المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آليات إدارة الأزمة المالية في الكويت عامل مؤثر في القدرة على تجاوزها



مغروور قطر
07-03-2009, 01:27 AM
الوطن تقدم قراءة ثانية لندوته التي عقدت على هامش المؤتمر السنوي للمجلس الاستشاري العالمي لـ «الوطني»
محمد العريان: التعرف على أفضل آليات إدارة الأزمة المالية في الكويت عامل مؤثر في القدرة على تجاوزها



محمد العريان





كتب محمود عبدالرزاق: خطوة بنك الكويت الوطني تأسيس مجلسه الاستشاري العالمي الذي يضم نخبة من ألمع وأقدر الخبراء العالميين في مختلف المجالات الاقتصادية والمالية والسياسية لم تأت من فراغ، وانما كانت تقف وراءها اهداف بعيدة المدى تتجلى عندما يلتئم شمل المجلس كل عام في احدى المدن او العواصم العالمية لتدارس الاوضاع الاقتصادية والمالية في العالم وتداعياتها وآثارها في دول الخليج وعلى الكويت، ومن ثم الوقوف على احدث التصورات والتحليلات والتوقعات التي يجمع عليها الاعضاء.

ولما كان بنك الكويت الوطني كعادته في كل عام يعقد في اعقاب المؤتمر السنوي للمجلس الاستشاري العالمي لبنك الكويت الوطني ندوة يستضيف فيها احد اعضاء المجلس ويدعو اليها كبار عملاء البنك والخبراء الماليين والاقتصاديين، وحيث ان مؤتمر هذا العام قد عقد في الرياض بدعوة من الامير تركي الفيصل، وهو عضو في المجلس الاستشاري العالمي، فقد وقع الاختيار على استضافة الدكتور محمد العريان، رئيس شركة بيمكو، احدى كبريات شركات الاستثمار في كاليفورنيا، والتي تدير حاليا محافظ تقدر قيمتها بنحو 750 مليار دولار، لالقاء محاضرة على هامش المؤتمر نظمها البنك في الصندوق الكويتي للانماء الاقتصادي والاجتماعي في الاول من مارس الجاري، ونظرا لأهمية المحاضرة تقدم «الوطن» قراءة ثانية للمحاضرة برؤية أوسع.

وفي هذه المحاضرة كان واضحاً اتكاء العريان على انه ناقش مع عدد من زملائه اعضاء المجلس الاستشاري العالمي لمدة يومين الاوضاع الاقتصادية في العالم وانعكاساتها على دول مجلس التعاون الخليجي، وما يمكن أن تحدثه من تأثير في بنك الكويت الوطني، واشار الى ان الازمة بدأت في الولايات المتحدة وطالت ثلاثة قطاعات بدأت في مرحلتها الاولى بعمليات بيع العقارات التي سميت Subprime عندما بدأ الناس يشترون المنازل التي لا يستطيعون سداد ثمنها وكان ذلك في عام 2006 حيث اصبحت الازمة محل اهتمام صانعي السياسة، ثم انتقلت عدوى هذا القطاع الى القطاع المالي لانه تحمل اعباء الديون التي خلقتها ازمة شراء المساكن بسبب عجز اصحابها عن سداد الاقساط، وفي صيف عام 2006 بدأت أزمة القطاع المالي.



النظام المالي والوقود



وشبه الدكتور محمد العريان النظام المالي في الولايات المتحدة بالوقود في خزان السيارة قائلا اننا في الظروف الاعتيادية نفترض ان الوقود يظل يعمل على طبيعته ولكن لو تصورنا انه توقف عن العمل او الاشتعال كالمعتاد في وسط الطريق، فماذا سيحدث، من المؤكد ان ذلك سيتسبب في وقوع العديد من الحوادث. وهكذا فلن يمضي وقت طويل قبل ان تتوقف قطاعات اخرى عن العمل، وعلى رأسها قطاع الاستهلاك.

وقال العريان انه في صيف عام 2008 تهاوت على حين غرة قطاعات الاسكان والمصارف وقطاع الاستهلاك من خلال تقلص نشاطاتها الى حد كبير في وقت واحد واصبحت هذه القطاعات مترابطة في الازمة.

وقال ان الثقة اساس البنيان الذي يقوم عليه النظام المالي، لقد كان ليمان براذرز مصرفا استثماريا من المحتمل او من الضروري ان يؤول الى الافلاس، ولكن السؤال ليس حول وجوب افلاسه، ولكن حول الكيفية التي يؤول فيها الى الافلاس. ولو لم تهبط هذه الثقة الى الحضيض لامكن انقاذ بنك ليمان براذرز من الانهيار في 15 سبتمبر، وهو اليوم الذي سيتذكره العالم المالي الى الابد، لانه فتح الابواب امام الازمة لتخرج عن طابعها الامريكي وتصبح عالمية في مجراها وتأثيرها وتضرب شتى دول العالم.



