المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبراء: شركات تتلاعب في السياسات المحاسبية لبياناتها السنوية



alhurmsi
04-02-2009, 02:33 PM
دبي - رشيد بوذراعي

ألقت الأزمة المالية العالمية بضغوط على أعمال شركات المساهمة العامة في دول الخليج، ويواجه العديد منها وضعا غير مسبوقا يهدد كيانها بفعل الخسائر التي فاجأتها في وقت تبدو فيه غير مستعدة لتحمل الحقائق المرة أمام حملة الأسهم الذين قد يتحملون كلفة الخسائر.

وقد سلط التضارب الذي حملته البيانات المالية لبعض الشركات، مثل المملكة القابضة في السعودية، الضوء على السياسات المحاسبية التي تعتمدها الشركات إلى حد أثار التساؤل عما إذا كان هناك رقابة فعلية على النتائج التي تعلن وما إذا كانت منصفة للمستثمرين الذي يقامرون بالشراء على أسهم هذه الشركة.

فقد عدلت شركة "المملكة القابضة" نتائجها للربع الأخير من 2008 لتظهر ربحا إجماليا صغيرا، بعدما أعلنت في وقت سابق من يناير/كانون الثاني 2009 عن خسارة صافية بنحو 8.3 مليارات دولار. وجاء التعديل في أعقاب استكمال فحص النتائج المالية الأولية لعام 2008، و"إعادة تبويب بعض عناصر قائمة الدخل" كما زعمت الشركة.

لكن ذلك حرك المياه الراكدة التي تسبح فيها السياسات المحاسبية للشركات المدرجة ونبه المساهمين إلى إثارة السؤال عما إذا كانت عمليات تدقيق الحسابات تنتهي إلى ترحيل انعكاسات الأزمة المالية العالمية على أعمال الشركات لتأتي على قيمة استثماراتهم بدلا من تكبد الشركات لمخصصات من أصولها.


"عمليات تجميل"

يتحدث الخبير المالي الكويتي الذي اعد دراسات في هذا الموضوع فهد البسام عن "عمليات تجميل" تعتمدها الشركات في إعداد بياناتها المالية السنوية، وتضغط لذلك على وكلاء التدقيق لإخفاء بعض البنود التي يمكن ان تظهر مدى ضعف المركز المالي للشركة، أو انها لم تتحمل الخسائر وقامت بترحيلها إلى حقوق المساهمين.

ويشير إلى أن بعض الشركات "تتلاعب" في تقييم أصولها وما تملكه من عقارات، أما لتعظيم الربح أو تقليل الخسارة أو العكس أو للاستحواذ على جزء من حقوق المساهمين من خلال تحميلهم بعض الخسائر.

ويقول فهد البسام: "للأسف تقوم شركات بترحيل الخسائر لحقوق المساهمين، ويجري هذا بموافقة شركات المحاسبة.. وهذا لأن السياسات المحاسبية ليست واحدة"، مضيفا أن ذلك كان سيحدث على نطاق أضيق فيما لو فرضت هيئات الرقابة الرسمية سياسات محاسبية موحدة تسري "في جميع الظروف، سواء في النمو أو الكساد".


لعبة الضغط على القطاع

ويشرح عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبد الحميد العمري كيف تقوم الشركات بتحريك كثير من البنود في إعداد سياساتها المالية قائلا: "هناك مصالح تتحقق وراء تغيير السياسات المحاسبية".

ويقول العمري: إن التلاعب في البيانات المالية السنوية أمر دأبت عليه شركات المساهمة العامة، ولكن الضغوط التي أنتجت خسائر في أعمال هذه الشركات أثارت الانتباه في الفترة الأخيرة وبشكل خاص صوب "أرقام المخصصات لتغطية الخسائر والاستهلاك".

ويؤكد أنه رصد في أكثر من دراسة عمليات ترحيل للإيرادات والمبيعات عن فترات تكون فيها الشركة رابحة إلى فترة تتعرض فيها الشركة لخسائر، ومن ثم "إعلان بيانات مالية إيجابية" تظهر مركزها المالي متينا في نظر المستثمرين في السوق.

ويقول العمري إن ذلك حصل "في نتائج 2008 لشركات في السعودية، وهذا ممكن أن يضر بالقطاع كله"، وفقا لأهداف الشركة باستقطاب المستثمرين، أو طردهم من الشراء على السهم.

ويشرح العمري أنه في حال كانت الشركة تستهدف طرد المستثمرين والاحتفاظ بالعوائد لديها تعلن عن مخصصات كبيرة وتقوم برفعها على حساب حقوق المساهمين مما يعصف بمركزها المالي في مقابل الإبقاء على السيولة في بنودها.

ويضيف موضحا أن منافذ تغيير الواقع المالي للشركة يمكن أن تتم أيضا من خلال "تغيير القيمة الدفترية لأصولها، أو إضافة قيمة مخزنة من السلع، أو احتساب خسائر أوراق مالية".

ووفقا لما رصده عبد الحميد العمري تنتشر ممارسات تغيير السياسات المحاسبية عادة في قطاعات تستفيد من ضعف أدوات الرقابة، وهي قطاعات التجزئة والخدمات والاستثمار المتعدد، خلافا للقطاع المصرفي الخاضع لعيون الرقابة من جهة البنك المركزي وهيئة السوق المالية.

وهذه الممارسات تقلق الأسواق في الإمارات بعد تحذيرات من خبراء هيئات الرقابة تحركوا ردا على تقرير لصحيفة محلية كشف أن هيئات عالمية مسؤولة عن المعايير المحاسبية الدولية قامت بتطبيق استثناء جوهري في عمليات تقييم محافظ الأسهم للشركات والمؤسسات.

وتردد في التقرير أن شركات مساهمة تتضمن بنوكا وشركات عقارات وتأمين تجري مباحثات لاحتساب القيمة الدفترية للأسهم التي تمتلكها في محافظها الاستثمارية بدلا من قيمتها السوقية التي تقل كثيرا عن قيمتها الدفترية مما يساهم في تقليص نسب الخسائر المتحققة.

وعقب ذلك تدخلت هيئة الأوراق المالية والسلع، وطلبت من الشركات المدرجة تصنيف أنشطتها جغرافيا حسب نوعها وأجلها "قصيرة الأجل أو طويلة الأجل"، وقيمة كل منها مع توضيح للسياسات المحاسبية المتبعة في معالجة هذه الاستثمارات بأنواعها المختلفة. إضافة إلى الإفصاح عن التفاصيل المتعلقة باحتساب المخصصات على اختلاف أنواعها، وتفاصيل النقد والودائع بالبنوك.


مسؤولية مجالس الإدارة

ويرى المحلل المالي في سوق مسقط محمد الحافي أن الشركات بشكل عام في الخليج تنتهز أجواء التشاؤم العالمية والتوقعات بأوقات صعبة للاقتصاد العالمي لتعلن عن كامل الخسائر، وتضمنها في بياناتها المالية السنوية عن 2008، معتقدة أن الوضع مناسب كي يستوعب المستثمرون الأسعار على أنها عادلة.

ويلاحظ أن الشركات في الأسواق الخليجية دأبت على "لعبة تركيب" في بياناتها باقتصاصها مخصصات من أي بند لتغطية بند آخر، أو بتغطية خسائر غير محسوبة في الواقع على حقوق المساهمين.

ويشير رئيس شركة الوساطة المالية في مسقط حسن أحمد إلى مسؤولية رؤساء مجلس الإدارة في الموضوع ويقول إن ما يتم من تغييرات في البيانات المالية السنوية "لم يكن ليمر دون طلب من رؤساء مجلس الإدارة".