yusf
15-05-2009, 07:19 AM
خسائر بالمليارات وتسريح العمالة وخفض للرواتب
قطر: هل يمكن أن تطال شظايا الأزمة امتيازات المواطنين؟
الضحايا كثر في بورصة الدوحة
الدوحة – القبس:
ما فتئ المسؤولون القطريون والمعنيون بالشأن الاقتصادي في قطر منذ انطلاق شرارة الأزمة الاقتصادية العالمية يرددون عبارة «قطر الأقل تضررا بتداعيات الأزمة» بالمقارنة مع دول الخليج والمنطقة، كونها مدعومة بإيرادات صادرات الغاز التي بإمكانها تعويض انخفاض أسعار النفط.
لكن في واقع الحال، لا يبدو الأمر كذلك بالنسبة للأسواق المحلية التي تشهد أسوأ حالة ركود، والمواطنين والمقيمين الذين أصابتهم الأزمة في مقتل، وأدت الى قطع أرزاق شريحة كبيرة منهم أو خفض رواتبهم أو إلغاء الامتيازات والحوافز الممنوحة لهم في كثير من الحالات.
الأرقام المتعلقة بخسائر قطر من تداعيات الأزمة متضاربة ومتباينة الى حد بعيد، لكن على الأقل التصريحات التي يدلي بها مسؤول هنا أو هناك والمدعومة بإجراءات على الأرض تؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، أن الخسائر في مجملها ليست قليلة.
صندوق قطر السيادي، الذي تبلغ قيمة موجوداته 60 مليار دولار، تكبد خسائر ولو أنها «محدودة» وفقا لوصف الدكتور حسين العبد الله عضو مجلس الإدارة التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار.
إلا أن مصادر اقتصادية مطلعة تعتقد أن خسائر الصندوق القطري لا تقل بأي حال من الأحوال عن 30% من قيمته، خصوصا أن الصندوق يستثمر في معظم القطاعات المالية والصناعية والاستهلاكية في آسيا واميركا وأوروبا، فضلا عن الخسائر التي تكبدتها قطر من جراء فضيحة احتيال الرئيس السابق لبورصة ناسداك بيرنارد مادوف على مستثمرين بمبلغ قدره 50 مليار دولار.
خسائر غير معلنة
ولدى صندوق قطر السيادي مساهمات واستثمارات كثيرة أبرزها حصة مؤثرة في بنك باركليز البريطاني، وأخرى في بنك كريدي سويس السويسري، ونسبة في بورصة لندن تبلغ 20.8%، إضافة الى نسبة من رأس مال شركة لاغاردير الفرنسية، وسلسلة متاجر سينزبري البريطانية التي يملك فيها حصة نسبتها 25%، كما يملك حصة نسبتها 10% من البورصة الاسكندنافية (اومكس»)، ويملك صندوق قطر حصة قيمتها نحو 4 مليارات دولار في أهم مبنى اقتصادي في لندن، وهو برج شارد الشهير، الذي يعد أطول برج في أوروبا، حيث يزيد ارتفاعه على 300 متر، فضلا عن شرائه مشروع «ثكنات تشيلسي» العسكرية وسط لندن بما يقارب المليار استرليني.
وربما تكون خسائر القطاع العقاري في الخارج الاشد ضررا بالنسبة الى قطر، خصوصا في السنوات الأخيرة التي بلغ إجمالي استثمارات قطر الدولية في العقار نحو 42 مليار دولار تتوزع على 40 دولة عربية وأجنبية حول العالم.
الخبير العقاري حسن الخليفي يرى أن الحكومة القطرية تحتاج الى بضع سنوات عقب انتهاء الأزمة الاقتصادية العالمية حتى تسترجع خسائر استثماراتها في القطاع العقاري الدولي فقط.
وبحسب أوساط مشروعات عقارية مثل جزيرة اللؤلؤة، فإن نسبة البيع في مثل هذه المشروعات تراجعت كثيرا عما كان سائدا في السابق، كما انخفضت أسعار الوحدات السكنية فيه بصورة ملحوظة، حتى أن مشروعات العديد من الأبراج السكنية التي أنجزت مؤخرا شهدت تراجعا كبيرا في الأسعار فاقت نسبته لبعض المشروعات 50%.
