المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح أربعين حديثا في العقيدة ( شرح مبسط وجميل )



saeed2005
22-04-2009, 01:02 PM
الحديث الأول
نشأة الكون
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: إني عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه قوم من بني تميم، فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم، قالوا: بشرتنا فأعطنا، فدخل ناس من أهل اليمن، فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم، قالوا: قبلنا، جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان ؟ قال: كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء ) رواه البخاري.

المعنى الإجمالي:
كان من عادة النبي – صلى الله عليه وسلم - في مجالسه أن يقوم بتعليم أصحابه، لا سيما الداخلون الجدد في الإسلام، أو الوافدون عليه من بلاد بعيدة، فعندما جاءه وفد من بني تميم بشرهم - صلى الله عليه وسلم - بما أعد الله للمتقين، وقال لهم: اقبلوا البشرى رغبة منه أن يسألوه عن بدء هذا العالم، كيف ابتدأ خلقه ؟ إلا أنهم رغبوا في العطاء العاجل، وتطلعوا للماديات، فأعرض عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم – وأقبل على وفد أهل اليمن وقال لهم: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم فقبلوها، وسألوه عن أول هذا الأمر، أي مبتدأ هذا العالم ونشأته، فأخبرهم - صلى الله عليه وسلم - بأن الله هو خالق هذا الكون، وأن الله كان ولا شيء قبله، وأنه أوجد الوجود من العدم، وأنه ابتدأ خلق السموات والأرض، وكان عرشه على الماء، ولم يبين – صلى الله عليه وسلم – مبتدأ خلق العرش ولا خلق الماء لقصد السائلين السؤال عن بدء خلق هذا العالم وليس مطلق الخلق وجنسه . وأوضح - عليه الصلاة والسلام – أن كل ما يتعلق بهذا العالم سطره الله في كتاب عنده .

الفوائد العقدية:
1- أن الله هو الأول الذي لا شيء قبله.
2- أن كل ما سوى الله مخلوق موجود من العدم.
3- أن العرش والماء سبق خلقهما خلق السموات والأرض .
4- أن الله غير محتاج للعرش، بل والعرش وما دونه محتاج إليه.
5- إثبات صفة الخلق له سبحانه، وخلقه الشيء إيجاده من العدم .
6- الإيمان بالقدر، وأن الله كتب علمه بما كان وما سيكون في كتاب عنده.

saeed2005
22-04-2009, 01:06 PM
عن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (~ ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء . ثم يقول أبو هريرة واقرؤوا إن شئتم { فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } الآية رواه البخاري ومسلم واللفظ له .

المفردات:
الفطرة : هي ما ركز في النفوس من الإيمان بوجود الله والاعتراف بربوبيته، وقيل: الاستعداد والقابلية لقبول خطاب الإيمان .
يهودانه: يصيرانه يهودياً .
ينصرانه: يصيرانه نصرانياً .
يمجسانه: يصيرانه مجوسياً .
جمعاء: سالمة من العيوب.
جدعاء: مقطوعة الأذن .

المعنى الإجمالي:
يشير هذا الحديث إلى قضية غاية في الأهمية، وهي أن الأصل في الإنسان هو الإيمان بالله المعبر عنه بالفطرة، والتي يوحي أصلها اللغوي بأنه شيء خلق مع الإنسان وركب فيه، كما يركب سائر أعضائه، وأن الإنسان إنما يخرج عن مقتضى فطرته بمؤثرات خارجية من تربية وبيئة وتعليم، وقد مثل النبي - صلى الله عليه وسلم – لحالة الإنسان حين ولادته على الفطرة بحالة البهيمة في كمال خلقها وخلوها عن العيوب والنقائص حتى إذا كبرت قطعوا آذانها وأنوفها وغيروا خلقتها، فكذلك ما يتعرض له الإنسان من انحراف في فطرته هو بتأثير خارجي، فلو قُدر أن إنسانا نشأ وحده، وتربى وحده دون مؤثر خارجي لنشأ مؤمناً عارفاً بالله .

الفوائد العقدية:
1- أن أول واجب على العباد هو توحيد الله، وذلك أن الإيمان بالله وهو المعبر عنها بالفطرة مركوز في النفس الإنسانية والخلل الطارئ على البشر إنما هو في الشرك بالله واتخاذ آلهة أخرى، وعليه فأول ما يخاطب به من هذا حاله هو توحيد الله ونفي الشركاء، أما من كان الخلل عنده في قضية الوجود الإلهي بأن كان ملحداً فأول ما يخاطب به هو أدلة وجود الله .

2- أن الفطرة لا يمكن أن تزول، وإنما قد تطمس وتغطى بعوارض الكفر والإشراك، فإذا زالت تلك العوارض وموجباتها رجع الإنسان إلى فطرته فآمن بربه وعاد إليه .

3- أن التدين بالدين الحق ضرورة إنسانية لا يمكن للإنسان أن يتغافل ويعرض عنها، أو أن يمحوها من قائمة اهتماماته؛ وذلك لما ركز في أعماق النفس الإنسانية من نزوع إلى من تعبده وتعظمه وتلجأ إليه في النوائب والمصائب والمحن .

4- أن أولاد المؤمنين ناجون يوم القيامة وهي من المسائل المجمع عليها، واختلف العلماء في أولاد المشركين الذين ماتوا قبل أن يبلغوا، والراجح نجاتهم لكونهم ماتوا على الفطرة قبل أن تُغيَر، قال الإمام ابن حجر عن أولاد المشركين: " أنهم في الجنة، قال النووي: هو المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون لقوله تعالى { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا }(الإسراء:51 ) .. ومن الأدلة أيضا على نجاتهم ما رواه البخاري عن سمرة بن جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الطويل حديث الرؤيا، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم – ( وأما الرجل الطويل الذي في الروضة، فإنه إبراهيم - عليه السلام - وأما الولدان حوله فكل مولود يولد على الفطرة، قال: فقيل: يا رسول الله وأولاد المشركين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأولاد المشركين ) .

5- أن الحكم بنجاة أولاد المشركين في الآخرة لا يعني اختلاف حكمهم عن حكم آبائهم في الدنيا فهم يرثون آبائهم ويرثهم آباؤهم، ويدفنون في مقابر الكفار، ويأسرهم المسلمون في حال الحرب، ويدل على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم – وقد سئل عن أبناء المشركين: ( هم من آبائهم ) رواه مسلم.

saeed2005
22-04-2009, 01:08 PM
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن قال له: (~ إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقرّوا بذلك فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس ~~) متفق عليه .

المفردات:
أهل الكتاب: هم اليهود والنصارى .
كرائم: أي أحسن وأكمل ما يملكون.

المعنى الإجمالي:
الحديث يوضح فرض التوحيد وأنه أول ما يخاطب به أهل الكتاب حيث أوصى النبي - صلى الله عليه - معاذاً أن يدعو أهل اليمن - وكانوا أهل كتاب - إلى التوحيد أولاً وهو إفراد الله بالربوبية والألوهية وإفراده بأسمائه وصفاته . كما يوضح الحديث أهمية البدء بالتوحيد، وعدم مخاطبة الناس بغيره من الفرائض حتى يأتوا بالتوحيد أولاً . ويوضح الحديث أهمية بعث العلماء إلى الأقطار لتعليم الناس وتفقيههم في الدين، وأهمية تعريف الداعية والعالم بحال من يُرسل لتعليمه، والبدء بالأهم فالأهم في الدعوة والبلاغ .

الفوائد العقدية:
1- أن أول واجب يتعين مخاطبة الناس به هو التوحيد، كونه الفريضة الأولى التي افترضها الله على عباده.

2- أن التوحيد شرط في قبول الأعمال الصالحة، فلا يقبل عمل صالح من عامله إن لم يأت بالتوحيد أو أخلَّ بأصله وشرطه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات ) حيث رتب – صلى الله عليه وسلم – مخاطبتهم بالفرائض على قبول التوحيد .

