المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على عبدالله عبدالرحمن إبراهيم في تجنيه على الشريعة



عبد الرحيم11
29-04-2009, 12:56 PM
الرد على عبدالله عبدالرحمن إبراهيم في تجنيه على الشريعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فقد اطلعت على ما نشرته جريدة الشرق القطرية في عددها الصادر برقم 7608 بقلم الكاتب عبد الله عبد الرحمن إبراهيم تحت عنوان: (الرد على المريخي في تجنيه على إذاعة القرآن الكريم )، يوم الأربعاء 19 ربيع الآخر 1430هـ الموافق 15-4- 2009م و نشر في بعض المنتديات على الشبكة العنكبوتية، وقد اشتمل مقاله على جملة من الأخطاء، أعظمها زعمه مشروعية بدعة الاحتفال بالمولد النبوي، فأحببت التنبيه على ما تيسر منها نصيحة للمسلمين، وتنبيها للقراء لئلا يغتروا بما وقع فيه الكاتب من أخطاء.

وإليك أخي القارئ بيانا مجملا بالأخطاء التي وقع فيها الكاتب في مقاله مع الجواب عنها:

أولا: تقريره عدم الإنكار على من أحدث المولد النبوي، بحجة أنه مما يسوغ فيه الخلاف، وليس الأمر كذلك، فإن ثَم فرقا بين المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، فلا ينكر على المجتهد فيها، وهي ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبا ظاهرا مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه، أو إجماع شائع، وبين المسائل التي لا يسوغ فيها الخلاف، فيجب فيها الإنكار إجماعا، وهي ما وجد فيه ذلك الدليل وذلك الإجماع الشائع، كما قرره ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ج2 ص 325 ، وكما قال بعض أهل العلم
وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلافا له حظ من النظر

و بدعة المولد من المسائل التي ينكر فيها على المخالف، لأنه لم يدل دليل على مشروعيتها، فلم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها ولم يقرها، وما من خير إلا دلنا عليه، ولم يفعلها الصحابة ولا التابعون ولا الأئمة الأربعة ولا غيرهم من الأئمة، فهذا إجماع القرون المفضلة على عدم مشروعيتها، وهذا سبيل المؤمنين الذي أمرنا الله تعالى باتباعه ونهانا عن مخالفته، فقال سبحانه وتعالى: ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) والأمة لا تجتمع على ضلالة، وقال عليه الصلاة والسلام: ( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة)، والأدلة على بدعية المولد ومخالفته لأصول الدين من الكتاب والسنة والإجماع وأقوال العلماء والقواعد الشريعة كثيرة، أكتفي بما ذكرته، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق كما قاله الكاتب.

ثانيا ً: إيراده جملة من الشبهات، التي يذكرها المتصوفة المبتدعة في مؤلفاتهم التي ألفوها لترويج هذه البدعة، أمثال محمد علوي المالكي وغيره، وإليكم الرد على بعض الشبهات التي ذكرها الكاتب بجوابين مجمل ومفصل:

أما الجواب المجمل: فإن الأدلة التي ساقها الكاتب إما أقوال لعلماء، وأقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها، ولايجوز الاحتاج بزلل العلماء على ترويج البدع، وإما آيات وأحاديث حملها الكاتب على فهم محدث مخالف لفهم السلف الصالح، فإنهم لم يفهموا من هذه الآيات والأحاديث هذا الفهم، فإما أن يكون هذا الفهم صحيحا وغاب عنهم ذلك واهتدى إليه الكاتب في هذه الأزمان المتأخرة، فجهله الصحابة والتابعون وأتباعهم والأئمة الأربعة، وعلمه الكاتب!! أو علمه السلف وأئمة الإسلام، فلم تتحرك هممهم للعمل به وزهدوا فيه، ووفق إليه الكاتب وأمثاله، فيا لله العجب!! أيوفق إليه هؤلاء، ويُحرمه أولئك الخيار البررة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان؟!! وبهذا يتبين بطلان سائر ما استدل به من الشبهات.

وهذا الذي تقرر من بطلان الاستدلال بدليل على خلاف فهم السلف، وامتناع اعتباره دليلا، هو الذي قرره العلماء كالشاطبي في الموافقات وابن القيم في الصواعق وابن عبد الهادي في الصارم المنكي والشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي في كتابه الشيخ محمد بن عبد الوهاب. قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في "الصواعق" (2/128مختصره):(إن إحداث القول في تفسير كتاب الله الذي كان السلف والأئمة على خلافه يستلزم أحد أمرين: إما أن يكون خطأ في نفسه، أو تكون أقوال السلف المخالفة له خطأ ولا يشك عاقل أنه أولى بالغلط والخطأ من قول السلَف) اهـ ، وقال الحافظ ابن عبد الهادي - رحمه الله - في "الصارم المنكي"‏(ص318): (ولا يجوز إحداث تأويل في آيةٍ أو سنةٍ لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه ولا بينوه للأمة؛ فإن هذا يتضمن أنهم جهِلوا الحق في هذا، وضلوا عنه، واهتدى إليه هذا المعترض المستأخر) اهـ.

