محمد لشيب
18-05-2009, 11:33 PM
تعرف الساحة الإعلامية في الآونة الأخيرة حركية غير عادية، اعتقد أن لها ما بعدها، إن على تطوير الفعل الصحافي والرقي به، أو على مستوى الحسم في عدد من القضايا والسجالات التي طالما أثارت خلافات بين المشتغلين بهذا الحقل.
من أبرز مظاهر هذا الحراك النقاش الدائر حاليا على خلفية جملة من القضايا (مركز الدوحة لحرية الإعلام، قضية الطيار القطري ناصر الدوسري، حدود الكتابة الصحفية والوطنية ....)
ما أتمناه من كل قلبي كصحافي ومتابع ومهتم أن يتواصل هذا النقاش الفكري الحضاري مسيجا بحدود الاحترام المتبادل ومقارعة الحجة بالحجة والتواصل الفكري الخلاق.
ومن أجل هذه الغاية أعيد فيما يلي طرح مقال الزميلة الإعلامية الأخت الفاضلة مريم الخاطر "الوطنية عقد حب دون شهود" ورد الزميل الإعلامي الأخ الفاضل عليها "ثم ابتُلينا بالمُخونينَ والمُتسلقينَ!"، أنتظر آرائكم وتعليقاتكم وأفكاركم.
مقال الفاضلة مريم الخاطر
الوطنية عقد حب دون شهود
إن مفهوم الولاء الوطني والاعتزاز بالهوية لا يمكن النظر إليه كمفردة عابرة تلوكها الألسن، أو تحويله إلي شعار زائف بهدف التغطية علي بواعث متعددة سواء جاءت تحت مسميات الحقوق والحريات أو تقمصت رداء الحمية والعصبية الزائفة.
إن معيار حب الوطن والالتزام بالولاء إنما تتجسد في السلوك والتعامل وتترجمه في الواقع مقومات الإيثار والتضحية والدفاع عنه وعن سمعته والذود عن حياضه وبذل الغالي والنفيس في حماية مقدراته من أي عبث أو محاولة للنيل من أمنه واستقراره وكرامته وسيادته.
إنه الارتقاء إلي مستوي المواطنة وحقه علينا حتي في كيفية استخدام حق النقد الذي هو فن ومدرسة لا عشوائية اعتباطية، إنه ليس دعوات يرجف بها المرجفون في المدينة في تأليب جماهيري أو إشاعة للجحود والعصيان والتمرد وتعدية الآخرين عليه.
إن الكتابات الجادة يجب ألا تستخدم حرية الرأي والتعبير استخداماً خاطئاً عبر كتابات ممالئة أو حاقدة تتنازعها أهواء وأفكار مشوشة تعمد إلي تشويه صورة الوطن وصفحاته المشرقة، والنيل من رموزه، والطعن في أهدافه، أو تمجيد كل ما أو من يتعارض مع أو يسيء إلي دينه وهويته وثقافته في مفارقة عجيبة بين مطالب ومطالب ، تمجد فيها الأقلام من يتجرأ علي الدين منتهكا معاهدات الإعلام ذاتها التي ترفض مس المعتقد،و تستخدم فيها بعض الأقلام المفترض انها وطنية الدين فقط وللأسف شماعة في بعض المطالب والنقد المحلي، ثم لا تلبث أن تنسي الدين في مواقف أخري أكبر تستحق النقد فلا تنقدها بل الرفض فلا ترفضها رغم كونها واضحة وضوح الشمس فتختار ان تنتقد وطنها عن ان تنتقد من بغي عليه وعلي دينها.
وبالتالي لا تكون ازدواجية اللعب المدروس في استخدام حق حرية التعبير فيها إلا بدافع النكاية أو رغبة في الوصول إلي بعض المصالح أو المنافع أو التأليب للرأي العام بجرفه إلي تيار النقد غير الواعي دون إدراك أن مثل ذلك الأسلوب الذي يتجاوز كل الموانع الأخلاقية هو من يلحق الضرر ويتعدي روح الانتماء ليس للوطن فحسب بل للدين والعروبة والهوية والثقافة الواحدة.
