المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : داعياً إلى التمسك بتعاليم الإسلام وتذكر النعم.. المريخي: غفلة القلوب عقوبة فاحذروها



سيف قطر
28-02-2009, 07:04 AM
داعياً إلى التمسك بتعاليم الإسلام وتذكر النعم.. المريخي: غفلة القلوب عقوبة فاحذروها
| تاريخ النشر:يوم الجمعة ,27 فبراير 2009 11:06 ب.م .



الدوحة الشرق:
دعا فضيلة الشيخ محمد بن حسن المريخي إلى التمسك بتعاليم الإسلام وتذكر النعم وتنقية القلوب من الجشع والحسد والحقد وقال في خطبة الجمعة أمس: هذه وقفة مع أعز شيء في الإنسان مع مضغة في بدنك إذا صلحت صلح حالك كله وإن فسدت فسد حالك كله.
وقفة مع ما هو أولى بالمحاسبة والمتابعة والمعاهدة عن هذه المضغة يخبركم رسولكم صلى الله عليه وسلم فيقول: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» رواه البخاري ومسلم.
ويقول: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه» رواه أحمد.
ويقول الحسن البصري رحمه الله: داو قلبك، فإن حاجة الله إلى العباد صلاح قلوبهم، ولن تحب الله حتى تحب طاعته. أ.هـ.
إن من عرف قلبه عرف ربه، وكم من إنسان لا يدري عن قلبه ونفسه التي بين جنبيه.
يقول ابن مسعود: هلك من لم يكن له قلب يعرف المعروف وينكر المنكر. أ.هـ، وإن أمراض القلوب اليوم لا تكاد تحصر من كثرتها، فحب الدنيا وشهواتها وأغانيها ودندناتها، وعدم رعاية تعاليم الشريعة والإعراض عنها وحب جمع الأموال من كل سبيل وطريق دون مراعاة للحلال أو الحرام، والقلوب التي امتلأت حقدا وحسدا وأظلمت عداوة وبغضاء على الناس وحب الشر وتمني العثرات لهم وغير ذلك مما هو معلوم ومنتشر في دنيا المسلمين خاصة مجاراة الغرب وتقليده في كل صغيرة وكبيرة خاصة ما يتعلق بالشهوات المشروبة والمأكولة والملبوسة، كل هذا راجع إلى عثرة هذه القلوب وانتكاسها ويرجع سبب هذا الانتكاس عند مثل هذه القلوب إلى عدم تأصيلها وإقامتها منذ البداية والتنشئة على دين الله وتعاليمه السمحة، من ذكر لله ومحبة له ورسوله ودينه وتعلق بقرآنه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ووقوف على الحلال والحرام وتعظيم الدين والشريعة، لأن هذا القلب لا يطمئن إلا بالاتصال بالله تعالى وإلا فإنه ينقلب ويظلم وينتكس، فيرى الحق باطلا، والباطل حقا، والمعروف منكرا، والمنكر معروفا، يقول رسول الله: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت» رواه البخاري ومسلم.
وقال: «مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت»، رواه مسلم.
وقبل ان يقول النبي صلى الله عليه وسلم إن في الجسد مضغة.. قال: إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات... إلى ان قال عن المضغة، وهي القلب وبيَّن صلاح البدن كله بصلاح هذا القلب.
قال ابن حجر: إنه صلى الله عليه وسلم جمع بيان الحلال والحرام مع المضغة في حديث واحد.. يريد ان ينبه على تعظيم القلب والحث على صلاحه، ويشير صلى الله عليه وسلم إلى أن لطيب الكسب أثراً فيه.. يعني ان الكسب الحلال أو الحرام يؤثر مباشرة على قلب الإنسان فإما ان يصح ويسفر وإما ان يمرض ويظلم.. نسأل الله العافية.
والقلوب يا عباد الله على ثلاثة أنواع:
-قلب سليم صحيح يقظ منتبه، لا يفتر عن ذكر الله قد سلِمَ من كل شهوة تخالف أمره ونهيه، وهذا القلب الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله تعالى به كما قال الله عز وجل: (يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
-والنوع الثاني: قلب مريض فيه حياة وفيه مرض وعلةٌ، مرض حب الشهوات، شهوة المال والدنيا وبه حسد وكبر وحقد، وفيه حياة حب الدين والصلاة والخير، فهو بين قوتين تتنازعانه: حب الدين وشهوة الدنيا فإما أن ينتهي به الحال إلى حب الدنيا أو حب الدين فهو على خطر، ويخشى عليه إذا غلب حب الدنيا على حب الدين أن يتحول قلبه إلى قلب ميت.
-النوع الثالث: وهو القلب الميت وهو الذي لا يعرف ربه ولا يعبده وليس فيه شيء من حب الدين والشريعة إلا مجرد الزعم.
وهو قلب واقف على الشهوات واللذات، هي ربه تقوده حيث شاءت، لا يعصيها أبداً، ولكنه يتبع أوامرها حتى لو كان فيها سخط الله وغضبه.
فالهوى إمامه والشهوة قائده والجهل سائقه، والغفلة مركبه.
وأضاف المريخي: لابد من محاسبة تفض مغاليق الغفلة من القلوب، وتوقظ مشاعر الاقبال على الله عز وجل فمن لم يظفر بذلك فحياته والله همومٌ في هموم، وانكاد وغموم وآلام وحسرات.
إن في القلب افتقاراً وحاجة لا يسده إلا الاقبال على الله ومحبته والعمل بشريعته ومتابعة نبيه ومصطفاه، وإن معرفة القلب ومتابعته من أعظم مطلوبات الدين ومن أبرز علامات الصالحين.
وهذه المعرفة للقلب تتطلب اليقظة لخفقانه وحركاته ولفتاته والحذر من كل هاجس والاحتياط من المزالق والهواجس، والتعلق الدائم بالله عز وجل فهو مقلّب القلوب والأبصار.
يقول رسول الله: إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه حيث يشاء. ثم قال: اللهم مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك. رواه مسلم.
إذا كان الأمر كذلك فاعلموا أن صاحب القلب الحي في حفظ الله ورعايته وكنفه يغدو ويروح ويمسي ويصبح، وقد تحقق معنى العبودية لله عز وجل؛ فهو في خير وعافية، وإن كانت الدنيا حوله تغلي كغلي المرجل شهوات وغفلة، وهو رابح فائز هو كالسراج ينير الطريق له ولغيره من الناس فهو كالبركة من الله تعالى على المجتمع والناس والدنيا. بشره رسول الله فقال: يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير. رواه مسلم. من سلامتها ونقاوتها وخلوِّها من الذنوب والعيوب، يحرصون على النصح والإخلاص والمتابعة والإحسان همتهم في تصحيح العمل وإخلاصه أكبر من همتهم في كثرة العمل. أوقفهم القرآن فوقفوا، واستبانت لهم السنة فالتزموا. رجال مؤمنون ونساء مؤمنات بواطنهم كظواهرهم بل أجلى وسرائرهم كعلانيتهم بل أحلى، همهم عند الثريا بل أعلى.
هذه حياة أهل القلوب الحية، فأين حياة أهل القلوب المريضة والميتة، عرفوا الله فلم يؤدوا حقه، وقرأوا كتابه ولم يعملوا به، زعموا حب رسول الله وتركوا سنته، يريدون الجنة ولم يعملوا لها، ويخافون النار ولم يتقوها.
رُبَّ واحد من هؤلاء حُرم البصيرة، ونور القلب بسبب شهوات محرمات.
ماتت قلوبهم وقبرت في أبدانهم، قلوب خربة لا تؤلمها جراحات المعاصي، ولا يوجعها جهل الحق.
وختم قائلاً: أيها المسلمون: غفلة القلوب عقوبة فاحذروها، والمعصية بعد المعصية عقوبة، والغافل لا يحس بالعقوبات المتتالية، فمن عوفي فليحمد الله، ومن ابتلي فليلجأ إليه، فعسى أن يجد النجاة وإلا فلا نجاة إلا عند الله تعالى.