طيار قطري
26-05-2009, 03:54 PM
لماذا أصبح الحديث عن الشوارع كأنها مسلسل مكرر لا يحرك ساكنا حتى لصاحبه..؟؟ و كيف حصلت أشغال على المناعة بحيث أصبحت فوق النقد لأن إهمالها و تسيبها لم يعد مثار التساؤل، بل أصبح حقيقة علينا مسايرتها كجزء من واقع الحياة، كما نتقبل كون الجو عاصفا أو متربا أو حارا ، فهل نستطيع شيئا لتغيير المناخ، هكذا عطب شوارعنا أصبح كأنه علامة مسجلة تدل على هويتها، و وصف طبيعي لحالها، و كيف يكون ذلك..؟؟ و أين ذهبت المليارات و العقول الهندسية و الأيدي الفنية و الخطط و الجهود المكلفة بتشييد بنية تحتية و فوقية تليق بدولة فتية غنية..؟؟ هل تبعثرت أو تفتت أو ذابت أو تآكلها مرض غامض أو أن كل القصة و ما فيها إنها تجري بلا تخطيط و لا إشراف عام يجمع الخيوط كلها معا، فتصير الأحداث كأنها لعبة أطفال، أحد يهدم هنا و الآخر يبني هناك ليأتي الثالث و يعيد تشكيل ما سبق..؟؟
هل معقول بأن النفط مر من هنا يوما ما ، و أن هذه البلاد كانت عجينة خاما في أيدي توفرت لها مقومات الخلق و التجديد و الابتكار في عصر العلم و الحضارة و ثورة الاتصالات، و لم تحسن تشكيلها و التعامل معها و اتقاء الله في عظم أمانته..؟؟ هل معقول بأن دولة صغيرة نمت في أفق المدنية العالمية التي حققت انتصاراتها، و بنت كياناتها الراسخة الضاربة جذورها في الأرض، و حافظت على تاريخها و انجازاتها، تعجز عن تكوين مجتمعها العمراني الذي يحقق الرفاهية و التنظيم لسكانه في ظل المعطيات المتوافرة لها..؟؟
ملكت قطر الثروة المادية و كانت أراضيها بكرا تحت أيديها، و لديها الإمكانيات لخلق المدينة العصرية المتماشية مع كيانها و مفاهيمها و ثقافتها، فماذا حصل..؟؟
لقد انهارت شوارعنا بدل المرة المئات من المرات خلال الثلاثين سنة الماضية، أما بيوتنا و مدارسنا و مستشفياتنا فقد تلاشت من الوجود خلال هذه الحقبة. من الطبيعي رؤية مدارس و منشآت و بيوت في أمريكا و أوروبا عمرها مئات السنين، كيف يا ترى تعيش تلك و تنهار مبانينا..؟؟ أين البيوت الشعبية بل أين أحياء سكنية بكاملها تكونت في السابق، و كانت حينها جديدة، و أصبحت اليوم منهارة و سكنا للعزاب و منظرا مشوها للمدينة..؟؟
نتذكر حي المنتزه و مدينة خليفة ثم الأحياء الجديدة التي سميت تيمنا بالأصلية كالسلطة و المرقاب و غيرها ..؟؟ ماذا حدث لها لقد اهترأت و نشأت أحياء غيرها و انتقل سكانها إلى أماكن مختلفة، لماذا انهارت في عمر قصير..؟؟ و لم تآكلها البناء العشوائي الذي تسرطن حولها بدون رقابة أو تشريع..؟؟ و لم استحالت لخرائب تشوه العاصمة و لم تقام الدكاكين و البنايات بينها و حولها بحيث تتحول إلى دواعيس و ممرات مسدودة..؟؟ من يعطي تصاريح البناء و هل تتم بالبركة أو بالتغاضي أو بالإهمال أو بالمجاملات أم أن الجهة المعنية لا يعنيها الأمر...؟؟
أن خمسين بالمائة من تعسر المرور و الزحام في البلاد سببه هذا التخبط العشوائي في تحويل الأحياء السكنية إلى حلقات حلزونية مسدود بعضها، و تخبط و متاهات في بعضها الآخر، بحيث أنصب الحمل و الثقل على شارعين رئيسيين في كل العاصمة..؟؟.
