المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلاشينكوف قصه الرجل والسلاح.. ((مميز))



abo rashid
08-01-2006, 10:55 PM
http://www.alamuae.com/upload/Folder-13/1134498245_momayazmadebyrose.gif

قبل أيام سئل السياسي الإسرائيلي يوري أفينيري: ماذا سيحدث إذا قتل عرفات برصاصة إسرائيلية؟

فأجاب: "بعد موسى لم يأت موسى آخر، إنما يهوشع، رجل القوة الذي لم يعرف الرحمة، والذي نفذ قتل شعب".

ثم أضاف: "بعد عرفات لن يأتي أبو فلان أو أبو علان؛ فالوريث سيكون الأخ كلاشينكوف"!

فمن هو كلاشينكوف؟

كلاشينكوف ليس مجرد سلاح أو رجل قام بتصميمه، بل هو قصة ربما تحتاج أن نتعرف عليها عن قرب: قصة الكلاشينكوف، رجلا وسلاحا؟!

فمنذ ما يزيد على النصف قرن والكلاشينكوف هو سيد المعارك.

هو رفيق الجنود ومعينهم في أحلك الظروف.

وهو الملتصق دائما بأذرع الثوار، ورمز العنف والمقاومة، والدفاع المشروع عن الأرض في الوقت نفسه.

كم طالب المثقفون باستبعاد حواره: حوار الكلاشينكوف، واستبدال حوار العقل والمنطق به. وباسمه أسموا تيارات وجماعات، ومن اسمه خرجت مصطلحات، وكان الاسم نفسه عنوانا للعديد من القضايا.

عشرات الملايين راحوا ضحايا له، غير أن أفضاله العديدة لا ينكرها إلا جاحد؛ فإليه يرجع الفضل في انتهاء عصر الاستعمار، صحيح أن الأسباب كانت عديدة، لكن قطعا كان أهمها توافر الكلاشينكوف في أيدي من يدافعون عن أوطانهم، ويحاربون لطرد المستعمرين منها؛ إذ كان ذلك يعني إمكانية إيقاع خسائر بشرية كبيرة بالمستعمر، وهو الأمر الذي لم يكن مقبولا لدى الرأي العام في الدول الاستعمارية بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت الحرب الفيتنامية هي التعبير الأمثل عن توازنات عصر التحرر الوطني.

الكلاشينكوف كان أيضا هو الصديق الوفي لهؤلاء الذين لهم حق الكفاح المسلح، ولا يملكون جيشا وغير مسموح لهم بالتسليح، وهو الحال الذي كانت عليه حركات التحرر الوطني التي سادت العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وكان أيضا السند للفلسطينيين في مواجهة جيش عصري كفء له دبابات وطائرات وصواريخ.

وبعد أن تخلى الجميع عن الشعب العراقي، وبعد أن خذله قادته.. كان هو الوحيد الذي لم يتخل عنهم، ورأينا المقاومة العراقية التي لا تملك سوى رغيف الخبز الجاف وبندقية الكلاشينكوف تتصدى لأحدث طائرات الشبح والصواريخ الموجهة بالليزر والمدافع التي تنطلق بتوجيه العقول الإلكترونية، واستطاع هؤلاء البسطاء ومعهم رفيقهم (الكلاشينكوف) قتل وأَسْر ضباط وجنود أمريكيين وبريطانيين مدربين ومؤهلين لا يعانون الجوع أو العطش أو ندرة الإمكانات!

في هذا الموضوع عشنا مع مذكرات ميخائيل كلاشينكوف مخترع السلاح الذي أحدث ثورة في مجال التسليح، والتي صدرت مؤخرًا تحت عنوان "حياتي في قذائف" وتجولنا بين عشرات المواقع التي تناولت السلاح ومخترعه، بينها المواقع المتخصصة في الأسلحة أو المعنية بالسير، وبينها موقع كلاشينكوف نفسه: السلاح الذي لم تستطع عشرات الأسلحة التي ظهرت بعده أن تهز مركزه.

http://www.islamonline.net/arabic/famous/2003/09/images/pic05b.jpg

abo rashid
08-01-2006, 10:57 PM
منذ نهاية عقد الأربعينيات من القرن الماضي وهو يتسيد المعارك، صديقا للجنود وعدوا لهم في الوقت نفسه!

لم يُدِن بالولاء لأي دولة، بل تتسابق كل دول العالم لإعطائه جنسيتها واستضافته فيها رغم جنسيته الروسية.

