bu_s3od
08-04-2009, 12:16 AM
بقلم الكاتبة : مريم آل سعد .. نعتقد نحن النساء إننا ما دمنا قد تعلمنا ودرسنا ونلنا أعلى الشهادات، وتقلدنا أعلى المناصب، وأصبحت لنا هيبة و سلطة في وظائفنا فإننا قد تساوينا بالرجال، بل إننا نكاد نجزم بذلك، خصوصا إذا حظينا بتعليم أعلى منهم بمراحل أو إذا تبوأنا مراكز مميزة لها تبعات ومسؤوليات وبإمكانها منحنا البريق والصلاحيات التي تبث الثقة والاعتداد في نفوسنا. ويؤكد لنا ذلك الشعور حينما نؤدي نفس الوظيفة ونتفوق عليهم بالتزامنا وحرصنا وضميرنا الحي.
لكن هذا ليس صحيحا..!! يظل هناك شيئا خفيا في أداء الرجل وحتى ولو غلبه الإهمال والتسيب والكسل والتسويف. هناك عامل فطري يمنحه التفوق ولواحتجت بعض القارئات، فالقوامة لم تمنح للرجل عبثا، و كذلك القدرة على الزواج من أكثر من واحدة وإدارة أكثر من بيت، والتحكم بالأبناء والسيطرة عليهم مهما كانت الأم قوية ومنضبطة، كل ذلك لم يأتي من فراغ، بل انه حتى مخ الرجل يختلف في حجمه عن دماغ المرأة، وهل هذا تقليل من شأنها..؟ ان المرأة السوية تسعد بذلك لأن تكوينها يبحث الانضواء تحت جناح رجل، وكلما شعرت بالتزامه وحنانه وسيطرته شعرت بكينونتها وأنوثتها.
المرأة السوية لا تسعد عندما تقع عليها المسئوليات وتشعر بأنها وحدها دون سند، إنها تريد أن تبكي على صدر الرجل وتحظى بحنانه وتنال التدليل والحماية، كيف يتأتى لها ذلك إذا كان الرجل يشعر بأنها متنمرة شرسة تسحق شخصيته وتتعالى عليه..؟؟ لا شك بأنها ستكون تعيسة ولا تريد هذا الرجل الضعيف بل تريد من تكون هي الضعيفة أمامه..!!.
دأبت المرأة في العالم الغربي بالارتباط بلا عقدة أو تردد بأشخاص أقل منها رتبة وكادرا، فأصبح من الطبيعي نجاح العلاقة بين ذوات المناصب العليا بأصحاب الوظائف الدنيا كميكانيكي أوموظف بسيط أو مدرب في صالة رياضية الخ، نريد القول ان هذه الشخصيات النسائية الناجحة والتي تجني دخلا محترما لا يهمها عند بناء علاقة مع شخص ما نوعية وظيفته بقدر سعادتها معه، وتكامل شخصيته مع نفسيتها..؟؟ إنها لا تهتم بشهادته أو وظيفته أو مستوى دخله بقدر اهتمامها هل يصلح أن يكون زوجا مخلصا وأبا رائعا تكمل معه مسيرة حياتها.
بينما نحن في خليجنا بالذات ندقق بالمستوى التعليمي والوظيفي للعريس، وننسى بأن هناك شبابا حائزين على الشهادات الجامعية بينما إملاؤهم مليء بالأغلاط ولم يقرؤوا كتابا إلا بهدف الامتحانات، ولم يكن نجاحهم سوى بالدفع والتحايل وقد وزع أهلهم الصدقات لمرورهم من عنق الزجاجة، وبذلك فان تعليمهم في النهاية كقلته لا يضيف ولا يؤخر...!!
سيقال ليس المهم فهم ما درسه أم لا، المهم حصوله على الشهادة التي تضمن له الوظيفة الراقية والراتب والامتيازات الوفيرة، أي تنحصر أهمية التعليم ليس في قيمته العلمية والفكرية بل في كونه الوسيلة للحصول على وظيفة محترمة وراتب مجز..!! وحتى هذا ليس معيارا لنجاح الزواج..!!!