لو اهتمت الجهات المسئولة بمسألة تنظيم الوحدات و الحفاظ على مسار الشوارع الفرعية لتصبح شوارعا فعلا، و إزالة و منع بناء ما يؤدي إلى عرقلة السير و توقيفه، و مراقبة مواد البناء و فرض العقوبة على غش المقاولين، وتخطيط المناطق و منع البناء العشوائي الذي يحدث بدون ضوابط أو وضع قوانين صارمة تتقيد بمخطط لا يمكن الخروج عنه، لو حدث ذلك لما أصبحت البلاد تحتاج إلى إعادة تشكيل و يدفع الناس الثمن.
لقد سمعنا بالغش التجاري لأصحاب العقارات الخاصة و لكن ان يكون في بناء المشاريع الحكومية كالمدارس و المستشفيات و البيوت الشعبية و المقار الحكومية، أين مهندسي الحكومة و فنييها، و هل يتغاضون عن الخراب و التشويه المدمر عن عمد أم لأنهم آخر من يعلم..؟؟
لقد عانينا مع مسلسل المجاري و الحفر العميقة التي سدت المرور في أحياء بكاملها، و قلبت حياة الناس و عرضت أبنائهم و سياراتهم للخطر، و أغلقت أسواقا و محالا ليس شهورا بل سنواتا، و مع ذلك و بعد الانتهاء أخيرا منها نراها تفتح من جديد و يعاد الترميم، و السؤال.. لماذا لم يتقن المقاول عمله في المرة الأولى، و لم يستعمل المواد المغشوشة هل لانعدام الرقابة أم هي محاولة لاستنزاف الميزانية من جديد بإعادة العمل كأن شيئا لم يكن..؟؟ فبين ليلة و ضحاها يغلق شارع أو تفتح حفر في آخر، و لا أحد من السكان و المارة يسأل عن السبب، في نفس الوقت الذي لا يطالبوا فيه بردم الحفر العميقة التي تبتلى بها الشوارع، و المصيبة إنها هامة و تعبرها آلاف السيارات يوميا و لكنهم تعودوا عليها، و صارت جزءا من تصورهم لحال الشوارع، تقع فيها سياراتهم و يتحاشونها بضرب الأرصفة هنا و هناك، إنهم يتقبلونها كأمر واقع لا جدال و لا مراء فيه. الكل مهرول و همه البحث عن طريق بديل، يعارك الحصى و الصخور و يدخل في الأدغال ليصل إلى هدفه، و كل تركيزه على مشواره و كأن ما يحدث هو واقعا لا يد لأحد فيه، و ظرف طبيعي لا نستطيع سؤال السماء سببه، مع انه آدمي و له أسبابه و دواعيه التي من حق الناس في كل حي معرفتها، و كل عضو في المجلس البلدي من حقه و واجبه الاطلاع عليها و متابعتها، و التدخل لصيانة الحفر و خصوصا وسط الطرق حتى أنها من تعاليم ديننا إماطة الأذى عن الطريق، و عليه مخاطبة الجهات المعنية لإصلاح ما يصيب الشوارع العامة من خلل مؤذي للمركبات، و قد تكون حفرة كبيرة وسط الشارع تعجز السيارات عن تخطيها، فهل أصلاحها أمر جلل..؟؟ و لا يترك الأمر و كأنه صعب الترميم و الترقيع.