3- أنه لا يحكم بإسلام أحد ما لم ينطق بالشهادتين.

4- أن النطق بالشهادتين وحده لا يكفي حتى يتبع ذلك بالعمل الصالح من أداء الواجبات والفرائض حيث لم يكتف النبي – صلى الله عليه وسلم - ببعث معاذ بالتوحيد فحسب وإنما أمره أيضاً بتعليمهم فرائض الإسلام وشرائعه.

saeed2005
22-04-2009, 01:09 PM
عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ) رواه مسلم.

المعنى الإجمالي
فضل التوحيد يأتي من كونه أساس الدين ولبه، فغيره يبنى عليه، ولا يبنى هو على غيره، ومن مات على التوحيد فقد مات على لب الدين وأساسه، فلا غرو أن يكون له من الفضل ما يؤهله لدخول الجنة، والفوز برضوان الله، ومعنى التوحيد لا يقتصر على قول كلمته دون العلم بمعناها، والعمل بمقتضاها، فالدين عقيدة وشريعة، ولا تتم النجاة في الآخرة إلا بالإتيان بهما معاً .

الفوائد العقدية
1- فضل التوحيد .
2- نجاة من مات على التوحيد .
3- العلم بمعنى التوحيد شرط لقبوله، وانتفاع المرء به في الآخرة .
4- تعلق النجاة بالعلم بالتوحيد والعمل بمقتضاه لا بمجرد النطق به.

saeed2005
22-04-2009, 01:12 PM
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال: ( أن تجعل لله ندّاً وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم . قلت: ثم أي ؟ قال: وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك، قلت: ثم أي ؟ قال: أن تزاني حليلة جارك ) متفق عليه .

المفردات
ندّاً : شريكاً .
حليلة: الزوجة.

المعنى الإجمالي
كان الصحابة - رضوان الله عليهم – يسألون النبي – صلى الله عليه وسلم - عن الذنوب ومراتبها كي يجتنبوها، ويعلموا قبحها فيحذروها، وفي هذا الإطار سأل الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه – النبي – صلى الله عليه وسلم - عن أعظم الذنوب أي: أشدها إثماً وأعظمها قبحاً، فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أعظمها هو الشرك بالله، بأن يجعل الإنسان لله شريكاً يعبده ويلجأ إليه، ويتوكل عليه، ويترك عبادة ربه، وهو الذي خلقه ورزقه . فسأله عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - عما يلي ذنب الشرك من الذنوب في القبح وعظيم الإثم ؟ فقال له: أن يقتل المرء ولده خوفاً من أن يشاركه طعامه وشرابه، وهو خوف ينم عن اعتقاد فاسد في الله سبحانه بأنه لم يتكفل برزق عباده، كما أنه ينم عن قسوة بالغة حين يقدم الإنسان على قتل فلذة كبده وثمرة فؤاده، ما يجعل هذه الجريمة في المرتبة الثانية بين أسوأ الجرائم وأفظعها عند الله، ثم يسأل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عما يلي هاتين الجريمتين - جريمة الشرك، وجريمة قتل الولد - فيجيبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه الزنا بزوجة الجار، وتتجلى شناعة هذا الجرم كون الجار مؤتمن على شرف جاره، فالاعتداء على محارمه يعد خيانة لحق الجوار الذي عظمه الله ورسوله .
الفوائد العقدية
1- تفاوت الذنوب والمعاصي في شناعتها وقبحها.
2- أن الشرك بالله أعظم الذنوب على الإطلاق.
3- بيان حقيقة الشرك وأنه مساواة غير الله بالله في ذاته وأفعاله وأسمائه وصفاته.
4- استحقاق الله للعبادة كونه الخالق الذي أوجد النفوس وأحياها.
5- حرمة صرف أي نوع من العبادات لغير الله.
6- حرمة مساواة الله بغيره .
7- فضل التوحيد وأنه أعظم العبادات .

saeed2005
22-04-2009, 01:27 PM
يتبع إنشاء الله

saeed2005
23-04-2009, 10:39 AM
الحديث السادس نقصان الإيمان بالمعاصي
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن ) متفق عليه .

المفردات
نهبة: الأخذ على وجه العلانية والقهر .

المعنى الإجمالي
الإيمان كالشجرة يزيدها الماء نموا، وتزيدها التغذية قوة، ويقضي عليها الجفاف والعطش، وتذبل وتضمحل إن قل غذاؤها، وكذلك الإيمان يزيد ويكبر ويقوى بالعمل الصالح، والترقي في مراتب الإيمان من خوف الله، ورجائه، وحبه، ويضمحل ويبطل بالكفر والشرك، ويضعف ويهزل بالمعاصي والسيئات من السرقة والزنا وشرب الخمر وغير ذلك من المعاصي .

فالعلاقة بين الإيمان والعمل علاقة طردية عكسية، فهو يزيد ويقوى بالعمل الصالح، ويضعف ويهزل بارتكاب المعاصي والسيئات، ومن أراد زيادة إيمانه وقوته فعليه بفعل الصالحات واجتناب الموبقات، وفي هذا الحديث يبين لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أثر المعاصي على الإيمان، وكيف أنه يضعف ويهزل حتى لا يبقى منه إلا القليل، كل ذلك بسبب المعاصي، فعلى المسلم الذي يريد أن يحافظ على منسوب إيمانه عالياً مرتفعاً أن يواظب على الطاعات، ويجتنب المعاصي والسيئات، ففي ذلك نجاته في الدنيا والآخرة .

الفوائد العقدية
1- نقصان الإيمان بارتكاب المعاصي.
2- أن الجهر بالمعصية لا يعد كفراً.
3- أن الزنا والسرقة وشرب الخمر والانتهاب من كبائر الذنوب .
4- أن نفي الإيمان في الحديث هو نفي لكماله لا نفي لصحته وأصله؛ بدليل إجماع السلف على أن المعاصي لا يكفر فاعلها إلا باستحلالها.

saeed2005
23-04-2009, 10:40 AM
عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جهاراً غير سر يقول: ( ألا إن آل أبي - يعني فلاناً - ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها ) متفق عليه واللفظ للبخاري.

المفردات
أولياء:جمع ولي وهو المؤمن التقي.
رحم: القرابة.
أبلُّها ببلالها:أصلها بصلتها .

المعنى الإجمالي
قسم الإسلامُ المجتمع الذي جاء فيه إلى قسمين: مؤمنين وكافرين، فالمؤمنون لهم واجب الولاء بعضهم لبعض، من الحب والنصرة والتكافل، وعليهم واجب البراء من الكفار، ويشمل كره ما هم عليه من الكفر والمعاصي، وعدم الوقوف معهم في مواجهة مسلم، مع وجوب معاملتهم بالعدل، ومن كان منهم قريباً لمسلم لم يوجب الإسلام على المسلم هجره وقطيعته، بل أمر الإسلام بالبر به، والإحسان إليه.

وفي هذا الحديث يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طريق التطبيق العملي هذا المنهج، فيبرأ من أقوام من الكافرين، يذكرهم بأسمائهم، ويبيّن أن ولاءه لله ولصالح المؤمنين، لكنه مع ذلك يتعهد بصلتهم لقرابتهم منه، وهو منهج ينبغي على كل مسلم تطبيقه فيوالي المؤمنين، ويبرأ من الكافرين من غير ظلم لهم، ولا قطيعة لأرحامه منهم، وبذلك يسلم له دينه وعقيدته .