المؤرخون حددوا عام 1947 تاريخا لمولده، لكن حتى المنجمون عجزوا عن تحديد اليوم الذي يموت فيه، وأغلب الظن أنه سيظل خالدا بعد أن فشلت كل محاولات اغتياله أو التخلص منه.

تناقلت الألسنة اسمه كرمز للعنف والإرهاب، أو معادلا للثورة والتحرر، حتى إن البعض لم يعد يرى لإقرار الحق والعدل مخرجا إلا منه: من فوهة الكلاشينكوف. والجميع ينطقون اسمه خطفا، كما لو كانوا يقلدون سرعة طلقاته.

ثائر في أيادي الثوار

لماذا الكلاشينكوف دون غيره؟

لأنه يتمتع بقدر من البساطة والفعالية من الصعب تجاوزها. منذ خمسين عاما ولم ينجح أحد في أن يقدم سلاحا أفضل منه، أو بنفس ميزاته التي تجمع بين الخفة والعملية والقدرة على توفير الحماية ومستلزمات الدفاع في المواقع الصعبة والعمليات الدقيقة.

لهذا كان الكلاشينكوف الصديق الوفي لكل الثوار الذين يقومون بالكفاح المسلح، ولا يملكون جيشا، وغير مسموح لهم بالتسليح، منذ بداية حركات التحرر الوطني في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وإلى الآن؛ حيث ما زال الكلاشينكوف رفيق الفلسطينيين والعراقيين.. وكل الذين ألجأتهم الظروف إلى حروب غير متكافئة مع أحدث الطائرات الشبح والصواريخ الموجهة بالليزر والمدافع التي تنطلق بتوجيه العقول الإلكترونية.

قصة حياة سلاح

كلاشينكوف هو اسم الرشاش الذي تزيد أعداد القطع المتواجدة منه في العالم عن 80 مليون قطعة، والاسم جاء من اسم مخترعه ميخائيل كلاشينكوف الذي تجاوز عمره الثمانين بأربعة أعوام.

أما قصته فقد بدأت عندما وجد ميخائيل (أو ميشا كما هو اسمه المختصر) بالمصادفة مسدسًا ألمانيا صدئًا خلفته الحرب العالمية وراءها؛ فأمضى أياما طويلة وهو يحاول إصلاحه وعلى إثر وشاية تم اعتقاله والتحقيق معه لمدة ثلاثة أيام من أجل إعادة المسدس، لكنه نفى كل شيء، ثم لم يتردد عند إطلاق سراحه في مغادرة قريته إلى كازاخستان حيث بدأ حياته المهنية كعامل فني.

في هذا الوقت كان سيد الأسلحة هو المسدس الرشاش الذي اخترعه "سوداييف" قد دخل في الخدمة العسكرية الروسية عام 1942، وأثبت أنه الأفضل في الحرب العالمية الثانية، فلم يكن لدى أي جيش أجنبي سلاح يعادل بساطته وفاعليته.

سوداييف كان قد صمم هذه البندقية في مدينة ليننجراد (عاد إليها الآن اسمها القديم: سان بطرسبورج) عندما كانت الجيوش الألمانية تحاصرها، وكان هو نفسه أول من استخدمها، غير أن المجموعة الأولى من بنادق سوداييف كانت تعاني من نقطة ضعف تمثلت في ثقل وزنها. وكان هذا العيب سر ظهور كلاشينكوف.

"ميختيم" في حلبة السباق

في عام 1945 تم الإعلان عن مسابقة من أجل اختراع بندقية جديدة مزودة بذخائر لم تكن معروفة حتى ذلك الحين، ذات حجم متوسط: أصغر من ذخائر البندقية العادية وأكبر من ذخائر المسدس.

المسابقة كانت سرية، ولكل مشارك فيها اسم مستعار، حتى لا يؤثر اسمه كبيرا كان أم صغيرا على قرارات لجنة التحكيم.

تردد ميشا كثيرا، خاصة أن المسابقة سيشارك فيها كل مصممي الأسلحة الكبار في الاتحاد السوفييتي، لكنه حسم أمره واتخذ قراره وقرر أن يشارك؛ فكان يعمل لأكثر من عشرين ساعة يوميا، استفاد خلالها من نماذج البنادق السابقة، وبعد أسابيع من العمل الدؤوب بدأت ملامح السلاح الذي يصممه كلاشينكوف تتضح، وعندما انتهى التصميم وتمت الحسابات المطلوبة جاء وقت الاسم المستعار، فاختار "ميختيم" أول ثلاثة حروف من ميخائيل وأول ثلاثة من اسم والده تيموفتش، وتحت هذا الاسم تم إرسال الملف للمسابقة.