هذا الهدر المالي دون مردود ثابت على الشوارع حان له أن يتوقف و ان يعاد تنظيمه. غير معقول أن شوارعنا الرئيسية رغم العناء الذي كبد الدولة المليارات، و الناس الفوضى في حياتهم و الانهيار في سياراتهم و الكثير من التأزم في نفسياتهم، ما زالت تحت الإنشاء المتدهور، فصبيات القار لا تلبث أن تتقشر لأنها من النوع الرديء، و حبات قليلة من المطر تصنع الحفر و الانبعاجات في شارع حديث، أما أغطية المجاري العجيبة فهي تتوزع لتضرب السيارات بلا ترتيب و قد وزعت كأنها ألغام في شوارع ممهدة للسيارات العابرة، هل تتدرب أشغال..؟؟ ألا تملك الخبرة و الكفاءة لتمهيد شوارع محترمة بلا عاهات و كدمات..؟؟ قال النبي (ص) إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه، أيضا الشوارع ضيقة في مسار واحد لكل طريق، و كأنها معدة لاستخدام شهور قليلة قبل أن يعاد هدمها و إغلاقها من جديد و إعادة تنفيذها، إنها لا تستطيع استيعاب السيارات المتزايدة فالبلاد تتسع بشكل رهيب، و عدد السكان يتصاعد من جهة، و جيل من الشباب و السيدات يحصلن على رخص القيادة، فيوما عن يوم يزداد عدد السائقين بينما تنهار الشوارع ، فما الحل..؟؟
ما هو حال شوارع العاصمة..؟؟ ففي الأحياء و مناطق الأسواق يتكرر هذا الوضع كالمنطقة التي يتوسطها شارع حمد الكبير المرصوف المنظم بالإشارات و لكن على يمينه و على يساره خلف البنوك و شركات التامين تقع مأساة يغوص فيها مرتادي هذه المنطقة الحيوية، أكداس من السيارات يحتاج أصحابها إلى مراجعة معاملاتهم فيضطرون إلى ركنها فيما أتفق، قد تكون أراض مهجورة و يا ليت هناك من يقوم بردم الفجوات الهائلة فيها التي تركت فقط لدخول و عبور السيارات في مناطق لا يتوانى المراجع بعد أن تزهق روحه من البحث في الشمس المحرقة من رمي سيارته فيما أتفق حتى و لو سدت على غيره.
إننا نتعرض أثناء خروجنا للكثير من الشد و الجذب و لعل الساحة الكبيرة التي تقع ضمنها محطة بوهامور و عشرات المحال من كراجات و مطاعم و قرطاسيه وصيدلية و سوبر ماركت و بنك إلى آخره تشهد مثل هذا التخبط العجيب، فتسير السيارات جمعا على كيفها دون مسار و تقف كذلك متى آن لها بدون نظام، و لا يحدها سوى قانون القدرة الشخصي على اتخاذ المسار الذي يعجبها، و مدى الرغبة في الخروج و الدخول دون اعتبار للغير، أو التقيد بنظام لأنه غير موجود.
أما الشوارع الداخلية فأنها مأساة و تكمن المصيبة الأعظم إذا كانت المكسورة و المشوهة تضم مواقعا حيوية كالمراكز الصحية و الأسواق و المباني و الإدارات الحكومية و الخاصة. إنها تتعرض لانتهاك مشين بفعل الرصف السيئ الذي ينتهي مفعوله أو ينهى على أيد متعمدة لا نعرف سبب تسلطها على الشارع و نسفه، و ترك السيارات تتخبط في الحصى الناتئة التي تخترق الإطارات كأنها مسننة مدججة قاسية تتراوح أحجامها و تتقعر صلادتها، بينما تبقى الدوائر الحلزونية و المسدودة في الأحياء السكنية ظاهرة عامة، تزخر بها العاصمة و مركز المدينة فكيف بضواحيها و مدنها و قراها الأخرى..؟؟
أما الشوارع الرئيسية فبعد انسداد الطرق و الوقوع في الحفر و كثرة الحوادث و الاختناقات المرورية و البحث عن بدائل في الحصى و الصخور، و كل تلك السنوات من الإغلاق و الهدم و الردم و البناء إلا أن شوارعنا التي ولدت أخيرا ليست في المستوى المطلوب، ضيقة و مسارين أو ثلاثة فقط و عادية، و سرعان ما تملؤها المطبات التي تزرع كالألغام فيها قبل أن تتسلل إليها الأمراض المعهودة، التشقق و ظهور سدادات المجاري، المهم.. فرق كبير بينها و بين شوارع مدن خليجية كالكويت و الإمارات، باتساعها لأربع مسارات ذهابا و أخرى إيابا ، بالإنفاق الواسعة العجيبة، بالجسور الضخمة الباسقة بشموخ، بعدم تضييقها بالانتر لوك الذي يأكل الشوارع و يترك الساحات بين البيوت للحصى و التراب الذي يعرقل المارة و يلوث الناس بالطين أثناء الأمطار.