إن الانغماس المفرط في الهجوم الدائم غير المبرر علي الوطن ، واكتساء ثوب العتمة والنظارة السوداء لمهاجمة كل ما يجود أو يجتهد به الوطن في كل مناسبة ما هو إلا ضرب من بث العبث ونشر الفوضي واثارة البلبلة السياسية وبالتالي المدنية التي لا تخدم الأمن والسلم الوطني خصوصا عندما يسيء البعض استخدام حسنات ومعطيات التكنولوجيا الحديثة في عقوق أقرب محضن له، وما يقود إليه هذا العبث من إرباك أجيالنا المستقبلية وقيادتها إلي حالة من الاضطراب الذهني والفكري والنفسي.
وهذا لعمري يتطلب المراجعة والإحساس الصادق بأن الرقي بالوطن وتعزيز الانتماء له مسؤولية جميع أبنائه وعلي رأسهم من يملك بوابة الإعلام أو سلاح القلم أو ربما من ملك مساحة حتي لو كان لا يستحق قلما، أو ما شابه ذلك من مساحات من معطيات التكنولوجيا الحديثة التي يجب أن تعي أن للإعلام أخلاقيات ومدونات سلوكية تحترم المهنة في كل وسائله ووسائطه ويحترمها من نصب نفسه لها أو نذر نفسه للعمل بها.
إن حق ممارسة حرية التعبير والنقد مطلب لا حياد عنه وهو حق مشروع اقرته الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية، وهو حق مكفول بل محمود ومطلوب لكل مجتمع يرتجي الرقي والتقدم، بيد انه وهو حق ندعو له ونتمسك بل ونتشبث به، لا يعني ذلك أنه قفز علي كل الأعراف والقيم والأخلاقيات.
فتحري الدقة والصدق والموضوعية الإعلامية في الطرح والعرض والنقد منهج يدرس في المواثيق الإعلامية في كافة المدارس والمعاهد الدولية في أرقي جامعات الإعلام، فحرية التعبير لا تتطلب أبداً إهانة الأوطان أو الأديان أو تشويهها أو إشاعة الكراهية أو بث الفرقة أو الطائفية أو الحزبية أو القومية أو النعرات، او العداوات، أو غيرها من الممارسات غير المسؤولة وغير الوطنية، كما أن حرية النقد لا تعني حرية التجريح والطعن والتشهير واطلاق الأمور علي علاتها دون دلائل أو قرائن. وهذا ما أكدت عليه كل المواثيق الدولية نصا إضافة إلي جانب حق التعبير في كل مادة نصت عليه.
أسوق علي ذلك ما نادي به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 19منه من أن: "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية."
وما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
في "المادة 19 علي أن:"
1-لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2- لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلي آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء علي شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخري يختارها."
ولكن انظر لهذه الفقرة في المادة نفسها:
3- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلي ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة."
كما تنص المادة 20 منه علي :
1-". تحظر بالقانون أية دعاية للحرب.
2- تحظر بالقانون أية دعوة إلي الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا علي التمييز أو العداوة أو العنف."
إن نصوص هذا الحق والواجب واضحة، وجدلية البعض في أخذ الحق دون النظر إلي الواجبات والمسؤوليات والقيود الخاصة بها غير مطروحة بتاتا، اذ ان الحقوق تقابلها واجبات والانتقائية في تطبيق الاتفاقيات الدولية غير مطروحة علي الإطلاق، وإلا تحولت إلي شريعة الغاب.
إن الثقافة والوعي السياسي بل والإعلامي المهني مطلب ضروري لكل من يحمل القلم أو يتقلد الكتابة والنشر والتدوين لأنها أمانة ومسؤولية وليست مهنة من لا مهنة له، ومن لم يدرس مدونات وأخلاقيات المهنة الإعلامية عليه أن يلتحق بأقرب مدرسة دولية فيها.
إنها أمانة تقتضي الفصل بموضوعية وعداله بين الحق الخاص والحق العام وبين الواجبات الخاصة والواجبات العامة، حتي لا يغلب بعض المتفيهقين من مدعي الإعلام أو الكتاب مصالحهم الخاصة علي المصالح العامة في محالفة للآخرين ضد الحق الساطع في تجرؤ صريح علي الحق والدين والوطن حتي لو جرت تلك الأهداف إلي ما صرح به البعض من وضع يدهم في يد الشيطان لتحقيق مآرب أخري.