وأما الجواب المفصل عن الشبه التي أوردها الكاتب:

فالشبهة الأولى: استدلاله بقوله تعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله).
والجواب عن هذه الشبهة:
أنه لا دلالة في الآية على ماذهب إليه الكاتب من مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، لأن التذكير بنعم الله تعالى إنما يكون بالسنة لا بالبدعة، ولو كان الاحتفال بالمولد النبوي من التذكير بأيام الله لاحتفل به النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون وأتباعهم من الأئمة الأربعة وغيرهم.
وتفسير التذكير بأيام الله التي أُمر موسى عليه السلام أن يذكر قومه بها، تفسيره بالاحتفال بالمولد النبوي يصلح مثالا على التفسير المؤول المحرف الذي لم يفهم الكاتب المراد منه.
ومقتضى قولهم هذا أن يحتفل بنعم الله كلها، كالمولد النبوي والبعثة وانتصار المسلمين في الغزوات، وسائر النعم التي لا تحصر، وهكذا في أعياد لا حصر لها ولا عد، يحصل بها الوقوع في عين المنهي عنه من الإحداث في الدين واختراع أعياد لم يشرعها رب العالمين بمحض الاستحسان العقلي والعياذ بالله، ويلزم منه قضاء العمر كله في الاحتفال بالنعم الدينية، وتعطل المصالح الدينية والدنيوية.

و الشبهة الثانية: استدلاله بقوله تعالى: ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا).
والجواب: أن المراد بالفرح بفضل الله ورحمته فرح القلب بالإسلام والسنة، كما بينه المفسرون وكما بينه ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص5، وليس الاحتفال بالمولد فرحا بفضل الله ورحمته، بل هو فرح بالبدعة ومخالفة السنة، ولو كان الاحتفال بالمولد فرحا بفضل ورحمته للزم منه الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم، لأنهم لم يفرحوا بفضل الله ورحمته على المعنى الذين أراده الكاتب، فإن الاحتفال بالمولد حدث بعد القرون الثلاثة المفضلة على يد الزنادقة العبيديين الذين عرفوا بالطعن في الصحابة رضوان الله عليهم، وادعاء حاكمهم النبوة ثم الألوهية والعياذ بالله تعالى، وعرفوا بأنواع من الفساد والإفساد، فهل يليق بالمسلم أن يترك الاقتداء بالصحابة الكرام، ويقتدي بهؤلاء الزنادقة اللئام؟!!.

الشبهة الثالثة: استدلاله بحديث أبي قتادة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم سُئل عن صيام يوم الاثنين، فقال: (فيه وُلدتُ وفيه أُنزل عليّ).
والجواب: أن هذا الاستدلال باطل، لما سبق تقريره من بطلان كل فهم محدث لم يفهمه السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة الأربعة وغيرهم، فإن الحديث مر عليهم جميعا فلم يفهموا منه ما قرره الكاتب، هذا وجه.
والوجه الثاني: أن غاية ما يدل عليه مشروعية صيام كل إثنين شكرا لله تعالى، فيقتصر على الشكر المشروع دون إحداث أنواع من العبادات غير المشروعة.
والوجه الثالث: أنه عليه الصلاة والسلام لم يصم يوم ولادته، وهو اليوم الثاني عشر من ربيع الأول إن صح أنه يوم ولادته، وإنما صام يوم الإثنين الذي يتكرر مجيئه في كل أسبوع، فمن أين لكم تخصيص يوم ولادته بصوم فضلا عن تخصيصه باحتفال مبتدع يشبه ما أحدثته النصارى في دينها؟ ومن تشبه بقوم فهو منهم.
ويقال أخيرا: إن هذا الحديث دليل عليكم لا لكم، فمع كون يوم الإثنين يوم ولادته، ومع تبيينه ذلك لأمته، فإنه لم يأمر بالاحتفال بهذا اليوم ولا فعله ولا أقر أحدا على فعله، ولم يفعله أحد من القرون المفضلة المشهود لها بالخيرية، فدل على عدم جوازه، فانقلب الدليل عليكم ولله الحمد.
وهكذا كل صاحب بدعة وباطل لا يستدل بدليل استدلالا باطلا إلا كان في دليله ما يرد بدعته باستدلال صحيح .

الشبهة الرابعة: قوله : (من قال بجواز تذكير الناس بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأت منكرا من القول وزورا، بل لديه أدلة من الكتاب والسنة والقياس والإجماع على ما ذهب إليه) اهـ.
والجواب: أن التذكير بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ليس محصورا ببدعة المولد، بل هو حاصل بما شرعه الله تعالى من دراسة سنته عليه الصلاة والسلام، ففي ما شرعه الله غنية عما لم يشرعه من البدع، وليس محل النزاع مشروعية التذكير بمولده عليه الصلاة والسلام، بل النزاع في تخصيص يوم الثاني عشر من ربيع الأول بالتذكير وتخصيصه بالاحتفال وغير ذلك مما هو معلوم، فالتدين بتخصيص التذكير بيوم معين هو البدعة، لا نفس التذكير، أما ما زاد على التذكير مما طواه الكاتب من الاحتفال وغيره من المنكرا ت فبدعيتها ظاهرة، ولعل هذا ما حمل الكاتب على طيها والحيدة عن محل النزاع.

