المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المراكب الفرعونية



abo rashid
03-01-2006, 01:12 PM
http://www.w6w.net/users2/03-01-2006/w6w_200601031008201364092c9627a.JPG

المراكب
احتلت مكانة رفيعة في حياة وطقوس قدماء المصريين الجنائزية:
الطريق الآمن إلي شواطيء الأبدية!! الطريق إلي العالم السفلي، متعرج، خطوط مائية حادة، بها عشرات الثنيات، كان المتوفي يحتاج إلي قارب متين حتي يعبر به هذا الطريق المخيف، المظلم إلي شطوط الأبدية!
ولم تكن هناك أمنية أكبر ولا أجمل من أن ينضم هذا المتوفي إلي مركب الاله 'رع' الذي يعبر آمنا إلي العالم الآخر!
بهذا المعني احتلت المراكب مكانة رفيعة في طقوس وعقائد وحياة قدماء المصريين، حيث كان وجودها مفروضا ولازما للدرجة التي جعلتهم يرفقونها في مقابرهم حتي توفر لهم رحلة آمنة إلي العالم الآخر.. وكان النيل بطبيعة الحال يمثل شريانا حيويا لمصر والمركب كان هو الوسيلة الوحيدة للسفر من خلاله بالإضافة إلي كونه وسيلة أساسية للصيد. في هذا البستان نقدم ترجمة لجزء من كتاب 'المراكب' للدكتور دلوين جونز، والذي صدر عن مطبعة المتحف البريطاني والتي يرصد فيها أهمية المراكب في حياة المصريين القدماء!

'مصر هبة النيل' هذا التعبير اقتبسه المؤرخ اليوناني هيرودوت 'القرن الخامس ق . م' من زائر أسبق منه زمنا لمصر، هو 'هيكاتيوس' الذي صاغها وصارت ملاحظة شهيرة لا تزال تصدق حتي اليوم.
فالنيل الذي يتعرج طريقه تجاه الشمال لمسافة 750 ميلا تقريبا بحذاء الطول الكلي لمصر، لا يوفر لها الخصب المشهور لتربتها فحسب، بل يقدم أسرع وأنسب وسيلة اتصال بين الشمال والجنوب.
وقد طور قدماء المصريين نمطين رئيسيين من المراكب: زوارق البردي الشراعية الخفيفة المستخدمة محليا في القنص وصيد الأسماك في المستنقعات، والمراكب الخشبية المستخدمة في رحلات أطول، وفي نقل الحمولات الثقيلة. وكلا النمطين معروف لنا من نقوش المقابر ونماذج المراكب، ومن المراكب الخشبية الفعلية المكتشفة بجانب الأهرامات الملكية في الجيزة ودهشور.
وليس ثمة حضارة قديمة أو حديثة قد اعتمدت علي النقل المائي في وجودها ونموها أكثر من مصر.
فمن أقدم الأزمان حتي العصور الحديثة، كان النيل هو الشريان الأساسي الذي تحركت بحذائه التجارة والحملات الحربية. وكان السفر برا مضيعة للوقت ومهمة شاقة بصفة دائمة عند المقارنة. ولم يكن في الإمكان تحرك البشر والمواد إلي مشروعات البناء، والحملات الحربية التي قامت بمثل هذا الدور، أن تتم بدون الاستخدام المستمر للنقل المائي. ولذلك ليس مما يثير الدهشة أن المراكب كانت سمة غالبة في حيوات قدماء المصريين، وأثرت أعمق التأثير في تطورهم الذهني وتفكيرهم الديني. وهكذا، كان الدور الأساسي للمراكب يتلخص في عملية النقل المائي، لدرجة أن مصطلحات شروط الحركة إلي الشمال أو إلي الجنوب كانت محكومة بعلامات صورت إما بمركب مرفوع الشراع، وإما بمركب صاريته متوارية عن الأنظار، أو مطوي الشراع. حتي المصطلحات الفنية استخدمت أصلا لتصف مواقع بالسفينة مثل 'ميمنة السفينة'، و'جانب السفينة الأيسر'، وتصور كلمة 'حملة' المصرية برجل جاثي علي ركبتيه وممسك بقوس متبوع بعلامة مركب.

abo rashid
03-01-2006, 01:13 PM
الذي يمنح المراكب!
وتكثر الاستعارات الملاحية. ومن الممكن أن يقال إن 'المعبد' قد رؤي أنه حبل مقدم السفينة للقطر الجنوبي، وحبل المؤخرة للقطر الشمالي.
ويستطيع إنيني أن يتحدث عن الملكة حتشبسوت علي أنها، 'وتر قوس الجنوب، ووتر مرساة السفينة للجنوبيين، وحبل مؤخرة السفينة الممتازة للقطر الشمالي'.
ويسجل نبلاء مثل حارخوف، ونفر* ششمرع، من الأسرة السادسة، في سير حياتهم للمقبرة، أنه بالإضافة إلي إعطائهما الخبز للجائع، والكساء للعاري، قد أحضرا من لا مراكب لهم إلي البلد. ويقيم المتوفي دعوي مماثلة أمام الآلهة المتجمعة في قاعة يوم الحساب بقوله:
'لقد أعطيت الخبز للجائع، والماء للظمآن، والكساء للعريان، والمركب لمن لم يكن لديه مركب'. 'تعويذة'
حقا، كان امتلاك مركب يتطابق بأمانة مع وسيلة البقاء علي قيد الحياة حتي أن رجلا عاش في العصر البطلمي يتحدث عن نفسه بأنه:
'من الذين حموا الضعيف من القوي لكي يكون زورق عبور لكل شخص'.
ومن أقدم الأزمان كان المركب لا غني عنه لبقاء الميت في الحياة الآخرة، وكان من ضمن تجهيزه الجنائزي بصفة دائمة. وكان للأمير 'منخاف' أحد أبناء الملك خوفو * الذي عمل وزيرا خلال حكم 'خفرع' '2520 * 2494 ق . م' * أربعة أنماط مختلفة من المراكب، بما في ذلك قائمة للقرابين منقوشة علي جانب تابوته الحجري. ولا يذكر 'كيمعنخ'، الذي عاش في عصر الأسرة السادسة خمسة أنماط مختلفة للمراكب علي جدران مقبرته في الجيزة فحسب، بل يظهر أيضا 'مسفنه' 'موضع صنع السفن وتجهيزها وإصلاحها' كله بصورة كاملة تشمل العمال وأدواتهم.
وأقدم الصور التمثيلية للمراكب هي تلك المحفوظة علي آنية فخارية مزخرفة من عصر ما قبل الأسرات لثقافتي 'جرزة' و'نقادة الثانية' وفي رسومات الصخور بمصر العليا وبلاد النوبة.
وقد صنعت المراكب المنمنمة من مواد: الطين المحْرّق، والعظم، والعاج، وهي من بين أقدم الأشياء المكتشفة في مصر. وثمة رسم كبير لمشهد التريض بالزوارق، قد زخرف ذات يوم أيضا مقبرة 'جزري' التي اكتشفت في هيراكنبوليس 'نخن، أو كوم الأحمر'، ويظهر مركب علي قطع من قماش الكتان من مقبرة في 'جيبلين'، مبرهنة علي وجود تقليد راسخ تماما لبناء المراكب حتي في هذا التاريخ المبكر. ويوجد مركب مصور علي لوحة 'نعرمر' التي يرجع تاريخها إلي عصر توحيد القطرين حوالي سنة 3200 ق . م وتظهر المراكب فوق حليات معمارية عاجية وخشبية من مقابر الأسرات الباكرة في سقارة وأبيدوس.