كان الزواج منذ أربعين سنة يعتمد على الجاه الاجتماعي، الاسم الأخير لعائلة العريس وإذا اقترن ذلك بثقل محفظته فهو الحظ الكبير. بمعنى آخر انتشرت الزيجات التي تعتمد على اسم العائلة بغض النظر عن مضمون العريس، قد يكون في السبعين من عمره، وقد يكون خمارا مستهترا، وقد يكون منطويا معقدا قد تزوج وطلق قبلها عدة مرات، قد يكون ويكون..، ولكن المهم أيامها، من هو في المجتمع..؟؟ وكم يستطيع أن يدفع المهر و الدزة التي كانت تكفي مؤونة البيت شهورا، وتكفي لتوزيع الملابس والأغراض للعائلة والأقارب بينما تحظى العروس بالذهب ووالدها بالمهر..!!
ذاك الوضع يتكرر اليوم مع استبدال صفات العريس السابقة بالحاصل على الشهادة الجامعية العليا مقرونة بالمنصب اللامع..!! يظل الوضع كما هو، يظل العريس خاويا وربما مستترا بصفاته النفسية والخلقية التي تتعرى بالمعاشرة ولكنه يظل جنيها ذهبيا لامعا لأنه يحظى بالشهادة والمنصب.
وبذلك لا تكون هذه المعايير القديمة والحديثة أساسا للتعبير عن كينونة الشخص، فكما أن اسم العائلة الأخير أو الجيب الملآن لا يدلان على ثراء الشخصية وعمقها، فإن الشهادة الجامعية و علو المنصب اليوم لا يشيران إلى نضج الرجل وتحمله المسئولية ونقاء روحه، ومثلما كانت المواصفات المتألقة في الماضي غير دقيقة ومعبرة فكذلك اليوم، فإن ما يشاع الآن لا يعتبر معيارا لزواج ناجح و حياة مقبولة.
فليس لزاما أبدا أن تتزوج الخريجة خريجا، ولماذا..؟؟ إذا كان بعضهم كما قلنا لا تضيف له شهادته بعدا علميا، و تظل شخصيته سطحية وأفقه مفرغا، وإذا كان هناك من لم يتابع دراسته الجامعية و لكنه مثقفا مطلعا ذكيا والأهم مسئولا وعصاميا بنى نفسه بنفسه، بل أن بعضهم ساهموا في تربية وتعليم أخوتهم ورعاية والديهم، فهل هناك من هو أكثر صلاحا من مثل هؤلاء...؟؟
من المعروف ان الرجل يتميز على المرأة ببعض الخواص التي تفتقدها، فهي عاطفية سريعة الانفعال تصدر أحكامها بسرعة، وتنهار بسهولة عند الأزمات لذلك فإن الرجل بغض النظر عن مؤهلاته العلمية المصدقة من الجامعات، والهيبة التي تضيفها له مراكزه الوظيفية أو أملاكه المادية فانه يملك صفاته وملكاته الفطرية القادرة وحدها على إكسابه صفاته الطيبة، كالشهامة والمرح وروح المبادرة وتحمل المسئولية و حل المشكلات العضلية والمنزلية وإدارة دفة الحياة، وتتجلى هذه الطبيعة في البيئات التي لا يتخذ التعليم او الوظائف المدنية دورا فيها كالمزارع و الصحاري حيث يكون معيار التفوق والبروز قدرة الرجل تحمل المسئولية ومدى صلابته ومهارته في ترويض الأحصنة ورعاية الماشية وزراعة المحاصيل وتسويقها.
