المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوحدة النقدية الخليجية ستخلق كتلة قوامها تريليونا دولار



مغروور قطر
28-05-2009, 08:11 PM
الوحدة النقدية الخليجية ستخلق كتلة قوامها تريليونا دولار
الأقتصادية 28/05/2009
سيطر ملف الاتحاد النقد الخليجي على أعمال اللقاء الـ 17 لجمعية الاقتصاد السعودية الذي انطلقت أولى جلساته أمس في الرياض، والذي كان له النصيب الأكبر من المناقشات على مستوى الحضور والمشاركين، حيث خصص لهذا المحور خمس أوراق عمل من أصل 16 ورقة، وهو ما يعكس أهمية هذا الملف.

وأكد الدكتور سالم آل قظيع من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، أن توجه دول المجلس لتحقيق الاتحاد النقدي ليس أمرا وليد اللحظة أو تقليدا أعمى، بل فكرة خالدة ضمن أسس مجلس التعاون، وأحد أضلاع "مظلة" التكامل بين دول المجلس، كما أنها حاجة ملحة إلى تتويج التكامل الاقتصادي بين دول المجلس واستيفاء اشتراطات المواطنة الخليجية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الاتحاد النقدي كمشروع استراتيجي لا يقوم بهدف تحقيق بعض المكاسب اللحظية، وإنما يرتكز على المكاسب الاستراتيجية (السياسية والاقتصادية).

وذكر آل قظيع في ورقة عمل حول الاتحاد النقدي لدول الخليج أن هناك عددا من المكاسب الإستراتيجية للوحدة النقدية وهي تشمل: تحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية، خلق كتلة اقتصادية قوية (تريليونا دولار في عام 2020م)، تحسين كفاءة السياسات الاقتصادية، تحسين البنية المؤسسية الاقتصادية، الرفع من معدلات التبادل التجاري، ورفع الميزة التنافسية للدول الأعضاء. قليل من الإيجابيات

في المقابل قلل الدكتور عبد الرحمن السلطان أستاذ الاقتصاد المشارك في قسم الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، من أهمية إصدار دول مجلس التعاون الخليجي لعملة موحدة، معتبرا أن هذه الخطوة غير مهمة ولا تؤثر كثيراً في مسيرة التكامل الخليجي، إذ إن الاتحاد النقدي بين دول المجلس لا يعني بالضرورة إصدارها عملة موحدة، ويمكن أن يقوم هذا الاتحاد بمجرد اتفاق دول المجلس على مثبت مشترك بأسعار صرف متعذر تغييرها، وأن تكون مكفولا لعملاتها الوطنية حرية التحويل والحركة والتداول دون قيد أو شرط ودون تكاليف إضافية.

وقال الدكتور السلطان في ورقته التي كانت أكثر تفصيلا لموضوع الوحدة النقدية إن خطوة إصدار عملة موحدة مختلفة جذرياً عن خطوات التكامل الاقتصادي السابقة كون تكاليفها تفوق كثيراً منافعها باعتبار أن دول المجلس لا تمثل منطقة عملة مثلى ولا تستوفي أيا من معاييرها، مشيرا إلى أن دول المجلس كانت تتمتع فعلاَ باتحاد نقدي حتى أيار (مايو) 2007، أي حتى قيام الكويت بإعادة ربط الدينار الكويتي بسلة عملات بدلاً من ربطه بالدولار كغيرها من دول المجلس، ويمكن أن يتحقق هذا الاتحاد النقدي من جديد من خلال اتفاق دول المجلس مرة أخرى على مثبت مشترك.

وبين الدكتور السلطان أن عدم اكتفاء دول المجلس بهذا الخيار العملي سهل التطبيق والأكثر مناسبة لواقعها الاقتصادي وتبنيها الخيار الأصعب الذي يتطلب التزامها بمعايير يتعذر التقيد بها مع تغير الظروف الاقتصادية ويتسبب في إضعاف قدرة دول المجلس على إدارة اقتصاداتها بما يخدم مصالحها الحقيقية أمر غير مبرر خاصة في ظل محدودية بل وحتى غياب المنافع الاقتصادية من ذلك.

ويرى الدكتور السلطان أنه بدلاً من هدر كل هذه الجهود لإصدار عملة موحدة في منطقة تفتقر إلى أدنى معايير منطقة العملة المثلى فإن الأولى التركيز على استيفاء مراحل التكامل الاقتصادي الأدنى، منطقة التجارة الحرة، الاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة، والتي ما زالت تواجهها الكثير من العقبات التي تعوق تطبيقها بشكل فاعل وكفء، الأمر الذي سيخدم اقتصادات دول المجلس ويزيد من قوة ومتانة تكاملها الاقتصادي، باعتبارها خطوات لا تمثل تكاليف إضافية على اقتصاداتها، ومنافعها تنمو وتزداد بشكل مستمر مع مرور الوقت.