إن إثارة القلاقل والفتن ليست من علم الإعلام في شيء ، ولا من الصحافة الأخلاقية بقدر ما هي نقض صريح لما نصت عليه المعاهدات الدولية من احترام حق الغير والمعتقد وعدم اثارة الفتن والتحريض علي الكراهية، وما هو ثانيا إلا مهاترات كلامية وأعمال شغب وفوضي تقوض السلم وتضعف الولاء والانتماء بل وتعرقل ما تنادي به الاتفاقيات من الدعوة إلي الحوار وتحالف الحضارات علي الصعيد الدولي.
أخيرا ،،
إن الوطنية عقد حب دون شهود ،
قوامه ما تملكه الذات المحبة من حس موضوعي بعيد كل البعد عن الجدل السوفسطائي او الهجوم الموتور غير المبرر.
والمهنية عقد ضمير مخلص للحق العام وللوطن قوامه حس ناقد وجريء في الحق ولكن بمنطقية وموضوعية ومنهجية الطرح والعرض، بل وإبداء المعالجات وتقديم الحلول.
الوطنية حب أبدي بعيد كل البعد عن قواميس الحقد والتحريض والاستعداء.
Medad_alqalam@yahoo.com
-------------------------------------------------
مقال الفاضل: عبد الله حمد العذبة
ثم ابتُلينا بالمُخونينَ والمُتسلقينَ!
إن ادعاء الوطنية والتمسح بها، لا يكفي لتبرير تخوين أشقائنا في الوطن والتاريخ والمستقبل، كما ان الاختباء وراء ستار الدفاع عن الدين الإسلامي للنيل من دين الآخرين ونبذهم، والاستعداء عليهم أمرٌ رخيصٌ وممجوج، ومن وجهة نظري أن هذه الممارسات ما هي إلا تكرارٌ لاستخدام قميص عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ولا يلجأ لهذه الحيل، إلا عاجز عن مقارعة الحجة بالحجة عندما لا يجد ما يرد به على مخالفيه، ونعلم أن المتواضعين فكرياً يعولون على هذه الوسائل المُكررة لحسم معركة فكرية وإعلامية معروفة نتائجها مُسبقاً لا تصب في صالحهم ومن أول جولة!
إن من الأمانة أن نوصل للقارئ الحقيقة ونحترم عقله، وفكره بدلاً من أن نضلله عن طريق التلقين، فهل نسى المخالفون أم تناسوا أن فكرة المدارس المستقلة تقوم على فلسفة عدم التلقين للطلبة؟!
وفي حقيقة الأمر أثار استغرابي، واستهجاني استخدام زميلتي الفاضلة والإعلامية مريم الخاطر، عبارات رنانة، ومخيفة لتطعن في وطنية من يخالفها في الرأي، والمطلع البصير على مقالتها التي نُشرت بالزميلة الراية يوم الأحد الموافق 10-5-09، لا يخفى عليه أن الزميلة الإعلامية قامت باستخدام شعارات الوطنية، وزجت بالرموز الوطنية عنوة، والدين الإسلامي الحنيف دون سبب وجيه، إلا لتستعدي الآخرين على مخالفيها حتى وإن لم تصرح بأسماء مخالفيها مطلقاً، حيث لجأت في مقالتها غير مرة إلى ايحاءات هلامية، وهذا أمر غير مستغرب منها، لأنني لم أرها تسمي الأشياء بأسمائها في معظم مقالاتها، كما أنني استغربت منها أيضاً دعوتها المُبطنة لفرض رقابة على الإنترنت والمنتديات الإلكترونية بحجة حماية الوطن وعقوله وقيادته، ولا يخفى على أحد أن مثل هذه الحجج، لا تساوي الحِبر الذي طُبعت به.
ولا ينبغي أن تصدر عن زميلة تشغل منصب نائب مدير عام مركز الدوحة لحرية الإعلام، سيما وأنه مركز دولي حساس، يعنى بحماية حرية التعبير، وكل ما يكتب بواسطة موظفيه بمختلف مناصبهم يحسب للمركز أوعلى سمعته الدولية، ولا يخفى علينا أن دولتنا تؤمن بدوره، وتدعمه بكل قوة دون أن تتدخل في عمله المهني، لكي يكون منارة إعلامية بارزة أخرى في قطر والمنطقة برمتها.
