abo rashid
07-01-2006, 12:45 PM
على مدار التاريخ كانت الوسيلة الوحيدة لكي تحاكم الشعوب جلاديها هي أن تنتفض عليهم فتقتلهم أو يموتوا فتنتظر محاكمتهم أمام المحكمة الإلهية في الآخرة. لكن كان هناك دائما حلم بإقامة محكمة للمجرمين بحق الإنسانية. والآن يمكننا أن نقول إن الحلم قد تحقق بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية.
في مدينة لاهاي العاصمة السياسية لهولندا حيث ترفرف أعلام الأمم المتحدة على مبانٍ عدة كنا على موعد مع المحكمة الوليدة التي تقع في مبنى مؤقت ريثما يتم الانتهاء من آخر جديد في غضون خمس سنوات، حسبما قال لي المتحدث باسم المحكمة فاكيسو موكوكو.
المحكمة تعد الأحدث إنشاءً في مدينة تحفل بالمحاكم الدولية؛ ففيها مقر محكمة العدل الدولية المختصة بالفصل في النزاعات بين الدول شريطة احتكام طرفي النزاع لها، بالإضافة إلى محكمة مجرمي الحرب بيوغوسلافيا السابقة.
وقد أصبحت المحكمة أمرا واقعا بعد أن دخل "نظام روما الأساسي" المنشئ لها حيز التنفيذ في 1 يوليو 2002، وتم افتتاحها بصورة رسمية الثلاثاء 11-3-2003، حيث أدى 18 قاضيًا اليمين القانونية لتصبح المحكمة أول هيئة دائمة مكلفة بالنظر في جرائم الحرب والإبادة برغم معارضة الولايات المتحدة.
ورغم أن المحكمة كانت تطفئ شمعة عيد ميلادها الأول عند زيارتنا لها فإنها لم تصدر أحكاما في أي قضية بعد، وستكون أول قضية تنظرها المحكمة تاريخية، وستنقل وقائع جلساتها تليفزيونيا وعلى شبكة الإنترنت كما قال لنا المتحدث باسمها.
مشروع قديم
فكرة إنشاء المحكمة وُلدت في عقول الكثيرين بعد الحرب العالمية الأولى، غير أن الحاجة إليها أصبحت ملحة بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها؛ فولدت أجنة مشوهة من هذا النوع من المحاكم، كمحكمة نورمبرج لمحاكمة الضباط النازيين التي اعتبرها المراقبون غير كاملة الحياد لكون المنتصر هو الذي يحاكم المهزوم فيها.
بقي المشروع الرامي لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة -والمقرر في معاهدة منع الإبادة الجماعية الموقعة عام 1948- مجمَّدًا مدة نصف قرن تقريبًا بسبب ظروف الحرب الباردة. وبعد انقشاع ضبابها طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4-12-1989 من لجنة القانون الدولي أن تتناول مسألة إنشاء هذه المحكمة، فباشرت اللجان التحضيرية لمحكمة جنائية أعمالها استنادًا إلى مقترحات اللجنة القانونية.
وقد أشعلت الحروب التي نشبت في التسعينيات من القرن العشرين جذوة هذه التوجهات، وأقنعت الجميع بالحاجة المُلحّة لإنشاء هذه المحكمة، خاصة بعد أن شهدت حروب يوغسلافيا السابقة ورواندا تجاوزات وجرائم منظمة فاقت كل حدود القانون الدولي الإنساني. فانتهى الأمر إلى إنشاء محاكم جنائية مؤقتة استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن الدولي لعام 1993 و1994، خُصِّصت لمحاكمة مجرمي الحرب في تلك الدول. غير أن صفة التأقيت غلبت على هذه المحاكم لكونها مختصة بالفصل في نوعية محددة من القضايا وليست محاكم دائمة.