قطاع العقارات عموما، يشهد تراجعا كبيرا ومتواصلا منذ شهر سبتمبر الفائت سواء على مستوى أسعار البيع أو الإيجار، لكن هذا التراجع الكبير كان له وقع السحر على معدلات التضخم في قطر والتي بلغت مستوى قياسيا خلال الربع الثاني من العام الفائت لتصل الى 16.9%، حيث أسهم تراجع القطاع في خفض نسبة التضخم الى 0.03% فقط حاليا وفقا للمستشار الاقتصادي في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية بشير الكحلوت.
ماذا عن امتيازات المواطنين؟
عبد الرحمن المفتاح رجل الأعمال القطري وعضو مجلس الشورى لا يرى أن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية يمكن أن تمتد بأي حال الى الامتيازات الممنوحة للمواطنين القطريين، لأن أغلب هذه الامتيازات هي في الواقع عبارة عن «مكارم أميرية» يحظى الشعب القطري بها، أما بالنسبة لقطاعات السوق ومؤسسات القطاع الخاص، فمن الطبيعي تأثرها بالأزمة، حالها في ذلك حال كل الاقتصادات والأسواق العالمية.
ناصر سليمان حيدر عضو مجلس الشورى الذي يملك مجموعة شركات في أكثر من قطاع، يوافق المفتاح الرأي فيما ذهب اليه، لكنه يرى أن من حق الحكومة القطرية اتخاذ أي اجراء تقتضيه الضرورة والمصلحة العامة، موضحا أن امتيازات المواطنين أصبحت مكاسب من حقهم، لكن ذلك لا يعني أن الحكومة ليس من حقها اتخاذ الاجراءات التي تقتضيها مصلحة الدولة اذا ما تطلب الأمر.
ومن هذا القبيل، يضرب حيدر مثلا في الضرائب، بقول ان المرحلة الحالية لا تتطلب حتى الآن فرض أي ضرائب على المواطنين القطريين، لكن في المستقبل قد يكون هناك ضرائب، لا أحد يعلم.
أرقام تعكس واقع الحال
لعل ما ورد في أرقام الموازنة القطرية الجديدة التي أقرت مؤخرا يعكس بشكل بالغ واقع الحال، حيث ان هذه الموازنة تحتوي على عجز تصل قيمته الى 14.6 مليار ريال بالمقارنة مع الموازنة السابقة، ولأن هذا أول عجز تتضمنه موازنة قطرية منذ أكثر من عشرة أعوام، فان هذه السابقة لها دلالاتها وأبعادها.
ضحايا الأوراق المالية
في الواقع، سببت الخسائر الفادحة للأسهم القطرية حالات افلاس فردية عديدة، فكم من المواطنين خسر كل ما يملكه من جراء الأزمة، خصوصا أولئك الذين كانوا يستثمرون في البورصة بالاعتماد على قروض بنكية حصلوا عليها بفوائد مرتفعة.
خلف الشمري واحد من هؤلاء، يقول وقد ارتسمت على ملامحه علامات الحسرة: اذا كان من شيء «أكلت أصابعي» عليه ندما في حياتي فهو دخول هذا القطاع، ويضيف الشمري: «كنت مرتاح، مستانس في عملي، بعيد عن الهم والغم ولا أعرف للأسهم طريقا، الى أن أقنعني أحد الأصدقاء بضرورة الاستثمار في هذا المجال لأنه يكسب ذهبا كما يقال، ولأن حظي عاثر، حدث ما لم نحسب له حسابا، انهارت الأسهم بسبب الأزمة العالمية، وحتى الآن تتجاوز قيمة الخسائر التي تكبدتها 500 مليون ريال».
أحمد الهيدوس أحد هؤلاء، يقول ان استثماراته في البورصة خسرت في غضون أشهر معدودة أكثر من 100 مليون ريال، لافتا الى أن كثيرا من المستثمرين في بورصة الدوحة أصيبوا بأمراض نفسية من جراء الخسائر المتراكمة والمتتالية التي تكبدوها، موضحا أن العديد من هؤلاء أصبحوا يترددون على عيادات وأطباء نفسيين ناشدين العلاج من «وجع القلوب» الذي أعياهم.
