المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فاينانشال تايمز: بريطانيا تواجه أقسى انكماش اقتصادي منذ 28 عاماً.. ولم يعد لديها ما ت



Bo_7aMaD_Q8
31-01-2009, 02:26 AM
عمليات تسريح واسعة للعمالة والجنيه الاسترليني يتراجع مع نظرة متشائمة للأوضاع المالية
فاينانشال تايمز: بريطانيا تواجه أقسى انكماش اقتصادي منذ 28 عاماً.. ولم يعد لديها ما تبيعه!


http://www.alwatan.com.kw/Portals/0/Article/01312009/Org/fn36_1.jpg




إعداد محمود عبدالرزاق:

تشير الاحصاءات البريطانية الرسمية الى ان الاقتصاد البريطاني تراجع خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة من عام 2008 بواقع %1.5، وهو اكبر انكماش يشهده طيلة 28 عاما. وقد اكدت الاحصاءات ان البلاد وقعت في براثن الركود الاقتصادي لاول مرة منذ عام 1991، كما اظهرت الارقام، والتي تمثل تقديرات اولية رسمية للانتاج انكماشا في قطاعات الخدمات والتصنيع والانشاءات.

ونسبت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية الى الاقتصادي سيمون ايليس في شركة دايو للاوراق المالية قوله »انه في حين كان يسود الاعتراف على نطاق واسع بان الاقتصاد البريطاني قد وقع في الركود منذ بضعة اشهر، الا ان البيانات التي نشرت اخيرا تدلل على سرعة وحدة تدهور الوضع الاقتصادي«.

وقالت الصحيفة ان الاسترليني تراجع مقابل الدولار الى 1.3498 دولار، وهو ادنى مستوى له في 23 عاما، كما سجلت ادنى مستوى قياسي مقابل الين الياباني، كما هبط بنسبة %0.3 مقابل اليورو ليصل الى 0.9392 يورو، وبذلك يكون الاسترليني قد خسر خلال الاسبوع الماضي %7.3 مقابل العملة الامريكية.

وفي مقال آخر، قالت الصحيفة ذاتها ان البيانات التي كشف النقاب عنها مؤخرا تدلل على ان الكساد اعمق واكثر ديمومة مما كانت تشير اليه تقديرات وزارة الخزانة البريطانية في شهر نوفمبر الماضي.



أسوأ ركود



واضافت ان تقديرات المعهد الوطني للابحاث الاقتصادية والاجتماعية تشير الى ان الناتج القومي تراجع بنسبة %2.7 سنويا منذ بلوغ ذروته في ابريل 2008، وهو اسوأ حتى مما كان عليه خلال فترة الركود في تسعينات القرن الماضي. وتتوقع المفوضية الاوروبية ان معدل النمو الاقتصادي السنوي لعام 2009 سيكون سالبا وبنسبة %2.8، معتبرة اياه اسوأ اداء سنوي منذ ان بدئ العمل في الحسابات الوطنية لاول مرة في اعقاب الحرب العالمية الثانية.

ومضت الصحيفة الى القول انه حتى هذا الوقت، فان اهم الملامح الرئيسية الشاملة للركود تتمثل في شموليته وتأثر الجميع به، فمن شمال البلاد الى جنوبها، ومن شرقها الى غربها، نجد معدلات البطالة تتصاعد والنشاطات تتراجع سواء في المصارف العالمية او في صناعة السيارات، نجد المبيعات تتضاءل والائتمان يجف.

واستعرضت الصحيفة كيفية انتشار الركود في مختلف انحاء بريطانيا قائلة انه في شمال انجلترا، ان المستثمرين الاجانب مصابون بقلق شديد بعد انهيار الصناعات القديمة، وباتوا ينسحبون من البلاد، حيث عمدت شركة نيسان اليابانية الى الغاء 1200 وظيفة في مصنعها في منطقة سندرلاند، وهو اكثر مجمعات انتاج نيسان تحقيقا للربحية في قارة اوروبا، وفي برادفورد خفضت مجموعة البريد والخدمات الالمانية اوتو جروب اكثر من 3 آلاف وظيفة في مساع لاعادة توحيد نشاطاتها في الوطن الام.



تسريحات بالجملة



وقالت ان الركود يكتسح مقاطعة هاموندز حيث قامت شركة للخدمات القانونية العقارية بتسريح اكثر من 200 من موظفيها لانها خسرت %80 من نشاطاتها.

واضافت ان عمليات تسريح والغاء وظائف تجتاح البلاد، وان النظرة المتشائمة جعلت الجنيه الاسترليني يهوي الى مزيد من الانخفاض في الاسواق المالية العالمية، وذلك في غمرة مخاوف حول سلامة الوضع الاقتصادي البريطاني في حين يلجأ الساسة البريطانيون الى استخدام البلاغة اللفظية عند الحديث عن هذا الموضوع.

وقالت فاينانشال تايمز ان زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون استحضر الصورة المذلة لبريطانيا عام 1976 عندما لجأت الى صندوق النقد الدولي لانقاذها من الازمة المالية محذرا بقوله »اذا ما استمررنا في السير على خطا حزب العمال الذي يقوم على انعدام المسؤولية المالية، فاننا سنصل في لحظة وشيكة الى نضوب خزانة الدولة من الاموال«.

وقد نوه زعيم المحافظين الى ان الاقتراض الحكومي سيكون على الارجح - وبكل المقاييس - اعلى في عام 2009 او 2010 مما كان عليه عندما ذهب وزير الخزانة في ذلك الوقت دينيس هيلي الى واشنطن مستجديا الاموال لانقاذ البلاد.

