المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العثمانيون القوة الرائدة في العالم الإسلامي .. واسباب سقوطها !



هدهد سليمان
30-05-2009, 08:41 PM
http://www.dimashkiat.com/celebrities/images/demap03.jpg

بعض عملات الدوله العثمانيه

http://www.monety.banknoty.pl/banknotes/turkey/TurkeyP36-20Kurush-AH1277(1861)-donatedms_f.jpg

http://www.monety.banknoty.pl/banknotes/turkey/TurkeyP36-20Kurush-AH1277(1861)-donatedrs_b.jpg

http://www.monety.banknoty.pl/banknotes/turkey/TurkeyP69-1Pound-L1331(1915)-donatedrs_f.jpg

http://www.monety.banknoty.pl/banknotes/turkey/TurkeyP105-25Livres-AH1333(1917)-donatedmilosr_f.jpg

بداية السلطنة العثمانية (699-726)هـ/1299-1326م

السلطان عثمان الأول وُلد في بلدة سُغُوْت (Sogüt) إحدى البلاد التابعة لمدينة (يني شهر) سنة 656 هـ/ 1258م ، وعندما مات السلطان علاء الدين السلجوقي ، أعلن سلطنته فأتاه أمراء الدولة السلجوقية ، ودخلوا تحت حمايته ، ونصبوه سلطانا على الأناضول ، فاتخذ مدينة يني شهر عاصمة له ، وأستمر في الحروب لمدة سبع سنوات، وغزا الكثير من قلاع الروم البيزنطيين، وغزا مدينة كبري حصار، وقلعة أزنيق الشهيرة، وهاجت الجيوش البيزنطة على يني شهر عاصمة العثمانيين ، فتصدى لهم السلطان عثمان على رأس جيشه بجوار قلعة قيون حصار وهزمهم ثم اقتفى أثرهم حتى موقع ديمبوز ، فقتل أمير مدينة كستل البيزنطي ، وهرب بقية الأمراء البيزنطيين نحو بورصة والقسطنطينية ، وشيد السلطان عثمان قلعتين بالقرب من مدينة بروسه سنة 717 هـ/ 1317م وأقام في إحداهما ابن أخيه آق تيمور قائداً ، وفي الأخرى بلبانجق أحد مماليكه قائداً ، وحاصر بروسه ، وترك ولده السلطان أورخان وكوسه ميخال وصالتق ألب للمحافظة على البلاد وحاصر قلعة قره ، ثم غزا السلطان عثمان قلعة لبلبنجي ، وقلعة جادرلق ، ويكينجه حصار ، وآق حصار ، وتكفور، ثم أرسل الغازي أورخان والغازي عبد الرحمن وغيرهما إلى قلعة قره جيش ، فإستولوا عليها ، وتابع السلطان غزواته نحو مدينة أزميد ، (قوجة إيلّي) وحينذا غزا الغازي عبد الرحمن مدينة أزنيق ( نيقيا). وعزم السلطان عثمان غازي على غزو بروسه سنة 726 هـ/ 1326م، وعين ابنه أورخان بك قائداً لجيوش الغزو ، واستولى على جبل أولمبة (أولو داغ) قرب بورصة (بروسة) ثم غزا بورصة، و مرض السلطان عثمان، فقام بزيارته ابنه الغازي أورخان، وتوفى السلطان عثمان الأولوهو يبلغ من العمر 70سنة ، توفي في 17 أو 20 رمضان سنة 726هـ/ 1326م، وقد غزا عثمان أراضى البيزنطيين وضمها إلى أملاكه حتى بلغت ستة عشر ألف كيلومتر غداة وفاته سنة 724 هـ/ 1324م ، ومدة سلطنته 27 سنة، ودفن في تربته الخاصة في بروسة (بورصة) وتسلطن بعده ابنه الغازي في سبيل الله أورخان فأوكل إدارة شؤون الإدارة لأخيه علاء الدين ، ووُلد لأورخان في تلك السنة ابنه مراد الأول.

و تذكر المصادر ان طغرل ساعد الامير علاء الدين السلجوقي في احدي حروبه فأعجب بشجاعته فاقطعه ارضا تابعه للدوله السلجوقيه فاقام فيها امارته و كانت المنطقه بها عده إمارات تركمانيه اخري هربت من الغزو المغولي الي منطقه شرقي الاناضول.

هدهد سليمان
30-05-2009, 08:45 PM
توسع العثمانيين في آسيا الصغرى
وسع عثمان حدود السلطة حتى بلغ البحر الاسود . تولى الزعامة أبنه أورخان سنة 1326م الذي أسس بنية الجيش الأنكشاري.
توسّع العثمانيين في أوروبا
توفي أورخان سنة 1359م فخلفه ابنه مراد الأول الذي هاجم شبه جزيرة البلقان وأستولى على أدرنة وقد قتل بعد أن تغلب على الصرب والبلغار في معركة قوصوه (معركة كوسوفو) سنة 1389م.
تغلب بايزيد الأول على التحالف الأوروبي الصليبي في معركة نيقوبولس 1396 م ضم شرق صوفيا عاصمة بلغاريا.
حاولوا غزو جنوب إيطاليا سنوات 1480/1481م.
التوسع بالعالم الإسلامي
أصبح العثمانيون القوة الرائدة في العالم الإسلامي. وانتصر السلطان سليم الاول (1512-1520 م) على الصفويين في معركة جالديران مما مكنه من السيطرة على العراق و أذربيجان عام 1514م، ثم بلاد الشام وفلسطين عام 1516م بمعركة مرج دابق، واستولى على مصر بعد معركة الريدانية عام 1517 م. وبلغت الدولة أوجها في عهد ابنه سليمان القانوني (1520-1566 م) الذي واصل غزو البلقان (المجر عام 1519م، ثم حصار فيينا)، وفي عام 1532م، استولى بعدها على الساحل الصومالي من البحر الأحمر واستطاع بناء اسطول بحري لبسط سيطرته على البحر المتوسط بمساعدة خير الدين بربروس الذي قدم ولاءه للسلطان (بعد 1552 تم اعلان إنضمام الدول الثلاث الجزائر تونس وطرابلس إلى الدولة العثمانية : وذلك بطلب من الجزائر التي كان لها حكم ذاتي في تصرفها عندما طلب خير الدين بربروس العام 1518 المساعدة من الأستانة عقب مقتل أخيه بابا عروج من طرف الإسبان الذين احتلوا مدينة وهران وبعدها شواطئ تلمسان ومستغانم و تنس ودلس وبجاية حيث أخضعت طرابلس في حدود عام 1551م). فأصبحت الدولة تمتد على معظم ما يشكل اليوم الوطن العربي باستثناء وسط الجزيرة ومراكش وعُمان بإلإضافة إلى امتدادها في وسط آسيا وجنوب شرق أوروبا

هدهد سليمان
30-05-2009, 08:59 PM
أصولهم ونشأة الدولة
ينحدر العثمانيون من قبائل الغز (أوغوز) التركمانية، مع موجة الغارات المغولية تحولوا عن مواطنهم في منغوليا إلى ناحية الغرب. أقامو منذ 1237 م إمارة حربية في بتيينيا (شمال الأناضول، و مقابل جزر القرم). تمكنوا بعدها من إزاحة السلاجقة عن منطقة الأناضول. في عهد السلطان عثمان الأول كما اسلفنا ذكره سابقا والذي حملت الأسرة اسمه، ثم خلفاءه من بعده، توسعت المملكة على حساب مملكة بيزنطة (فتح بورصة: 1376 م، إدرين: 1361 م). سنة 1354 م وضع العثمانيون أقدامهم لأول مرة على أرض البلقان. كانت مدينة غاليبولي (في تركية) قاعدتهم الأولى. شكل العثمانيون وحدات خاصة عرفت باسم الإنكشارية (كان أكثر أعضاءها من منطقة البلقان). تمكنوا بفضل هذه القوات الجديدة من التوسع سريعا في البلقان و الأناضول معا (معركة نيكبوليس: 1389 م). إلا أنهم منوا بهزيمة أمام قوات تيمورلنك في أنقرة سنة 1402 م. تلت هذه الهزيمة فترة اضطرابات و قلائل سياسية. استعادت الدولة توازنها و تواصلت سياسة التوسع في عهد مراد الثاني (1421-1451 م) ثم محمد الفاتح (1451-1481 م) والذي استطاع أن يفتح القسطنطينية سنة 1453 م و ينهي بذالك قرونا من التواجد البيزنطي المسيحي في المنطقة.

swedan_qatar
30-05-2009, 09:01 PM
موضوع شيق متابع يعطيك العافيه

هدهد سليمان
30-05-2009, 10:04 PM
لا شك أن الدولة العثمانية لم تسلم من أخطاء بل أخطاء فادحة،كانت سببًا في زوال الدولة: وإن من يدرس ، بإنعام نظر ، كل سبب من هذه الأسباب التي سوف تذكر.. لا يعجب من انهيار هذه الدولة العظيمة تحت سياط هذه الضربات بل يعجب كيف استطاعت أن تعيش ستمائة سنة وهي تتحمل هذه الضربات القاسية ….

وحقق الله على أيديهم هزيمة قادة الكفر والتآمر على بلاد المسلمين وارتجفت أوروبا خوفاً وفزعاً من بعض قادتهم أولئك كانت الروح الإسلامية عندهم عالية . . وكانت روح الانضباط التي يتحلى بها الجندي عاملاً من عوامل انتصاراتهم وهي التي شجعت محمد الثاني على القيام بفتوحاته .
وكانت غيرتهم على الإسلام شديدة وكثر حماسهم له لقد بدأوا حياتهم الإسلامية بروح طيبة وساعدتهم الحيوية التي لا تنضب إذ أنهم شعب شاب جديد لم تفتنه مباهج الحياة المادية والثراء ولم ينغمس في مفاسد الحضارات المضمحلة التي كانت سائدة في البلاد التي فتحوها ولكنهم استفادوا منها فأخذوا ما أفادهم وكانت عندهم القدرة على التحكم والفتح والانتصار وقد أتقنوا نظام الحكم وخاصة في عصر الفاتح ، إذ كان هناك نظام وضع لاختيار المرشحين لتولى أمور الدولة بالانتقاء والاختيار والتدريب والثقافة كما كانوا يشدد ون في اختيار من تؤهله صفاته العقلية والحسية ومواهبه الأخرى المناسبة لشغل الوظائف وكان السلطان رأس الحكم ومركزه وقوته الدافعة وأداة توحيده وتسييره وهو الذي يصدر الأوامر المهمة والتي لها صبغة دينية وكان يحرص على كسب رضاء الله وعلى احترام الشرع الإسلامي المطهر فكان العثمانيون يحبون سلاطينهم مخلصين لهم متعلقين بهم فلم يفكروا لمدة سبعة قرون في تحويل السلطة من آل عثمان إلى غيرهم .ولكن الأمور لم تستمر على المنهج نفسه والأسلوب الذي اتبعوه منذ بزوغ نجمهم في صفحات التاريخ المضيء فقد بدأ الوهن والضعف يزحف إلى كيانهم .

صور سلاطين الدولة العثمانيه
http://www.sfari.com/photo/data/19/119315624_6ddfe58c12_o.jpg

هدهد سليمان
31-05-2009, 08:28 AM
وحقيقة الدولة العثمانية والأسس التي قامت عليها كحماية الأماكن المقدسة الإسلامية من مخططات الصليبية البرتغالية، ومناصرة أهالي الشمال الأفريقي ضد الحملات الصليبية الإسبانية وغيرها، وإيجاد وحدة طبيعية بين الولايات العربية ، وإبعاد الزحف الاستعماري عن ديار الشام ومصر، وغيرها من الاراضي الاسلامية، ومنع انتشار المذهب الاثنى عشري الشيعي الرافضي الى الولايات الاسلامية التابعة للدولة العثمانية ومنع اليهود من استيطان فلسطين، ودورها في نشر الاسلام في أوروبا وستحدث في هذا البحث عن سلبيات الخلافة العثمانية ، والتي كان لها الأثر في إضعاف الحكم، كأهمال اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم والحديث الشريف في أخر عهدها، وعدم الوعي الاسلامي الصحيح، وانحرافها عن شرع الله تعالى وتأثرها بالدعوات التغريبية، وسنتكلم عن حقيقة الصراع بين الحركة الوهابية والدولة العثمانية، وعن الدور المشبوه الذي قام به محمد علي لصالح بريطانيا وفرنسا في ضربه للتيار الاسلامي في مصر، والحجاز ، والشام، وعن حركته التغريبية التي كانت خطوة نحو الإنسلاخ عن المبادئ الاسلامية الأصيلة ويتحدث عن الدعم الماسوني الذي كان خلف سياسات محمد علي المدمرة للأمة الاسلامية ويوضح الكتاب والمرجع الذي اقتنصت منه هذه العبارات أن محمد علي كان مخلباً وخنجراً مسموماً استعمله الأعداء في تنفيذ مخططاتهم ولذلك وقفوا معه في نهضته العلمية ، والاقتصادية والعسكرية بعد أن أيقنوا بضعف الجانب العقدي والإسلامي لديه ولدى أعوانه وجنوده، وكيف ترتب على دور محمد علي في المنطقة بأسرها أن تنبهت الدول الأوروبية الى مدى الضعف الذي أصبحت عليه الدولة العثمانية، وبالتالي استعدادها لتقسيم أراضيها حينما تتهيأ الظروف السياسية.

هدهد سليمان
31-05-2009, 09:10 AM
لم يتورع المؤرخون الأوروبيون واليهود والنصارى والعلمانيون الحاقدون بالهجوم على تاريخ الدولة العثمانية، فأستخدموا أساليب، الطعن والتشويه والتشكييك فيما قام به العثمانيون من خدمة للعقيدة والاسلام، وسار على هذا النهج الباطل أغلب المؤرخين العرب بشتى انتماءاتهم واتجاهاتهم، القومية ، والعلمانية، وكذلك المؤرخون الأتراك الذين تأثروا بالتوجه العلماني الذي تزعمه مصطفى كمال، فكان من الطبيعي أن يقوموا بإدانة فترة الخلافة العثمانية، فوجدوا فيما كتبه النصارى واليهود ثروة ضخمة لدعم تحولهم القومي العلماني في تركيا بعد الحرب العالمية الأولى.
كان الموقف من التاريخ العثماني بالنسبة للمؤرخ الأوربي بسبب تأثره بالفتوحات العظيمة التي حققها العثمانيون، وخصوصاً بعد أن سقطت عاصمة الدولة البيزنطية (القسطنطينية) وحولها العثمانيون دار إسلام واطلقوا عليها اسلام بول (أي دار الاسلام) ، فتأثرت نفوس الأوربيين بنزعة الحقد والحقد والمرارة المورثة ضد الاسلام فأنعكست تلك الأحقاد في كلامهم وافعالهم ، وكتابتهم وحاول العثمانيون مواصلة السير لضم روما الى الدولة الاسلامية ومواصلة الجهاد حتى يخترقوا وسط اوروبا ويصلوا الى الاندلس لإنقاذ المسلمين فيها، وعاشت أوروبا في خوف وفزع وهلع ولم تهدأ قلوبهم إلا بوفاة السلطان محمد الفاتح.
وكان زعماء الدين المسيحي من قساوسة ورهبان وملوك يغذون الشارع الأوروبي بالأحقاد والضغائن ضد الاسلام والمسلمين ، وعمل رجال الدين المسيحي على حشد الأموال والمتطوعين لمهاجمة المسلمين (الكفرة على حد زعمهم) البرابرة، وكلما انتصر العثمانيون على هذه الحشود ازدادت موجة الكره والحقد على الاسلام وأهله، فأتهم زعماء المسيحيين العثمانيين بالقرصنة، والوحشية والهمجية، وعلقت تلك التهم في ذاكرة الأوروبيين.
لقد كانت الهجمات الأعلامية المركزة من زعماء المسيحية بسبب الحفاظ على مكاسبهم السياسية والمادية، وكرههم للإسلام وأهله، وبالفعل استطاعت بعض الاسر الحاكمة في أوروبا أن يتربعوا على صدور المجتمعات الأوروبية في الحكم فترة زمنية طويلة، وحققوا مكاسب ضخمة فأثروا ثراء كبير ونصبوا حول أنفسهم هالة كبيرة اعتمدت في مجملها على الضلال والتضليل .
ومع أن المجتمعات الأوروبية ثارت على هذه الفئات، بعد أن اكتشفت ضلالها وتضليلها، مع بداية عصر النهضة ، وبداية مرحلة جديدة في التاريخ الأوروبي، إلا أنه لم يستطع وجدان المجتمع الاوروبي أن يتخلص من تلك الرواسب الموروثة من هذه الفئات تجاه العالم الاسلامي بشكل عام وتجاه الدولة العثمانية بشكل خاص. ولذلك اندفعت قواتهم العسكرية المدعومة بحضارته المادية للإنتقام من الاسلام والمسلمين، ونزع خيراتهم بدوافع دينية واقتصادية وسياسية وثقافية ، وساندهم كتابهم ومؤرخوهم، للطعن والتشويه والتشكيك في الاسلام وعقيدته وتاريخه، فكان نصيب الدولة العثمانية من هذه الهجمة الشرسة كبير.

