المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " المرفوضون " على معبر رفح



Bo R3D
19-02-2009, 02:51 PM
" المرفوضون " على معبر رفح
19/02/2009
أحمد منصور - الجزيرة توك - رفح المصرية

غير أن قصة وفد التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين والذي تكون في أوروبا بعد قيام إسرائيل بشن حربها على غزة و الذي يضم أكثر من 800 منظمة قانونية وإنسانية كانت من أغرب القصص ، فبعد توقيع السلطة الفلسطينية قبل أيام على اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة أصبح من حقها المطالبة بملاحقة مجرمي الحرب الأسرائيليين ، وبالفعل تحرك هؤلاء المحامون الغربيون برئاسة البروفيسور جيل دوفير أستاذ القانون الدولي فى جامعة ليون في فرنسا وأشهر المحامين الدوليين فى أوروبا ، وقد أعلن لويس أوكامبو المدعي العام فى المحكمة الجنائية الدولية فى بداية فبراير من العام 2009 عن استعداده لقبول الدعوى ضد مجرمي الحرب الأسرائيليين..
وهذا يعتبر انقلابا فى القانون الدولي حيث سيصبح مجرمي الحرب الأسرائيليين من السياسيين والعسكريين مطاردين فى دول العالم مثل غيرهم إن نجح هذا الأمر وتم تشكيل أربع لجان من المحامين لجمع الأدلة من أجل تقديمها للمحكمة وبالفعل وصل الوفد الأول المكون من محاميين نرويجيين وفرنسيين أحدهما نجل دوفير إلي القاهرة مع ترتيبات عليا حيث جاءا إلي معبر رفح فى اليوم الثاني لوجودي وتعرفت عليهما كما كنت أتعرف علي كل الوفود وأخبراني بطبيعة مهمتهم التى تعتبر خطيرة وحساسة ، فمهمة اللجنة الأولي التى تتكون منهم الأربعة هي توصيف أركان الجريمة وفق القانون الدولي وجمع الأدلة وقائمة الشهود ، ومن المقرر ألا تزيد مهمتهم عن عشرة أيام ، أما اللجنة الثانية فهي تتكون من أطباء شرعيين مهمتهم هي تشريح الجثث للقتلي الذين قضوا أثناء الحرب للتعرف علي أسباب الوفاة جراء الأسلحة المحرمة التى استخدمت ، واللجنة الثالثة لجنة عسكرية من معاهد عسكرية أوروبية عديدة مهمتهما تحديد نوعية الأسلحة التى استخدمت والأصابات التى نتجت عنها وتأثيرها المدمر علي عموم السكان ، أما اللجنة الرابعة فهي من علماء النفس والباحثين الأجتماعيين التى سترفع تقريرا عن الأضرار النفسية والأجتماعية التى لحقت بسكان غزة جراء الحرب الأسرائيلية ، وقد تم تشكيل اللجان الأربع غير أن اللجنة الأولي منعتها السلطات المصرية من الدخول لقطاع غزة للقيام بمهمتها ، وبقي أعضاء اللجنة الأربعة علي المعبر حتى أعلن عن إغلاقه بشكل نهائي في الخامس من فبراير حيث أن الأتصالات بينهم وبين سفاراتهم وحكومات بلادهم ومقر لجنتهم في باريس لم ينقطع ولديهم موافقات موقعة ومختومة من جهات كثيرة لكنها لا قيمة لها أمام الكلمة التى يعلنها ضابط المعبر " مرفوض " وبعد مرور ستة أ يام علي وجودهم علي المعبر حيث أكتب هذا الموضوع لازالوا عالقين حتى بعد مرور ثلاثة عشر يوما علي وجودهم علي المعبر وهم علي اتصال دائم معي حيث أن المهلة التى حددتها المحكمة الجنائية الدولية لهم لجمع الأدلة يمكن أن ننقضي ويفلت مجرمو الحرب الأسرائيليين من العقاب وقد سألني الدكتور لؤي ديب المتحدث الرسمي باسم الوفد وهو نرويجي الجنيسة قائلا : لمصلحة من عرقلة مهمتنا التى لو تمت لأصبح الأسرائيليون ملاحقين بشكل رسمي فى معظم دول أوروبا ؟ " " ما هي مصلحة الحكومة المصرية فى منع دخولنا لجمع أدلة جرائم حرب تدين الأسرائيليين ؟ " .

