هتـان قطر
17-02-2009, 05:24 PM
الرأي الآخر .. كيف تعرف أنها العروس المناسبة دون رؤية أو حوار؟!
بقلم الكاتبة : مريم آل سعد ..
من الأمور الخلافية التي نعيش تناقضاتها إلى وقتنا الحاضر الرؤية الشرعية للعروسين..!
أصبح من المألوف أن تعمل الفتاة ، تسوق سيارتها، تذهب للمجمعات وحدها او مع صديقاتها، تتناول القهوة أو إحدى الوجبات في كافيه أو مطعم، و لكنها ما زالت تواجه مشكلة إذا تقدم أحد لخطبتها، حيث يصبح من حقه وحقها رؤيته قبل الموافقة على الارتباط به.
تصبح الرؤية الشرعية للخاطبين كابوسا ليس بسبب حياء أي من الطرفين ولكن لأن بعض العائلات تستبعد هذا الإجراء خشية عدم التوافق بينهما، بينما لا يرتاح له الخاطبان أنفسهما لأنهما يخشيان من النتيجة وهي غير مستبعدة، مواجهة الرفض..!! وفي كل الأحوال فإنه ليس أمرا مستحبا ويترك تأثيرا سيئا لدى الطرفين.
من حق الفتيات وحتى الشباب التخوف من لحظة الرؤية الشرعية لغرباء قد لا يرتاحون إليهم، و لكن حتى لو أرادوا مسايرة الموقف، ماذا تكشف هذه الرؤية من أعماق الشخص و فهمه للحياة المشتركة..؟؟
بعض العائلات تعتقد أن من الذكاء الإصرار على كتب الكتاب كشرط لرؤية العريس لابنتهم، أيعقل ان يتزوج الإنسان ليرى خطيبته..؟؟
تمر هذه الخطوة على الكثير من الشباب أيضا و لكنها لا تصنع زواجا حميما ناجحا، ليس عند الرجل فقط بل و عند الفتاة أيضا، و تصبح العلاقة معادلة أساسها رغبة الطرفين في إدارة دفة حياة زوجية مشتركة كأمر لا بد منه، و على قدر اخلاصهما وتضحياتهما وصبرهما تمر الحياة بهما.
ولكن هناك نماذج بشرية لا تقبل الانصهار مع كائنات غريبة لمجرد التعايش والأنس، لذلك بعد عقد القران ورؤية الخطيبين بعضهما بعضا، وبالأخص بعد جلوسهما معا تتكشف أشياء، وتتضح أبعاد تؤكد تنافر الشخصيات و تناقضها و يتم بذلك الطلاق قبل الزواج أحيانا..!
وإذا جئنا للرؤية الشرعية نفسها نجد أنها تعتمد على الشكل الخارجي، فهل هو شرط أساسي للقبول..؟؟
و ماذا عن الشخصية..؟؟
هذا هو المحير فعلا..؟؟ لا يدل شكل الإنسان على مضمونه، ينابيعه الداخلية، غناه الروحي.
يتذكر بعضنا القصة التي تقول إن شابة أغرمت بشكل شخص ولكنه استعار روح صديقه ليخاطبها.
أي أن صديقه يكتب له الحوار والرسائل والتصرف. فكان عليها في النهاية عندما اكتشفت ان الشكل والمضمون يختلفان وهما شخصان منفصلان فأيهما تختار، وفي القصة اختارت الروح بغض النظر عن شكله، بعد أن وجدت أن الوسيم الرشيق فارغ وتافه وأجوف دون إحساس وفكر ورؤية.
ولأن مجتمعنا تحكمه محاذير وحدود كثيرة فإن الشاب لا يتزوج إلا من خلال بوابة عيون أهله، ما ترتاح لها أمه وتفضلها أخته، وبالطبع لا تغش الأم والأخت ابنهما ولكنهما يختاران من تناسبهما بمقاييسهما، التي لا تكون بالضرورة متناسبة مع ثقافته وتطلعاته وكيميائية تفكيره.
وبينما تبقى الفتاة حبيسة منزلها بانتظار قدوم الفارس الذي تجهله، فإنها بالتالي تكون متخوفة من خلفيته وأفكاره ومعتقداته هذا إذا جاء..!! فما دام عالمها يتقلص إلى حدود دائرة العمل الضيقة والأهل المقربين فإن فرصها تتناقص للوصول إلى عريس مناسب لها.
