انخفض إلى 81.8 مليون د.ك في ديسمبر مقابل 89.6 مليون د.ك في نوفمبر 2008 ، وقد تسبب انكشاف الشركات الورقية إضافة إلى أزمة مديونيات بعض شركات الاستثمار في انخفاض مؤشرات التداول والأسعار ، ناهيك عن ما يردده البعض من الامتعاض من تأخر الدولة في دعم البورصة من خلال الشراء المباشر للأسهم ودور ذلك في التأثير سلباً على نفسيات شريحة كبيرة من المتداولين ، والذي أدى إلى لانخفاض التداول إلى أرقام قياسية حيث انخفض التداول بتاريخ 21/12/2008 إلى 26.7 مليون د.ك ، والذي يقل بشكل حاد عن المتوسط اليومي لعام 2008 والبالغ 148.7 مليون د.ك ، وقد تم إغفال تداول يوم الخميس الموافق 13/11/2008 والبالغ 23.6 مليون د.ك من اعتباره أقل يوم تداول ، نظراً لإيقاف التداول فيه خلال الجلسة بموجب حكم قضائي .
تدخل الدولة… وأزمة الثقة
وبالرغم من احترامنا لوجهات النظر التي تقول بأهمية تدخل الدولة بشكل مباشر لدعم مستويات الأسعار في البورصة ، إلا أننا نختلف مع وجهات النظر تلك ، حيث إن التدخل بالطريقة التي تمت والتي ستتم ينطوي على عدة سلبيات ، أهمها صرف النظر ولو مؤقتاً عن الأزمة الحقيقية للبورصة والمتمثلة في الفساد المتفشي بالشركات المدرجة ذاتها والأجهزة الحكومية المعنية بالبورصة وبعض المتداولين خاصة كبار المضاربين ، ناهيك عن القصور التشريعي وموقف بعض الأجهزة الاعلامية – خاصة الصحف -من التعمد في تضليل المتداولين وخلق انطباع مُغاير للحقيقة ، حيث تغذي وتعمق هذه المعطيات السلبية أزمة الثقة الراهنة في سوق المال ، والتي لا تجدي معها مئات الملايين من الدنانير المتوقع ضخها في البورصة ، فالحل الحقيقي لمشكلة البورصة هو الالتفات بجدية وحزم نحو حل أوجه القصور المرتبطة بها ، والتي تم ذكر بعضها آنفا .
ولا يستبعد أن تنعش الأموال السيادية حركة التداول وأن تعزز المستويات السعرية لكن لفترة مؤقتة جداً ، بعد أن يتم استنفاذها ، مثلما حدث تماماً عندما تم استنفاذ ما لا يقل عن 300 مليون د.ك من أموال الدولة خلال أكتوبر الماضي خلال أقل من ثلاثة أيام دون أي جدوى تُذكر ، بل أن المؤشر السعري انخفض بمعدل 31% منذ التدخل الملحوظ لهيئة الأستثمار بتاريخ 12/10/2008 عبر الصناديق الاستثمارية حتى الآن .
من جهة أخرى ، فإن من المرجح وبقوة توفر استعداد كبير لدى شريحة كبيرة من كبار المستثمرين لانتهاز السيولة الحكومية في تسييل جزء من استثماراتهم في البورصة ، وذلك على ضوء المؤشرات غير الإيجابية عن العام المقبل 2009 ، والذي ربما يدعو باقي المتداولين -خاصة صغارهم -للتفكير جدياً في حذوهم حذو هؤلاء الكبار ، وذلك من حيث تسييل جزء من استثماراتهم على الأقل ، ومن ثم الانتظار والترقب لما ستؤول إليه الأمور خاصة بعد اكتمال اعلان النتائج عن العام 2008 والتوزيعات المصاحبة لها ، والتي نتوقع أنها ستكون أقل من طموحات الكثيرين .
لماذا استمرار إيقاف تداول سهم بنك الخليج ؟
لقد كان إيقاف تداول سهم بنك الخليج اعتباراً من تاريخ 26/10/2008 موفقاً للغاية ، وذلك بمبادرة من بنك الكويت المركزي ، على خلفية علمه بخسائر البنك بالمشتقات المالية والاستثمارية ، ولكن بعد إعلان حجم الخسائر بدقة وبشكل رسمي بتاريخ 19/11/2008 ، وأيضاً عقد الجمعية العمومية بتاريخ 2/12/2008 ، فإنه ليس هناك مبرر إطلاقاً لاستمرار وقف تداول سهم البنك حتى الآن ، وذلك لعدة أسباب منها ، أن وضع البنك أصبح واضحاً ، كما ان هناك شريحة مهمة من المساهمين يسعون لتسييل جزء أو كل استثماراتهم في البنك ، وبالمقابل نتوقع وجود مستثمرين مستعدين للشراء على مستويات سعرية منطقية ، حيث إن استمرار الإيقاف غير المبرر للسهم يكبد مساهمي البنك خسائر إضافية نظراً لاستحقاق التزامات مالية على بعضهم كان من المفترض تمويلها من خلال تسييل بعض أو كل مساهمتهم في البنك ، من جهة أخرى ، فإن سعر إغلاق السهم بتاريخ 23/10/2008 -وهو آخر يوم تداول له والبالغ 950 فلساً – يعتبر غير منطقياً وغير عادلاً لتقييم المحافظ والاستثمارات ، خاصة وأننا على أبواب تقييم الأسهم بمناسبة إعداد البيانات المالية للعام 2008 ، حيث لم يتأثر سعر السهم بعاملين جوهريين وهما ، التسوية الخاصة بإعادة هيكلة رأس المال ، وأيضاً تداعيات الخسائر التي تكبدها البنك ، ناهيك عن تقييم سوق المال للإدارة الجديدة للبنك ، حيث إن سعر 950 فلساً إذا تم اتخاذه أساساً لتقييم السهم سواء كاستثمار أو للرهونات ، فإن ذلك يعتبر مضللا للغاية ، وينبئ بتعقيدات وإشكالات جسيمة في المستقبل المنظور .