أكثر المتضررين
ربما يكون نشاط السوق المحلي في قطر ممثلا بتجارة التجزئة بشكل خاص من أكثر القطاعات المتضررة بالأزمة العالمية، فكثير من المحال والمتاجر المعروفة لجأت لتعويض خسائرها الناجمة عن الركود الى تنفيذ أكبر حملة تنزيلات في الأسعار يشهدها السوق، وكانت نسب انخفاض الأسعار مثيرة حيث بلغت في بعض الأحيان 60%، الأمر الذي يعكس مدى سوء الوضع الذي تجد أمامه هذه المتاجر نفسها عاجزة عن الوصول ربما الى مستوى تحقيق «رأس المال»، فكيف اذا كان الأمر يتجاوز ذلك الى الخسائر؟
نعمان صبح يعمل في أحد المتاجر التي تحمل اسما شهيرا يرى أن حالة الركود غير المسبوقة التي يشهدها السوق القطري وحركة البيع والشراء الضعيفة دفعت معظم المحال والمتاجر الى خفض أسعارها واجراء تنزيلات على بضائعها بنسب كبيرة ومغرية وفي أوقات غير معتادة من السنة.
ولا يرى صبح أي بارقة أمل تلوح في الأفق القريب بامكان حدوث تغيير ايجابي يمكن أن يعيد وضع السوق القطري الى سابق عهده من النشاط والحيوية، ويقول: «عندما يحدث ذلك، يجب أن تكون الأزمة العالمية قد انتهت».
كواليس الشركات
على الأرض، وفي أروقة وردهات وكواليس السوق المحلي القطري بمختلف قطاعاته وأنشطته، يمكن ملاحظة بعض من الآثار السلبية والتداعيات الناجمة عن «ضغوطات» الأزمة الاقتصادية العالمية.
فبعيدا عن التكهنات، شهد قطاع الاعلام بعض الافرازات المتمثلة تارة بتسريح للعمالة وبأعداد ربما تكون كبيرة في بعض الحالات، وتارة أخرى بخفض للرواتب والحوافز والامتيازات الممنوحة للموظفين والعاملين في هذا القطاع.
الصحف القطرية الأربع (الشرق، الوطن، الراية، العرب) قامت بالاستغناء عن عدد من العاملين لديها، فجريدة الراية استغنت عن نحو 70 موظفا وان كان أكثرهم من الفنيين والاداريين، أما صحيفة الشرق، فقد قامت بتسريح عدد قليل من العاملين حتى الآن لا يتجاوز العشرة، لكنها خفضت رواتب الموظفين بنسبة تراوحت ما بين 4% الى 7%.
أما صحيفة الوطن، فقد قامت ببعض الاجراءات التي تستهدف خفض الانفاق، ولم يخل الأمر من حالات محدودة للاستغناء عن العاملين، لكن «الوقع الأكبر» للأزمة الاقتصادية في قطاع الاعلام القطري تلقته صحيفة العرب حديثة العهد، والتي سرحت أكثر من 20 صحافيا واداريا بمن فيهم مدير التحرير، علاوة على خفض رواتب العاملين بنسبة وصلت الى 13%.
ويبدو أن هذه المعطيات تعتبر نتيجة طبيعية لتراجع حجم الاعلانات بصورة لافتة وغير مسبوقة في الصحف القطرية. يقول كريكور كشيشيان مسؤول في شركة «غري» قطر التي تعود للشركة الأم في دبي وهي شركة للعلاقات العامة: «كنا نستقبل طلبات هائلة قبل الأزمة للاعلان في الصحف ومن قبل كل الشركات بمختلف مجالاتها، لكن الآن الوضع انقلب رأسا على عقب، معظم الشركات العاملة في قطر اما أنها أوقفت اعلاناتها وإما أنها خفضت الميزانيات المخصصة للاعلان بنسب غير مسبوقة».
قناة الجزيرة الفضائية لم تسلم من اجراءات التقشف والترشيد وضغط النفقات، فبحسب صحافيين عاملين فيها، قامت ادارة القناة بالاستغناء عن عدد محدود من الموظفين والغاء بعض البرامج مثل برنامج «سري للغاية» الذي كانت الحلقة الواحدة منه تتكلف نحو 100 الف دولار.
كما قامت الجزيرة باعادة هيكلة العديد من مكاتب المراسلين الخارجية، واستغنت عن غير النشطة منها، في حين قامت بتسريح بعض الفنيين لديها.
وبحسب أوساط عاملة في قناة الجزيرة، فان الموازنة السنوية للقناة تقدر بأكثر من 500 مليون دولار، تحصل عليها كدعم مباشر من قبل الحكومة القطرية، كون القناة لا تستطيع تغطية تكاليف نفقاتها من الاعلانات فقط، خصوصا في ظل مقاطعة عدد من كبريات الجهات المعلنة في السعودية لها، حيث أن السوق السعودي يعد أكبر سوق اعلاني على مستوى المنطقة.