مؤتمر روما
التف الكثيرون حول مشروع المحكمة، وأصبح مطلبا للعديد من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان. وبعد محاولات كثيرة مهدت لها اجتماعات عديدة تحضيرية، انعقد مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية في الفترة من 15-6-1998 إلى 17-7-1998 بمشاركة وفود تمثل 160 دولة، 31 منظمة دولية، 136 منظمة غير حكومية بصفة أعضاء مراقبين. وصدر عنه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والبيان الختامي و6 قرارات أخرى. وانتهى الأمر الآن إلى توقيع 139 دولة وتصديق 90 دولة فقط على النظام الأساسي.
واختصاص المحكمة الزماني (أي وقت بدء ممارستها لاختصاصها) ينطبق فقط على الجرائم التي ارتكبت بعد انضمام أي دولة طرف (دولة مصدقة وليست موقعة فقط على الميثاق). أما الدول أو الأشخاص الذين يمكن للمحكمة ملاحقتهم قضائيا فإن المحكمة تختص بنظر الدعوى متى كانت الجريمة محل الاتهام ارتكبت في إقليم دولة طرف أو بمعرفة أحد رعايا هذه الدولة (م 12/2). كما تختص المحكمة أيضاً بنظر الدعوى عندما توافق دولة ليست طرفاً في المعاهدة على اختصاص المحكمة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت في إقليم هذه الدولة أو يكون المتهم أحد رعاياها (م 12/3).
ويطبق اختصاص المحكمة الجنائية فقط على الأشخاص الطبيعيين (ليس المؤسسات أو الدول) الذين يرتكبون جريمة بعد بلوغهم 18 سنة (المواد 1/25، 1/26). ويلاحظ أنه لا يستثنى شخص من المسئولية الجنائية بسبب صفته الرسمية، حتى ولو كان ذلك وارداً في القانون الداخلي للدولة المعنية (م 27).
ولا يملك أي شخص أو دولة طرف رفع دعوى جنائية أمام المحكمة، لكن يمكن وضع الأدلة تحت يد المدعي العام للمحكمة صاحبة الحق في تقديرها ومن ثم إقامة الدعوى، كما يحق للمدعي العام من تلقاء نفسه تحريك الدعوى بالمحكمة.
وقد تم التدوين والبناء القانوني للمحكمة الجديدة استنادًا إلى موارد ومراجع وأدوات قانونية موجودة سابقًا. فمثلاً تُعَدّ وثيقة محكمة نورمبرج الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية من أهم الأسس والمراجع لها، وتُضاف إليها النظم الأساسية للمحاكم الجنائية المؤقتة التي سبق ذكرها.
وحسب "نظام روما الأساسي" فمن واجبات المحكمة القضاء في الجرائم الأشد خطورة فقط، والتي تتركز على أربعة أنواع من الجرائم:
(1) جرائم الإبادة الجماعية.
(2) الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
(3) جرائم الحرب.
(4) جرائم ما يُسمّى بالعدوان، وهو ما لم يتم توضيحه بعد.
ويندرج تحت كل جريمة من هذه الجرائم شرح وتفصيل للجرائم التي تندرج تحتها كالتعذيب والفصل العنصري والاغتصاب، إضافة لتجريم قيام الدولة القائمة بالاحتلال -على نحو مباشر أو غير مباشر- بنقل أجزاء من سكانها إلى الأرض التي تحتلها أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها، وهي إحدى الجرائم التي تنطبق على الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
تشكيل المحكمة
وتتكون المحكمة من الهيئات الآتية:
- هيئة الرئاسة.
- شعبة استئناف وشعبة ابتدائية وشعبة تمهيدية.
- مكتب المدعي العام.
- قلم كتاب المحكمة.
أما عن قضاة المحكمة فهم 18 قاضيا موزعون على هذه الأقسام. ويتم انتخابهم من قبل الدول الأطراف على أن يكونوا حائزين على مؤهلات عالية وبما يتسق مع المستويات الرفيعة للأنظمة القانونية العالمية. ويراعى فيهم أن يكونوا ممثلين لكافة النظم القضائية بالعالم.
ويعمل مكتب المدعي العام كقسم مستقل ومنفصل عن المحكمة (م 42 /أ)، ويكون وكلاء النائب العام من جنسيات مختلفة. وينتخب المدعي العام عن طريق الاقتراع السري بالأغلبية المطلقة لأعضاء جمعية الدول الأطراف، وقد اختير لويس مورينو الأرجنتيني الجنسية كأول مدعٍ عام للمحكمة في 21 إبريل 2003.