واعلم أيها القارئ الكريم أنه ليس على المولد دليل صحيح من كتاب ولا من سنة كما زعمه الكاتب، وأما القياس في العبادات فقد قال ابن العربي المالكي رحمه الله في المحصول ص95:( ونطاق القياس في العبادات ضيق وإنما ميدانه المعاملات والمناكحات وسائر أحكام الشرعيات، والعبادات موقوفة على النص) اهـ ، وليراجع الكاتب ما كتبه العلماء في القاعدة المشهورة: إن العبادات مبناها على التوقيف، وماقرره الأئمة كما في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ج29ص17 ، وليراجع شرح حديث عائشة رضي الله عنها: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).
وأما دعوى الإجماع على الجواز، فهذا تناقض منه، لأنه أقر بوجود الخلاف في مسألة المولد حسب زعمه، فإقراره بالخلاف يناقض قوله بالإجماع، وهذا نص كلامه: (وهذه مسألة خلافية ، وحق المسائل الخلافية أن لا تتناول هكذا ، وللكاتب الحق أن يعتقد فيها ما يشاء، ما دام لديه دليل معتبر ) وقال: ( لينتصروا له في هذه المسألة الفقهية الخلافية)!!!اهـ ، وكيف يقر من يخالف الإجماع ؟!! وادعاء الكاتب انعقاد الإجماع على مشروعية الاحتفال بالمولد ادعاء باطل، ودون إثباته خرط القتاد، بل الإجماع منعقد على تحريمه من الصحابة ومن بعدهم من القرون الثلاثة المفضلة.

الشبهة الخامسة: زعم الكاتب أن القائلين بجواز الاحتفال بالمولد لم يقولوا بسنيته ولم يخصصوا يوم مولده بعبادة واقتصروا على قراءة سيرته والتذكير به وبمولده عليه الصلاة والسلام.
والجواب عن هذه الشبهة: أن قراءة السيرة لا شك أنها قربة، ولا يتصور كون قراءتها مباحا غير مأمور به ولو استحبابا، ولكن تخصيص قراءتها في يوم معين هو البدعة، ويترتب عليه مفاسد عظيمة، فإن الشارع لا ينهى عن إحداث المحدثات إلا لما تتضمنه البدع والمحدثات من أنواع المفاسد الخالصة أو الراجحة، خلافا لما يتوهمه البعض من المصالح، ومن هذه المفاسد: تضييع حق النبي صلى الله عليه وسلم، فمتى خصصت قراءة سيرته وخصص التذكير به بيوم أهمل سائر العام، ولذا لم يشرع الشارع الحكيم يوما خاصا لقراءة سيرته.

ودعوى الكاتب أنهم لم يقولوا بسنية الاحتفال بالمولد دعوى باطلة، فإنهم صرحوا باستحبابه وجعلوه علامة على محبته صلى الله عليه وسلم، بل بلغ الغلو ببعضهم إلى القول بأنه واجب من واجبات الدين، فلزم من قوله تأثيم الصحابة والتابعين، فرد عليه وألقمه الحجر علامة قطر الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رحمه الله تعالى في رسالته الموسومة بكلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق، ومن راجع كتب القوم وجد استحبابهم له جليا في كتبهم، يلوح لمن له عينان، فلو راجع الكاتب الكتب التي ألفت لترويج هذه البدعة، وراجع تعريف العبادة اتضح له غلطه.

ومن مغالطات الكاتب زعمه أن المولد النبوي مقتصر على قراءة السيرة ونحو ذلك، وأظن أنه لم يعد يخفى على أحد حقيقة هذه الموالد المشتملة على أنواع من البدع الشبهاتية والمنكرات الشهوانية والعياذ بالله تعالى، فالشبكة العنكبوتية والإعلام المرئي قد فضحا ما يدور في هذه الموالد، فضلا عما كتبه العلماء عنها كما في رسالة كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق للشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رحمه الله ج1ص 509-510 ورسالة القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله ج2 ص629 ومابعدها من مجموع الرسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي فقد عقد فصلا بعنوان فصل فيما يترتب على الاحتفال بذلك اليوم من أمورخطيرة ومفاسد كثيرة، وفصلا آخر بعنوان فصل علماء العصور المتأخرة يذكرون المفاسد الموجودة في أزمنتهم في الموالد ويستنكرونها، إلى آخر ما ذكر من فصول هامة تبين حقيقة ما تشتمل عليه الموالد، فليراجعه القارئ الكريم غير مأمور ليتضح له ما فيها من البلايا والمنكرات، فلا ينبغي للكاتب أن يلبس على القراء بمغالطات مكشوفة.

الشبهة السادسة: ما زعمه الكاتب أنه ليس كل ما لم يفعله الصحابة – رضوان الله عليهم - يحكم عليه بأنه بدعة مذمومة، ما لم يَعْرَ عن أصل شرعي يشهد له .
والجواب: أن هذا العموم من الكاتب خلط للحق بالباطل وتلبيس على القراء، فإن محل النزاع فيما لم يفعله الصحابة رضوان الله عليهم من العبادات لا من العادات ونحوها، وقد دخل في عموم كلامه العبادات التي لم يتعبد بها الصحابة رضوان الله عليهم، وهذا مخالف لقول حذيفة رضي الله عنه: (كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالا) بل لما هو أعظم من ذلك وهو قوله تعالى: ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )، وسبيل المؤمنين هو إجماع الصحابة وماكانوا عليه من الدين.