أما الحالات الإنسانية المؤلمة التي علي المعبر فهي أكبر من أن توصف غير أن أكثرها إيلاما لي كانت فى الخامس من فبراير وهو اليوم الذي أعلنت فيه السلطات أن المعبر سيغلق ولن يكون مفتوحا إلا أمام الحالات الإنسانية ، في هذا اليوم جاءت كثير من سيارات الإسعاف تحمل جرحي عائدين وكان هناك أيضا جثتين لفلسطينيين من أهل غزة غير أن المعبر ظل مغلقا حتى قاربت الشمس علي المغيب حتي أن بعض الناس فى المعبر أخذوا يتناقلون أن رائحة الجثث بدأت تفوح بعدما تركت أكثر من يوم كامل دون ثلاجات مع طريق طويل وقال لي أحدهم إن إحدى الجثث جاءت من دبي والأخري لفلسطيني استشهد فى أحد مستشفيات القاهرة متأثرا بجراحه وقد تأكدت من ذلك حينما سأل أحد الفلسطينيين العالقين مسئول البوابة متي سندخل واليوم أوشك علي الانتهاء قال له : حينما يدخل الأموات أولا ندخل الأحياء ، كما روي لي بعض المسعفين قصصا مؤلمة مما تقوم به سلطات المعبر جعلتني أطلب منهم أن يتوقفوا عن الاستمرار فى الحديث لشعوري بألم لا يحتمل أهذا يحدث في بلادي ؟ ومن من ؟ من المصريين أهل المروءة والشهامة والرجولة والشرف والتاريخ والحضارة وضد من ؟ ضد أهل غزة الذين هم امتداد لأهل مصر وعمقها الاستراتيجي والعرقي والتاريخي ؟ .


رأيت امرأة معها خمسة أطفال بينهم رضيع ردت من علي باب المعبر أكثر من مرة فى الوقت الذي كانت تسمح فيه السلطات للفلسطينيين العالقين بالعبور عائدين لغزة ، قلت لها : لماذا ردوك ؟ قالت أنا مصرية وزوجي فلسطيني هل تتخيل قالوا لي يمكن أن يعود أولادك إلي غزة بينما تبقين أنت هنا في مصر ؟ كيف يعقل هذا ؟ وهذا الرضيع من الذي يرعي شأنه ؟ هل أعاقب أني مصرية تزوجت بفلسطيني علما بأني أحمل الهوية الفلسطينية لكني فضلت أن يبقي جواز سفري مصريا كما هو ؟ وبعد نهار كامل قضته السيدة مفترشة أرض المعبر عادت إلي القاهرة مرة أخري بأولادها ؟ أم مصرية أخري جاءتني تقول لي : لقد رفضت طيلة خمسة وعشرين عاما من زواجي من فلسطيني أن أبدل جواز سفري المصري بآخر فلسطيني معتبرة أن جواز سفري المصري هو شيء أعتز به الآن أنا نادمة فمنذ خمسة أ شهر لم أر زوجي وأولادي فهم داخل غزة لا يستطيعون الخروج وأنا هنا فى مصر جئت لزيارة أهلي فلم أستطع العودة إليهم يقولون لي : جواز سفرك مصري غير مسموح لك بالعودة لغزة ؟
هناك عشرات القصص المؤلمة مثل هذه غير أن أكثر ما كان يؤلمني هو الأطفال الصغار ؟ الرضع والأكبر منهم بقليل نحن الكبار كنا نعاني فكيف بهؤلاء وبعد رحلة طويلة ربما من بلاد بعيدة كما شاهدت من جاء من استراليا ومن جنوب إفريقيا وحتى من أمريكا الجنوبية وأوروبا من فلسطينيين مجنسين بجنسية هذه الدول ويريدون بعد الحرب زيارة أهليهم لكن كثيرين منهم كانوا من المرفوضين علي المعبر كل منهم كان يأتيني ويروي قصته ويأمل أن يجد حلا أو أملا عندي أنا المرفوض مثلهم من دخول غزة ، ومن ثم فأنا أنادي الأعلاميين باعتماد مصطلح جديد يضاف إلي مصطلح العالقين وهو مصطلح " المرفوضين " .

أما وفد حماس الذي كان فى مباحثات رسمية مع كبار المسئولين المصريين والذي عاد إلي غزة فى الخامس من فبراير فقد عايشت ما حدث لهم داخل المعبر وروي لي بعض العابرين والعاملين فى المعبر كيف عومل وفد حماس داخل المعبر كما وصفت حماس فى بيان لها ما حدث لوفدها بأنه يعتبر " إهانة " لهم ، رغم أنهم ضيوف مصر ، وبينما غادر الوفد المعبر سيرا علي الأقدام لمسافة حتى بلوغ السيارات بقي أيمن طه عضو الوفد مع مبلغ تسعة ملايين دولار ومليوني يورو حيث جاءت سيارتين للأمن حملتاه مع المبلغ حتى يودعها فى بنك فى مدينة العريش بعدما رفضت السلطات المصرية دخول المبلغ معهم ، وقد سربت معلومات مفادها أن السلطات المصرية كانت علي علم تام بالمبلغ حيث أن قادة حماس أبلغوهم به كما يبلغوهم دائما بأية أموال معهم وهذا ليس سرا منذ أن شكلت حماس حكومتها بعد انتخابات مارس 2006 ، بل إن الحقائب التى كانت معهم حينما أبلغوا السلطات المصرية بالأموال كانت تبدو قديمة ومن ثم قام المسئولون المصريون باستبدالها لهم بحقائب أفضل منها غير أن السلطات التى وضعت لهم الأموال فى حقائب جديدة أهانتهم علي المعبر واحتجزوهم ثم احتجزوا الأموال وتعاملوا معهم بشكل مهين بعدما أذا عوا الخبر فى وسائل الأعلام وأبرزوا وفد حماس علي أنهم مجموعة من المهربين وهذا لا يليق بمصرولا مكانتها ولا بدورها علي الأطلاق .