قناة الجزيرة لم تنجُ من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية
http://92.52.88.82/alqabas/Article.aspx?id=499849%20&date=15052009
قطر: هل يمكن أن تطال شظايا الأزمة امتيازات المواطنين؟
الضحايا كثر في بورصة الدوحة
الدوحة – القبس:
ما فتئ المسؤولون القطريون والمعنيون بالشأن الاقتصادي في قطر منذ انطلاق شرارة الأزمة الاقتصادية العالمية يرددون عبارة «قطر الأقل تضررا بتداعيات الأزمة» بالمقارنة مع دول الخليج والمنطقة، كونها مدعومة بإيرادات صادرات الغاز التي بإمكانها تعويض انخفاض أسعار النفط.
لكن في واقع الحال، لا يبدو الأمر كذلك بالنسبة للأسواق المحلية التي تشهد أسوأ حالة ركود، والمواطنين والمقيمين الذين أصابتهم الأزمة في مقتل، وأدت الى قطع أرزاق شريحة كبيرة منهم أو خفض رواتبهم أو إلغاء الامتيازات والحوافز الممنوحة لهم في كثير من الحالات.
الأرقام المتعلقة بخسائر قطر من تداعيات الأزمة متضاربة ومتباينة الى حد بعيد، لكن على الأقل التصريحات التي يدلي بها مسؤول هنا أو هناك والمدعومة بإجراءات على الأرض تؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، أن الخسائر في مجملها ليست قليلة.
صندوق قطر السيادي، الذي تبلغ قيمة موجوداته 60 مليار دولار، تكبد خسائر ولو أنها «محدودة» وفقا لوصف الدكتور حسين العبد الله عضو مجلس الإدارة التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار.
إلا أن مصادر اقتصادية مطلعة تعتقد أن خسائر الصندوق القطري لا تقل بأي حال من الأحوال عن 30% من قيمته، خصوصا أن الصندوق يستثمر في معظم القطاعات المالية والصناعية والاستهلاكية في آسيا واميركا وأوروبا، فضلا عن الخسائر التي تكبدتها قطر من جراء فضيحة احتيال الرئيس السابق لبورصة ناسداك بيرنارد مادوف على مستثمرين بمبلغ قدره 50 مليار دولار.
خسائر غير معلنة
ولدى صندوق قطر السيادي مساهمات واستثمارات كثيرة أبرزها حصة مؤثرة في بنك باركليز البريطاني، وأخرى في بنك كريدي سويس السويسري، ونسبة في بورصة لندن تبلغ 20.8%، إضافة الى نسبة من رأس مال شركة لاغاردير الفرنسية، وسلسلة متاجر سينزبري البريطانية التي يملك فيها حصة نسبتها 25%، كما يملك حصة نسبتها 10% من البورصة الاسكندنافية (اومكس»)، ويملك صندوق قطر حصة قيمتها نحو 4 مليارات دولار في أهم مبنى اقتصادي في لندن، وهو برج شارد الشهير، الذي يعد أطول برج في أوروبا، حيث يزيد ارتفاعه على 300 متر، فضلا عن شرائه مشروع «ثكنات تشيلسي» العسكرية وسط لندن بما يقارب المليار استرليني.
وربما تكون خسائر القطاع العقاري في الخارج الاشد ضررا بالنسبة الى قطر، خصوصا في السنوات الأخيرة التي بلغ إجمالي استثمارات قطر الدولية في العقار نحو 42 مليار دولار تتوزع على 40 دولة عربية وأجنبية حول العالم.
الخبير العقاري حسن الخليفي يرى أن الحكومة القطرية تحتاج الى بضع سنوات عقب انتهاء الأزمة الاقتصادية العالمية حتى تسترجع خسائر استثماراتها في القطاع العقاري الدولي فقط.
وبحسب أوساط مشروعات عقارية مثل جزيرة اللؤلؤة، فإن نسبة البيع في مثل هذه المشروعات تراجعت كثيرا عما كان سائدا في السابق، كما انخفضت أسعار الوحدات السكنية فيه بصورة ملحوظة، حتى أن مشروعات العديد من الأبراج السكنية التي أنجزت مؤخرا شهدت تراجعا كبيرا في الأسعار فاقت نسبته لبعض المشروعات 50%.
قطاع العقارات عموما، يشهد تراجعا كبيرا ومتواصلا منذ شهر سبتمبر الفائت سواء على مستوى أسعار البيع أو الإيجار، لكن هذا التراجع الكبير كان له وقع السحر على معدلات التضخم في قطر والتي بلغت مستوى قياسيا خلال الربع الثاني من العام الفائت لتصل الى 16.9%، حيث أسهم تراجع القطاع في خفض نسبة التضخم الى 0.03% فقط حاليا وفقا للمستشار الاقتصادي في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية بشير الكحلوت.