والعبادات إما أن تكون غير مشروعة، فلا يفعلها الصحابة لأنها من المحدثات، ومن القواعد المقررة التي دلت عليها الأدلة أن الأصل في العبادات التوقيف فلا تشرع إلا بدليل، أو تكون مشروعة فيستحيل ألا يتعبد بها الصحابة، لكمال علمهم وتقواهم وحرصهم على الخير، ولأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه، كما قرره الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة الأحقاف ج7 ص278 ، وقد قال الإمام مالك : (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها). عَزاه إليه القاضي عياض في " الشفا " ج2 ص72 ، وشيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " ج1ص231 ، وذكر الشاطبي في " الاعتصام " ج1 ص28 أن ابن الماجشون قال : سمعت مالكًا يقول : ( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة ، لأن الله يقول : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دًينَكُمْ ، فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا ) ، فهذه القاعدة الباطلة التي قررها الكاتب فتح لباب البدع والإحداث في الدين على مصراعيه.

... يتبع

عبد الرحيم11
29-04-2009, 12:58 PM
الشبهة السابعة: زعم الكاتب أن في تقسيم البدعة خلافا مشهورا بين الأصوليين.
فالجواب: ما قاله الإمام مالك رحمه الله تعالى: (من زعم أن في الدين بدعة حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة فإن الله تعالى يقول:( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فما لم يكن يومئذ دينا فلايكون اليوم دينا).

ومما يبين بطلان هذا التقسيم الذي أشار إليه الكاتب قوله عليه الصلاة والسلام في كل خطبة من خطبه: ( شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ، و(كل ) من ألفاظ الظهور في العموم، ولم يستثن ولا مرة واحدة، فعلم أنّ كل بدعة في الدين ضلالة، وأنّ كل مثال يمثل به من يقول بالبدعة الحسنة فإما ألا يكون بدعة ، وإما ألا يكون حسنا بل ضلالة وشراً، ولاعبرة بقول مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام، وخصوصا الذين يحدثون المولد زاعمين تعظيمه عليه الصلاة والسلام، فنقول لهم: من تعظيمه عليه الصلاة والسلام ألا يقدم قول أحد على قوله كائنا من كان، كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم). وعلى الكاتب أن يراجع كتب أهل العلم ليتبين له من الذين قالوا بهذا القول من الأصوليين، أهم المتكلمون أم أهل السنة والجماعة؟ وهل صحت نسبة هذه الأقوال إليهم؟ وهل فهم كلامهم على مرادهم ؟ وهل أقرهم العلماء على ما ذهبوا إليه ؟ وقد بين الشاطبي رحمه الله تعالى بطلان هذا التقسيم بيانا شافيا كافيا في كتابه الاعتصام ج1ص191-197 فليرجع إليه من شاء.

الشبهة الثامنة: تمثيل الكاتب بالاجتماع لصلاة التهجد في رمضان وزعمه أنه محدث لم يكن على عهد السلف .
والجواب: أن الاجتماع للتهجد في رمضان ثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها وفي السنن من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وثابت من فعل الصحابة رضوان الله عليهم، وهذا مثال لما يزعمونه بدعة حسنة وهو سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعجبا كيف يكون ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ورغب فيه بدعة ؟!! أم كيف خفيت هذه السنة المشهورة على الكاتب ؟!!

ثم يزداد العجب من الكاتب حيث يريد أن يلزم الشيخ المريخي بأن يستنكر صلاة التهجد في رمضان بناء على استنكاره لبدعة المولد، ولاعجب، فإنه لم يحكم الفرق بين البدعة وبين السنة، وبين ما فعله الصحابة رضي الله عنهم واتخذوه دينا وبين ما أجمعوا على تركه وعدم فعله ، ولذلك يقول الكاتب: ( ولم نره أنكر هذا الأمر المحدَث ، ولا تحركت غيرته على الكتاب والسنة إلا عندما تعلق الأمر بتعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم!! نعوذ بالله من الهوى) اهـ ، وهذا افتراء آخر لايستطيع الكاتب تحمله ولا تحمل تبعاته، حيث يزعم أن الشيخ المريخي تحركت غيرته عندما تعلق الأمر بتعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف يتجرأ على هذا الاتهام في دين الشيخ ؟! وهل يبغض النبي صلى الله عليه وسلم ويكره تعظيمه إلا زنديق من أعظم الزنادقة أو منافق معلوم النفاق ؟!! بل إن كثيرا من المنصفين من أهل الكتاب والمشركين قد أقروا بعظمة هذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فكيف يُرْمَى بها هذا الداعية الكريم ؟!!! فليعد الكاتب جوابا لهذه الفرية العظيمة بين يدي الجبار جل جلاله.

الشبهة التاسعة: احتجاج الكاتب بزلل بعض العلماء، ومحاولته تحميل كلام الشيخ محمد حسن المريخي على غير مراده، وأن يظهره في صورة المتنقص للأئمة المجتهدين.
فالجواب: أن هذا تحامل من الكاتب وسوء ظن بأخيه، وكل من يعرف الشيخ من الخاصة والعامة يعرف احترامه للعلماء وتوقيره لهم، ومن الواضح أن مراد الشيخ المريخي المبتدعة الذين يروجون للبدع والمحدثات في الإذاعات والصحف والمجلات وغيرها، ومن المعلوم أن من أصول أهل السنة والجماعة رد البدع والمخالفات والأقوال الباطلة عن الدين مع احترام العلماء المجتهدين وحفظ مكانتهم، وهذان الأصلان لا يتناقضان إلا عند جاهل بالشريعة وأسرارها أو جاهل بقدر العلماء وواقعهم، فالعلماء يحتج لهم ولايحتج بهم، ولايجوز أن ترتكب المحرمات وتنشر البدع والمحدثات تمسكا بغلط المجتهدين، وإذا اشتبهت المسألة على المجتهد كان معذورا، فما عذر من تابعه على غلطه بعدما تبين له الهدى؟!! وانظر ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه الاستقامة ج1ص297-303 وفي ج2 ص15-16 وتلميذه ابن القيم في إعلام الموقعين ج3 ص283 يتضح لك المقام، ورحم الله الإمام مالكا حيث يقول: (كل يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم).