هناك تطور جديد لحق بشخصية الفتيات قبل الشباب، وهو نضج شخصياتهن واعتمادهن على أنفسهن واستقلالهن الاقتصادي قبل الزواج. الفتاة اليوم تكوّن نفسها، وتصنع قراراتها، وتشكل إرادتها، لذلك عندما ترتبط بإنسان لا تذوب بكيانه ولا تتبع خطواته ولا تمشي خلفه.
إنها تأتي من بيت أبيها إنسانة مكتملة، تسوق سيارتها، وتذهب إلى عملها، ولديها حسابها البنكي الخاص، وجدول أعمالها ومشاريعها وطموحها. فالزوج هنا يكون مكملاً لها، داعماً لها ومحترماً لفرديتها، وليس محتويا لعالمها، وهنا الصعوبة.
حيث يعتبر الشاب استقلال الفتاة المالي والشخصي بمثابة تحد لرجولته، فيرفض تبلورها وتنامي شخصيتها، ويخشى من نجاحها وتميزها. فما زال الشباب يفضل المرأة العاجزة المسكينة التي تضيع من دونه، والتي لا تدبر حالها، وتنهار بغيابه. قد يعجب بالمرأة القوية وينبهر بشخصيتها، ولكنه لا يفضلها كزوجة، ولا يشعر بالفخر أنها تسير لجواره بل يفضلها خلفه.
تعلمت المرأة ودرست في أرقى الجامعات و تقلدت أعلى الوظائف، ألا يمثل ذلك تغيرا في وضعها الأسري..؟؟ أم أن عليها خلع رداء الوظيفة وروح العمل وتقمص شخصية الضائعة التي لا تعرف التصرف، وتنتظر من يعيلها ويدبرها ويصرف أمورها..؟؟
رجل كان معيار الزوجة لديه مرابطتها بيتها واعتمادها الكلي عليه، ودارت الأيام واضطر للدراسة بالخارج، وآخر نفس الظروف أصابه حادث أقعده الفراش، بينما توفي آخر، أو قد يكون حاضرا ومعافى ولكنه مشغول بالعمل والاجتماعات والسفر، وفي طور تأسيس حياته وكلها ظروف تحتم على الزوج الغياب لأي سبب كان، ففي النهاية، ما مصير هذه الزوجة التحفة المصونة بالمنزل، هي وأطفالها..؟؟
التي لا تعرف التصرف، وترتبك إن كلمها رجل غريب، ولا تعرف تدبير الفواتير و تصليح المنزل وتزويده بلوازمه ومتطلباته ورعاية أطفالها صحيا وثقافيا..؟؟ من يكون دليلها وذراعها اليمنى، بالطبع رجل آخر، فهل يكون السائق، أم الحمو. أم الجار..؟؟
ما فائدة أن تكون الزوجة عاجزة وبريئة لا تعرف العالم الحقيقي إذا كان هذا سيضعفها أمام الآخرين، ويجعلها لقمة سائغة لمن يتفضل عليها ويساعدها، ويكشف وضعها و يتيح للغرباء الاطلاع على حياتها وظروفها..؟؟
على نفس المستوى يسير تفكير بعض الرجال الذين يعتبرون تبرج نسائهم وزينتهن وعصرنة ملابسهن بالشكل المعقول والمجاري لطبيعة المجتمع ومحيط علاقاتهن فسق وانحدار وسوقية، ويخشون من هذا الاتجاه كأنه سيجرفهن إلى ما لا يحمد عقباه.
هل معنى وعي المرأة ومسؤوليتها و تبلور شخصيتها واهتمامها بشكلها وهندامها اعتداء على أنوثتها وضعفها النسوي وتجردها من الحياء وتسلطها..؟؟
بهذا المفهوم هناك نساء لم يتعلمن أو يعملن خارج منازلهن، ولا يعرفن الكوافير أو ارتداء البنطلون تحت العباءة أو مساحيق التجميل، ولكنهن عنيفات شرسات متحكمات قاسيات ووقحات. المسألة ليست بالتعليم فهو يرتقي بالفكر والإحساس والعقل.
