المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احتمال فك ارتباط عملات الخليج بالدولار"صفر" بعد الأزمة العالمية



الوعب
21-02-2009, 03:49 PM
الاقتصادية 21/02/2009
اتسع نطاق الأزمة المالية العالمية وباتت أزمة اقتصادية على مستوى العالم لا تقتصر على دولة دون أخرى. ولا شك أن اقتصادات دول مجلس التعاون طالتها تداعيات واسعة من تلك الأزمة بدءا من الإيرادات التي تضررت من تراجع أسعار النفط مرورا بتأجيل بعض المشاريع التنموية لانسحاب الممولين من نضوب السيولة في البنوك الغربية تحديدا، وصولا إلى تسريح الشركات في بعض دول المجلس عددا من موظفيها مع توقف مشاريعها وتراجع أرباحها أو اقترابها من تكبد خسائر. "الاقتصادية" تنشر أسبوعيا اعتبارا من اليوم (كل يوم سبت) سلسة تقارير عن خسائر الاقتصاد الخليجي من هذه الأزمة، تتناول الاقتصاد الكلي، أسواق المال، قطاع العقارات والتوظيف.

ألقت الأزمة المالية العالمية بظلالها القاتمة وأعاصيرها المدمرة،على أوضاع النظام المالي العالمي، مخلفة ً وراءها حالة من الرعب والخوف في دول العالم قاطبة، وضاغطة بتداعياتها على النشاط الاقتصادي ومهددة الاستقرار الاجتماعي.

ولا يختلف وضع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كثيرًا عن باقي دول العالم فيما يتعلق بتأثير هذه الأزمة عليها خصوصـًا في ظل تراجع أسعار النفط وضعف الطلب عليه في السوق العالمي وهي السلعة التي تعتمد عليها دول المجلس بنسبة كبيرة تصل إلى نحو 85 في المائة من تمويل موازناتها العامة، مما ينعكس على حجم المصروفات الحكومية وتدني معدلات النمو الاقتصادي بسبب لجوء الحكومات الخليجية إلى تقليص النفقات العامة.


الإيرادات النفطية والإنفاق الحكومي

إن تأثير انخفاض أسعار النفط الخام هو الأكبر حدة من بين التداعيات الأخرى، وهو يمثل تحديا رئيسيا لتوقعات النمو في دول المجلس في الأجلين المتوسط والبعيد، بغض النظر عن التحديات التي تطرحها تقلبات الأسواق الحالية. ولكن إذا ظلت أسعار نفط برنت الخام فوق معدل 60 دولارا أمريكيا للبرميل، فإن اقتصاديات دول مجلس التعاون بإمكانها تحقيق فوائض مالية. وفي ظل الأسعار الحالية، ستتراجع عوائد النفط بنسب لا تقل عن 40 – 50 في المائة في عام 2009 مقارنة بعام 2008، مما سيؤدي إلى تراجع الفوائض في الحسابات المالية والحسابات الجارية.

وتوقع تقرير لبيت التمويل الخليجي انخفاض إيرادات دول الخليج المنتجة للنفط من صادرات النفط والغاز بنسبة 60 في المائة خلال عام 2009 لتصل 200 مليار دولار لانهيار أسعار النفط. وقال إن موازين المعاملات الجارية لدول الخليج التي حققت فوائض ضخمة عدة سنوات ستشهد توازنا تقريبا العام الجاري إذا سجل متوسط أسعار النفط العام الجاري مبلغ أربعين دولارا للبرميل.

وتوضح بعض التقارير الصادرة في هذا الخصوص إلى أن متوسط معدلات نمو الناتج المحلي الحقيقي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال الفترة 2005 – 2008 بلغت نحو 6.6 في المائة، وقد سجلت 6.8 في المائة عام 2005 لتتراجع إلى 6.1 في المائة عام 2006 ثم إلى 5.2 في المائة في العام الذي يليه، إلا أن بعض التقديرات تتوقع أن يرتفع النمو إلى مستوى 8.2 في المائة خلال عام 2008 بالرغم من حدوث الأزمة المالية العالمية، ويعود ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط معظم شهور العام الأخير والذي جاوز 140 دولار للبرميل الواحد، لذلك ومع انخفاض أسعار النفط لما دون 40 دولار مع اشتداد الأزمة المالية، فإن معدلات نمو الناتج المحلي الحقيقي في دول المجلس يتوقع له الانخفاض لمعدلات تتراوح ما بين 4 و5 في المائة عام 2009.