ولعل السبب في استمرار وقف تداول السهم هو خشية المعنيين خاصة البنك المركزي من تدهور تقييم استثمارات بمئات الملايين من الدنانير ، وكذلك مئات ملايين أخرى متعلقة بالرهونات ، وانعكاس ذلك على سوق المال ومخصصات البنوك ، وإن كان هذا هو سبب استمرار وقف تداول السهم حتى نهاية العام الحالي ، فإن ذلك السبب غير منطقي وغير مبرر ، حيث يعتبر ذلك تأجيلا قصير المدى للمشكلة وليس حلاً لها بكل تأكيد ، فتداول السهم سيتم عاجلاً أو آجلاً وسينعكس سعره على الاستثمارات والرهونات المرتبطة ، وبالتالي ستحدث المشكلة وربما بشكل أكبر ، نظراً لتأجيل الاعتراف بها في التوقيت الصحيح والمناسب .
صفقة بنك بوبيان... واختراق القانون
وفي إطار الحديث عن البنوك ، فقد قامت شركة دار الاستثمار ببيع حصتها في بنك بوبيان والبالغة19 % من رأس ماله إلى البنك التجاري ، وذلك وفقاً لتفاصيل معينة تم الاعلان عنها في حينه ، وقد تمت الصفقة في السوق الرسمي بتاريخ 15/12/2008 ، فيما تم الإعلان عنها في اليوم التالي ، ونظراً لكون الكمية المباعة تزيد عن 5% من رأس مال بنك بوبيان ، فإن طريقة البيع التي تمت بها من خلال التداول الاعتيادي تعتبر مخالفة صريحة لإجراءات وقواعد بيع ما يساوي أو يزيد عن 5% من رأس مال الشركات المدرجة ، وبالرغم من حدوث تطورات جديدة بشان بيع حصة الدار في بنك بوبيان ، والذي أدى إلى إلغاء الصفقة والذي تم الإعلان عنه بتاريخ 24/12/2008 ، إلا أن عملية البيع كانت غير صحيحة وتعتبر مخالفة سافرة ، حيث تعتبر إدارة سوق الكويت للأوراق المالية مسؤولة عنها بشكل مباشر ، والذي يؤكد التقصير المستمر والمتزايد من جانب المعنيين بسوق المال ، وهو ما يجني الاقتصاد الوطني تبعاته الكارثية ، مما يؤكد استفحال حالة الفلتان والفوضى السائدة في سوق المال على وجه الخصوص ، ومعظم مرافق الدولة بشكل عام ، والذي يضعف -إن لم نقل: يعدم-التوقعات الايجابية الخاصة بالبورصة للعام 2009 على الأقل .
هرطقة الدمج والاستحواذ !
وفي خضم حالة تدهور البورصة ، تتردد تصريحات وتحليلات بإن الفترة المقبلة أو العام القادم مرشح لحدوث العديد من حالات الدمج والاستحواذ ، وذلك كأحد الوسائل للخروج من الأزمة الحالية أو التخفيف منها ، ولا شك بأن عمليات الدمج والسيطرة -أو الاستحواذ بالمصطلح الدارج – هي عمليات متعارف عليها ومفيدة إذا كانت مبنية على دراسة سليمة ومهنية ، أما ما يتردد حالياً عن احتمالات الدمج والاستحواذ فإنها من قبيل الهرطقة والكلام الفارغ من وجهة نظرنا ، كما أن بعض من يردد تلك المصطلحات لا يفقه معناها الحقيقي ، حيث تصدر تلك التصريحات عن أناس غير مهنيين إن لم نقل مشبوهين ، وذلك كونهم مسؤولين عن شركات ورقية ليس لها قيمة إطلاقا ، سواء تم دمجها أو الاستحواذ عليها أو بقيت كما هي ، حيث يجب أن يكون مصير تلك الشركات هو سلة المهملات ، ويمكن ترديد اسمها لغرض السخرية والتندر لا أكثر ، وليس على سبيل العمل الاقتصادي والمهني الذي يؤدي إلى نتائج إيجابية ونقله نوعية في مسيرة الشركات المتعثرة والاقتصاد بشكل عام ، ولا يعني كلامنا عن عمليات الدمج والاستحواذ استحالة تطبيقها في كل الحالات ، حيث من الممكن أن تتوفر مستقبلا حالات تنطبق عليها تلك العمليات بشكل ناجح مما يمثل قيمة مضافة ، لكننا لا نرى في الوقت الحالي خطوات جدية وسليمة في هذا الاتجاه .