ولا بالعمل فهو يعلم المسؤولية والاعتماد على النفس والتنظيم وقيمة الصرف ومعناه، والمشاركة بتحمل تكاليف المنزل والأولاد ومساعدة الزوج. كما أن الاهتمام بالملبس بالشكل الطبيعي و ليس المبالغ به لحد التفاهة والابتذال، أليس معناه النظافة والأناقة..؟؟ ومن يكره الجمال ولا يبحث عن المرأة التي إذا نظر إليها سرته، وأراحت عينيه وأبهجت فؤاده..؟؟
إذاً ما الذي علينا أن نخاف منه..؟؟ إن المشكلة الحقيقية تكمن في التربية..!!
الفتاة التي تربت منذ طفولتها على مكارم الأخلاق والحياء، ستنقل ذلك الإحساس معها مهما سافرت واحتكت وعملت. انه مزروع داخلها، يتكيف مع خروجها وعلاقاتها وتعاملاتها ويغلفها ويبطنها ويحميها ويكسر كل ما من شأنه أن يمسها ويخدشها.
بعض الأزواج يفضل أن يكون عريس الغفلة، أن تأخذه زوجته على "قد عقله"، تظهر له ما يود أن يراه، فإذا كان ضد العمل المختلط، فهي تسايره، ومع ذلك فإن لديها زملاء ولكن ليس في العمل وإنما من خلال الشات في المنتديات خلف شاشة الكمبيوتر..!!
صحيح أنه ضد دخولها للنت ولكنها تدخل من وراء ظهره، وتأخذ راحتها وتطلق شخصيتها وربما شخصياتها المتعددة من خلال الأسماء المستعارة التي تتخفى وراءها، فنرى تلك التي لا تكلم رجلا غريبا تصول وتجول خلف الكيبورد، تتشاجر وتتعارف و تناقش وتورد آراءها وأفكارها بطلاقة و ثبات، نحن لا نحاكمها هنا، ولا نحكم عليها، ولكن نريد أن تكون العلاقات واضحة في بطلانها أو قبولها أو استهجانها.
هنا.. حتى هذه المظاهر المبطنة التي تحتفظ باستمرارية الزواج، وترضي الزوج ظاهريا، وتوفر حياة زوجية هانئة، تخفي وراءها سرا قد يغضب الزوج جدا لو علمه، فهل أذنبت الزوجة..؟؟ هل أساءت لزوجها..؟؟ هل ارتكبت وزرا عظيما، بينما في نظرها فإن تلك العلاقات لا تتعدى حدود الزمالة والأخوة بين أعضاء المنتديات التي تشارك بها..؟؟
هذا الزوج، هل يقلل من احترامه وهيبته أن يكون للمرأة وضعها الاجتماعي والفكري الذي يرضي تقديرها الذاتي، حتى ولو كانت ربة بيت فإنها تريد أن يكون لها رأي وسط محيطها وشخصية بين أقرانها.
هل يعلم الأزواج بأن لا الزوج ولا الأبناء ولا البيت ومسؤولياته أو العمل وواجباته بقادرين على أن يملأوا فراغا آخر يسمى تأكيد هوية المرأة النفسية و يتجلى بهواية، بدور اجتماعي، بعلاقات صحية مع صديقاتها..؟؟
من ينكر ذلك يقود زوجته إما إلى العصاب و إفراغ غضبها وتوترها بالشجار والعصبية أو بمعاقبته بالعناد والصمت والرفض أو بالكذب عليه، لا تكلمي هذه الصديقة، أوكي.. ثم من وراء ظهره تكلمها و تستقبلها في بيتها وتخرج معها أيضا..!!
لا ترتدي هذه الملابس.. سمعا وطاعة، وفي غيابه أو في بيت أهلها أو لدى خروجها تفعل ما تريد، وهكذا.. ببقية الأمور والنواهي والمحاذير..!!
