المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيره ذاتيه



شارع الأصمخ
04-04-2009, 06:00 PM
في رابعة نهار ربيعي وعلى بساط الطبيعة الأخضر وبالتحديد فى الثامنة والعشرين من شهر ابريل نيسان دقت ساعة الصفر معلنة أول لحظات الوجود فى تاريخي كانت بدايتي بالصراخ كأي مولود جديد لكن ذلك الصراخ لم يكن يمت بصلة إلى ما يقرأه المعري فى صراخ الولدان فأنا إنسان متفائل ولا أشاطر المعري قولته:
هذا ما جناه أبي علي
وما جنيته على أحد ..
فالحياة فى نظرى سلم نرتقى من خلالها إلى مدارج السعادة ليس فحسب فى هذه الدار الفانية بل فى دار الخلود حيث ليس للإنسان إلا ما سعى وحيث يأخذ الإنسان بقدر عطائه فى دار الفناء فكما يقال الدنيا مطية الآخرة وليست الدنيا هنا إلا الحياة فنحن لا نملك من الدنيا إلا ما عشناه فيها من لحظات وما قدمنناه فيها من اعمال ولكي لا تتحول كلماتى إلى درس فى الوعظ نعود إلى الحياة من منظور أنها مسرح للحب وخشبة يؤدى عليها العاشق دوره نحيبا وبكاء فالحب هو أجمل ما نبتلى به في هذه الحياة إن سلمنا جدلا أنه ابتلاء على ما يقول قيس ليلي
قضاها لغيري وابتلاني بحبها
فهلا بشيئ غير ليلى ابتلانيا
وإن كنت أاخذ عليه قوله فهلا بشيئ غير ليلى ابتلانيا فالمحب يجب أن يكون أول المسلمين بمقادير الحب وتبعاته وأن لا ينزع لغير الحب بلاء...
كانت طفولتى كأي طفولة مليئة باللعب والمرح وكنت اقضى جل أيامي مع جدتى التى تسرب إلي من مجاورتها ومجالستها عشقي للحب وشغفى بالشعر والفن وكلما يعبر عن الأحاسيس فقد كانت إمرأة من عيار رابعة العدوية تسكر كل ليلة فى حانة الخمر الإلهية منادمة ابن العربي وابن الفارض تنشد اشعار المحبين وتحفظ عن ظهر قلب كل ما قيل من خمريات وغزل عفيف ولما كان الإنسان ابن بيئتة كان لا مناص من أن تتشكل شخصيتي متأثرة بهذه البيئة التى لا حديث فيها إلا عن الجمال والحب فترعرعت أبحث عن الحب لكي التظي بلهيبه واسكر مع الندامى بعقاره فالحب خمرة الروح قبل أن يخلق الكرم كما يقول ابن الفارض ...
إذن اصبحت نزعات شخصية هذا الفتى توحى أنه ليس من عصر المادة ولا من جيل الرأسمالية فهو وإن كان فى ظاهره فتى يلبس كما يلبس ابناءالقرن الواحد والعشرين ويرتاد الماكدونالدز والبيتزا هوت واستار بوكس وباسكن روبنز كنتيجة حتمية للعولمة وتأثير تيارها الجارف إلا أنه فى داخله إنسان آخر من عهد بني عذرة حيث الحب, و صوفي من طبقات الجنيد والسري والحلاج حيث تترقى الروح فى مدارج الإحسان بحثا عن إيمان لا يشوبه كبر ولا رياء ولا بغضاء ولا شحناء حيث الشهود والتجلى إلى آخر مفردات قواميس أهل الصوفية العذبة ...
كانت مراهقتى كلها بحثا وكنت كلما آنست فى صوار العين ظبيا خلته ضالتى المنشودة وكلما لمح طرفى زهرة فى بستان او نخلة فى واد خلتها كذلك , وكلما اقتربت وجدت كل ذلك سرابا فأنا لا ابحث عن تمثال جميل بقدر ما ابحث عن روح جميلة تدرك معنى الحب وتسكر من خمره فى اليوم ألف مرة تعرف ما معنى أن تتعانق الاجياد وتفك رموز آلاف الأسئلة المتوضعة على الشفاه وتفههم بالإيحاء قبل القول وبالكنية قبل التصريح فالحب اعظم من أن تحيط به العبارة ومن فاتته موهبة الحس والحدس ليس له من خمرة الحب نصيب فعقار الحب لا تحمله كؤوس الألفاظ بل دلالات الإيحاء و رموز رموش العيون ...
كانت رحلة البحث هذه شديدة على نفس تتعلق بمجهول, فأصبحت كمن يطارد خيوط الدخان وكم يريد أن يرتوي من السراب ,لكن حدس الإنسان يظل دائما دليله نحو المنشود , وفجأة وبين ظلمات بحر الشبكة العنكبوتية المظلم وبين امواجها المتلاطمة أنست روحى لبحار فى تلك الشبكة فظلت أرقبه من بعيد وعشت أياما بين مد الشوق إليه وجزر الخوف من أن يكون سرابا كما كانت كل تجارب رحلة البحث السابقة .كان الشوق إليه أعظم من كل المخاوف والحسابات فجرفتني إليه العاطفة الجياشة والمتعطشة لمنبع يروي ظمأها ويشبع سغبها لحب تطاردها من أول يوم ,فكتبت إليه رسالة من تحت الماء وكانت البداية ,كان إحساسي نحوه بنوع من الطمأنينة يجعلنى أحس كأنه الهدف المنشود لكن إصراره على عدم البوح وتسويفه الدائم جعلنى أشك انه مجرد طعنة تنضاف إلى تجاربي السابقة لكن إحساسي معه كان مختلفا فقررت أن أقرع بابه حتى لا تجد روحى ذريعة لمسائلتى واتهامي بالتقصير فى الحصول على الحب المنشود ,صارحته بكل شيئ ورويت له عن كل شيئ وكنت فى كل مرة أكتب له أو أقول له أحس وكأن طودا شامخا وحملا ثقيلا ينزل من كاهلى وأحس كأني أديت الامانة إلى أهلها ,كان متحفظا فى محاورتى وكانت ردوده علي تحمل عبق الحب ونسائم الوفاء لكنه كان يصر على ان لا نخطو خطوة إلى الأمام وكان يتعذر دائما بان الوقت لم يحن بعد لم اكن أتفهم ذلك فالماسك بالنار لا يمكن أن يتفهم تروي من يعيش فى جنة الفردوس , عشنا بين تذبذبات تراوحت بين الهجر وعدم الوصل المفتعل عسى أن يرق لحالى لكنه كان أقسى من جلمود الصخر ولم يعرني أي اهتمام فقررت أن أعود إليه طائعا كرها حتى لا ازيد علتى داء وقررت أن أترك الكرة فى ملعبه وأن ألح عليه عسى بدوام القرع أن تولج الأبواب.
لم ألج الأبواب بعد ولم تفتح لى قاتلتى حصون قلبها الموصدة لكنه كما يقال شيئ خير من لا شيئ والخير يتسابق ..
وللحديث بقية