من جانب آخر فإن السلطات لم تكن تسمح علي الأطلاق بدخول المواد الغذائية التى أرسل معظمها الشعب المصري لاسيما البسطاء من الناس الذين اقتسموا قوت يومهم مع إخوانهم فى غزة وقد قابلت كثيرا من البسطاء الذين جاؤوا من كل محافظات مصر وبقوا علي المعبر مع شاحناتهم أياما طويلة حيث ملأت أرض الأستاد الرياضي فى العريش ومعظم المخازن فى العريش والشيخ زويد بالمعونات الغذائية بينما رأيت عشرات الشاحنات تقف محملة فى الشوارع المحيطة باستاد العريش بينما أبلغني بعض السكان أن بعضها تعرض للسرقة ويباع بثمن بخس فى الأسواق وأعلنت لجنة الأغاثة بنقابة الأطباء في 12 فبراير أن السلطات المصرية استولت علي المساعدات التى أعدتها النقابة من أموال الشعب المصري لأرسالها إلي غزة ، وقد أعلنت السلطات أن هذه المعونات التى فسد بعضها من تركه فى العراء سوف تذهب عبر المعابر التى يسيطر عليها الأسرائيليون ولأن هوجة الأعلام حول المعبر قد انتهت منذ مدة طويلة ولا توجد أية تغطية إعلامية لمثل هذه الأمور فإن السلطات المصرية تراهن دائما علي أن الناس تمل وتنسي وهي فى النهاية سوف تفرض ما تريد علي الجميع ، لكن الأمر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة هو أن السلطات المصرية لا تسمح علي الأطلاق بمرور أية أجهزة طبية للأشعة أو التخدير وهي الأكثر احتياجا لمستشفيات غزة ، وقد أبلغني الذين جاؤوا بهذه الأجهزة أنهم لا يفهمون مبرر السلطات فى منع مرور هذه الأجهزة تحديدا وهي الأكثر أهمية فى العمليات الجراحية ، وقد أبلغني استشاري تخدير بريطاني كان عائدا من غزة مع ستة آخرين أن أجهزة التخدير فى مستشفيات غزة معظمها مهترئة حتى أن أطباء التخدير يخشون أثناء إجراء العملية من توقفها ومن ثم وفاة المصابين أثناء العمليات هذا في الوقت الذي تقوم فيه السلطات المصرية بمنع وصول هذه الأجهزة إلي مستشفيات غزة ؟

لا أستطيع أن أنكر هنا جهود بعض المخلصين الذين سعوا لدي السلطات للسماح لي للدخول إلي قطاع غزة غير أن أغرب هؤلاء كانت طبيبة أمريكية بذلت جهودا كبيرة من أجل أن يسمح لي بالدخول غير أنها أرسلت لي رسالة أن الذين سعت لديهم أبلغوها في النهاية أني فى " القائمة السوداء " ولن يسمح لي بدخول غزة علي الأطلاق ، ولا أدري أي " قائمة سوداء " ولدي من ؟

وبعد .. فرغم ألمي الشديد لمنع السلطات المصرية لي ولزميلي غسان بن جدو من الدخول إلي قطاع غزة عبر رفح طوال ما يقرب من أسبوع قضيناه علي المعبر إلا أن هذه الأيام كشفت لي كثيرا من الحقائق وأكدت كثيرا من الظنون وطرحت كثيرا من الأسئلة التى بحاجة إلي إجابات ، لاسيما هذه السياسات التى تمارس علي المعبر ، فما يحدث علي المعبر هو تاريخ يسجل الآن وليس مجرد أحداث عابرة والثمن الذي يدفعه الفلسطينيون باهظ لكن الثمن الذي تدفعه مصر من سمعتها وتاريخها وأمنها القومي ومسئوليتها التاريخية والسياسية والأنسانية أيضا لن يكون بسيطا فمصر الكبيرة يجب أن تبقي كبيرة فى كل شيء لا أن يقزمها صناع القرار بها بهذه الطريقة المؤلمة لكل مصري ولكل عربي بل ولكل إنسان فتنفلت الأمور من بين أيديهم لأن التاريخ لن يرحم أحدا من هؤلاء و سنن الكون غلابة لكنهم لا يعقلون .

هذا ماكتبه أحمد منصور في الجزيرة توك ....
فهل من جواب من السلطات المصريه يزيل الشبهات !!

بو شهاب
19-02-2009, 03:04 PM
منك لله يا مبارك .