ولفت الدكتور السلطان إلى أن عدم وضوح الرؤية حول مستقبل العملة الموحدة يؤثر سلباً في الاستقرار الاقتصادي والبيئة الاستثمارية في دول المجلس ويحد من قدرة السلطات النقدية والمالية في دول المجلس على إجراء إصلاحات قد تكون مطلوبة بإلحاح وضرورية يتم تأجيلها تحسباً لإصدار العملة الموحدة، ما ينعكس سلبا على كفاءة أداء السياسات الاقتصادية في دول المجلس. وفيما يتعلق بجدوى مشروع العملة الخليجية الموحدة أوضح أستاذ الاقتصاد المشارك في قسم الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن دول مجلس التعاون الخليجي لا تنطبق عليها أي من معايير منطقة العملة المثلى، ما يعني محدودية جدوى قيام أي شكل من أشكال الاتحاد النقدي فيما بينها، الأمر الذي يملي بالضرورة محدودية منافع وارتفاع تكاليف انتقالها من اتحاد نقدي قائم على مثبت مشترك إلى اتحاد نقدي يقوم على عملة موحدة.

من جانبه تحدث معاوية أحمد حسين من جامعة ظفار العمانية، حول الاستثمار الأجنبي المباشر وأثره في النمو والتكامل الاقتصادي الخليجي، مؤكدا عدم حاجة دول مجلس التعاون إلى رساميل أجنبية للاستثمار فيها نظرا لوفرة الرساميل بفضل ارتفاع أسعار النفط. لكن قال إن دول الخليج تحتاج إلى نوع من الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يمثل فيه المستثمرون الأجانب كناقل للتكنولوجيا الجديدة، الخبرات الإدارية، خدمات التوزيع، ومعلومات بشأن الأسواق الخارجية.

وقال: "إذا رغبت دول المجلس في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فإن الأدلة التجريبية، سواء كانت دراسات الاقتصاد القياسي أو مسوحات المستثمرين، تشير إلى حاجتها إلى تحسين البنى التحتية، تبسيط القوانين والتشريعات، تعزيز مناخ الأعمال والاستثمار، تقوية استقرار الاقتصاد الكلي، إنشاء مناطق صناعية حرة تتمتع بالحرية الاقتصادية وتسهل فيها ممارسة الأعمال لجذب شركات أكثر والدخول في تكامل إقليمي أوسع".

وأفاد معاوية حسين أن نظام بيئة الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي تهيمن عليه الشركات العائلية، ما يعني أن المعاملات المالية ليست تعاملا دائما بالشفافية المطلوبة، لذلك لا يتم تسجيلها رسميا كتدفقات استثمارات أجنبية مباشرة عندما تكون كذلك. هذا إضافة إلى ضعف قاعدة البيانات الوطنية للاستثمارات الأجنبية المباشرة.

تجارة السلع الغذائية في السوق الخليجية

وقدم كل من الدكتور محمد سيد شحاته والدكتور محمد إبراهيم النعيم من كلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل، دراسة تحليلية لتجارة السلع الغذائية في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي استخلصا منها مجموعة من التوصيات، شملت ضرورة اهتمام دول المجلس بتوجيه التنمية الزراعية في حدود الموارد الزراعية المتاحة نحو مجموعات السلع الغذائية ذات الأهمية النسبية سواء في الواردات أو الصادرات، وكذلك العمل على زيادة التكامل بين دول المجلس في القطاع الزراعي، بما يتاح من موارد زراعيه ، لتخفيض الواردات أو زيادة الصادرات من السلع الزراعية خاصة الغذائية. كما شملت التوصيات أيضا استخدام التقنيات الحديثة المختلفة في مجال الإنتاج الزراعي حتى يمكن زياد ة الإنتاج وتحقيق أقصى كفاءة ممكنة من الموارد الزراعية المتاحة المحدودة، إضافة إلى التوسع في التصنيع الغذائي لما يحققه من قيمة مضافة للمنتجات الزراعية وتحقيق استغلال أفضل للموارد، إلى جانب إعطاء أهميه أكثر لمجال الإنتاج السمكي في ظل عدم كفاية الإنتاج عن تلبية احتياجات الأفراد في أغلب دول المجلس، على الرغم ما تتسم به كل دول المجلس من وجودها على سواحل بحرية.