أما اللغات الرسمية للمحكمة فهي: العربية، الصينية، الإنجليزية، الفرنسية، الروسية، والأسبانية. وستنشر أحكام المحكمة وكافة قراراتها المنهية لمسائل أساسية بها بهذه اللغات الرسمية. ومع ذلك ستكون لغات العمل بالمحكمة هي الإنجليزية والفرنسية (م 50/ 1).
وينص النظام الأساسي للمحكمة على وجود ما يعرف بمبدأ تكامل النظامين القضائي للمحكمة والدولة الطرف (مادتان 1، 17). وأن الاختصاص الجنائي الوطني دائماً يكون له الأولوية على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. لذلك فإن المحكمة تستطيع ممارسة اختصاصها في حالتين فقط: عند انهيار النظام القضائي الوطني، أو عند رفض أو فشل النظام القضائي الوطني في القيام بالتزاماته القانونية بالتحقيق ومحاكمة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم الجرائم الموجودة في اختصاص المحكمة.
الدول العربية
ورغم أن الأردن وجيبوتي هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان صدقتا على المعاهدة فإن هناك عددا من الدول العربية وقَّعت بالفعل على النظام الأساسي، لكنها لم تقم بالتصديق الذي يترتب عليه التزامات، وإذا وقعت الدول العربية وصادقت على النظام الأساسي للمحكمة (بمعنى كونها من الستين المصدقين الأوائل) فسيكون لها ميزة أن تصبح من جمعية الدول الأطراف. وهذه الجمعية لها الحق في انتخاب القضاة والمدعي العام والمُسَجِّل (رئيس قلم الكتاب بالمحكمة). إضافة للحق في مراجعة والمصادقة على ميزانية المحكمة وتوفير الدعم لها، وفي إنشاء قواعد للعمل الداخلي ووضع قواعد الإجراءات ودليل المحكمة. وبناء على ذلك يمكن أن تستفيد الدول العربية من هذه المميزات، حيث لا توجد أي فوارق حقوقية شبيهة بتلك الموجودة في مجلس الأمن.
.
في مدينة لاهاي العاصمة السياسية لهولندا حيث ترفرف أعلام الأمم المتحدة على مبانٍ عدة كنا على موعد مع المحكمة الوليدة التي تقع في مبنى مؤقت ريثما يتم الانتهاء من آخر جديد في غضون خمس سنوات، حسبما قال لي المتحدث باسم المحكمة فاكيسو موكوكو.
المحكمة تعد الأحدث إنشاءً في مدينة تحفل بالمحاكم الدولية؛ ففيها مقر محكمة العدل الدولية المختصة بالفصل في النزاعات بين الدول شريطة احتكام طرفي النزاع لها، بالإضافة إلى محكمة مجرمي الحرب بيوغوسلافيا السابقة.
وقد أصبحت المحكمة أمرا واقعا بعد أن دخل "نظام روما الأساسي" المنشئ لها حيز التنفيذ في 1 يوليو 2002، وتم افتتاحها بصورة رسمية الثلاثاء 11-3-2003، حيث أدى 18 قاضيًا اليمين القانونية لتصبح المحكمة أول هيئة دائمة مكلفة بالنظر في جرائم الحرب والإبادة برغم معارضة الولايات المتحدة.
ورغم أن المحكمة كانت تطفئ شمعة عيد ميلادها الأول عند زيارتنا لها فإنها لم تصدر أحكاما في أي قضية بعد، وستكون أول قضية تنظرها المحكمة تاريخية، وستنقل وقائع جلساتها تليفزيونيا وعلى شبكة الإنترنت كما قال لنا المتحدث باسمها.