ثم إن القيادة تأمر بفتح الأبواب ليُعبر الآخرون عن آرائهم بصراحة، وشفافية، لكن ممثلي دور الملك زوراً وبهتاناً، يدعُون إلى إغلاق النوافذ محذرين من تيارات طواحين الهواء.
كما ان دعوتهم المبطنة لفرض الرقابة وممارسة ضغوط مستترة، أو علنية، ما هي إلا دعوة باهتة فقيرة لترسيخ الفكر الواحد، يريدون من خلالها ألا يعلو فيه صوتٌ فوق صوتهم سواء بقمعه أوتهميشه.
إن الايحاء تارة، والتصريح تارة أخرى، بأن مسيو روبير مينار، هو من أتى وسمح بدخول أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، المؤتمر الأخير، ما هو إلا طعنٌ في سيادة الدولة وكأن روبير مينار هو صاحب الكلمة العليا وهذا أمر مرفوض شكلاً، وموضوعاً.
إنني أسجل كغيري موقفي ضد حضور من يعمل بالجريدة الدنماركية التي أهانت رسولنا الأكرم ولكنني في الآن ذاته، لا أجيد إلا تسمية الأشياء بأسمائها الواضحة والمعروفة.
ثم لماذا لم يشن المُشمِرونَ عن سواعدهم وأقلامهم القوية، حملة شجاعة وصريحة على منظمة اليونسكو لأنها الداعية لهذا المؤتمر؟
ولماذا أُلقوا باللوم كله على مينار؟
أم أنهم يظنون واهمين أن السيد مينار يمثل الحلقة الأضعف في هذه السلسلة؟!
إن خوض معارك إعلامية محلية بهذه الطريقة المتواضعة يضرُ أكثر مما يُفيد، ولا أدري كيف غاب هذا عمن يعتقدون أنهم إعلاميون فطاحل، لا يُشق لهم غبار.
أريد أن أقول، لا يزايدنَ أحدٌ على وطنية أحد.
وأقول لا لفرض الرقابة على وسائل النشر الإلكترونية، دون حاجة أمنية ملحة.
ولا لقمع الآراء المخالفة، ونعم لحرية التعبير.
نحن نمرُ في مرحلة انتقالية مهمة، وننتظر فجراً مشرقاً.
والله من وراء القصد؛؛؛
عبدالله حمد العذبة
alathbi@gmail.com
من أبرز مظاهر هذا الحراك النقاش الدائر حاليا على خلفية جملة من القضايا (مركز الدوحة لحرية الإعلام، قضية الطيار القطري ناصر الدوسري، حدود الكتابة الصحفية والوطنية ....)
ما أتمناه من كل قلبي كصحافي ومتابع ومهتم أن يتواصل هذا النقاش الفكري الحضاري مسيجا بحدود الاحترام المتبادل ومقارعة الحجة بالحجة والتواصل الفكري الخلاق.
ومن أجل هذه الغاية أعيد فيما يلي طرح مقال الزميلة الإعلامية الأخت الفاضلة مريم الخاطر "الوطنية عقد حب دون شهود" ورد الزميل الإعلامي الأخ الفاضل عليها "ثم ابتُلينا بالمُخونينَ والمُتسلقينَ!"، أنتظر آرائكم وتعليقاتكم وأفكاركم.
مقال الفاضلة مريم الخاطر
الوطنية عقد حب دون شهود
إن مفهوم الولاء الوطني والاعتزاز بالهوية لا يمكن النظر إليه كمفردة عابرة تلوكها الألسن، أو تحويله إلي شعار زائف بهدف التغطية علي بواعث متعددة سواء جاءت تحت مسميات الحقوق والحريات أو تقمصت رداء الحمية والعصبية الزائفة.
إن معيار حب الوطن والالتزام بالولاء إنما تتجسد في السلوك والتعامل وتترجمه في الواقع مقومات الإيثار والتضحية والدفاع عنه وعن سمعته والذود عن حياضه وبذل الغالي والنفيس في حماية مقدراته من أي عبث أو محاولة للنيل من أمنه واستقراره وكرامته وسيادته.
إنه الارتقاء إلي مستوي المواطنة وحقه علينا حتي في كيفية استخدام حق النقد الذي هو فن ومدرسة لا عشوائية اعتباطية، إنه ليس دعوات يرجف بها المرجفون في المدينة في تأليب جماهيري أو إشاعة للجحود والعصيان والتمرد وتعدية الآخرين عليه.