بالطبع ليس مقبولا أن يوافق الرجل على مضض ما يخشى أن تقوم به امرأته وراء ظهره بل المطلوب أن يقتنع ويوافق باطمئنان بأن من حقها التمتع ببعض الأمور التي تسعدها وتمثل قيمة لشخصيتها وقدرتها على التعايش والاستمرار، حتى وان رآها غير لازمة برأيه أو ليست ضرورية أو أن لا داعي لها، ولكن هذا يكون بالنسبة إليه بينما تمثل هذه الأمور عصبا مهما لديها. إن عليه ألا يعتقد بأنه مجبور على مجاراتها وأنه أصبح خانعا لرغباتها، فهذا ظلم لها وإساءة له.
ليس تمردا أو استهتارا أن يمنحها بعضا من الحرية الشخصية ما دام ذلك تحت إطار حصافتها و حرصها ووعيها.
أما إذا كانت المرأة لا تؤتمن أو إذا كانت لا تحسن التصرف أو إذا كانت غير جديرة بالثقة أو سهلة المنال وغرة التفكير وساذجة العقل، فبالطبع يحق لمن يخاف بالتردد والحرص.
ولكن ان كانت فطنة وواعية فعليه ألا يخشى عليها فهي أحرص على نفسها منه، وأقدر على حماية عرضها و كرامتها حتى ولو تهاون هو أو تراخى أو غفل.
إن انجح العلاقات عندما يشارك الرجل امرأته هواياتها بين فترة وأخرى ويجاملها ويشجعها، ويستمع لحكاياتها وينزل إلى مستوى تفكيرها ويدخل بذلك البهجة إلى قلبها.
المرأة تحتاج إلى الزوج الإنسان المشارك المتفهم، ذي القلب الكبير القادر على التسامح و التفهم و الحنان، وفي النهاية الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فأتيحوا لأبنائكم الرؤية الشرعية المناسبة ليتزوجوا عن رغبة وانسجام، فهذه رحلة عمر ومسؤولية أطفال وليست لعبة يانصيب "يا تنفع يا تخيب"، ومبروك لكل العرسان وبالرفاه والبنين
جريدة الراية
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=420812&version=1&template_id=168&parent_id=167
أنا اعتبر مقال الكاتبة مريم ال سعد عدة مواضيع أُدمجت في موضوع واحد..
اترك لكم اختيار أحد المواضيع المطروحة..ومن ثم مناقشتها..<<عجيب اللون..:)
بقلم الكاتبة : مريم آل سعد ..
من الأمور الخلافية التي نعيش تناقضاتها إلى وقتنا الحاضر الرؤية الشرعية للعروسين..!
أصبح من المألوف أن تعمل الفتاة ، تسوق سيارتها، تذهب للمجمعات وحدها او مع صديقاتها، تتناول القهوة أو إحدى الوجبات في كافيه أو مطعم، و لكنها ما زالت تواجه مشكلة إذا تقدم أحد لخطبتها، حيث يصبح من حقه وحقها رؤيته قبل الموافقة على الارتباط به.
تصبح الرؤية الشرعية للخاطبين كابوسا ليس بسبب حياء أي من الطرفين ولكن لأن بعض العائلات تستبعد هذا الإجراء خشية عدم التوافق بينهما، بينما لا يرتاح له الخاطبان أنفسهما لأنهما يخشيان من النتيجة وهي غير مستبعدة، مواجهة الرفض..!! وفي كل الأحوال فإنه ليس أمرا مستحبا ويترك تأثيرا سيئا لدى الطرفين.
من حق الفتيات وحتى الشباب التخوف من لحظة الرؤية الشرعية لغرباء قد لا يرتاحون إليهم، و لكن حتى لو أرادوا مسايرة الموقف، ماذا تكشف هذه الرؤية من أعماق الشخص و فهمه للحياة المشتركة..؟؟
بعض العائلات تعتقد أن من الذكاء الإصرار على كتب الكتاب كشرط لرؤية العريس لابنتهم، أيعقل ان يتزوج الإنسان ليرى خطيبته..؟؟
تمر هذه الخطوة على الكثير من الشباب أيضا و لكنها لا تصنع زواجا حميما ناجحا، ليس عند الرجل فقط بل و عند الفتاة أيضا، و تصبح العلاقة معادلة أساسها رغبة الطرفين في إدارة دفة حياة زوجية مشتركة كأمر لا بد منه، و على قدر اخلاصهما وتضحياتهما وصبرهما تمر الحياة بهما.