وحدث ما لم يكن يتوقعه، وتلقى إخطارا رسميًا بأن المشروع الذي يحمل توقيع "ميختيم" تم قبوله في المسابقة؛ بما يعني أن عليه صناعة النموذج بالمعدن لاستكمال المنافسة مع تصميمات المتنافسين الباقين.

وأثناء المرحلة التالية للمسابقة -تحديدا عام 1946- توفي "سوداييف" الذي كان أقوى المرشحين وأوفرهم حظا، ونموذجه الذي قدمه تطوير لسلاح تم تجريبه في الجيش.

الجنرال ينسحب

فيما كانت المنافسة مشتدة طرأت لميشا أفكار جديدة غيرت تماما البنية العامة للسلاح، لكن قواعد المسابقة كانت تمنع تجديد التصميم نفسه؛ فكان أن أظهر بأنه يعمل فقط على مجرد تحسين تصميمه، رغم أن التغييرات التي كان يريدها لم يكن منصوصا عليها في قواعد المسابقة، وإن كانت تؤدي إلى تبسيط بنية السلاح وزيادة فاعليته في الظروف الصعبة، كانت التغييرات باختصار تمثل قفزة حقيقية في تاريخ تصنيع الأسلحة الآلية.

هكذا جازف ميشا وأنجز نموذجه على نحو لا يجعله مطابقا لمطالب اللجنة، لكنه راهن على أنها لن تلاحظ التعديل بمجرد النظر، واضعا أمله على أن سلاحه قادر على إثبات تفوقه.

لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، واكتشف الجنرال ديجتياريف منافس ميشا الأمر قبل المرحلة الأخيرة من التجارب حين حضر فريق لاختبار النموذجين، واقترح أن يكشف كل واحد للآخر عن نموذجه، وكانت المفاجأة أن الجنرال ديجتياريف نفسه (الذي كان يزين صدره بوسام النجم الأحمر لبطل العمل الاشتراكي) قال بصوت عال سمعه الجميع: "إن تصميم قطع نموذج الرقيب كلاشينكوف أكثر جودة من تصميمي، وله مستقبل أفضل، وأمامكم أعلن أنني لن أشارك في المرحلة النهائية للمسابقة".

خرق القواعد وكسب السباق

وفي اختبار دقة الرمي اكتشفت اللجنة التعديلات، وعرفت أن ميشا خرق قواعد المسابقة، لكنها لم تستطع أن تنفي أن النتائج التي حققها كانت هي الفضلى من حيث دقة الرمي؛ فاكتفت بتوجيه إنذار طلبت فيه ألا يكرر ذلك مرة أخرى!!

وبحلول يناير 1948 عقدت الجنة التقنية العملية المختصة بالتسليح اجتماعا في موقع بوليجون (قرب موسكو)، لم يختلف خلاله أي عضو على أن بندقية كلاشينكوف تستجيب أفضل من غيرها لجميع المعايير المطلوبة، وهو ما أثبتت الأيام صحته على مدى أكثر من نصف قرن من استخدام هذا السلاح الذي لا تزال قطعه المصنوعة في خمسينيات القرن الماضي صالحة للاستعمال.

ولم يبق أمام ميشا في اليوم التالي لقرار اللجنة غير أن يتوجه إلى بلدة جيفسك تنفيذا للأوامر التي أصدرتها القيادة، من أجل إنتاج المجموعة الأولى من البندقية التي اخترعها، وكان هو اليوم الذي ظهرت فيه إلى النور بندقية الكلاشينكوف، كان هو يوم الميلاد، ولم يبق بعد ذلك غير اعتماد شهادة الميلاد، ولما كان على المخترع نفسه أن يذهب بعد شهرين بناء على استدعاء من الإدارة العامة للمدفعية في موسكو؛ فقد ذهب ميشا ليرافق المارشال فورنوف قائد المدفعية إلى ميدان الرماية، حيث أراد أن يجرب السلاح بنفسه.

وبعد أن جربه قدم ميشا للجنود بقوله: "سأقدم لكم الرقيب كلاشينكوف، لا بل المخترع كلاشينكوف، لقد جاء ليعرف آراءكم وتعليقاتكم على بندقيته الجديدة".

قائد الجيوش يطلب صورة بتوقيع!