هدهد سليمان
31-05-2009, 09:31 AM
وشارك اليهود الأوروبيون بأقلامهم المسمومة، وأفكارهم المحمومة في هذه الهجمات المتواصلة ضد الدولة العثمانية خصوصاً والاسلام عموماً، وازداد عداء اليهود للدولة العثمانية بعد أن فشلت كافة مخططاتهم في اغتصاب أي شبر من أراضي هذه الدولة لإقامة كيان سياسي لهم طوال أربعة قرون هي عمر الدولة العثمانية السنية، استطاع اليهود بمعاونة الصليبية والدول الاستعمارية الغربية ومن خلال محافلهم الماسونية أن يحققوا أهدافهم على حساب الأنظمة القومية التي قامت في العالم الغربي والاسلامي والتي وصفت نفسها بالتقدمية والتحضر واتهمت الخلافة العثمانية على طول تاريخها بالتخلف والرجعية والجمود والانحطاط وغير ذلك واعتبرت المحافل الماسونية ، والمنظمات الخفية التابعة لليهود والقوى العالمية المعادية للاسلام والمسلمين أن مسألة تشويه الفترة التاريخية للدولة العلية العثمانية من أهم أهدافها.
أما المؤرخون العرب فلم يكونوا افضل من مؤرخي الاوربيون منه في العالم الاسلامي فقد ساروا في ركب الاتجاه المهاجم لفترة الخلافة العثمانية مدفوعين الى ذلك بعدة أسباب يأتي في مقدمتها إقدام الاتراك بزعامة "مصطفى آتاتورك" على إلغاء الخلافة الاسلامية في عام 1924م، وأعقب ذلك إقدام الحكومة العلمانية التركية بالتحول الكامل الى المنهج العلماني في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على حساب الشريعة الاسلامية التي ظلت سائدة في تركيا منذ قيام الدولة العثمانية ، وتحالفت هذه الحكومة مع السياسة الأوروبية المعادية للدول الاسلامية والعربية، واشتركت سلسلة الاحلاف العسكرية الأوروبية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي رفضتها الشعوب العربية الاسلامية وبعض حكوماتها ، وقد كانت تركيا من أوائل الدول التي اعترفت بقيام الكيان السياسي الاسرائيلي في فلسطين عام 1948م مما جعل الشعوب العربية الاسلامية تندفع خلف حكوماتها القومية، بعد غياب الدولة العثمانية التي كانت تجاهد كل من تسول له نفسه بالاعتداء على شبر من أراضي المسلمين.

ويأتي سبب التبعية البحثية لمدرسة التاريخ العربي لتاريخ المنهجية الغربية كعامل هام في الاتجاه نحو مهاجمة الخلافة العثمانية ، خصوصاً بعد التقاء وجهات النظر بين المؤرخين الأوروبيين المؤرخين العرب حول تشويه الخلافة الاسلامية العثمانية.

ولقد تأثر كثير من مؤرخين العرب بالحضارة الأوروبية المادية، ولذلك اسندوا كل ماهو مضيء في تاريخ بلادهم الى بداية الاحتكاك بهذه الحضارة البعيدة كل البعد عن المنهج الرباني، واعتبروا بداية تاريخهم الحديث من وصول الحملة الفرنسية على مصر والشام وما أنجزته من تحطيم جدار العزلة بين الشرق والغرب، وما ترتب عليه بعد ذلك من قيام الدولة القومية في عهد محمد علي في مصر، وصحب ذلك اتجاهم لإدانة الدولة العثمانية التي قامت بالدفاع عن عقيدة الشعوب الاسلامية ودينها واسلامها من الهجمات الوحشية التي قام بها الأوروبيون النصارى.

هدهد سليمان
31-05-2009, 09:42 AM
لقد احتضنت القوى الأوروبية الاتجاه المناهض للخلافة الاسلامية وقامت بدعم المؤرخين والمفكرين في مصر والشام الى تأصيل الاطار القومي وتعميقه من أمثال البستاني واليازجي وجورج زيدان وأديب اسحاق وسليم نقاش وفرح انطوان وشبلي شميل وسلامة موسى وهنري كورييل وهليل شفارتز وغيرهم، ويلاحظ ان معظمهم من النصارى واليهود، كما أنهم في أغلبهم إن لم يكونوا جميعاً من المنتمين الى الحركة الماسونية التي تغلغلت في الشرق الاسلامي منذ عصر محمد علي والتي كانت بذورها الاولى مع قدوم نابليون في حملته الفرنسية.
لقد رأى اعداء الأمة الاسلامية أن دعم التوجه القومي والوقوف مع دعاته كفيل بتضعيف الأمة الاسلامية والقضاء على الدولة العثمانية.
واستطاعت المحافل الماسونية أن تهيمن على عقول زعماء التوجه القومي في داخل الشعوب الاسلامية، وخضع أولئك الزعماء لتوجيه المحافل الماسونية أكثر من خضوعهم لمطالب شعوبهم وبخاصة موقفها من الدين الاسلامي الذي يشكل الإطار الحقيقي لحضارة المسلم وثقافته وعلومه ولم يتغير هذا المنهج المنحرف لدى المؤرخين العرب بشكل عام بعد قيام الانقلاب العسكري في مصر سنة 1952م، حيث اتجهت الحكومة العسكرية في مصر منذ البداية، والتفت حولها أغلب الحكومات العسكرية الى دعم التوجه القومي، كما أن معظم هذه الحكومات ارتكزت على أسس اكثر علمانية في كافة الجوانب بما في ذلك الجانب الثقافي والفكري، فنظروا الى الخلافة العثمانية والحكم العثماني للشعوب الاسلامية والعربية بأنه كان غزواً واحتلالاً، واسندوا إليه كافة عوامل التخلف والضعف والجمود والانحطاط التي ألمت بالعالم العربي الأسلامي، واعتبروا حركات الانشقاق والتمرد التي قامت ابان الفترة العثمانية، والتي كان دافعها الاطماع الشخصية، أو مدفوعة من القوى الخارجية المعادية للخلافة الاسلامية ، اعتبروها حركات استقلالية ذات طابع قومي كحركة علي بك الكبير في مصر، والقرمانليين في ليبيا، وظاهر العمر في فلسطين، والحسينيين في تونس، والمعنيين والشهابيين في لبنان، وغير ذلك من أجل تأصيل الاتجاه القومي الذي طرحوه. بل زعموا أن محمد علي كان زعيماً قومياً حاول توحيد العالم العربي ، وأنه فشل بسبب أنه لم يكن عربي الجنس، وتناسوا أن محمد علي كان ذا أطماع شخصية، جعلته يرتبط بالسياسة الاستعمارية التي دعمت وجوده، وحققت به أهدافها الشريرة من ضرب الدولة السعودية السلفية ، واضعاف الخلافة العثمانية ، ومساندته المحافل الماسونية في ضرب القوى الاسلامية في المنطقة وتهيئتها بعد ذلك للاحتلال الغربي المسيحي الحاقد لقد تحالفت المحافل اليهودية الماسونية مع القوى الإستعمارية الغربية والقوى المحلية العميلة التي أمكن تطويعها من خلال أطماعها، والتقوا جميعاً في تدمير القوة الإسلامية ومصادرة حريات شعوبها وسلب خيراتها وإقامت حكم ديكتاتوري مدعوم بالسلاح الغربي الحديث وهو ما مثله محمد علي وقد شارك بعض المؤرخين السلفيين في المشرق العربي في الهجوم على الفترة العثمانية مدفوعين إلى ذلك بالرصيد العدائي الذي خلّفه دور الخلافة العثمانية ضد الدعوة السلفية في عديد من مراحلها بسبب مؤامرات الدول الغربية الإستعمارية التي دفعت السلاطين العثمانيين بالصدام بالقوة الإسلامية في نجد قلب الدعوة السلفية وكذلك لمساندة الخلافة للإتجاه الصوفي وبما يصاحبه من مظاهر تخل بالجوانب الأساسية للشريعة الإسلامية، فضلا عن أن دولة الخلافة في سنواتها الأخيرة قد سيطر عليها دعاة القومية التركية الذين ابتعدوا بها عن الالتزام بالمنهج الإسلامي الذي تميزت به الدولة العثمانية لفترات طويلة في تاريخها وشجع كافة المسلمين بالإرتباط بها وتأييدها والوقوف معها.

هدهد سليمان
31-05-2009, 09:51 AM
وأما المؤرخون الماركسيون فقد شنوا حرباً لاهوادة فيها على الدولة العثمانية واعتبروا فترة حكمها تكريساً لسيادة النظام الإقطاعي الذي هيمن على تاريخ العصور الوسطى السابقة، وأن العثمانيين لم يُحدثوا أي تطور في وسائل أو قوى الإنتاج، وأن التاريخ الحديث يبدأ بظهور الطبقة البورجوازية ثم الرأسمالية التي أسهمت في إحداث تغيير في الجوانب الإقتصادية والإجتماعية في بداية القرن التاسع عشر.

وأما المؤرخون الأتراك لم يكونوا اوفر حظا من غيرهم فهم الذين برزوا في فترة الدعوة القومية التركية فقد تحاملوا كثيراً على فترة الخلافة العثمانية سواء لمجاراة الاتجاه السياسي والفكري الذي ساد بلادهم والذي حمّل الفترة السابقة كافة جوانب الضعف والانهيار أو لتأثر الاتراك بالموقف المشين الذي بدت عليه سلطة الخلافة والتي اصبحت شكلية بعد الإطاحة بالسلطان عبدالحميد سنة 1909م حيث انهزمت في معارك متعددة عندما دخلت الحرب العالمية الأولى وترتب على تلك الخسائر ضياع كثير من أراضيها وتسليمها بتوقيع معاهدة سيفر سنة 1918م ، والذي في حقيقته هزيمة لرجال الاتحاد والترقي ، ونتيجة لسياستها، في حين استطاعت الحركة القومية بزعامة مصطفى كمال أن تنقذ تركيا من هذه الإهانة وتستعيد الكثير من الاراضي التركية وتجبر اليونان والقوى التي تساندها ، الى جانب تأثر المفكرين الأتراك بموقف بعض العرب الذين ساندو الحلفاء الغربيين إبان الحرب الأولى ضد دولة الخلافة وإعلان الثورة عليها سنة 1916م وبرغم تفاوت الأسباب وتباينها ألا أن كثير من المؤرخين ألتقوا على تشويه وتزوير تاريخ الخلافة الاسلامية العثمانية، لقد اعتمد المؤرخون الذين عملوا على تشويه الدولة العثمانية على تزوير الحقائق، والكذب والبهتان والتشكيك والدس ولقد غلبت على تلك الكتب والدراسات طابع الحقد الاعمى، والدوافع المنحرفة، بعيدة كل البعد عن الموضوعية، وأدى ذلك الى ظهور رد فعل اسلامي للرد على الإتهامات والشبهات التي وجهت للدولة العثمانية ولعل من أهمها وأبرزها تلك الكتابة المستفيضة التي قام بها الدكتور عبدالعزيز الشناوي في ثلاثة مجلدات ضخمة تحت عنوان "الدولة العثمانية دول اسلامية مفترى عليها" وبرغم الجهد الذي بذله ودافعه الاسلامي ، والموضوعية التي اتسم بها هذا العمل في أغلبه، إلا أنه لم يعالج كافة جوانب التاريخ العثماني وعليه بعض الملاحظات مثل حديثه عن حقيقة الإنكشارية والتي لاتثبت أمام البحث العلمي النزيه، ومن الجهود المشكورة في هذا الميدان ما قام به الباحث الكبير والاستاذ الشهير المتخصص في تاريخ الدولة العثمانية الدكتور محمد حرب الذي كتب للأمة الاسلامية بعض الكتب القيمة مثل؛ العثمانيون في التاريخ والحضارة، السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية وقاهر الروم، والسلطان عبدالحميد آخر السلاطين العثمانيين الكبار.

بيسان
31-05-2009, 09:55 AM
اخي هدهد
هل تستطيع استخلاص نتائج يمكن الاستفادة منها لوضعنا الراهن؟؟
هذا تاريخ عريق، بحاجة الى تفنيده لبنود لفهم المعادلة واعادة الصحوة الاسلامية

تقبل تحياتي

هدهد سليمان
31-05-2009, 10:00 AM
اخي هدهد
هل تستطيع استخلاص نتائج يمكن الاستفادة منها لوضعنا الراهن؟؟
هذا تاريخ عريق، بحاجة الى تفنيده لبنود لفهم المعادلة واعادة الصحوة الاسلامية

تقبل تحياتي


كل التقدير اخت بيسان للتعليق الطيب .. سبب كتابتي لهذا التاريخ هو رفع فكرة ان العثمانييون كانوا ظالمين او العصر العثماني كان عصرا ظالم وهو عصر الفتوحات وهناك سيل وكيل من التهم لهذه الحضاره وارتأيت ان انقل التاريخ دون نقص منه حتى لا ننقص من قيمة هذا الجوهر والرد ايضا على من ادعى انها حضاره او بالأصح تاريخ ظالم .. اتمنى اني اوصلت الفكره .. وان شاء الله سأحاول جهدي ان اختصر دون المساس بالجوهر .

الفتى
31-05-2009, 10:10 AM
موضوع متعوب عليه جزاك الله خير أخي الكريم صلحت الصورة اللي شوها الأعلام

هدهد سليمان
31-05-2009, 10:12 AM
إن التاريخ الاسلامي القديم والحديث علم مستهدف من قبل كل القوى المعادية للاسلام بإعتباره الوعاء العقدي والفكري والتربوي في بناء وصياغة هوية الشعوب الاسلامية.
وهكذا بدأ الأتراك منذ ذلك التاريخ في الظهور في أدوار هامة على مسرح التاريخ الاسلامي حتى أسسوا لهم دولة إسلامية كبيرة كانت على صلة قوية بخلفاء الدولة العباسية عرفت بالدولة السلجوقية لتبدأ مرحلة الضعف والصراع ولقد ظهر في زمن ألب أرسلان وملكشاه الوزير نظام الملك الذي يهمنا معرفة سيرته ودوره في قوة الدولة السلجوقية.

كان لظهور السلاجقة على مسرح الأحداث في المشرق العربي الاسلامي، أثر كبير في تغير الاوضاع السياسية في تلك المنطقة التي كانت تتنازعها الخلافة العباسية السنيّة من جهة، والخلافة الفاطمية الشيعية من جهة ثانية.
وقد أسس السلاجقة دولة تركية كبرى ظهرت في القرن الخامس للهجرة (الحادي عشر الميلادي) ، لتشمل خراسان وماوراء النهر وإيران والعراق وبلاد الشام وآسيا الصغرى. وكانت الري في إيران ثم بغداد في العراق مقر السلطنة السلجوقية، بينما قامت دويلات سلجوقية في خراسان ومارواء النهر (كرمان) وبلاد الشام (سلاجقة الشام) وآسيا الصغرى سلاجقة الروم، وكانت تتبع السلطان السلجوقي في إيران والعراق.

وقد ساند السلاجقة الخلافة العباسية في بغداد ونصروا مذهبها السنّي بعد أن أوشكت على الانهيار بين النفوذ البويهي الشيعي في إيران والعراق، والنفوذ العبيدي (الفاطمي) في مصر والشام. فقضى السلاجقة على النفوذ البويهي تماماً وتصدوا للخلافة العبيدية (الفاطمية).

السلطان (محمد) الملقب ألب أرسلان أي الأسد الشجاع:تولى ألب أرسلان زمام السلطة في البلاد بعد وفاة عمه طغرلبك، وكانت قد حدثت بعض المنازعات حول تولي السلطة في البلاد، لكن ألب أرسلان استطاع أن يتغلب عليها. وكان ألب أرسلان -كعمه طغرل بك- قائداً ماهراً مقداماً، وقد اتخذ سياسة خاصة تعتمد على تثبيت أركان حكمه في البلاد الخاضعة لنفوذ السلاجقة ، قبل التطلع الى أخضاع أقاليم جديدة، وضمها الى دولته. كما كان متلهفاً للجهاد في سبيل الله ، ونشر دعوة الاسلام في داخل الدولة المسيحية المجاورة له، كبلاد الأرمن وبلاد الروم، وكانت روح الجهاد الاسلامي هي المحركة لحركات الفتوحات التي قام بها ألب أرسلان وأكسبتها صبغة دينية، وأصبح قائد السلاجقة زعيماً للجهاد، وحريصاً على نصرة الاسلام ونشره في تلك الديار، ورفع راية الاسلام خفاقة على مناطق كثيرة من أراضي الدولة البيزنطية.
لقد بقي سبع سنوات يتفقد أجزاء دولته المترامية الأطراف، قبل أن يقوم باي توسع خارجي.