وبناء على ذلك فهناك مسوغ عقلي لا يستنكر زواج عالمة ذرة أو رئيسة مجلس إدارة من شخص قد يكون عاديا بالمقاييس الحضارية الحديثة و لكنه يملك هدفه في الحياة، والإحساس الذي يشكل من خلاله تواصله مع المرأة التي يقترن بها، ويتحلى بصفاته الإنسانية التي تناسبها وتسعدها، وتجعلها تحس بالأمان معه بعكس ما نرى في مجتمعنا من تشرط أهل مجرد خريجة عادية بأن يكون عريسها صاحب شهادة جامعية لينجح زواجها، بينما ينظرون بازدراء وترفع لمن لم يكمل تعليمه النظامي كأن رجولته مرتبطة بشهادته، صحيح أنه بلا شهادات ولكنه يملك المقومات الكافية ليحافظ عليها ويسكن إليها بمودة ورحمة ويساندها في تقلبات الدهر، وهذا المهم وجوهر الزواج الحقيقي.
فالمرأة الطموحة المتميزة تريد أول ما تريد بشريك حياتها أن يملك حوافز دعمها ومساندتها، ومن هنا نجد بأن المرأة الغربية المسئولة التي تسافر وتعقد الاجتماعات ويمتد عملها من الصباح إلى المساء، تسعد إذا كان عمل زوجها بسيطا في التزاماته، لأنه يساعدها بتفرغه لعدم قلقها على رعاية الأطفال وتوصيلهم وحضور أنشطتهم المدرسية، وتوفير الجو المناسب لها لتعطي وتبدع وتنجح..!!
وتكون بذلك مستقرة ومطمئنة وظيفيا، فكون زوجها أقل مسئوليات منها لا يعيبه ذلك في شيء لأنه واثق من نفسه، وكما قلنا الصفات الذكورية تمنحه القدرة على التعامل مع الأمور، وتدبير الأبناء ورعايتهم وخصوصا في سنوات النمو والمراهقة، وأيضا يتمكن باهتماماته الفطرية والعقلية فهم عمل زوجته، ويملك مقومات مناقشة أمورها ونصحها وإرشادها وكأنه مستشارها الأمين.
مشكلة الزواج عندنا انه بحث عن زوجة أية زوجة وقبول زوج أي زوج بشروط واهية لا أساس لها، فبالنسبة للشاب يريدها بيضاء طويلة جميلة، والبنت تريده خريجا لديه بيتا منفصلا، وأشياء من هذا القبيل. ومن المضحك أن نفس الشاب يقبل بالمتناقضات، فمن الطبيعي ان تخطب له مراهقة ثم موظفة ناضجة طموحة ثم فتاة لا يعجبها أي عمل وهكذا..!!
كيف يمكن أن نقتنع بجدية اختياره لأنه أصلا لايختار ولا يدري شيئا، حيث تتنقل به الوالدة والأخوات هنا وهناك، بين فتيات متناقضات الشخصية والطباع، يضمهن إطار واحد وهو إنهن مرشحات للخطوبة، ويتم الأمر بمدى موافقة إحداهن وأهلها على الشروط التي يطرحها الطرفان..!!
كأنها صفقة ولكن الفرق انه لا يمكن التعايش معها لأنها بين بشر وأرواح وليس اقتناء ممتلكات وتبادل بضائع مادية لا تعارض ولا تتمرد ولا تتضح أبعاد تفكيرها ورؤيتها وطباعها التي قد لا تطاق أو لا تحتمل او لا تستوعب.
نحن هنا لا نتكلم أنه يجب أن يتم الزواج بعلاقة حب، ولا نقول ان بدونه يكون منقوصا ويحرمهم من عيش عاطفة نبيلة سيفتقدونها طيلة حياتهم وتؤثر على رومانسية زواجهم، لأن ذلك ليس صحيحا وليس ضروريا، فليس كل شخص مؤهلا لعيش قصة حب، بينما بإمكان آخرين أن يحبوا كل فترة واحدة، و حتى ربما في نفس الفترة يتعلق قلبهم باثنتين، وهذا راجع للفروق الفردية للناس ومشاعرهم العاطفية، ولكننا ندعو ونشدد على انه من المهم أن يختارها هي بالذات، وليس أية فتاة أو امرأة..!!