الجنود صفقوا بحرارة، وكان تصفيقهم طويلا؛ فقد كانوا سعداء بالاعتراف بجندي بسيط بين مصممين كبار للأسلحة، وكان من أهم التعليقات التي جذبت اهتمام كلاشينكوف فيما قاله الجنود إشارتهم إلى الضجة الكبيرة التي ترافق الرمي بالبندقية، ورغم أنه كان يعرف كيف يعالجها، إلا أنه خشي أن تتهمه اللجنة مرة أخرى بأنه خرق القواعد.

لم تفعل اللجنة ذلك بل دعاه المارشال فورنوف ليقدمه إلى 10 من كبار الضباط، وبعد ذلك الاجتماع سأله المارشال عما إذا كان يريد البقاء في صفوف الجيش أم أنه يفضل الحياة المدنية، فأكد ميشا أنه يفضل الحياة المدنية.

هكذا كان طبيعيا أن يغضب المارشال، لكنه وافق، وكان مدهشا للجميع أن يطلب من ميشا أن يترك له صورته الشخصية مع توقيعه عليها!! وبعد فترة قليلة عاد ميخائيل كلاشينكوف إلى مدينة جيتسك للإشراف على تصنيع بندقيته التي كان الجيش قد تبناها، وكان أول من يصل إلى المصنع وآخر من يغادره.

تحدي توحيد السلاح




في مطلع الخسمينيات واجه كلاشينكوف (الرجل والسلاح) مشكلة لم تكن بسيطة؛ إذ حدد ستالين هدفا جديدا لصانعي الأسلحة في روسيا، وهو أن يوحدوا جميع الأسلحة النارية؛ حيث كان الجيش الأحمر السوفييتي مزودا آنذاك بثلاثة نماذج من تلك الأسلحة: الكلاشينكوف والديجثياريف والسيمولوف، وكانت الذخائر المستخدمة واحدة.

هكذا أعلنت الإدارة العامة لسلاح المدفعية السوفييتية عام 1954 عن مسابقة جديدة لاختراع نماذج جديدة موحدة بحيث تعمل على عيار جديد للذخائر، ونصت شروط المسابقة على ضرورة تقليل وزن الأسلحة وزيادة دقتها في الرمي، فانطلق أصحاب النماذج الثلاثة المستخدمة في الجيش السوفييتي آنذاك: ديجثياريف وسيمونوف وكلاشينكوف من النماذج التي كانوا قد صمموها.

لكن كلاشينكوف رأى أنه ليس من الضروري تصميم نموذج آخر؛ لأن نموذجه أثبت جدارته فيما يتعلق بالبساطة والفعالية، فاكتفى بأن أجرى عددا من التعديلات جعلت سلاحه أخف وزنا وأكثر دقة في الرمي ووضع السكين محل الحربة.

ولم تخب حساباته؛ ففي الشوط النهائي للمسابقة استبعدت اللجنة المكلفة باختيار السلاح الموحد عددا من المتنافسين؛ لتكون المواجهة الحاسمة بين كلاشينكوف والمهندس كوروف الذي كان قد اخترع نماذج جيدة للبندقية الهجومية والبندقية الرشاشة، ورآه الجميع الأوفر حظا في الفوز، لكن الذي فاز في النهاية كان ميخائيل كلاشينكوف.

وبعد مسابقات أخرى ثبت أن الكلاشينكوف هو الوحيد الذي أظهر استجابته لجميع متطلبات الفعالية في الأوساط الصعبة، مثل تكاثر الغبار والأمطار؛ ليتم في النهاية اختيار الكلاشينكوف بديلا عن جميع الأسلحة الأخرى، وأصبحت الذخيرة الوحيدة المستخدمة هي من عيار 62.7 ملليمترات. ومن تلك اللحظة صار الجيش السوفييتي كله يستخدم الكلاشينكوف، واستمر ذلك طيلة استمرار الحقبة السوفييتية.

قليل من المال.. كثير من المجد

تلك باختصار قصة السلاح الأشهر في تاريخ الحروب، الذي قضى على ملايين البشر.. فهل يشعر كلاشينكوف بشيء من الندم؟

سألوه هذا السؤال كثيرا، ودائما كان يؤكد أنه مرتاح البال ولا يشعر بالندم لاختراعه وتصميمه لبندقية كلاشينكوف وأسلحة خفيفة أخرى تنتشر في العالم على نطاق واسع، موضحا أن اللوم في استخدام الأسلحة لقتل البشر لا يقع على عاتقه، وإنما يتحمله السياسيون الذين يتخذون قرارات استخدام الأسلحة في الصراعات والحروب.

