المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وجهة نظر اقتصادية - انهيار البورصات العربية



( الفهد )
21-01-2009, 10:42 AM
وجهة نظر اقتصادية - انهيار البورصات العربية
الحياة - ابراهيم عاكوم 21/01/2009

شهدت البورصات العربية اخيراً، تقلبات حادة أظهرت بوضوح مدى الحاجة إلى تطوير كفاءة هذه المؤسسات المهمة، وتعزيز دورها في الاقتصادات العربية وحماية المستثمرين فيها. فبعد الارتفاع الكبير وغير المبرر الذي سجلته مؤشراتها خلال 2005، وحركة التصحيح السعري في 2006، وتراجع أدائها بشدة وخسارتها نحو 400 بليون دولار من قيمتها السوقية، بدأت هذه البورصات مرحلة التعافي التدريجي بداية الربع الثاني من 2007. فارتفع المؤشر المركب الذي يعده صندوق النقد العربي عن هذه الأسواق، نحو 2.2 في المئة في الربع الثاني ، و8 في المئة و 26.9 في المئة في الربعين الثالث والرابع من السنة ذاتها، على التوالي. وكسب خلال الربع الثاني من 2008 نحو 3.2 في المئة. وارتفعت القيمة السوقية للأسواق العربية من 890 بليون دولار أوائل 2007 إلى نحو 1390 بليوناً منتصف 2008، بارتفاع نحو 56 في المئة.

ويذكر أن هذا الأداء الإيجابي لأسواق الأوراق المالية العربية خلال الفترة المذكورة، تزامن مع مسلسل التراجع الذي شهدته الأسواق الأوروبية والأميركية خصوصاً منذ انهيار شركات الرهن العقاري الأميركية العملاقة «فريدي ماك» و «فاني ماي»، إضافة إلى انهيار المؤسسة المالية الضخمة «ليمان برذرز» في النصف الثاني من 2007. ففي الفترة ذاتها التي انتعشت فيها الأسواق العربية مجدداً، كانت مؤشرات الأسواق الأميركية والأوروبية تسجل انخفاضات ملحوظة. ومن أبرز أسباب هذا التمايز في أداء الأسواق العربية، اختلاف الدورة الاقتصادية في دول المنطقة العربية عموماً عنها في الأسواق المتقدمة، إضافة إلى عدم التقدير الأولي الصحيح لحجم ازمة المال العالمية واثرها على أسواق المنطقة. ولسوء الحظ، لم تستمر فترة التعافي طويلاً في الأسواق العربية، حين بدأت تداعيات انهيار الأسواق العالمية تعصف بها فعلياً منذ منتصف 2008، وبدأ التراجع الكبير خلال النصف الثاني من السنة ما أدى إلى خسارتها نحو 525 بليون دولار من قيمتها السوقية في 2008.

ولافت أن انخفاض مؤشرات الأسواق العربية الرئيسة، على رغم الإدعاء بأن أسواق المنطقة ومستثمريها الأفراد وصناديقها الاستثمارية لن تتأثر في شكل مباشر وكبير بتداعيات الأزمة العالمية، كان أكبر كثيراً من انخفاض مؤشرات أسواق الدول المتقدمة المفترض أن تنخفض أكثر من غيرها، لأنها موطن الأزمة وتتأثر بتداعياتها في شكل مباشر.

فعلى سبيل المثال، في حين انخفضت المؤشرات الأوروبية والأميركية والآسيوية الرئيسة بين 30 و45 في المئة خلال 2008، سجلت أسواق عربية رئيسة انخفاضاً بلغ في بعضها 72 في المئة. وتحديداً، حين انخفض المؤشر «ستاندرد آند بورز» نحو 38.8 في المئة، و «داو جونز» 34.3 في المئة، و «ناسداك 100» نحو 41 في المئة، والمؤشر «نيكاي» نحو 44 في المئة، و «كاك «40 نحو 42.7 في المئة، و «داكس» 40 في المئة، انخفض مؤشر سوق دبي المالية 72 في المئة، و «كايس 30» في سوقي القاهرة والإسكندرية 56.4 في المئة، ومؤشر السوق السعودية 57 في المئة، وسوق مسقط 40 في المئة، وأبو ظبي 47.5 في المئة، والكويت 38 في المئة.
يتبين مما سبق ان البورصات العربية، في ظل تداعيات الأزمة التي ألقت بظلالها على أسواق المال الدولية، غيرت اتجاهها التصاعدي الذي شهدته منذ أوائل 2007، وبدأت موجة جديدة من التراجع دفعت بعض مؤشرات أسواق المنطقة إلى مستويات دنيا لم تشهدها منذ سنوات. وفاق الانخفاض في بعضها انخفاضات الأسواق العالمية التي تطورت فيها الأزمة المالية أساساً، على رغم تأكيدات أن أسواق المنطقة لن تتأثر إلى حد كبير، ولجوء سلطات المال والنقد في المنطقة إلى تدابير متنوعة للتعامل مع تداعيات الأزمة والتخفيف من انعكاساتها، ولإعادة الاستقرار إلى الأسواق المالية.

ما يدل على أن الثقة بالأسواق ومتانتها وقدرتها على التعامل مع الأزمات، عامل محوري، يسهم إلى حد كبير في استقرارها، ويبين الحاجة الملحة الى تطوير هيكلة أسواق الأوراق المالية العربية وأطرها الرقابية والتنظيمية، ما يعزز دور الاستثمار المؤسسي الطويل الأمد ويحد من اثر حركات المضاربة.