يكفي ان يكون لمح زوجته المستقبلية في مكان ما و نبض قلبه لرؤيتها، هذا يحدث عندما ينجذب الشاب لابنة الجيران، أو لزميلته في العمل أو لأخت صديقه، ولا تعتبر هذه قصة حب أو علاقة عاطفية ولكنها تعني بأن قلبه نبض، بينما شعر بتجاوب الطرف الآخر ربما من ابتسامتها الخجلى أومن نظرة عينيها لدى مروره أو مصادفة رؤيته، ان هذا يكفي لخلق الزواج الناجح وقد ملك أسسه العاطفية، عكس أن يتم عن طريق الأهل حيث يختارون له واحدة من هنا وهناك، ومهما يكون شكلها وصفاتها وتدينها ولكن هناك شيئا في الأرواح تجعل الإنسان ينجذب لواحدة معينة ولو كانت وسط أخواتها، انه ليس بمعايير المواصفات وإنما بخلجة القلب وانشداده.
مجتمعنا المحافظ يعتز بقيمه وتدينه ومحافظته على كيان الأسرة، ولكن عندما تطغى المشاكل والأزمات وتضغط على الزوجين فلا بد أن ينهار الزواج لأنهما بشر، وإذا لم يستسلما ويذعنا ولجآ لأبغض الحلال فإنهما يتعبان نفسيا أو كما يحدث في الماضي يهجر الزوج الزوجة ويدعها معلقة ويتزوج أخرى ويعيش حياته، وتظل هي كالوقف المنبوذ بلا حقوق إلا ما يتصدق به عليها وعلى أولادها. ومع تطور المجتمع وظهور قوانين الأسرة وتعليم المرأة وعملها واستقلالها الاقتصادي، أصبح الطلاق سهلا ومطبقا بل للأسف منتشرا وخصوصا بين الزيجات الشابة.
فلذلك فان المحافظة على قيم المجتمع لا تكفي لربط الأسرة بعضها ببعض إذا تنافر أصحابها لأنها حياتهم، فأي حكم هذا الذي يجبرهم على معاشرة أشخاص انتهى الود معهم واستحالت حياتهم برفقتهم جحيما..؟؟
الجميع يريد الرضا المجتمعي ويبغض كلام الناس ويكره هدم البيوت ولكن أحيانا صحتهم النفسية أهم وتوافقهم مع ذاتهم أبقى، و لن ينفعهم الناس ولن يكافئهم الاستعراض إلا أمراضا واندحارا وخيبة أمل تتآكلهم، وتؤثر على أطفالهم الذين يلتقطون معاناة أهلهم وبؤسهم وشجارهم وفشلهم الذريع في حمايتهم، وتوفير البيئة الآمنة الدافئة لهم.
لذلك يتحقق الطلاق رغم أنف المجتمع وضغط الوالدين والنظرة البائسة للمطلقة، فلماذا إذا الهرب من الحقيقة المؤلمة بتبني المظاهر، وارتداء مسوح التقيد بما يسمى أحيانا عادات وتقاليد، وأحيانا تطبيق الشريعة التي في حقيقتها ترفض زواج العميان الذي تتبعه الأسر بتزويج من لم يروا بعضهم و لم يعرفوا شخصياتهم، هل هي من النوع الجاد أم المهرج، هل هو ملتزم دينيا أم متفتح اجتماعيا، مقتر أم مسرف، عنيد منسحب داخله لأي كلمة أو متحرش بالناس لاذع النقد واللسان، الناس يختلفون و يتضادون، يتنافرون في الوقت الذي عليهم الإصرار على توفير مبدأ الاختيار و الرضا..؟؟
لا نريد قصص حب و لا علاقات عاطفية ولكن نطالب بإشارات تنبئ بالانجذاب بين طرفين تمهد لزواجهما وهو أضعف الإيمان، والمغزى من ذلك أن هذه المشاعر التي أحس بها الطرفان ستظل حية تنبض وتستدعى للذاكرة من الغيب طيلة سنوات زواجهما، سبحان الله إنها لغة الإحساس لا يمكن خلقها ولا وأدها كذلك، تصنع ذبذبات بين شخصين، ولماذا هما بالذات..؟؟
انه سر الهي لا يدركه عقل أو يطاله تفسير..!! أيها الشاب.. أحرص أن يكون هناك تواصلا مع زوجة المستقبل، فإذا لم تجده فلا تستعجل وانتظر حتى تجدها، ألا يقولون هناك توأم الروح، انه الانجذاب وتعلق القلب بأحد معين من مجرد نظرة وأحيانا موقف وأحيانا شعور..!!