ويرى ميشا أن ما دفعه لتصميم هذا السلاح هو الدفاع عن بلده والذود عنه، وأن هدفه لم يكن أبدا قتل الأبرياء.

وتبقى الإشارة إلى أن كلاشينكوف لم يصبح مليونيرا مع كل ما بيع من بندقيته ورغم شهرته الواسعة، وكان يمكن أن يكون من كبار الأثرياء، تماما مثل مخترع البندقية إم-16 الأمريكي إيجين ستونر (توفي سنة 1997) الذي كان يتقاضى دولارًا على كل بندقية إم-16 يتم بيعها.

نعم لم يصنع الكلاشينكوف ثروة لصاحبه، لكنه حقق له الشهرة واحترام العالم..

abo rashid
08-01-2006, 10:58 PM
http://www.islamonline.net/arabic/famous/2003/09/images/pic05d.jpg
http://kalashnikov.guns.ru/photos/11.jpg
لا يعرف أحد على وجه الدقة عدد ضحاياه، لكنه قطعا تجاوز الملايين، ورغم ذلك فهو بريء من دمهم جميعا!!

وطوال نصف القرن الماضي أو ما يزيد كان اسمه قاسما مشتركا بين كل الحروب والعمليات العسكرية، أو أعمال العنف على مختلف أسمائها: إرهابية.. فدائية.. أو استشهادية.

هو صاحب الاسم الأكثر ترددا سواء على ألسنة العوام أو ألسنة المثقفين.

وإذا كان صعبا على من ينطق الاسم أن يتبادر إلى ذهنه شيء غير الدم والخراب، فإن من رأوا الرجل قالوا بأنه غاية في البساطة والوداعة والتواضع بشكل لا يتسق مع أهمية وخطورة الثورة التي أحدثها في مجال التسليح، وهو فعلا كذلك.

يعرف عشاق القصص البوليسية أن سير آرثر كونان دويل مبتكر شخصية شرلوك هولمز ساءه كثيرًا أن تكون الشخصية التي ابتكرها أشهر منه وأنه -غيظا من ذلك- قرر أن ينتقم منها وأن يقتلها في إحدى رواياته!!

هذا الشيء تكرر مع ميشا أو ميخائيل كلاشينكوف الذي عاش حياته مجهولا، فيما كان السلاح الذي وضع تصميمه يحقق من الشهرة على مستوى العالم كله ما لم يحققه سلاح أو شخص غيره، غير أن رد الفعل اختلف؛ إذ كان ميشا قانعا، فرحا بينه وبين نفسه، صحيح أنه لم يكن يستطيع أن يقتل ابتكاره، لكنه كان يمكنه أن يغادر الاتحاد السوفيتي، ليحصد ثمار نجاحه التي لم ينل شيئا منها وهو في داخلها، لكنه لم يفعل ورضي بأن يكون خادما لوطنه ومضحيا في سبيله بكل ما يملك، وتلك نقطة أخرى تستحق الاحترام.

هارب من سيبيريا

"هناك من يولدون ويعيشون ويموتون ولكن مآثر كلاشينكوف ستظل خالدة".

الكلمات السابقة جاءت على لسان فلاديمير بوتين الذي انتزع نفسه من متابعة حرب الشيشان ليشارك في الاحتفال بعيد ميلاد كلاشينكوف الثمانين عام 1999.

ولد ميشا في قرية لم يكن فيها مجرد دراجة هوائية؛ فحاول تصميم وصناعة هذه الدراجة، وصمم لها محركا ذاتي الحركة، لكنه فشل لعدم توافر المواد الضرورية لذلك، وعندما تحدث مع معلمه في مدرسة القرية هز رأسه، وقال له: من أين نأتي بالمواد لصناعه الدراجة؟

ولد عام 1919 في أسرة من الفلاحين ليكون الطفل رقم 18 لوالدته وأحد الثمانية الذين بقوا منهم على قيد الحياة. أما أسرته فقد عاشت القمع الستاليني بكل تفاصيله؛ فقبل أن يبلغ الحادية عشرة تم تهجيره إلى سيبيريا مع أسرته باعتبارها من أعداء الشعب، لكنه قرر الهرب، فعاد إلى قريته ماشيًا على قدميه لأكثر من 1000 كيلومتر؛ ليظل الخوف يلازمه من أن يكتشف أحدهم ماضيه كهارب من سيبيريا، وليظل حريصا باستمرار على أن تبقى هذه الفترة مجهولة من سيرة حياته، حتى أن أقرب المقربين منه، مثل أولاده وأحفاده، لم يعرفوا شيئا عنها قبل وصول ميخائيل جورباتشوف إلى السلطة في الاتحاد السوفييتي الذي كان..

