المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف يمكن للإصلاحات النقدية في الخليج أن تدعم انتعاش الاقتصاد الأميركي؟



مغروور قطر
17-01-2009, 11:13 AM
تحليل
كيف يمكن للإصلاحات النقدية في الخليج أن تدعم انتعاش الاقتصاد الأميركي؟






إعداد: رزان عدنان
أصدر المحلل الاقتصادي الدكتور آرمين بابازيان من جامعة كامبردج تحليلاً حول دور السياسة النقدية في دول التعاون وإصلاحها في انقاذ الوضع الاقتصادي المتردي في الولايات المتحدة بعد حدوث الأزمة الأخيرة.
وجاء في تحليله أن تسعير النفط بالدولار الأميركي يعتبر مبدأ أساسياً في المعادلة الاقتصادية العالمية التي نعيشها اليوم.
وفي حين أن المستقبل قد يكون مختلفاً، فإن هذا المعيار يعد اتجاهاً سائداً عالمياً.
واليوم وبما أن الاعتماد على الدولار الأميركي منتشر على نحو واسع، فإن أي انهيار في العملات قد يكون له آثار عنيفة في جميع أنحاء العالم.
وبالتالي، يتطلب الحل في خضم الأزمة الحالية والتي تعتبر الولايات المتحدة مركزها، إجراء فعلياً.
ومما لابد من التركيز عليه الآن هو ما قد تفعله دول مجلس التعاون الخليجي في دعم الانتعاش.
وإصلاح السياسة النقدية في دول التعاون من خلال إجراءات سياسية ملائمة قد يكون عامل دعم رئيسيا في انتعاش الاقتصاد الأميركي، في حين أن هناك حاجة ماسة إلى إعطاء دور للوضع النقدي المحلي في المنطقة، وتتضح بجلاء الحاجة إلى وجود إصلاح.
في السياسة من خلال الحقيقة التي تقول ان البنوك المركزية لدول التعاون ليس لديها اي موجودات ضخمة في السندات الحكومية، على سبيل المثال، لا يوجد صك نقود ولا عمليات في السوق المفتوح، ومعدل الصرف مرتبط بالدولار واصدار العملة المحلية مدعوم بموجودات بالعملة الاجنبية او الذهب.
ولعل السمة الاساسية التي تميز البنوك المركزية الخليجية هي «معيار الدولار» ويظهر هذا بوضوح في الموازنة العامة للبنك المركزي السعودي.
اذ يتضح من خلال هذه الموازنة ان الاغلبية العظمى من بند العملة الاجنبية تتكون من الدولار الاميركي، في حين يستحوذ الذهب على حصة اصغر من الموجودات.
الى هذا يعد ربط العملة بالدولار جزءا من هذا المعيار. اما بالنسبة للبنوك المركزية الخليجية الاخرى فتتبع المبدأ ذاته. ومع ان هناك ادوات دين عامة تصدرها الحكومات والهيئات المملوكة للحكومة بالدولار الاميركي، والعملات المحلية، الا ان مساهمة البنك المركزي لا تظهر على الاجندة.

استخدام السندات الحكومية
وبالفعل، وفي حال كان على دول التعاون استخدام سندات حكومية لدعم اصدار العملة المحلية، فإنه بامكانها تحريك مليارات الدولارات، التي يمكن استثمارها في الاقتصاد الاميركي، والمساهمة بمستويات جديدة من النشاط والسيولة المدعومة.
كما تشير الموازنة العامة الى ان عوائد النفط الحكومية و«البترودولارات» تشكل عاملا اساسيا للانفاق المحلي ونمو العرض النقدي، وايضا مصدرا للمدخرات الاجنبية والاستثمارات عبر صناديق الثروات السيادية.
من ناحيتها، وعندما تجني الحكومات الدولارات وتنفقها محليا، تزيد البنوك المركزية من احتياطياتها الاجنبية، وتوفر بشكل آن عملة اجنبية لاصدار العملة المحلية.
وبدورها، تستثمر البنوك المركزية احتياطياتها الأجنبية عبر ودائع وأوراق مالية على شكل سندات خزينة، وسندات اخرى ذات درجة استثمارية.
ويجب التوضيح هنا أن التدفقات بالعملات الأجنبية في المنطقة ليست مقتصرة على عوائد البترودولارات الحكومية. إذ انه وبالفعل، وفي الآونة الأخيرة شهدت بعض انحاء المنطقة زيادة كبيرة في التدفقات الأجنبية على شكل استثمارات أجنبية مباشرة واستثمارات محافظ أجنبية أو السياحة أو غيرها، وساهمت هذه العوامل جميعها في دعم مستويات الاحتياطيات الأجنبية في البنوك المركزية.
لكن وبعد حدوث الأزمة، تم سحب قيمة كبيرة من هذه التدفقات من المنطقة، مما خلق حاجة إلى ضخ أموال جديدة.
الأمر الذي ساهم في إيجاد بيئة قد تكون فيها القدرة على طبع أوراق نقدية ورقية محلية عملية تطوير مرحب بها.