تحليل الآثار الاقتصادية للأزمة المالية

وقدم الدكتور هشام حنضل عبد الباقي من قسم الاقتصاد والتمويل في كلية إدارة الأعمال في جامعة البحرين، تحليلا للآثار الاقتصادية للأزمة المالية العالمية في دول المجلس، مشيرا إلى أن الأزمة المالية العالمية مارست آثاراً سلبية في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال الآثار الانكماشية الناجمة عنها وإن اختلفت من دولة لأخرى لعوامل داخلية اقتصادية وغير اقتصادية. وقال عبد الباقي إن تلك الآثار تمثلت في القطاعين المالي والحقيقي، حيث ساعدت الاحتياطيات الكبيرة من العملات الأجنبية التي حققتها دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأعوام الماضية في زيادة قدرتها على تحمل آثار الأزمة المالية من ناحية وقدرتها على اتخاذ سياسات توسعية من خلال ضخ السيولة لامتصاص الآثار الانكماشية للأزمة من ناحية أخرى. ولفت الدكتور عبد الباقي إلى أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دول مجلس التعاون أدت إلى تخفيف حدة آثار الأزمة المالية في اقتصاداتها، ومع السياسات التوسعية المتبعة في دول المجلس يجب اتخاذ إجراءات احترازية للآثار التي ستنجم عن السياسات التوسعية المنفذة حالياً في دول المجلس، حيث إنها ستؤدي إلى زيادة معدلات التضخم وانخفاض مستويات الفائدة، ما يؤدي إلى انخفاض معدلات الفائدة الحقيقية، وما يصاحب ذلك من تدني الحافز على الادخار، فضلا عن أن معظم الأرصدة المستخدمة في عمليات المضاربة بعملات دول المجلس تم سحبها مع تحسن وضع الدولار. وألمح الدكتور هشام عبد الباقي في نهاية حديثه أن القطاع الاقتصادي الخليجي يعاني غياب الشفافية من جانب الحكومات بخصوص حجم الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية.

مخاطر ومكاسب فك الارتباط

وتحدث الدكتور زايري بلقاسم بن الشيخ من كلية العلوم الإدارية جامعة وهران في الجزائر، عن المخاطر والمكاسب المتوقعة في حالة فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الدروس والاستنتاجات المفيدة لدول مجلس التعاون في هذا الشأن.

وقد شملت هذه الدروس ضرورة وجود حرية أكبر في اختيار نظم وترتيبات سعر الصرف، إذ إن المنطقة تتعرض للعديد من الصدمات الحقيقية من قبيل أسعار النفط المتذبذبة والاعتماد الاقتصادي الكبير على دخل النفط والغاز والصادرات، مما يستدعي قدرا أكبر من مرونة أسعار الصرف الاسمية والحقيقية عوضا عن ترتيبات ربط لا تستند إلى معايير اقتصادية ومالية سليمة.

التأكيد على أهمية سعي الدول الخليجية إلى إيجاد عملة ارتكاز إذ يؤكد التحليل الاقتصادي والأدلة التجريبية أن سلة من العملات (اليورو والدولار) ستكون أفضل لمعظم دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى وجوب أن تعزز دول المجلس استقلال بنوكها المركزية من خلال قوانين جديدة وإصلاحات مؤسسية تؤدي إلى تكوينات نقدية تفضل استقرار الأسعار".

وقال: "ينبغي أن تستهدف تعزيز الروابط بين البنوك المركزية في المنطقة عن طريق عملية مخطط لها لتكامل نظم الدفع وتوسيع رقعة منطقة اليورو لكي تشمل جميع الدول العربية، إضافة إلى إعطاء أولوية إلى تطوير الأسواق المالية". وزاد: "يجب توجيه جزء من النفقات الحكومية المخصصة لمشاريع البنية التحتية ودعم الأنشطة الاقتصادية الأخرى التي تسهم حاليا في الضغوط التضخمية نحو رفع مستوى إنتاجية المواطنين جنبا إلى جنب مع تخفيف اختناقات العرض".

وأشار بن الشيح إلى أن أفضل طريق للحد من التضخم في ظل أسعار الصرف المربوطة في كثير من هذه الدول هو الانفتاح والمرونة في أسواق السلع والعمل، إلى جانب توسيع الطاقة الاستيعابية. وأفاد بن الشيح أن من بين أهم التحديات التي تواجهها دول الخليج هو إدارة تدفقات النقد الأجنبي الكبيرة الوافدة إليها، وترسيخ استمرارية المالية العامة والحسابات الخارجية في بعض هذه الدول، وتطوير القطاع المالي، وتشجيع التنوع الاقتصادي، وخاصة عن طريق تهيئة الظروف لقيام قطاع خاص ديناميكي.

وقال: "إنه مع زيادة نصيب الصادرات غير النفطية والتنوع في الأصول غير الدولارية عبر الوقت، قد يكون من المستصوب لاتحاد عملة مجلس التعاون الخليجي التحرك صوب سياسة سعر صرف أكثر مرونة وقد يصبح الربط إلى سلة من الدولار واليورو ترتيبا مؤقتا صوب سياسة سعر صرف أكثر مرونة في المستقبل".

وأشار بن الشيح إلى أنه لا يمكن ضمان الاستقرار الخارجي وأيضا تحقيق القدرة التنافسية الخارجية باستخدام أداة واحدة، ألا وهي اختيار نظام لسعر الصرف، فتحقيق تلك الأهداف للسياسة يتطلب استخدام أدوات إضافية وعلى قدر كبير من الأهمية، ستؤدي سياسات الأجور والأسعار دورا مهما في تحقيق القدرة التنافسية في الأسواق الدولية.

وقد تتطلب أيضا الحاجة إلى توظيف قوة عاملة من السكان المواطنين تستطيع منافسة العمالة الأجنبية، وقد تتطلب ذلك درجة كبيرة من مرونة الأجور إلى جانب استراتيجية استثمار تدعم الإنتاجية، بغية ضمان القدرة التنافسية للصادرات غير النفطية في الأسواق الدولية.