هدهد سليمان
31-05-2009, 10:21 AM
لقد أغضبت فتوحات ألب أرسلان دومانوس ديوجينس امبراطور الروم، فصمم على القيام بحركة مضادة للدفاع عن امبراطوريته. ودخلت قواته في مناوشات ومعارك عديدة مع قوات السلاجقة، وكان أهمها معركة (ملاذكرد) في عام 463هـ الموافق أغسطس عام 1070م .. قال ابن كثير: (وفيها أقبل ملك الروم ارمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والرخ والفرنج، وعدد عظيم وعُدد ، ومعه خمسة وثلاثون ألفاً من البطارقة، مع كل بطريق مائتا ألف فارس، ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفاً، ومن الغزاة الذين يسكنون القسطنطينية خمسة عشر ألفاً ، ومعه مائة ألف نقّاب وخفار( )، وألف روزجاري، ومعه أربعمائة عجلة تحمل النعال والمسامير، وألفا عجلة تحمل السلاح والسروج والغرادات والمناجيق، منها منجنيق عدة ألف ومائتا رجل، ومن عزمه قبحه الله أن يبيد الاسلام وأهله، وقد أقطع بطارقته البلاد حتى بغداد، واستوصى نائبها بالخليفة خيراً، فقال له : ارفق بذلك الشيخ فانه صاحبنا، ثم إذا استوثقت ممالك العراق وخراسان لهم مالوا على الشام وأهله ميلة واحدة، فاستعادوه من أيدي المسلمين ، والقدر يقول : {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} (سورة الحجر: الآية : 72). فالتقاه السلطان ألب أرسلان في جيشه وهم قريب من عشرين ألفاً، بمكان يقال له الزهوة، في يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة، وخاف السلطان من كثرة جند الروم، فأشار عليه الفقيه ابونصر محمد بن عبدالملك البخاري بأن يكون وقت الوقعة يوم الجمعة بعد الزوال حين يكون الخطباء يدعون للمجاهدين ، فلما كان ذلك الوقت وتواقف الفريقان وتواجه الفئتان ، نزل السطان عن فرسه وسجد لله عزوجل ، ومرغ وجهه في التراب ودعا الله واستنصره، فأنزل نصره على المسلمين ومنحهم اكتافهم فقتلوا منهم خلقاً كثيراً، وأسر ملكهم ارمانوس، أسره غلام رومي، فلما أوقف بين يدي الملك ألب أرسلان ضربه بيده ثلاثة مقارع وقال : لو كُنت أنا الأسير بين يديك ماكنت تفعل؟ قال : كل قبيح، قال فما ظنك بي؟ فقال: إما أن تقتل وتشهرني في بلادك، وإما أن تعفو وتأخذ الفداء وتعيدني. قال : ماعزمت على غير العفو والفداء. فأفتدى منه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار. فقام بين يدي الملك وسقاه شربة من ماء وقبل الأرض بين يديه، وقبل الأرض الى جهة الخليفة إجلالاً وإكراماً، وأطلق له الملك عشرة ألف دينار ليتجهز بها، وأطلق معه جماعة من البطارقة وشيعه فرسخاً، وأرسل معه جيشاً يحفظونه الى بلاده، ومعهم راية مكتوب عليها ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ).

http://www.gulfup.com/do.php?img=1667916
لقد كان نصر ألب أرسلان بجيشه الذي لم يتجاوز خمسة عشر ألف محارب على جيش الامبراطور دومانوس الذي بلغ مائتي ألف، حدثاً كبيراً، ونقطة تحول في التاريخ الاسلامي لأنها سهلت على اضعاف نفوذ الروم في معظم أقاليم آسيا الصغرى، وهي المناطق المهمة التي كانت من ركائز وأعمدة الامبراطورية البيزنطية.

هدهد سليمان
31-05-2009, 10:47 AM
http://www.islamonline.net/arabic/history/1422/06/images/pic02.gif

وهذه صوره لألب ارسلان .. رحمه الله
http://www.baglumlu.com/trb%C3%BCy%C3%BCkleri/meliksah.jpg

ملكشاه وفشله في توحيد الخلافة والسلطنة:
تولى السلطنة بعد ألب أرسلان ابنه ملكشاه وعارضه عمه قاورد بن جفري حاكم سلاجقة كرمان وطالب بالسلطنة ووقع الصدام بينهما قرب همذان حيث انهزم قارود وقتل وبذلك سيطر ملكشاه على دولة سلاجقة كرمان عين عليها سلطان شاه بن ألب أرسلان سنة 465هـ/1073م. واتسعت الدولة السلجوقية في عهد السلطان ملكشاه لتبلغ أقصى أمتداد لها من أفغانستان شرقاً الى آسيا الصغرى غرباً وبلاد الشام جنوباً، وذلك بعد أن سقطت دمشق على يد قائده أتسز سنة 468هـ/1075م، وأقيمت الدعوة للخليفة العباسي.
وأسند ملكشاه المناطق التي سيطر عليها في بلاد الشام، لأخيه تاج الدولة تتمش سنة 470هـ/1077م، وذلك من أجل متابعة الفتح. فاسس هذا الأخير دولة سلاجقة الشام كما عين ملكشاه أحد أقاربه ويدعى سليمان بن قتلمش بن اسرائيل والياً على آسيا الصغرى التي كانت تتبع بلاد الروم، لمتابعة الفتح سنة 470هـ/1077م ، فأسس هذا أيضاً دولة سلاجقة الروم( ) وقد استمرت هذه الدولة 224 سنة ، ليتعاقب على حكمها أربعة عشر من سليلة أبي الفوارس قتلمش بن اسرائيل، وكان أولهم سليمان بن قتلمش الذي يعتبر مؤسس هذه الدولة( ) وقد تمكن من فتح انطاكية سنة 477هـ/1084م ، كما تمكن أبنه داود من السيطرة على قونية سنة 480هـ/1087م ليتخذها عاصمة له. وكانت قونية من أغنى وأجمل المدن البيزنطية في آسيا الصغرى؛ وقد حولها السلاجقة من مدينة بيزنطية مسيحية الى مدينة سلجوقية اسلامية. وقد سقطت هذه الدولة على يد المغول سنة 700هـ/1300م( ) وأصبحت فيما بعد من أملاك الدولة العثمانية.

هدهد سليمان
31-05-2009, 11:01 AM
لقد كان سلاجقة الروم حريصين على تتريك آسيا الصغرى ونشر الاسلام فيها على المذهب السنّي وكانوا سبباً في نقل الحضارة الاسلامية الى تلك الأقاليم، واسقطوا الخط الدفاعي الذي كان يحمي المسيحية من أوروبا ضد الاسلام في الشرق.
ورغم هذه السلطنة القوية زمن ملكشاه، لم يفلح قائده أتسز في توحيد بلاد الشام ومصر، بعد أن شكل السلاجقة تهديداً فعلياً للدولة العبيدية (الفاطمية) داخل مصر.
وعندما أراد أتسز غزو مصر، حلت به الهزيمة على يد قوة من العرب، قبل مواجهة الجيش الكبير الذي أعده الوزير بدر الجمالي في رجب 469هـ/1076م، وقد أدى فشل أتسز الى مزيد من التشرذم، والتمزق السياسي والصراع الدامي، لينتهي الأمر بمقتله سنة 471هـ/1078م.
كذلك لم يفلح ملكشاه في جعل الخلافة العباسية تتحول الى أسرته السلجوقية ، عندما زوج ابنته الى الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله سنة 480هـ/1087م، فرزقت منه بولد، كما زوج أبنته الأخرى الى المستظهر العباسي . ولم يتمكن من حصر الخلافة والسلطنة في شخص حفيده.

توفى السلطان ملكشاه وانتهى دور القوة والمجد (447-485هـ/1055-1092م) الذي عرفته الدولة السلجوقية في عهد السلاطين الثلاثة ، طغرل بك، وألب أرسلان، وملكشاه، لتبدأ مرحلة الضعف والصراع ولقد ظهر في زمن ألب أرسلان وملكشاه الوزير نظام الملك الذي يهمنا معرفة سيرته ودروه في قوة الدولة السلجوقية.

هدهد سليمان
31-05-2009, 11:07 AM
نهاية الدولة السلجوقية

كان للسلطان ملكشاه عند وفاته أربعة أبناء هم بركيارق ومحمد وسنجر ومحمود. وكان محمود، والذي عرف فيما بعد بناصر الدين محمود، طفلاً فبايعوه على تولي السلطة لأن أمه تركان خاتون، كانت ذات شأن كبير ايام ملكشاه. وقد استمر حكمه حوالي العامين من 485هـ/1092م والى عام 487هـ/1094م، حيث توفي هو وأمه. ثم جاء من بعده ركن الدين أبوالمظفر بركيارق بن ملكشاه، واستمر حكمه حتى عام 498هـ/1105م، ثم تلاه ركن الدين مكلشاه الثاني وفي نفس العام تولى السلطة غياث الدين أبو شجاع محمد، واستمر حكمه حتى عام 511هـ/1128م وكان آخر حكام الدولة السلجوقية العظمى فيما وراء النهر والتي كانت لها السيطرة على خراسان وإيران والعراق. وقد انقرضت دولتهم عام 522هـ/1128م وذلك على يد شاهنات خوارزم( ). وبسقوط الدولة السلجوقية العظمى فيما وراء النهر انفرط عقد السلاجقة وتمزقت وحدتهم، وضعفت قوتهم، حتى أصبح السلاجقة شيعاً وأحزاباً ومعسكرات متباينة، تتصارع فيما بينها، حول الظفر بالعرش، وانقسمت على ضوء ذلك الدولة السلجوقية
العظمى الى عدة دول وإمارات صغيرة. ولم تكن هذه الدولة والإمارات الصغيرة تخضع لحكم سلطان واحد كما كان الحال في عهد كل من السلطان طغرلبك الأول والسلطان ألب أرسلان والسلطان ملكشاه وأسلافهم. بل كان كل جزء من أجزاء الدولة السلجوقية مستقلاً تحت قيادة منفصلة، لايوجد بينها أي تعاون يذكر( ).
ونتيجة لذلك خرجت الدولة الخوارزمية فيما وراء النهر وهي تلك الدولة التي وقفت ردحاً من الزمن أمام الهجمات المغولية وقد قامت معها إمارات سلجوقية في شمال العراق والشام عرفت بالأتابكيات، وأثناء ذلك برزت سلطنة سلاجقة الروم، وهي السلطنة التي قاومت الحملات الصليبية ، واستطاعت أن تحصرها في الركن الشمالي الغربي من آسيا الصغرى. أما سلطنة سلاجقة الروم فقد دمرتها الغارات المغولية المتلاحقة.

هدهد سليمان
31-05-2009, 11:31 AM
لقد تضافرت عوامل عديدة في سقوط السلطنة السلجوقية التي مهدت بدورها لسقوط الخلافة العباسية.
ومن هذه العوامل:
1.الصراع داخل البيت السلجوقي بين الأخوة والأعمام والأبناء والأحفاد.
2.تدخل النساء في شؤون الحكم.
3.اذكاء نار الفتنة بين الحكام السلاجقة من قبل بعض الأمراء والوزراء والأتابك
4.ضعف الخلفاء العباسيين الذين تميزوا بالضعف أمام القوة العسكرية السلجوقية، فلم يتورعوا عن الاعتراف بشرعية كل من يجلس على عرش السلطنة السلجوقية والخطبة لكل منتصر قوي.
5.عجز الدولة السلجوقية عن توحيد بلاد الشام ومصر والعراق تحت راية الخلافة العباسية.
6.الأنقسام الداخلي بين السلاجقة والذي وصل الى حد المواجهة العسكرية المستمرة، وهذا ما أنهك قوة السلاجقة حتى انهارت سلطنتهم في العراق.
7.المكر الباطني الخبيث بالدولة السلجوقية وتمثل ذلك في حملة التصفيات والمحاولات المستمرة لاغتيال سلاطين السلاجقة وزعمائهم وقاداتهم.
8.الغزو الصليبي القادم من وراء البحار وصراع الدولة السلجوقية مع جحافل الغزو الوحشية القادمة من أوروبا وغير ذلك من الاسباب والعوامل إلا أن السلاجقة كانت لهم أعمال جليلة من أهمها:
أ‌.كان لهم دور في تأخير زوال الخلافة العباسية، حوالي قرنين من الزمان، حيث أوشكت قبل مجيئهم على الانقراض في ظل سيطرة البويهين الشيعة الروافض.
ب‌.منعت الدولة السلجوقية الدولة العبيدية في مصر من تحقيق اغراضها الهادفة الى توحيد المشرق العربي الاسلامي تحت الراية الباطنية العبيدية الرافضية.
ت‌.كانت الجهود التي بذلتها الدولة السلجوقية تمهيداً لتوحيد المشرق الاسلامي والذي تم على يد صلاح الدين الأيوبي وتحت راية الخلافة العباسية السنيّة( ).
ث‌.قام السلاجقة بدور ملموس في النهوض بالمنطقة الخاضعة لهم علمياً وإدارياً ونشروا الأمن والاستقرار فيها.
ج‌. وقفوا في وجه التحركات الصليبيبة من جانب الامبراطورية البيزنطية، وحاولوا صد الخطر المغولي الى حد كبير .
ح‌. رفعوا من شأن المذهب السني وعلمائه في تلك المناطق( )
هذه نبذة موجزة عن السلاجقة السنيين ودورهم في نصرة الاسلام، وإن من الظلم والزور والبهتان أن نطلق على أولئك الشجعان كلمة الشراذم كما فعل الاستاذ نجيب زبيب في الموسوعة العامة في لتاريخ المغرب والأندلس( ).

هدهد سليمان
31-05-2009, 11:49 AM
لقد حرص علماء الدولة العثمانية على أن يكون نظامها السياسي على عقيدة التوحيد، وتطبيق شريعة الله، وتقوم على الشورى، وأن يقوم نظامها الاقتصادي على التعامل بالذهب والفضة، وعدم التعامل بالربا، وعدم الاستغلال والاحتكار، وعدم الاتجار بما حرم الله، وأن يقوم نظامها السلوكي والأخلاقي الإجتماعي على أساس عقيدة الإسلام، وأن يقوم نظامها التعليمي والإعلامي على قاعدة من العلوم الشرعية، وأن تقوم علاقتها الدولية على أساس عقيدة الإسلام التي وضعها الله سبحانه وتعالى - حيث قال: { لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين . إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون } (آية: 8،9 سورة الممتحنة ).
لقد كان العلماء والفقهاء في الدولة العثمانية يشرفون على تطبيق شرع الله، وإقامة الحدود، وتحريم ماحرم الله، ولا تستحل إلا ما حرم الله( ).
لقد كان معظم سلاطين الدولة يحترمون العلماء ويجلونهم .

نذكر هنا اسباب الفتح للعثمانين :
إن العثمانيين حرصوا على نصرة دين الله بكل مايملكون وتحققت فيهم سنة الله في نصرته لمن ينصره لأن الله ضمن لمن استقام على شرعه أن ينصره على أعدائه بعزته وقوته قال تعالى: {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز  الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} (سورة الحج: آية ).
(وما حدث قط في تاريخ البشرية أن استقامت جماعة على هدى الله إلا منحها القوة والمنعة والسيادة في نهاية المطاف ... إن الكثيرين ليشفقونا من اتباع شريعة الله والسير على هداه يشفقون من عداوة أعداء الله ومكرهم ويشفقون من تألب الخصوم عليهم ويشفقون من المضايقات الاقتصادية وغير الاقتصادية ، وإن هي إلا أوهام كأوهام قريش يوم قالت لرسل الله : {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} (سورة القصص: آية 57)، فلما اتبعت هدى الله سيطرت على مشارق الأرض ومغاربها في ربع قرن أو أقل من الزمان)( ).
إن الله تعالى أيد العثمانيين على الأعداء ومنّ عليهم بالفتح، فتح
الأراضي وإخضاعها لحكم الله تعالى، وفتح القلوب هدايتها لدين الإسلام.
إن العثمانيين عندما استجابوا وانقادوا لشريعة الله جلبت لهم الفتح، واستنـزلت عليهم نصر الله.
إن الشعوب الاسلامية التي تبتعد عن شريعة الله تذل نفسها في الدنيا والآخرة.
إن مسؤولية الحكام والقضاة والعلماء والدعاة في الدعوة الى تحكيم شرع الله مسؤولية عظيمة يسألون عنها يوم القيامة أمام الله: (إذا حكم ولاة الأمر بغير ما أنزل الله، وقع بأسهم بينهم..وهذا أعظم أسباب تغير الدول كما جرى هذا مرة بعد مرة في زماننا وغير زماننا ومن أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره)، فيسلك مسلك من أيده الله ونصره ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه؛ فإن الله يقول في كتابه : { ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} الى قوله تعالى: {ولله عاقبة الأمور}( ) فقد وعد الله بنصره من ينصره ونصره هو نصر كتابه ودينه ورسوله، لانصر من يحكم بغير ماأنزل الله ويتكلم بما لا يعلم)( ).