ولكن هناك نماذج بشرية لا تقبل الانصهار مع كائنات غريبة لمجرد التعايش والأنس، لذلك بعد عقد القران ورؤية الخطيبين بعضهما بعضا، وبالأخص بعد جلوسهما معا تتكشف أشياء، وتتضح أبعاد تؤكد تنافر الشخصيات و تناقضها و يتم بذلك الطلاق قبل الزواج أحيانا..!
وإذا جئنا للرؤية الشرعية نفسها نجد أنها تعتمد على الشكل الخارجي، فهل هو شرط أساسي للقبول..؟؟
و ماذا عن الشخصية..؟؟
هذا هو المحير فعلا..؟؟ لا يدل شكل الإنسان على مضمونه، ينابيعه الداخلية، غناه الروحي.
يتذكر بعضنا القصة التي تقول إن شابة أغرمت بشكل شخص ولكنه استعار روح صديقه ليخاطبها.
أي أن صديقه يكتب له الحوار والرسائل والتصرف. فكان عليها في النهاية عندما اكتشفت ان الشكل والمضمون يختلفان وهما شخصان منفصلان فأيهما تختار، وفي القصة اختارت الروح بغض النظر عن شكله، بعد أن وجدت أن الوسيم الرشيق فارغ وتافه وأجوف دون إحساس وفكر ورؤية.
ولأن مجتمعنا تحكمه محاذير وحدود كثيرة فإن الشاب لا يتزوج إلا من خلال بوابة عيون أهله، ما ترتاح لها أمه وتفضلها أخته، وبالطبع لا تغش الأم والأخت ابنهما ولكنهما يختاران من تناسبهما بمقاييسهما، التي لا تكون بالضرورة متناسبة مع ثقافته وتطلعاته وكيميائية تفكيره.
وبينما تبقى الفتاة حبيسة منزلها بانتظار قدوم الفارس الذي تجهله، فإنها بالتالي تكون متخوفة من خلفيته وأفكاره ومعتقداته هذا إذا جاء..!! فما دام عالمها يتقلص إلى حدود دائرة العمل الضيقة والأهل المقربين فإن فرصها تتناقص للوصول إلى عريس مناسب لها.
هناك تطور جديد لحق بشخصية الفتيات قبل الشباب، وهو نضج شخصياتهن واعتمادهن على أنفسهن واستقلالهن الاقتصادي قبل الزواج. الفتاة اليوم تكوّن نفسها، وتصنع قراراتها، وتشكل إرادتها، لذلك عندما ترتبط بإنسان لا تذوب بكيانه ولا تتبع خطواته ولا تمشي خلفه.
إنها تأتي من بيت أبيها إنسانة مكتملة، تسوق سيارتها، وتذهب إلى عملها، ولديها حسابها البنكي الخاص، وجدول أعمالها ومشاريعها وطموحها. فالزوج هنا يكون مكملاً لها، داعماً لها ومحترماً لفرديتها، وليس محتويا لعالمها، وهنا الصعوبة.
حيث يعتبر الشاب استقلال الفتاة المالي والشخصي بمثابة تحد لرجولته، فيرفض تبلورها وتنامي شخصيتها، ويخشى من نجاحها وتميزها. فما زال الشباب يفضل المرأة العاجزة المسكينة التي تضيع من دونه، والتي لا تدبر حالها، وتنهار بغيابه. قد يعجب بالمرأة القوية وينبهر بشخصيتها، ولكنه لا يفضلها كزوجة، ولا يشعر بالفخر أنها تسير لجواره بل يفضلها خلفه.
