المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحليل موضوعي لما يحدث في السوق



ابو مشعل
20-12-2005, 08:03 PM
مقال للخبير الإقتصادي الأستاذ بشير الكحلوت :



خلاصة الكلام في تحليل الأرقام

كلام سعادة النائب الثاني عبدالله بن حمد العطية لبرنامج إحداثيات اقتصادية بتلفزيون قطر يوم الأحد الماضي، وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بموضوع الاكتتابات الجديدة، عندما أكد بشكل قاطع عدم وجود نية لطرح أسهم شركتي الصناعات المتوسطة وشركة الألمنيوم في عام 2006. وهذا التأكيد يعمل ولا شك لجهة استقرار الأسعار في السوق في الفترة القادمة بعد أن انتفى مبرر الهرولة نحو البيع مخافة حدوث اكتتاب مفاجئ. صحيح أنه لا يزال هناك اكتتاب مؤكد لشركة الإسمنت في منتصف شهر أبريل، إلا أن رأس المال المطروح للاكتتاب في هذه الشركة متوسط نسبياً ويمكن للسوق استيعابه. وصحيح أن هناك توقعات بشأن طرح أسهم أحد البنكين المعلن عنهما سابقاً، إلا أن موعد هذا الطرح لن يكون قبل أبريل في غالب الأمر-طالما لم يُعلن شيء عن الموضوع حتى الآن. وإذا كان عامل القلق من تأثير طرح شركات جديدة للاكتتاب على أسعار أسهم الشركات قد تراجع، فلماذا تنخفض الأسعار أو تبدو ضعيفة هذه الأيام، وما هي التوقعات المنتظرة بشأن تلك الأسعار في الأسابيع القادمة ؟
يمكن القول بداية أن الضعف الحالي للسوق إنما هو عائد إلى انتهاء السنة المالية حيث تميل الصناديق والمحافظ الاستثمارية إلى التوقف عن الشراء لإقفال حسابات نهاية العام، ومن الطبيعي أن يختلف الحال مع بداية السنة الجديدة. ومن ثم فإن النصيحة التي نتمسك بها هي في الصبر باعتبار إنه فات الكثير ولم يبقى إلا القليل.
وللإجابة على السؤال الثاني حول التوقعات المنتظرة للأسعار في الشهور الثلاثة الأولى من العام، فإنني قمت بمراجعة شاملة لميزانيات الشركات عن فترة الشهور التسعة الأولى من العام، لاستقراء ما يمكن أن تكون عليه توزيعات الأرباح لهذه الشركات. كما قمت بمراجعة تطور أسعار أسهم الشركات في الفترة ما بين شهر مايو الماضي وحتى الآن. وقد اخترت الفترة المشار إليها على أساس أن الأسعار كانت قد انخفضت في مايو الماضي إلى مستوى متدني بعد توزيع أرباح عام 2004، ثم ارتفعت في الشهور التالية وتأرجحت حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في الثلث الأخير من شهر ديسمبر الحالي. وفي تقديري أن أي زيادة في سعر سهم أي شركة ما بين شهر مايو وحتى الآن إنما تعكس بالضرورة جملة العوامل التالية:
الأول: مدى ما حققته الشركة من نمو في حقوق المساهمين بفضل أرباحها خلال عام 2005.
الثاني: حجم الأرباح التي ستوزعها الشركة على المساهمين، وكم منها في صورة نقد أو أسهم مجانية.
الثالث: حجم السيولة المتاحة في السوق، والذي يُترجم إلى طلب إضافي على الأسهم من أجل التمتع بالأرباح المنتظر توزيعها.
الرابع: التوقعات بشأن مستقبل أنشطة الشركات،
ولنأخذ أمثلة عملية لنفهم مدى تأثير هذه العوامل مجتمعة على أسعار أسهم الشركات:
1- كان سعر سهم صناعات قد انخفض في مايو إلى 135 ريالاً ، وقد حققت الشركة أرباحاً ضخمة في الشهور التسعة الأولى من العام بلغت 2459 مليون ريال، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 3200 مليون ريال في كل العام 2005. وتشكل هذه الأرباح زيادة في حقوق المساهمين بنسبة 41% عن بداية السنة. ويؤدي ذلك منطقياً إلى رفع سعر السهم بنسبة 41% عن إلـ 135 ريالاً أي إلى190 ريالاً للسهم . وقد ارتفع السعر بالفعل إلى هذا المستوى في فترات من السنة. ولكن هل كل هذه الأرباح ستضاف إلى حقوق المساهمين أم أنه سيتم توزيع جزء منها عليهم؟ المتوقع –على ضوء ما حدث في العامين الماضيين- أن يقرر مجلس الإدارة توزيع 40% من القيمة الاسمية نقدا ً(أي 4 ريال للسهم)، أو ما يعادل 2000 مليون ريال. وذلك يجعل الإضافة الصافية لحقوق المساهمين في حدود 1200 مليون ريال أو 15%، وبالتالي قد تكون الإضافة إلى السعر عما كان عليه في مايو الماضي محدودة بـ 20 ريالاً فقط إلى 155 ريالاً للسهم .