لعديد
31-05-2009, 11:51 AM
لقد تضافرت عوامل عديدة في سقوط السلطنة السلجوقية التي مهدت بدورها لسقوط الخلافة العباسية.
ومن هذه العوامل:
1.الصراع داخل البيت السلجوقي بين الأخوة والأعمام والأبناء والأحفاد.
2.تدخل النساء في شؤون الحكم.
3.اذكاء نار الفتنة بين الحكام السلاجقة من قبل بعض الأمراء والوزراء والأتابك
4.ضعف الخلفاء العباسيين الذين تميزوا بالضعف أمام القوة العسكرية السلجوقية، فلم يتورعوا عن الاعتراف بشرعية كل من يجلس على عرش السلطنة السلجوقية والخطبة لكل منتصر قوي.
5.عجز الدولة السلجوقية عن توحيد بلاد الشام ومصر والعراق تحت راية الخلافة العباسية.
6.الأنقسام الداخلي بين السلاجقة والذي وصل الى حد المواجهة العسكرية المستمرة، وهذا ما أنهك قوة السلاجقة حتى انهارت سلطنتهم في العراق.
7.المكر الباطني الخبيث بالدولة السلجوقية وتمثل ذلك في حملة التصفيات والمحاولات المستمرة لاغتيال سلاطين السلاجقة وزعمائهم وقاداتهم.
8.الغزو الصليبي القادم من وراء البحار وصراع الدولة السلجوقية مع جحافل الغزو الوحشية القادمة من أوروبا وغير ذلك من الاسباب والعوامل إلا أن السلاجقة كانت لهم أعمال جليلة من أهمها:
أ‌.كان لهم دور في تأخير زوال الخلافة العباسية، حوالي قرنين من الزمان، حيث أوشكت قبل مجيئهم على الانقراض في ظل سيطرة البويهين الشيعة الروافض.
ب‌.منعت الدولة السلجوقية الدولة العبيدية في مصر من تحقيق اغراضها الهادفة الى توحيد المشرق العربي الاسلامي تحت الراية الباطنية العبيدية الرافضية.
ت‌.كانت الجهود التي بذلتها الدولة السلجوقية تمهيداً لتوحيد المشرق الاسلامي والذي تم على يد صلاح الدين الأيوبي وتحت راية الخلافة العباسية السنيّة( ).
ث‌.قام السلاجقة بدور ملموس في النهوض بالمنطقة الخاضعة لهم علمياً وإدارياً ونشروا الأمن والاستقرار فيها.
ج‌. وقفوا في وجه التحركات الصليبيبة من جانب الامبراطورية البيزنطية، وحاولوا صد الخطر المغولي الى حد كبير .
ح‌. رفعوا من شأن المذهب السني وعلمائه في تلك المناطق( )
هذه نبذة موجزة عن السلاجقة السنيين ودورهم في نصرة الاسلام، وإن من الظلم والزور والبهتان أن نطلق على أولئك الشجعان كلمة الشراذم كما فعل الاستاذ نجيب زبيب في الموسوعة العامة في لتاريخ المغرب والأندلس( ).

الأخت / بيسان اخي هدهد
هل تستطيع استخلاص نتائج يمكن الاستفادة منها لوضعنا الراهن؟؟


.الصراع داخل البيت البيت العربي والاسلامي
2.تدخل النساء في شؤون الحكم.
3.اذكاء نار الفتنة بين الحكام من قبل بعض الأمراء والوزراء
4.ضعف الحكام المسلمين الذين تميزوا بالضعف أمام القوة العسكرية العالمية الآخرى 0
.5.الأنقسام الداخلي بين الول الاسلامية والذي وصل الى حد المواجهة العسكرية المستمرة، وهذا ما أنهك قوة المسلمين .
7.المكر الباطني الخبيث بالدولة الصفوية 0
8.الغزو الصليبي القادم من وراء البحار والخنجر بالظهر الصفويةالشيعة الروافض.
و.منعت الدولة السلجوقية الدولة العبيدية في مصر من تحقيق اغراضها الهادفة الى توحيد المشرق العربي الاسلامي تحت الراية الباطنية العبيدية الرافضية.
هذه نبذة موجزة مختصرة

هدهد سليمان
31-05-2009, 12:08 PM
إن عز العثمانيين وشرفهم العظيم الذي سطر في كتب التاريخ يرجع الى تمسكهم بكتاب الله وسنة رسوله ؛ إن من يعتز بالانتساب لكتاب الله وسنة رسوله  الذي به تشرف الأمة وبه يعلو ذكرها ، وضع رجله على الطريق الصحيح وأصاب سنة الله الجارية في إعزاز وتشريف من يتمسك بكتابه وسنة رسوله  قال تعالى: {لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون} (سورة الأنبياء : الآية 10).
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية : (فيه شرفكم)( ) إن العثمانيين استمدوا شرفهم وعزهم من استمساكهم بأحكام الاسلام، كما قال عمر بن الخطاب  : (إنا كنّا أذل قوم ، فأعزنا الله بالاسلام، فمهما نطلب العز بغير ماأعزنا الله أذلنا الله).
وفي الصحيح عن حذيفة أنه قال : يارسول الله: هل بعد هذا الخير شر؟
قال : (نعم ؛ قوم يستنُّون بغير سنتي ، ويهتدون بغير هديي).
قال : قلت : هل بعد ذلك الشرِّ شرُّ؟
قال : (نعم؛ دعاة على نار جهنم ، من أجابهم قذفوه فيها).
قلت : يارسول الله : صِفْهم لنا.
قال : (نعم ؛ هم من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا) .
قلت: فما تأمرني إن أدركت ذلك؟
قال : (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم).
قلت: فإن لم يكن إمام ولا جماعة؟
قال : (فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضَّ بأصل شجرة حتى يدرك الموت وأنت على ذلك)( ).
وعن ابي بكر الصديق  قال : (لست تاركاً شيئاً كان رسول الله  يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ).

هدهد سليمان
31-05-2009, 12:11 PM
الأخت / بيسان اخي هدهد
هل تستطيع استخلاص نتائج يمكن الاستفادة منها لوضعنا الراهن؟؟


.الصراع داخل البيت البيت العربي والاسلامي
2.تدخل النساء في شؤون الحكم.
3.اذكاء نار الفتنة بين الحكام من قبل بعض الأمراء والوزراء
4.ضعف الحكام المسلمين الذين تميزوا بالضعف أمام القوة العسكرية العالمية الآخرى 0
.5.الأنقسام الداخلي بين الول الاسلامية والذي وصل الى حد المواجهة العسكرية المستمرة، وهذا ما أنهك قوة المسلمين .
7.المكر الباطني الخبيث بالدولة الصفوية 0
8.الغزو الصليبي القادم من وراء البحار والخنجر بالظهر الصفويةالشيعة الروافض.
و.منعت الدولة السلجوقية الدولة العبيدية في مصر من تحقيق اغراضها الهادفة الى توحيد المشرق العربي الاسلامي تحت الراية الباطنية العبيدية الرافضية.
هذه نبذة موجزة مختصرة


جزاك الله خير للمداخله لكن لازلنا في خضم الدوله العثمانيه وسيتم ذكر النقاط الهامه في النهايه اما الذي ذكر فهو نهاية السلاجقه

بيسان
31-05-2009, 12:25 PM
الأخت / بيسان اخي هدهد
هل تستطيع استخلاص نتائج يمكن الاستفادة منها لوضعنا الراهن؟؟


.الصراع داخل البيت البيت العربي والاسلامي
2.تدخل النساء في شؤون الحكم.
3.اذكاء نار الفتنة بين الحكام من قبل بعض الأمراء والوزراء
4.ضعف الحكام المسلمين الذين تميزوا بالضعف أمام القوة العسكرية العالمية الآخرى 0
.5.الأنقسام الداخلي بين الول الاسلامية والذي وصل الى حد المواجهة العسكرية المستمرة، وهذا ما أنهك قوة المسلمين .
7.المكر الباطني الخبيث بالدولة الصفوية 0
8.الغزو الصليبي القادم من وراء البحار والخنجر بالظهر الصفويةالشيعة الروافض.
و.منعت الدولة السلجوقية الدولة العبيدية في مصر من تحقيق اغراضها الهادفة الى توحيد المشرق العربي الاسلامي تحت الراية الباطنية العبيدية الرافضية.
هذه نبذة موجزة مختصرة

لا بد لليل ان ينجلي
ولا بد للقيد ان ينكسر
ولا بد ان يستجيب القدر

خلينا نشوف النهاية

بن يوسف الثقفي
31-05-2009, 01:24 PM
لا بد لليل ان ينجلي
ولا بد للقيد ان ينكسر
ولا بد ان يستجيب القدر

خلينا نشوف النهاية


بس هالمره يابيسان هالليل طويل واظلم
ماسمعتي عن اللي يقول ياليل مطولك

جزاك الله خير اخوي هدهد على هالموضوع القيم

!الشايمه!
31-05-2009, 03:19 PM
موضوع طيب....والله

ممكن سؤال؟ هل هو نقل؟ ام بحث شخصي؟

عائدة للقراءة << متابعة

تحية

هدهد سليمان
31-05-2009, 03:39 PM
موضوع طيب....والله

ممكن سؤال؟ هل هو نقل؟ ام بحث شخصي؟

عائدة للقراءة << متابعة

تحية


هو أغلب الموضوع نقل لان تاريخ الدوله العثمانيه مليء وزاخر بالفتوحات ومن الصعب حفظ كل هذه الأحداث لكن هناك نسبة 30% شخصي وليس معنى ذلك تأليف لا هناك مراجع لذلك وسوف يتم ذكر جميع المراجع ايضا بالنهاية وذلك لحبي وشغفي بالتاريخ والهدف هو ازاحة الستار عن من يدعي ان الدولة العثمانيه او بالأصح العهد العثماني كان عهدا ظالما ولان التاريخ دائما مزور فاحببت ان اوضح الصوره الصحيحه لذلك وان شاء الله بعد الانتهاء من الموضوع سيكون هناك نقاش لمن اراد ان يناقش او من يكون لديه نقطة خلاف في شيء معين او تعديل في سلسلة معينه من الاحداث لكن بالحجه الواضحه لاننا نتحدث عن تاريخ .. جزاك الله كل خير واسعدني مرورك وتعليقك

هدهد سليمان
31-05-2009, 03:47 PM
لمن تابعوا معنا عن عهد الاندلس هنا سنتطرق لها لكن بشكل موجز طبعا كان من آثار التهجير الجماعي للمسلمين من الأندلس ونزوح أعداداً كبيرة منهم الى الشمال الأفريقي حدوث العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في ولايات الشمال الأفريقي ولما كان من بين المسلمين النازحين الى هذه المناطق أعداداً وفيرة من البحارة، فكان من الضروري أن تبحث عن لوسائل الملائمة لاستقرارها، إلا أن بعض العوامل قد توافرت لتدفع بأعداد من هؤلاء البحارة الى طريق الجهاد ضد القوى المسيحية في البحر المتوسط. ويأتي في مقدمة هذه الأسباب الدافع الديني بسبب الصراع بين الاسلام والنصرانية وإخراج المسلمين من الأندلس ومتابعة الاسبان والبرتغال للمسلمين في الشمال الأفريقي.

وقد ظلت حركات الجهاد الاسلامي ضد الاسبان والبرتغاليين غير منظمة حتى ظهور الأخَوان خير الدين وعروج بربروسا واستطاعا تجميع القوات الاسلامية في الجزائر وتوجيها نحو الهدف المشترك لصد اعداء الاسلام عن التوسع في موانئ ومدن الشمال الافريقي.
وقد اعتمدت هذه القوة الاسلامية الجديدة في جهادها أسلوب الكر والفر في البحر بسبب عدم قدرتها في الدخول في حرب نظامية ضد القوى المسيحية من الأسبان والبرتغاليين وفرسان القديس يوحنا، وقد حقق هؤلاء المجاهدين نجاحاً أثار قلق القوى المعادية، ثم رآو بنظرهم الثاقب أن يدخلوا تحت سيادة الدولة العثمانية لتوحيد جهود المسلمين ضد النصارى الحاقدين.
وقد حاول المؤرخون الأوروبيون التشكيك في طبيعة الحركة الجهادية في البحر المتوسط ووصفوا دورها بالقرصنة وكذلك شككوا في أصل أهم قادتها وهما خيرالدين وأخوه عروج الأمر الذي يفرض ضرورة إلقاء الضوء على دور الأخوين وأصلهما، وأثر هذه الحركة على الدور الصليبي في البحر المتوسط في زمن السلطان سليم والسلطان سليمان القانوني.

اختلف علماء التاريخ حول بداية التحالف بين العثمانيين والأخوين عروج خيرالدين ، فتذكر بعض المراجع أن السلطان سليم الأول كان وراء إرسالهم الى الساحل الأفريقي تلبية لطلب المساعدة من سكان الشمال الأفريقي وعملاً على تعطيل أهداف البرتغاليين والأسبان في منطقة البحر المتوسط. وعلى الرغم من عدم تداول هذه الرواية بين المؤرخين إلا أنها توضح أن العثمانيين لم يكونوا بمعزل عن الأحداث التي تدور على ساحة البحر المتوسط ويرجع بعض المؤرخين التحالف بين الجانبين الى سنة 1514م في أعقاب فتح عروج وخير لميناء "جيجل" حيث ارسل الأخوان الى السلطان سليم الأول مجموعة من النفائس التي استوليا عليها بعد فتح المدينة، فقبلها السلطان ورد لهما الهدية بإرسال أربع عشر سفينة حربية مجهزة بالعتاد والجنود، وكان هذا الرد من السلطان العثماني يعكس رغبته في استمرار نشاط دور الأخوين ودعمه. على أن بعض المؤرخين يذكرون أن الدعم العثماني لهذه الحركة كان في أعقاب وفاة "عروج" سنة 1518م وبعد عودة السلطان العثماني من مصر الى استانبول سنة 1519م.

Bu Rashid
31-05-2009, 05:37 PM
جزاك الله خير أخي الهدهد ....

هدهد سليمان
31-05-2009, 10:09 PM
ريما يتسأل البعض من هو عروج او الاخوين عروج وسف نذكر هنا نبذه عنهم

يرجع أصل الأخوين عروج وخير الدين المجاهدين الى الأتراك المسلمين وكان والدهما يعقوب بن يوسف من بقايا الفاتحين المسلمين الأتراك الذين استقروا في جزيرة مدللي إحدى جزر الأرخبيل( ). وأمهم سيدة مسلمة أندلسية كان لها الأثر على أولادها في تحويل نشاطهم شطر بلاد الأندلس التي كانت تئن في ذلك الوقت من بطش الأسبان والبرتغاليين.

إن اسم "عروج" - "أوروج" مأخوذ من حادثة الاسراء والمعراج التي يرجح أنه ولد ليلتها، وأن الترك ينطقونه "أوروج" ثم عرب الى "عروج".
اتجه الأخوان عروج وخير الدين الى الجهاد البحري منذ الصغر، ووجها نشاطهما في البداية الى بحر الأرخبيل المحيط بمسقط رأسهما حوالي سنة 1510م، لكن ضراوة الصراع بين القوى المسيحية في بلاد الأندلس وفي شمالي افريقيا بين المسلمين هناك، والذي اشتد ضراوة في مطلع القرن السادس عشر، قد استقطب الأخوين لينقلا نشاطهما الى هذه المناطق وبخاصة بعد أن تمكن الاسبان والبرتغاليون من الاستيلاء على العديد من المراكز والموانئ البحرية في شمالي افريقيا( ).
وقد حقق الأخوان العديد من الانتصارات على القراصنة المسيحين الأمر الذي أثار أعجاب القوى الاسلامية الضعيفة في هذه المناطق ، ويبدو ذلك من خلال منح السلطان "الحفصي" لهم حق الاستقرار في جزيرة جربة التونسية وهو أمر عرضه لهجوم أسباني متواصل اضطره لقبول الحماية الاسبانية بالضغط والقوة، كما يبدو من خلال استنجاد أهالي هذه البلاد بهما، وتأثيرهم داخل بلادهم مما أسهم في وجود قاعدة شعبية لهما تمكنهما من حكم الجزائر وبعض المناطق المجاورة ويرى بعض المؤرخين أن دخول "عروج" وأخيه الجزائر وحكمهما لها لم يكن بناءً على رغبة السكان، ويستند هؤلاء الى وجود بعض القوى التي ظلت تترقب الفرص لطرد الأخوين والأتراك المؤيدين لهما، لكن البعض الآخر يرون أن وصول "عروج" وأخيه كان بناءً على استدعاء من سكانها لنجدتهم من الهجوم الأسباني الشرس، وأن القوى البسيطة التي قاومت وجودهما كانت تتمثل في بعض الحكام الذين أبعدوا عن الحكم أمام محاولات الأخوين الجادة في توحيد البلاد حيث كانت قبل وصولهما أشبه بدولة ملوك الطوائف في الأندلس، وقد ساند أغلب أهل البلاد محاولات الأخوين واشتركت أعداداً كبيرة منهم في هذه الحملات، كما ساندهما العديد من الحكام المحليين الذين شعروا بخطورة الغزو الصليبي الأسباني.