تعلمت المرأة ودرست في أرقى الجامعات و تقلدت أعلى الوظائف، ألا يمثل ذلك تغيرا في وضعها الأسري..؟؟ أم أن عليها خلع رداء الوظيفة وروح العمل وتقمص شخصية الضائعة التي لا تعرف التصرف، وتنتظر من يعيلها ويدبرها ويصرف أمورها..؟؟
رجل كان معيار الزوجة لديه مرابطتها بيتها واعتمادها الكلي عليه، ودارت الأيام واضطر للدراسة بالخارج، وآخر نفس الظروف أصابه حادث أقعده الفراش، بينما توفي آخر، أو قد يكون حاضرا ومعافى ولكنه مشغول بالعمل والاجتماعات والسفر، وفي طور تأسيس حياته وكلها ظروف تحتم على الزوج الغياب لأي سبب كان، ففي النهاية، ما مصير هذه الزوجة التحفة المصونة بالمنزل، هي وأطفالها..؟؟
التي لا تعرف التصرف، وترتبك إن كلمها رجل غريب، ولا تعرف تدبير الفواتير و تصليح المنزل وتزويده بلوازمه ومتطلباته ورعاية أطفالها صحيا وثقافيا..؟؟ من يكون دليلها وذراعها اليمنى، بالطبع رجل آخر، فهل يكون السائق، أم الحمو. أم الجار..؟؟
ما فائدة أن تكون الزوجة عاجزة وبريئة لا تعرف العالم الحقيقي إذا كان هذا سيضعفها أمام الآخرين، ويجعلها لقمة سائغة لمن يتفضل عليها ويساعدها، ويكشف وضعها و يتيح للغرباء الاطلاع على حياتها وظروفها..؟؟
على نفس المستوى يسير تفكير بعض الرجال الذين يعتبرون تبرج نسائهم وزينتهن وعصرنة ملابسهن بالشكل المعقول والمجاري لطبيعة المجتمع ومحيط علاقاتهن فسق وانحدار وسوقية، ويخشون من هذا الاتجاه كأنه سيجرفهن إلى ما لا يحمد عقباه.
هل معنى وعي المرأة ومسؤوليتها و تبلور شخصيتها واهتمامها بشكلها وهندامها اعتداء على أنوثتها وضعفها النسوي وتجردها من الحياء وتسلطها..؟؟
بهذا المفهوم هناك نساء لم يتعلمن أو يعملن خارج منازلهن، ولا يعرفن الكوافير أو ارتداء البنطلون تحت العباءة أو مساحيق التجميل، ولكنهن عنيفات شرسات متحكمات قاسيات ووقحات. المسألة ليست بالتعليم فهو يرتقي بالفكر والإحساس والعقل.
ولا بالعمل فهو يعلم المسؤولية والاعتماد على النفس والتنظيم وقيمة الصرف ومعناه، والمشاركة بتحمل تكاليف المنزل والأولاد ومساعدة الزوج. كما أن الاهتمام بالملبس بالشكل الطبيعي و ليس المبالغ به لحد التفاهة والابتذال، أليس معناه النظافة والأناقة..؟؟ ومن يكره الجمال ولا يبحث عن المرأة التي إذا نظر إليها سرته، وأراحت عينيه وأبهجت فؤاده..؟؟
إذاً ما الذي علينا أن نخاف منه..؟؟ إن المشكلة الحقيقية تكمن في التربية..!!
الفتاة التي تربت منذ طفولتها على مكارم الأخلاق والحياء، ستنقل ذلك الإحساس معها مهما سافرت واحتكت وعملت. انه مزروع داخلها، يتكيف مع خروجها وعلاقاتها وتعاملاتها ويغلفها ويبطنها ويحميها ويكسر كل ما من شأنه أن يمسها ويخدشها.
بعض الأزواج يفضل أن يكون عريس الغفلة، أن تأخذه زوجته على "قد عقله"، تظهر له ما يود أن يراه، فإذا كان ضد العمل المختلط، فهي تسايره، ومع ذلك فإن لديها زملاء ولكن ليس في العمل وإنما من خلال الشات في المنتديات خلف شاشة الكمبيوتر..!!
صحيح أنه ضد دخولها للنت ولكنها تدخل من وراء ظهره، وتأخذ راحتها وتطلق شخصيتها وربما شخصياتها المتعددة من خلال الأسماء المستعارة التي تتخفى وراءها، فنرى تلك التي لا تكلم رجلا غريبا تصول وتجول خلف الكيبورد، تتشاجر وتتعارف و تناقش وتورد آراءها وأفكارها بطلاقة و ثبات، نحن لا نحاكمها هنا، ولا نحكم عليها، ولكن نريد أن تكون العلاقات واضحة في بطلانها أو قبولها أو استهجانها.