لكن هذا ليس صحيحا..!! يظل هناك شيئا خفيا في أداء الرجل وحتى ولو غلبه الإهمال والتسيب والكسل والتسويف. هناك عامل فطري يمنحه التفوق ولواحتجت بعض القارئات، فالقوامة لم تمنح للرجل عبثا، و كذلك القدرة على الزواج من أكثر من واحدة وإدارة أكثر من بيت، والتحكم بالأبناء والسيطرة عليهم مهما كانت الأم قوية ومنضبطة، كل ذلك لم يأتي من فراغ، بل انه حتى مخ الرجل يختلف في حجمه عن دماغ المرأة، وهل هذا تقليل من شأنها..؟ ان المرأة السوية تسعد بذلك لأن تكوينها يبحث الانضواء تحت جناح رجل، وكلما شعرت بالتزامه وحنانه وسيطرته شعرت بكينونتها وأنوثتها.
المرأة السوية لا تسعد عندما تقع عليها المسئوليات وتشعر بأنها وحدها دون سند، إنها تريد أن تبكي على صدر الرجل وتحظى بحنانه وتنال التدليل والحماية، كيف يتأتى لها ذلك إذا كان الرجل يشعر بأنها متنمرة شرسة تسحق شخصيته وتتعالى عليه..؟؟ لا شك بأنها ستكون تعيسة ولا تريد هذا الرجل الضعيف بل تريد من تكون هي الضعيفة أمامه..!!.
دأبت المرأة في العالم الغربي بالارتباط بلا عقدة أو تردد بأشخاص أقل منها رتبة وكادرا، فأصبح من الطبيعي نجاح العلاقة بين ذوات المناصب العليا بأصحاب الوظائف الدنيا كميكانيكي أوموظف بسيط أو مدرب في صالة رياضية الخ، نريد القول ان هذه الشخصيات النسائية الناجحة والتي تجني دخلا محترما لا يهمها عند بناء علاقة مع شخص ما نوعية وظيفته بقدر سعادتها معه، وتكامل شخصيته مع نفسيتها..؟؟ إنها لا تهتم بشهادته أو وظيفته أو مستوى دخله بقدر اهتمامها هل يصلح أن يكون زوجا مخلصا وأبا رائعا تكمل معه مسيرة حياتها.
بينما نحن في خليجنا بالذات ندقق بالمستوى التعليمي والوظيفي للعريس، وننسى بأن هناك شبابا حائزين على الشهادات الجامعية بينما إملاؤهم مليء بالأغلاط ولم يقرؤوا كتابا إلا بهدف الامتحانات، ولم يكن نجاحهم سوى بالدفع والتحايل وقد وزع أهلهم الصدقات لمرورهم من عنق الزجاجة، وبذلك فان تعليمهم في النهاية كقلته لا يضيف ولا يؤخر...!!
سيقال ليس المهم فهم ما درسه أم لا، المهم حصوله على الشهادة التي تضمن له الوظيفة الراقية والراتب والامتيازات الوفيرة، أي تنحصر أهمية التعليم ليس في قيمته العلمية والفكرية بل في كونه الوسيلة للحصول على وظيفة محترمة وراتب مجز..!! وحتى هذا ليس معيارا لنجاح الزواج..!!!