الفوائد العقدية
1- وجوب موالاة المؤمنين لربهم بالإيمان به واتباع أمره .
2- وجوب موالاة المؤمنين لرسولهم بالإيمان به واتباع أمره .
3- وجوب موالاة المؤمنين لإخوانهم في الإيمان بحبهم ونصرتهم.
4- بيان أن المؤمن العاصي له من الولاء بقدر إيمانه وطاعته مع كره ما يأتي من المعاصي.
5- بيان أن الرابطة الإيمانية أقوى من رابطة النسب.
6- وجوب براءة المؤمنين من الكافرين ببغض ما هم عليه من الكفر، مع وجوب معاملتهم بالعدل.
7- بيان أن البراءة من الكافرين لا تعني قطع أرحامهم، وعدم الإحسان إليهم.

saeed2005
23-04-2009, 10:42 AM
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) متفق عليه .

المعنى الإجمالي
يقيس الكثيرون فائدة كل شخص بمدى انتفاعهم به وإحسانه إليهم، فالولد يحب والده لأن له الفضل بعد الله في وجوده، ولأنه سبب تربيته وتنشئته، ويحب الوالد ولده كونه بهجة حياته، ومصدر فخره، وعونه في ضعفه، وإذا ما استعملنا هذا المقياس - مقياس المنفعه - للنظر إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - لوجدنا أن كل هذه الفوائد والمصالح تتلاشى وتضمحل إذا ما قورنت بفائدة نبوته - صلى الله عليه وسلم - على المؤمنين به، فهو الذي أخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وهو الذي جاءهم بسبب سعادتهم في الدنيا والآخرة، فمن من المخلوقين يستحق حباً أكبر من حبه، وإجلالاً وتعظيماً أعظم من إجلاله وتعظيمه !!

الفوائد العقدية
1- وجوب محبة النبي - صلى الله عليه وسلم – وأنها من فرائض الإيمان.
2- حرمة تقديم محبة غيره على محبته.
3- وجوب طاعته كونها دليل حبه.
4- وجوب إعلاء قدر النبي – صلى الله عليه وسلم – على كل من دونه من الخلق.
5- حرمة الطعن فيه، أو في عرضه.

saeed2005
23-04-2009, 10:43 AM
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً . قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان ؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان ؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة ؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل . قال: فأخبرني عن أمارتها ؟ قال: أن تلد الأَمَةُ ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان . قال: ثم انطلق فلبثت مليّاً، ثم قال لي: يا عمر، أتدري من السائل ؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) رواه مسلم.

المفردات
رعاء الشاء: رعاتها والقائمون على تربيتها .
يتطاولون: يتعالون.
أمارتها: علامتها.
مليّاً: زماناً.
الأمَة: ضد الحرّة، وهي من أسرت من الكافرات بأيدي المسلمين فاسترقُّوها.

المعنى الإجمالي
كان الصحابة – رضوان الله عليهم – يحبون سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم – ويكرهون الإكثار عليه، وكان يعجبهم الأعرابي يأتي من سفر؛ ليسأل النبي – صلى الله عليه وسلم – ويستمعوا لإجابته، وبينما كان الصحابة في مجلس من مجالس النبي – صلى الله عليه وسلم - يعلمهم ويفقههم إذ دخل عليهم رجل غريب لا يعرف أحد منهم، ولا تظهر عليه علامات السفر، فجاء حتى جلس في مواجهة النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصبح يسأله ويصدقه فتعجب الصحابة الكرام من فعل هذا الرجل الغريب !! إلا أنهم استمعوا بإنصات شديد لما يقول ولما يجيبه النبي – صلى الله عليه وسلم –، فقد كانت أسئلته في أصول الدين وأسسه وكانت إجابات النبي له شافية وافية كافية؛ فسأل عن الإيمان فبين له النبي أركانه، وسأل عن الإسلام فبين له النبي شرائعه وفرائضه العظام، وسأل عن الإحسان فذكر حالتيه وفصّل ركنيه، وختم الوافد الغريب أسئلته بسؤاله عن وقت قيام الساعة التي تنتهي فيها هذه الدنيا، ويبعث للناس للحساب والجزاء، فأجابه النبي – صلى الله عليه وسلم - أن لا أحد من الخلق يعلم وقت حصولها، فسأله الرجل عن علاماتها ؟ فذكر له النبي - صلى الله عليه وسلم – بعضاً من علاماتها، كاتخاذ الملوك إماءً يلدن لهم، فيصبح أولاد الملوك سادة لأماتهم ومالكين لهن، وذكر من علاماتها تعالي رعاة الشاء من البدو والأعراب في البنيان بدل عيش الترحال والتنقل . وبعد هذه الأسئلة العميقة والإجابات الشافية انصرف جبريل - عليه السلام - وقد ترك في نفوس سامعيه من الصحابة دروساً إيمانيةً بالغةَ الأهمية. ولم ينس النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يزيل دهشة أصحابه من هذا السائل الغريب، فأخبرهم بأن ذلك السائل ما هو إلا جبريل – عليه السلام - أتاهم يعلمهم دينهم.

الفوائد العقدية:
1- بيان معنى الإسلام وأنه يشمل جميع الأعمال الصالحة الظاهرة من نطق بالشهادتين وصلاة وزكاة وحج.
2- بيان معنى الإيمان وأنه الأعمال الصالحة الباطن من تصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
3- الإيمان بالله ومعناه التصديق بوجوده، وأنه متصف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص.
4- الإيمان بالملائكة ومعناه: التصديق بوجودهم، وأنهم كما وصفهم الله تعالى عباد مكرمون.
5- الإيمان بالرسل ومعناه التصديق بأنهم مرسلون من الله، وصادقون فيما أخبروا به عن الله.
6- الإيمان بالكتب السماوية ومعناه التصديق بأنها كلام الله وأن ما تضمنته حق .
7- الإيمان باليوم الآخر ومعناه التصديق بما يقع فيه من البعث بعد الموت والحساب والميزان والجنة والنار.
8- وجوب الإيمان إجمالاً بالملائكة والكتب والرسل من غير تفصيل إلا من ثبت تسميته فيجب الإيمان به على التعيين، كالإيمان بموسى وعيسى وهارون من الأنبياء، والإيمان بالتوراة والإنجيل والقرآن من الكتب، والإيمان بجبريل وميكال من الملائكة .
9- الإيمان بالقدر والمراد به أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد، فكل مخلوق فهو صادر عن علمه وقدرته وإرادته.
10- اشتمال الدين على هذه الأركان الثلاثة: الإيمان والإسلام والإحسان.
11- بيان معنى الإحسان: وهو استحضار مراقبة الخالق سبحانه مراقبة من يوقن بأن الله ناظر إليه، مطلع على أحواله وأفعاله ما ظهر منها وما بطن .
12- بيان تفرد الله بعلم زمن قيام الساعة، وأن الأنبياء والملائكة ومن دونهم لا يعلمون موعدها.
13- بيان أن الساعة يعرف اقترابها بوقوع علاماتها.
14- من علامات اقتراب الساعة أن تكثر الإماء في أيدي الناس. وتتبدل الأحوال باستيلاء أهل البادية على الأمر، وتملكهم البلاد بالقهر، فتكثر أموالهم، وتنصرف هممهم إلى تشييد البنيان، والتفاخر به .

saeed2005
23-04-2009, 10:44 AM
عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( الإيمان بضع وسبعون .. شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) رواه مسلم.

المفردات
بِضع: مقدار من العدد، قيل: من ثلاثة إلى تسعة.
شُعْبة: قطعة، والمراد: الخصلة أو الجزء.

المعنى الإجمالي
أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث أن يعطي تصوراً مجملاً عن الإيمان، وأنه متعدد الأركان والشرائع، وأنه مشتمل على الأعمال الصالحة القلبية، والفعلية، والقولية، فذكر أعلى مراتب الإيمان وهو التوحيد، وأدنى مراتبه وهو ما لا يقيم له الناس وزناً من الأعمال الصالحة كإماطة الأذى عن الطريق، وذكر "الحياء" للدلالة على ما بينهما من أعمال صالحة يَصْدُقُ على جميعها مسمى الإيمان .