عندما نزور باريس أو فيينا أو غيرهما من المدن الأوروبية فأنها لا تتغير سواء أزرتها من مائة سنة أو اليوم، نفس المباني و الشوارع و المعالم التي تجدد و تتعرض للصيانة، و تحتفظ بهيكلها و شكلها و ربما لونها نفسه، لا شيء يتبدل و كأن الزائر لم يفارق المدينة.
بينما تغيرت قطر بشكل لا يتعرف عليه حتى مواطنيها فكيف بزائريها، نعم للتعمير و التطوير و البناء و لكن بشكل مدروس و يدرك أبعاد عمله، و ليس بتكسير الشارع و إعادة رصفه ثم تحطيمه من جديد، أين المهندسين و الخبراء..؟؟ من الذي يخطط و يضع التصورات..؟؟ ثم تأتي كيوتل لتخرب لتضع خدماتها ثم كهرماء..؟؟ و كأن الشوارع بيد مجموعة هواه ملكت بعض المعلومات و سعت لتطبيقها و ليس تحت إدارة شبكة موظفين يحملون المؤهلات و الخبرات العالية، و عليهم عدم الموافقة على تنفيذ المشاريع قبل أتمام مناقشتها، و إسقاط علمهم و تخصصهم و مسئوليتهم و إدراكهم لمجمل العملية التي يقومون بها، لأنها ليست خاصة و لكنها حكومية و تستهلك المليارات و تقف وراءها شركات و خبرات و إدارات من المفترض أن تكون لها بصماتها المميزة و انجازاتها الناجحة، و ليست متدربة و جامعة مناقصات و مستعينة بعمالة غير مدربة و مستهلكة لمواد رخيصة، و معتمدة على تصورات بلا تجارب سابقة، و تفتقد التمويل و القدرات الفنية لإكمال تعاقداتها كما حدث مع مشروع الصناعية.
ان نية تطوير الأحياء و إعادة هيكلتها تحتاج إلى وجود خبرات و عقول مبتكرة و ذات ضمير تحفظ ما يبقى للوطن، حتى لا تذروه الرياح و الأمطار و الغش الواضح للعيان.
هل معقول بأن النفط مر من هنا يوما ما ، و أن هذه البلاد كانت عجينة خاما في أيدي توفرت لها مقومات الخلق و التجديد و الابتكار في عصر العلم و الحضارة و ثورة الاتصالات، و لم تحسن تشكيلها و التعامل معها و اتقاء الله في عظم أمانته..؟؟ هل معقول بأن دولة صغيرة نمت في أفق المدنية العالمية التي حققت انتصاراتها، و بنت كياناتها الراسخة الضاربة جذورها في الأرض، و حافظت على تاريخها و انجازاتها، تعجز عن تكوين مجتمعها العمراني الذي يحقق الرفاهية و التنظيم لسكانه في ظل المعطيات المتوافرة لها..؟؟
ملكت قطر الثروة المادية و كانت أراضيها بكرا تحت أيديها، و لديها الإمكانيات لخلق المدينة العصرية المتماشية مع كيانها و مفاهيمها و ثقافتها، فماذا حصل..؟؟
لقد انهارت شوارعنا بدل المرة المئات من المرات خلال الثلاثين سنة الماضية، أما بيوتنا و مدارسنا و مستشفياتنا فقد تلاشت من الوجود خلال هذه الحقبة. من الطبيعي رؤية مدارس و منشآت و بيوت في أمريكا و أوروبا عمرها مئات السنين، كيف يا ترى تعيش تلك و تنهار مبانينا..؟؟ أين البيوت الشعبية بل أين أحياء سكنية بكاملها تكونت في السابق، و كانت حينها جديدة، و أصبحت اليوم منهارة و سكنا للعزاب و منظرا مشوها للمدينة..؟؟