وإزاء هذه الأوضاع يطالب الخبراء الاقتصاديين دول المجلس بتبني موازنات عامة محفزة للاقتصاد كما فعلت الموازنة السعودية، حيث زادت موازنة عام 2009 بنسبة 17 في المائة عن عام 2008، كما لجأت الميزانية إلى استخدام فوائض الأعوام السابقة في سد العجز في الميزانية الذي يقدر بنحو 65 مليار ريال، وهو عجز بسيط مقارنة بحجم الميزانية. كما يلاحظ تركيز الميزانية على مشاريع الصحة والتعليم بشكل خاص مما يعطي حافزا قويا للقطاع الخاص لاستثمار مشاريع الإنفاق.


معدلات التضخم

وفيما يخص معدلات التضخم، فقد عانت دول مجلس التعاون الخليجي من ظاهرة التضخم شأنها في ذلك شأن العديد من دول العالم، فقد أخذت معدلات التضخم في دول التعاون مجتمعة ً في الارتفاع من 4.1 في المائة عام 2005 إلى 5.3 في المائة في العام الذي يليه ثم إلى 6.7 في المائة عام 2007 ليصل إلى 10.8 في المائة عام 2008 حسب تقديرات بعض المحللين الاقتصاديين، ويعود ذلك إلى عوامل وأسباب داخلية وخارجية ناجمة عن تسارع النمو الاقتصادي فيها وعدم قدرة الاقتصاد الوطني على استيعاب معدلات النمو المرتفعة، يعززها ارتفاع الأسعار في بلد المنشأ الذي تعتمد فيه دول التعاون الخليجي على استيراد لمعظم احتياجاتها من السلع والمنتجات الرأسمالية والاستهلاكية من الأسواق الخارجية، فضلا ًعن تراجع عملة الدولار الأمريكي الذي ترتبط به عملات دول مجلس التعاون الخليجي وضعفه أمام العملات الدولية كاليورو الأوروبي والجنيه الاسترليني والين الياباني، خصوصـًا في فترة ارتفاع أسعار النفط وقبل انخفاضها.

وبالإضافة إلى ذلك فقد تسبب ارتباط عملات دول المجلس بالدولار الأمريكي وضعف قيمته في خفض قيمة تحويلات العمالة الأجانب التي يرسلونها إلى موطنهم عندما يتم تحويلها إلى عملاتهم الوطنية، وهذا شجع العمال الأجانب على طلب زيادات أعلى للأجور، وهو أدى بدوره إلى تعزيز التوقّعات التضخمية بالإضافة إلى زيادة الطلب الكلي الاسمي. كما أن ضعف الدولار رفع من تكلفة الاستيراد.

وبعد نشوب الأزمة الراهنة وتراخي الطلب العالمي على السلع والمواد الغذائية، كذلك ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، والقضاء التدريجي على الاختناقات في جانب العرض (السكن والخدمات)، وتناقص السيولة المحلية، أبرز صندوق النقد الدولي تقديرات جديدة بتراجع معدلات التضخم إلى ما يتراوح ما بين 6 إلى 9 في المائة في دول المجلس خلال عام 2009، مع توقعه بتراجعها إلى 4 و5 في المائة عام 2010.


السيولة المحلية

وفيما يخص السيولة المحلية تشير تقديرات صندوق النقد الدولي، إلى أن نسب السيولة المحلية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مجتمعة، وقبل حدوث الأزمة المالية العالمية، حققت نموًا بنسبة 25 في المائة في المتوسط، وتحديدًا خلال النصف الأول من عام 2008، وتبلغ أعلى نسبة نمو للسيولة المحلية للعام المذكور، في قطر نسبة 35 في المائة تليها البحرين بنسبة 28 في المائة ثم الإمارات العربية المتحدة بنسبة 27 في المائة تأتي بعدها المملكة العربية السعودية بنسبة 22 في المائة ثم الكويت وعمان بنسبة 18 في المائة و17 في المائة على التوالي.