المراكب في الطقوس والعقيدة

سفن في المعتقدات الجنائزية
مشاركة مع كثير من حضارات العالم ، اعتقد قدماء المصريين أنه كان علي الموتي أن يعبروا مدي من الماء، موصوف في النصوص بأنه 'طريق مائي متعرج' قبل أن يجتازوا تجربة البعث في الآخرة. وكان السفر بالمركب موضوعا متكررا في أدبياتهم الدينية.
'ربما تصعد روح 'الميت' معك إلي السماء، وربما يسافر في مركب النهار، وربما يرسو في مركب الليل، ويمتزج بالنجوم التي لا تعرف الملل في السماء' 'تعويذة'.
وكانت محطة الوصول هذه تسمي 'حقول القرابين' أو 'حقل الإنتاج وفورة النشاط': بمثابة بلد خصيب استطاع الميت فيه أن يحرث الأرض، وأن يعيش علي المحصول الثري الذي حصده.
'أبواب السماء مفتوحة لك، وأبواب القبة السماوية تنفتح لك علي مصراعيها، حتي أنك تستطيع أن تنتقل بمركب إلي 'حقل الإنتّاج'، وربما تجني القمح المزدوج الحبة، وتعد غذاءك من هناك مثل حورس بن أتوم' 'تعبير'.
وفي وقت لاحق عبر عن الفكرة نفسها مرات كثيرة الكاتب 'تجْري' ، الذي عاش إما في ظل حكم تحوتمس الأول، أو في ظل حكم حتشبسوت '1504 * 1458 ق . م' عصر الأسرة الثامنة عشرة:
'إنك تعبر في 'مّعدٌِيّةي' دون أن يعوقك شيء. وتسافر فوق ماء الفيضان المتدفق. وستعود للحياة مرة أخري...'
ولذلك كان امتلاك مركب يعد ضرورة أساسية مسبقة للبقاء علي قيد الحياة في كل من الدنيا والآخرة، وثمة تعاويذ كثير تناشد الآلهة أن تمد المتوفي بوسائل الانتقال إلي العالم الآخر:
'آه، يا مقاييس حورس لسبر الأغوار، آه، يا أجنحة تحوت أعبري بي، ولا تتركيني بلا مركب'. 'تعبير'.
'يا تحوت'، اسمعني أنت الذي أزلت كل عائق من أمامي، ولن أكون بلا مركب، إنني لن أتحول بعيدا عن الأفق، لأنني 'رع'، لن أكون بلا مركب في العبور العظيم' 'تعويذة'.
حتي الملك نفسه لم يكن محصنا ضد هذا الخوف:
'زوارق العبور تجهز لابن أتوم ليس بلا مركب، الملك متجه إلي ابن أتوم، وابن أتوم ليس بلا مركب' 'تعبير'.
ولكن، مادامت الأغلبية لم تملك الوسائل لتمدهم بمراكب كاملة الحجم، كان عليهم أن يقنعوا بصنع نماذج مصغرة تصلح أن تكون بدائل سحرية للمراكب وبهذا تضمن لهم وسيلة انتقال إلي العالم الآخر.
ولأن الآلهة والنجوم قد عبرت السماء ومياه العالم السفلي بمركب، فيلزم الميت أيضا أن ينضم إلي إله الشمس في مركبه، ويعبر السماء بالنهار، ونهر العالم السفلي بالليل.
وقد أدي الخوف من الاندفاع إلي الشاطيء بدون مركب إلي استخدام ما يسمي 'المِعّدٌّاوِي'. وفق أحد المتون. وأتاحت هذه التعويذة للميت أن يستدعي 'مِعدٌّاوِي' الممر المائي المتعرج'، وسمي أيضا 'الناظر تجاه الخلف'، لأنه يلتفت إلي الخلف، وهو يدفع مركبه بعمود إلي الأمام ليعبر به إلي الجانب الآخر:
'أوه، رع أرجو أن توصي بي مِعدٌّاوِي الطريق المائي المتعرج، الذي يعبر فيه بالآلهة إلي الجانب الأبعد للطريق المائي المتعرج إلي الجانب الشرقي للسماء'.
وخلافا 'لقارون' المعداوي الإغريقي الذي كان يطلب 'أوبول' ، قطعة نقد أغريقية تساوي سدس دراخما كأجرة لكي ينقل الميت عبر نهر 'أجسطْقْس' 'نهر الجحيم الرئيسي عند الاغريق'، كان 'مِقدٌّاوِي' المصريين إلي الآخرة شخصية يصعب إرضاؤها ويتعذر شراؤها بسهولة. وكان علي الملتمس أن يوضح أولا أنه كان طاهرا وبريئا من العيب الخلقي.
'أوه، أنت يا من تنقل الرجل الصالح بلا مركب مثل مِقدٌّاوِي حقل الإنتاج، لقد قدر لي أن أكون صالحا في السماء وفوق الأرض'.
حتي أنه عرف اسم المعدٌّاوِي، وأسماء جميع أجزاء المركب، وأخيرا وليس آخرا، امتلك خفة الحركة الذهنية * أي أخذ يحكي:
'ربما تسافر علي متن زورق عبور، لأنك تعرف عدد أصابعك' 'تعويذة'.
وبعد أن يجتاز الميت هذا الاستجواب فحسب، له أن يتوقع حصوله علي إذن ليدخل زورق العبور، وينتقل من هذا العالم إلي العالم الآخر.


.

abo rashid
03-01-2006, 01:14 PM
نصوص جنائزية
تكشف متون الأهرام المنقوشة علي جدران الأهرامات الملكية للأسرتين الخامسة والسادسة، ومتون التوابيت الخشبية للدولة الوسطي أن قدماء المصريين قد اعتقدوا من تاريخ مبكر أن إله الشمس 'رع' عبر السماء أول الأمر علي قصبة عوامتي 'سخنوي' وبعدئذ علي مركبين في هيئة نبات البردي * مركب النهار، واسمه' مِعِنْدِجتْ' ويقوم فيه برحلته من الشرق إلي الغرب أثناء النهار، ومركب الليل، واسمه 'مِسْكِيّتْ'، ويقوم فيه برحلته من الغرب إلي الشرق بالليل، عبر العالم السفلي 'دوات'.
وقد عين علماء اللاهوت المصريون موضع العالم السفلي في زمن بعينه في نطاق السماء أو جسد الإلهة 'نوت' نفسها، وتحت الأرض في مكان سموه 'السماء السفلي'. وتدفق عبر العالم السفلي رافد عظيم من روافد 'تون' المياه البدائية الذي طوق العالم، وانبثقت منه الحياة'، والذي سافرت عليه مركب رع 'مِسْكِيّتْ' خلال ساعات الليل حتي انبثق من جديد في الصباح في الشرق.
وتواصل 'كتب' ، أو 'تعاويذ' الدولة الحديثة مثل 'كتاب ما في العالم الآخر' 'أمدوات'، و'كتاب البوابات' و'كتاب الكهوف'، و'كتب الليل والنهار' وعرض الموضوع نفسه، وجميعها لها أصولها لها في 'متون الأهرام ومتون التوابيت' الأقدم زمنا، وعلي الرغم من أن كلا منهما يعرض 'مغايرته' لرحلة إله الشمس، وعملية التحويل والتجديد التي كان عليه أن يمر بها خلال رحلته الليلية، وكلها تصف من ناحية الجوهر، هبوط 'رع' إلي العالم السفلي في الليل في الغرب، وبزوغه المؤزر من جديد في الفجر في الشرق علي أنه 'خبري' 'الذي يأتي إلي الوجود' في شكل جعران الخنفساء.
وبالتساوي، استطاع المصريون أن يتصوروا الحياة والموت علي أنهما جزء من دورة دائمة حيث ابتلعت إلهة السماء 'نوت' مركب الشمس في المساء قبل مروره عبر جسدها خلال الليل لكي يبزغ من جديد في الصباح بين فخذيها. وهذا المفهوم الشائع مصور بوضوح علي التابوت المرمري للملك سيتي الأول '1306 * 1290 ق . م' وعلي سقف غرفة دفن رمسيس السادس '1151 * 1143 ق . م' في وادي الملوك.
وعلي الرغم من أن إله الشمس يصور دائما بأنه الشاغل الوحيد للمركب، لكنه في حالات كثيرا ما يكون مصحوبا بحاشية من آلهة أخري يعملون كطاقم له. وتتكون هذه الآلهة عادة من 'وب * واوت' 'فاتح الطريق' ، و'جب' 'إله الأرض' ، و'تحوت' 'إله الكتابة'. و'حكا وسيا' هما التشخيص للقوة السحرية والمعرفة، و'حو' هو المبدأ المقدس للنطق الإبداعي.
وكثيرا ما تري 'ماعت' ربة النظام المقدس والعدالة، واقفة فوق مركب الشمس. وكان دورها كسيدة للمركب كما يفيد اسمها أن ترشده إلي طريقها. وفي مشاهد أخري، تحتل مكانها في المركب آلهة أخري، مثل: حورس الذي يصور برأس صقر 'العابد'، وتحوت 'ثور الحق'، وست 'المتيقظ'، وحورس آخر يسمي مرشد المركب' وفي مناسبات كثيرة يقال إن المركب قد حشدت بالنجوم:
'سوف يسافر الملك علي متن المركب مثل 'رع' فوق ضفاف الطريق المائي المتعرج.
وسوف تقوم النجوم التي لا تكل بالتجديف لمركب الإله. وسوف يصدر الأوامر للنجوم غير القابلة للفناء...'
وما إن يحظي بالقبول للالتحاق بالمركب، يتوقع الميت أن يكون عضوا ناشطا في طاقم المركب: 'أنا ذلك الذي يجدف، ولا يتعب في مركب رع' إنني آخذ مجدافي، وأجدف للإله رع حين يعبر السماء..'.
ويجب عليه أيضا أن يساعد في مهمة حبال الأشرعة والساريات: 'إن مركب رع تسافر في الهاوية 'أعني، نون' وأنا الذي أتولي حبل المقدمة 'تعويذة'، و'أنا المسئول عن حبال الأشرعة والساريات في مركب الإله' 'تعويذة'.
وكان متوقعا أيضا أن يشرف علي طاقم المركب: 'أنا الذي أسيطر علي مركب الإله خدمة له.
وكان مسموحا له أن يدير دفة المركب: 'أعني الميت' * إنه ابن رع الذي يدير دفة مركبه، سوف أسافر أعلي النهر عند المنعطف سوف أوجه الرحلات 'تعويذة'.
وكثيرا ما يؤكد الميت أنه قد أدي مهامه بكفاءة ويتباهي بأنه قد ساعد في طرد الثعبان العظيم، أبو فيس، بطل رع الرئيسي في العالم السفلي.