توقعات نتائج الربع الرابع والعام 2008
لا شك بأن الظروف المحلية والعالمية ستلقي بظلالها على نتائج مجمل الشركات المدرجة خاصة في الربع الرابع ، والتي ستؤثر في مجمل نتائج العام الحالي 2008 ، حيث انخفض المؤشر الوزني بمعدل 35% خلال الربع الرابع وهو أكثر ضعف انخفاض ذات المؤشر في الربع الثالث ، مما سيترك أثراً سلبياً بالغاً على نتائج الشركات خاصة المتورطة منها في استثمارات في سوق المال ، وهي شريحة عريضة من الشركات المدرجة ، إلا أن تعديل المعيار 39 – والخاص بتقييم الاستثمارات المحتفظ بها للمتاجرة – سيخفف من وطأة التداعيات السلبية على نتائج الشركات كما حدث خلال الربع الثالث ، وبناءً عليه فإننا نتوقع أن يكون إجمالي الأرباح المعلنة للشركات المدرجة للربع الرابع 2008 نحو 450 مليون د.ك ، وذلك دون الأخذ بالإعتبار خسائر بنك الخليج التي بلغت نحو 375 مليون د.ك على أثر تعاملات بعض عملاءه في المشتقات المالية ، حيث لا يُستبعد أن ينخفض إجمالي الأرباح المعلنة لجميع الشركات المدرجة بما فيها بنك الخليج إلى 100 مليون د.ك في الربع الرابع 2008 ، وذلك بالمقارنة مع 927 مليون د.ك في الربع المناظر 2007 ، أي بإنخفاض تقارب نسبته 90% ، وإذا ما صدقت توقعاتنا بشأن الربع الرابع ، فإن مجمل نتائج العام 2008 المتوقعة ستبلغ 3.252 مليارات د.ك بانخفاض معدله 32% عن العام 2007 ، والذي كان إجمالي أرباحه 4.810 مليارات د. ك .
توقعات 2009
وبمناسبة قرب انتهاء العام الحالي 2008 ، وبداية العام الجديد 2009 ، فإنه جرت عادتنا على إصدار توقعات للعام الجديد سواء كانت إيجابية أو سلبية ، وقد صدقت توقعاتنا السلبية للعام 2008 ، وذلك رغم عدم توقعنا لحدوث الأزمة العالمية ، حيث كانت توقعاتنا عن أداء سوق الكويت للأوراق المالية فقط ، أما بالنسبة للعام 2009 ، فإننا لا نتوقع أن يكون عاماً إيجابياً من حيث أداء مؤشر سوق المال الكويتي ، بل نتوقع أن يكون الأداء سلبياً ، ونظراً لغموض الوضع وتعدد المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية ، فإننا لا نستطيع في هذا الوقت تحديد نسبة الانخفاض المتوقع لسوق المال الكويتي خلال العام 2009 ، وتنبع توقعاتنا السلبية من التخبط في إدارة الدولة بشكل عام ، وبالشأن الاقتصادي بشكل خاص ، ناهيك عن انخفاض سعر النفط الكويتي إلى دون 30 دولار أمريكي ، والذي يقل بنسبة 50% عن سعر التعادل المقدر لتوازن الإيرادات مع المصروفات ، وانخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي أيضاً ، بالإضافة إلى التداعيات السلبية الجسمية المرتبطة بمعظم الشركات المدرجة خاصة المتعثرة والورقية منها ، ومن جهة أخرى ، فإننا لا نسقط الأزمات السياسية المتلاحقة والمتفاقمة في البلاد على توقعاتنا الاقتصادية المستقبلية ، حيث إن أثر تداعيتها السلبية خارج الحساب نظراً لصعوبة حصرها وتوقع درجة تفاقمها .
وبالرغم من نظرتنا غير الإيجابية للعام المقبل ، فإننا لا ندعو الجميع إلى اعتناق وجهة نظرنا ، حيث أنها معرضة للصواب والخطأ ، وذلك رغم أن النظرة السلبية للعام القادم هي على المستوى الإقليمي والعالمي ، والتي يقول بها المعظم الساحق من المحللين الماليين وأصحاب الأعمال وأهل الأختصاص ، ولا شك بإننا نامل إن تكون التداعيات السلبية على بلدنا ومنطقتنا هي الأقل ، بالمقارنة مع الوضع في بقية العالم.