نموذج إصلاحي
وفي حال تم تطبيق اصلاح السياسة النقدية، فإنه بالإمكان توجيه عوائد البترودولارات الحكومية مباشرة إلى استثمارات مباشرة في الأصول بالعملات الأجنبية، والمقصود هنا اصول أميركية.
في أعقاب ذلك، يمكن للحكومة إطلاق سندات جديدة، ويمكن للبنوك المركزية البدء بدعم إصدار العملات فيما بينها. الأمر الذي سيوثق الرابط بين العوائد الحكومية بالدولار الأميركي والإنفاق الحكومي المحلي.
ومن خلال هذه السياسة الجديدة، ستستطيع البنوك المركزية الاستمرار في جني احتياطيات اجنبية من خلال تدفقات اخرى، وسوف تستمر هذه البنوك في الاستثمار والايداع بادوات مناسبة.
ومع ذلك، لن تكون عوائد النفط الحكومية مساهما كبيرا في الاحتياطيات الاجنبية لدى البنوك المركزية.
وفي الوقت الذي يتم دعم اصدار العملات المحلية بالسندات المحلية، وعندما يطفو معدل الصرف، يمكن عندئذ للاحتياطيات الاجنبية في البنوك المركزية الموجودة ان تنتشر بشكل تكون فيه اكثر انتاجية، وستتوافر الكثير من الدولارات في ايدي الحكومة للاستثمار في الولايات المتحدة او غيرها.
بمعنى اخر، بما ان عوائد النفط تمول الانفاق المحلي الذي يدل على ان هناك حجما كبيرا من الدولارات يستخدم لادارة النشاط الاقتصادي المحلي، فانه يمكن تمويل الانفاق المحلي عبر سندات محلية بالامكان استخدامها ايضا في دعم العملة.
وهذا الامر يشير الى ان جزءا من عوائد النفط التي كانت منتشرة محليا، ستكون متوافرة الآن للاستثمار في مكان آخر، ويمكن استثمارها في السوق الاميركي، ودعم مؤشري الطلب وثقة المستهلك.

التخلي عن معيار الدولار
ولا شك ان تأثير مثل هذه الاستثمارات سيظهر على نحو اسرع من عمليات الشراء غير المباشرة او الودائع من قبل البنوك المركزية.
على صعيد آخر، يتيح معيار الدولار امكانية تخمين الاوضاع، لكنه يؤثر على نحو سلبي على المنطقة بسبب الازمة والصلابة التي يفرضها، لكن من الناحية الاخرى، قد يكون التخلي عن معيار الدولار عاملا مساهما في انتعاش الاقتصاد الاميركي، وهو ما تحتاجه المنطقة، لكنه سيتضمن سياسة نقدية تأخذ بعين الاعتبار الاوضاع المحلية، وبالتالي تقل امكانية التخمين.
من ناحيته، يمثل السماح لمليارات الدولارات بالتدفق من جديد في الاسواق الاميركية عاملا حيويا في تحفيز الطلب والسيولة في هذه الاسواق، وهو الامر الذي يصب في مصلحة دول التعاون، لانه ايضا في حال طال امد الانخفاض الحقيقي في النشاطين الاقتصادي والمالي الاميركيين، ستستمر اصول النفط والاصول الاميركية الاخرى التي تملكها المنطقة بفقدان قيمتها.
والجدير بالاهتمام، ان حكومات دول التعاون، على عكس غيرها من البلدان الاخرى تحصل على عملات اجنبية اكثر من العملات المحلية، بسبب البيئة المعفية من الضرائب.
والجدير بالملاحظة ان عوائد 2008 ستكون اعلى بالنظر الى اسعار النفط المرتفعة في بداية العام، واذا اخذنا بعين الاعتبار القيمة المتراكمة لأرباح 2008 بسبب اسعار النفط القياسية، فان الدور المحتمل للمنطقة في ان يساهم بايجابية في انعاش الاقتصاد العالمي لا يمكن تجاهله، فالمنطقة استقطبت الكثير من التدفقات النقدية الكبيرة قبل الازمة، وفي حال انتشرت البترودولارات في السوق الاميركي، فانها ستكون استثمارات جيدة بأصول رخيصة نسبيا.
علاوة على هذا، قد يؤدي الانتعاش الاقتصادي الاميركي الى انتعاش في اسعار الاصول، وبالتالي ستكون عملية الاصلاح سيناريو ناجحا على الاصعدة كافة.