ماذا عن امتيازات المواطنين؟
عبد الرحمن المفتاح رجل الأعمال القطري وعضو مجلس الشورى لا يرى أن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية يمكن أن تمتد بأي حال الى الامتيازات الممنوحة للمواطنين القطريين، لأن أغلب هذه الامتيازات هي في الواقع عبارة عن «مكارم أميرية» يحظى الشعب القطري بها، أما بالنسبة لقطاعات السوق ومؤسسات القطاع الخاص، فمن الطبيعي تأثرها بالأزمة، حالها في ذلك حال كل الاقتصادات والأسواق العالمية.
ناصر سليمان حيدر عضو مجلس الشورى الذي يملك مجموعة شركات في أكثر من قطاع، يوافق المفتاح الرأي فيما ذهب اليه، لكنه يرى أن من حق الحكومة القطرية اتخاذ أي اجراء تقتضيه الضرورة والمصلحة العامة، موضحا أن امتيازات المواطنين أصبحت مكاسب من حقهم، لكن ذلك لا يعني أن الحكومة ليس من حقها اتخاذ الاجراءات التي تقتضيها مصلحة الدولة اذا ما تطلب الأمر.
ومن هذا القبيل، يضرب حيدر مثلا في الضرائب، بقول ان المرحلة الحالية لا تتطلب حتى الآن فرض أي ضرائب على المواطنين القطريين، لكن في المستقبل قد يكون هناك ضرائب، لا أحد يعلم.
أرقام تعكس واقع الحال
لعل ما ورد في أرقام الموازنة القطرية الجديدة التي أقرت مؤخرا يعكس بشكل بالغ واقع الحال، حيث ان هذه الموازنة تحتوي على عجز تصل قيمته الى 14.6 مليار ريال بالمقارنة مع الموازنة السابقة، ولأن هذا أول عجز تتضمنه موازنة قطرية منذ أكثر من عشرة أعوام، فان هذه السابقة لها دلالاتها وأبعادها.
ضحايا الأوراق المالية
في الواقع، سببت الخسائر الفادحة للأسهم القطرية حالات افلاس فردية عديدة، فكم من المواطنين خسر كل ما يملكه من جراء الأزمة، خصوصا أولئك الذين كانوا يستثمرون في البورصة بالاعتماد على قروض بنكية حصلوا عليها بفوائد مرتفعة.
خلف الشمري واحد من هؤلاء، يقول وقد ارتسمت على ملامحه علامات الحسرة: اذا كان من شيء «أكلت أصابعي» عليه ندما في حياتي فهو دخول هذا القطاع، ويضيف الشمري: «كنت مرتاح، مستانس في عملي، بعيد عن الهم والغم ولا أعرف للأسهم طريقا، الى أن أقنعني أحد الأصدقاء بضرورة الاستثمار في هذا المجال لأنه يكسب ذهبا كما يقال، ولأن حظي عاثر، حدث ما لم نحسب له حسابا، انهارت الأسهم بسبب الأزمة العالمية، وحتى الآن تتجاوز قيمة الخسائر التي تكبدتها 500 مليون ريال».
أحمد الهيدوس أحد هؤلاء، يقول ان استثماراته في البورصة خسرت في غضون أشهر معدودة أكثر من 100 مليون ريال، لافتا الى أن كثيرا من المستثمرين في بورصة الدوحة أصيبوا بأمراض نفسية من جراء الخسائر المتراكمة والمتتالية التي تكبدوها، موضحا أن العديد من هؤلاء أصبحوا يترددون على عيادات وأطباء نفسيين ناشدين العلاج من «وجع القلوب» الذي أعياهم.
أكثر المتضررين
ربما يكون نشاط السوق المحلي في قطر ممثلا بتجارة التجزئة بشكل خاص من أكثر القطاعات المتضررة بالأزمة العالمية، فكثير من المحال والمتاجر المعروفة لجأت لتعويض خسائرها الناجمة عن الركود الى تنفيذ أكبر حملة تنزيلات في الأسعار يشهدها السوق، وكانت نسب انخفاض الأسعار مثيرة حيث بلغت في بعض الأحيان 60%، الأمر الذي يعكس مدى سوء الوضع الذي تجد أمامه هذه المتاجر نفسها عاجزة عن الوصول ربما الى مستوى تحقيق «رأس المال»، فكيف اذا كان الأمر يتجاوز ذلك الى الخسائر؟
نعمان صبح يعمل في أحد المتاجر التي تحمل اسما شهيرا يرى أن حالة الركود غير المسبوقة التي يشهدها السوق القطري وحركة البيع والشراء الضعيفة دفعت معظم المحال والمتاجر الى خفض أسعارها واجراء تنزيلات على بضائعها بنسب كبيرة ومغرية وفي أوقات غير معتادة من السنة.