سارع السلطان سليم الى منح رتبة بكلر بك الى خير الدين بربروس وأصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة في اقليمه ممثلاً للسلطان وبذلك أصبحت الجزائر تحت حكم الدولة العثمانية وأصبح أي اعتداء خارجي على أراضيها يعتبر اعتداء على الدولة العثمانية ودعم السلطان سليم هذا القرار بقرارات تنفيذية، إذ أرسل الى الجزائر قوة من سلاح المدفعية، وألفين من الجنود الانكشارية ومنذ ذلك الوقت (1519م) بدأ الانكشاريون يظهرون في الحياة السياسية والعسكرية في الأقاليم العثمانية في شمال افريقيا وأصبحوا عنصراً بارزاً ومؤثراً في سير الأحداث بعد أن كثر إرسالهم الى تلك الأقاليم، وأذن السلطان سليم لمن يشاء من رعاياه المسلمين في السفر الى الجزائر والانخراط في صفوف المجاهدين وقرر منح المتطوعين الذين يذهبون الى الجزائر الامتيازات المقررة للفيالق الإنكشارية تشجيعاً لهم على الانضمام الى كتائب المجاهدين ولقد هاجر سكان الأناضول الى الجزائر شوقاً الى عمليات الجهاد ضد النصارى ولقد ترتب على القرارات التي اصدرها السلطان سليم الأول عدة نتائج هامة كان من بينها:
1- دخول الجزائر رسمياً تحت السيادة العثمانية اعتباراً من عام 1519م ودعي للسلطان سليم على المنابر في المساجد وضربت العملة باسمه.
2- إن إرسال القوات العثمانية جاء نتيجة استغاثة أهل بلدة الجزائر بالدولة العثمانية واستجابة لرغبتهم فلم يكن دخول القوات العثمانية غزواً أو فتحاً عسكرياً ضد رغبة أهل البلد.
3- إن إقليم الجزائر كان أول أقليم من أقاليم شمال أفريقيا يدخل تحت السيادة العثمانية ، وأصبحت الجزائر ركيزة لحركة جهاد الدولة العثمانية في البحر المتوسط( ) وكانت حريصة على امتداد نفوذها بعد ذلك الى كل اقاليم الشمال الأفريقي لتوحيده تحت راية الاسلام والعمل على تخليص مسلمي الأندلس من الأعمال الوحشية التي كان يقوم بها الاسبان النصارى.

هدهد سليمان
31-05-2009, 10:23 PM
كان أمام خير الدين بربروس في وضعه السياسي والعسكري الجديد أن يحارب على جبهتين:
1- الجبهة الاسبانية لطرد الاسبانيين من الجيوب التي أقاموها فضم إليه عنابة وقالة في شرقي الجزائر وحقق انتصاراً باهراً على الإسبانيين حين استولى عام 1529م على حض بينون الاسباني على الجزيرة المواجهة لبلدة الجزائر وقد كان قد استمر يقصف الحصن بقذائف مدافعه طوال عشرين يوماً حتى تداعت جوانبه، ثم اقتحم الحصن مع قوات كثيفة العدد كانت تحملها خمس وأربعون سفينة جاءت من الساحل وأسر قائد الحصن مع كبار ضباطه.
إن استيلاء خير الدين على البينون سنة 1529م يعد بداية تأسيعرف باسم نيابة الجزائر ومنذ ذلك التاريخ أصبح ميناء الجزائر عاصمة كبرى للمغرب الأوسط بل ولكل شمال افريقية العثمانية فيما بعد. وبدأ استخدام مصطلح الجزائر للدلالة على إقليم الجزائر حتى نهاية القرن الثامن عشر.
2- الجبهة الداخلية وكانت تتمثل في محاولة توحيد المغرب الأوسط التي لم تخلوا من مؤامرات بني زيان والحفصيين ومن بعض القبائل الصغيرة ولكنه استطاع مد منطقة نفوذه باسم الدولة العثمانية ودخلت الامارات الصغيرة تحت السيادة العثمانية لكي تحتمي بهذه القوة من الأطماع الصليبية الاسبانية ومن قهرها على اعتناق النصرانية ومالبث أن مد خير الدين النفوذ العثماني الى بعض المدن الداخلية الهامة مثل القسطنطينية.

لقد تضررت اسبانيا من نجاح خير الدين في الشمال الإفريقي وكانت إسبانيا يتزعمها شارل الخامس إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة والتي كانت تضم وقتذاك إسبانيا وبلجيكا وهولندا وألمانيا والنمسا وإيطاليا وكانت الدولة الرومانية المقدسة تدافع عن أوربا المسيحية الخطر العثماني نحو شرق ووسط أوربا، لذا يمكن القول بأن الصراع بين شارل الخامس وبين ببليربكية الجزائر كان بمثابة فتح جبهة حربية جديدة ضد الدولة العثمانية في الشمال الإفريقي، لذلك لم يكتف شارل بالهجوم المفاجئ على سواحل الجزائر، بل أرسل مبعوثاً للتجسس في شمال افريقيا سنة 940هـ / 1533م وهو الضابط ( أوشوا دوسلا ) الذي طاف بأنحاء تونس وهناك وجد استعداد الحفصيين للتعاون مع شارل الخامس، وحذر من امتداد النفوذ العثماني على تونس، وذكر أن هذا الإستيلاء سيسهل على العثمانيين السيطرة على افريقيا، ثم يتجهون بعد ذلك لاسترداد الأندلس، وهذا مايخشاه العالم المسيحي.

سفر خير الدين إلى استنبول :
عزم السلطان سليمان القانوني بعد أن استولى على بلغراد، السفر بسائر جنوده إلى اسبانيا للاستيلاء عليها، وبدا للسلطان سليمان، أنه لابد له من رجل يعتمد عليه في دخول تلك البلاد على أن يكون عالماً بأحوالها فوقع اختياره على خير الدين لما يعرفه عنه من شجاعة وإقدام، وكثرة هجومه على تلك النواحي، وما فتحه من بلاد العرب في الشمال الإفريقي وكيف أقر الحكم العثماني فيها، فوجه إليه خطابا يطلبه فيه إلى حضرته ويأمره باستنابة بعض من يأمنه في الجزائر، وأن لم يجد من يصلح لذلك، يبعث إليه السلطان نائباً وبعث ذلك الخطاب مع رجل يدعى سنان جاوشي، فوصل الجزائر، وأوصل خطاب السلطان إلى خير الدين فقبله ووضعه فوق رأسه ولما قرأه وعلم ما فيه نصب ديواناً عظيماً، وأحضر كافة العلماء والمشايخ وأعيان البلاد، وقرأ عليهم خطاب السلطان، الذي وجهه إليهم وأعلمهم أنه لايمكنه التخلف عن أمره، وعندما سمع اندريا دوريا زعيم الأسطول النصراني في البحر المتوسط بما عزم السلطان عليه من فتح اسبانيا واستقدام خير الدين من الجزائر لذلك، أراد أن يشغل خير الدين من سفره إلى حضرة السلطان ، وأشاع بين الأسرى المسيحيين في الجزائر، عن عزم الحكومة الاسبانية في الهجوم على الجزائر، وتخليصهم من الأسر، ففرح الأسرى الاسبان لذلك الخبر وتمردوا على خير الدين، الذي رأى أن من المصلحة العامة اعدام اولئك الأسرى ليأمن غائلتهم، ثم قام بتقوية الاستحكامات في الجزائر وزاد من عدد القلاع مظهراً أتم الطاعة للسلطان .
عزم خير الدين على السفر الى استنابول 940هـ / 1533م، وعين مكانه حسن آغا الطوشي، وكان رجلاً عاقلاً وصالحاً، صاحب علم واسع.

أبحر خير الدين شرقاً في البحر المتوسط وبرفقته أربع وأربعين سفينة وهزم في طريقه فرقة من اسطول آل هابسبرج بالقرب من المورة ، واستمر خير الدين في رحلته ووصل إلى مدينة بيروازن، وفرح أهالي المدينة لمقدمه وكانوا خائفين من هجوم اندريا دوريا، الذي ابتعد عندما سمع بمقدم خير الدين، ثم واصل خير الدين سفره، ورست مراكبه في قلعة اوارين " انا وارنيه " ، فصادف هنالك اسطولاً للسلطان سليمان القانوني وفرحوا بذلك، ثم خرجوا جميعاً حتى وصلوا إلى قرون، ثم كتب خير الدين إلى السلطان يعلمه بوصوله ويستأذنه بالقدوم على حضرته، فوجه إليه السلطان خطاباً يستحثه بالقدوم عليه ، اقلع خير الدين من قرون ولم يزل مسافراً حتى وصل إلى استانبول ورسا بها ورموا بالمدافع كما هي العادة في ذلك، ومثل خير الدين بحضرة السلطان ووقف بين يديه، فأمر بأن يخلع عليه وعلى خواص أصحابه الجرايات الوافرة، وأنزلهم بقصر من قصوره وفوض إليه النظر في دار الصناعة ، ومنحه لقب قبودان باشا وزير بحرية - حتى تظل له السلطة الكاملة لمساندة النظام في الجزائر لتحقيق هدف الدولة في استعادة الأندلس.

ثم رجع خير الدين إلى استنبول وأكرمه السلطان سليمان غاية الإكرام وشرع خير الدين في النظر في أمر دار الصناعة كما رسم له السلطان.
وبعد أن تم إعداد الأسطول العثماني الجديد خرج خير الدين بربروسا بأسطوله القوي من الدردنيل متجهاً نحو سواحل ايطاليا الجنوبية، فاستطاع أن يأسر الكثير منها، وأغار على مدنها وسواحلها، ثم اتجه نحو جزيرة صقلية، فاسترجع كورون وليبانتو، كان السلطان سليمان قد تشاور مع خير الدين بربروسا بأهمية تونس وضرورة دخولها في إطار استراتيجية الدولة العثمانية، لتحقيق هدفها نحو استرداد الأندلس، وتأتي أهمية تونس بالنسبة للدولة من حيث موقعها الجغرافي إذ تقع في منتصف الساحل الشمالي لأفريقيا، وتوسطها بين الجزائر وطرابلس، ولقربها من إيطاليا التي تعتبر أحد جناحي الإمبراطورية الرومانية المقدسة، بينما يمثل الجناح الآخر اسبانيا، علاوة على ذلك مجاورتها لجزيرة مالطة مقر فرسان القديس يوحنا حلفاء الإمبراطور شارل الخامس، وأشد الطوائف المسيحية عداوة للمسلمين ثم الامكانيات الهائلة التي تتيحها موانئ تونس في التحكم في المواصلات البحرية في البحر المتوسط وهكذا تضافرت تلك العوامل على اضفاء الأهمية العسكرية على تونس.

كانت المرحلة الثانية بالنسبة لخير الدين بعد هجومه على السواحل الجنوبية لإيطاليا وجزيرة صقلية هي تونس، وذلك لتنفيذ خطة الدولة، والتي تقتضي تطهير شمال افريقيا من الاسبان كمقدمة لاستعادة الأندلس، إذ سبق وأن أشار خير الدين بربروسا على السلطان سليمان القانوني في خطابه للسلطان الذي بعثه قبيل استدعاء السلطان له في 940هـ / 1533م، إذ قال فيه " ... إن هدفي إذا قدر لي شرف الاشتراك هو طرد الاسبان في أقصر وقت من أفريقيا، ومن الممكن أن تسمع بعد ذلك أن المغاربة قد أغاروا على الاسبان من جديد ليستعيدوا مملكة قرطاجة وأن تونس قد أصبحت تحت سلطانك أنني لا أبغي من وراء ذلك أن أحول بينك وبين توجيه قواتك ناحية المشرق كلا ... لأن هذا لن يحتاج لكل ما تملك من قوات ولاسيما أن حروبك في آسيا أو أفريقيا تعتمد أكثر ما تعتمد على قوات برية، أما هذا الجزء الثالث من العالم فإن كل ما أطلبه هو جزء من أسطولك وسيكون ذلك كافياً، لأن هذا الجزء يجب أن يخضع لسلطانك أيضاً ....
وصل الأسطول العثماني تحت قيادة خير الدين إلى السواحل التونسية فعرج على مدينة عنابة، وتزود ببعض الامدادات، ثم تقدم نحو بنزرت ثم اتجه إلى حلق الواد، إذ تمكن منها بدون صعوبة ، واستقبل خير الدين من قبل الخطباء والعلماء، وأكرموه وتوجهوا إلى تونس في نفس الوقت وهرب السلطان الحفصي الحسن بن محمد إلى اسبانيا ، ثم عين خير الدين الرشيد أخو الحسن بن محمد على تونس، وأعلن ضم تونس للأملاك العثمانية، في وقت بدت فيه سيادة العثمانيين في حوض البحر المتوسط الغربي .

استفاد السلطان أحمد الأعرج السعدي من الجهود التي بذلتها الدولة العثمانية والشعب الجزائري بقيادة خير الدين بربروسا، فقام بمحاصرة مدينة آسفي بأزمور وذلك سنة 941هـ/ 1534م، وكادت المدينة أن تقع بيد السعديين لولا النجدات التي بعثها البرتغاليون للمدينة المحاصرة، وقد بدا وكأن تعاوناً قد حصل بين العثمانيين والقوى الإسلامية في المغرب ضد المسيحيين ومراكزهم في الشمال الأفريقي وعندما سمع الملك البرتغالي جان الثالث بوصول الأسطول العثماني في 3 ربيع الأول 941هـ/ 13 سبتمبر؟ بقيادة خير الدين بربروسا إلى الشمال الأفريقي، فكر في الجلاء عن بعض المراكز مثل سبته وطنجة باعتبارها مناطق حيوية للدفاع عن مصالح المسيحيين في غرب البحر المتوسط، ولصد الهجوم العثماني عن شبه الجزيرة الايبرية بعث الملك يوحنا الثالث استفتاء الى جميع الوجهاء والأعيان والأساقفة في بلاده يستشيرهم في موضوع الجلاء عن بعض مراكز الوجود البرتغالي في جنوبي المغرب، وكان المطلوب الاجابة على الأسئلة الآتية: هل ينبغي ترك آسفي وأزمور للمغاربة، هل ينبغي الجلاء عنهما أو عن بعضهما؟ وإذا كان ينبغي الاحتفاظ بهما هل تحول إلى حصون للتقليل من حجم المصروفات؟ ثم ماهي الأضرار الناتجة عن ذلك؟ وكيف نتفاداها؟ .
تلقى الملك البرتغالي أجوبة عديدة بين مؤيد في الابقاء على المناطق الجنوبية في حوزة البرتغاليين وبين معارض، وكانت أجوبة رجال الدين للملك جان الثالث موحدة تقريباً تضمنت النصح بالتخلي عن المراكز الجنوبية، يحول الملك كل وسائل الدفاع الموجودة هناك إلى المركز الشمالي لصد الخطر العثماني بقيادة خير الدين بربروسا فأسقف ينصح بإخلاء سانتاكروز وأسفي وأزمور لأن أهميتها أقل بكثير من النفقات التي تصرف عليها، ويرى توجيه القوى ضد فاس، كما ينصح بتحسين وسائل الدفاع عن سبتة خوفاً من هجوم خير الدين عليها.
إن الوجود العثماني في الجزائر أثر على موقف الملك البرتغالي في المغرب إذ تراجع عن القيام بعمليات عسكرية فيه، كما أدخل استيلاء العثمانيين على تونس الحيرة لدى البابا، والإمبراطور شارل الخامس الذي اعتبر ذلك تهديداً مباشراً للمسيحية، ولخطوط مواصلاته البحرية مع أطراف مملكته، فوصل التهديد العثماني أقصاه فضلاً عن أن الدولة العثمانية ضمنت السيطرة على الممرات الضيقة بين صقلية وأفريقيا.