الثقة والتبادل



وقال العريان انه كلما ضعفت الثقة بين الناس تباطأت سرعة تداول وانتقال الاموال بين اوجه النشاطات المختلفة، وان الثقة تمكن من اتمام العمليات المالية بمرونة، ومن هنا نجد حرص الناس على حماية هذا العنصر ضمن النظام المالي الذي يمثل وسائل الدفع والتسويات المالية.وقد وجد في الاونة الاخيرة نظام مصرفي، ونظام الظل المصرفي، الذي استحدث منتجات ذات مسميات براقة سرعان ما انتشرت في الاسواق انتشار النار في الهشيم، وقد أسميتها في احدى مقالاتي التي انشرها في صحيفة فاينانشال تايمز بمصانع السيولة.

ولما كانت الاسواق متخمة بالانتاج المفرط والثقة مهزوزة، فان الجميع ابدى خوفه وتراجع عن الشراء ترقبا لما سيحدث في المستقبل، وهكذا اصبحت الازمة الامريكية أزمة عالمية.



نتائج دراماتيكية



وقد ادى ذلك الى نتائج دراماتيكية انهار معها هذا النظام وادى الى نمو سلبي في الناتج المحلي الاجمالي الامريكي بلغت نسبته %6.2 وهو اسوأ اداء له في غضون 28 عاما. وكذلك انهارت الصادرات اليابانية لتتراجع بنسبة %46، وهبط الانتاج الصناعي الالماني بنسبة %15، وهناك دول عديدة اخرى شهدت انكماشا في اقتصاداتها.

وتحدث الدكتور العريان عن بعض الامور التي رآها حتمية الحدوث منها انهيار النمو في مختلف الاقتصادات العالمية، وان صانعي السياسات سيشعرون بضرورة المبادرة الى حل الازمة، وذلك لان السياسة تعتبر محاولة لاعادة الثقة والتفاؤل الى الاسواق، وذلك لان صانعيها هم وحدهم القادرون على انقاذ القطاعات الاربعة الاخرى من محنتها. ويدلل على ذلك ما سمعناه من برامج الانقاذ التي بادرت الحكومات المختلفة الى اعلانها بمليارات الدولارات، ويتداعى السياسيون لانقاذ الاقتصاد في امريكا وتخفض اسعار الفائدة الى الصفر وتعلن خطط التقشف مع برنامج انقاذ هائل، ومع ذلك فان الاقتصاد الامريكي سيعاني من عجز بنسبة %13 من الناتج المحلي الاجمالي، وهو ايضا غير كاف لمواجهة الموقف.



خيبة الآمال



وقال انه على الرغم من الجهود الهائلة التي بذلها صناع السياسات الا ان ما تم انجازه حتى الآن مخيب للآمال، اننا نرثي لحالهم بسبب صعوبة الموقف الذي وجدوا انفسهم فيه وذلك اولا لافتقارهم الى المعلومات الكاملة، وثانيا لان الوسائل المستخدمة في الانقاذ غير فعالة، ووقوف المصالح السياسية وراءها، واخيرا الاحساس الذي يسود في اوساط المجتمع بانه يجري تخصيص المنافع على فئة قليلة، في حين يتم تعميم الخسائر لتطال كافة افراد الشعب وان الشعب لن يرضى بذلك، ومن هنا ينبع التردد.



عام النمو السلبي



وابدى العريان تشاؤمه حيال اداء الاقتصادات المتقدمة والصناعية في عام 2009 واصفا اياه بعام النمو السلبي المخيب للآمال بالنسبة لهذه الاقتصادات وللاقتصاد العالمي على حد سواء، وذلك على الرغم من النمو الذي ستحققه الاقتصادات الناشئة التي قال انها ستتعافى بسرعة اكبر من هذه الازمة وستخرج منها اقوى من الدول المتقدمة، وتبرير ذلك انها اخذت دورها من الازمات الاقتصادية في وقت مبكر، حيث تعرضت آسيا للازمة في عامي 1987 و1988، وروسيا في عام 1998، وامريكا اللاتينية في عام 2001 و2002، ولذلك فقد طهرت هذه الاقتصادات انظمتها من المشاكل التي تفجرت فيما بعد في الاقتصادات المتقدمة، وكانت اقدر على امتصاص الازمة مع استثناء دول وسط وشرق اوروبا.ويتجلى ذلك في الصدمة التي اصابت مختلف دول العالم في 15 سبتمبر الماضي عندما اعلن انهيار بنك ليمان براذرز، وكانت هذه الدول في وضع افضل من غيرها.

ونوه العريان في محاضرته الى ثلاثة امور:


اننا سنشهد مزيدا من الدور الحكومي في كل من امريكا وبريطانيا في الاقتصاد كمراقب وضابط للمؤسسات وكصانع السعر في السوق ايضا، ومن خلال هذه السيطرة سنرى نقلة بنيوية وتحولا جوهريا في دور الحكومة في الدولتين.