عاد ميشا إلى قريته لينضم إلى الشبيبة الشيوعية "الكومسمول" التي مكنته من الحصول على وظيفة سكرتير فني ليمضي عامين لا يفعل شيئا خلالهما غير الرد على التليفون وملء الأوراق.

أديسون المحلي!

انضم ميشا إلى صفوف الجيش ليصبح عام 1938 فنيا لدبابة، وهو المكان الذي أظهر فيه مهاراته، كما لاحت بوادر تميزه في تصنيع الأسلحة؛ فسرعان ما اخترع (ولم يكن تجاوز العشرين) بعض تجهيزات للدبابة، لاقت إعجاب الجنرال جوكوف أحد أشهر الضباط في التاريخ السوفييتي.

وجيورجي جوكوف تولى قيادة الجيوش في منطقة كييف عام 1940، وكان يشجع الجنود على سلوك طريق الاختراع، وذات مرة جرى تنظيم مسابقة لتصميم جهاز يحسب عدد القذائف التي تطلقها الدبابات، ولما كان ميشا بين المشاركين فقد وصل إلى التصفيات النهائية، وكانت جائزته الحصول على لقب "أديسون المحلي" الذي كان زملاؤه يتندرون به عليه وإن بدءوا ينظرون إليه بعين مختلفة وهم يرون صحيفة "الجيش" تعلن الاعتراف رسميا بمواهبه كمخترع، وقرءوا وصف الخبراء للاختراع بأنه سهل الاستخدام ومضمون النتيجة.

وجاءت الحرب العالمية الثانية ليشارك ميشا في معركة بريانسك ضد الألمان؛ فكانت إصابته بعد 7 أيام من القتال خلف الخطوط الألمانية، وبهذا الشكل انتهى به الحال في أحد المستشفيات.

وهناك وعلى الرغم من الآلام التي كان يعاني منها بسبب جروحه، كانت الفكرة الوحيدة التي تسيطر على ذهنه هي كيف يخترع سلاحا يمكن الروس من قهر الفاشيين، ولم تمض 5 سنوات من الجهد حتى توصل كلاشينكوف إلى تصميم بندقيته (47-ak) التي حملت اسمه، والتي فاقت شهرتها كل أسلحة العالم.

وأصبح العريف مرموقا

كان ميشا وهو جريح في المستشفى يحلم ليلا بتصميم سلاح يتفوق على بندقية "ديجتياريف"، وفي النهار كان يبذل كل جهده ليرسم على الورق ما حلم به، لقد أصبح مريضا به فكان يعيد الرسم مئات المرات في اليوم، وكان واضحا نقص معارفه؛ فهو لم يكن قد تلقى تعليما مدرسيا لأكثر من سبع سنوات. أدرك ميشا ذلك فقرر أن يتغلب على آلامه، ويتردد يوميا على مكتبة المستشفى، وفيها وجد بعض الكتب التي كان لها تأثير كبير في حياته، بينها كتاب "فلاديمير فيدوروف" عن تطور الأسلحة النارية.

هناك أيضا من كان يساعده، كان هناك ضابط جريح يعمل قبل الحرب باحثا في مركز علمي حول آليات عمل الأسلحة الآلية، ومنه تعلم ميشا الكثير، أبسطه أنه شرح له ماذا تعني كلمة "آلي" باللغة اليونانية، وكيف أنها تدل على "ما يعمل ذاتيا"، أما في الأسلحة فإنها تعني القدرة على الإطلاق دون توقف بمجرد الضغط على الزناد.

هكذا درس كل الأسلحة الآلية والأوتوماتيكية المعروفة وقتئذ، غير أن جراحه كانت تلتئم ببطء وذراعيه لم تكونا تساعدانه على القيام ببعض التجارب العملية.

وهنا بدأت قصة السلاح الذي تفوق به على مخترعين عظام في الجيش الروسي؛ الأمر الذي جعله يحصل عام 1949 على جائزة ستالين ولم يكن عمره جاوز 29 سنة، وكانت المفارقة أنه قرأ الخبر في الصحف. كان مضطربا جدا وهو يتصفح السطور المكتوبة عنه، وزاد اضطرابه صغر سنه وتواضع الرتبة العسكرية التي يحملها. كانت جائزة ستالين تمثل آنذاك تكريما معنويا استثنائيا، فأصبح ميشا شخصية مرموقة، كما وفرت له الجائزة مبلغ 150 ألف "روبل" وإن بقي كما هو يحمل رتبة عريف!!