كان الزواج منذ أربعين سنة يعتمد على الجاه الاجتماعي، الاسم الأخير لعائلة العريس وإذا اقترن ذلك بثقل محفظته فهو الحظ الكبير. بمعنى آخر انتشرت الزيجات التي تعتمد على اسم العائلة بغض النظر عن مضمون العريس، قد يكون في السبعين من عمره، وقد يكون خمارا مستهترا، وقد يكون منطويا معقدا قد تزوج وطلق قبلها عدة مرات، قد يكون ويكون..، ولكن المهم أيامها، من هو في المجتمع..؟؟ وكم يستطيع أن يدفع المهر و الدزة التي كانت تكفي مؤونة البيت شهورا، وتكفي لتوزيع الملابس والأغراض للعائلة والأقارب بينما تحظى العروس بالذهب ووالدها بالمهر..!!
ذاك الوضع يتكرر اليوم مع استبدال صفات العريس السابقة بالحاصل على الشهادة الجامعية العليا مقرونة بالمنصب اللامع..!! يظل الوضع كما هو، يظل العريس خاويا وربما مستترا بصفاته النفسية والخلقية التي تتعرى بالمعاشرة ولكنه يظل جنيها ذهبيا لامعا لأنه يحظى بالشهادة والمنصب.
وبذلك لا تكون هذه المعايير القديمة والحديثة أساسا للتعبير عن كينونة الشخص، فكما أن اسم العائلة الأخير أو الجيب الملآن لا يدلان على ثراء الشخصية وعمقها، فإن الشهادة الجامعية و علو المنصب اليوم لا يشيران إلى نضج الرجل وتحمله المسئولية ونقاء روحه، ومثلما كانت المواصفات المتألقة في الماضي غير دقيقة ومعبرة فكذلك اليوم، فإن ما يشاع الآن لا يعتبر معيارا لزواج ناجح و حياة مقبولة.
فليس لزاما أبدا أن تتزوج الخريجة خريجا، ولماذا..؟؟ إذا كان بعضهم كما قلنا لا تضيف له شهادته بعدا علميا، و تظل شخصيته سطحية وأفقه مفرغا، وإذا كان هناك من لم يتابع دراسته الجامعية و لكنه مثقفا مطلعا ذكيا والأهم مسئولا وعصاميا بنى نفسه بنفسه، بل أن بعضهم ساهموا في تربية وتعليم أخوتهم ورعاية والديهم، فهل هناك من هو أكثر صلاحا من مثل هؤلاء...؟؟
من المعروف ان الرجل يتميز على المرأة ببعض الخواص التي تفتقدها، فهي عاطفية سريعة الانفعال تصدر أحكامها بسرعة، وتنهار بسهولة عند الأزمات لذلك فإن الرجل بغض النظر عن مؤهلاته العلمية المصدقة من الجامعات، والهيبة التي تضيفها له مراكزه الوظيفية أو أملاكه المادية فانه يملك صفاته وملكاته الفطرية القادرة وحدها على إكسابه صفاته الطيبة، كالشهامة والمرح وروح المبادرة وتحمل المسئولية و حل المشكلات العضلية والمنزلية وإدارة دفة الحياة، وتتجلى هذه الطبيعة في البيئات التي لا يتخذ التعليم او الوظائف المدنية دورا فيها كالمزارع و الصحاري حيث يكون معيار التفوق والبروز قدرة الرجل تحمل المسئولية ومدى صلابته ومهارته في ترويض الأحصنة ورعاية الماشية وزراعة المحاصيل وتسويقها.
وبناء على ذلك فهناك مسوغ عقلي لا يستنكر زواج عالمة ذرة أو رئيسة مجلس إدارة من شخص قد يكون عاديا بالمقاييس الحضارية الحديثة و لكنه يملك هدفه في الحياة، والإحساس الذي يشكل من خلاله تواصله مع المرأة التي يقترن بها، ويتحلى بصفاته الإنسانية التي تناسبها وتسعدها، وتجعلها تحس بالأمان معه بعكس ما نرى في مجتمعنا من تشرط أهل مجرد خريجة عادية بأن يكون عريسها صاحب شهادة جامعية لينجح زواجها، بينما ينظرون بازدراء وترفع لمن لم يكمل تعليمه النظامي كأن رجولته مرتبطة بشهادته، صحيح أنه بلا شهادات ولكنه يملك المقومات الكافية ليحافظ عليها ويسكن إليها بمودة ورحمة ويساندها في تقلبات الدهر، وهذا المهم وجوهر الزواج الحقيقي.