الفوائد العقدية
1- أن الإيمان عبارة عن شرائع الدين كلها، سواء كانت أعمالاً بالقلب، أم بالجوارح، أم باللسان.
2- أن أعلى شرائع الإيمان وفرائضه شهادة ألا إله إلا الله بإخلاص ويقين .
3- أن "إماطة الأذى" عن طريق الناس من الإيمان.
4- أن "الحياء" من الإيمان، وهو خلق يحجز الإنسان عن فعل الرذائل وارتكاب القبائح.
5- تفاوت الأعمال الصالحة في مراتبها من الإيمان، فمنها ما يكون في أعلى مراتب الإيمان، ومنها ما يكون في أدناها، وما بين أعلى الإيمان وأدناه شعب متعددة .
6- فضل شهادة التوحيد وأنها أفضل شعب الإيمان .
7- دخول العمل الصالح في مسمى الإيمان وحقيقته .

saeed2005
23-04-2009, 10:45 AM
عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية، في إثر السماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) متفق عليه .

المفردات
الحديبية: موضع قرب مكة .
في إثر السماء: عقب نزول المطر .
بنوء: بنجم.

المعنى الإجمالي
ينتهز النبي - صلى الله عليه وسلم - المواقف والأحداث ليعمق في النفوس المعاني الإيمانية ويرسخ القيم العقدية، ويصوب كل تصور خاطئ، وينبه على كل عبارة تحتمل معنى فاسداً أو توحي بعقيدة باطلة .
وفي هذا الحديث يعالج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض موروثات الجاهلية من الاعتقادات الباطلة التي كانت عندهم كالقول بأن المطر ينزل بسبب سقوط نجم وغيابه، وربما قال المسلمون اللفظ الجاهلي دون قصد معناه، فنبههم النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى خطورة هذه الألفاظ لما تحمله من معان فاسدة، وبيّن لهم أن الله هو الخالق الرازق، وأنه هو منزل المطر بفضله ورحمته، وأن ما يجري على ألسنة الناس من نسبة المطر إلى النجوم في سقوطها أو طلوعها، هو كلام عار عن الصحة، فلا تعلق للنجوم والكواكب بذلك، بل هو فضل من الله ورحمة يمن بها على من يشاء من عباده .


الفوائد العقدية
1- حرمة نسبة المطر للكواكب والنجوم.
2- كفر من زعم أن الأسباب العادية فاعلة بنفسها .
3- بيان أن الأسباب العادية إنما تفعل بإذن الله ومشيئته.
4- وقوع الكفر بالقول المكفر كما بالاعتقادات المكفرة .
5- وجوب نسبة الفضل لله .
6- اتصاف الله ب"الفضل" و"الرحمة".
7- اتصاف الله بصفة "الكلام".

saeed2005
23-04-2009, 10:48 AM
عن عائشة – رضي الله عنها - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم – بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم ب: { قل هو الله أحد } فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: ( سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبروه أن الله يحبه ) رواه البخاري ومسلم

مفردات:
السرية: الطائفة من الـجيش يبلُغ أَقصاها أَربعمائةٍ وجمعُها سَّرايا.

المعنى الإجمالي:
خرج الصحابة في سرية من السرايا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم رجلاً من أفضلهم، فكان هذا الأمير يصلي بهم، ويختم تلاوته بقراءة سورة الإخلاص، فتعجب الصحابة لفعله، فلما قدموا المدينة سألوا النبي – صلى الله عليه وسلم - عن فعل الرجل، فأمرهم النبي أن يسألوه عن سبب قراءته سورة الإخلاص كل مرة يصلي بهم، فأخبرهم أنه يحب هذه السورة؛ لكونها تتضمن صفة الرحمن ولم تتضمن غير ذلك، فلما بلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – أمرهم أن يبشروه بحب الله له.

الفوائد العقدية
1- جواز أن يقال " صفات الله ".
2- إثبات وحدانية الله لقوله تعالى: { قل هو الله أحد }.
3- إثبات اسم "الأحد" من أسماء الله، ومعناه المتفرد في ذاته وأفعاله وأسمائه وصفاته.
4- إثبات اسم "الصمد" من أسماء الله، ومعناه: الذي انتهى سؤدده بحيث يصمد إليه الخلق في حوائجهم كلها.
5- تنزيه الله عن الولد.
6- تنزيه الله عن الشريك، وعن الكفؤ، فالله لا مثيل له، ولا نظير، ولا شبيه في ذاته ولا في أفعاله، ولا في أسمائه وصفاته .
7- إثبات أولية الله سبحانه، وأنه الأول الذي ليس قبله شيء، وأنه لا سبب لوجوده بل هو موجد كل شيء .
8- إثبات صفة المحبة لله، وأن الله يحب المؤمنين المتقين الصالحين.

saeed2005
23-04-2009, 10:49 AM
عن معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه - أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتيه عن جارية كان قد لطمها، فعظّم النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله فقال: يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال: ائتني بها، فأتاه بها، فقال لها: ( أين الله ؟ قالت: في السماء، قال: من أنا ؟ قالت: أنت رسول الله، قال: اعتقها فإنها مؤمنة ) رواه مسلم

المفردات
أعتقها: حررها من رق العبودية.
في السماء: على السماء.

المعنى الإجمالي
يتجلى في هذا الحديث معنى عظيم من معاني الرحمة، وهي رحمة المسلم بمن تحت يده من المماليك، حيث أوجب الإسلام معاملتهم بكرامة وحسن خلق، وحرّم الاعتداء عليهم، وتكليفهم من العمل ما لا يطيقون، وبين أنه في حال الاعتداء عليهم بالضرب أو الإهانة فإن أنجع كفارة لهذا الاعتداء يكون بتحريرهم وتخليصهم من رقهم، لهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - معاوية بن الحكم - رضي الله عنه - أن يعتق جاريته بعد أن ضربها، لكنه أراد أن يختبر إيمانها بربها، ومعرفتها به، فسألها أين الله ؟ فأجابته بأن الله في السماء، أي: على السماء، وسألها عن نفسه، فأجابته أنه رسول الله حقاً، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - معاوية أن يعتقها، وشهد لها بالإيمان على بعد إجابتها على السؤالين .

الفوائد العقدية
1- جواز اختبار ولي المسلمين في أمور الإيمان عند الحاجة.
2- جواز الشهادة بالإيمان على حسب الظاهر.
3- إثبات العلو لله.
4- إثبات الرسالة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - .

saeed2005
23-04-2009, 10:50 AM
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على الناس في الموقف فقال: ( ألا رجل يحملني إلى قومه فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي ) رواه أبو داود والترمذي.

المفردات
الموقف: موسم الحج.
يحملني: يذهب بي ويتكفل بحمايتي.
المعنى الإجمالي
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على إبلاغ رسالة الله ربه إلى الناس كلهم، وكانت قريش تمنعه من ذلك، فكان - عليه الصلاة والسلام - يعرض نفسه على القبائل الآتية للحج فيعرض عليهم أن يسلموا، أو يتكفلوا بحمايته حتى يبلغ كلام الله إلى الناس .

الفوائد العقدية
1- إثبات صفة الكلام لله، وأن الله يتكلم متى شاء، وكيف شاء.
2- إثبات أن القرآن الكريم كلام الله.
3- أن النبي – صلى الله عليه وسلم – مبلغ عن الله.

saeed2005
23-04-2009, 10:51 AM
عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فكنا إذا علونا كبّرنا، فقال: اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، تدعون سميعاً بصيراً قريباً . ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال لي: يا عبد الله بن قيس، قل: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة ) رواه مسلم.
المفردات
علونا: ارتفعنا.
اربعوا: ارفقوا بأنفسكم .
حول: الحركة والحيلة .