وإن مما يبين بطلان ما تمسك به الكاتب، إجماع القرون الثلاثة المفضلة على عدم الاحتفال بهذا المولد المبتدع، من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والليث والسفيانين وعبدالله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني وابن معين والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني وغيرهم من المحققين، فإنهم لم يحدثوا هذا المولد ولم يحثوا عليه، وهم أعلم الأمة وأحرصهم على الخير.

وقد أنكر كثير من العلماء قديما وحديثا هذه البدعة الشنيعة، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
1- الشيخ تاج الدين عمر بن علي اللخمي المشهور بالفاكهاني المالكي رحمه الله في كتابه المورد في عمل المولد.
2- الشيخ ابن الحاج المالكي رحمه الله: في كتابه المدخل.
4- الإمام أبو عمرو بن العلاء الشافعي رحمه الله.
5- الحافظ أبو زرعة العراقي رحمه الله.
6- الإمام الشاطبي المالكي رحمه الله.
7- شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
8 - الشيخ ظهير الدين جعفر التزمنتي رحمه الله.
9- الشيخ نصير الدين المبارك الشهير بابن الطباخ رحمه الله.
10-الشيخ أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله من علماء الهند.
11- الشيخ أبو عبد الله محمد الحفار المالكي رحمه الله من علماء المغرب العربي.
12- الشيخ محمد بن عبد اللطيف رحمه الله.
13- الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمه الله.
14- الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي رحمه الله مفتي الديار المصرية سابقا.
15- الشيخ محمد رشيد رضا المصري رحمه الله صاحب مجلة المنار.
16- والشيخ علي محفوظ الأزهري رحمه الله من كبار علماء مصر.
17- الشيخ محمد عبد السلام خضر الشقيري رحمه الله.
18- السيد علي فكري رحمه الله.
19- الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله محدث الشام.
20- الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله مفتي الديار السعودية سابقا.
21- الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله مفتي الديار السعودية سابقا.
22 – الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عضو هيئة كبار العلماء.
23- الشيخ حمود التويجري رحمه الله.
24- الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله.
25- الشيخ أبوبكر جابر الجزائري حفظه الله.
26- الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله.
27 _ الشيخ محمد بن سعد بن شقير حفظه الله.
28- الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله.
29- الشيخ الفوزان حفظه الله.
30- علامة قطر ورئيس المحاكم الشرعية الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله.
31- علامة قطر ورئيس القضاة الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي الشافعي رحمه الله.

ولولا ضيق المقام لنقلت أقوالهم، و انظر القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل صلى الله عليه وسلم للشيخ إسماعيل الأنصاري في مجموع رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي ج2 ص429-451 فقد نقل كثيرا من أقوالهم.

فهؤلاء كما ترى أئمة الإسلام وعلماء الشريعة سلفا وخلفا من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، من سائر البلدان، من قطر والحجاز ونجد ومصر والشام والمغرب والهند، تواردوا جميعا على إنكار هذه البدعة الشنيعة، متبعين لمن سبقهم من القرون المفضلة رضوان الله عليهم، وهذا من رحمة الله بهذه الأمة، أنه لابد أن يقوم فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينفي عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .

وما تكثر به الكاتب من الكتب المؤلفة في المولد قد اشتملت على أنواع من الشركيات والبدع والمحدثات والغلو والإطراء بعبارات ركيكة يمجها الذوق السليم ولا تليق بمقام سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهذا مثال واحد من المولد الديبعي، حيث يقول مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم:
( من رأى وجهك يسعد يا كريم الوالدين
حوضك الصافي المبرد وردنا يوم النشور
أنت غفار الخطايا والذنوب الموبقات
أنت ستار المساوي ومقيل العثرات
يا ولي الحسنات يا رفيع الدرجات
كفر عني الذنوب واغفر عني السيئات
عالم السر وأخفى مستجيب الدعوات) اهـ ، الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر المفترى عليه للشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي رحمه الله تعالى ص195-196 فليراجعه من أراد الاطلاع على مزيد من الأمثلة، ولا يخفى على القارئ الكريم ما في هذه الأبيات من الشرك الصريح والكفر البواح والتشبه بتأليه النصارى لنبيهم عليه السلام.

ثالثا: من أخطاء الكاتب انتقاده على الشيخ المريخي غيرته الدينية وحميته السنية وغضبه لانتهاك حرمة الدين، ومطالبته للشيخ بأن يلتزم الآداب الإسلامية والرفق في هذا الموضوع، مع تطاوله بأنواع من السخرية والطعن في دين الشيخ وغير ذلك، مخالفا لقول الله تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) وقوله عليه الصلاة والسلام : ( يا عائشة ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ) وقوله عليه الصلاة والسلام:( من يحرم الرفق يحرم الخير كله ) ، وهل هذا الأسلوب السيء الذي استعمله الكاتب من الرمي بالعظائم في الدين يمثل ما يدعو إليه الكاتب من الخلق الحسن ؟ (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم )، ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).