هدهد سليمان
31-05-2009, 10:56 PM
كان الموقف ملائماً بالنسبة لاسبانيا وذلك للقيام برد عنيف فقد انشغلت الدولة العثمانية بالحرب مع الشيعة الروافض في بلاد فارس، وطغى على الصراع في أوربا ووعد فرنسوا الأول ملك فرنسا شارل الخامس بالحياد - تردد شارل في اختيار المكان الذي سيوجه إليه ضربته في شمال أفريقيا الجزائر أو تونس ولكن استنجاد السلطان الحفصي الحسن بن محمد والرغبة في عزل استانبول دفع شارل الخامس إلى اختيار تونس للهجوم قاد شارل الخامس عملية بحرية شاقة تكونت من ثلاثين ألف مقاتل اسباني وهولندي وألماني ونابولي وصقلي، على ظهر خمسمائة سفينة، وركب الأمبراطور البحر من ميناء برشلونة وعندما رست سفنه أمام تونس قامت المعارك العنيفة بين الطرفين ، الأمر الذي أعاد السيطرة الاسبانية على تونس في 942هـ/1535م إذ لم تكن قوة خير الدين بكافية للرد على ذلك الهجوم، فكان الجيش الاسلامي تعداده سبعة آلاف جندي عثماني وصلوا مع خير الدين ونحو خمسة آلاف تونسي، كما تخلف الأعراب عن الجهاد فكانت النتيجة الحتمية أن استولى شارل على معقل حلق الوادي مرسى تونس، ونصب الاسبان الحسن بن محمد حاكماً عليها، وعملاً بمنطوق المعاهدة كان الحسن بن محمد سيسلم بونه والمهدية الى شارل الخامس، فاستولى على بونة، وبما أن المهدية كانت في حوزة العثمانيين ، فإن الحسن لم يستطع الوفاء بعهده فاشترط الاسبان عليه أن يكون حليفاً ومساعداً لفرسان القديس يوحنا بطرابلس، وأن يقوم بمعاداة العثمانيين وأن يتحمل نفقات ألفي اسباني على الأقل يتركون كحامية في قلعة حلق الواد وعاد شارل الخامس الى اسبانيا واستقبل استقبال الغزاة الفاتحين في الوقت الذي كان فيه السلطان يحارب فيه الدولة الصفوية الشيعية الرافضية لبلاد فارس.

عاد خير الدين إلى الجزائر بعد هزيمته في تونس، واستقر أول الأمر بمدينة قسطنطينية، ومن هناك أخذ يستعد لاستئناف الجهاد ضد الاسبان في الجبهات التي يحددها، وكان لزاماً على خير الدين وقد استقر مؤقتا بمدينة الجزائر نظراً لالتزاماته التي تفرضها عليه خطته الجديدة كقبودان باشا للأسطول الإسلامي العثماني أن يشعر شارل الخامس بوجوده، وأن يرد على ضربة تونس بضربة مثلها فقام بالهجوم على جزر البليار الاسبانية وعلى سواحلها الجنوبية، فاجتاز مضيق جبل طارق، وأطلق العنان لنفسه بالانقضاض على السفن الاسبانية والبرتغالية العائدة من الأراضي الأمريكية، والمحملة بالذهب والفضة، فاهتزت لتلك الأحداث جميع الأوساط المسيحية، وأقلقت شارل الخامس الذي اعتقد أن خير الدين لن يقوى شأنه بعد حادثة تونس السابقة في 942هـ / 1935م( )، من ناحية أخرى دخلت الدولة العثمانية في تحالف ر سمي مع فرنسا في 943هـ/1536م، ويعتبر ذلك هو رد الفعل على الهجوم المضاد الذي قام به الاسبان على تونس( ) وبدا وكأن الإمبراطورية الرومانية المقدسة قد طوقت من قبل خصومها الفرنسيين والعثمانيين مما أدى إلى استئناف الحروب بينهما من جديد كما صارت أهداف اسبانيا والبرتغال واحدة وذلك في احتلال مراكز في بلاد المغرب بالاضافة إلى خوفهم من تقدم العثمانيين داخل شبه الجزيرة الايبيرية.

هدهد سليمان
31-05-2009, 11:51 PM
والأهم من ذلك خوف اسبانيا والبرتغال من تقدم الدولة العثمانية داخل شبه الجزيرة الايبرية، وتحقيق هدفها في استرداد الأندلس!

لقد استطاعت القيادة العسكرية الجزائرية أن تستفيد من الوضع المحيط بالنصارى، ووجهت جنودها بطريقة متميزة في الكر والفر أفنت جزءاً كبيراً من الأعداء واضطر الإمبراطور إلى الانسحاب مع بقية جنوده على ما تبقى لهم من سفن واتجه بأسطوله إلى إيطاليا بدلاً من اسبانيا وكان من العوامل التي ساعدت على إلحاق هذه الهزيمة بالإمبراطور، القيادة الرشيدة والتفاف الشعب الجزائري حولها وتدفق رجال القبائل إلى ساحة الوغى طلباً للشهادة في سبيل الله، ودفاعاً عن الإسلام والمسلمين، وقد شبه أهل الجزائر هذه الهزيمة بهزيمة أصحاب الفيل التي ورد ذكرها في القرآن الكريم فقالوا في رسالة وجهوها إلى السلطان سليمان إن الله سبحانه وتعالى عاقب شارل الخامس وجنوده " بعقاب أصحاب الفيل، وجعل كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم ريحاً عاصفاً وموجاً قاصفاً، فجعلهم بسواحل البحر مابين أسير وقتيل، ولانجا منهم من الغرق إلا قليل ".
لقد قام سكان الجزائر - سواء أهل الأقليم الأصليين أو مسلمي الأندلس الذين فروا بدينهم إلى الجزائر - بعثوا برسالة في الشهر التالي لهزيمة شارل الخامس إلى السلطان سليمان وقد أوضحت هذه الرسالة الأحوال المؤلمة والمفجعة التي تحيط بالمسلمين الذين احتفظوا بدينهم في إسبانيا بعد أن طويت صفحة الحكم الإسلامي في الأندلس وتعرضهم لاضطهاد السلطات المسيحية ولمحاكمات ديوان التحقيق - محاكم التفتيش وإحراقهم، وأشادت الرسالة بالخدمات الجليلة التي أداها للإسلام خير الدين باشا " المجاهد في سبيل الله، وناصر الدين، وسيف الله على الكافرين ". ومضت الرسالة تقول إن أهل الأندلس قد سبق لهم أن استغاثوا به فأغاثهم " وكان سبباً في خلاص كثير من المسلمين من أيدي الكفرة المتمردين ونقلهم إلى أرض الإسلام " وأصبحوا من رعايا الدولة العثمانية المخلصين. وحددت الرسالة مطلبين أساسيين:
1- إرسال نجدات عسكرية " لنصرة الجزائر، لأنها سياج لأهل الإسلام، وعذاب وشغل لأهل الكفر والطغيان، وهي موسومة باسمكم الشريف، وتحت إيالة مقامكم المنيف، وقد أصبحت القلوب المنكسرة بها عزيزة، والرعية المختلفة بها مؤتلفة أليفة ".
2- إعادة خير الدين باشا إلى منصبه السابق - بكلر بك الجزائر - " فهو المتمثل لأوامر مولانا، لأنه أحيا هذا الوطن، وأرعب قلوب الكفار وخرب ديار المردة والفجار، .... وإنه لهذا الوطن نعم ناصر، وجميع أهل الشرك منه خائف وحائر " .


http://nadi.alkahf.com/view_uploader.php?do=get&id=10629


وتوالت هنالك الغزوات وساد الرعب والفزع تلك النواحي التي بقيت مفتوحة في وجه العثمانيين يتوغلون داخلها ويغنمون مافيها، كما صارت الدولة الأوربية تعمل للعثمانيين حساباً، فاهتز بذلك مركز الاسبان في وهران وغيرها من مناطق نفوذهم في الشمال الافريقي، وحقق السعديون على صعيد آخر نصراً كبيراً على البرتغاليين وفتحوا حصن سانتاكروز، وما أن علم الملك البرتغالي جان الثالث بهذا الخبر حتى أمر حاميات آسفي وأزمور بالجلاء فوراً عنها، وقد وجه الملك جان الثالث في هذا الشأن إلى سفيره بمدريد رسالة مؤرخة في الثاني والعشرين رمضان 948هـ/ ديسمبر سنة 1541م، يطلع فيها الامبراطور الاسباني شارل الخامس، حيث جاء فيها ذكر للاسباب التي اجبرت البرتغال على اتخاذ قرار الجلاء عن قاعدتي لاسفي وأزمور فبالاضافة إلى موقعها الحرج هناك تزايد قوات السعديين بفضل المساعدات العثمانية، حيث صار الحاكم السعدي يملك المدفعية العثمانية، والآلات الحربية، وعلى جنود مدربين وظهرت تلك الإمدادات عند حصار سانتاكروز، مما جعل الاحتفاظ بهذين المركزين أمراً شاقاً وصعباً، ثم أن الجلاء عن أسفي وأزمور ليس معناه التخلي عن المغرب، فقد أعطيت الأوامر لتحصين مازكان لسهولة استغلال مينائها طوال أيام السنة، يظهر من ذلك مدى اهتمام الدولة العثمانية في تقديم المساعدة للقوى الإسلامية في المغرب ضد المسيحيين المتواجدين فيها وذلك لأن الدولة ترغب في تأمين ظهرها حتى يتسنى لها الهجوم، فرغبت الدولة هنا في مساعدة السعديين لينهوا التواجد البرتغالي في المراكز الجنوبية من المغرب، ثم ليعبروا للأندلس، لأن المغرب يمثل أقرب نقطة للعبور.

صوره لتوضيح اقليم اسفي وازمور

http://up.u555u.com/uploads/4535f72682.bmp

هدهد سليمان
01-06-2009, 12:13 AM
كان فشل شارلكان ( شارل الخامس ) في حملته على الجزائر، ذا أثر عميق لا على الإمبراطورية الاسبانية، ولا على ملكها شارلكان، وإنما على مستوى الأحداث العالمية. وقد حفظ الشعر العربي هذا الحدث الذي قيل فيه:

سلوا شرلكان كم رأى من جنودنا
.......................فليس له إلا هُمُ من زواجر
فجهز اسطولاً وجيشاً عرمرماً
...................... ولكنه قد آب أوبة خاسر

ونزلت أنباء الهزيمة نزول الصاعقة على أوروبا وتطورت الأحداث هناك هنالك بسرعة. فلم يبقى حليف للإمبراطور سوى هنري الثالث ملك إنكلترا، وانضم إلى ملك فرنسا الدوق ( دي كليف ) وملك الدانمارك وملك اسكندينافيا. وكان فرح الفرنسيين عظيماً لأن سقوط الجزائر كان يؤدي لامحالة إلى سقوط فرنسا، وبادر ملكها فرنسوا الأول لإبرام معاهدات مع السلطان العثماني وكان لهذه الغارة أيضاً نتائج معنوية داخل الشمال الأفريقي وأما في أوربا ( بقى رعب المسلمين في قلوب أهل أوربا لمدة طويلة ). ولم يعد شارل الخامس قادراً على التفكير في حملة أخرى ضد الجزائر وطغى شبح خير الدين وحسن آغا على العامة والخاصة حتى أصبح الناس إذا رأوا جفناً عن بعد نسبوه إلى خير الدين، فيتصاعد الصراخ ويكثر العويل ويفر السكان من ديارهم ومن حقولهم ومتاجرهم. وإذا حطمت الزوابع مركباً توهم الناس أن خير الدين بربروسة هو الذي أثار البحر وهيجه وأغراه على اغراق سفنهم. وبلغ الخوف من قادة الجزائر أقصى درجة حتى أصبح أهل اسبانيا وإيطاليا إذا ما حدثت جريمة أو سرقة أو وقع فساد أو تخريب أو مرض أو وباء أو قحط قالوا خير الدين وأصحابه هم السبب في ذلك.!


هنري الثالث
http://www.alssiyasi.com/_img/adafal.jpg


واستطاع الشريف السعدي أن ينهي الحكم الوطاسي وأصبح الأسبان متخوفين من هجوم عثماني سعدي مشترك، فقاموا بإنهاء استحكامات مليلة، وفرضت عدة إجراءات أمنية على جبل طارق وقادش وغير ذلك من الاحتياطات.
لقد ظهر السعديون أول الأمر كمحررين للمغرب من الوجود المسيحي فأكسبهم ذلك تأييد المسلمين، إذ اعتبروا ذلك نوعاً من الجهاد فقدمت الدولة العثمانية مساعدات كبيرة لتحقيق ذلك، ثم عرضت على السعديين مشروع استرداد الأندلس، إلا أنه بعد أن دانت بلاد المغرب للشريف السعدي وانتهاء الحكم الوطاسي، توجه الشريف بأنظاره نحو تلمسان، فأرسل جيوشاً كبيرة لإنهاء الحكم العثماني فيها، وعندما شعر العثمانيون بتلك الأطماع وانحراف الشريف السعدي عن الهدف الإسلامي أرسلت له حملات ليعود إلى بلاده.
استمر المجاهدون في شمال افريقيا يهددون أمن غرب البحر المتوسط فقاموا بمناوشات بحرية أزعجت التجارة والسفن المحملة بين اسبانيا وايطاليا وغض المجاهدون من أهالي الشمال الأفريقي الجزء من البحر المتوسط بين سردينيا والساحل الأفريقي، وبذلك اضطرت السفن المسيحية أن تطرق الطرق الأكثر أماناً بالقرب من رأسي كورسيكا ولكن الاحتلال الفرنسي للرأس بمساعدة العثمانيين هددوا أيضاً الاتصالات بين اسبانيا وايطاليا، ولم تكن هناك مهلة لشارل الخامس في الدفاع عن الطرق البحرية ضد القسطنطينية التي كانت حلمه منذ سنوات طفولته، كما أنه صار غير قادر على تقديم مصالح مباشرة لاسبانيا.

أخر أيام خير الدين بربوسة:
استمر خير الدين في قيادة الأسطول العثماني وحقق انتصارات رائعة هزت أوروبا كلها وبعد أن تحالفت الدولة العثمانية مع فرنسا جعل خير الدين من مدينة (مارسيليا) قاعدة لقيادته ومقراً لاسطوله وهناك -في مارسيليا- باع خير الدين ورجال اسطوله الغنائم التي حملوها معهم من اسبانيا، كما باعوا فيها رقيق الاسبان من الرجال والنساء. فتداولتهم أيدي القوم، واشتراهم الفرنسيون بضاعة رابحة، ثم اخذوا يبيعونهم بأرباح طائلة الى يهود (ليفورنو) الإيطالية، وكان هؤلاء بدورهم يعيدون بيع الأسرى الارقاء الى الامبراطور (شارلكان) بأرباح خيالية. وأنضم الاسطول الفرنسي الى الاسطول العثماني بأمر من ملك فرنسا. ووضع قائد الاسطول الفرنسي (الأمير فرانسوا دبو بوربون) قواته تحت قيادة (خيرالدين) باعتباره القائد العام للقوات المتحالفة (العثمانية-الفرنسية) وكان أول عمل قام به (خير الدين) هو قيادة القوات لمهاجمة (نيس) وطرد حاكمها (دوق سافوا) وانتزاعها من الحكم الاسباني وإعادتها لملك فرنسا. ثم استقر خير الدين باسطوله في مدينة (طولون) وجعلها قاعدة للجيش الاسلامي والاسطول الاسلامي ، بعد أن غادرها معظم سكانها بأمر ملك فرنسا وتركوها في ايدي المسلمين. ثارت ثائرة المسيحية جمعاء ضد هذا التصرف الأفرنسي ، وأخذت الدعاية المضادة للمسلمين تجتاح أرجاء أوروبا ، يحملها الاسبان وغلاة الصليبية، ويستثمرونها الى أقصى الحدود. ومن ذلك قولهم : (ان خير الدين قد اقتلع أجراس الكنائس، فلم تعد تسمع في طولون إلا أذان المؤذنيين) وبقي خير الدين والجند الاسلامي بمدينة طولون حتى سنة 1544م.

هدهد سليمان
02-06-2009, 11:08 AM
استكمالا للتاريخ واعتذر عن الانقطاع وذلك لظروف خارجه عن ارادتي ونستأنف ..
وكان (شارلكان) أثناء ذلك قد هاجم شمال شرقي فرنسا وانهزم تحت جدران (شاتوتييري)( ) ثم اضطر للذهاب الى ألمانيا ، حيث كانت حركة التمرد البروتستانتي ضد الكاثوليكية بصفة عامة، وضده بصورة خاصة ، قد أخذت أبعاداً خطيرة. وأرغمه ذلك بعد أن هوى نجمه وذبل عوده بنتيجة نكبته أمام الجزائر -الى عقد معاهدة مع ملك فرنسا يوم 18 أيلول (سبتمبر) 1544م في مدينة (كريسبي دي فالوا). ونتج عن هذه المعاهدة جلاء (خير الدين) وقواته عن مدينة (طولون) ورجع الى العاصمة (استانبول). وبما أن الحرب لم تتوقف بين اسبانيا والمسلمين، فقد استمر (خير الدين) في ممارسة الأعمال القتالية أثناء طريق عودته، فتوقف أمام مدينة جنوة، وارتاع مجلس شيوخها فأرسل له مجموعة من الهدايا الثمينة مقابل عدم التعرض للمدينة بأذى، فتابع (خير الدين) طريقه حتى وصل جزيرة (البا) التي كانت تحت حكم اسبانيا -والتي أصبحت منفى نابليون بونابرت فيما بعد- فاحتلها، وغنم مابها، كما احتل عدداً من المدن الساحلية، من بينها مدينة (لبياري) ورجع الى العاصمة بسفنه مثقلة بالغنائم فاستقبل كأحسن ماتستقبل به الأم أبناءها البررة.
ولم يعمر خير الدين بعد ذلك طويلاً، ومضى الى جوار ربه ، وكان قد سبقه رفيق جهاده حسن باشا الطوشي سنة 1544م.
وغاب بوفاة (خير الدين) نجم طالما أضاءت له سماء المسلمين في البر والبحر ، وانطوت بغيابه صفحة ناصعة من صفحات الجهاد في سبيل الله لتبدأ صفحة جديدة.