صور تمثيلية لمركب الشمس

علي نحو يمكن افتراضه، توجد صور تمثيلية لمركب الشمس، فوق جميع الحليات الخشبية، والعاجية، والعظمية المصرية المبكرة.
وتتميز هذه المراكب بمؤخرة علي شكل 'منجل' وحصيرة واقية أو 'وقاء' يتدلي فوق المقدمة. وهي مجهزة بقطع متباينة من أثاثات ظهر المركب التي لاتزال دلالتها الدقيقة موضع حدس: حافة بها تسع ريشات من ريش النعام، مثل ريشة الإلهة 'ماعت' بين حاجزين ونوعين من 'الرايات' مطوقين أحيانا بصقور أعلي الساريات، وأخيرا، علي أقل تقدير بنمطين من رقع الشطرنج، وثمة صورة فريدة لمركب الشمس الليلي علي سقف مقبرة رمسيس السادس، من الأسرة العشرين: تظهر المركب، موجهة علي نحو دقيق، ومبحرة ناحية مطلع الشمس.
وقد بقيت نماذج قليلة من مراكب الشمس من مقابر الدولة الوسطي، وبالذات من منطقة البرشا ومقابر مير القريبة من بلدة القوصية، ولكنها نادرة. ويكمن غرضها، كما تخبرنا متون الأهرام، في رغبة الميت في أن ينضم إلي الإله رع في مركبه. وعلي الرغم من أن الحفظ الكلي للملك الميت أصلا، إلا أن الانتفاضات الثورية السياسية والدينية التي صاحبت مختتم الدولة القديمة أحدثت تغييرات كثيرة، وسرعان ما أصبحت رغبة كل شخص هي أن ينضم إلي الإله 'رع' بعد الموت، فكانت النتيجة أن تحوي 'متون التوابيت' وفيما بعد 'كتاب الموتي' تعويذة لمرافقة المركب العظيم للإله رع.
وثمة نسخ فعلية طبق الأصل وكاملة الحجم لمراكب الشمس واقفة في معابد الشمس 'الهليوبوليتانية' للأسرة الخامسة. وكانت موضوعة خارج المعابد متوازية مع جدرانها الجنوبية. و'مركب شمس' الملك ني * أوسر * رع '2416 * 2392 ق. م' من الأسرة الخامسة * اكتشف عالم المصريات الالماني لودفيج بورخارت في سنة 1900 نموذج مقلد له، طوله 30 مترا، مبنيا بالأجر، جنوبي معبد الملك للشمس، في 'أبو غراب' قرب 'أبو صير' موجها علي محور شرق * غرب، ومقدمته ناحية الشرق.

رحلات جنائزية

تحوي مقابر من الدولة الوسطي فصاعدا نمطين من المشهد الذي يصور رحلات قام بها الميت بطريق الماء، أو تخيل أنه قام بها بعد الموت.
المشهد الأول، والشائع إلي أقصي حد، يصور رحلة 'وأشير إليه كثيرا في المؤلفات الحديثة علي أنه 'رحلة حج' اعتقد أن الميت يقوم إلي مواقع 'بوزيريس' 'أبوصير بنا'، أو أبيدوس المقدسة، المرتبطة تقليديا بمولد وموت الإله أوزيريس، وعلي الرغم من أنه عبد أصلا في 'بوزيريس'، لكن عبادته سرعان ما انتشرت في أنحاء مصر كافة حيث اتخذت موقعها آخر الأمر في أبيدوس. ومن الدولة الوسطي، رغب كل مصري تقي في أن يزور أبيدوس في فترة حياته لكي يرتب الأمر لدفنه هناك أو ليشيد مصليا تذكاريا علي أرضها المقدسة، أو ليشارك في 'عيد أوزيريس' الذي يحتفل به سنويا.
وعلي الرغم لكن أغلبية المصريين قد دفنوا قرب بلدانهم وقراهم، بيد أن كل واحد منهم، سعي بعد الموت إلي أن يقوم برحلة واحدة أخيرة إلي الأماكن المقدسة لكي يضمن عطف الإله عليه في العالم الآخر. ولكن لأن مثل هذه الرحلة التالية للوفاة.
ربما أصبحت في ذلك الوقت رحلة رمزية أكثر مما هي حقيقية، والمشهد المرسوم علي جدار مقبرة أو علي نماذج خشبية لمومياتهم فوق مراكب، كان عليه أن يخدم في مكانه. والمشهد مختزل دائما إلي عناصره الجوهرية تقريبا: مركبان جنائزيان، إما يحملان مومياء المتوفي علي نعش، وإما التماثيل القعيدة للزوج والزوجة مسحوبين بمركب شراعي، أو بمركب بمجاديف، ممثلين للرحلتين إلي ومن مكان الحج. وفي بعض الأحيان يدمجان في مشهد واحد، أو يرسمان أحدهما بجانب الآخر في الجدول نفسه.
والمشهد الثاني يوجد بشكل شائع في مقابر كثيرة، ويصور العبور الفعلي للنيل في يوم الدفن والرحلة البرية إلي 'مدينة الموتي' القائمة علي الضفة الغربية. ولم يستخدم مركب جنائزي بالحجم الكامل لينقل مومياء الميت عبر النهر فحسب، ولكن عند الوصول إلي الضفة الغربية، يحول التابوت إلي مركب في شكل نبات البردي أو إلي نعش في شكل مركب، إما حقيقية، وإما منمنمة يسحبها رجال وثيران علي زحافة * وفي حالات نادرة علي عربة ذات عجلات أربع * إلي رحلته النهائية عبر الصحراء إلي المقبرة.
ودائما ما يكون نمط المركب الظاهر في كلا المشهدين، أي 'مشهد الحج' و'المشهد الجنائزي' في صورة نبات البردي من حيث الشكل، إما بقمة عمودية مرتفعة عند مقدمة المركب، وإما بقمة في شكل المنجل عند طرف المؤخرة من سيقان نبات البردي، أو بقمتين متناظرتين في الشكل بالتصميم نفسه، ومزخرفة برايات خفاقة تنحني داخل المركب برشاقة. وتحمي مومياء الميت أو التماثيل القعيدة للميت تحت ظلة في شكل ضريح في وسط السفينة، ويزود المركب بمجدافين علي كل ناحية، وراحتهما مزخرفة بأزهار اللوتس الأنيقة، و'عيون أوجات'. وكثيرا ما تكون قمم الساريات، وأطراف المجاديف مزخرفة بأشكال ابن آوي المنقوشة أو برؤوس الصقور.
وعادة ما يكون الهيكل مطليا باللون الأخضر، لون البعث، ومزخرفا بانتظام بطول جانبيه إما بخطوط ضيقة مجردة، وإما بأنماط مستطيلة تسير متوازية مع الحافة العليا منه. وكان 'عيون أوجات' المقدسة مرسومة علي جانبي مقدمة المركب لتحميه هو وشاغليه من الأذي

abo rashid
03-01-2006, 01:15 PM
مراكب مقدسة

كان ثمة نوعان من المراكب المقدسة، إما مسحوبة في موكب، وإما محمولة علي أكتاف الكهنة، ومراكب بالحجم الكامل، وصنادل نهرية تستخدم في حمل المقاصير المتنقلة وصور الآلهة علي النيل، وعبر القنوات أو البحيرات المقدسة خلال الاحتفال بالأعياد الدينية.
وكان لكل اقليم مركبه الخاص الذي يخزن في قدس أقداس خاص به بالمعبد الرئيسي. وخلال الاعياد الكبري، كانت صور الآلهة تزال من مقاصيرها، وتؤخذ في موكب حول المعبد أو لتزور الآلهة المجاورة. وفي مثل هذه المناسبات، كانت الصورة تنقل من موقع إلي آخر في مقصورة مركب متنقلة في تقليد للآلهة التي اعتقد أنها تعبر السماء في مراكب سحرية.
وعندما كان يحتفل بعيد الإله المحلي في أوقات خاصة من السنة، أو حين يترك الإله أو الإلهة المناطق المحيطة بمعبده أو معبدها ليزور أو لتزور معبودا آخر في مكان ما آخر، كانت المراكب المتنقلة تحمل إلي الخارج علي أكتاف كهنة المعبد وسط ابتهاج عظيم.
وكانت المراكب المتنقلة الحاوية لتماثيل عبادة الآلهة أو الملوك مصنوعة في شكل مراكب منمنمة علي هيئة نبات البردي، ومزخرفة ، بالذهب والأحجار الكريمة. وكانت هياكلها مذهبة، وقممها عند المقدمة والمؤخرة منقوشة وفق شبه الآلهة أو الملوك الذين تحملهم.
وكان مركب أمون * رع المتنقل يحمله فوق خمس قوائم حمل، ثلاثون كاهنا حليقي الرؤوس، مطهرين، وكثيرا ما يظهرون وهم لابسون أقنعة حورس وأنوبيس كممثلين لأرواح مراكز العبادة القديمة * بكل من 'بي' إحدي عاصمتي الوجه البحري، و'نخن' إحدي عاصمتي الوجه القبلي 'كان للوجه البحري عاصمتان' 'بوتو' و'بي' وللوجه القبلي عاصمتان أيضا 'نخبت' و'نخن' .
ويمشي أمام ووراء المركب كهنة آخرون يحملون المراوح، وعلي كل من الجانبين الملك وكبار الكهنة
ويتباهي أفراد كثيرون بأنهم قد بنوا مثل هذه المراكب. ويخبرنا أمنحوتب الثالث '1391 * 1353 ق . م' أنه قد صنع مقصورة مركب متنقل. وأعلن : 'لقد تسلم أمون مركبه المقدس لمعبده في طيبة ليكون مكانا لراحة سيد الآلهة في عيده للوادي......'
وبالمثل يخبرنا مونتومحات 'أمير طيبة' في بداية الأسرة السادسة والعشرين، أنه قد زخرف أو جدد عددا من المراكب المتنقلة * أعني مراكب أمون * رع، وموت التي من Ashru، والطفل خونسو، وباستت المقيمين في طيبة، وأعاد بناء مركب أوزيريس في أبيدوس حين وجده مدمرا.
وقد بدأ أمنحوتب الثالث عمل مجموعة متتالية من النقوش البارز علي الجدار الشرقي لبهو الأعمدة الموكبي في معبد الأقصر، وأكملت في أيام حكم توت * عنخ * أمون '1333 * 1323 ق . م' تسجل بتفصيل عظيم الأبهة والاحتفاء اللذين أحاطا باحتفال العيد العظيم للمعبودة 'أبت'. وفي أثناء هذا العيد، كانت مراكب أمون المتنقلة، ومراكب زوجته 'موت'، وطفلها 'خونسو' تحمل إلي الخارج في موكب من معبد الكرنك إلي النيل. وهناك يحمل كل واحد منهم فوق صندل نهري بحجمه الفردي الكامل.
وكان يصحب الموكب جمهور غفير من أهالي طيبة، وفرق عسكرية من الجيش، والكهنة والمغنون.
وعند وصولهم إلي معبد الأقصر، كانت المراكب المتنقلة توضع في أقداسها الفردية. وبعد إتمام هذا المهرجان الاحتفالي، كانت تعاد إلي معابدها الخاصة بها في الكرنك عن طريق النهر.