نتذكر حي المنتزه و مدينة خليفة ثم الأحياء الجديدة التي سميت تيمنا بالأصلية كالسلطة و المرقاب و غيرها ..؟؟ ماذا حدث لها لقد اهترأت و نشأت أحياء غيرها و انتقل سكانها إلى أماكن مختلفة، لماذا انهارت في عمر قصير..؟؟ و لم تآكلها البناء العشوائي الذي تسرطن حولها بدون رقابة أو تشريع..؟؟ و لم استحالت لخرائب تشوه العاصمة و لم تقام الدكاكين و البنايات بينها و حولها بحيث تتحول إلى دواعيس و ممرات مسدودة..؟؟ من يعطي تصاريح البناء و هل تتم بالبركة أو بالتغاضي أو بالإهمال أو بالمجاملات أم أن الجهة المعنية لا يعنيها الأمر...؟؟
أن خمسين بالمائة من تعسر المرور و الزحام في البلاد سببه هذا التخبط العشوائي في تحويل الأحياء السكنية إلى حلقات حلزونية مسدود بعضها، و تخبط و متاهات في بعضها الآخر، بحيث أنصب الحمل و الثقل على شارعين رئيسيين في كل العاصمة..؟؟.
لو اهتمت الجهات المسئولة بمسألة تنظيم الوحدات و الحفاظ على مسار الشوارع الفرعية لتصبح شوارعا فعلا، و إزالة و منع بناء ما يؤدي إلى عرقلة السير و توقيفه، و مراقبة مواد البناء و فرض العقوبة على غش المقاولين، وتخطيط المناطق و منع البناء العشوائي الذي يحدث بدون ضوابط أو وضع قوانين صارمة تتقيد بمخطط لا يمكن الخروج عنه، لو حدث ذلك لما أصبحت البلاد تحتاج إلى إعادة تشكيل و يدفع الناس الثمن.
لقد سمعنا بالغش التجاري لأصحاب العقارات الخاصة و لكن ان يكون في بناء المشاريع الحكومية كالمدارس و المستشفيات و البيوت الشعبية و المقار الحكومية، أين مهندسي الحكومة و فنييها، و هل يتغاضون عن الخراب و التشويه المدمر عن عمد أم لأنهم آخر من يعلم..؟؟
لقد عانينا مع مسلسل المجاري و الحفر العميقة التي سدت المرور في أحياء بكاملها، و قلبت حياة الناس و عرضت أبنائهم و سياراتهم للخطر، و أغلقت أسواقا و محالا ليس شهورا بل سنواتا، و مع ذلك و بعد الانتهاء أخيرا منها نراها تفتح من جديد و يعاد الترميم، و السؤال.. لماذا لم يتقن المقاول عمله في المرة الأولى، و لم يستعمل المواد المغشوشة هل لانعدام الرقابة أم هي محاولة لاستنزاف الميزانية من جديد بإعادة العمل كأن شيئا لم يكن..؟؟ فبين ليلة و ضحاها يغلق شارع أو تفتح حفر في آخر، و لا أحد من السكان و المارة يسأل عن السبب، في نفس الوقت الذي لا يطالبوا فيه بردم الحفر العميقة التي تبتلى بها الشوارع، و المصيبة إنها هامة و تعبرها آلاف السيارات يوميا و لكنهم تعودوا عليها، و صارت جزءا من تصورهم لحال الشوارع، تقع فيها سياراتهم و يتحاشونها بضرب الأرصفة هنا و هناك، إنهم يتقبلونها كأمر واقع لا جدال و لا مراء فيه. الكل مهرول و همه البحث عن طريق بديل، يعارك الحصى و الصخور و يدخل في الأدغال ليصل إلى هدفه، و كل تركيزه على مشواره و كأن ما يحدث هو واقعا لا يد لأحد فيه، و ظرف طبيعي لا نستطيع سؤال السماء سببه، مع انه آدمي و له أسبابه و دواعيه التي من حق الناس في كل حي معرفتها، و كل عضو في المجلس البلدي من حقه و واجبه الاطلاع عليها و متابعتها، و التدخل لصيانة الحفر و خصوصا وسط الطرق حتى أنها من تعاليم ديننا إماطة الأذى عن الطريق، و عليه مخاطبة الجهات المعنية لإصلاح ما يصيب الشوارع العامة من خلل مؤذي للمركبات، و قد تكون حفرة كبيرة وسط الشارع تعجز السيارات عن تخطيها، فهل أصلاحها أمر جلل..؟؟ و لا يترك الأمر و كأنه صعب الترميم و الترقيع.