المعنى الإجمالي
لم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم – يترك موقفاً يجد فيه سبيلاً لتعليم أصحابه أمراً من أمور الدين إلا فعل، وفي هذا الحديث نموذج للتعليم بالموقف، حيث رأى أصحابه يطبقون ما علموا من هديه من التكبير عند صعود مرتفع كجبل وتل ونحوهما، إلا أنهم يرفعون أصواتهم رفعا مبالغا فيه، فلم ينكر عليهم – عليه السلام – تكبيرهم وإنما أنكر رفع أصواتهم رفعاً زائداً، فنبههم على أنه لا حاجة لذلك، فإن الله وإن علا على عرشه، إلا إن علمه محيط بكل شيء، يسمع كل مسموع، ويبصر كل مرئي، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، فلا مبرر لرفع الصوت، وإنما يكفي أن ينادي الإنسان بقلبه أو بلسانه ليسمع الله نداءه، ويجيب دعاءه .

الفوائد العقدية
1- إثبات أن الله أكبر من كل شيء.
2- تنزيه الله عن صفات النقص كالصمم والجهل .
3- اتصاف الله بصفات الكمال من السمع والبصر .
4- نفي صفات النقص يقتضي كمال ما يقابلها، فنفي الغيبة يقتضي كمال علمه، وكمال سمعه، وكمال بصره.
5- سعة علم الله وإدراكه لكل معلوم .
6- أن قرب الله قرب معنوي، وليس قرباً ذاتياً، بمعنى أن الله يعلم ما العباد عاملون مع استوائه على عرشه
7- لا قوة لأحد ولا استطاعة على فعل شيء لمخلوق إلا بتقدير الله وإرادته وقوته.
8- أن حصر القوة والإرادة في الله لا يعني الجبر؛ لأن الله منح العباد قوة بها يفعلون، وإرادة بها يريدون، فهم بإرادتهم الممنوحة لهم يتخيرون، وبقوتهم الممنوحة لهم يفعلون.
9- أن الاعتراف لله بالقوة والقدرة والحول والاستطاعة ونفي ذلك عن النفس الإنسانية من أسباب دخول الجنة.
10- أن العمل الصالح من أسباب دخول الجنة.

saeed2005
23-04-2009, 10:52 AM
عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فرفع رأسه فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثاً - ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مَدَّ البصر، ثم يجئ ملك الموت - عليه السلام - حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيِّ السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك ؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولان له: وما علمك ؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادى مناد في السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت ؟ فوجهك الوجه يجئ بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي وما لي، قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مُدَّ البصر، ثم يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى يُنْتَهى به إلى السماء الدنيا، فيُسْتَفْتَح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط } فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً ثم قرأ { ومن يشرك بالله فكأنما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك ؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فينادى مناد من السماء أن كذب فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرِّها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوءك !! هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول: من أنت ؟ فوجهك الوجه يجئ بالشر . فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تقم الساعة ) رواه أحمد في مسنده.

المفردات
المسوح: الكفن.
فِيُّ السقاء: فم القربة أو مخرج الماء منها.
السفود: حديدة لها كلاليب .
سَمّ الخياط: فتحة الإبرة .

الحنوط: ما يطيب به الميت .
عليين: موضع في السماء السابعة .
سجين: موضع في الأرض السفلى .


المعنى الإجمالي
أوضح النبي - صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث العظيم مبتدأ رحلة الإنسان من ساعة موته إلى مستقره في القبر وكيف معاملته وفقا لعمله في حياته . فبين – عليه الصلاة والسلام – أن الناس رجلان تقي وفاجر، فالتقي يعامل بحفاوة بالغة، وإكرام عظيم، حيث تنزل عليه ملائكة الرحمة لقبض روحه، فيأتونه في صورة حسنة كأن وجوههم الشمس في بهائها وإشراقها، فيجلسون منه مد البصر، فيشعره نظره إليهم بالاطمئنان والسكينة، ويأخذ ملك الموت روحه، فتخرج سهلة يسيرة، دون مشقة وتعب، فلا يدعها الملائكة في يد ملك الموت طرفة عين حتى يصعدوا بها إلى السماء في موكب مهيب، فتفتح له أبواب السماء، ويشيعه في كل سماء مقربوها، وهم يتعجبون من طيب ريح هذه الروح الطيبة، حتى يبلغوا بها السماء السابعة، فيأمر الرب سبحانه ملائكته أن يعيدوا هذه الروح إلى الأرض لتكرّم في قبرها، ويكتب كتاب ذلك العبد في موضع عال من السماء السابعة . وتعاد هذه الروح المباركة إلى قبرها، فيتولى الملائكة سؤالها عن ربها ودينها ورسولها، فتجيب بأحسن جواب وأفضله، فتقول ربي الله، ونبي محمد، وديني الإسلام !! فيأمر الله بأن يفسح في قبر هذا العبد المؤمن، ويأتيه من روح الجنة وريحانها ما يجعله يتمنى أن يقيم الله الساعة حتى يجتمع بأهله وماله.
وأما الفاجر فيأتيه ملائكة العذاب في صورة مرعبة سود الوجوه، معهم أكفان من نار، فيجلسون منه مَدَّ البصر، ويجلس ملك الموت عند رأسه فيتنزع روحه فيعاني من ذلك شدة وألما عظيماً، فإذا انتزع روحه أخذها منه ملائكة العذاب فيجعلونها في أكفان من نار، فتخرج منها ريح منتنة، فيصعدون بها إلى السماء فلا تفتح لهم، ويأمر الله سبحانه أن تعاد هذه الروح الخبيثة إلى الأرض فترمى رمياً، وتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ورسوله، فلا يدري ما يجيب به، ويقول ها ها !! فيأمر الله أن يفرشوا له من النار، ويفتحوا له باباً من النار، فيأتيه من حرّها وسمومها، ويعلم ما ينتظره في الآخرة، فيدعوا الله ألا يقيم الساعة خوفاً !!.


الفوائد العقدية
1- إثبات عذاب القبر ونعيمه.
2- بيان أن عذاب القبر ونعيمه يقع على الروح والجسد معاً.
3- اختلاف الناس بعد الموت لاختلاف أعمالهم في الدنيا.
4- وجود الملائكة.
5- اختلاف عمل الملائكة.
6- إثبات كلام الله لملائكته .
7- وجود كتاب في عليين فيه أسماء المؤمنين الصالحين أهل الجنة .
8- بقاء الروح بعد الموت .
9- اختلاف رتب الملائكة بين مقربين ودونهم.
10- الإيمان بالبعث بعد الموت .
11- أن النجاة في الآخرة تكون بالإيمان والعلم النافع والعمل الصالح.
12- إثبات سؤال الملكين للموتى .

saeed2005
23-04-2009, 10:53 AM
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل ) رواه مسلم.

المفردات
ولا يحيون: حياة ينتفعون بها.
أميتوا إماتة: فقدوا الإحساس بالألم.
ضبائر : جماعات.
فبثوا : فُرِّقوا.
حميل السيل: جانبه.

المعنى الإجمالي
رحمة الله واسعة وفضله عظيم، ويعظم فضله وتتسع رحمته بالخلق في الآخرة، أضعاف ما هي عليه في الدنيا، ومن صور هذه الرحمة إذنه لأنبيائه والصالحين من عباده أن يشفعوا في أناس قصرت بهم أعمالهم أن يدخلوا الجنة، وعظمت ذنوبهم فأدخلتهم النار، فيَمُنُّ الله عليهم بإذنه أن يُشْفَعَ فيهم، فيخرجون من النار وقد احترقوا، حتى أصبحوا فحماً، فيلقون بقرب أنهار الجنة، ويؤمر أهل الجنة أن يصبوا عليهم الماء، فتعود لهم الحياة، وينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، فتخرج غضة طرية، ويخرجون فرحين مستبشرين شاكرين الله على فضله ونعمائه .


