GULFSUN
17-03-2009, 01:57 PM
عناصر الأزمة السودانية مختلفة في آليات تنفيذها عن الأزمة العراقية السابقة
لعله واحد من أكبر المآزق في تاريخ العلاقات الدولية ! بل إن التعامل مع ملف طلب تسليم الرئيس السوداني عمر البشير لمحكمة الجنايات الدولية تنفيذا لبيان و إعلان إلقاء القبض عليه بتهم متعددة, أهمها تهمة الإبادة الجماعية ستشكل واحدة من أهم التحديات المحرجة التي تواجه السياسة القطرية الخارجية المعروفة بإلتزامها الصارم بالمعايير الدولية, والمنفتحة بشكل واضح على العالم الحر والساعية دائما الى تفكيك الأزمات وتحريك الملفات من خلال الشرعية الدولية ووفق عقلية ورؤية واقعية , والقضية المطروحة أمام الديبلوماسية القطرية التي يقودها الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء, ووزير الخارجية هي من طراز القضايا المفرطة في حساسيتها والتي تشكل أكبر تحد إقليمي ذات ابعاد دولية منذ حرب إسقاط نظام صدام حسين في العراق عام 2003 , فالدور القطري المهم السابق في محاولة منع إندلاع حرب " الحواسم" أو" حرية العراق"! رغم حيويته لم يستطع إقناع الرئيس العراقي السابق بترك السلطة وتجنيب نفسه وبلده التداعيات المستقبلية, والتي أدت الى احتلال العراق وكان وزير الخارجية القطري واحدا من آخر القيادات الدولية التي حاولت إقناع صدام حسين بالمصير الأسود ولكن من دون جدوى ! ثم حصل ما حصل وجرت مياه ودماء وأشلاء كثيرة تحت كل الجسور العراقية والعربية , واليوم يتكرر المشهد والسيناريو القاتم بكل تفاصيله في السودان, رغم إختلاف المعطيات والحيثيات, إلا أن النتيجة واحدة , فما هو مطلوب ومعلن هوسعي محكمة الجنايات الدولية, التي تشكلت بقرار من معاهدة روما الدولية لمحاكمة زعماء الدول الذين توجه ضدهم إتهامات بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية, والغريب والعجيب, أن الأقدار قد وضعت دولة قطر دون غيرها أمام إستحقاقات تلك المحكمة التي لم توقع قطر أصلا على بروتوكول إنشائها! وحيث أضحت قطر اليوم أمام مسؤولية كبرى متعلقة بدور مهم في إعتقال وتسليم الرئيس السوداني لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي الهولندية إن هو لبى الدعوة القطرية لحضور مؤتمر القمة العربي القادم أواخر شهر مارس الحالي! صحيح أن قطر ليست من الدول الموقعة على إتفاق روما الذي أنشأت بموجبه تلك المحكمة, ولكنها من أعضاء الأمم المتحدة , وتعرف تماما ما هو مطلوب منها! كما أن علاقتها مع العالم الحر هي واحدة من أفضل مميزات ديبلوماسيتها النشيطة , إضافة للإلتزام القطري المعروف بإحترام مقررات الشرعية الدولية والملف البراغماتي الصارم للديبلوماسية القطرية , ولكن في المقابل فإن إعتقال, فضلا عن تسليم, رئيس ضيف وشقيق للمحكمة الجنائية الدولية, هوأمر خارج حدود التصور وسابقة غير واردة في تاريخ العلاقات الدولية فضلا عن تعارض ذلك الفعل بالكامل مع طبيعة العلاقات العربية! أوالقيم المتوارثة , وأعتقد إن الخروج من المأزق الخطر لا يكون إلا بسحب دعوة الحضور المقدمة للرئيس السوداني لتجنب ذلك الفخ الديبلوماسي الخطير , صحيح أن القانون الدولي بحذافيره قد لا يلزم قطر تنفيذ مذكرة إلقاء القبض, ولكن عدم التنفيذ سيخلق إشكاليات باتت اليوم تؤرق صانع القرار القطري في ظل تشابك الملفات الإقليمية وصراع الاولويات وتزاحمها, وهوما يجعل الديبلوماسية القطرية في وضع لا تحسد عليه بالمرة , فعناصر الأزمة السودانية مختلفة في آليات تنفيذها عن عناصر الازمة العراقية السابقة , فالنظام العراقي السابق كان مشتبكا في أزمة صراع طويلة مع المجتمع الدولي, وتدخلت السياسة القطرية وقتها لمحاولة تخفيف حدة المواجهة القائمة, ولكن في الحالة السودانية الوضع مختلف بالمرة فهناك مطالب قانونية دولية غير مسبوقة بإعتقال رئيس لدولة عربية, وهوأمر لم يحصل مع نظام صدام حسين ذاته الذي لوكان راغبا بالرحيل واللجوء لأي مكان لأنتهى الامر برمته, ولكن في حالة الرئيس السوداني لا بديل عن التنفيذ والإعتقال ثم التحقيق, وهوأمر لا يتصور حدوثه ببساطة ولا يتمنى القطريون أصلا أن تتم تلك السابقة الدولية من خلالهم! فلديهم من ملفات صداع الرأس ما يكفيهم ويزيد. فكيف سيتصرف مهندس السياسة القطرية الخارجية بهذا الملف الكارثي الشائك ? ذلك هوالتساؤل الأكبر فهل ستفعلها " قطر" وتعتقل الرئيس السوداني وتسلمه مخفورا للعدالة الدولية لتقول كلمتها في الموضوع وتسجل بذلك سابقة لا مثيل لها في العلاقات الدولية ? أم أن لمسات سحر الديبلوماسية القطرية ستفرض حلا تاريخيا ومختلفا ? لا ننفي ولا نؤكد سوى على حقيقة المبدأ الشهير.. كل الخيارات متاحة.. ولكن ترقبوا المفاجأة القطرية!
داود البصري كاتب كويتي
http://www.al-seyassah.com/editor_details.asp?aid=4706&aname=داود%20البصري
ادعو الله يستر علينا من الجاي
لعله واحد من أكبر المآزق في تاريخ العلاقات الدولية ! بل إن التعامل مع ملف طلب تسليم الرئيس السوداني عمر البشير لمحكمة الجنايات الدولية تنفيذا لبيان و إعلان إلقاء القبض عليه بتهم متعددة, أهمها تهمة الإبادة الجماعية ستشكل واحدة من أهم التحديات المحرجة التي تواجه السياسة القطرية الخارجية المعروفة بإلتزامها الصارم بالمعايير الدولية, والمنفتحة بشكل واضح على العالم الحر والساعية دائما الى تفكيك الأزمات وتحريك الملفات من خلال الشرعية الدولية ووفق عقلية ورؤية واقعية , والقضية المطروحة أمام الديبلوماسية القطرية التي يقودها الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء, ووزير الخارجية هي من طراز القضايا المفرطة في حساسيتها والتي تشكل أكبر تحد إقليمي ذات ابعاد دولية منذ حرب إسقاط نظام صدام حسين في العراق عام 2003 , فالدور القطري المهم السابق في محاولة منع إندلاع حرب " الحواسم" أو" حرية العراق"! رغم حيويته لم يستطع إقناع الرئيس العراقي السابق بترك السلطة وتجنيب نفسه وبلده التداعيات المستقبلية, والتي أدت الى احتلال العراق وكان وزير الخارجية القطري واحدا من آخر القيادات الدولية التي حاولت إقناع صدام حسين بالمصير الأسود ولكن من دون جدوى ! ثم حصل ما حصل وجرت مياه ودماء وأشلاء كثيرة تحت كل الجسور العراقية والعربية , واليوم يتكرر المشهد والسيناريو القاتم بكل تفاصيله في السودان, رغم إختلاف المعطيات والحيثيات, إلا أن النتيجة واحدة , فما هو مطلوب ومعلن