إن الكتابات الجادة يجب ألا تستخدم حرية الرأي والتعبير استخداماً خاطئاً عبر كتابات ممالئة أو حاقدة تتنازعها أهواء وأفكار مشوشة تعمد إلي تشويه صورة الوطن وصفحاته المشرقة، والنيل من رموزه، والطعن في أهدافه، أو تمجيد كل ما أو من يتعارض مع أو يسيء إلي دينه وهويته وثقافته في مفارقة عجيبة بين مطالب ومطالب ، تمجد فيها الأقلام من يتجرأ علي الدين منتهكا معاهدات الإعلام ذاتها التي ترفض مس المعتقد،و تستخدم فيها بعض الأقلام المفترض انها وطنية الدين فقط وللأسف شماعة في بعض المطالب والنقد المحلي، ثم لا تلبث أن تنسي الدين في مواقف أخري أكبر تستحق النقد فلا تنقدها بل الرفض فلا ترفضها رغم كونها واضحة وضوح الشمس فتختار ان تنتقد وطنها عن ان تنتقد من بغي عليه وعلي دينها.
وبالتالي لا تكون ازدواجية اللعب المدروس في استخدام حق حرية التعبير فيها إلا بدافع النكاية أو رغبة في الوصول إلي بعض المصالح أو المنافع أو التأليب للرأي العام بجرفه إلي تيار النقد غير الواعي دون إدراك أن مثل ذلك الأسلوب الذي يتجاوز كل الموانع الأخلاقية هو من يلحق الضرر ويتعدي روح الانتماء ليس للوطن فحسب بل للدين والعروبة والهوية والثقافة الواحدة.
إن الانغماس المفرط في الهجوم الدائم غير المبرر علي الوطن ، واكتساء ثوب العتمة والنظارة السوداء لمهاجمة كل ما يجود أو يجتهد به الوطن في كل مناسبة ما هو إلا ضرب من بث العبث ونشر الفوضي واثارة البلبلة السياسية وبالتالي المدنية التي لا تخدم الأمن والسلم الوطني خصوصا عندما يسيء البعض استخدام حسنات ومعطيات التكنولوجيا الحديثة في عقوق أقرب محضن له، وما يقود إليه هذا العبث من إرباك أجيالنا المستقبلية وقيادتها إلي حالة من الاضطراب الذهني والفكري والنفسي.
وهذا لعمري يتطلب المراجعة والإحساس الصادق بأن الرقي بالوطن وتعزيز الانتماء له مسؤولية جميع أبنائه وعلي رأسهم من يملك بوابة الإعلام أو سلاح القلم أو ربما من ملك مساحة حتي لو كان لا يستحق قلما، أو ما شابه ذلك من مساحات من معطيات التكنولوجيا الحديثة التي يجب أن تعي أن للإعلام أخلاقيات ومدونات سلوكية تحترم المهنة في كل وسائله ووسائطه ويحترمها من نصب نفسه لها أو نذر نفسه للعمل بها.
إن حق ممارسة حرية التعبير والنقد مطلب لا حياد عنه وهو حق مشروع اقرته الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية، وهو حق مكفول بل محمود ومطلوب لكل مجتمع يرتجي الرقي والتقدم، بيد انه وهو حق ندعو له ونتمسك بل ونتشبث به، لا يعني ذلك أنه قفز علي كل الأعراف والقيم والأخلاقيات.
فتحري الدقة والصدق والموضوعية الإعلامية في الطرح والعرض والنقد منهج يدرس في المواثيق الإعلامية في كافة المدارس والمعاهد الدولية في أرقي جامعات الإعلام، فحرية التعبير لا تتطلب أبداً إهانة الأوطان أو الأديان أو تشويهها أو إشاعة الكراهية أو بث الفرقة أو الطائفية أو الحزبية أو القومية أو النعرات، او العداوات، أو غيرها من الممارسات غير المسؤولة وغير الوطنية، كما أن حرية النقد لا تعني حرية التجريح والطعن والتشهير واطلاق الأمور علي علاتها دون دلائل أو قرائن. وهذا ما أكدت عليه كل المواثيق الدولية نصا إضافة إلي جانب حق التعبير في كل مادة نصت عليه.
