المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ميزانية متميزة لقطر



بوحمد2
12-04-2009, 07:15 AM
تتميز ميزانية قطر للسنة المالية 2009 و2010 بالمحافظة على حجم المصروفات العامة. تبلغ قيمة النفقات المرصودة 26 مليار دولار أي أقل بنحو 1.5 في المائة من ميزانية السنة المالية 2008 و2009 والتي كانت الأكبر على الإطلاق في تاريخ البلاد. بدورنا نرى صواب هذا التوجه بالنظر للأهمية النسبية الكبيرة لمصروفات الدولة في الأنشطة الاقتصادية في الظروف العادية فضلا عن هذه المرحلة الدقيقة أي بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية. تشكل المصروفات الحكومية نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي لقطر. فضلا عن اعتمادها بشكل جزئي على مصروفات القطاع العام، تأخذ مؤسسات القطاع الخاص النظرة المستقبلية للاقتصاد بالنظر للمصروفات الحكومية.
كما هو الحال مع الكويت، تبدأ السنة المالية في قطر في الأول من نيسان (أبريل). وقد منحت هذه الخاصية للسلطات القطرية فرصة نوعية لقراءة الآفاق الاقتصادية وخصوصا اتجاهات أسعار النفط بعد سبعة شهور من اندلاع الأزمة المالية العالمية.
عجز دفتري
قدرت السلطات الإيرادات بنحو 24.4 مليار دولار أي أقل بنسبة 15 في المائة عن دخل الخزانة للسنة المالية الماضية ولكن لسبب وجيه. وعلى هذا الأساس، تفترض الميزانية تسجيل عجز قدره 1.6 مليار دولار في السنة المالية 2009 و2010 مقارنة مع فائض يفوق 2 مليار دولار في ميزانية2008 و2009. ويشكل العجز المتوقع، وهو الأول من نوعه منذ عام 2001، نحو 2 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي ما يعني عدم مخالفة أحد شروط الاتحاد النقدي الخليجي والمزمع إطلاقه في عام 2010. وتشمل المعايير تقييد عجز الميزانية عند 3 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي.
بيد أنه لا يتوقع حدوث عجز فعلي في السنة المالية الجديدة نظرا لتوقع ارتفاع أسعار النفط مقارنة بالسعر المستخدم لإعداد الميزانية. ويعود هذا التوقع بشكل لعدة أمور منها حدوث تطورات إيجابية في الاقتصاد العالمي بعد قرارات قمة مجموعة العشرين والتي عقدت في العاصمة البريطانية بداية الشهر الجاري بواسطة حوافز اقتصادية تشمل تعزيز المصروفات في كبرى الاقتصادات العالمية.
أسعار النفط
وقد تبنت السلطات القطرية متوسط سعر قدره 40 دولارا لبرميل النفط الخام عند إعداد ميزانية 2009 و2010 مقابل 55 دولارا للبرميل في الميزانية السابقة. يعد متوسط السعر 40 دولارا للبرميل خيارا واقعيا نظرا لما آلت إليه الأسعار في الربع الأول من العام الجاري.
بالمقارنة، تبنت البحرين نفس متوسط سعر النفط عند إقرار ميزانية السنة المالية 2009 و2010. وكانت السلطات البحرينية قد افترضت متوسط سعر قدره 60 دولارا للبرميل بادئ الأمر لكنها وافقت على تعديل الرقم بسبب إصرار السلطة التشريعية والتي بدورها أجلت موافقتها على الميزانية حتى شهر آذار (مارس). بدورها أقرت عمان ميزانية 2009 بمتوسط سعر قدره 45 دولارا للبرميل.
مشاريع تنموية
يساهم القطاع النفطي بأكثر من ثلثي دخل خزانة العامة ما يعني حدوث تطورات كبيرة في مستويات إيرادات الدولة عند تغيير متوسط سعر النفط. كما يتوقع أن تتمكن قطر من تعويض جانب من تراجع أسعار النفط عن طريق برنامج الغاز، حيث تعد قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. يبلغ حجم الإنتاج نحو 38 مليون طن في السنة في الوقت الحاضر موجها للخارج. والأهم من ذلك، تعمل قطر على زيادة إنتاجها إلى 77 مليون طن سنويا مع حلول عام 2012.
من جملة الأمور الجديرة، تم تخصيص 10.4 مليار دولار للمشاريع التنموية مشكلا 40 في المائة من قيمة مصروفات السنة المالية 2009 و2010. ويقل هذا الرقم بنحو 5 في المائة عن المبلغ المرصود في الميزانية السابقة. بيد أنه يمثل هذا الرقم 40 في المائة من قيمة نفقات السنة المالية الجديدة. بل هناك شبه إجماع بين الاقتصاديين على أن القيمة الفعلية في الوقت الحاضر للرقم 10.4 مليار دولار أعلى من 11 مليار دولار في الميزانية بسبب انخفاض أسعار بعض المواد الأولية الرئيسية للمشاريع التنموية. وكانت قطر اشتهرت بتسجيلها أعلى نسبة تضخم بين دول مجلس التعاون الخليجي كضريبة للنمو الاقتصادي غير العادي. حسب صندوق النقد الدولي، عانى الاقتصاد من نسبة تضخم قدرها 15 في المائة في عام 2008. لكن توقع الصندوق تسجيل تراجع في مستوى التضخم في قطر في عام 2009 وذلك على خلفية التراجع العالمي للأسعار بسبب تدني الطلب كنتيجة مباشرة لتداعيات الأزمة المالية العالمية.
نمو اقتصادي عالمي
المأمول أن تساهم استمرارية النفقات العامة في المحافظة على وتيرة النمو الاقتصادي. تتوقع مجموعة الإيكونومست البريطانية أن يحقق الاقتصاد القطري نموا حقيقا قدره 13.4 في المائة في عام 2009 أي الأعلى دوليا. بالمقارنة، يتوقع نفس التقرير تسجيل نسبة نمو 8 في المائة في الصين صاحبة الشهرة في تحقيق نسب عالية للنمو الاقتصادي.
استنادا لتقرير أصدره صندوق النقد الدولي، حقق الاقتصاد نموا فعليا قدره 16 في المائة في عام 2008 ما يعد مميزا بكل المقاييس. وشدد التقرير على أهمية محاربة ظاهرة التضخم حتى يتسنى تكرار نفس تجربة النمو. يشار إلى أن قطر حافظت على أفضل نسبة نمو اقتصادي بين الدول العربية قاطبة لسبع سنوات متتالية. ختاما، تؤكد ميزانية السنة المالية 2009 و2010 أن القطاع العام يلعب دورا محوريا في الاقتصاد الوطني. بدورها تعتمد مؤسسات القطاع الخاص في عملها بشكل جزئي على المصروفات العامة ما يؤكد الدور النوعي للحكومة في النشاط الاقتصادي، وهذا ما تبين بشكل لافت بعد الأزمة المالية. باختصار، الأمل معقود على الحكومة لإظهار القيادة في مواجهة التحديات الاقتصادية في هذه الظروف غير العادية.

د. جاسم حسين
محلل اقتصادي وعضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب في البحرين
jasim.husain@gmail.com

مقال آخر | أعلى الصفحة

AL Mannai
18-04-2009, 09:57 AM
شكراً على الموضوع