التعاون البرتغالي الاسباني السعدي ضد العثمانيين:
بعد عودة فاس للسعديين ظهر محمد الشيخ كخصم عنيد للعثمانيين، ومن المعارضين لسياستهم التوسعية في بلاد المغرب، بل والأكثر من ذلك انه اعلن اثر دخوله فاس بأنه عازم على الذهاب الى الجزائر لمنازلة العثمانيين هناك، فهذا التنافس السعدي العثماني على شمال افريقيا، بل وعلى الخلافة الاسلامية كان في صالح الاسبان والبرتغال، ولا عجب اذا رأينا بعد ذلك تقارباً بين هؤلاء جميعاً ضد العثمانيين( ).
بعث الملك جون الثالث رسالة الى حاكم مازكان البرتغالي الفارودي كالفولو رداً على الطلب الذي تقدم به المولى محمد الشيخ الى كل من مدريد ولشبونة لتزويده بقوات عسكرية ضد العثمانيين كما حددت الرسالة بعض الشروط التي يراها البرتغاليون لمساعدة السعديين كتسليم بعض المراكز البحرية المغربية مثل بادس بنيون والعرائش، بالاضافة الى تموين القوات المسيحية التي سيرسلها لمساعدته ، وأخيراً يختتم الملك البرتغالي يوحنا الثالث بضرورة إخبار الأمبراطور الاسباني بذلك للتنسيق في عمل مشترك ضد العثمانيين ، ونتيجة لهذا التقارب فقد عقدت هدنة بين السعديين والبرتغال بواسطة حاكم مازكان لمدة ستة أشهر وذلك في مطلع 962هـ/1555م، وظل مفعول هذه الهدنة زمناً طويلاً.

هدهد سليمان
02-06-2009, 11:25 AM
إن الدولة العثمانية سعت الى ضم المغرب في نطاق توحيد البلاد الاسلامية والوقوف بها صفاً واحداً ضد الهجمات المسيحية، ذلك أن استقراره في قواعد بحرية تنتشر على طول سواحل المغرب الأقصى المطلة على المحيط الاطلسي، يعني في حقيقة الأمر نجاح الأساطيل العثمانية في اعتراض الطرق البرية للبرتغال أو اسبانيا مع العالم الجديد والشرق، من هنا نرى أن نجاح الفكرة كان يعتمد اساساً على وصول العثمانيين الى تلك السواحل ليشاركهم في ذلك المجاهدون الذين عملوا سنوات طويلة تحت أمرة أمراء البحر العظام، أمثال خير الدين وعروج بربروسا وصالح رايس.

احتلال محمد الشيخ السعدي لتلمسان:
انتهز الشريف السعدي محمد الشيخ فرصة عودة الأسطول العثماني الى استنبول فأسرع بإرسال جيوشه نحو تلمسان التي كان رجالها قد انضموا الى صفوف المجاهدين في محاولتهم لاسترجاع وهران فدخلها الشريف السعدي على غفلة ووضع على رأسها القائد ابن غنام زعيم القبائل بني راشد ، ووزير آخر ملوك الزيانيين المحتمين باسبانيا، أما الحامية العثمانية الموجودة في تلمسان بقيادة القائد محمود صفا بك فقد استطاعت الصمود في وجه السعديين حتى احتوت ذلك الهجوم السعدي.
إن السعديين كانوا يرون في ضم تلمسان عاملاً قوياً في توطيد سيطرتهم على المغرب الشرقي لصد كل تدخل عثماني في المغرب بعكس العثمانيين الذين كانوا يرون في التمركز بتلمسان تدعيماً لوجودهم في الجزائر وقاعدة حصينة لغزو المغرب( )، باعتبارها أقرب نقطة للوصول للأندلس كما أن شواطئ المغرب الشمالية والغربية تعتبر قواعد رئيسية لتهديد المواصلات البحرية للبرتغاليين والاسبان( ).
بدأت الدولة العثمانية بتغيير سياستها مع الحكام السعديين، عندما بعث السلطان سليمان القانوني برسالة الى سلطان الدولة السعدية يهنئه بما أحرزه من انتصارات ويعلمه لما كان عليه بنو مرين من الهدايا والرد والخدمة والميل إليه، وأن السلطان في نصرتهم وقد سبق وأن ظهر ذلك في آخر ملوك دولتهم أبي حسون، الذي زوده بأربعة آلاف جندي كان ذلك في محاولة من السلطان لتكوين اتحاد اسلامي كبير يواجه به الأخطار الخارجية، غير أن ذلك قوبل بالرفض من السلطان السعدي محمد الشيخ، الذي رد على مبعوث السلطان بقوله : (سلم على أمير القوارب سلطانك وقل له أن سلطان الغرب لابد أن ينازعك على محمل مصر ويكون قتاله معك عليه إن شاء الله ويأتيك الى مصر والسلام).
يظهر من ذلك استياء محمد الشيخ الذي لم يكن يرى شرعية الخلافة العثمانية، كما أظهر طموح محمد الشيخ الذي كان يحلم بإمامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

قتل محمد الشيخ في عام 964هـ/1557م من قبل حرسه الخاص وتطورت الأحداث بالمغرب وخاصة فيما يتعلق بالدولة السعدية، إذ لم يعد هناك مجال للشك في أن العثمانيين إنما يسعون جادين للاستيلاء على المغرب لا باعتباره الجزء المتمم للشمال الأفريقي فحسب، بل ولأهميته الاستراتيجية كأقرب نقطة الى بلاد الاسبان والبرتغال.
رأى السلطان العثماني ضرورة إعادة حسن بن خيرالدين الى الجزائر وذلك بعد مصرع حسن قور عام 964هـ/1557م بعد انقطاع استمر لعدة أعوام قضاها في الجهاد في مواطن اخرى، واستبشر الناس برجوعه، وشرع في ترتيب أمور الجزائر، فنظم الادارة ، ورتب الجيش ترتيباً أعانه على ضبطه وبدأ في رحلته الجهادية ووضع أمامه هدفين عظيمين ، تطهير الشمال الأفريقي من الوجود المسيحي واسترداد الأندلس لحوزة المسلمين .

الثورات الداخلية في المغرب الاقصى:
اندلعت الثورات المناهضة للإمارة السعدية بعد مقتل محمد الشيخ في تارودانت، فقامت ثورة المولى عثمان في السوس بالجنوب في جمادى الأول عام 965هـ/ فبراير عام 1558م، وثورة المولى عمر في دبدو بالمشرق في رجب عام 965هـ/ ابريل عام 1558م وثورة المولى عبدالمؤمن في مراكش في ربيع الأول عام 966هـ/ ديسمبر عام 1558م، ثم كانت المذبحة الجديد التي أنزلها عبدالله الغالب بثلاث من أخوته لرفضهم البيعة بولاية العهد لابنه محمد المتوكل، مما اضطر أخوته للهروب الى تلمسان والجزائر فهرب المولى عمر والمولى عبدالمؤمن وعبدالملك وأحمد المنصور، وذلك خوفاً من القتل.

قصد عبدالله الغالب الى مراكش ثم تارودانت حيث انتقم من قتلة أبيه، كما قضى على ثورة السوس التي نزعها عثمان ، ثم عاد سريعاً الى فاس لاعداد قواته، لصد الحملة العسكرية التي يقودها حسن بن خير الدين الذي حاول اغتنام فرصة الأحداث الداخلية المغربية لاحتلال البلاد( ) وقامت بين الطرفين معركة على وادي اللين بالقرب من فاس لم تسفر عن شيء إلا أن حسن بن خير الدين الذي وصلته أنباء عن تحرك الاسبان من مدينة وهران بما يوشك أن يقطع عنه خط العودة، فذهب الجيش العثماني الى مرفأ قصاصة في الشمال فركب سفينة وعاد للجزائر بينما ذهب قائد تلمسان الى حاميته استعداداً للحوادث المقبلة.

الاسطول العثماني يهاجم جربة في تونس:
قام الاسطول العثماني بقيادة بيالي باشا بالهجوم على جزيرة جربة في رمضان سنة 967هـ/مايو 1560م، ونجح الاسطول في تحقيق أهدافه ضد الاسبان( )، الذين لم يجدوا حرجاً من الاستنجاد بفرنسا ، بعد ذلك كان من المقرر أن يقوم بيالي باشا ببعض الغارات في البحر المتوسط قبيل عودته لقسطنطينية، ولكن درغوث باشا الذي سبق وأن ضايقه الثوار في الداخل، أقنع بيالي باشا بالتوجه الى طرابلس لمساعدته في القضاء على التمرد قرب تاجوراء، وقد وصل بيالي باشا الى طرابلس وصول الفاتحين ودخلت السفن العثمانية المزينة بالأعلام والشارات التي غنمها من الاعداء بينما كانت أعلام الأعداء منكسة فوق سواري السفن وقام بيالي باشا بطرابلس أياماً قليلة كافية لمعاقبة سكان تاجوراء، ثم أقلع بأسطوله صوب عاصمته.

ام فالح 2002
02-06-2009, 11:52 AM
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

مطيع الله
03-06-2009, 09:47 AM
أخي هدهد سليمان
جزاك الله خيراً
وبعد
فقد قرأت من هذه المقالات حروب العثمانيون في شمال أفريقيا تونس والجزائر و المغرب
وأعجبت بحنكة ومثابرة وشجاعة خير الدين رحمه الله وموتى المسلمين

ورأيت كيف عسكر في مدينة مرسيليا فترة حتى تصالح ملك فرنسا مع ملك اسبانيا
وقرأت كيف كان حلم دولة الخلافة تحرير الأندلس مرة أخرى خلال الخمسون سنة الأولى بعد سقوط الأندلس ولكن تخاذل ملوك المغرب السعديون منع ذلك

واصل رحمك الله واذكر لي مصادرك من فضلك

هدهد سليمان
04-06-2009, 12:38 PM
أخي هدهد سليمان
جزاك الله خيراً
وبعد
فقد قرأت من هذه المقالات حروب العثمانيون في شمال أفريقيا تونس والجزائر و المغرب
وأعجبت بحنكة ومثابرة وشجاعة خير الدين رحمه الله وموتى المسلمين

ورأيت كيف عسكر في مدينة مرسيليا فترة حتى تصالح ملك فرنسا مع ملك اسبانيا
وقرأت كيف كان حلم دولة الخلافة تحرير الأندلس مرة أخرى خلال الخمسون سنة الأولى بعد سقوط الأندلس ولكن تخاذل ملوك المغرب السعديون منع ذلك

واصل رحمك الله واذكر لي مصادرك من فضلك



ابشر بإذن الله بللي يسرك لكن اعطني قليلا من الوقت إذا سمحت لي بذلك واعتذر عن انقطاعي وذلك لإنشغالي بالفترة الحاليه . . جزاك الله خير والمصدر سيتم طرحه في نهاية الموضوع

هدهد سليمان
04-06-2009, 12:49 PM
اعتقال حسن خير الدين وأرساله الى استانبول:
استمر حسن خير الدين في استعداداته لمهاجمة المغرب، فشرع في تكوين قوة من رجال القبائل كان ينوي أن يوكل إليها حراسة الجزائر أثناء غيابه لعدم ثقته بالانكشارية ، الذين احسوا بالخطر فقاموا في صيف 696هـ/1561م بإعتقال حسن باشا وأعوانه وأرسلوه مقيداً الى استانبول ورافق حسن باشا عدد من زعماء الجند مهمتهم أن يوضحوا للسلطان الأسباب التي دفعتهم الى هذا التصرف متهمين حسن باشا أنه كان ينوي القضاء على الأوجاق والاعتاد على جيش محلي بغرض الاستقلال عن السلطان، لكن السلطان ارسل أحمد باشا مع قوة بحرية لمعاقبة المتمردين والقضاء على الفوضى ونجح احمد باشا في اعتقال زعماء التمرد وأرسلهم الى استانبول.

عودة حسن بن خير الدين الى الجزائر:
أعاد السلطان العثماني سليمان القانوني حسن بن خير الدين الى بيلربكية الجزائر للمرة الثالثة في أواخر سنة 970هـ/1562م معززاً بعشرة سفن حربية ومزوداً بقوة عسكرية مسلحة قضى بعدها حسن بن خير الدين خمسة أشهر بعد عودته يهيء العدة والعتاد لمهاجمة وهران والمرسى الكبير وهما كل مابقي لاسبانيا ببلاد الجزائر.
خرج حسن بن خير الدين في سنة 971هـ/1563م من مدينة الجزائر نحو الغرب ، يقود جيشاً كبيراً مؤلفاً من خمسة عشر ألف رجل من رماة البندقية وألف فارس من الصباحية تحت أمرة احمد مقرن الزواوي ، واثنى عشر ألف رجل من زواوة وبني عباس، أما مؤن وذخيرة الجيش فقد حملها الاسطول العثماني الى مدينة مستغانم التي اتخذها قاعدة للعمليات وفي 13 ابريل وصل حسن خير الدين بكامل قوته أمام مدينة وهران وضرب حصار حولها، وكان الاسبان مستعدين لتلقي الصدمة وراء حصونهم وقلاعهم ، بعد أن توالت النجدات الاسبانية والبرتغالية على وهران استجابة لنداء حاكمها، ومنذ أن صارت القوات العثمانية على مسافة مرحلتين، وبينهما كان البيلربك نفسه على بعد ست مراحل مما اضطر حسن بن خير الدين الى رفع الحصار قبل وصول المزيد من هذه النجدات التي اتخذت من مالطة مركزاً لتجمعها وهكذا لم يستطع حسن بن خير الدين من تحقيق هدفه ذلك لأن فيليب الثاني كان قد وضع برنامجاً طموحاً للأسطول الاسباني، والبناء البحري في ترسانات إيطاليا وقطالونيا، كما وردت لخزانة اسبانية إعانة من البابوية واجتمعت سلطة قشتالة التشريعة في جلسة غير عادية ، وأقرت وجوب امداد اسبانيا بمعونات مالية، لتساندها في حربها مع العثمانيين ، ومما كانت ثمرة تلك المجهودات وإعادة التنظيم لهيكل اسبانيا وهزيمة العثمانيين في وهران سنة 971هـ/1563م.
بدأ فيليب الثاني يستعد لاحتلال جزيرة باديس وتشجع بذلك النصر الذي حققه في وهران ، وتوجه لذلك اسطولاً في نفس السنة 971هـ/1563م، فقاومه المجاهدون مقاومة عنيفة، اضطرت الأسطول الى التراجع والجدير بالذكر أن جزيرة باديس كانت أقرب نقطة مغربية الى جبل طارق، وأنها كانت بالنسبة للمجاهدين ميناءً هاماً ، إذ يمكنهم من خلالها العبور للأندلس ، كما يمكنهم التسلل لداخل الأراضي الاسبانية لتقديم المساعدة للمسلمين هناك والذين أطلقوا على أنفسهم الغرباء، وهذا مادفع الاسبانيين الهجوم عليها من خلال محاولتهم السابقة كما كانت جزيرة باديس بالإضافة الى ذلك مثار رعب وخوف لدى السلطان السعدي الغالب بالله، إذ خاف السلطان أن يخرج الأسطول العثماني من تلك الجزيرة الى المغرب، فاتفق مع الاسبان أن يخلي لهم الادالة من حجرة باديس ويبيع لهم البلاد ويخليها من المسلمين ، وينقطع اسطول العثمانيين في تلك الناحية ، مقابل الدفاع عن شواطئ المغرب إذ هاجمها الاسطول العثماني الذي علم بتلك المؤامرة فانسحب ورجع الى الجزائر كما عزل بويحي رايس من منصبه في باديس في أواخر عام 971هـ/1563م، وانصرف العثمانيون عن الحرب في غرب البحر المتوسط، إذ توجه نشاط الاسطول الحربي الى جزيرة مالطة في الشرق.