أسوق علي ذلك ما نادي به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 19منه من أن: "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية."
وما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
في "المادة 19 علي أن:"
1-لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2- لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلي آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء علي شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخري يختارها."
ولكن انظر لهذه الفقرة في المادة نفسها:
3- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلي ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة."
كما تنص المادة 20 منه علي :
1-". تحظر بالقانون أية دعاية للحرب.
2- تحظر بالقانون أية دعوة إلي الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا علي التمييز أو العداوة أو العنف."
إن نصوص هذا الحق والواجب واضحة، وجدلية البعض في أخذ الحق دون النظر إلي الواجبات والمسؤوليات والقيود الخاصة بها غير مطروحة بتاتا، اذ ان الحقوق تقابلها واجبات والانتقائية في تطبيق الاتفاقيات الدولية غير مطروحة علي الإطلاق، وإلا تحولت إلي شريعة الغاب.
إن الثقافة والوعي السياسي بل والإعلامي المهني مطلب ضروري لكل من يحمل القلم أو يتقلد الكتابة والنشر والتدوين لأنها أمانة ومسؤولية وليست مهنة من لا مهنة له، ومن لم يدرس مدونات وأخلاقيات المهنة الإعلامية عليه أن يلتحق بأقرب مدرسة دولية فيها.
إنها أمانة تقتضي الفصل بموضوعية وعداله بين الحق الخاص والحق العام وبين الواجبات الخاصة والواجبات العامة، حتي لا يغلب بعض المتفيهقين من مدعي الإعلام أو الكتاب مصالحهم الخاصة علي المصالح العامة في محالفة للآخرين ضد الحق الساطع في تجرؤ صريح علي الحق والدين والوطن حتي لو جرت تلك الأهداف إلي ما صرح به البعض من وضع يدهم في يد الشيطان لتحقيق مآرب أخري.
إن إثارة القلاقل والفتن ليست من علم الإعلام في شيء ، ولا من الصحافة الأخلاقية بقدر ما هي نقض صريح لما نصت عليه المعاهدات الدولية من احترام حق الغير والمعتقد وعدم اثارة الفتن والتحريض علي الكراهية، وما هو ثانيا إلا مهاترات كلامية وأعمال شغب وفوضي تقوض السلم وتضعف الولاء والانتماء بل وتعرقل ما تنادي به الاتفاقيات من الدعوة إلي الحوار وتحالف الحضارات علي الصعيد الدولي.
أخيرا ،،
إن الوطنية عقد حب دون شهود ،
قوامه ما تملكه الذات المحبة من حس موضوعي بعيد كل البعد عن الجدل السوفسطائي او الهجوم الموتور غير المبرر.
والمهنية عقد ضمير مخلص للحق العام وللوطن قوامه حس ناقد وجريء في الحق ولكن بمنطقية وموضوعية ومنهجية الطرح والعرض، بل وإبداء المعالجات وتقديم الحلول.
الوطنية حب أبدي بعيد كل البعد عن قواميس الحقد والتحريض والاستعداء.
Medad_alqalam@yahoo.com
-------------------------------------------------
مقال الفاضل: عبد الله حمد العذبة
ثم ابتُلينا بالمُخونينَ والمُتسلقينَ!
إن ادعاء الوطنية والتمسح بها، لا يكفي لتبرير تخوين أشقائنا في الوطن والتاريخ والمستقبل، كما ان الاختباء وراء ستار الدفاع عن الدين الإسلامي للنيل من دين الآخرين ونبذهم، والاستعداء عليهم أمرٌ رخيصٌ وممجوج، ومن وجهة نظري أن هذه الممارسات ما هي إلا تكرارٌ لاستخدام قميص عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ولا يلجأ لهذه الحيل، إلا عاجز عن مقارعة الحجة بالحجة عندما لا يجد ما يرد به على مخالفيه، ونعلم أن المتواضعين فكرياً يعولون على هذه الوسائل المُكررة لحسم معركة فكرية وإعلامية معروفة نتائجها مُسبقاً لا تصب في صالحهم ومن أول جولة!
إن من الأمانة أن نوصل للقارئ الحقيقة ونحترم عقله، وفكره بدلاً من أن نضلله عن طريق التلقين، فهل نسى المخالفون أم تناسوا أن فكرة المدارس المستقلة تقوم على فلسفة عدم التلقين للطلبة؟!