مشروع قديم
فكرة إنشاء المحكمة وُلدت في عقول الكثيرين بعد الحرب العالمية الأولى، غير أن الحاجة إليها أصبحت ملحة بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها؛ فولدت أجنة مشوهة من هذا النوع من المحاكم، كمحكمة نورمبرج لمحاكمة الضباط النازيين التي اعتبرها المراقبون غير كاملة الحياد لكون المنتصر هو الذي يحاكم المهزوم فيها.
بقي المشروع الرامي لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة -والمقرر في معاهدة منع الإبادة الجماعية الموقعة عام 1948- مجمَّدًا مدة نصف قرن تقريبًا بسبب ظروف الحرب الباردة. وبعد انقشاع ضبابها طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4-12-1989 من لجنة القانون الدولي أن تتناول مسألة إنشاء هذه المحكمة، فباشرت اللجان التحضيرية لمحكمة جنائية أعمالها استنادًا إلى مقترحات اللجنة القانونية.
وقد أشعلت الحروب التي نشبت في التسعينيات من القرن العشرين جذوة هذه التوجهات، وأقنعت الجميع بالحاجة المُلحّة لإنشاء هذه المحكمة، خاصة بعد أن شهدت حروب يوغسلافيا السابقة ورواندا تجاوزات وجرائم منظمة فاقت كل حدود القانون الدولي الإنساني. فانتهى الأمر إلى إنشاء محاكم جنائية مؤقتة استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن الدولي لعام 1993 و1994، خُصِّصت لمحاكمة مجرمي الحرب في تلك الدول. غير أن صفة التأقيت غلبت على هذه المحاكم لكونها مختصة بالفصل في نوعية محددة من القضايا وليست محاكم دائمة.
مؤتمر روما
التف الكثيرون حول مشروع المحكمة، وأصبح مطلبا للعديد من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان. وبعد محاولات كثيرة مهدت لها اجتماعات عديدة تحضيرية، انعقد مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية في الفترة من 15-6-1998 إلى 17-7-1998 بمشاركة وفود تمثل 160 دولة، 31 منظمة دولية، 136 منظمة غير حكومية بصفة أعضاء مراقبين. وصدر عنه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والبيان الختامي و6 قرارات أخرى. وانتهى الأمر الآن إلى توقيع 139 دولة وتصديق 90 دولة فقط على النظام الأساسي.
واختصاص المحكمة الزماني (أي وقت بدء ممارستها لاختصاصها) ينطبق فقط على الجرائم التي ارتكبت بعد انضمام أي دولة طرف (دولة مصدقة وليست موقعة فقط على الميثاق). أما الدول أو الأشخاص الذين يمكن للمحكمة ملاحقتهم قضائيا فإن المحكمة تختص بنظر الدعوى متى كانت الجريمة محل الاتهام ارتكبت في إقليم دولة طرف أو بمعرفة أحد رعايا هذه الدولة (م 12/2). كما تختص المحكمة أيضاً بنظر الدعوى عندما توافق دولة ليست طرفاً في المعاهدة على اختصاص المحكمة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت في إقليم هذه الدولة أو يكون المتهم أحد رعاياها (م 12/3).
ويطبق اختصاص المحكمة الجنائية فقط على الأشخاص الطبيعيين (ليس المؤسسات أو الدول) الذين يرتكبون جريمة بعد بلوغهم 18 سنة (المواد 1/25، 1/26). ويلاحظ أنه لا يستثنى شخص من المسئولية الجنائية بسبب صفته الرسمية، حتى ولو كان ذلك وارداً في القانون الداخلي للدولة المعنية (م 27).
ولا يملك أي شخص أو دولة طرف رفع دعوى جنائية أمام المحكمة، لكن يمكن وضع الأدلة تحت يد المدعي العام للمحكمة صاحبة الحق في تقديرها ومن ثم إقامة الدعوى، كما يحق للمدعي العام من تلقاء نفسه تحريك الدعوى بالمحكمة.
وقد تم التدوين والبناء القانوني للمحكمة الجديدة استنادًا إلى موارد ومراجع وأدوات قانونية موجودة سابقًا. فمثلاً تُعَدّ وثيقة محكمة نورمبرج الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية من أهم الأسس والمراجع لها، وتُضاف إليها النظم الأساسية للمحاكم الجنائية المؤقتة التي سبق ذكرها.
