المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فقه الجهاد للعلامة الشيخ يوسف القرضاوي



جمال النعيمي
14-02-2009, 11:22 PM
العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي

كتاب بعنوان

فقه الجهاد للعلامة الشيخ يوسف القرضاوي (http://www.salamway.com/downloads/pro/fagh_aljhad.pdf)

الثاقب
14-02-2009, 11:46 PM
الجهاد يصدر بأمر من خليفة المسلمين اما الوقت الحالي اعتقد المؤتمر الاسلامي الذي يضم جميع السلمين
اما كل واحد بيعلن الجهاد على كيف بتسير فوضى وفي الاخير عندنا نموذج افغان استان والجزائر قتلوا من المسلمين اكثر من الكفار

mrloverman
15-02-2009, 12:05 AM
جزاك الله خيرا

سوبرقطري
15-02-2009, 12:08 AM
ضوابط الجهاد
في السنة النبوية


وقد جاء في الحديث عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ.
ثُمَّ قَالَ: أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ!
قَالَ : فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ.
قَالَ : أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟! قُلْنَا : بَلَى!
قَالَ : فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ!
قَالَ : فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ.
قَالَ : أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ! قُلْنَا : بَلَى!
قَالَ : فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ!
فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ.
قَالَ : أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ! قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ!
قَالَ : فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا.
وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا أَوْ ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلَا لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلِّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ.
ثُمَّ قَالَ : أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ"( ).
وقد رجع بعضنا يضرب رقاب بعض، ويستبيح منا ما حرمه الله، ويسمي ذلك جهاداً، وإنما هو جهاد بدعي؛ لخروجه عما شرعه الله، وتجاوزه حد الشرعة والمنهاج!

قال ابن تيمية (ت728هـ) رحمه الله: "لا ريب أن الجهاد و القيام على من خالف الرسل و القصد بسيف الشرع إليهم، و إقامة ما يجب بسبب أقوالهم نصرة للأنبياء والمرسلين، وليكون عبرة للمعتبرين ليرتدع بذلك أمثاله من المتمردين من أفضل الأعمال التي أمرنا الله أن نتقرب بها إليه، وذلك قد يكون فرضا على الكفاية، وقد يتعين على من علم أن غيره لا يقوم به، و الكتاب و السنة مملؤآن بالأمر بالجهاد و ذكر فضيلته؛ لكن يجب أن يعرف الجهاد الشرعي الذي أمر به الله و رسوله من الجهاد البدعي: جهاد أهل الضلال الذين يجاهدون في طاعة الشيطان وهم يظنون أنهم مجاهدون في طاعة الرحمن، كجهاد أهل الأهواء و البدع كالخوارج و نحوهم الذين يجاهدون في أهل الإسلام، وفيمن هو أولى بالله ورسوله منهم من السابقين الأولين و الذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين. .... ... ... وكذلك من خرج من أهل الأهواء على أهل السنة، و استعان بالكفار من أهل الكتاب و المشركين و التتر و غيرهم هم عند أنفسهم مجاهدون في سبيل الله، بل وكذلك النصارى هم عند أنفسهم مجاهدون.
وإنما المجاهد في سبيل الله من جاهد لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله، كما في الصحيحين( ) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
وقد قال الله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ

حمل من هنا للفائدة (http://www.sahab.net/home/dir/books/220.zip) الجهاد وضوابطه الشرعية للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

جمال النعيمي
15-02-2009, 12:28 AM
http://www.salamway.com/downloads/pro/qaradawi-1.jpg

فقه الجهاد-الحلقة الأولى
دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته في ضوء القرآن والسنة


تنشر الشروق أون لاين حصريا ابتداء من اليوم كتاب العلامة الدكتور يوسف القرضاوي "فقه الجهاد"

من دستور الأمة الإلهي (القرآن الكريم)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
قال تعالى:
1. {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [البقرة:190، 191].

2. {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256].

3. {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} [النساء:75]، جعلت الآية إنقاذ المستضعفين من براثن الجبارين من أهداف القتال في الإسلام.

4. {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} [النساء: من الآية90].

5. {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:60].

6. {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال:61].

7. {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:4].

8. {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:7].

