المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موازنة 2009: الحلول الممكنة



سيف قطر
04-03-2009, 06:06 AM
موازنة 2009: الحلول الممكنة
| تاريخ النشر:يوم الثلاثاء ,3 مارس 2009 11:17 ب.م .



بقلم الدكتور: لويس حبيقة :
هنالك خلاف حقيقي حول الموازنة له أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية. من المتوقع أن يبقى الخلاف السياسي تحت سقف الاتفاقيات الموقعة آخرها في الدوحة. لا بديل عن الحكومة الحالية حتى الانتخابات النيابية، إذ إنه مجهول ولا مقدرة لأحد على المخاطرة بالاستقرار العام. أما الخلاف الاقتصادي فهو الأساس، إذ لنتائج الحوار الجاري أبعاد اجتماعية ومالية يمكن أن تؤثر سلبا على معيشة اللبنانيين. بصراحة، الموازنة اللبنانية ليست صحية وطبيعية اذ يذهب حوالي ثلاثة أرباع الانفاق نحو خدمة الدين والأجور. لا يبقى شيء يذكر لتلبية الحاجات الاجتماعية التي ستتعثر حتما مع استمرار الأزمة المالية وعودة العديد من اللبنانيين قسرا للعمل في لبنان. فالموازنة غير طبيعية بعجزها المتفاقم الذي يسبب ارتفاعا في الدين العام، وبالتالي يثقل كاهل الأجيال المستقبلية التي ستسدد هذا الدين. فالسياسة المالية معطلة عبر هذه الموازنة، اذ لن تتمكن الحكومة مثلا من تحفيز الاقتصاد عبر تخفيضات ضرائبية أو انفاق اجتماعي سخي كما فعلت الدول الغربية والعديد من الدول الناشئة.
من أهم السياسات التي تحتاج اليها أي دولة في ظروف عصيبة كالتي يعيشها العالم اليوم هي السياسة المالية التي تبقى معطلة في لبنان بفضل الهيكلية غير المتوازنة للموازنة. من المحزن أن يبقى نقاش السياسيين حول الموازنة في إطار ما سيخصص لمجلسي الجنوب والمهجرين وغيرهما، ولا يدخل الى جوهر الموضوع أي الى العجز المالي المستمر والى مشكلة الدين العام كما الى تدني الانتاجية في ادارات الدولة وجميع مؤسساتها وانعكاسها السلبي على مستوى الخدمات المقدمة للمواطن. من المحزن ألا يشعر أي من أصحاب القرار السياسي بخطورة الاستمرار في العجز المالي والهدر اللذين يسببان تراكما في الديون سيعجز حتى أولادنا عن تسديدها. يجب أن نكون واقعيين وهو أن الدين العام في لبنان داخلي، أي مكتتب من أفراد ومؤسسات ومصارف محليين. لا يمكن إلغاؤه كما حصل في بعض الدول حيث كانت ديون من دول الى دولة، وبالتالي ألغيت بقرار ولأهداف سياسية. أي هدر أو انفاق غير مدروس يسبب زيادة في العجز سيشعر بها جيل المستقبل اذا لم تسدد اليوم. أما المحزن أيضا فهو غياب أي رؤية فيما يخص تصحيح العجز المالي وبداية تسديد الدين العام. كنا نتمنى أن يكون النقاش العام حول السياسة المالية المستقبلية وكيفية تصحيحها وليس حول كيفية نزف ما تبقى من مالية الدولة.
لمعالجة وضع المالية العامة في لبنان، هنالك حلول قصيرة ومتوسطة الأجل توقف النزف الحاصل وأخرى طويلة الأمد تبني الوطن. يجب البدء اليوم بتطبيق الحلول الطويلة الأمد لأن الترقيع المعتمد منذ سنوات لا يبني مؤسسات ولا ينشئ دولة. فذهنية "الدولة" ما زالت غائبة عن النقاش السياسي المحلي، وما المتداول الا "الزبائنية" السياسية حيث تساهم المؤسسات القائمة في تعزيز مجموعات ما على حساب أخرى وخاصة على حساب الوطن. كان من الممكن تحمل هذه المنهجية السلبية بأسف وألم وحزن في ظروف بحبوحة وازدهار وغنى، إلا أنه من غير الممكن القبول بها في أوقات التحدي والضيق والحشرة التي نعيشها اليوم. فما المطلوب؟
أولا: لماذا أنشئت المجالس والصناديق خلال الحرب اللبنانية أو تحديدا منذ سنة 1975؟ بسبب الحرب وقع شلل في ادارات الدولة ولم يعد بامكانها القيام بأي أعمال تنفيذية. أنشئت هذه المؤسسات لتقوم مقام الدولة في زمن الحرب. أما اليوم وقد عادت ادارات الدولة الى عملها ولعب دورها الطبيعي وان يكن بانتاجية يجب زيادتها، لابد من دمج هذه المؤسسات والمجالس والصناديق بوزارات الدولة دون احداث وزارات جديدة. فوزارات التخطيط والتصميم ولى زمانها اذ لم يعد بامكان أي حكومة في العالم في زمن العولمة التخطيط لاقتصادها أوالتصميم له. فالأقصى الذي يمكن أن تقوم به أي دولة هو وضع رؤية للمستقبل يتفق على تنفيذها بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى لا تتعثر. دمج كل هذه المؤسسات العامة في وزارات الدولة يتطلب الكثير من التقاش والتحليل ومن الأفضل تركه الى ما بعد الانتخابات النيابية. أما اذا أصرت القوى السياسية على انشاء وزارة جديدة تضم جميع المؤسسات لأن توزيع الموارد المادية والبشرية على الوزارات الموجودة صعب، فلابد أن نسميها "وزارة التنمية". لذا من المفضل اليوم اقرار موازنة لسنة 2009 تسمح باستمرار المؤسسات لسنة على أن يتفق على إزالتها بدءاً من 2010. من المضر العودة الى القاعدة الاثنى عشرية، اذ آن لنا أن نشعر أننا عدنا الى وضع طبيعي.
على المديين القصير والمتوسط لابد من معالجة مواضيع الدين العام والأجور والكهرباء وزيادة التنسيق بين الوزارات عبر مجلس واحد من 5 أعضاء مرتبط برئاسة الحكومة تماما كما هو حال "مجلس الخبراء الاقتصاديين" CEA المرتبط برئيس الولايات المتحدة. يكون الخيار الحقيقي بين انشاء وزارة جديدة، أو تأسيس هذا المجلس مع توزيع الموارد كما قلنا على الوزارات الحالية. نفضل المجلس لصغر حجمه ومرونته وارتباطه المباشر برئاسة الحكومة. دوره هو تنسيق السياسات الاقتصادية بحيث تنقل اليه العقود الموقعة مع المجالس والصناديق الملغاة. لمعالجة الدين العام، لا بد من الخصخصة خلال سنة ونقصد هنا خصخصة الاتصالات والكهرباء وبعض المؤسسات التابعة لمصرف لبنان كالكازينو وطيران الشرق الأوسط وغيرها. خصخصتها عبر البيع تساهم في تخفيض حجم الدين وبالتالي خدمته. من غير المقبول أن يهدر حوالي 10% من الانفاق على الكهرباء التي تعطي أرباحا في دول عديدة أخرى. مشكلة الكهرباء تقنية وادارية ومالية وهنالك تقصير كبير على كافة المستويات من ناحية المعالجة والتغيير. لا يقبل أحد اليوم بوضع الكهرباء بمن فيهم المسؤولون المباشرون عن المصلحة. أما الغريب فهو أن التحرك بطيء والصوت خفيف وهذا يدعو للدهشة والاستغراب. فيما يخص الأجور، يمكن الطلب من جميع موظفي الدولة الذين يعملون في القطاع الخاص أي يخالفون القوانين الادارية بالاستقالة مع اعطائهم التعويضات القانونية العادلة التي يستحقونها. يساهم هذا التدبير القانوني في تخفيض حجم الأجور في الموازنة من 34% الى حوالي 25% دون أن يتضرر أحد.
ثانيا: لا يمكن حل المشكلة المالية اللبنانية بشكل نهائي الا عبر تحفيز النمو الذي يخفف الفقر ويستوعب اليد العاملة ويرفع من مستوى المعيشة. نحن بحاجة الى سياسات ترفع مستوى الانتاجية والتنافسية كما الى سياسات ترفع مستوى التعليم بما فيه التقني والمهني. نحتاج الى سياسات اجتماعية تطمئن المواطن الى مستقبله فيعمل أكثر لمصلحة مؤسساته. نحتاج الى سياسات تفتح الأسواق الخارجية أمام الصادرات اللبنانية. في التنافسية لابد من أن ينجح القطاع الخاص في التجديد والتنويع والابتكار. من هنا ضرورة تطوير البنية التحتية كي تواكب تقدم القطاع الخاص وتساعده على تحقيق أفضل النتائج. نحتاج دوريا الى الاستثمار في الاتصالات والنقل وتخفيف الهدر في الطاقة. لا يمكن لنا الاستمرار على المدى البعيد الا عبر تطوير برامج التعليم خاصة في القطاع المهني حيث النقص كبير في الكفاءة. هنالك أعداد كبيرة من المعاهد التقنية، الا أن القليل منها يصل الى المستويات الدولية وهذا غير مقبول. هنالك ضرورة لرقابة مستويات التعليم المدرسية والجامعية، اذ اعتمدنا على الكمية أكثر من النوعية في العقود القليلة الماضية وهذا مضر لوطن صغير كلبنان. تحسين مستويات التعليم يرفع من قدرة العمالة ويساهم في رفع انتاجية الشركات والمؤسسات العامة. من السياسات الاجتماعية المساعدة هي الصحية حيث لا يشعر الانسان بالخوف من المرض ويقلق من غياب التأمين. لا بد من اعطاء تعويضات للعاطلين عن العمل ومساعدتهم على ايجاد فرص تناسبهم. هنالك نماذج كبرى ناجحة مطبقة في الدول الناشئة يمكن اقتباسها. باختصار يجب تغيير هيكلية الموازنة مع الوقت كي تعود السياسة المالية لتلعب دورها الطبيعي في كل الظروف.

داااايم السيف
04-03-2009, 06:27 PM
الله يعطيك العافية ومشكور على النقل

السندان
04-03-2009, 08:24 PM
يعطيك العافيه على النقل