هوسعي محكمة الجنايات الدولية, التي تشكلت بقرار من معاهدة روما الدولية لمحاكمة زعماء الدول الذين توجه ضدهم إتهامات بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية, والغريب والعجيب, أن الأقدار قد وضعت دولة قطر دون غيرها أمام إستحقاقات تلك المحكمة التي لم توقع قطر أصلا على بروتوكول إنشائها! وحيث أضحت قطر اليوم أمام مسؤولية كبرى متعلقة بدور مهم في إعتقال وتسليم الرئيس السوداني لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي الهولندية إن هو لبى الدعوة القطرية لحضور مؤتمر القمة العربي القادم أواخر شهر مارس الحالي! صحيح أن قطر ليست من الدول الموقعة على إتفاق روما الذي أنشأت بموجبه تلك المحكمة, ولكنها من أعضاء الأمم المتحدة , وتعرف تماما ما هو مطلوب منها! كما أن علاقتها مع العالم الحر هي واحدة من أفضل مميزات ديبلوماسيتها النشيطة , إضافة للإلتزام القطري المعروف بإحترام مقررات الشرعية الدولية والملف البراغماتي الصارم للديبلوماسية القطرية , ولكن في المقابل فإن إعتقال, فضلا عن تسليم, رئيس ضيف وشقيق للمحكمة الجنائية الدولية, هوأمر خارج حدود التصور وسابقة غير واردة في تاريخ العلاقات الدولية فضلا عن تعارض ذلك الفعل بالكامل مع طبيعة العلاقات العربية! أوالقيم المتوارثة , وأعتقد إن الخروج من المأزق الخطر لا يكون إلا بسحب دعوة الحضور المقدمة للرئيس السوداني لتجنب ذلك الفخ الديبلوماسي الخطير , صحيح أن القانون الدولي بحذافيره قد لا يلزم قطر تنفيذ مذكرة إلقاء القبض, ولكن عدم التنفيذ سيخلق إشكاليات باتت اليوم تؤرق صانع القرار القطري في ظل تشابك الملفات الإقليمية وصراع الاولويات وتزاحمها, وهوما يجعل الديبلوماسية القطرية في وضع لا تحسد عليه بالمرة , فعناصر الأزمة السودانية مختلفة في آليات تنفيذها عن عناصر الازمة العراقية السابقة , فالنظام العراقي السابق كان مشتبكا في أزمة صراع طويلة مع المجتمع الدولي, وتدخلت السياسة القطرية وقتها لمحاولة تخفيف حدة المواجهة القائمة, ولكن في الحالة السودانية الوضع مختلف بالمرة فهناك مطالب قانونية دولية غير مسبوقة بإعتقال رئيس لدولة عربية, وهوأمر لم يحصل مع نظام صدام حسين ذاته الذي لوكان راغبا بالرحيل واللجوء لأي مكان لأنتهى الامر برمته, ولكن في حالة الرئيس السوداني لا بديل عن التنفيذ والإعتقال ثم التحقيق, وهوأمر لا يتصور حدوثه ببساطة ولا يتمنى القطريون أصلا أن تتم تلك السابقة الدولية من خلالهم! فلديهم من ملفات صداع الرأس ما يكفيهم ويزيد. فكيف سيتصرف مهندس السياسة القطرية الخارجية بهذا الملف الكارثي الشائك ? ذلك هوالتساؤل الأكبر فهل ستفعلها " قطر" وتعتقل الرئيس السوداني وتسلمه مخفورا للعدالة الدولية لتقول كلمتها في الموضوع وتسجل بذلك سابقة لا مثيل لها في العلاقات الدولية ? أم أن لمسات سحر الديبلوماسية القطرية ستفرض حلا تاريخيا ومختلفا ? لا ننفي ولا نؤكد سوى على حقيقة المبدأ الشهير.. كل الخيارات متاحة.. ولكن ترقبوا المفاجأة القطرية!
داود البصري كاتب كويتي
http://www.al-seyassah.com/editor_details.asp?aid=4706&aname=داود%20البصري
ادعو الله يستر علينا من الجاي