فالمرأة الطموحة المتميزة تريد أول ما تريد بشريك حياتها أن يملك حوافز دعمها ومساندتها، ومن هنا نجد بأن المرأة الغربية المسئولة التي تسافر وتعقد الاجتماعات ويمتد عملها من الصباح إلى المساء، تسعد إذا كان عمل زوجها بسيطا في التزاماته، لأنه يساعدها بتفرغه لعدم قلقها على رعاية الأطفال وتوصيلهم وحضور أنشطتهم المدرسية، وتوفير الجو المناسب لها لتعطي وتبدع وتنجح..!!
وتكون بذلك مستقرة ومطمئنة وظيفيا، فكون زوجها أقل مسئوليات منها لا يعيبه ذلك في شيء لأنه واثق من نفسه، وكما قلنا الصفات الذكورية تمنحه القدرة على التعامل مع الأمور، وتدبير الأبناء ورعايتهم وخصوصا في سنوات النمو والمراهقة، وأيضا يتمكن باهتماماته الفطرية والعقلية فهم عمل زوجته، ويملك مقومات مناقشة أمورها ونصحها وإرشادها وكأنه مستشارها الأمين.
مشكلة الزواج عندنا انه بحث عن زوجة أية زوجة وقبول زوج أي زوج بشروط واهية لا أساس لها، فبالنسبة للشاب يريدها بيضاء طويلة جميلة، والبنت تريده خريجا لديه بيتا منفصلا، وأشياء من هذا القبيل. ومن المضحك أن نفس الشاب يقبل بالمتناقضات، فمن الطبيعي ان تخطب له مراهقة ثم موظفة ناضجة طموحة ثم فتاة لا يعجبها أي عمل وهكذا..!!
كيف يمكن أن نقتنع بجدية اختياره لأنه أصلا لايختار ولا يدري شيئا، حيث تتنقل به الوالدة والأخوات هنا وهناك، بين فتيات متناقضات الشخصية والطباع، يضمهن إطار واحد وهو إنهن مرشحات للخطوبة، ويتم الأمر بمدى موافقة إحداهن وأهلها على الشروط التي يطرحها الطرفان..!!
كأنها صفقة ولكن الفرق انه لا يمكن التعايش معها لأنها بين بشر وأرواح وليس اقتناء ممتلكات وتبادل بضائع مادية لا تعارض ولا تتمرد ولا تتضح أبعاد تفكيرها ورؤيتها وطباعها التي قد لا تطاق أو لا تحتمل او لا تستوعب.
نحن هنا لا نتكلم أنه يجب أن يتم الزواج بعلاقة حب، ولا نقول ان بدونه يكون منقوصا ويحرمهم من عيش عاطفة نبيلة سيفتقدونها طيلة حياتهم وتؤثر على رومانسية زواجهم، لأن ذلك ليس صحيحا وليس ضروريا، فليس كل شخص مؤهلا لعيش قصة حب، بينما بإمكان آخرين أن يحبوا كل فترة واحدة، و حتى ربما في نفس الفترة يتعلق قلبهم باثنتين، وهذا راجع للفروق الفردية للناس ومشاعرهم العاطفية، ولكننا ندعو ونشدد على انه من المهم أن يختارها هي بالذات، وليس أية فتاة أو امرأة..!!
يكفي ان يكون لمح زوجته المستقبلية في مكان ما و نبض قلبه لرؤيتها، هذا يحدث عندما ينجذب الشاب لابنة الجيران، أو لزميلته في العمل أو لأخت صديقه، ولا تعتبر هذه قصة حب أو علاقة عاطفية ولكنها تعني بأن قلبه نبض، بينما شعر بتجاوب الطرف الآخر ربما من ابتسامتها الخجلى أومن نظرة عينيها لدى مروره أو مصادفة رؤيته، ان هذا يكفي لخلق الزواج الناجح وقد ملك أسسه العاطفية، عكس أن يتم عن طريق الأهل حيث يختارون له واحدة من هنا وهناك، ومهما يكون شكلها وصفاتها وتدينها ولكن هناك شيئا في الأرواح تجعل الإنسان ينجذب لواحدة معينة ولو كانت وسط أخواتها، انه ليس بمعايير المواصفات وإنما بخلجة القلب وانشداده.