9. {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة:36]، أي تجمعوا على قتالهم، كما يتجمعون على قتالكم. فهو معاملة بالمثل. وهذه مما قيل إنها (آية السيف)!.

10. {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد:4].

11. {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} [الفتح:1]، نزلت هذه الآية وسائر السورة في صلح الحديبية. اعتبره القرآن فتحا، بل فتحا مبينا.

12. {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة:8،9].

من مشكاة النبوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1. "لا تتمنَّوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنَّة تحت ظلال السيوف". متفق عليه عن عبد الله بن أبي أوفى.

2. "دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم".
رواه أبو داود عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

3. رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة قتيلا في غزوة، فقال: "ما كانت هذه لتقاتل". فبعث رجلاً فقال: "قل لخالد: لا يقتلن امرأة ولا عسيفا". رواه أحمد وأبو داود عن رباح بن الربيع.

4. "اغزوا باسم الله، وفي سبيل الله، قاتلوا مَن كفر بالله، لا تغلُّوا، ولا تغدِروا، ولا تمثلِّوا، ولا تقتلوا وليدًا".
رواه مسلم عن بريدة.

5. "لن يبرح هذا الدين قائما، يقاتل عليه عصابة من المسلمين، حتى تقوم الساعة".
رواه مسلم عن جابر بن سَمُرة.

6. سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليُذكَر، والرجل يقاتل ليُرى مكانُه، أيهم في سبيل الله؟ فقال: "مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله". متفق عليه عن أبي موسى.

7. "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم".
رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي وصحَّحه ابن حِبان والحاكم عن أنس.

8. قال جَرير: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع: استنصت لي الناس، فقال: "لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض".
متفق عليه عن جَرير بن عبد الله البَجَلي.

من هَدْي الراشدين
عن يحيى بن سعيد: أن أبا بكر رضي الله عنه بعث جيوشا إلى الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أمير ربع من تلك الأرباع، فزعموا أن يزيد قال لأبي بكر: إما أن تركب وإما أن أنزل. فقال أبو بكر: ما أنت بنازل وما أنا براكب، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله، ثم قال له: إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له (يعني الرهبان)... وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيًّا، ولا كبيرا هرمًا، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلا، ولا تغرقنه، ولا تَغلل، ولا تجبُن.
رواه مالك في المؤطأ.

وعن عبد الله بن عامر: أنه قدم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه برأس البطريق، فأنكر ذلك، فقال: يا خليفة رسول الله، إنهم يفعلون ذلك بنا! قال: فاستنانٌ بفارس والروم؟ لا يحمل إليَّ رأس! فإنه يكفي الكتاب والخبر.

رواه سعيد بن منصور في سننه، وابن أبي شيبة في مصنفه، والنسائي في الكبرى.
وعن زيد بن أبي وهب قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تغلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، واتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب.
رواه سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة.

من أقوال أئمة الإسلام
(إذا حُميت أطراف البلاد، وسُدَّت الثغور: سقط فرض الجهاد عن جماعة المسلمين، وبقي نافلة، إلا أن ينزل العدو ببعض بلاد المسلمين، فيجب على الجميع إعانتهم، بطاعة الإمام في النفير إليهم).
ابن رشد الجد، في المقدمات والممهدات (1/263).

(إن الأصل هو إبقاء الكفار وتقريرهم؛ لأن الله تعالى ما أراد إفناء الخلق، ولا خلقهم ليُقتلوا، وإنما أُبيح قتلهم لعارض ضرر وُجد منهم، إلا أن ذلك ليس جزاء لهم على كفرهم، فإن دار الدنيا ليست دار جزاء، بل الجزاء في الآخرة).
ابن الصلاح، في فتاويه (صـ121).

(إن الله تعالى أباح من قتل النفوس: ما يُحتاج إليه في صلاح الخلق، كما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة:217]، أي إن القتل وإن كان فيه شرٌّ وفساد، ففي فتنة الكفار (اضطهادهم للمؤمنين) من الشرِّ والفساد ما هو أكبر منه. فمَن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مضرَّة كفره إلا على نفسه ... ).

ابن تيمية، في السياسة الشرعية. مجموع الفتاوى (28/355).

(قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة:256]، هذا نصٌّ عامٌّ: أنا لا نُكره أحدًا على الدين، فلو كان الكافر يُقتل حتى يُسلم، لكان هذا أعظم الإكراه على الدين).
ابن تيمية، في قاعدة في قتال الكفار (صـ121).

(مَن تأمَّل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ تبيَّن له: أنه لم يُكره أحدًا على دينه قط، وأنه إنما قاتل مَن قاتله. وأما مَن هادنه، فلم يقاتله ما دام مقيما على هدنته، لم ينقض عهده، بل أمره الله تعالى أن يفي لهم بعهدهم ما استقاموا له، كما قال تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة:7].

ولما قدم المدينة صالح اليهود وأقرَّهم على دينهم، فلما حاربوه ونقضوا عهده وبدؤوه بالقتال قاتلهم... وكذلك لما هادن قريشا عشر سنين، لم يبدأهم بقتال، حتى بدؤوا هم بقتاله ونقضوا عهده، فعند ذلك غزاهم في ديارهم، وقبل ذلك كانوا هم يغزونه ...).

ابن القيم، في هداية الحيارى (1/12).

(وجوب الجهاد: وجوب الوسائل لا المقاصد؛ إذ المقصود بالقتال إنما هو الهداية، وما سواها من الشهادة. وأما قتل الكفار فليس بمقصود، حتى لو أمكن الهداية بإقامة الدليل (أي بالحجَّة والإقناع) بغير جهاد: كان أولى من الجهاد).

الخطيب الشربيني، في مغني المحتاج في شرح المنهاج (6/44).
المواقف النظرية من الجهاد:
لقد كتب كثيرون عن الجهاد، وقُدِّمت فيه عدة أُطروحات للدراسات العليا في عدد من الجامعات الإسلامية والمدنية: ماجستير ودكتوراه، وكتب كثير من الباحثين في الموضوع، وعُنيت به جماعات وحركات إسلامية: علما وعملا ودعوة وتطبيقا، وبعضهم سمَّى نفسه بهذا الاسم مباشرة مثل: جماعات (الجهاد) في أكثر من بلد عربي وإسلامي.

ولكن مشكلتنا في هذه القضايا الكبرى: أن الحقيقة تضيع فيها بين طرفي الغلو والجفاء، أو الإفراط والتفريط، أو (الطغيان والإخسار) وفق تعبير القرآن، الذي قال: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن:7-9].

لقد رأينا في الجهاد ثلاثة مواقف، أو ثلاث فئات:
1. الفئة التي تريد إماتة الجهاد:
1 - فئة تريد أن تُهيل التراب على الجهاد، وأن تسقطه من حياة الأمة، وأن تجعل أكبر همِّها ومبلغ علمها: أن تربِّي الأمة - كما تقول - على القِيَم الروحية، والفضائل السلوكية، وتعتبر هذا هو (الجهاد الأكبر): جهاد النفس والشيطان.

ومن الغريب أن يتفق في هذا الاتجاه: دعاةُ التصوف السلبي الموروث من عهود التراجع والتخلف، (على خلاف دعاة التصوف السني الإيجابي الذين ساهموا في الجهاد بنصيب وافر، مثل: الأمير عبد القادر في الجزائر، وعمر المختار في ليبيا والسنوسيين ...)، ودعاةُ العلمانية الدخيلة، المتغرِّبون، يشاركهم عملاء الاستعمار الغربي والشرقي، من اليمين واليسار، الذين يريدون أن يجرِّدوا الأمة من أسلحتها، لتبقى عارية مكشوفة أمام أعدائها، فهاجموا فكرة الجهاد، وحركة الجهاد، قديما وحديثا، واتهموا الجهاد الإسلامي بالعدوانية.

ويرحِّب بهؤلاء وأولئك جميعا: الاستعمار قديمه وحديثه، ويغذِّيهم بما يقوِّي عضدهم، ويمدُّهم بكلِّ ما يعينهم على تحقيق أهدافهم، ولقد صنع الاستعمار البريطاني نِحلة في الهند: (القاديانية) كان أشهر ما دعت إليه هو (إلغاء الجهاد)، لإخلاء الطريق للاستعمار، ليفرض سلطانه على المسلمين دون مقاومة.