اذن هل ستنهار بريطانيا او حكومتها؟ يقول جوردان براون في تعقيبه على ملاحظات كاميرون »ان ما يقوله غير معقول لانه يتخذ سلوكا سخيفا بالنيابة عن المعارضين« واتهم كاميرون بانه مجرد شخص يلقي بالتكهنات التي يضمنها في كتاب له. غير ان رئيس الوزراء لا يستطيع ان يكون دقيقا الى الحد الذي يستطيع معه ان ينفي احتمالات ان تجد بريطانيا نفسها عاجزة عن الدفع.

وكما قال البروفيسور كينيث روغوف والبروفيسور كاميرون رينهارت في توثيقهما لتاريخ »الاعسار السيادي« أي اعسار الدول او الحكومات، فان ملوك بريطانيا عرف عنهم بانتظام رفضهم الوفاء بالتزاماتهم الى الدائنين الايطاليين في عام 1430 بعد ان غزو فاشل لفرنسا اشعل شرارة حرب دامت مائة سنة. وقالا ان الملك هنري الثامن حبس اراضي الكنيسة الكاثوليكية، وبرغم ان ذلك قد لا يرتبط بسداد التزامات مالية، الا ان مثل هذه السلوكيات التي كانت ترتبط احيانا بعمليات اعدام، تعكس نوعية التوجهات الاخلاقية التي قد تحكم الالتزام المالي.

واضافا ان بريطانيا عجزت عن السداد في عام 1672، كما عجزت عن السداد ايضا في عام 1932 عندما اقدمت على تخفيض طوعي للفوائد التي دفعتها على قروض الحروب، ثم جاءت حقيبة انقاذ صندوق النقد الدولي في عام 1976، فهل ستعجز الان عن سداد التزاماتها؟



ارتفاع البطالة



وتمضي الصحيفة الى توقع ارتفاع اعداد العاطلين عن العمل الى 3 ملايين شخص بحلول نهاية عام 2009، وهو المستوى الخطير على المستوى السياسي مقارنة مع 2 مليون شخص في الوقت الحالي الذي يبلغ فيه معدل البطالة %9.

وقالت ان المالية العامة في وضع خطير جدا حيث يقدر ان يبلغ العجز %9.6 من الدخل القومي العام المقبل.

واذا ما قدر لبريطانيا ان تعسر وتضطر للجوء الى صندوق النقد الدولي، فانه لا بد ان تسوء الامور الى اكثر مما قد يتوقعه أي شخص حتى الان.

اما دين القطاع العام او الدين الحكومي، الذي يعتبر اهم المقاييس لقدرة الحكومة على تمويل نفسها، فقد بلغت نسبته %50 من الدخل القومي في عام 2008، وهو ما يقل بنسبة %10 عن مستواه لدى الاتحاد الاوروبي، %15 عن مستواه في المانيا.



تصنيف بريطانيا



وكالات التصنيف من جهتها وجدت من الصعوبة ان تحافظ على تصنيف AAA الذي تتمتع به بريطانيا. اما موديز فقالت ان بريطانيا ليست على وشك التعرض لتخفيض تصنيفها، حيث ان »المملكة المتحدة لديها مجال واسع من خفض الانفاق عندما تستحكم الازمات، بل انها تستطيع زيادة الضرائب لابقاء الديون المترتبة عليها تحت السيطرة وتعمل بصورة ديناميكية بمرور الوقت«.

ويبقى هناك سؤال كبير يتعلق بالبنوك والدرجة التي يمكن من خلالها استخدام اموال دافعي الضرائب لوقف نزيف خسائرها وعمليات اعادة رسملتها فضلا عن تمويل الغطاء التأميني للخسار الكارثية التي اعلن عنها في قطاع البنوك يوم الاثنين الماضي.



خسائر البنوك



واوضحت الصحيفة ان الميزانية المجمعة لبنك »رويال بنك اوف سكوتلاند«، الذي سجل خسائر قياسية وباركليز ومجموعة لويدز المصرفية تبلغ في مجموعها اكثر من 4 آلاف مليار دولار، وهي مشبعة بالموجودات والمطلوبات الخارجية، وهو ما يعتبر مجالا لتكبد خسائر هائلة، الامر الذي يرفع احتمالات انزلاق بريطانيا الى نفس المسار الرهيب الذي هوت فيه ايسلندا من قبل، اذا ما سحب البساط التمويلي الاجنبي من تحت اقدام البنوك البريطانية. ويعتبر هذا الامر احد الاسباب الرئيسية للضمانات التي قدمتها الحكومة لتمويل القطاع المصرفي.

وتقول تقديرات بنك جولدمان ساكس ان التكلفة التي سيتحملها دافعو الضرائب قد تتمثل في خسائر كبيرة ولكن يمكن السيطرة عليها، ومن المحتمل ان تصل الى اقل من %8 من الناتج القومي.

وتقول موديز ان احتمال الخسائر المالية سيزداد بصورة كبيرة، الامر الذي قد يزيد الوطأة لمعدل الديون مقابل الناتج المحلي الاجمالي المقدر للعامين المقبلين، غير ان ذلك يعتمد على قدرة الاقتصاد البريطاني على استعادة عافيته من الوضع الصعب الحالي.

وختمت فاينانشال تايمز مقالها بالقول انه بدلا من انهيار مفاجئ، والعودة الى صندوق النقد الدولي وتدهور قيمة الجنيه الاسترليني، فان اكثر التصورات قبولا في هذه الظروف العصيبة التي تفتقر الى اليقين، تتمثل في ان الاقتصاد سيخوض ركودا كبيرا مؤذيا ينتهي في آخر المطاف وينبثق منه اقتصاد قوي في العقد المقبل. ولكن ذلك سيكون بمثابة فجر جديد.