الأمريكيون جعلوه جنرالا!

مما يثير الدهشة أيضا أن ميخائيل كلاشينكوف لم يكن يتمتع بأي "براءة اختراع" بالنسبة للسلاح الذي صممه وتم إنتاجه، ولم يكن يتقاضى أي "كوبيك" -وهو أصغر وحدة نقدية من أجزاء الروبل الروسي- عن مبيعات ذلك السلاح، فقط كان يحصل على راتب كبير يدرج في فئة راتب "حسب الشخص"، وهو الراتب الذي كان يكفي احتياجاته الضرورية دون زيادة أو نقصان، والأغرب أنه لم يحصل على رتبة رقيب إلا في فترة متأخرة، بعد أن نشرت مجلة أمريكية مقالا قالت فيه إن عريفا روسيا يقوم بتسليح جميع بلدان حلف وارسو، وتلك كانت هي المرة الأولى التي تم فيها الحديث عنه في الغرب، وبسبب هذا المقال التفتت السلطات الروسية إلى ترقيته، فحصل مع صعود بوريس يلتسين إلى السلطة في روسيا على رتبة الكولونيل، ورغم صدور مرسوم من مجلس الوزراء الروسي بمنع منح رتبة جنرال؛ فإن يلتسين أصدر قرارا استثنائيا بمنح كلاشينكوف رتبة الجنرال.

نشير هنا أيضا إلى أن ميشا كان قد نال لقب "بطل العمل الاشتراكي" بقرار من الحكومة عام 1958 بسبب مساهمته في "تعزيز ثورة الدولة" لتتوالى بعد ذلك الأوسمة والنياشين؛ فحصل عام 1964 على جائزة لينين التي كانت تمثل أهم الأوسمة التي تمنحها الدولة عن النجاحات المحققة في مختلف الميادين من علوم وتقنيات وآداب وفنون.

وفي عام 1971 قرر المعهد التقني في مدينة "تولا" أن يمنح درجة الدكتوراه في العلوم التقنية، ثم حصل عام 1976 على لقب "بطل العمل الاشتراكي" للمرة الثانية.

مع العظماء وجها لوجه

نعود إلى عام 1950 الذي أصبح فيه ميشا عضوا في مجلس السوفييت الأعلى ليبقى في هذا المجلس حتى حله عام 1988، فقط غاب عنه 10 سنوات عندما مات ستالين وخلفه نيكيتا خروتشوف.

دخل ميشا المجلس عندما كان عمره 30 سنة فقط، وكانت كل مشاعر الخوف تتملكه وهو يجتاز للمرة الأولى إحدى بوابات الكريملين؛ خوفا من أن يعرف أحد أنه نفسه هو الشخص الذي هرب صغيرا من منفى سيبيريا حيث كانت السلطات ترسل أعداء الشعب (!!)، لكنه فور دخوله إلى القاعة كان في منتهى السعادة وهو يجلس إلى جانب شخصيات كان قد سمع عنها وأعجب بها، كالشاعر رسول حمزاتوف ورائد الفضاء يوري جاجارين والكاتب الشهير ميخائيل شولوخوف وجراح العيون الشهير "فيدوروف"، ومن شدة تواضعه أراد في أوقات كثيرة أن يقترب من شولوخوف ويتعرف عليه، لكنه لم يجرؤ أبدا على فعل ذلك!!

في ذلك الوقت كانت مدينة جيفسك قد أصبحت مقر إقامة كلاشينكوف وأسرته، وهي المدينة التي كانت في سنوات العهد السوفيتي مغلقة، يمنع على الأجانب حتى العاملين في روسيا زيارتها أو دخولها، ومثل مدينته كان كلاشينكوف مغلقا هو الآخر، لا يعرفه أحد إلا العاملين القليلين معه، يعيش في شقة عادية مثله مثل الملايين، يذهب إلى محلات البقالة والأسواق لشراء احتياجاته ومتطلبات أسرته، وكثيرا ما كان ينتظر في طوابير شراء المواد الغذائية كغيره في العهد السوفيتي للحصول على الكفاف الضروري للحياة، ورغم أن اللافتات المعلقة في المحلات كانت تبيح لمن يحمل أوسمة البطولة تخطي طوابير الانتظار للحصول على ما يريد فإنه حرص على عدم التباهي بوضع الأوسمة والميداليات على صدره.