ومن المؤسف حقا: أن يوجد من علماء الشرع ودعاته: مَن يريد أن يَدين كلَّ أنواع الجهاد المعاصر: صالحها وطالحها، مستقيمها ومنحرفها، معتدلها ومتجاوزها، في حين يبرِّر لطواغيت الحكام كل ما تقترفه أيديهم من تعطيل للشريعة، وإفساد للأخلاق، وارتكاب للمظالم؛ فكم من دماء سُفكت، وكم من أعراض هُتكت، وكم من حرمات انتُهكت، وكم من حقوق ضُيعت، وكم من كرامات أُهدرت، وكم من ألوف اختُطفوا من منازلهم، ثم ذُهب بهم إلى حيث لا يُدرَى أهم أحياء أم أموات؟ وكم من أناس قُتلوا في سجونهم بأيدي سجَّانيهم، خُفية أو جهرة!! وكم… وكم... وهذا كلُّه حلال مبرَّر. أما المؤثَّم والمجرَّم والمحرَّم، فهو ما تقوم به الشعوب المقهورة، والجماعات المهضومة من تنفيس دفاعي، قد يتجاوز بعضهم فيه، ولكن ربما كان لهم من العذر ما ليس لظالميهم من المعادين لدينهم، الماكرين بمِلتهم، من الذين طغَوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد.

2. الفئة التي تعلن الحرب على العالم كله:
2 - وفي مقابل هذه الفئة: فئة فهمت الجهاد على أنه (قتال العالم كله): مَن حارب المسلمين أو وقف في سبيل دعوتهم، أو فتن المسلمين في دينهم... ومَن ألقى إلى المسلمين السلم، ومدَّ يد المسالمة والمصالحة للمسلمين، فلم يَشهَر في وجوههم سيفا، ولم يظاهر عليهم عدوا.

فكل الكفار عند هذه الفئة سواء في وجوب مقاتلتهم إذا كان المسلمون قادرين، فالكفر وحده سببٌ كافٍ لقتال غير المسلمين!
وكل ما ورد من آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، تدعو إلى مسالمة مَن سالمنا أو البر والإقساط إلى مَن لم يقاتلنا في الدين، ولم يخرجنا من ديارنا، أو يظاهر على إخراجنا، ونحو ذلك: فكلها كانت آيات مرحلية، انتهى مفعولها، وأمست موجودة في المصحف خطًّا، معدومة معنًى. فقد نسختها كلها - وهي نحو مائة وأربعين آية أو مئتا آية أو أكثر - آيةٌ واحدةٌ سمَّوها (آية السيف)!
والعجب كل العجب أن آية السيف هذه قد اختلفوا في تعيينها.

هؤلاء لا يرتضون ميثاق الأمم المتحدة، لأنه يمنع الأمة من الجهاد، ويفرض عليها احترام الحدود الإقليمية للدول ذات السيادة، ويوجب حلَّ النزاعات الإقليمية بالوسائل السِّلمية.
كما يرفض هؤلاء الاتفاقية الدولية للتعامل مع الأسرى، إذ يرون أن لهم حق قتل الأسرى بلا قيد ولا شرط، وهذه الاتفاقيات تمنع قتل الأسرى.

كما يرفضون اتفاق العالم كله على (إلغاء الرق)، ويرون في هذا تحريم ما أحلَّ الله، وإبطال ما شرع الله!
ويرى هؤلاء: أن الإسلام إنما انتشر في العالم بالسيف والجهاد، وأن الذين يزعمون أن الإسلام انتشر بالدعوة والحُجَّة والإقناع وأخلاق المسلمين، لا بالسيف والسنان، مثل: المؤرخ البريطاني (توماس أرنولد) في كتابه (الدعوة إلى الإسلام)، هؤلاء مضلِّلون، يريدون أن يبعدوا المسلمين عن الجهاد، والذين يمدحون مثل هذا المستشرق من المسلمين، إنما هم جهلة بحقيقة الإسلام، وبضاعتهم مُزجاة في علومه، وهم تلاميذ للاستشراق الخبيث!
وقد كان لهذا الفكر آثار سيئة، في أنفس مَن آمن به من الشباب المخلصين في نيتهم، فحملوا السلاح على قومهم وأهليهم، وقاتلوهم وقتلوا منهم، فقد أدخلوهم في زُمرة الكفار الذين يجب قتالهم، لأنهم ارتدُّوا عن الإسلام، وباتوا يوزعون تهمة الكفر على كل مَن يخالفهم من الناس، حتى من علماء الدين! ولم يبالوا بمَن قتلوا من البُرآء في سبيل ذلك، حتى ألصقوا بالإسلام تهمة (العنف).