الفوائد العقدية
1- أن للنار أهلاً هم الكفار.
2- خلود الكفار في النار خلوداً لا يموتون فيه.
3- دخول بعض عصاة الموحدين النار لذنوب ارتكبوها .
4- ثبوت الشفاعة في عصاة الموحدين ليخرجوا من النار .
5- أن الشفاعة لا ينالها أحد إلا بإذن الله سبحانه .
6- دخول الخارجين من النار بالشفاعة الجنة وتنعهم فيها .

saeed2005
23-04-2009, 10:54 AM
عن صهيب الرومي – رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول الله - تبارك وتعالى - تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار ؟ قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل ) رواه مسلم.

المعنى الإجمالي
يحدثنا النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث عن نعمة من أجل النعم التي ينعم بها الله على أهل الجنة، وهي نعمة النظر إلى وجهه الكريم سبحانه، حيث يسأل الله عباده في الجنة هل أزيدكم من نعمي شيئاً ؟ فيرون أن نعم الله عليهم سابغة، فالله قد بيض وجوههم، وأدخلهم جنته، وأحل عليهم رضوانه، فماذا يتمنون بعد ذلك، إلا أن إجابتهم لم تخل من طلب المزيد، فيفاجئهم الرب بما لم يحتسبوا فيكشف لهم عن وجهه الكريم، فيعدون رؤيته أعظم النعم وأحبها إلى قلوبهم .

الفوائد العقدية:
1- إثبات نظر المؤمنين لربهم في الجنة، وأن هذه النعمة تعد من أجل النعم وأفضلها.
2- إثبات صفة الكلام لله، وأن الله يكلم عباده ويكلمونه، ويفهمون عنه دون واسطة.
3- أن هذه الرؤية الحاصلة للمؤمنين في الجنة لا تنفي ثبوت الرؤية في موطن آخر بدليل قوله تعالى: { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون }(المطففين: 15 ) فهذه الآية تثبت رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة .

4- أن هذه الرؤية التي ينعم الله بها على عباده في الجنة، رؤية دائمة وليست عارضة، حيث يخصص يوم الجمعة لرؤيته سبحانه، ويسمي أهل الجنة يوم الجمعة يوم المزيد، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة .

saeed2005
23-04-2009, 10:55 AM
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، قال: فيأتون آدم - صلى الله عليه وسلم – فيقولون: أنت آدم أبو الخلق، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا نوحاً أول رسول بعثه الله، فيأتون نوحاً - صلى الله عليه وسلم – فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - الذي اتخذه الله خليلاً، فيأتون إبراهيم - صلى الله عليه وسلم – فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا موسى - صلى الله عليه وسلم - الذي كلمه الله، وأعطاه التوراة، فيأتون موسى - عليه السلام – فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته، فيأتون عيسى روح الله وكلمته، فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - عبداً قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فإذا أنا رأيته، وقعت ساجداً فيدعني ما شاء الله، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، قل تسمع، سل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي، ثم أشفع فيحد لي حداً، فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع رأسك يا محمد، قل تسمع، سل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه، ثم أشفع فيحد لي حداً فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، قال – الرواي - فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال: فأقول: يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن . أي: وجب عليه الخلود ) رواه مسلم.

شرح المفردات
فيهتمون لذلك: أي يصيبهم الهم من طول الوقوف والانتظار مع شدة الحر وعظم الموقف .
لو استشفعنا: أي لو طلبنا شفاعة الأنبياء عند الله ليصرفنا عن موقفنا هذا.
لست هناكم: كلمة تقال على سبيل التواضع، أي: لست في تلك الدرجة التي تخولني الشفاعة في هذا الموقف العظيم فهناك من هو أولى مني .
فيحد لي حداً: أي: يعين لي قوماً مخصوصين.

المعنى الإجمالي
يوم القيامة هو يوم الصعاب والأهوال، يقف الناس في عرصات ذلك اليوم فتدنو الشمس من رؤوسهم مقدار ميل، ويغرق الناس في عرقهم، وينالهم بسبب ذلك نصب وتعب شديدين، فيتمنون الخلاص من ذلك، فلا يرون سبيلاً إلا طلب الشفاعة من أنبيائهم، فيذهبون إلى آدم أبي البشر – عليه السلام - فيرى نفسه دون منزلة ما يطلبون، فيذهبون إلى الخليل إبراهيم وبعده إلى موسى وبعده إلى عيسى – عليهم السلام -، وكلهم يستحي من الله أن يشفع عنده وقد ارتكب ذنباً تاب الله عليه فيه، إلا أن كل نبي يرشد إلى غيره، حتى يرشدهم عيسى – عليه السلام - إلى محمد – صلى الله عليه وسلم – ويقول لهم: اذهبوا إلى محمد فهو خاتم الأنبياء، وهو عبد قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتون النبي - صلى الله عليه وسلم – فيقول: أنا لها، أنا لها، ثم يسجد لربه، فيلهمه ربه محامد لم يكن يحمده بها في الدنيا، ويقبل شفاعته، ويأمر الناس بالانصراف من ذلك الموقف كل إلى جزائه، فيأمر الله العباد أن يجتازوا الصراط، فيقع بعض هذه الأمة في النار لذنوب ارتكبوها، فيأذن الله بالشفاعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيشفع في كل من قال: "لا إله إلا الله" خالصاً من قلبه ولو كان وزن إخلاصه مثقال ذرة أو حنطة أو شعيرة من خير .


الفوائد العقدية:
1- أن آدم - عليه السلام - هو أول الأنبياء ونبوته عقدت في السماء.
2- أن نوحاً – عليه السلام - هو أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض.
3- جواز الاستشفاع بالأنبياء فيما يقدرون عليهم حال حياتهم .
4- إثبات صفة الكلام لله .
5- استحياء الأنبياء من ربهم وتعظيمهم له .
6- إثبات فضيلة النبي - صلى الله عليه وسلم - على باقي الأنبياء - عليهم السلام – .
7- إثبات فضيلة الأنبياء الخمسة ( آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد ) على بقية إخوانهم الأنبياء – عليهم جميعا صلوات الله وسلامه -.
8- إثبات شفاعات النبي - صلى الله عليه وسلم - منها شفاعته في فصل القضاء، وشفاعته في فتح باب الجنة، وشفاعته في إخراج أصحاب الكبائر وعصاة الملة من المؤمنين الموحدين من النار .
9- أن المقام المحمود الذي وعد الله نبيه بأن يعطيه إياه هو شفاعته في فصل القضاء بين العباد يوم القيامة .
10- أن موحدي الأمة ناجون من الخلود في النار، وأن النار لن يخلد فيها موحد .
11- رحمة الله بهذه الأمة وفضلها على سائر الأمم .

saeed2005
23-04-2009, 10:56 AM
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ) رواه البخاري وفي رواية عنده أيضا: ( مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير }(لقمان:34) .

المفردات:
مفاتيح: جمع مفتاح وهو ما يفتح به، وعُبِرَ بالمفاتيح عن أمور الغيب من باب التشبيه حيث شُبِّهت الأمور المغيّبة عن الناس بالمتاع النفيس الذي يُدّخر بالمخازن والخزائن المستوثق عليها بأقفال بحيث لا يعلم ما فيها إلاّ الذي بيده مفاتيحها.

الغيب: هو الشيء المستتر، ويقال للشيء المستتر: غيب وغائب باعتبار الناس لا باعتبار الله تعالى، فإنه سبحانه لا يغيب عنه شيء.
تغيض: تحمل.