أما بعد الأزمة المالية، فقد بات التوسع في هذه السيولة المحيلة في دول المجلس موضع قلق بسبب عدة عوامل. العامل الأول هو كون مصدر ذلك التوسع هو الإنفاق الحكومي الذي على الأغلب إما أن يستقر عند مستويات عام 2008 أو يتراجع مما يحد من توسع السيولة المحلية عام 2009. والعامل الثاني هو توقع تراجع حجم التدفقات الاستثمارية الخارجية إلى دول المجلس، مما يعني أيضا تقلص حجم السيولة المحلية. والعامل الثالث هو تراجع الطب على الائتمان بسبب تراجع حجم المشاريع الاقتصادية أو إلغاء بعضها. والعامل الرابع هو قيام البنوك الخليجية على الأغلب باتباع سياسات متحفظة تجاه منح الائتمان للاحتفاظ بقدر أكبر من السيولة وللمحافظة على جودة الموجودات. وسيكون القطاع العقاري والمشاريع العقارية التطويرية المتأثر الأكبر بهذه السياسة.

ومع تصاعد احتمال تقلص السيولة، يدعو الخبراء دول مجلس التعاون للتعامل مع الموضوع من خلال ثلاث أدوات رئيسية الأولى هي خفض أسعار الفائدة، خاصة أن التوقعات تشير إلى قيام الاحتياطي الفيدرالي بإجراء خفض آخر بنحو 0.5 في المائة في سعر الفائدة خلال الأشهر القادمة. والأداة الثانية هي تخفيض الاحتياطيات القانونية للبنوك لدى البنوك المركزية، حيث قامت المملكة العربية السعودية بهذه الخطوة من خلال تخفيض الاحتياطيات القانونية للودائع الجارية من 13 في المائة إلى 10 في المائة. والأداة الثالثة هي إصدار تصريحات إعلامية (وليس توجيهات ملزمة) من شأنها المساعدة على توجيه الائتمان نحو القطاعات الاقتصادية ذات الألوية.


سياسات سعر الصرف

تظل السياسة النقدية في دول مجلس التعاون الخليجي مقيدة بسعر صرف ثابت مع الدولار، وهذا يدفع بأسعار الفائدة المحلية بتعقب نسب الفائدة المطبقة في الولايات المتحدة، بينما تنحصر عمليات المصارف المركزية بشكل كبير في تحسين وضع السيولة من خلال إصدار شهادات الودائع أو الأدوات الأخرى. ولا يبدو في الأفق توجه بارز لدول مجلس التعاون لتغيير سياسات الارتباط بالدولار باستثناء الكويت التي تحولت إلى ربط عملتها بسلة من العملات (دون الكشف عن أوزان هذه العملات الأمر الذي سمح بارتفاع الدينار الكويتي بنسبة 8 في المائة مقابل الدولار وخفف الضغوط على البنك المركزي الكويتي فيما يخص تخفيض سعر الفائدة)، إلا أن ذلك لا ينفي الحاجة لممارسة سياسات نقدية أكثر مرونة فيما يخص تقييم العملات المحلية مقابل الدولار، خاصة أن الركود الاقتصادي الأمريكي سيستمر – وفقا للعديد من التوقعات – حتى عام 2009.

ونظرا لهذه المعطيات، فإن مواصلة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خاصة بعد نشوب الأزمة المالية ودخول الاقتصاد الأمريكي مرحلة الركود الاقتصادي، إرخاء سياسته النقدية خلال عام 2008 و2009 سيزيد من الضغوط على البنوك المركزية الخليجية لاتخاذ خطوات مماثلة.