ولا يرى صبح أي بارقة أمل تلوح في الأفق القريب بامكان حدوث تغيير ايجابي يمكن أن يعيد وضع السوق القطري الى سابق عهده من النشاط والحيوية، ويقول: «عندما يحدث ذلك، يجب أن تكون الأزمة العالمية قد انتهت».
كواليس الشركات
على الأرض، وفي أروقة وردهات وكواليس السوق المحلي القطري بمختلف قطاعاته وأنشطته، يمكن ملاحظة بعض من الآثار السلبية والتداعيات الناجمة عن «ضغوطات» الأزمة الاقتصادية العالمية.
فبعيدا عن التكهنات، شهد قطاع الاعلام بعض الافرازات المتمثلة تارة بتسريح للعمالة وبأعداد ربما تكون كبيرة في بعض الحالات، وتارة أخرى بخفض للرواتب والحوافز والامتيازات الممنوحة للموظفين والعاملين في هذا القطاع.
الصحف القطرية الأربع (الشرق، الوطن، الراية، العرب) قامت بالاستغناء عن عدد من العاملين لديها، فجريدة الراية استغنت عن نحو 70 موظفا وان كان أكثرهم من الفنيين والاداريين، أما صحيفة الشرق، فقد قامت بتسريح عدد قليل من العاملين حتى الآن لا يتجاوز العشرة، لكنها خفضت رواتب الموظفين بنسبة تراوحت ما بين 4% الى 7%.
أما صحيفة الوطن، فقد قامت ببعض الاجراءات التي تستهدف خفض الانفاق، ولم يخل الأمر من حالات محدودة للاستغناء عن العاملين، لكن «الوقع الأكبر» للأزمة الاقتصادية في قطاع الاعلام القطري تلقته صحيفة العرب حديثة العهد، والتي سرحت أكثر من 20 صحافيا واداريا بمن فيهم مدير التحرير، علاوة على خفض رواتب العاملين بنسبة وصلت الى 13%.
ويبدو أن هذه المعطيات تعتبر نتيجة طبيعية لتراجع حجم الاعلانات بصورة لافتة وغير مسبوقة في الصحف القطرية. يقول كريكور كشيشيان مسؤول في شركة «غري» قطر التي تعود للشركة الأم في دبي وهي شركة للعلاقات العامة: «كنا نستقبل طلبات هائلة قبل الأزمة للاعلان في الصحف ومن قبل كل الشركات بمختلف مجالاتها، لكن الآن الوضع انقلب رأسا على عقب، معظم الشركات العاملة في قطر اما أنها أوقفت اعلاناتها وإما أنها خفضت الميزانيات المخصصة للاعلان بنسب غير مسبوقة».
قناة الجزيرة الفضائية لم تسلم من اجراءات التقشف والترشيد وضغط النفقات، فبحسب صحافيين عاملين فيها، قامت ادارة القناة بالاستغناء عن عدد محدود من الموظفين والغاء بعض البرامج مثل برنامج «سري للغاية» الذي كانت الحلقة الواحدة منه تتكلف نحو 100 الف دولار.
كما قامت الجزيرة باعادة هيكلة العديد من مكاتب المراسلين الخارجية، واستغنت عن غير النشطة منها، في حين قامت بتسريح بعض الفنيين لديها.
وبحسب أوساط عاملة في قناة الجزيرة، فان الموازنة السنوية للقناة تقدر بأكثر من 500 مليون دولار، تحصل عليها كدعم مباشر من قبل الحكومة القطرية، كون القناة لا تستطيع تغطية تكاليف نفقاتها من الاعلانات فقط، خصوصا في ظل مقاطعة عدد من كبريات الجهات المعلنة في السعودية لها، حيث أن السوق السعودي يعد أكبر سوق اعلاني على مستوى المنطقة.
قناة الجزيرة لم تنجُ من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية
http://92.52.88.82/alqabas/Article.aspx?id=499849%20&date=15052009