والخلاصة أن سعر سهم صناعات قد لا ينخفض بعد توزيع الأرباح دون 155 ريالاً للسهم، ولكنه قد لا يتجاوز إلـ190 ريالاً في الشهور الثلاثة القادمة. وقد كان من الممكن توقع حدوث ارتفاع في السعر إلى أكثر من 190 ريالاً للسهم لو أن العاملين الثالث والرابع المشار إليهما أعلاه في وضع يسمح بذلك، ولكن الأمر في تقديري ليس كذلك. فرغم توافر السيولة في الجهاز المصرفي، إلا أنها لا تستخدم حالياً بكثافة في شراء الأسهم؛ إما لأن الناس في حالة انتظار للاكتتابات الجديدة، أو لأن المحافظ الاستثمارية متخمة بالأسهم، فلم يعد لدى الكثير منها قدرة على الدخول بقوة للسوق. الجدير بالذكر إن إحدى الشركات المساهمة في قطاع الخدمات لديها استثمارات متاحة للبيع تبلغ 8000 مليون ريال، ولدى شركة أخرى استثمارات مماثلة بقيمة 5000 مليون ريال، وأظن أن أغلب هذه الاستثمارات في الأسهم المحلية. وإذا كان لدى بقية كثير من الشركات استثمارات مماثلة ولو بمئات الملايين فقط ، فإن معنى ذلك أن الحالة الاستثمارية لدى الشركات توجب عليها- في هذه المرحلة على الأقل- عدم الشراء، وهذا يعني أن عامل السيولة معطل في الوقت الحاضر ولا يساعد في رفع الأسعار بأكثر من اللازم كما كان الحال في فترات سابقة.
وأما العامل الرابع، فهو من النوع المؤثر في الأجل الطويل، فرغم أن شركة صناعات من أكبر الشركات وأكثرها توسعاً وبالتالي تحقيقاً للأرباح، إلا أن ذلك يؤدي إلى ارتفاع تدريجي في سعر السهم على مدى سنوات، وكلامنا هنا عن الأسعار في الأجل القصير فقط.
2- في شركة أخرى كمصرف قطر الإسلامي، نجد أن سعر السهم قد انخفض في شهر مايو إلى نحو 250 ريالاً، وقد حقق المصرف في الشهور التسعة الأولى أرباحاً بلغت 370.8 مليون ريال، وقد ترتفع الأرباح الإجمالية لعام 2005 ككل إلى قرابة 500 مليون ريال. وهذا المبلغ يعادل زيادة بنسبة 34% على حقوق المساهمين، ومن ثم يسمح بزيادة سعر السهم إلى 335 ريالاً عما كان عليه السعر في مايو. ولأن المصرف درج على توزيع أسهم مجانية، ولأن التوجه العام هو نحو زيادة رؤوس أموال البنوك، لذا فمن المتوقع أن يعمد المصرف إلى استبقاء كل الأرباح المتحققة لديه وعدم توزيعها نقداً على المساهمين بل توزيع أسهم مجانية بواقع سهم لكل سهم(100 %)، أو 80% على الأقل. وهذا التوقع يخلق طلباً مبرراً على السهم في مرحلة ما قبل توزيع الأرباح نتيجة الرغبة في الحصول على السهم المجاني، وهو ما يرفع السعر إلى ضعف أو إلى 180% من سعر السهم كما كان في مايو الماضي، أي إلى 500 ريال أو 450 ريال على التوالي. وكان من الممكن أن يكون ارتفاع السعر في الشهور القادمة إلى أكثر من 500 ريال لولا أن الظروف الأخرى التي شرحناها أعلاه عند الكلام على صناعات لا تساعد على ذلك في الوقت الراهن بل إنها قد تعرقل الوصول إلى المستويات المشار إليها. والخلاصة أن حركة سعر سهم المصرف في الشهور الثلاثة القادمة ستكون باتجاه الارتفاع للوصول إلى 450 ريالاً للسهم. وفي الوقت ذاته فإن المعطيات المشار إليها في هذا التحليل تؤكد أن السعر في الوقت الراهن بات قريباً من حده الأدنى(335ريالاً)، دون أن يكون من الضروري الوصول إلى هذا المستوى في هذه الفترة. وقد يكون لنا وقفة مع أسهم شركات أخرى وأختم بالقول إن هذه خلاصة قراءتي الشخصية للأرقام وأظن أنه رأي صواب يحتمل الخطأ