وفي حقيقة الأمر أثار استغرابي، واستهجاني استخدام زميلتي الفاضلة والإعلامية مريم الخاطر، عبارات رنانة، ومخيفة لتطعن في وطنية من يخالفها في الرأي، والمطلع البصير على مقالتها التي نُشرت بالزميلة الراية يوم الأحد الموافق 10-5-09، لا يخفى عليه أن الزميلة الإعلامية قامت باستخدام شعارات الوطنية، وزجت بالرموز الوطنية عنوة، والدين الإسلامي الحنيف دون سبب وجيه، إلا لتستعدي الآخرين على مخالفيها حتى وإن لم تصرح بأسماء مخالفيها مطلقاً، حيث لجأت في مقالتها غير مرة إلى ايحاءات هلامية، وهذا أمر غير مستغرب منها، لأنني لم أرها تسمي الأشياء بأسمائها في معظم مقالاتها، كما أنني استغربت منها أيضاً دعوتها المُبطنة لفرض رقابة على الإنترنت والمنتديات الإلكترونية بحجة حماية الوطن وعقوله وقيادته، ولا يخفى على أحد أن مثل هذه الحجج، لا تساوي الحِبر الذي طُبعت به.
ولا ينبغي أن تصدر عن زميلة تشغل منصب نائب مدير عام مركز الدوحة لحرية الإعلام، سيما وأنه مركز دولي حساس، يعنى بحماية حرية التعبير، وكل ما يكتب بواسطة موظفيه بمختلف مناصبهم يحسب للمركز أوعلى سمعته الدولية، ولا يخفى علينا أن دولتنا تؤمن بدوره، وتدعمه بكل قوة دون أن تتدخل في عمله المهني، لكي يكون منارة إعلامية بارزة أخرى في قطر والمنطقة برمتها.
ثم إن القيادة تأمر بفتح الأبواب ليُعبر الآخرون عن آرائهم بصراحة، وشفافية، لكن ممثلي دور الملك زوراً وبهتاناً، يدعُون إلى إغلاق النوافذ محذرين من تيارات طواحين الهواء.
كما ان دعوتهم المبطنة لفرض الرقابة وممارسة ضغوط مستترة، أو علنية، ما هي إلا دعوة باهتة فقيرة لترسيخ الفكر الواحد، يريدون من خلالها ألا يعلو فيه صوتٌ فوق صوتهم سواء بقمعه أوتهميشه.
إن الايحاء تارة، والتصريح تارة أخرى، بأن مسيو روبير مينار، هو من أتى وسمح بدخول أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، المؤتمر الأخير، ما هو إلا طعنٌ في سيادة الدولة وكأن روبير مينار هو صاحب الكلمة العليا وهذا أمر مرفوض شكلاً، وموضوعاً.
إنني أسجل كغيري موقفي ضد حضور من يعمل بالجريدة الدنماركية التي أهانت رسولنا الأكرم ولكنني في الآن ذاته، لا أجيد إلا تسمية الأشياء بأسمائها الواضحة والمعروفة.
ثم لماذا لم يشن المُشمِرونَ عن سواعدهم وأقلامهم القوية، حملة شجاعة وصريحة على منظمة اليونسكو لأنها الداعية لهذا المؤتمر؟
ولماذا أُلقوا باللوم كله على مينار؟
أم أنهم يظنون واهمين أن السيد مينار يمثل الحلقة الأضعف في هذه السلسلة؟!
إن خوض معارك إعلامية محلية بهذه الطريقة المتواضعة يضرُ أكثر مما يُفيد، ولا أدري كيف غاب هذا عمن يعتقدون أنهم إعلاميون فطاحل، لا يُشق لهم غبار.
أريد أن أقول، لا يزايدنَ أحدٌ على وطنية أحد.
وأقول لا لفرض الرقابة على وسائل النشر الإلكترونية، دون حاجة أمنية ملحة.
ولا لقمع الآراء المخالفة، ونعم لحرية التعبير.
نحن نمرُ في مرحلة انتقالية مهمة، وننتظر فجراً مشرقاً.
والله من وراء القصد؛؛؛
عبدالله حمد العذبة
alathbi@gmail.com