المعنى الإجمال
يؤكد الحديث على معنى غاية في الأهمية وهو انحصار علم الغيب في الله سبحانه، فلا يعلم الغيب أحد إلا الله، وذكر الحديث أنواعاً من الغيوب التي لا يعلمها إلا الله، وتخصيصها بالذكر لتعلقها بحياة الإنسان ورزقه ومصيره . فذكر اختصاص الله بعلم قيام الساعة، والتي تمثل بداية حياة الإنسان في الدار الآخرة وبدأ بها لأهميتها، وذكر اختصاص الله بعلم نزول الغيث، وهو سبب رزق الإنسان وحياته على الأرض، وذكر اختصاص الله بعلم ما اشتملت أرحام النساء من ذكور وإناث ومعرفة أحوالهم سعادة وشقاءً، وذكر اختصاص الله بعلم ما يكتسبه الإنسان في غده، واختصاصه بعلم مكان موته . فهذه الأمور الخمسة هي مفاتيح الغيب فيما يتعلق بحياة الإنسان منذ كان جنينا إلى أن يتوفاه الله ويبعثه .

الفوائد العقدية:
1- لا أحد يعلم الغيب إلا الله .
2- بطلان كل علم يدعي صاحبه من خلاله معرفة الغيب كالتنجيم والكهانة. قال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان: " ولا خلاف بين العلماء في منع العيافة – زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها - والكهانة والعرافة، والطرق - الضرب بالحصى لمعرفة الغيب – والزجر ، والنجوم وكل ذلك يدخل في الكهانة، لأنها تشمل جميع أنواع ادعاء الإطلاع على علم الغيب " .

3- لا يفهم من الآية والحديث أن أمور الغيب محصورة في هذه الأمور الخمسة، وإنما خصت هذه الأمور الخمسة بالذكر دون غيرها من المغيبات، لتعلقها بأمور الإنسان واختصاصها به، منذ كان جنيناً إلى ساعة ومكان موته، إلى قيام الساعة التي يجهل وقوعها، ولو كان قاب قوسين منها أو أدنى، فالآية تقريع للإنسان الذي يتطلع ويسأل عن موعد الساعة فيقال له:
" يا أيها السائل إنك تسأل عن الساعة أيان مرساها، وأنت لا تعلم معاشك، ولا تعلم ماذا تكسب غداً مع أنه فعلك وزمانك، ولا تعلم أين تموت مع أنه شغلك ومكانك، فكيف تعلم قيام الساعة متى تكون، فالله ما أعلمك كسب غدك مع أن لك فيه فوائد تبنى عليها الأمور من يومك، ولا أعلمك أين تموت مع أن لك فيه أغراضاً تهيىء أمورك بسبب ذلك العلم، وإنما لم يعلمك لكي تكون في وقت بسبب الرزق راجعاً إلى الله تعالى متوكلاً على الله، ولا أعلمك الأرض التي تموت فيها كي لا تأمن الموت وأنت في غيرها، فإذا لم يعلمك ما تحتاج إليه كيف يعلمك ما لا حاجة لك إليه، وهي الساعة، وإنما الحاجة إلى العلم بأنها تكون، والحاجة إلى العمل لها، وقد أعلمك الله على لسان أنبيائه بوقوعها وبالأعمال التي تنفعك فيها " من تفسير الرازي مع بعض التصرف.

4- أن الغيب قسمان: غيب كلي وهو ما لا يعلمه إلا الله وحده كالخمس المذكورة في الآية والحديث، وغيب جزئي: وهو ما غاب عن شخص دون غيره، فما يراه شخص في مكان ما هو غيب عمن غاب عن ذلك المكان.

5- أن وقت قيام القيامة مما اختص الله بعلمه فلا يعلم أحد زمن وقوعها، وعندما سأل جبريلُ – عليه السلام - النبي – صلى الله عليه وسلم - عن الساعة قال: ( ما المسئول عنها بأعلم من السائل ) رواه البخاري أي أنا وإياك في الجهل بزمن وقوعها سواء.

6- أن علم نزول الغيث مما اختص الله به. وما يخبر عنه خبراء الطقس والأرصاد إنما هو من باب توقع الحدوث لا الجزم بالحدوث، وعلى من يخبر بنزول المطر بناء على تلك التوقعات أن يقرن قوله بالمشيئة كأن يقول: يتوقع نزول المطر غداً إن شاء الله.

7- أن الله انفرد بعلم ما في الأرحام من ذكر أو أنثى وذلك في جميع أطوار الجنين من كونه نطفة وعلقة ومضغة إلى تكونه جسداً كاملاً، ومعرف أحوال الجنين سعادة وشقاوة، ومعرفة كونه قبيحاً أم حسناً، ولا تعارض الآية والحديث بما توصل إليه العلم الحديث من القدرة على معرفة نوع الجنين، كون هذا التحديد إنما جاء في مرحلة متأخرة من تكون الجنين، وليس في بدايات تكونه، هذا فضلا عن اقتصار هذه المعرفة على تحديد الجنس دون تطرق إلى معرفة سعادته وشقاوته وجماله وقبحه .

8- أن لا أحد يعلم ما تكتسبه نفسه أو ما يكتسبه غيره في المستقبل من علم وعمل ومال .

9- أن لا أحد يعلم زمن ولا مكان موته ولا موت غيره فهذا مما استأثر الله بعلمه وحجب العلم به عن جميع خلقه.

10- تكفير مدعي علم الغيب وذلك لنسبته لنفسه ما استأثر الله تعالى به دون خلقه، وتكذيب القرآن في حصر علم الغيب بالله، قال تعالى: { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله }(النمل:65) ".

11- إثبات صفتي العلم والخبرة لله تعالى، واقتران علمه بخبرته هنا يدل على انصراف العلم إلى العلم بظواهر الأمور والخبرة إلى العلم ببواطنها.

saeed2005
23-04-2009, 10:58 AM
عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته ) متفق عليه .

المفردات
القرن: الجيل من الناس.
يمينه: قَسَمَه.

المعنى الإجمالي
الصحابي هو من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وآمن به ولم يرتدَّ على عقبه، فهؤلاء هم سادة الناس وأفضل الخلق بعد الأنبياء - عليهم السلام -، فهم الذين نصروا الله ورسوله، وهم الذين نشروا الدين، ونقلوا إلينا الكتاب والسنة، فتعظيمهم واجب، وحبهم أوجب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث يخبرنا بخيريتهم على سائر الأمة لنقوم بواجبنا تجاههم، ولنعرف لهم فضلهم، ثم يذكر - عليه الصلاة والسلام - التابعين وهم من رأى الصحابة وسار على نهجهم، فهؤلاء في المرتبة الثانية في الفضل بعد الصحابة، ويعقبهم في مرتبة الخيرية تابعوا التابعين، وهم كل من التقى التابعين ولم يلتق الصحابة، وسار على نهجهم، فهم في الفضل بعد التابعين .

والتفضيل والخيرية هنا من حيث الجملة، أي: أن جملة التابعين خير ممن جاء بعدهم، أما الأفراد فقد يوجد في أفراد الأمة من هو خير من بعض أفراد التابعين أو تابعيهم، والتفضيل في الحديث بالاتباع والاقتداء في الخير والصلاح، وليس بمجرد الوجود والولادة في زمن ما، فذاك أمر لا كسب للمرء فيه .


الفوائد العقدية
1- فضل الصحابة وخيرتهم على من جاء بعدهم .
2- الصحابة خير الناس بعد الأنبياء - عليهم السلام -.
3- حرمة سبِ الصحابة والقدحِ فيهم .
4- فضل التابعين ممن سار على نهج الصحابة - رضوان الله عليهم -.
5- فضل تابعي التابعين ممن التقى بالتابعين وسار على نهجهم في الاقتداء بالصحابة .
6- أفضلية الأجيال الثلاثة الأولى على من جاء بعدهم .
7- سوء الجيل يكون بسوء ما يتخلق به من الأخلاق السيئة .

saeed2005
23-04-2009, 10:59 AM
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ) رواه مسلم.