وزاد على ذلك بعضهم، فقتلوا مَن ليس لهم بهم عَلاقة، ولا لهم معهم مشكلة، مثل: السياح وركاب الطائرات والرهائن وأمثالهم، ليرهبوا غيرهم بقتلهم، أو باختطافهم واحتجازهم، وبذلك ألصقوا بالإسلام تهمة أخرى - إلى جانب تهمة العنف - وهي تهمة (الإرهاب).

3. فئة التوسط والاعتدال:
3 - والفئة الثالثة، هي (الأمة الوسط)، التي هداها الله إلى الموقف الوسط، وآتاها العلم والحكمة، ورزقها البصيرة في فقه الشرع، وفقه الواقع، فلم تقع في تفريط الفئة الأولى التي تريد للأمة أن يبقى حقها بلا قوة، ومصحفها بلا سيف، وأن تبقى دارها بلا حُرَّاس، وحرماتها بلا حُماة.

كما لم تقع في إفراط الفئة الثانية وغلوِّها، التي تريد أن تقاتل المسالمين، وتشنَّ الغارة على الناس أجمعين، وتعلن الحرب على الأحمر والأسود، والشرق والغرب، بدعوى أنها تسوق الناس إلى الله، وتقودهم بالسلاسل إلى الجنة، وتأخذ بأيديهم قسرا إلى الصراط المستقيم، وتزيل الحواجز المادية التي تضعها السلطات الطاغية أمامهم، فلا يُتاح لهم تبليغهم كلمة الله، ودعوة رسوله، ليسمعوها عالية صريحة، خالية من كل شَوب.

وهذا كان صحيحا في الزمن الماضي، حين كان كسرى وقيصر وأمثالهم من الطواغيت، يقفون عقبة في سبيل شعوبهم وأممهم، فلا يمكن إيصال الدعوة إليهم إلا بالانتصار عليهم، وإزاحتهم بالقوة من طريق الدعوة، وهذا ما فعله الصحابة ومَن اتَّبعهم بإحسان.

أما اليوم فلم نعُد في حاجة إلى ذلك، وقد أتاحت لنا وسائل العصر: أن نبلِّغ العالم كله دعوتنا، وأن نُسمعهم كلمتنا، دون أن يستطيع حاكم منعنا من ذلك. فعندنا القنوات الفضائية التي تملأ الآفاق، والإذاعات الموجَّهة التي تنقل موجاتها إلى أقصى العالم، وشبكة الإنترنت التي تدخل كل بيت دون إذن من أحد، والرسائل والنشرات المكتوبة بلغات العالم، كل هذه الأدوات والآليات هي أسلحتنا القوية والمؤثرة في جهاد العصر، وهي تحتاج إلى جيوش جرَّارة من الدعاة والمعلِّمين والإعلاميين المدرَبين الأكفاء الأقوياء الأمناء المقتدرين على مخاطبة العالم وأُممه بلغاته المختلفة، وبلسان عصره، وبأساليب عصره، ليبيِّنوا لهم، ويُفهموهم ويؤثروا في عقولهم وعواطفهم.

وهذا - للأسف الشديد - ما لا نملك عشر معشاره، بل ولا واحدا على الألف من المطلوب في هذا الميدان الخطير.

ولقد قلت بحق يوم افتتاح موقعنا العالمي على الإنترنت (موقع إسلام أون لاين. نت - www.Islamonline.net): إن هذا هو جهاد العصر، فمَن كانت له نية في الانضمام إلى ركب المجاهدين، أو رغبة في نيل فضل الجهاد في سبيل الله، بالنفس أو بالمال، أو بالجهد، فهذا هو جهاد اليوم، وهو جهاد كبير، وجهاد طويل.

بنت الحرمي
15-02-2009, 01:22 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله كل خير اخي جمال ،،

واطال الله في عمر الشيخ يوسف القرضاوي

لكم جزيل الشكر

msis98
15-02-2009, 09:42 AM
جزاك الله خيراً.