وبزوال عهد الستار الحديدي السوفيتي ظهر كلاشينكوف علانية، وأخذت الأضواء تتركز عليه، وأصبح يزور ويزار، ويكتب ويتحدث ويحاضر ويجيب على أسئلة الصحفيين والإعلاميين.

ولكن شيئا لم يتغير

وبعد عمر طال أقيم له في مدينة جيفسك أكبر متحف يضم كل نماذج سلسلة اختراعاته وتطويراته التي أدخلها على الكلاشينكوف.

تلك هي بعض سطور من حياة رجل بقي على مدى أكثر من نصف قرن (منذ عهد زعامة ستالين للاتحاد السوفيتي السابق حتى روسيا المسماة بالديمقراطية) محافظًا على توازنه واتزانه لم يتغير في شيء، يسكن بيتا متواضعا في مدينة جيفسك (عاصمة جمهورية أودمورتيا إحدى الجمهوريات الداخلة ضمن الاتحاد الروسي) حيث يقع أيضا مصنع كلاشينكوف الشهير.

وهي المدينة التي تستقبل زوارها بصورة كبيرة ملونة لميخائيل كلاشينكوف، تحتها كلمات قليلة يقول فيها: "لقد بذلت كل جهدي وقدرتي في الدفاع عن وطني، وحتى تكون حياتكم صافية ومزدهرة لا تعكرها الحروب!!.


عن موقع اسلام اون لاين

{راشد}
08-01-2006, 11:01 PM
يسلمووووووووووو عزيزي ع الموضوع الرائع

abo rashid
08-01-2006, 11:25 PM
يسلمووووووووووو عزيزي ع الموضوع الرائع
الله يسلمك عزيزي

الرميحي
08-01-2006, 11:31 PM
فعلا سلاح رهيب والله :nice: :nice:

تسلم بوراشد

abo rashid
08-01-2006, 11:59 PM
فعلا سلاح رهيب والله :nice: :nice:

تسلم بوراشد
الله يسلمك

relaax
09-01-2006, 01:47 AM
مشكووووووووووور

بنت الحرمي
09-01-2006, 03:54 AM
تسلم اخوي على هالموضوع المهم والقيم :nice:

abo rashid
09-01-2006, 11:05 AM
مشكووووووووووور
العفو حبيبي

abo rashid
09-01-2006, 11:06 AM
تسلم اخوي على هالموضوع المهم والقيم :nice:
الله يسلمج اختي

The Edge
09-01-2006, 01:14 PM
http://www.alamuae.com/upload/Folder-13/1134498245_momayazmadebyrose.gif

موضوع رائع جدا اخوي بوراشد
تسلم

ضايق الصدر
09-01-2006, 01:20 PM
مشكور اخوي بوراشد
وهذا يوري ينعرض له فلم في السينما حاليا باسم سيد الحرب
بطوله نيكولاس كيج
ويتكلم عن حياته وخاصه توزيع الكلشن كوف في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي

وعن نفسي انا التقيت بولد كلاشن كوف في الدوحه في معرض موبيل قطر من اربع سنوات
وكان يتكلم بكل اعتزاز
ويقول من في العالم ما ايعرف اسمي انا شخصيا
وهي نفسه مفخرة وشعور بالعزة

وشكرا

القبقب
09-01-2006, 01:24 PM
تسلم يابوراشد عجيب والله

abo rashid
09-01-2006, 02:38 PM
http://www.alamuae.com/upload/Folder-13/1134498245_momayazmadebyrose.gif

موضوع رائع جدا اخوي بوراشد
تسلم
الاروع مرورك

الله يسلمك

abo rashid
09-01-2006, 02:38 PM
مشكور اخوي بوراشد
وهذا يوري ينعرض له فلم في السينما حاليا باسم سيد الحرب
بطوله نيكولاس كيج
ويتكلم عن حياته وخاصه توزيع الكلشن كوف في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي

وعن نفسي انا التقيت بولد كلاشن كوف في الدوحه في معرض موبيل قطر من اربع سنوات
وكان يتكلم بكل اعتزاز
ويقول من في العالم ما ايعرف اسمي انا شخصيا
وهي نفسه مفخرة وشعور بالعزة

وشكرا
الكل يعرفه من صغير و كبير

شاكر تشريفك لنا

abo rashid
09-01-2006, 02:39 PM
تسلم يابوراشد عجيب والله
الله يسلمك يارب :nice: