المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المستثمرون في البورصة القطرية يتحولون من الهواية إلى الاحتراف



مغروور قطر
29-01-2009, 02:06 PM
ندوات ودورات متخصصة ومتابعة جيدة للأحداث السياسية والاقتصادية
المستثمرون في البورصة القطرية يتحولون من الهواية إلى الاحتراف


عهد الاحتراف
مكاسب كبيرة جدّا
التمسك بالأمل
نهاية زمن الأحلام





الدوحة - أحمد الطيب

اللدغات المتتالية والخسائر المؤلمة التي تعرض لها المستثمرون القطريون دفعتهم إلى التحول من مجرد مضاربين هواة على الأسهم إلى مستثمرين محترفين يحاولون اكتساب ثقافة التعامل في الأوراق المالية من خلال حضور الندوات والدورات المتخصصة ومتابعة الأحداث المالية وقراءة المؤشرات الاقتصادية، سواء في الأسواق الدولية أو البورصات المجاورة.

هذا التحول جاء بعد أن ظلت البورصة على مدى عامين أو ثلاثة بمثابة الكنز الذي يغرف منه كل من أراد أن ينتقل من فئة الأغنياء العاديين إلى قائمة الأثرياء الكبار. لكنها أصبحت اليوم بالنسبة للجميع مجرد بورصة عادية تحتاج إلى متخصصين ومتعاملين يعرفون جيدا معنى الاستثمار في الأوراق المالية. هذا الكلام يعرفه القطريون أكثر من غيرهم، بعد أن تورط عدد كبير من المغامرين في ديون مطولة للبنوك، لا يقدرون على سدادها نتيجة الاقتراض للمضاربة على الأسهم بدون وعي.


عهد الاحتراف

وقال المستثمر والوسيط المالي حمد الهاجري: إن أحلام الثراء السهل من البورصة قد انتهت تماما الآن ولم يعد لها وجود.

وقال الهاجري لـ "الأسواق.نت": إن الخسائر الفادحة التي تعرض لها المستثمرون القطريون خلال النصف الثاني من العام الماضي والشهر الأول من العام الحالي دفعت العديد منهم إلى القراءة والمتابعة الجيدة للمؤشرات الاقتصادية وحضور الندوات والمحاضرات التي ترفع من مستوى الثقافة في مجال الاستثمار في الأوراق المالية.

وأضاف: عندما دخلت إلى البورصة -منذ فترة طويلة- لم يكن لدي الثقافة الاستثمارية الكافية، ولذلك قمت بحضور العديد من الندوات والمؤتمرات التي تتحدث عن الاستثمار في الأوراق المالية وكيفية قراءة المؤشرات الاقتصادية والقوائم المالية للشركات. ولكن بعد فترة طويلة من المتابعة للأسواق العالمية والخليجية أصبحت لدي القدرة على التنبؤ بتأثيرات الأحداث السياسية والاقتصادية على أسواق المال وانعكاسها على أسعار الأسهم.

وكانت سوق الدوحة للأوراق المالية قد تعرضت لخسائر مؤلمة خلال عام 2008 متأثرة بالأزمة المالية العالمية التي عصفت بجميع البورصات العالمية والعربية والخليجية. حيث خسر المؤشر العام للبورصة القطرية بواقع 2694.33 نقطة، وهي أكبر خسارة يتعرض لها السوق المالي خلال عام منذ تأسيسه، بعد أن هبط بمعدل 28.1 % مغلقا تعاملاته في آخر أيام العام الماضي عند مستوى 6886.12 نقطة مقارنة مع 9580.45 نقطة في نهاية عام 2007.

وحتى الأسبوع الماضي المنتهي الخميس 22-1-2009 تسببت الخسائر المتتالية في تنازل مؤشر سوق الدوحة عن 21 % من قيمته، منذ بداية العام ليتراجع إلى أدنى مستوى له من 4 أعوام تقريبا.

ويقول الهاجري: إن السوق لم يعد مكانا للمغامرين وغير المؤهلين للاستثمار في الأوراق المالية. وينصح كل مستثمر يريد الدخول إلى البورصة أن يكون لدية الحد الأدنى من الثقافة الاقتصادية التي تؤهله لاتخاذ القرار الاستثماري وأن يبيع ويشتري وفق معايير اقتصادية محددة، ويقوم بتنويع حقيبته. ويشدد على عدم اللجوء مطلقا للاقتراض للاستثمار في الأسهم.

إن الأزمة المالية العالمية دفعت المحافظ الأجنبية إلى القيام بعمليات تسييل واسعة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الأسعار إلى حدود لم يكن يتوقعها أحد ونتيجة لذلك هرول المستثمرون القطريون إلى التخلص من الأسهم في موجات متتالية من البيع العشوائي، ولذلك شهدت البورصة خلال النصف الثاني من العام الماضي تراجعات مؤلمة.

وقال: إن عدم التحرك السريع من المسئولين، سواء في وزارة المالية أو الاقتصاد أو حتى البنك المركزي لطمأنة المتعاملين، كان وراء تعظيم خسائر الأسهم. ويضيف بدون الدعم الحكومي للأسهم فلن تستطيع البورصة العودة إلى ما كانت عليه في السابق، مشيرا إلى أن الدولة هي المسؤولة عن حركة الاقتصاد القطري، وهي المسئولة عن وضع ضوابطه ومعاييره وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في كافة الأسواق ومنها السوق المالي.


مكاسب كبيرة جدّا

ويؤكد المستثمر أبو سلطان اليافعي أن عددا كبيرا من المواطنين والمقيمين حققوا مكاسب طائلة من وراء الاستثمار في البورصة خلال عامي 2005 و2006، ولكن بداية من عام 2007 تغيرت الأحوال في البورصة تماما، فلم يعد للمغامرين مكان.

وقال اليافعي لـ "الأسواق.نت ": من أراد أن يستثمر أمواله في الأسهم، لا بد أن يكون لديه خبرة كافية فضلا عن متابعته الدؤوبة لكافة الأحداث محليا وإقليميا وعالميا حتى يستطيع اتخاذ قرارات البيع والشراء في الوقت المناسب.

ويؤكد أن البورصة حاليا لا يمكن أن يدخلها إلا المحترفون من أصحاب الخبرة الطويلة، ومن ذوي الثقافة الاقتصادية الواسعة ، مشيرا إلى أن دخول الهواة حاليا محفوف بالخسائر، ولذلك لا ينصح أبو سلطان من ليس لديه خبرة في الأسهم أن يغامر بأمواله في المضاربة عليها. وقال إن قلة الخبرة لدى العديد من المستثمرين القطريين كان سببا رئيسيا للهبوط الكبير الذي تعرضت له البورصة خلال العام الماضي مشيرا إلى أنهم اقتفوا أثر المحافظ الأجنبية التي قامت بعمليات تسييل واسعة لإعادة تدوير هذه الأموال في شراء العقارات الأمريكية الرخيصة بعد الأزمة المالية، وهو ما انعكس بالسلب على أداء الأسهم في السوق القطرية.

يذكر أن البورصة القطرية قد افتتحت أبوابها في عام 1997، ولكنها ظلت بعيدة تماما عن اهتمامات المواطن والشارع القطري حتى عام 2003، والذي يعتبره المحللون البداية الحقيقية والظهور الفعلي للبورصة؛ حيث شهد هذا العام طرح أسهم شركة صناعات للاكتتاب العام، وكان سعر السهم في ذلك الوقت 16.5 ريال، واستطاع عدد كبير من المستثمرين الرواد تحقيق أرباح طائلة بعد طرح السهم للاكتتاب العام؛ حيث أخذ السهم في الصعود المتتالي حتى وصل في شهر يوليو من العام الماضي إلى 193 ريال. وإذا كان سهم صناعات قد لفت أنظار البعض إلى البورصة، فإنه لم يكن له تأثير كبير على دفع المواطن العادي إلى الدخول إلى السوق. وكان طرح سهم ناقلات عام 2005 هو المفتاح الذي فتح كنز البورصة أمام الآلاف من المواطنين والمقيمين؛ حيث باعت الدولة سهم ناقلات للمواطنين بسعر 5.05 ريال، وكان الحد الأدنى للشراء بالبطاقة الشخصية 1128 سهما، وتم طرحه في البورصة للاكتتاب العام بنفس السعر، وخلال أيام قليلة باع المواطنين السهم في البورصة بنحو 45 ريال ليحقق حاملي السهم أرباح بمعدل 1200 % خلال أيام.


التمسك بالأمل

وأكد المحلل المالي عادل جميل أن عشرات المستثمرين حققوا أرباحا طائلة من شراء الأسهم خلال الأعوام الماضية، مشيرا إلى أن بعض المستثمرين اشترى سهم ناقلات بنحو 5 ريالات، وباع السهم بعد أيام بـ 30 و40 ريالا، وهو ما يعني أن هؤلاء حققوا أرباحا تزيد على 600 % (الدولار يساوي 0.38 ريال).

وأضاف جميل لـ "الأسواق.نت": إن هذا الكلام تكرر كثيرا مع سهم صناعات، الذي طرح في السوق بنحو 16 ريالا، وتم بيعه في أحد الأيام بأكثر من 193 ريالا، وكذلك سهم الخليج للخدمات البترولية الذي طرح في البورصة بـ 21 ريالا خلال العام الماضي، وبعد طرحه في السوق بعدة أسابيع تم بيعه بأكثر من 59 ريالا.

وقال: إن هذه المكاسب رسخت في أذهان البعض أن البورصة مكان للمكسب السريع، ولا تحتاج إلى مهارات خاصة أو ثقافة اقتصادية احترافية. ويؤكد أن الوضع الآن اختلف كثيرا؛ حيث إن الخسائر دفعت كثيرا من المغامرين إلى الخروج من السوق، مضيفا أن غالبية المستثمرين انتقلوا من خانة الهواية والعشوائية إلى خانة الاحتراف والدراسة. ورغم ذلك يقول ما زال بعض المستثمرين يعتقدون أن حلم الثراء السريع لا يزال قائما، بدليل قيامهم بفتح حسابات جديدة للدخول إلى السوق، ولكن على الجانب الآخر ترى الغالبية العظمى من المستثمرين أن الاستثمار في الأسهم لم يعد مجديا. وهناك فئة ثالثة تضارب من أجل 10 أو 20 درهم في السهم لتعويض الخسائر التي تكبدتها خلال النصف الثاني من العام الماضي.

وتوقع أن تشهد السوق أداء إيجابيا خلال العام الجديد، خصوصا مع تراجع تأثيرات الأزمة المالية على السوق القطرية، مشيرا إلى أن اتخاذ قرارات البيع والشراء وفقا لمجريات سوقهم وربحية شركاته وتوزيعاتها السخية سوف يكون له أثر إيجابي على أداء الأسهم.


نهاية زمن الأحلام

ويؤكد المستثمر عبد العزيز الأنصاري أن زمن الهواية في البورصة القطرية انتهى منذ عام 2007 وأضاف لـ "الأسواق.نت": هؤلاء كانوا يدخلون البورصة بدون ثقافة أو وعي استثماري، طمعا في الأرباح السريعة، أما الآن فالاستثمار في الأسهم لا تتعدى أرباحه 6 أو 7 % فقط عكس الأرباح الخيالية التي كان يحققها البعض في الأعوام السابقة.

ويضيف الأنصاري "لقد خلقت الأزمة المالية واقعا جديدا في البورصة؛ حيث الجميع مترقب والكل يتساءل: هل ستحقق الشركات المدرجة نفس معدل الأرباح التي كانت تحققها في السنوات الماضية في ظل الركود وتراجع أسعار النفط حاليا"؟ ويقول: إن غالبية المستثمرين أصبح لديهم الخبرة الكافية التي تؤهلهم لاتخاذ القرار الاستثماري السليم، ورغم ذلك يطالب كل مستثمر أن يأخذ حذره تماما عند البيع أو الشراء، وعليه أن يتابع جيدا المؤشرات الاقتصادية العالمية والمحلية لتحديد اختياراته جيدا.

ولا ينصح عبد العزيز الأنصاري أي مستثمر بالخروج من السوق؛ لأن ذلك سيؤدى إلى انهيار الأسعار وتكبد خسائر كبيرة مشيرا إلى أن الركود الحالي في القطاع العقاري فضلا عن تراجع أسعار الفائدة على الودائع سوف يدفع كثيرين للاستثمار في البورصة، وهو ما يعني تدفق سيولة جديدة إلى السوق، الأمر الذي يعني انتعاش الأسعار بشكل أو بآخر.