المعنى الإجمالي
يوضح النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث إحدى عقائد الإسلام وهي عموم بعثته - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة من عرب وعجم وإنس وجن،لا فرق في ذلك بين ذكر وأنثى وحر وعبد، فالكل سواء في وجوب الإيمان به والدخول في طاعته . ولا نجاة لأحد سمع به وعرف دعوته إلا بالإيمان به، ولو كان كتابياً من اليهود والنصارى فضلاً عن غيرهم من الوثنيين والملحدين .

الفوائد العقدية
1- عموم بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة .
2- أن كل دين سابق على الإسلام فهو منسوخ بالإسلام.
3- أن من لم يؤمن بالنبي – صلى الله عليه وسلم - بعد معرفته به فهو هالك ولا ينفعه ما يؤمن به .
4- من لم يعرف النبي – صلى الله عليه وسلم – ومات على ما يدين به، فلا يحاسب على عدم إيمانه بالنبي – صلى الله عليه وسلم -.

saeed2005
23-04-2009, 11:00 AM
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن ) متفق عليه .

المفردات
نهبة: الأخذ على وجه العلانية والقهر .

المعنى الإجمالي
الإيمان كالشجرة يزيدها الماء نموا، وتزيدها التغذية قوة، ويقضي عليها الجفاف والعطش، وتذبل وتضمحل إن قل غذاؤها، وكذلك الإيمان يزيد ويكبر ويقوى بالعمل الصالح، والترقي في مراتب الإيمان من خوف الله، ورجائه، وحبه، ويضمحل ويبطل بالكفر والشرك، ويضعف ويهزل بالمعاصي والسيئات من السرقة والزنا وشرب الخمر وغير ذلك من المعاصي .

فالعلاقة بين الإيمان والعمل علاقة طردية عكسية، فهو يزيد ويقوى بالعمل الصالح، ويضعف ويهزل بارتكاب المعاصي والسيئات، ومن أراد زيادة إيمانه وقوته فعليه بفعل الصالحات واجتناب الموبقات، وفي هذا الحديث يبين لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أثر المعاصي على الإيمان، وكيف أنه يضعف ويهزل حتى لا يبقى منه إلا القليل، كل ذلك بسبب المعاصي، فعلى المسلم الذي يريد أن يحافظ على منسوب إيمانه عالياً مرتفعاً أن يواظب على الطاعات، ويجتنب المعاصي والسيئات، ففي ذلك نجاته في الدنيا والآخرة .

الفوائد العقدية
5- نقصان الإيمان بارتكاب المعاصي.
6- أن الجهر بالمعصية لا يعد كفراً.
7- أن الزنا والسرقة وشرب الخمر والانتهاب من كبائر الذنوب .
8- أن نفي الإيمان في الحديث هو نفي لكماله لا نفي لصحته وأصله؛ بدليل إجماع السلف على أن المعاصي لا يكفر فاعلها إلا باستحلالها.

saeed2005
23-04-2009, 11:01 AM
عن صهيب الرومي – رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول الله - تبارك وتعالى - تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار ؟ قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل ) رواه مسلم.

المعنى الإجمالي
يحدثنا النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث عن نعمة من أجل النعم التي ينعم بها الله على أهل الجنة، وهي نعمة النظر إلى وجهه الكريم سبحانه، حيث يسأل الله عباده في الجنة هل أزيدكم من نعمي شيئاً ؟ فيرون أن نعم الله عليهم سابغة، فالله قد بيض وجوههم، وأدخلهم جنته، وأحل عليهم رضوانه، فماذا يتمنون بعد ذلك، إلا أن إجابتهم لم تخل من طلب المزيد، فيفاجئهم الرب بما لم يحتسبوا فيكشف لهم عن وجهه الكريم، فيعدون رؤيته أعظم النعم وأحبها إلى قلوبهم .

الفوائد العقدية:
5- إثبات نظر المؤمنين لربهم في الجنة، وأن هذه النعمة تعد من أجل النعم وأفضلها.
6- إثبات صفة الكلام لله، وأن الله يكلم عباده ويكلمونه، ويفهمون عنه دون واسطة.
7- أن هذه الرؤية الحاصلة للمؤمنين في الجنة لا تنفي ثبوت الرؤية في موطن آخر بدليل قوله تعالى: { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون }(المطففين: 15 ) فهذه الآية تثبت رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة .

8- أن هذه الرؤية التي ينعم الله بها على عباده في الجنة، رؤية دائمة وليست عارضة، حيث يخصص يوم الجمعة لرؤيته سبحانه، ويسمي أهل الجنة يوم الجمعة يوم المزيد، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة .

saeed2005
23-04-2009, 11:03 AM
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لما خلق الله الجنة، قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب، وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفّها بالمكاره، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء، فقال: أي رب، وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، قال: فلما خلق الله النار، قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء، فقال: أي رب، وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فحفها بالشهوات، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء، فقال: أي رب، وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها ) رواه الترمذي وأبو داود والنسائي.

المفردات
حفها: أحاطها .
المكاره: التكاليف الشرعية لأن في فعلها مشقة على نفس العامل .
الشهوات: ما يستلذ من أمور الدنيا مما منع الشرع من تعاطيه .

المعنى الإجمالي
يحكي النبي - صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث قصة خلق الجنة والنار، وكيف أن الله بعد خلقهما أطلع جبريل - عليه السلام – عليهما، لعظم شأنه وكبير منزلته، وأنه لما رأى الجنة ونعيمها أقسم أنه لن يسمع بها أحد إلا دخلها، فأحاطها الله بالمكاره وهي الفرائض والتكاليف الشرعية التي لا تميل النفس لأدائها، ثم أمر جبريل أن ينظر إليها مرة أخرى، فلمّا ذهب جبريل ونظر إلى جوانبها وجدها قد أحيطت بالمكاره، وعلم جبريل – عليه السلام - نفسية المدعوين لدخولها في حبهم الراحة والدعة، وكراهتهم التكاليف لما فيها من مشقة، فأقسم أنه يخشى أن لا يدخلها أحد !! فأمره الله أن ينظر إلى النار، فنظر إليها، فرأى أهوالاً عظاماً، فرجع إلى ربه فأقسم ألا يسمع بها أحد فيدخلها، فأحاطها الله بالشهوات، وعلم جبريل – عليه السلام - ميل المدعوين إلى شهواتها، فلما نظر جبريل إلى عظم الشهوات التي أحيطت بالنار، خشي أن لا يسمع بها أحد إلا دخلها، وأقسم على ذلك، فلم ينكر عليه الرب قسمه ولا أنكر عليه رأيه، فَعُلِمَ أن أكثر الناس يدخلون النار لعدم صبرهم عن شهواتهم، وأن القلة يدخلون الجنة لصبرهم وجهادهم في ترك الشهوات وفعل الواجبات.


الفوائد العقدية
1- أن "الرب" من أسماء الله تعالى.
2- جواز القسم بصفات الله لقول جبريل - عليه السلام - : وعزتك.
3- إثبات خلق الجنة والنار، وأنهما موجودتان الآن.
4- أن للجنة مكاناً، وللنار مكاناً لا نعلمهما ويعلمهما الله ومن أطلعه عليهما.
5- أن ارتكاب الشهوات والوقوع فيها طريق إلى النار .
6- أن القيام بالتكاليف الشرعية وتحمل مشاقها طريق إلى الجنة .
7- دخول أكثر الناس النار لعدم صبرهم عن شهواتها.
8- القلة من الخلق يدخلون الجنة لصبرهم على مكارهها.
9- أن جبريل – عليه السلام – من الملائكة المقربين لتخصيص الله إياه برؤية جنته وناره.