أوسرحات

ربما تعني كلمة 'أوسرحات' 'الجؤجؤ القوي للمركب'، أو لصندل نهري عظيم لرأس النهر، وكما سمي أحيانا، كان هو الصندل النهري المقدس الأشهر، واستخدم في وطيبة خلال أعياد دينية كمعبد فعلي عائم لينقل مركب أمون * رع المتنقلة، وهو ملك الآلهة من مركز عبادته في الكرنك إلي موقع مقدس آخر خلال عيد المعبودة 'أبت' والعيد الجميل للوادي.
وخلال مثل هذه الاحتفالات، كانت تسحبه مراكب أخري إلي النيل حتي معبد الأقصر، أو بمحاذاة قناة وصلت النيل بالضفة الغربية، ليزور المعابد الجنائزية التي كانت تقع هناك. وقد أتاح بقاء مشاهد عديدة تصور المركب للعلماء الباحثين اعادة بناء مظهره ببعض التفصيل، وعلي الرغم من أن تركيبة الرموز وأفراد طاقمه نتباين علي مدي السنين، لكن سماتها المميزة تبقي راسخة بشكل لافت للنظر.
وكانت قمم مقدمة ومؤخرة المركب منقوشة في شكل رؤوس كباش مع أفاعي الكوبرا علي جباهها، ولابسة تيجان 'أتف' 'رمز الاتحاد بين الجنوب والشمال' التي تعلوها أقراص شمسية، واكتست من أسفل بياقات عريضة.
ووقف علي الظهر الامامي للمركب، صقر قائم متوج بقرص شمسي، وريش مزدوج، وخلفه مباشرة، فوق جانبي السفينة الأيسر والأيمن، وقفت صور للإلهتين 'ماعت'، و'حتحور' وصورة لأبي هول ملكي فوق حامل عمودي.
وتعلو أربعة أعمدة طويلة نحيلة برؤوس برعم زهرة اللوتس 'خراطيش الملك الحاكم'. وفي وسط المركب وقفت صقور بأقراص شمسية، وتيجان بريش مزدوج أمام مقصورته. وفي مؤخرته مباشرة وقفت مسلتان طويلتان مغلفتان بالذهب، وخلفهما ساريتان مكسوتان بأعلام خفاقة. وفي بعض الأحيان تمثل مجموعة من الأرواح الجاثية أرواح العاصمة 'بي'، والعاصمة 'نخن' وهي تقدم فروض الطاعة والولاء للناووس المركزي الحاوي لمقصورة مركب أمون المتنقلة.
ويستقر المركب المتنقل داخل مقصورة فخيمة بوسطه تحت مظلة قائمة فوق أعمدة نحيلة ، وقد حجبت المقصورة في زمن أسبق، ولكنها ظهرت مكشوفة فيما بعد، وكان لها كورنيش وأفريز من أفاعي الكوبر، وأعمدة 'دد' 'رمز أوزيريس'، وكان جانبها المكسو بألواح خشبية مزخرفا بخراطيش ملكية وبأفاعي الكوبرا، وأعمدة 'دد' وبتمائم 'تيت'.
وكان المركب الضخم يوجه بمجدافي إدارة كبيرين معلقين فوق كل طرف، وكان يعلو الأطراف السفلي لمجاديف الإدارة والقوائم المدعمة لها رؤوس كباش. وكان الطول الكامل للهيكل مغطي بالذهب من الجانبين، ومزخرفا بألواح بها صور للملك والآلهة، وهم يقومون بدورهم في الاحتفالات الدينية العديدة.
ويوجد نموذج خشبي محفور بغير تهذيب لمركب أمون المقدس بقمم علي هيئة رأس الكبش، موجود في المتحف البريطاني. وقد اختفت مقصورته التي بوسطه، وعلامات مميزة أخري، منذ زمن طويل، ولكنها كانت ذات يوم مطلية باللون الأصفر تقليدا لرقائق الذهب التي غطت ذات يوم مركب أمون * رع الحقيقي.
ويحكي كثير من الملوك وكبار المسئولين بالدولة كيف أعادوا تأثيث مركب، أو بنوا مركبا جديدا. ويخبرنا الملك أحمس، مؤسس الأسرة الثامنة عشرة، فيما قد يكون أقدم مرجع نصي موجود حتي الآن عن المركب، أنه قد بني مركب 'بداية النهر' المسمي 'أوسرحات' من خشب الأرز الجديد الذي جلبه من أفضل سفوح المنحدرات 'يقصد جبال لبنان'.
وقد ترك لنا أمنحوتب الثالث وصفا كاملا لسفينة، فوق لوحته العظيمة بمعبده الجنائزي في طيبة الغربية:
'لقد صنعت مأثرة لأبي أمون * رع رب تاجي القطرين الذي وضعني علي عرشه، ببناء مركب عظيم له علي النهر، هو أمون * رع راسخ الجبين، من خشب أشجار الصنوبر الجديد، التي قطعتها جلالتي في بلاد أرض الإله. وسحبها من جبال Retjenu كل رؤساء البلاد الأجنبية. إنه مركب عظيم هائل الاتساع، لم يصنع مثله ذات يوم. وداخله مصنوع من الفضة الخالصة، وهو كله من الذهب، وتملأ السطح كله مقصورة عظيمة من الذهب الرائع. وينتهي مسقط طوله مرتين، وهي تحمل تيجان 'أتف' * 'رمز اتحاد القطرين' * العظيمة. وأفاعي الكوبرا ملتفة علي جانبيه لتوفر له الحماية. وفي مقدمته تقوم ساريات أعلام مشغولة بالذهب الرائع، ومسلتان طويلتان عظيمتان تقومان بينها. إنه مركب جميل من جميع جوانبه، وإشارة إلي المقدار الضخم من الثروة التي أغدقت علي زخرفته، يقدمها نقش آخر في معبد رمسيس الثالث:
الكترون: 50.000 دبن، فضة: 4000 دبن، نحاس مخلوط: 2000 دبن، نحاس خالص: 300.000 دبن، لازورد: 3600 دبن، حجر ملكيت أخضر 6600 دبن، أحجار كريمة: 3300 دبن.
'1 دبن= 91 جرام'

abo rashid
03-01-2006, 01:17 PM
مصادر الدليل

بصرف النظر عن نقوش المقبرة، ونقوش المعبد البارزة، التي هي المصدر الشائع الأغلب للمعلومات، بيد أن معرفتنا عن السفن مشتقة من نماذج المقبرة، ومن مراكب حقيقية نجت من عوامل إتلاف الزمن مثل مركب الملك خوفو، والمراكب التي اكتشفت مدفونة بمحاذاة هرم سنوسرت الثالث 'حوالي 1878 * 1841 ق. م' في دهشور عن رسم مركب الملك خوفو.
وحيث أنه يشار إلي نقوش المقبرة ونقوش المعبد البارزة من أول الكتاب إلي آخره، فإن هذا القسم سوف يركز علي الدليل المادي المستمد من مصادر أخري.

نماذج المركب

لقد ساد الاعتقاد بأن الميت سيحتاج إلي استخدام مراكب كثيرة، سواء أكانت مراكب حقيقية، أم مراكب مقدسة في الآخرة، تماما مثل الأدوات المنزلية الأخري. وكان لكل مركب اسم محدد، وشكل ووظيفة. وقد بقي العديد من المراكب الخشبية والعاجية والفخارية الصغيرة من الفترة المبكرة، ولكن ليس واضحا إن كانت هذه المنمنمات يمكن أن تصنف كنماذج لاستخدام الميت في العالم الآخر، أو كلعب للأطفال.
وقد أصبح نموذج المركب جزءا منتظما من تجهيزات الدفن لأول مرة في الأسرة السادسة.
وعادة كان ثمة مركبان اثنان علي أقل تقدير يشتمل عليهما الدفن، أحدهما مجهز بشراع من أجل الرحلة أعلي النهر، وآخر بسارية منزوعة من جزئها الأدني، وأخفيت بعيدا علي سطح الهيكل العلوي من أجل تسيير المركب بالمجاديف في أدني النهر. ولكن هذه المراكب المنمنمة ليست نماذج كما يفهم المصطلح اليوم، ولكنها أشياء منعم عليها بقوة سحرية تمكن الميت أن ينتقل من هذه الحياة إلي الآخرة، ومن أن يكون مستغنيا عن أفضال 'المِعدٌّاوِي' السماوي.
وعلي الرغم من أن نماذج المركب توجد في مواد متباينة مثل: الفخار، العظام، المعدن والعاج، لكن الأغلبية العظمي بصرف النظر عن نموذج فريد مدفون قرب مصطبة أمحوتب في بلدة 'اللشت' بجنِيٌّ بدقة بالطريقة نفسها، وبعدد الألواح الخشبية الثقيلة والسميكة نفسه كمركب كامل الحجم، محفور ومشكل من كتلة متينة من الخشب عادة. ولكن القمم عند المقدمة والمؤخرة، والهيكل العلوي، والمنصات المطلة، والسارية، وباقي التجهيزات فهي مصنوعة من قطع منفصلة من الخشب مثبتة بالبدن الرئيسي للهيكل. وعادة ما يكون الهيكل الكلي مغطي بطبقة رقيقة من 'الجبس التصويري' 'جبس ممزوج بالغراء يستعمل للرسم أو للنقش الضئيل البروز' والطلاء. وفي نماذج مبكرة يظهر الهيكل الداخلي للمركب في منمنمة. ولكن فيما بعد، مثلت أجزاء المركب المختلف تصويريا بشكل تخطيطي بطلاء متباين الألوان. اللونان الاحمر والاصفر للألواح الخشبية، وعارضة التشغيل، واللون الأبيض لفتحات سطح المركب المتحركة، واللون الأسود لنعوش من الجلد والحبال الرفيعة.
تندرج النماذج علي أساس الوظيفة في ثلاث فئات رئيسية: مراكب اعتقد أن الميت ربما يكون في حاجة إليها في الحياة الآخرة للسفر وحمل الحمولات، والصيد أو المتعة، ومراكب مستخدمة في أغراض جنائزية لنقل مومياء الميت عبر النيل أو لتأخذه في رحلات إلي أبيدوس، أو إلي مواقع مقدسة أخري، وأخيرا، مراكب سحرية * 'مقصورة عادة علي أفراد الأسر المالكة، مع وجود أمثلة قليلة منها في بعض المقابر الخصوصية' * من استخدام الملك * في مركب شمسي أخروي ليعبر السماء بالنهار والعالم السفلي بالليل.
ويجب ألا يختلط الأمر بين هذه المراكب السحرية والمراكب الجنائزية أو مراكب الركاب التي كان غرضها الوحيد هو أن تزود الميت بوسائل مماثلة للنقل في العالم الآخر، لتلك التي استمتع بها علي الأرض.
وقد اكتشف جوستاف جيكويه ستة عشر نموذجا إضافيا في حفرة كبيرة بجانب هرم الملكة 'نيت' 'زوجة بيبي الثاني' في سقارة. وكانت هياكلها مصاغة كما كان الأمر من قبل، من كتل متينة من الخشب مع الهيكل العلوي والقطع الأكثر دقة منحوتة من قطع منفصلة من الخشب وركبت في الهيكل بأوتاد أو بوصلة نقر ولسان.
وكان كل مركب مزودا بتجهيزاته الخاصة: مجاديف إدارة كبيرة الحجم مع أذرع دفة بارزة، ومجاديف وكان كل مركب مزودا بتجديف أو لوحات مركبة في عجلة التجديف ذات راحات في شكل المبضع، وألواح لعملية الرسو، ونزاحات للماء، ومطارق خشبية، ومراسي 'حبال، وهلب، وزناجير'. وقد اعتقد جيكويه أن هذه المراكب قد تم التخلي عنها علي ما يحتمل بعد أن أدت غرضها علي نحو سحري بنقل مومياء الميت عبر النيل.
وقد اكتشفت المجموعة الكبيرة الأخيرة التي بقيت من الدولة القديمة عند فتحة الممر الجنائزي الرأسية لمصطبة 'كيمسنو' من الأسرة السادسة. وهي أحد عشر نموذجا لمراكب خشبية، نقوشها خشنة ومجهزة بمجاديف وساريات مزدوجة الساق، وغير ذلك من الكماليات.
وإلي حد كبير، يأتي أكبر عدد من نموذج المراكب المحفوظة في مجموعات المتاحف اليوم من الدولة الوسطي، وليس ثمة ما هو أفخم من المركب الذي يخص 'مكترع' مستشار الملك 'نب * حبت * رع * منتوحتب الثاني' '2061 * 2010 ق . م'.
وقد اكتشف هذه المراكب ه . إ. ونلوك، في شهر مارس 1920 في مقبرة إلي الجنوب قليلا من معبد منتوحتب في الدير البحري، ويتكون الأسطول الصغير من أربعة مراكب سفر: اثنين بأشرعة، واثنين بمجاديف، بالإضافة إلي مركبين لتموين مطابخ المراكب الأخري، وأربع سفن في هيئة نبات البردي من نمط مماثل لمركب خوفو، ومركبين للرياضة، وزورقين خفيفين من نبات البردي بينهما شبكة من الحبال لصيد الأسماك .
وثمة نموذج لمركبين فحسب معروفين من الفترة بين الدولتين الوسطي والحديثة، ولكنهما علي النقيض إلي أقصي حد، أحدهما من الذهب، والثاني من الفضة. وقد عثر عليهما في مقبرة أم الملك أحمس '1552 * 1527 ق. م' الملكة آمحتب والنموذج الذي من الذهب مشيد في هيئة نبات البردي من حيث الشكل مع ظلة أنيقة كورقة البردي عند المقدمة والمؤخرة، طولها حوالي 3 و 4 أمتار. ويقوم بتجديفه اثنا عشر رجلا جالسين بمحاذاة الحواف العليا للمركب علي كل من الجانبين، وّتسجيٌّرج بمجداف إدارة واحد كبير عند المؤخرة. وثمة منصات مطلة من مقدمة ظهر المركب إلي مؤخرته. ويقوم المركب كله علي عربة ذات أربع عجلات. وتظهر عربات مماثلة في نقش من مقبرة 'سوبك * نخت' من الفترة المتوسطة الثانية ببلدة 'نخب' 'الكاب' وفي مشهد من فترة لاحقة، من مقبرة 'بتوزيريس' يرجع تاريخها إلي القرن الثالث ق . م. والنموذج الذي من الفضة مشيد في هيئة نبات البردي أيضا من حيث الشكل، ويقوم بتجديفه عشرة رجال خمسة علي كل جانب.
والأسطول الصغير مقسم إجمالا إلي نمطين رئيسيين: مراكب تمثل سفنا حقيقية مستخدمة علي صفحة النيل، وتلك التي تمثل سفينة ذات طبيعة طقوسية بدرجة أكثر.
وتشمل المجموعة الأولي اثني عشر مركبا شراعيا صغيرا، كل واحد منها بسارية واحدة ومجداف إدارة واحد، وأربع سفن ذات هياكل علوية فوق وسط كل منها، ومجداف إدارة واحد، وتوجد باثنين منها جواسق مزخرفة علي ظهرها الأمامي، وثمانية مراكب بوسط كل منها، يقوم هيكلان علويان منسقان طبقة فوق طبقة ومجاديف إدارة مزدوجة .
وتشمل مراكب النمط الثاني مركبين مزخرفين يمثلان العوامات القصبية ذات قمم مطلية تحاكي حزم نبات البردي، وثمة مركبان من هذا النمط توصفان بوجه عام علي أنها مراكب جنائزية، وهما ذات مقدمة ومؤخرة، وينتهيان بظلل منحنية إلي الداخل تجاه مراكزهما، وأخيرا توجد أربعة مراكب من نمط مركب الشمس لها مقدمة عمودية ، وقمم في شكل المنجل عند مؤخراتها. وبوسط هذه المراكب عروش مكعبة الشكل مماثلة لتلك التي تظهر علي جدران المقبرة، وفي الصور المنمنمة لأوراق البردي الجنائزية. وباستثناء الصنادل التي تكون أحيانا مزودة بأعمدة أو بمجاديف، كانت كل هذه النماذج مزودة بمجاديف إدارة مزدوجة عند المؤخرة.

.

abo rashid
03-01-2006, 01:19 PM
حجفّرج المركب

حتي اكتشاف مقابر الأسرة الأولي في سقارة، كان ثمة اعتقاد بأن إدخال مراكب كاملة الحجم بمحاذاة المقابر قد بدأت في الأسرة الرابعة واقتصرت علي أفراد الأسرة الملكية. ولكن حين اكتشف 'إِمري' قبرا من الآجر يحوي مركبا شراعيا خشبيا شمال مصطبة الملك 'عحا' في سقارة ومراكب أخري في الموقع نفسه تحقق العلماء من فورهم أن تلك الممارسة كان لها أصولها في عصر موغل في القدم. وأكد اكتشاف زكي سعد، فيما بعد لتسعة عشر قبرا للمراكب الشراعية الخشبية مدفونة قرب مقابر فردية في 'حلوان' أن الممارسة لم تكن حكرا علي أفراد الأسرة المالكة وحدهم، ولكن كانت عادة أيضا بين أفراد الطبقات الراقية. ولأن الطبقات الفقيرة بدرجة أكثر لم تحتمل تكلفة المراكب كاملة الحجم، فرض عليها أن تقنع أنفسها بنماذج لها فحسب.
وكان للملك خوفو '2551 * 2528 ق . م' خمس حفر للمراكب كشف عنها الحفر حول هرمه في الجيزة. تقع اثنان منها موازية لوجهه الشرقي، شمال وجنوب المعبد الجنائزي. وتراصفت حفرة أخري مع الممر المرتفع، وحفرتان موازيتان لجانبه الجنوبي * فتحت واحدة منهما، وبقيت الأخري مسدودة بإحكام بكتل من الحجر الجيري. واكتشف Chassinat قرب هرم 'رع * ددف' '2528 * 2520 ق . م' في أقصي شمال أبو رواش.
واكتشف أيضا أربع حفر كبيرة للمركب في شمال وجنوب معبد خفرع الجنائزي '2520 * 2294 ق. م'.
وكذلك حفرة أخري موازية للوجه الشرقي لهرمه، وثمة صدع عميق في الصخرة يسير شمال * شرق، ربما يمثل سفينة سادسة. ومن المحتمل أن الحرف الهيروغليفي الذي هو رمز 'للمركب' والذي اكتشف في هرم منكاورع '2490 * 2472 ق . م' يشير إلي وجود حفرة مركب واحدة علي أقل تقدير في جواره. وفيما بعد، في نهاية الأسرة الخامسة كان للملك 'أوناس' '2356 * 2323 ق . م' حفرة مركب كشف عنها الحفر بجوار ممره المرتفع في سقارة. ويخبرنا مكتشفها انها كانت مقطوعة في صخرة مع بناء من الحجر الجيري 'الأبيض موضوع في خطوط منحدرة ليماثل شكل الهيكل الخشبي'. وقد اكتشف ما يمكن أن يكون أخدودا لمركب ثاني، في سنة 1949 متوازيا مع أخدود آخر واقع علي الجانب الجنوبي. وبصرف النظر عن مراكب سنوسرت الثالث من الأسرة الثانية عشرة، يبدو أن هذه الممارسة قد خمدت بعد نهاية الدولة القديمة، ربما لأن عادة دفن مراكب كاملة الحجم قد أصبحت باهظة التكلفة، ولأن النماذج قد استطاعت أن تؤدي الغرض نفسه.
ويبدو أن الزوجات الملكيات قد زودن بمراكب أيضا. حتي أن مر * بي * تتس، مليكة خوفو الرئيسية وإبنة سنفرو '2575 * 2551 ق. م' كان لها حفرة مركب علي الجانب الجنوبي لهرمها في الجيزة، والملكة خنتكاوس، زوجة الملك أوسركاف '2465 * 2458 ق. م'، كان لها بالمثل حفرة مركب في الركن الجنوبي * الغربي لمقبرتها قرب أبي الهول في الجيزة.
وقد ظل السبب في أن قدماء المصريين قد دفنوا مراكب قريبة من مقابرهم، موضوعا للمناظرة بين العلماء الباحثين زمنا طويلا. وقد اقترح أنه كان ثمة تقليدان مختلفان أساسيان لهذه الممارسة. وربما تعكس تلك الحفر الواقعة إلي شمال المقابر في عصر الأسرات المبكر، عقيدة في حياة نجمية أخري، تصورت رحلة الملك إلي النجوم، بينما كانت مجموعات أخري من الحفر واقعة علي جوانب عديدة للأهرامات، وربما تكون مرتبطة باعتقاد في حياة شمسية أخري، ورحلة الملك الميت في صحبة إله الشمس علي متن مراكبه، ولذلك، اقترح أن مركب خوفو، ربما يكون من مركب النهار 'مِعِنْدِجّتْ'، بينما المركب الذي لم يكتشف بعد، لايزال راقدا في حفرة أخري، ربما تحوي صورة تمثيلية لمركب الليل 'مِسْكِيِتْ'.
ولكن مركب خوفو لا يظهر من الصفات المميزة المرتبطة عادة بأوجه التمثيل التصويرية لمركب الشمس، وأحمد يوسف مصطفي 'كبير المرممين الأثريين بمصلحة الآثار' الذي كان مسئولا عن ترميم المركب لإعادته إلي حالته الأصلية، كان من رأيه أن السفينة ربما كانت مركبا جنائزيا مستخدما في نقل جثة الملك عبر النيل إلي مثوي راحته النهائي علي هضبة الجيزة * وهذه فكرة مدعومة بعلامات لحبل فوق خشب المركب أحدثها تقلص الحبل وانكماشه عن الاحتكاك بالماء.
ومنذ عهد أقرب اكتشف أسطول حقيقي من إثني عشر مركبا مغلفة في 'أحواز' كالصناديق مبنية بالآجر، في أبيدوس، وهي مرتبة قرب الشمالي للسياج الجنائزي للملك 'خا * سخم * ويي' ربما يرجع تاريخه إلي حكم الملك 'دجر' 'الأسرة الأولي'. وهو اكتشاف مهم، والأمل معقود عليه، لأن يمدنا بمزيد من المعلومات عن عمليات دفن المراكب، والأساليب الفنية لبنائها في مصر القديمة.

مراكب قدماء المصريين

سوف نوجز فيما يلي الأنماط المختلفة للمراكب التي استخدمها قدماء المصريين، ووظائفها، والتحسينات التي أدخلت عليها لرفع مستوي أدائها، خلال الفترة موضع النظر والدراسة.

الدولة القديمة

في الدولة القديمة، بغض النظر عن الزوارق المصنوعة من سيقان نبات البردي التي استخدمت محليا لحمل الحمولات الخفيفة، ولصيد الأسماك، أو لقنص الطيور في المستنقعات، كان ثمة أربع طبقات من المراكب: مراكب نهرية، ومراكب بحرية، ومراكب نقل البضائع، ومراكب علي هيئة نبات البردي.

الدولة الوسطي

تظهر نماذج وصور المراكب النهرية من الدولة الوسطي تقدما كبيرا في تصميم السفن منذ الأسرة السادسة. ولم تعد المراكب مسطحة القاع، واختفت السارية ثنائية الأرجل مع تحسينات أخري كثيرة.. وثمة مثال طيب للنمط الجديد من المراكب في مقبرة 'سنت' أم 'إنتف * ي * قر' الذي كان وزيرا في عصر سنوسرت الأول كان لهيكل المركب شكل كلاسيكي * في الدولة الوسطي * إنه في هيئة ملعقة مستديرة القاع وله مقدمة مستدقة الرأس، ومؤخرة ملتوية إلي الداخل. ويسيره ستة عشر مجدفا، تعمل مجاديفهم عبر 'عراوي' 'المفرد = عروة' علي مساند المجداف..

مراكب في هيئة نبات البردي

وثمة مثال طيب 'لمركب الحج' من الدولة الوسطي قبل مستمد من نموذج موجود بالمتحف البريطاني. ويظهر المركب الشكل المميز الذي سيحتفظ به من الآن فصاعدا مع تغييرات ضئيلة حتي نهاية عصر الأسرات. وهو مستدير القاع، ويبلغ عرضه أقصي مداه 'عند الدعامة الأفقية الرئيسية'. وتنتهي المقدمة العمودية تقريبا عند القمة بظلل أنيقة في هيئة نبات البردي، يبنما تنحني المؤخرة فوق الداخل بقمة في هيئة المنجل. وترقد مومياء الميت علي نعش في وسط السفينة تحت ظلة ذات سقف منحني. وتجسّيٌّرج المركب بزوج من مجاديف الإدارة معلقين علي كل جانب. وتعلوهما قمم برأس صقر. ويجلس عامل الدفة القرفصاء فوق السطح عند المؤخرة مباشرة وسط مجاديف الإدارة. وتقف نادبتان عند رأس وقدمي المومياء بينما ينشد كاهن قاريء بجانب النعش * وهو يمسك لفة مطوية من ورق البردي في يديه * التعاويذ الملائمة التي ستكفل الحياة للميت في العالم الآخر.
الدولة الحديثة

علي الرغم من مراكب الدولة الحديثة الكبيرة بدرجة أكثر كانت تبني أساسا كأسلافها في الدولة الوسطي، وبالطريقة نفسها بيد أن الهياكل كانت مستديرة القيعان، وذات غواطس ضحلة، وخطوط عمودية رشيقة منحدرة، كما أن بها بروزا كبيرا عند المؤخرة، وللمؤخرات قمم مستطيلة عادة مع 'حزوز' غريبة تحتها. ومن الصعب أن نحدد حقيقة هياكلها الداخلية حيث لا توفر ألوان الطلاء سوي تفاصيل قليلة، ولا تبين الخطة المميزة لظهر المركب ذي اللون الأحمر والأبيض 'ضلع طولاني مركزي، وعوارض متقاطعة وفتحة للسارية' كتلك الظاهرة علي أسلافها للدولة الوسطي.

الفترة المتأخرة للدولة الحديثة

علي الرغم من أن الدليل يصبح متضائلا بشكل أكثر إطرادا بعد الدولة الحديثة، بيد أن المراكب الظاهرة في احتفالات عيد 'إبت' في حكم رمسيس الثالث '1194 * 1163 ق . م'، وحري * حور من الأسرة العشرين '1080 * 1070 ق . م' لها السمات المميزة نفسها.


مركب الملك للمناسبات الرسمية

بصرف النظر عن بعض الرسومات للمراكب فوق الزهريات لعصر الأسرات الباكر من أبيدوس، بيد أن المرجع الأقدم زمنا، ربما يكون ذلك الذي ألمح إلي سفينة ملكية للمناسبات الرسمية، في لقب 'مدير سفينة الملك' الذي يظهر علي لوحة الموظف 'مركا' التي يرجع تاريخها إلي حكم 'قاعا' الأسرة الأولي.
وعلي الرغم من أن حجر بالرمو يسجل أن سفينة ملكية تسمي 'فتنة القطرين' طولها 100 ذراع '52.5 مترا' بنيت في عهد سنفرو، وسفينة سميت بالمثل مذكورة في زمن أسبق كثيرا فوق زهرية من هرم زوسر '2630 * 2611 ق . م' من الأسرة الثالثة، بيد أن نظرنا لم يقع علي سفينة حقيقية للمناسبات الرسمية قبل أن نصل إلي الأسرة الخامسة. حيث يغطي الشراع الطويل علي نحو ضخم نمط معقد في شكل نجم والجزء الأمامي من السفينة لايزال باقيا حتي اليوم، ولكن يكفي أنه يبين كيف أن سفنا عظيمة من هذا القبيل كانت تبحر بطول النهر
وللسفن الملكية للدولة الحديثة مثل السفينة 'محبوبة أمون'.
كان لها منحدرات منحنية بلطف، مرفوعة ناحية المؤخرة، ومنتهية بقمم مطولة. والاعلام الخفاقة موثقة بالمقدمة والمؤخرة، وتنتهي العارضات المتقاطعة التي تبرز عبر الألواح الخشبية علي كل من الجانبين، تنتهي برؤوس منقوشة. وثمة جواسق متقنة الصنع علي المقدمة والمؤخرة، مزخرفة بصور وأشكال للملك، وهو يدوس أعداءه بقدميه.
وثمة مقصورة كبيرة مزدوجة السقف في وسط المركب، لها أبواب ونوافذ بمحاذاة جوانبها.
وتزين أفاعي الكوبرا وأفريز مزدوج بيضي الشكل الحواف العليا للسقف. ويقف فوق ظهر المركب حملة المراوح والصولجانات ذات الريش، بينما يجسّيٌِرج المركب ستون مجدفا ، ثلاثون علي كل جانب. وسارية طويلة مركبة بوسط المركب عبر سقف مقصورة ظهر الذي يجسّيٌِرجه مجدافا إدارة كبيران، مع أذرع دفة طويلة عمودية معلقة علي كل جانب. والشراع الكبير العريض محني علي فناءين طويلين لعارضين منفصلين ومعلقين في مرفاعات عديدة. ويقف علي رأس السارية راية الصقر الملكي بأجنحة منبسطة.
وعلي الرغم من محدودية الدليل التصويري، بيد أن ثمة إشارات إلي مراكب وسفن ملكية كثيرة، سميت بأسمائها المتباينة في مؤلفاتنا. وفي أثناء كفاحه ضد قائد الهكسوس 'أبوفيس' يسجل الملك كاموس الأسرة السابعة عشرة 'حوالي 1555 * 1550 ق. م' علي لوحته أنه جعل السفينة العظيمة 'مك' تستطلع حافة الصحراء، والأسطول وراءها كما لو كان حدأة. وفيما بعد يسجل أمنحوتب الثاني '1427 * 1401 ق. م' كيف أنه علق سبعة أمراء من أعدائه، وجعل رؤوسهم إلي أسفل من جؤجؤ سفينته الصقر 'آخبرو رع' مؤسس القطرين.
وفي أوقات سادها السلم بدرجة أكثر، أمر أمنحوتب الثالث بحفر بركة لزوجة الملك العظيمة الملكة 'تي'... حيث أبحر جلالته بعد ذلك مباشرة في المركب الشراعي الملك 'آتن * يضيء'. وثمة سفن أو مراكب ملكية كثيرة مذكورة في ارتباط مع ضباط أو جنود المشاة الذين خدموا علي متونها مثل 'آخبرو رع * يتحمل' ، 'رمسيس الثاني يسترضي * قرص الشمس، و'مرنبتاح محبوب سخمت'، 'وآتن يضيء' ، و'نجم ممفيس' وهلمٌّ جرٌّا. وخلال سيرة حياته العملية الطويلة المميزة، فإن حامل سفينة الملك 'محبوبة آمون' أحمس بن أبانا، الذي عاش في الجزء الباكر من عهد الأسرة الثامنة عشرة، خدم علي مراكب كثيرة قبل أن ينهي حياته العملية ضد الثورة في ممفيس، وثمة نموذج لاحق للمركب 'محبوبة أمون' مرسوم علي رأس فأس في المتحف البريطاني. ويحدد النقش الموجود علي نصله هوية صاحبه علي أنه جندي المشاة 'نحمم' الذي خدم علي متن هذا المركب في أثناء حكم أمنحوتب الثاني'.
وفي الأسرة الخامسة والعشرين، سجل الملك 'بي' '750 * 712 ق. م' عودة حملته من الجنوب إلي طيبة علي جدار معبد الإلهة 'موت' في الكرنك. وكان من بينها مركب كبير موصوف في النص المصاحب بأنه مركب الملك 'بي' الذي كان طوله 43 ذراعا '22.6 متر'.

abo rashid
03-01-2006, 01:21 PM
مراكب حربية

ربما تكون بعض المراكب المشهورة إلي أبعد حد هي التي تنتمي إلي الفترة المتأخرة، أعني المراكب أو السفن الحربية التي استخدمها رمسيس الثالث '1194 * 1163 ق . م' ضد شعوب البحر.
وهذه السفن مرسومة فوق أحد الجدران الخارجية لمعبده الجنائزي في مدينة هابو وحتي حين تم التسليم المستحق بالتطورات في التصميم التقليدي للمراكب، يمكن أن يكون ثمة قدر ضئيل من الشك في أنها تظهر سمات عديدة جديدة، ظهرت فيما بعد في شكل متطور بدرجة أكثر في سفن فينيقيا، وبلاد اليونان، وروما.

مراكب حمل ونقل المسلات

لن يكون ثمة مسح عام شامل لمراكب وسفن قدماء المصريين بدون ذكر موجز لنمط خاص منها استخدموه من زمن مبكر لنقل الحمولات الثقيلة. كان ذلك النمط هو المراكب الشراعية العملاقة المستخدمة لنقل المسلات وغيرها من مواد العمارة والبناء من المواقع التي كانت تنحت فيها إلي المعابد والمقابر في طول مصر وعرضها.
ويأتي أقدم دليل علي مثل هذه المراكب الشراعية من كتلة من ممر أوناس '2356 * 2323 ق . م' تظهر أجزاء من ثلاثة مراكب كبيرة تحضر أعمدة من الجرانيت من محاجر في أسوان إلي مجمع هرمه في سقارة. ودفعت الأعمدة بأمان إلي مزالجها المستعدة لنقلها بيسر إلي موقعها النهائي .
وفي سيرة مقبرته يخبرنا 'وني' الذي عاش في عصر الأسرة السادسة، أن الفرعون 'مرنرع' '2255 * 2246 ق . م' قد أرسله ليحضر بابا وهميا، وعتبات، وبوابات ضخمة لهرمه في ستة مراكب، وثلاث سفن جرارة بثمانية أضلاع. وفي وقت لاحق، كلفه الملك نفسه أن يبني سفينة ضخمة طولها 60 ذراعا '5،31 متر' وعرضها 30 ذراعا '75،15 مترا' من خشب السنط المحلي لكي تنقل مائدة قرابين من محجر المرمر في منطقة 'حنتوب' في مصر الوسطي.
وخلال حكم تحوتمس الأول '1504 * 1492 ق. م' أشرف 'إنيني' علي بناء سفينة مبجلة طولها 120 ذراعا '63 مترا' وعرضها 40 ذراعا '21 مترا' لتنقل المسلات إلي معبد الكرنك، ومازالت هذه المسلات تري حتي اليوم وتزن جملتها 372 طنا.
وربما يكون المثال الأكثر شهرة لمثل هذه المراكب موجودا في المعبد الجنائزي للملكة حتشبسوت '1473 * 1458 ق. م' في الدير البحري الذي يظهر عملية نقل مسلتين عملاقتين من أسوان إلي الكرنك
وقد حاول كثير من العلماء أن يحسبوا الحجم الدقيق للمركب باستخدام الوزن المعروف للمسلات التي بقيت. ومن سوء الحظ، ثبت أن من المحال أن نصل إلي أية نتيجة قاطعة، لكن الأرقام تتراوح بين 84 مترا في الطول، و 28 مترا في العرض مع إزاحة للماء تحت وطأة الحمولة قدرها 2.664 طن.