رابعا: إنكار الكاتب لما قرره الشيخ المريخي من سلفية أهل قطر حكاما ومحكومين. والجواب : أنه من الحقائق التاريخية المعلومة التي لا ينكرها إلا مكابر تمسك أهل قطر ولزومهم لمنهج السلف الصالح رضوان الله عليهم قديما وحديثا، فننصح الكاتب بمراجعة كتب التاريخ.

خامسا: رميه منهج الشيخ المريخي بأنه منهج متزمت بغيض.
فالجواب: أنه ليس المنهج المتزمت البغيض إلا منهج أهل البدع الذين يغلون في الدين بإحداث الموالد، ويرمون من أنكر عليهم بدعتهم بالتزمت وعدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم ونحوها من ألقاب السوء التي ينفرون بها عن الحق وأهله، ولا أدري ما هو المنهج المتزمت الذي ينكره الكاتب وينعته بالبغيض ؟ هل هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح ؟ والعياذ بالله تعالى، وأستبعد من الكاتب أن يقصد ذلك، وإن كان ظاهر كلامه يفهم منه ذلك، فإن هذا المنهج هو ما يعنيه الشيخ محمد حسن المريخي بمنهج أهل قطر وعقيدتهم، أو أن الكاتب يقصد أن الزام المجتهد غيره بقوله هو المنهج المتزمت، فإن كان يقصد هذا فقد صدق أنه منهج متزمت وبغيض، لكن ليس هذا هو منهج الشيخ المريخي حفظه الله تعالى، وليست مسألتنا من هذا الباب، وإنما هي في الحث على اتباع السنة والتحذير من بدعة المولد وغيرها من البدع والمنكرات ودعوة الناس إلى التزام الشرع، وهذا حق لا يجوز أن يبغضه مسلم لأنه مما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وفي الختام فإن هذا المقال الذي كتبه الكاتب من الترويج للبدعة والمنكر دليل واضح على أن هذه البلاد مستهدفة في عقيدتها، وأن أهل الباطل حريصون على حرف أهلها عن عقيدتهم الصحيحة، ومن آثار ذلك ما تأثر به هذا الكاتب من شبه، مما يستوجب منا مزيدا من الاجتهاد في تعلم العقيدة وتعليمها، والرد على شبهات المبطلين، والذود عن حياض الدين، وأن يحرص القائمون على وسائل إعلامنا من إذاعة وصحافة وغيرها على التزام منهج أهل السنة والجماعة وعقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم التي كان ولايزال عليها أهل هذه البلاد المباركة حكاما ومحكومين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على خير خلقه نبينا وحبينا وقرة أعيننا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .


كتبه سعيد بن محمد الجناحي

المصدر:منتديات المحجة العلمية السلفية
http://www.mahaja.com/forum/showthread.php?t=6547

الصديق الوفي
29-04-2009, 01:53 PM
الشبهة السابعة: زعم الكاتب أن في تقسيم البدعة خلافا مشهورا بين الأصوليين.
فالجواب: ما قاله الإمام مالك رحمه الله تعالى: (من زعم أن في الدين بدعة حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة فإن الله تعالى يقول:( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فما لم يكن يومئذ دينا فلايكون اليوم دينا).

ومما يبين بطلان هذا التقسيم الذي أشار إليه الكاتب قوله عليه الصلاة والسلام في كل خطبة من خطبه: ( شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ، و(كل ) من ألفاظ الظهور في العموم، ولم يستثن ولا مرة واحدة، فعلم أنّ كل بدعة في الدين ضلالة، وأنّ كل مثال يمثل به من يقول بالبدعة الحسنة فإما ألا يكون بدعة ، وإما ألا يكون حسنا بل ضلالة وشراً، ولاعبرة بقول مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام، وخصوصا الذين يحدثون المولد زاعمين تعظيمه عليه الصلاة والسلام، فنقول لهم: من تعظيمه عليه الصلاة والسلام ألا يقدم قول أحد على قوله كائنا من كان، كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم). وعلى الكاتب أن يراجع كتب أهل العلم ليتبين له من الذين قالوا بهذا القول من الأصوليين، أهم المتكلمون أم أهل السنة والجماعة؟ وهل صحت نسبة هذه الأقوال إليهم؟ وهل فهم كلامهم على مرادهم ؟ وهل أقرهم العلماء على ما ذهبوا إليه ؟ وقد بين الشاطبي رحمه الله تعالى بطلان هذا التقسيم بيانا شافيا كافيا في كتابه الاعتصام ج1ص191-197 فليرجع إليه من شاء.

الشبهة الثامنة: تمثيل الكاتب بالاجتماع لصلاة التهجد في رمضان وزعمه أنه محدث لم يكن على عهد السلف .
والجواب: أن الاجتماع للتهجد في رمضان ثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها وفي السنن من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وثابت من فعل الصحابة رضوان الله عليهم، وهذا مثال لما يزعمونه بدعة حسنة وهو سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعجبا كيف يكون ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ورغب فيه بدعة ؟!! أم كيف خفيت هذه السنة المشهورة على الكاتب ؟!!