وحول تأثيرات الأزمة المالية في ربط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي، قال تقرير بيت التمويل الخليجي أن الأزمة المالية خفضت احتمال فك الارتباط بينهما إلى الصفر، حيث إن القيام بهذه الخطوة وسط التقلبات الحادة في الأسواق المالية العالمية، والركود الاقتصادي، وطبيعة السياسات الاقتصادية والنقدية المتعامل فيها مع هذه الأوضاع سيؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار العملات الخليجية في وقت تحتاج فيه دول المنطقة إلى استقرار عملاتها. كما أن الضغوط التضخمية التي كانت تشجع على فك الارتباط أخذه بالتراجع، خاصة مع الارتفاع النسبي والمتزايد في قيمة الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية.


الاستثمارات الخارجية

كما قال معهد التمويل الدولي في تقرير صدر حديثا إن حجم الاستثمارات العالمية ستنخفض بشكل كبير خلال عام 2009 ليبلغ 165.3 مليار دولار فقط بالمقارنة مع 465.8 مليار دولار عام 2008، أي بانخفاض نسبته 65 في المائة ما يعادل الثلثين، وبانخفاض نسبته 82 في المائة، بالمقارنة مع أعلى مستوى بلغته عام 2007 وهو 928.6 مليار دولار.

كما شدد التقرير على أن المعهد قام بمراجعة نماذج تدفقات الاستثمارات العالمية ليأخذ بالاعتبار التأثير المتزايد لدور التدفقات الاستثمارية الخليجية للخارج الذي تعاظم خلال الأعوام الماضية بسبب تزايد العوائد المالية الخليجية. ووفقا لهذا الإجراء، فإن المعهد يتوقع أن تنخفض الاستثمارات العالمية بصورة أكبر من 165.3 مليار دولار إلى نحو 109.6 مليار دولار فقط، أي بانخفاض قدره 55.7 مليار دولار.

وفيما يخص التدفقات الاستثمارية العالمية المصدرة من دول مجلس التعاون الخليجي توقع التقرير أن تنخفض بشكل حاد خلال عام 2009 وذلك نتيجة لانخفاض العوائد المالية لدول المجلس. وسينعكس هذا الانخفاض بصورة واضحة في تقلص الاستثمارات الخارجية للصناديق السيادية بسبب تحفظها للاستثمار في أسواق الدول الصناعية. في المقابل ستنخفض التدفقات الاستثمارية الواردة لهذه الدول وخاصة تلك القادمة من خلال النظام المصرفي.

وأوضح التقرير أن فائض الحساب الجاري لدول مجلس التعاون سينخفض من 315.7 مليار دولار عام 2008 إلى نحو 20.6 مليار دولار عام 2009، موضحا أن حجم التدفقات الاستثمارية الخليجية المصدرة ستنخفض من 307.6 مليار دولار عام 2008 إلى نحو 56 مليار دولار عام 2009. وستتخذ هذه الاستثمارات شكل الاستثمارات المباشرة علاوة على المحافظ الاستثمارية في الأسواق العالمية.

من جهة أخرى، أشار تقرير لبيت التمويل الخليجي إلى أن إحدى القنوات التي تأثرت بها اقتصاديات دول المجلس من تداعيات الأزمة هي توقف أو خروج رؤوس الأموال الخارجية من دول المنطقة، مما كان لها الأثر الكبير في تراجع السيولة لدى البنوك وبالتالي ارتفاع نسب الفائدة بين البنوك في أنحاء دول مجلس التعاون. وظهرت هذه الصورة بوضوح في الإمارات العربية المتحدة، حيث تضاعفت نسب الالتزامات الخارجية بالنسبة إلى إجمالي الالتزامات أربع مرات من 5.6 في المائة إلى 25 في المائة في الفترة بين مطلع عام 2007 وحتى آذار (مارس) 2008. وعلى سبيل المثال، فالبيانات تشير إلى خروج نحو سبعة مليارات دولار أمريكي، نحو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، من رؤوس الأموال من سوق دبي المالي والتي كانت تضارب على رفع قيمة الدرهم الإماراتي مقابل الدولار في الفترة من كانون الثاني (يناير) وحتى منتصف تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي 2008.

ahmed1111
28-03-2009, 02:38 PM
شكرااا