وحسب "نظام روما الأساسي" فمن واجبات المحكمة القضاء في الجرائم الأشد خطورة فقط، والتي تتركز على أربعة أنواع من الجرائم:
(1) جرائم الإبادة الجماعية.
(2) الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
(3) جرائم الحرب.
(4) جرائم ما يُسمّى بالعدوان، وهو ما لم يتم توضيحه بعد.
ويندرج تحت كل جريمة من هذه الجرائم شرح وتفصيل للجرائم التي تندرج تحتها كالتعذيب والفصل العنصري والاغتصاب، إضافة لتجريم قيام الدولة القائمة بالاحتلال -على نحو مباشر أو غير مباشر- بنقل أجزاء من سكانها إلى الأرض التي تحتلها أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها، وهي إحدى الجرائم التي تنطبق على الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
تشكيل المحكمة
وتتكون المحكمة من الهيئات الآتية:
- هيئة الرئاسة.
- شعبة استئناف وشعبة ابتدائية وشعبة تمهيدية.
- مكتب المدعي العام.
- قلم كتاب المحكمة.
أما عن قضاة المحكمة فهم 18 قاضيا موزعون على هذه الأقسام. ويتم انتخابهم من قبل الدول الأطراف على أن يكونوا حائزين على مؤهلات عالية وبما يتسق مع المستويات الرفيعة للأنظمة القانونية العالمية. ويراعى فيهم أن يكونوا ممثلين لكافة النظم القضائية بالعالم.
ويعمل مكتب المدعي العام كقسم مستقل ومنفصل عن المحكمة (م 42 /أ)، ويكون وكلاء النائب العام من جنسيات مختلفة. وينتخب المدعي العام عن طريق الاقتراع السري بالأغلبية المطلقة لأعضاء جمعية الدول الأطراف، وقد اختير لويس مورينو الأرجنتيني الجنسية كأول مدعٍ عام للمحكمة في 21 إبريل 2003.
أما اللغات الرسمية للمحكمة فهي: العربية، الصينية، الإنجليزية، الفرنسية، الروسية، والأسبانية. وستنشر أحكام المحكمة وكافة قراراتها المنهية لمسائل أساسية بها بهذه اللغات الرسمية. ومع ذلك ستكون لغات العمل بالمحكمة هي الإنجليزية والفرنسية (م 50/ 1).
وينص النظام الأساسي للمحكمة على وجود ما يعرف بمبدأ تكامل النظامين القضائي للمحكمة والدولة الطرف (مادتان 1، 17). وأن الاختصاص الجنائي الوطني دائماً يكون له الأولوية على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. لذلك فإن المحكمة تستطيع ممارسة اختصاصها في حالتين فقط: عند انهيار النظام القضائي الوطني، أو عند رفض أو فشل النظام القضائي الوطني في القيام بالتزاماته القانونية بالتحقيق ومحاكمة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم الجرائم الموجودة في اختصاص المحكمة.
الدول العربية
ورغم أن الأردن وجيبوتي هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان صدقتا على المعاهدة فإن هناك عددا من الدول العربية وقَّعت بالفعل على النظام الأساسي، لكنها لم تقم بالتصديق الذي يترتب عليه التزامات، وإذا وقعت الدول العربية وصادقت على النظام الأساسي للمحكمة (بمعنى كونها من الستين المصدقين الأوائل) فسيكون لها ميزة أن تصبح من جمعية الدول الأطراف. وهذه الجمعية لها الحق في انتخاب القضاة والمدعي العام والمُسَجِّل (رئيس قلم الكتاب بالمحكمة). إضافة للحق في مراجعة والمصادقة على ميزانية المحكمة وتوفير الدعم لها، وفي إنشاء قواعد للعمل الداخلي ووضع قواعد الإجراءات ودليل المحكمة. وبناء على ذلك يمكن أن تستفيد الدول العربية من هذه المميزات، حيث لا توجد أي فوارق حقوقية شبيهة بتلك الموجودة في مجلس الأمن.
.