ثم يزداد العجب من الكاتب حيث يريد أن يلزم الشيخ المريخي بأن يستنكر صلاة التهجد في رمضان بناء على استنكاره لبدعة المولد، ولاعجب، فإنه لم يحكم الفرق بين البدعة وبين السنة، وبين ما فعله الصحابة رضي الله عنهم واتخذوه دينا وبين ما أجمعوا على تركه وعدم فعله ، ولذلك يقول الكاتب: ( ولم نره أنكر هذا الأمر المحدَث ، ولا تحركت غيرته على الكتاب والسنة إلا عندما تعلق الأمر بتعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم!! نعوذ بالله من الهوى) اهـ ، وهذا افتراء آخر لايستطيع الكاتب تحمله ولا تحمل تبعاته، حيث يزعم أن الشيخ المريخي تحركت غيرته عندما تعلق الأمر بتعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف يتجرأ على هذا الاتهام في دين الشيخ ؟! وهل يبغض النبي صلى الله عليه وسلم ويكره تعظيمه إلا زنديق من أعظم الزنادقة أو منافق معلوم النفاق ؟!! بل إن كثيرا من المنصفين من أهل الكتاب والمشركين قد أقروا بعظمة هذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فكيف يُرْمَى بها هذا الداعية الكريم ؟!!! فليعد الكاتب جوابا لهذه الفرية العظيمة بين يدي الجبار جل جلاله.

الشبهة التاسعة: احتجاج الكاتب بزلل بعض العلماء، ومحاولته تحميل كلام الشيخ محمد حسن المريخي على غير مراده، وأن يظهره في صورة المتنقص للأئمة المجتهدين.
فالجواب: أن هذا تحامل من الكاتب وسوء ظن بأخيه، وكل من يعرف الشيخ من الخاصة والعامة يعرف احترامه للعلماء وتوقيره لهم، ومن الواضح أن مراد الشيخ المريخي المبتدعة الذين يروجون للبدع والمحدثات في الإذاعات والصحف والمجلات وغيرها، ومن المعلوم أن من أصول أهل السنة والجماعة رد البدع والمخالفات والأقوال الباطلة عن الدين مع احترام العلماء المجتهدين وحفظ مكانتهم، وهذان الأصلان لا يتناقضان إلا عند جاهل بالشريعة وأسرارها أو جاهل بقدر العلماء وواقعهم، فالعلماء يحتج لهم ولايحتج بهم، ولايجوز أن ترتكب المحرمات وتنشر البدع والمحدثات تمسكا بغلط المجتهدين، وإذا اشتبهت المسألة على المجتهد كان معذورا، فما عذر من تابعه على غلطه بعدما تبين له الهدى؟!! وانظر ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه الاستقامة ج1ص297-303 وفي ج2 ص15-16 وتلميذه ابن القيم في إعلام الموقعين ج3 ص283 يتضح لك المقام، ورحم الله الإمام مالكا حيث يقول: (كل يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم).

وإن مما يبين بطلان ما تمسك به الكاتب، إجماع القرون الثلاثة المفضلة على عدم الاحتفال بهذا المولد المبتدع، من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والليث والسفيانين وعبدالله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني وابن معين والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني وغيرهم من المحققين، فإنهم لم يحدثوا هذا المولد ولم يحثوا عليه، وهم أعلم الأمة وأحرصهم على الخير.

وقد أنكر كثير من العلماء قديما وحديثا هذه البدعة الشنيعة، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
1- الشيخ تاج الدين عمر بن علي اللخمي المشهور بالفاكهاني المالكي رحمه الله في كتابه المورد في عمل المولد.
2- الشيخ ابن الحاج المالكي رحمه الله: في كتابه المدخل.
4- الإمام أبو عمرو بن العلاء الشافعي رحمه الله.
5- الحافظ أبو زرعة العراقي رحمه الله.
6- الإمام الشاطبي المالكي رحمه الله.
7- شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
8 - الشيخ ظهير الدين جعفر التزمنتي رحمه الله.
9- الشيخ نصير الدين المبارك الشهير بابن الطباخ رحمه الله.
10-الشيخ أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله من علماء الهند.
11- الشيخ أبو عبد الله محمد الحفار المالكي رحمه الله من علماء المغرب العربي.
12- الشيخ محمد بن عبد اللطيف رحمه الله.
13- الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمه الله.
14- الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي رحمه الله مفتي الديار المصرية سابقا.
15- الشيخ محمد رشيد رضا المصري رحمه الله صاحب مجلة المنار.
16- والشيخ علي محفوظ الأزهري رحمه الله من كبار علماء مصر.
17- الشيخ محمد عبد السلام خضر الشقيري رحمه الله.
18- السيد علي فكري رحمه الله.
19- الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله محدث الشام.
20- الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله مفتي الديار السعودية سابقا.
21- الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله مفتي الديار السعودية سابقا.
22 – الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عضو هيئة كبار العلماء.
23- الشيخ حمود التويجري رحمه الله.
24- الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله.
25- الشيخ أبوبكر جابر الجزائري حفظه الله.
26- الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله.
27 _ الشيخ محمد بن سعد بن شقير حفظه الله.
28- الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله.
29- الشيخ الفوزان حفظه الله.
30- علامة قطر ورئيس المحاكم الشرعية الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله.
31- علامة قطر ورئيس القضاة الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي الشافعي رحمه الله.

ولولا ضيق المقام لنقلت أقوالهم، و انظر القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل صلى الله عليه وسلم للشيخ إسماعيل الأنصاري في مجموع رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي ج2 ص429-451 فقد نقل كثيرا من أقوالهم.