هذا الهدر المالي دون مردود ثابت على الشوارع حان له أن يتوقف و ان يعاد تنظيمه. غير معقول أن شوارعنا الرئيسية رغم العناء الذي كبد الدولة المليارات، و الناس الفوضى في حياتهم و الانهيار في سياراتهم و الكثير من التأزم في نفسياتهم، ما زالت تحت الإنشاء المتدهور، فصبيات القار لا تلبث أن تتقشر لأنها من النوع الرديء، و حبات قليلة من المطر تصنع الحفر و الانبعاجات في شارع حديث، أما أغطية المجاري العجيبة فهي تتوزع لتضرب السيارات بلا ترتيب و قد وزعت كأنها ألغام في شوارع ممهدة للسيارات العابرة، هل تتدرب أشغال..؟؟ ألا تملك الخبرة و الكفاءة لتمهيد شوارع محترمة بلا عاهات و كدمات..؟؟ قال النبي (ص) إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه، أيضا الشوارع ضيقة في مسار واحد لكل طريق، و كأنها معدة لاستخدام شهور قليلة قبل أن يعاد هدمها و إغلاقها من جديد و إعادة تنفيذها، إنها لا تستطيع استيعاب السيارات المتزايدة فالبلاد تتسع بشكل رهيب، و عدد السكان يتصاعد من جهة، و جيل من الشباب و السيدات يحصلن على رخص القيادة، فيوما عن يوم يزداد عدد السائقين بينما تنهار الشوارع ، فما الحل..؟؟
ما هو حال شوارع العاصمة..؟؟ ففي الأحياء و مناطق الأسواق يتكرر هذا الوضع كالمنطقة التي يتوسطها شارع حمد الكبير المرصوف المنظم بالإشارات و لكن على يمينه و على يساره خلف البنوك و شركات التامين تقع مأساة يغوص فيها مرتادي هذه المنطقة الحيوية، أكداس من السيارات يحتاج أصحابها إلى مراجعة معاملاتهم فيضطرون إلى ركنها فيما أتفق، قد تكون أراض مهجورة و يا ليت هناك من يقوم بردم الفجوات الهائلة فيها التي تركت فقط لدخول و عبور السيارات في مناطق لا يتوانى المراجع بعد أن تزهق روحه من البحث في الشمس المحرقة من رمي سيارته فيما أتفق حتى و لو سدت على غيره.
إننا نتعرض أثناء خروجنا للكثير من الشد و الجذب و لعل الساحة الكبيرة التي تقع ضمنها محطة بوهامور و عشرات المحال من كراجات و مطاعم و قرطاسيه وصيدلية و سوبر ماركت و بنك إلى آخره تشهد مثل هذا التخبط العجيب، فتسير السيارات جمعا على كيفها دون مسار و تقف كذلك متى آن لها بدون نظام، و لا يحدها سوى قانون القدرة الشخصي على اتخاذ المسار الذي يعجبها، و مدى الرغبة في الخروج و الدخول دون اعتبار للغير، أو التقيد بنظام لأنه غير موجود.
أما الشوارع الداخلية فأنها مأساة و تكمن المصيبة الأعظم إذا كانت المكسورة و المشوهة تضم مواقعا حيوية كالمراكز الصحية و الأسواق و المباني و الإدارات الحكومية و الخاصة. إنها تتعرض لانتهاك مشين بفعل الرصف السيئ الذي ينتهي مفعوله أو ينهى على أيد متعمدة لا نعرف سبب تسلطها على الشارع و نسفه، و ترك السيارات تتخبط في الحصى الناتئة التي تخترق الإطارات كأنها مسننة مدججة قاسية تتراوح أحجامها و تتقعر صلادتها، بينما تبقى الدوائر الحلزونية و المسدودة في الأحياء السكنية ظاهرة عامة، تزخر بها العاصمة و مركز المدينة فكيف بضواحيها و مدنها و قراها الأخرى..؟؟
أما الشوارع الرئيسية فبعد انسداد الطرق و الوقوع في الحفر و كثرة الحوادث و الاختناقات المرورية و البحث عن بدائل في الحصى و الصخور، و كل تلك السنوات من الإغلاق و الهدم و الردم و البناء إلا أن شوارعنا التي ولدت أخيرا ليست في المستوى المطلوب، ضيقة و مسارين أو ثلاثة فقط و عادية، و سرعان ما تملؤها المطبات التي تزرع كالألغام فيها قبل أن تتسلل إليها الأمراض المعهودة، التشقق و ظهور سدادات المجاري، المهم.. فرق كبير بينها و بين شوارع مدن خليجية كالكويت و الإمارات، باتساعها لأربع مسارات ذهابا و أخرى إيابا ، بالإنفاق الواسعة العجيبة، بالجسور الضخمة الباسقة بشموخ، بعدم تضييقها بالانتر لوك الذي يأكل الشوارع و يترك الساحات بين البيوت للحصى و التراب الذي يعرقل المارة و يلوث الناس بالطين أثناء الأمطار.
عندما نزور باريس أو فيينا أو غيرهما من المدن الأوروبية فأنها لا تتغير سواء أزرتها من مائة سنة أو اليوم، نفس المباني و الشوارع و المعالم التي تجدد و تتعرض للصيانة، و تحتفظ بهيكلها و شكلها و ربما لونها نفسه، لا شيء يتبدل و كأن الزائر لم يفارق المدينة.
بينما تغيرت قطر بشكل لا يتعرف عليه حتى مواطنيها فكيف بزائريها، نعم للتعمير و التطوير و البناء و لكن بشكل مدروس و يدرك أبعاد عمله، و ليس بتكسير الشارع و إعادة رصفه ثم تحطيمه من جديد، أين المهندسين و الخبراء..؟؟ من الذي يخطط و يضع التصورات..؟؟ ثم تأتي كيوتل لتخرب لتضع خدماتها ثم كهرماء..؟؟ و كأن الشوارع بيد مجموعة هواه ملكت بعض المعلومات و سعت لتطبيقها و ليس تحت إدارة شبكة موظفين يحملون المؤهلات و الخبرات العالية، و عليهم عدم الموافقة على تنفيذ المشاريع قبل أتمام مناقشتها، و إسقاط علمهم و تخصصهم و مسئوليتهم و إدراكهم لمجمل العملية التي يقومون بها، لأنها ليست خاصة و لكنها حكومية و تستهلك المليارات و تقف وراءها شركات و خبرات و إدارات من المفترض أن تكون لها بصماتها المميزة و انجازاتها الناجحة، و ليست متدربة و جامعة مناقصات و مستعينة بعمالة غير مدربة و مستهلكة لمواد رخيصة، و معتمدة على تصورات بلا تجارب سابقة، و تفتقد التمويل و القدرات الفنية لإكمال تعاقداتها كما حدث مع مشروع الصناعية.
ان نية تطوير الأحياء و إعادة هيكلتها تحتاج إلى وجود خبرات و عقول مبتكرة و ذات ضمير تحفظ ما يبقى للوطن، حتى لا تذروه الرياح و الأمطار و الغش الواضح للعيان.