ان البنوك التي كانت تمثل اهم فئات الاصول وأعلاها تكلفة في بورصة وول ستريت مثل بنك سيتي جروب على سبيل المثال، اصبحت في الحضيض وانهارت ميزانياتها العمومية، وذلك ببساطة لان المجتمع يرفض تخصيص المكاسب وتعميم الخسائر. وستصبح هذه البنوك في المستقبل بمثابة المرافق العامة وسيكون ذلك بمثابة اعتراف بانتقال البنوك الامريكية والبريطانية الى سوق الخدمات والمرافق، وهو ما يعني تقلص القروض والتسهيلات المصرفية المقدمة للمجتمع، الامر الذي سيحد بدوره من النمو الاقتصادي، واعتقد ان ذلك سيكون احد ملامح العالم الجديد الذي نعيش فيه.


الخسائر الكبيرة في مستحقات التقاعد، فلو احتسبنا مستحقات أي شخص في نهاية عام 2008 لوجدنا انها قد خسرت %40 من مدخراتها.


ان عدد الذين فقدوا وظائفهم في الاشهر الثلاثة الماضية يزيد على عددهم في الاشهر التسعة التي سبقتها، وهذه ليست الا البداية. وهناك شعور بالخوف والترقب في اوساط الناس حول اموالهم وثرواتهم.



انتعاش الأسواق



اما عن الانتعاش في الاسواق فقال انه سيأتي، ولكن أحدا لا يعلم موعده بسبب غياب اليقين، ولو قال احدهم ان الازمة ستبلغ القاع في وقت ما، فان ذلك يدلل ببساطة على انه لا يدرك كنه الازمات التي يواجهها النظام المالي العالمي.

ولكن العريان تحدث عن الدلائل التي يمكن ملاحظتها حتى الآن في هذا الاتجاه فقال ان اول الدلائل التي تجب ملاحظتها للتدليل على الاستقرار الاقتصادي والتي تم تحقيقها ولكن الناس لم يتنبهوا لها جيدا، هو استعادة نظام الدفعات والتسويات الذي عاد الى العمل حيث عادت الروح الى سوق التمويل قصير الاجل من جديد، واخذت الثقة تعود ببطء في البنوك والعمليات المتبادلة فيما بينها، كما عاد سوق الاوراق التجارية الى نشاطه مجددا. اما الخطوة التالية فهي التي تتطلب الاستقرار في قطاع الاسكان والتمويل والاستهلاك. وقد شهدنا برامج عديدة في الولايات المتحدة ودول كثيرة اخرى لتحفيز الاقتصاد واستقراره. ومن ثم علينا ان نبدأ عملية اعادة تأهيل طويل الاجل لمختلف القطاعات.



غربلة الأنظمة



وعن رأيه فيما يقال من ان النظام الرأسمالي قد اصبح باليا وعفا عليه الزمن، قال العريان ان كل نظام يحتاج في مرحلة ما الى عملية تطهير وتنظيف تخلصه من الشوائب، والآن ثمة مفهومان يجب ان يخضعا لعملية «غربلة» هما العولمة ونظام السوق، وسيكون من المأساة ان نتخلى عن ذلك لأنهما يعتبران مصدرين هائلين لصناعة الثروة.ولا اعتقد ان هذه هي نهاية نظام السوق، ولكنها فرصة لاصلاح هذا النظام وتنظيفه، وسيكون عندئذ قادرا على خلق الثروة بالنسبة للكثيرين حول العالم، ولا سيما واننا خرجنا للتو من مرحلة شهدت الكثير من الممارسات الخاطئة. ومن هنا فلو تناولنا هذه المسائل مجتمعة لكان ذلك كافيا لتفسير كون دول مجلس التعاون الخليجي في اوضاع افضل من غيرها من المناطق الاخرى في العالم. وفي الحقيقة فان العبء يقع على كل فرد في كونه قادرا على وضع استراتيجيته لخوض الازمة وتجاوز آثارها.

وقال العريان ان الكويت ودول مجلس التعاون الاخرى تملك مؤسسات مالية قوية ورصينة، وان بنك الكويت الوطني باعتباره احد هذه المؤسسات الكبرى، يستطيع ان يساهم في معرفة الكيفية المناسبة لابحار المؤسسات في خضم الازمة والوصول الى بر الامان.

واضاف ان النقد من العوامل المهمة كما ان الحجم مهم ايضا بالنسبة للمؤسسات في السوق المحلية كما ان التعرف على افضل السيناريوهات لادارة الازمة وتحجيم آثارها يعتبر عاملا مؤثرا في القدرة على تجاوزها في الكويت.


تاريخ النشر 07/03/2009

ولد المرقاب
08-03-2009, 11:05 AM
الله يعطيك العافيه