زخرفة المراكب الفرعونية

لم تبدأ زخرفة المراكب الفرعونية بإتقان قبل أن نصل إلي الدولة الحديثة. وقبل عصر هذه الدولة كانت الزخرفة مقصورة عادة علي مجرد خطوط ضيقة تسير موازية للجانب العلوي من المركب فوق الهيكل، أو علي الهيكل نفسه، أو علي خطوط مستعرضة متعددة الألوان فوق الساريات، ودعامات المقصورة، وقوائم مجداف الإدارة، ومغازل المجداف. وكانت المقاصير تزخرف بألواح من الخشب المضلع البسيط، وتزين راحات المجاديف بأزهار اللوتس الزرقاء والبيضاء و'عيون أوجات' المقدسة. وكانت المراكب الصغيرة أو مراكب النقل في الدولة الحديثة، إما أن تترك غير مزخرفة، وإما أن تطلي بلون بسيط متسق.
وبالنسبة للمراكب النهرية الأكبر حجما، كان القسم الأوسط للهيكل يترك بدون زخرفة عادة، ولكن كانت القوادم والمؤخرات تزخرف غالبا برسومات عديدة، يمكن أن تتراوح من زهرة أنيقة، أو رسم لنبات، إلي مشهد أسطوري معقد بدرجة أكثر، أو بمزيج من هذه العناصر كافة.
ويظهر رسم من مقبرة رخميرع مركب شراعي كبير مزخرف بأشكال مختلطة من النباتات والمشاهد الأسطورية. والمراكب المزخرفة بمشاهد أسطورية بحتة موضحة تصويريا بنماذج من مقبرة أمنحوتب الثاني '1427 * 1401 ق . م' وبرسومات من مقبرة 'حوي'.
ولم تكن الهياكل العلوية القائمة فوق سطح المركب مزخرفة بأشكال أسطورية حتي في المراكب ذات الطابع الديني بالتأكيد مثل 'قنأمون، حوي، منا' وتكونت الزخرفة عادة من أنماط تحوي دوائر ذات ألوان متعددة، وأوراق سرخسية أنيقة، وألواح خشبية ذات ترابيع مغلقة عند القمة والأجناب مع خدد مستعرضة ضيقة. وكانت الألواح الخشبية الجانبية للمنصات المطلة مزخرفة أيضا بأشكال متغايرة ذات ترابيع. ولكن بالنسبة للمراكب الملكية، فقد زخرفت بإتقان أكثر، إما برسومات لآباء هول، وأسود، وثيران ، وإما بصورة تمثيلية لهذه الحيوانات نفسها منحوتة من الخشب.
وكانت المراكب الخاصة بالاحتفالات الملكية الرسمية، ومراكب المعبد الشراعية، وتلك التي يملكها كبار المسئولين بالدولة، مزخرفة علي نحو معقد بدرجة أكثر، بمشاهد دينية. وكان هيكل المركب 'حوي' العظيم مزينا بعيون أوجات، وبرأس كبش أمون، وبصقور مجنحة فوق قواعد تماثيل، والملك في صورة أبي هول يدوس بقدميه فوق أعدائه المطروحين أرضا. وكانت جوانب 'المّرّاقِبِ' مزخرفة بأشكال منفرجة الساقين لإله طيبة للحرب 'مونتو' المفترس، بينما غطيت جدران الهيكل العلوي القائم فوق سطح المركب برسم معقد مكون من دوائر متعددة متشابكة وملونة، تلتقي عند القمة والقاع بخدد ضيقة مستعرضة في هيئة كتلة. وكانت 'راحات' مجاديف الإدارة مزخرفة بأزهار اللوتس الزرقاء والبيضاء، وبحليات مستديرة، وبعيون 'أوجات'.
وكانت الأشرعة تزخرف غالبا برسومات متباينة. وكان شراع مركب 'ساحورع' مزخرفا بمربعات متجاورة مرتبة في شكل قوالب الأجر، ومغلقة ومطوقة بثمانية نجوم مستدقة الطرف بداخل دوائر. وتبين مشاهد لاحقة زمنيا، الأشرعة مزخرفة بدوائر صفراء اللون داخل مربعات تبادلية حمراء وبيضاء، ومربعات حمراء غير مزخرفة فوق خلفية بيضاء.

خاتمة
في الدولة القديمة كانت المراكب مسطحة القيعان، ومربعة الأطراف، وذات هياكل عريضة ضحلة، وتصلب داخليا بإدخال إطارات وعوارض متقاطعة، مع استخدام حبال سميكة ومتينة في حزم الجدران، وجمالونات، حين القيام برحلات بحرية أو بأدوار ملحقة بدرجة أكثر. وكانت مؤخرة المركب أعلي من المقدمة بوجه عام، ومربعة الأطراف، أو منحوتة في شكل رأس حيوان ما.
وفي الفترة الباكرة للدولة القديمة، كانت المراكب تسّيٌِرج بمجاديف يدوية علي كل جانب من المركب، ولكن بحلول أواخر الأسرة السادسة أصبح معتادا أن يدفع نول مجداف الإدارة إلي دعامة عمودية، وهو نظام استمر العمل به حتي نهاية عصر الأسرات. وقد أدخل ذراع الدفة في الأسرة الخامسة تقريبا ليساعد في السيطرة علي حركة مجداف الإدارة أو التوجيه.
وبعد نهاية الدولة القديمة أصبحت سارية العمود الخشبي بالتدريج هي الطريقة الرئيسية لتعليق الشراع.
وبعدئذ، ظهرت أنماط مختلفة من المراكب لتواجه الحاجات المختلفة: مراكب الحج، مراكب الحريم، والمراكب المصاحبة لحماية الملوك في أوقات الاضطرابات المدنية في نهاية الدولة القديمة.
وتحتفظ مراكب الدولة الحديثة وما بعدها ، بالسمات العامة نفسها التي كانت لأسلافها في الدولة الوسطي، وحيث توجد اختلافات، تكون مقصورة علي أحجامها وتنوعها.
وعلي الرغم من ندرة الدليل، بيد أنه * علي ما يبدو * ثمة تغيير ضئيل في الشكل الأساسي والتصميم لمراكب قدماء المصريين بعد نهاية الدولة الحديثة. وتعرض مراكب وسفن رمسيس الثالث الحربية سمات جديدة، أعني ما يسمي 'الكبش' في مقدمة المركب، والقمة المقاتلة عند رأس السارية والشراع السائب من أسافله. ولكن المرء غير مستعد علي نحو طيب لكي يقيس ما كان لمثل هذه المستحدثات من تأثير علي التيار الرئيسي لبناء المراكب والسفن في مصر، ومن المحتمل أن الحدث البحري المهم الوحيد الذي وقع خلال العصر الفرعوني، كان إدخال المراكب أو السفن اليونانية ثلاثية المجاديف 'سفن قديمة كان في كل جانب من جانبيها ثلاثة صفوف من المجاديف' علي أيدي 'نيخاو' في الأسرة السادسة والعشرين، ويساور المرء شك في أن هذه كانت أمرا ضئيل القدر، لا يزيد عن كونه تطعيما أجنبيا، حيث كان يسيطر عليها يونانيون مرتزقة * أو كان تقليدا لبناء مركب مختلف. وتذكر بعض البرديات وجود 'مراكب يونانية' علي النيل، ولكن الشائع علي الأغلب، هو المركب الذي يسمي (baris)، الذي كان لا يزال يبني بالطريقة المصرية التقليدية.
ويشير دليل هيرودوت أيضا إلي أن طريقة العصر المشرفة بدرجة أكثر لبناء المراكب كانت لاتزال حية وجيدة في عصره، في مراكب النقل علي أقل تقدير، بل حتي في عصور أقرب كانت المراكب النيلية
(nuggar) naggr لاتزال محتفظة بكثير من سمات أسلافها الفرعونية منقول

relaax
03-01-2006, 11:20 PM
يعطيك العافيــــــــــــــــــــه

موضوع حلووووووووووووووووو

The Edge
04-01-2006, 12:44 AM
موضوع جبار اخوي و متعوب بالفعل عليه
يعطيك الف عافية اخوي
و عساك على القوة

الرميحي
04-01-2006, 12:48 AM
مـاشاء الله موضوع جميل جداً

اشكرك

ROSE
04-01-2006, 04:28 AM
تقرير متكامل وشرح وافي اخوي بوراشد كل الشكر على
هذا الطرح والمعلومات الرائعه التي قدمتها لنا

abo rashid
04-01-2006, 12:17 PM
يعطيك العافيــــــــــــــــــــه

موضوع حلووووووووووووووووو
الله يعافيك

الحلو مرورك

abo rashid
04-01-2006, 12:18 PM
موضوع جبار اخوي و متعوب بالفعل عليه
يعطيك الف عافية اخوي
و عساك على القوة
الله يعافيك

شاكر لك تفضلك الكريم

abo rashid
04-01-2006, 12:18 PM
مـاشاء الله موضوع جميل جداً

اشكرك
العفو اخوي

abo rashid
04-01-2006, 12:19 PM
تقرير متكامل وشرح وافي اخوي بوراشد كل الشكر على
هذا الطرح والمعلومات الرائعه التي قدمتها لنا
العفو اختي الكريمة
شاكر لك