مجتمعنا المحافظ يعتز بقيمه وتدينه ومحافظته على كيان الأسرة، ولكن عندما تطغى المشاكل والأزمات وتضغط على الزوجين فلا بد أن ينهار الزواج لأنهما بشر، وإذا لم يستسلما ويذعنا ولجآ لأبغض الحلال فإنهما يتعبان نفسيا أو كما يحدث في الماضي يهجر الزوج الزوجة ويدعها معلقة ويتزوج أخرى ويعيش حياته، وتظل هي كالوقف المنبوذ بلا حقوق إلا ما يتصدق به عليها وعلى أولادها. ومع تطور المجتمع وظهور قوانين الأسرة وتعليم المرأة وعملها واستقلالها الاقتصادي، أصبح الطلاق سهلا ومطبقا بل للأسف منتشرا وخصوصا بين الزيجات الشابة.
فلذلك فان المحافظة على قيم المجتمع لا تكفي لربط الأسرة بعضها ببعض إذا تنافر أصحابها لأنها حياتهم، فأي حكم هذا الذي يجبرهم على معاشرة أشخاص انتهى الود معهم واستحالت حياتهم برفقتهم جحيما..؟؟
الجميع يريد الرضا المجتمعي ويبغض كلام الناس ويكره هدم البيوت ولكن أحيانا صحتهم النفسية أهم وتوافقهم مع ذاتهم أبقى، و لن ينفعهم الناس ولن يكافئهم الاستعراض إلا أمراضا واندحارا وخيبة أمل تتآكلهم، وتؤثر على أطفالهم الذين يلتقطون معاناة أهلهم وبؤسهم وشجارهم وفشلهم الذريع في حمايتهم، وتوفير البيئة الآمنة الدافئة لهم.
لذلك يتحقق الطلاق رغم أنف المجتمع وضغط الوالدين والنظرة البائسة للمطلقة، فلماذا إذا الهرب من الحقيقة المؤلمة بتبني المظاهر، وارتداء مسوح التقيد بما يسمى أحيانا عادات وتقاليد، وأحيانا تطبيق الشريعة التي في حقيقتها ترفض زواج العميان الذي تتبعه الأسر بتزويج من لم يروا بعضهم و لم يعرفوا شخصياتهم، هل هي من النوع الجاد أم المهرج، هل هو ملتزم دينيا أم متفتح اجتماعيا، مقتر أم مسرف، عنيد منسحب داخله لأي كلمة أو متحرش بالناس لاذع النقد واللسان، الناس يختلفون و يتضادون، يتنافرون في الوقت الذي عليهم الإصرار على توفير مبدأ الاختيار و الرضا..؟؟
لا نريد قصص حب و لا علاقات عاطفية ولكن نطالب بإشارات تنبئ بالانجذاب بين طرفين تمهد لزواجهما وهو أضعف الإيمان، والمغزى من ذلك أن هذه المشاعر التي أحس بها الطرفان ستظل حية تنبض وتستدعى للذاكرة من الغيب طيلة سنوات زواجهما، سبحان الله إنها لغة الإحساس لا يمكن خلقها ولا وأدها كذلك، تصنع ذبذبات بين شخصين، ولماذا هما بالذات..؟؟
انه سر الهي لا يدركه عقل أو يطاله تفسير..!! أيها الشاب.. أحرص أن يكون هناك تواصلا مع زوجة المستقبل، فإذا لم تجده فلا تستعجل وانتظر حتى تجدها، ألا يقولون هناك توأم الروح، انه الانجذاب وتعلق القلب بأحد معين من مجرد نظرة وأحيانا موقف وأحيانا شعور..!!