هنا.. حتى هذه المظاهر المبطنة التي تحتفظ باستمرارية الزواج، وترضي الزوج ظاهريا، وتوفر حياة زوجية هانئة، تخفي وراءها سرا قد يغضب الزوج جدا لو علمه، فهل أذنبت الزوجة..؟؟ هل أساءت لزوجها..؟؟ هل ارتكبت وزرا عظيما، بينما في نظرها فإن تلك العلاقات لا تتعدى حدود الزمالة والأخوة بين أعضاء المنتديات التي تشارك بها..؟؟
هذا الزوج، هل يقلل من احترامه وهيبته أن يكون للمرأة وضعها الاجتماعي والفكري الذي يرضي تقديرها الذاتي، حتى ولو كانت ربة بيت فإنها تريد أن يكون لها رأي وسط محيطها وشخصية بين أقرانها.
هل يعلم الأزواج بأن لا الزوج ولا الأبناء ولا البيت ومسؤولياته أو العمل وواجباته بقادرين على أن يملأوا فراغا آخر يسمى تأكيد هوية المرأة النفسية و يتجلى بهواية، بدور اجتماعي، بعلاقات صحية مع صديقاتها..؟؟
من ينكر ذلك يقود زوجته إما إلى العصاب و إفراغ غضبها وتوترها بالشجار والعصبية أو بمعاقبته بالعناد والصمت والرفض أو بالكذب عليه، لا تكلمي هذه الصديقة، أوكي.. ثم من وراء ظهره تكلمها و تستقبلها في بيتها وتخرج معها أيضا..!!
لا ترتدي هذه الملابس.. سمعا وطاعة، وفي غيابه أو في بيت أهلها أو لدى خروجها تفعل ما تريد، وهكذا.. ببقية الأمور والنواهي والمحاذير..!!
بالطبع ليس مقبولا أن يوافق الرجل على مضض ما يخشى أن تقوم به امرأته وراء ظهره بل المطلوب أن يقتنع ويوافق باطمئنان بأن من حقها التمتع ببعض الأمور التي تسعدها وتمثل قيمة لشخصيتها وقدرتها على التعايش والاستمرار، حتى وان رآها غير لازمة برأيه أو ليست ضرورية أو أن لا داعي لها، ولكن هذا يكون بالنسبة إليه بينما تمثل هذه الأمور عصبا مهما لديها. إن عليه ألا يعتقد بأنه مجبور على مجاراتها وأنه أصبح خانعا لرغباتها، فهذا ظلم لها وإساءة له.
ليس تمردا أو استهتارا أن يمنحها بعضا من الحرية الشخصية ما دام ذلك تحت إطار حصافتها و حرصها ووعيها.
أما إذا كانت المرأة لا تؤتمن أو إذا كانت لا تحسن التصرف أو إذا كانت غير جديرة بالثقة أو سهلة المنال وغرة التفكير وساذجة العقل، فبالطبع يحق لمن يخاف بالتردد والحرص.
ولكن ان كانت فطنة وواعية فعليه ألا يخشى عليها فهي أحرص على نفسها منه، وأقدر على حماية عرضها و كرامتها حتى ولو تهاون هو أو تراخى أو غفل.
إن انجح العلاقات عندما يشارك الرجل امرأته هواياتها بين فترة وأخرى ويجاملها ويشجعها، ويستمع لحكاياتها وينزل إلى مستوى تفكيرها ويدخل بذلك البهجة إلى قلبها.
المرأة تحتاج إلى الزوج الإنسان المشارك المتفهم، ذي القلب الكبير القادر على التسامح و التفهم و الحنان، وفي النهاية الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فأتيحوا لأبنائكم الرؤية الشرعية المناسبة ليتزوجوا عن رغبة وانسجام، فهذه رحلة عمر ومسؤولية أطفال وليست لعبة يانصيب "يا تنفع يا تخيب"، ومبروك لكل العرسان وبالرفاه والبنين
جريدة الراية
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=420812&version=1&template_id=168&parent_id=167
أنا اعتبر مقال الكاتبة مريم ال سعد عدة مواضيع أُدمجت في موضوع واحد..
اترك لكم اختيار أحد المواضيع المطروحة..ومن ثم مناقشتها..<<عجيب اللون..:)