فهؤلاء كما ترى أئمة الإسلام وعلماء الشريعة سلفا وخلفا من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، من سائر البلدان، من قطر والحجاز ونجد ومصر والشام والمغرب والهند، تواردوا جميعا على إنكار هذه البدعة الشنيعة، متبعين لمن سبقهم من القرون المفضلة رضوان الله عليهم، وهذا من رحمة الله بهذه الأمة، أنه لابد أن يقوم فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينفي عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .

وما تكثر به الكاتب من الكتب المؤلفة في المولد قد اشتملت على أنواع من الشركيات والبدع والمحدثات والغلو والإطراء بعبارات ركيكة يمجها الذوق السليم ولا تليق بمقام سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهذا مثال واحد من المولد الديبعي، حيث يقول مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم:
( من رأى وجهك يسعد يا كريم الوالدين
حوضك الصافي المبرد وردنا يوم النشور
أنت غفار الخطايا والذنوب الموبقات
أنت ستار المساوي ومقيل العثرات
يا ولي الحسنات يا رفيع الدرجات
كفر عني الذنوب واغفر عني السيئات
عالم السر وأخفى مستجيب الدعوات) اهـ ، الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر المفترى عليه للشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي رحمه الله تعالى ص195-196 فليراجعه من أراد الاطلاع على مزيد من الأمثلة، ولا يخفى على القارئ الكريم ما في هذه الأبيات من الشرك الصريح والكفر البواح والتشبه بتأليه النصارى لنبيهم عليه السلام.

ثالثا: من أخطاء الكاتب انتقاده على الشيخ المريخي غيرته الدينية وحميته السنية وغضبه لانتهاك حرمة الدين، ومطالبته للشيخ بأن يلتزم الآداب الإسلامية والرفق في هذا الموضوع، مع تطاوله بأنواع من السخرية والطعن في دين الشيخ وغير ذلك، مخالفا لقول الله تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) وقوله عليه الصلاة والسلام : ( يا عائشة ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ) وقوله عليه الصلاة والسلام:( من يحرم الرفق يحرم الخير كله ) ، وهل هذا الأسلوب السيء الذي استعمله الكاتب من الرمي بالعظائم في الدين يمثل ما يدعو إليه الكاتب من الخلق الحسن ؟ (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم )، ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).

رابعا: إنكار الكاتب لما قرره الشيخ المريخي من سلفية أهل قطر حكاما ومحكومين. والجواب : أنه من الحقائق التاريخية المعلومة التي لا ينكرها إلا مكابر تمسك أهل قطر ولزومهم لمنهج السلف الصالح رضوان الله عليهم قديما وحديثا، فننصح الكاتب بمراجعة كتب التاريخ.

خامسا: رميه منهج الشيخ المريخي بأنه منهج متزمت بغيض.
فالجواب: أنه ليس المنهج المتزمت البغيض إلا منهج أهل البدع الذين يغلون في الدين بإحداث الموالد، ويرمون من أنكر عليهم بدعتهم بالتزمت وعدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم ونحوها من ألقاب السوء التي ينفرون بها عن الحق وأهله، ولا أدري ما هو المنهج المتزمت الذي ينكره الكاتب وينعته بالبغيض ؟ هل هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح ؟ والعياذ بالله تعالى، وأستبعد من الكاتب أن يقصد ذلك، وإن كان ظاهر كلامه يفهم منه ذلك، فإن هذا المنهج هو ما يعنيه الشيخ محمد حسن المريخي بمنهج أهل قطر وعقيدتهم، أو أن الكاتب يقصد أن الزام المجتهد غيره بقوله هو المنهج المتزمت، فإن كان يقصد هذا فقد صدق أنه منهج متزمت وبغيض، لكن ليس هذا هو منهج الشيخ المريخي حفظه الله تعالى، وليست مسألتنا من هذا الباب، وإنما هي في الحث على اتباع السنة والتحذير من بدعة المولد وغيرها من البدع والمنكرات ودعوة الناس إلى التزام الشرع، وهذا حق لا يجوز أن يبغضه مسلم لأنه مما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وفي الختام فإن هذا المقال الذي كتبه الكاتب من الترويج للبدعة والمنكر دليل واضح على أن هذه البلاد مستهدفة في عقيدتها، وأن أهل الباطل حريصون على حرف أهلها عن عقيدتهم الصحيحة، ومن آثار ذلك ما تأثر به هذا الكاتب من شبه، مما يستوجب منا مزيدا من الاجتهاد في تعلم العقيدة وتعليمها، والرد على شبهات المبطلين، والذود عن حياض الدين، وأن يحرص القائمون على وسائل إعلامنا من إذاعة وصحافة وغيرها على التزام منهج أهل السنة والجماعة وعقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم التي كان ولايزال عليها أهل هذه البلاد المباركة حكاما ومحكومين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على خير خلقه نبينا وحبينا وقرة أعيننا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .


كتبه سعيد بن محمد الجناحي

المصدر:منتديات المحجة العلمية السلفية
http://www.mahaja.com/forum/showthread.php?t=6547



جزاك الله خيرا على ردك المبارك على الكاتب المدعو عبدالله عبدالرحمن وزادك الله من فضله

عبد الرحيم11
01-05-2009, 03:56 PM
جزى الله الشيخ سعيد الجناحي خير الجزاء.