الصراع على مالطة:
كان السلطان العثماني سليمان القانوني قد عزم على فتح جزيرة مالطة التي كانت أكبر معقل للمسيحيين في وسط البحر المتوسط، والتي سبق وأن استقر فيها فرسان القديس يوحنا، فأرسل السلطان العثماني أسطوله بقيادة بيالي باشا نفسه، كما طلب من درغوث رايس حاكم طرابلس وجربة، وحسن خيرالدين أن يتوجها على رأس أسطوليهما الاسلاميين للمشاركة في عملية مالطة واخضاعها استعداداً لمنازلة بقية المعاقل الاسلامية بعد ذلك فسار حسن بن خير الدين على رأس عمارة تشمل 25 سفينة وثلاثة آلاف رجل ووصل الاسطول الاسلامي أمام مالطة يوم 18 مايو وفرض الحصار عليها، واستمر الحصار ضيقاً شديداً الى أن جهزت المسيحية رجالها وأساطيلها ووصل المدد تحت قيادة نائب الملك في صقلية، برفقة اسطول تعداده 28 سفينة حربية تحمل عدد كبير من المقاتلين ونشبت المعركة بين الطرفين، وتمكن الاسطول الأسلامي من الانسحاب في 18 ربيع الأول 973هـ/8 ديسمبر 1565م.

هدهد سليمان
04-06-2009, 01:01 PM
حسن بن خير الدين بربروسة القائد العام للأسطول العثماني:
خلف السلطان سليمان القانوني السلطان سليم الثاني، الذي اسند منصب القائد العام للأسطول العثماني الى حسن بن خير الدين ؛ فترك الجزائر متوجهاً الى استانبول سنة 975هـ/1567م( )، وتولى منصب بيلر بي الجزائر بعد حسن بن خير الدين محمد بن صالح رايس، في ذي الحجة 974هـ/يونيو 1567م وصادف في تلك السنة انتشار الأوبئة والمجاعة، صحبها تمرد الجند العثماني واضرب الشعب، فاضطر الى صرف وقته في مواساة المصابين وتسكين الفتن، ثم فاجأت محمد صالح رايس ثورة عامل قسنطية المتأثرة بولاة تونس الحفصيين فعزله البيلر باي وقضى على ثورته وولى على قسنطنية القائد رمضان بن تشولاق، وفي ربيع الأول سنة 975هـ/سبتمبر 1567م، هاجم الاسبان مدينة الجزائر، إلا أنهم ردوا على أعقابهم ، ثم لم تطل ولاية محمد صالح بن رايس، إذ تعين نقله الى ولاية أخرى في أنحاء الدولة.

قلج علي تولى بيلر بك الجزائر:
اسند منصب بيلربك الجزائر الى قلج علي في 14 صفر سنة 976هـ/الموافق 8 أغسطس 1568م وعرف عنه بالعزم في تسيير الادارة والبطولة الحربية والشجاعة.
اتخذ قلج علي خطوات عملية لتنفيذ مشروع خطير للغاية وهو إعادة الحكم الاسلامي في اسبانيا وتحرير الشمال الافريقي من الجيوب الصليبية فوجه اهتمامه الى الأسطول أكثر من غيره وصار بعده مبعث قلق ورهبة للأوروبيين ، كما انتزع من الفرنسيين حق احتكار المرجان بمركز القالة بسبب تماطلهم وتخلفهم عن دفع الضريبة لثلاث سنوات مضت وتصرفهم في المنطقة التي نزلوا فيها تصرف السادة.

إعادة تونس للحكم العثماني:
صمم قلج علي على ضرورة تصفية القواعد الاسبانية في تونس، قبل أن يبدأ نشاطه في شبه الجزيرة الايبيرية ، وذلك لتعبئة الدفاع عن طرابلس والجزائر وكان الاسبان قد اتخذوا من تونس نقطة ارتكاز وقاعدة انطلاق على العثمانيين في طرابلس والجزائر ، لذلك لابد من تأمينها.
كان قلج علي على اتصال بالوزير الحفصي أبي الطيب الخضار ورأى ذلك الوزير أن فتح تونس قد حان وقته وأرسل الى قلج علي يهون عليه أمرها ويتعهد له بتقديم العون.
جهز بيلربك الجزائر قلج علي جيشاً مؤلفاً من نحو سبعة آلاف مقاتل وزحف به نحو تونس فقابل سلطانها أبي العباس أحمد بباجة، ثم بعد قتال عنيف انهزم الأمير الحفصي وتقدم قلج علي بمجموعة نحو تونس وأخذ بيعة أهلها للسلطان سليم الثاني ورتب حامية لحراسة البلاد تحت رعاية حيدر باشا وعاد الى مقره بالجزائر، وبقيت منطقة حلق الواد بيد الاسبان، وكانت قوات قلج علي لاتكفي وحدها لتطهير البلاد من الاحتلال الاسباني ، لذا فإنه كتب الى استانبول يطلب مده بقوة تكفي لتحرير الموقع ، وكان اهتمام قلج علي بشرق الجزائر سياسة اختص بها من دون اسلافه، فكان يرى أنه لابد من تأمين ظهره ليتسنى له التقدم للغرب، ثم التوجه للأندلس، بعد أن يكون قد أضعف التواجد الاسباني في الشمال الأفريقي.

هدهد سليمان
08-06-2009, 08:17 AM
نكمل ما قد بدأناه بإذن الله والآن نأتي على ثورة مسلمي الأندلس:
كانت حركة الجهاد في الشمال الأفريقي قد شجعت مسلمي الأندلس وفجرت طاقاتهم الكامنة وجعلتهم يتغلبون على الحواجز النفسية التي بنيت في نفوسهم على مر السنين وسادت الاقاليم الاسبانية موجة من الظلم والارهاب والفظائع، فهذه الحالة المربكة وماصاحبها من مظالم وويلات جعلت بقية مسلمي اسبانيا في الجنوب سواء من الذين ظلوا محافظين على دينهم أو المنتصرين ظاهرياً، يتأهبون للانقضاض على الحكم الاسباني.
سادت اسبانيا ارهاصات ثورة المسلمين في غرناطة فشكل الملك الاسباني فيليب الثاني نوعاً جديداً من الميلشيات تقيم في كل مدينة من مدن اسبانيا لمواجهة الثورة بين الذين استقبلوا مبعوثين من ملك فاس لجمع الخراج على تبعيتهم في الولاء لسيادة الأمير السعدي، كما تلقى مسلمي الأندلس مساعدات عثمانية ، اصبح الموقف صعباً بالنسبة لاسبانيا خاصة غرناطة ومما زاد الحالة خطورة أن بحرية فيليب الثاني كانت متفرقة في أنحاء بعيدة، وحصونه غير معززة والسواحل مكشوفة، خاصة الشواطئ الجنوبية موقع المجاهدين.
بعد أن أعيت النصارى كل الوسائل للقضاء على الروح الدينة لمسلمي الأندس وتحويلهم للمسيحية لجأوا الى العنف فحرموا على المسلمين التحدث بالعربية والاتصال بالمسلمين في الشمال الافريقي وفي بعض اقاليم اسبانيا كما حرموا على النساء الخروج الى الشوارع متحجبات وقفل أبواب دورهم وتحطيم الحمامات وإقامة الحفلات حسب تقاليدهم، كل ذلك فجر الثورة وقاد مسلمي الأندلس الى حرب البوشارات التي هي أهم حرب أو ثورة مسلحة قام بها المسلمون بعد سقوط غرناطة كانت هذه الحرب في 1568م وتزعمها محمد بن أمية.

خيانة السلطان السعدي الغالب بالله لمسلمي الأندلس:
بذل السلطان السعدي الغالب بالله الوعود المعسولة لرسل الثوار البورشارات ووعدهم بالنصر وتقديم كل مايحتاجونه من عتاد وسلاح ورجال... ، لكن استمر الغالب بالله محافظاً على روابطه الودية مع فيليب الثاني، وعمل على خذلان أهل الأندلس: (وأما أهل الأندلس وغشه لهم وتوريطهم للهلكة في دينهم وأقوالهم وأولادهم وفي نفوسهم فأمر مستعظم عند جميع من في قلبه ذرة من الايمان، وأدنى مملكة من الاسلام وذلك أنه لما احتوى عليهم النصراني ، وأخذ جميع أراضيهم وشملها سلطانه، بقي المسلمون بضع سنين تحت الذمة والذلة فقهروهم بكثرة المكس ، فصاروا يكتبون الى ملوك المسلمين شرقاً وغرباً وهم يناشدونه الله في الإغاثة وأكثر كتبهم الى مولاي عبدالله لأنه هو القريب الى أراضيهم ، زمان قد قوي سلطانه وصحت أركانه وجندت أجناده وكثرت أعداده فأمرهم غشاً منهم بأن يقوموا مع النصارى ليثق بهم في قولهم ويظهروا فعلهم، فما قاموا على النصارى تراخى عما وعدهم به من الإغاثة وكذب عليهم وغشا منه لهم ولدين الله عز وجل ومصلحة لملكه الزائل وكانت بينه وبين النصارى مكاتبات في ذلك ومراسلات، وأنه استشار معهم وأشار عليهم أن يخرجوا أهل الأندلس الى ناحية المغرب وقصده بذلك تعمير سواحله ويكون لهم بمدينتي فاس ومراكش جيش عظيم ينتفع به في صالح ملكه).

تسارعت الاحداث في اسبانيا، وبلغ عدد المجاهدين في أوائل سنة 976هـ/1569م أكثر من مائة وخمسين ألف، وصادف تلك الثورة صعوبات كبيرة بالنسبة للحكومة الاسبانية ، إذ كانت غالبية الجيش متقدمة مع دوق البابا في الأراضي المنخفضة وأثبتت الدوريات البحرية أنها غير قادرة على حرمان الثوار المسلمين من الاتصال بالعثمانيين في الجزائر.

قلج علي يقف موقف الأبطال مع مسلمي الأندلس:
كان قلج علي على اتصال مباشر بقيادة مسلمي الأندلس عبر قنوات خاصة أشرف عليها جهاز الاستخبارات العثمانية واستطاع هذا القائد أن يمد الثوار في اسبانيا بالرجال والاسحلة والعتاد، وتم الاتفاق مع مسلمي الاندلس على القيام بثورة عارمة في الوقت الذي تصل فيه القوات الاسلامية من الجزائر الى مناطق معينة على الساحل الاسباني( ).
جمع قلج علي جيشاً عظيماً قوامه أربعة عشر ألف رجل من رماة البنادق وستين ألفاً من المجاهدين العثمانيين من مختلف أرجاء البلاد، وأرسلهم الى مدينتي مستغانم ومازغران استعداداً للهجوم على وهران ثم النزول في بلاد الأندلس، وكان يرافق ذلك الجيش عدداً كبيراً من المدافع وألف وأربعمائة بعير محملة بالبارود الخاص بالمدافع والبنادق.
وفي اليوم المتفق عليه وصلت اربعون سفينة من الأسطول العثماني أمام مرسى المرية الاسباني ، لشد آزر الثورة ساعة نشوبها لكن أخفق ذلك المخطط وذلك بسبب سوء تصرف أحد رجال الثورة الأندلسيين إذ انكشف أمره فداهمه الاسبان، وضبطوا ماكان يخفيه من سلاح( ) بعد أن نجح قلج علي في انزال الأسلحة والعتاد والمتطوعين على الساحل الاسباني( )، لم تقع الثورة في الموعد المحدد لها، وضاعت بذلك فرصة مفاجئة الاسبان( ).
لقد قام قلج علي في شعبان سنة 976هـ/ يناير سنة 1569م ببعث اسطول الجزائر لتأييد الثائرين في محاولتهم الأولى، وحاول انزال الجند العثماني في الأماكن المتفق عليها ، لكن الاسبان كانوا قد عرفوا ذلك بعد اكتشاف المخطط فصدوا قلج علي عن النزول وكان الثورة في عنفوانها، وزوابع الشتاء قوية في البحر فالأسطول الجزائري صار يقاوم الاعاصير من أجل الوصول الى أماكن أخرى من الساحل ينزل بها المدد المطلوب ، إلا أن قوة الزوابع أغرقت 32 سفينة جزائرية تحمل الرجال والسلاح، وتمكنت ست سفن من انزال شحنتها فوق سواحل الأندلس، وكان فيها المدافع والبارود والمجاهدين( ).
استمر قلج علي في امداد مسلمي الأندلس رغم الكارثة التي حلت بقواته ، وتمكن ذلك المجاهد الفذ من انزال اربعة آلاف مجاهد من رماة البنادق مع كمية كبيرة من الذخائر وبعض من قادة المجاهدين العثمانيين، للعمل في مراكز قيادة جهاد مسلمي الأندلس( ).
وعاد العثمانيون فأرسلوا دعماً جديداً من الرجال والسلاح وإعانة للثورة الاندلسية، فصدرت الأوامر الى قلج علي بذلك في 23 شوال 977هـ/31 مارس 1570م ( ... عليك بالتنفيذ بما جاء في هذا الحكم حال وصوله وأن تعاون أهل الاسلام المذكورين بكل مايتيسر تقديمه لهم وأن الغفلة عن الكفار أصابهم الدمار غير جائزة...) وكان القائد المجاهد قلج علي قد عزم على الذهاب بنفسه ليتولى قيادة الجهاد هناك لكن ماشاع عن تجمع الاسطول الصليبي للقيام بمعركة حاسمة مع المسلمين وأمر السلطان العثماني له بالاستعداد للمشاركة في هذه المعركة جعله مضطراً للبقاء في الجزائر منتظراً لأوامر استانبول( ).
وفي غمرة الثورة الاندلسية اتهم زعيم الثورة ابن أمية بالتقاعس عن الجهد وهاجمه المتآمرون وقتل في منزله واختير مولاي عبدالله بن محمد بن عبو بدلاً منه وبعث قلج علي تعزيزات له ونجح الزعيم الجديد في حملاته الأولى ضد النصارى الاسبان وطوق جيشه مدينة أرجيه.
انزعجت الحكومة الاسبانية لهذا التطورات وعينت دون جوان النمساوي على قيادة الاسطول الأسباني (وهو ابن غير شرعي للأمبراطور شارل) فباشر قمع الثورة في سنواتها 977-987هـ/1569-1570م، وأتى من الفظائع مابخلت بأمثاله كتب الوقائع فذبح النساء والأطفال أمام عينيه، وأحرق المساكن ودمر البلاد وكان شعاره لاهوادة وانتهى الأمر بإذعان مسلمي الأندلس، لكنه إذعان مؤقت، إذ لم يلبث مولاي عبدالله أن عاد الكرة، فاحتال الاسبان عليه ، حتى قتلوه غيلة ونصبوا رأسه منصوباً فوق أحد أبواب غرناطة زمناً طويلاً( ).

هدهد سليمان
08-06-2009, 08:32 AM
المتوكل على الله ابن عبدالله الغالب السعدي


تولى أمر السعديين بعد وفاة عبدالله الغالب بالله ابنه المتوكل على الله الذي كان يضمر الشر لعميه عبدالملك ابي مروان وأحمد المنصور فخرجا من المغرب واتجها الى السلطان العثماني يستنجدوا به( )، وما من شك في أن انتصار العثمانيين في تونس ضد الاسبان واستتباب الأمر فيها، قد شجعهم على مساعدة المولى عبدالملك المطالب بالعرش المغربي، لبسط نفوذه على البلاد، ولأن الاستيلاء على المغرب يؤمن الحدود الغربية للدولة العثمانية،ويوطد أقدام العثمانيين في مجموع الشمال الأفريقي علاوة على أن ضم المغرب من شأنه أن يبعث الرعب في قلوب الاسبان والبرتغال ويبعثهم على طلب ود السلطان في استانبول( ).
تابع المتوكل على الله خطة والده في التقرب من الدول المسيحية ومسالمتها لصد العثمانيين ، حيث لم يعد لديه شك في أنهم سينجدون عميه بقوات عسكرية فعقد اتفاقاً مع انجلترا، التي كانت ترغب في تجارتها مع المغرب للفوائد التي تعود على التجار الانجليز من وراء ذلك، زيادة على أنها تدرك الأهمية العظمى التي للمغرب ، خصوصاً وقد كانت انجلترا في حالة حرب ضد اسبانيا( ) وتوقيع المتوكل للاتفاقية التجارية مع الانجليز ، يعد العمل الوحيد الذي قام به خلال حكمه القصير، وقد فعل ذلك باعتبار أن الانجليز كانوا من بين التجار الاجانب الذي يبيعون مواد الحرب من ذخائر وأسلحة للمغاربة منذ زمن بعيد، ولا تخفى علينا حاجة المتوكل في هذا الوقت الى السلاح لصد الخطر العثماني ولمقاومة عمه المطالب بالعرش.
وجدت الدولة العثمانية في انشغال ملك اسبانيا فيليب الثاني بأحداث أوروبا الغربية حيث ثورة الأراضي المنخفضة، فرصة مناسبة للتدخل في المغرب( )، فأمدوا المولى عبدالملك بجيش قوامه خمسة آلاف مقاتل مسلحين بأحسن الأسلحة، ودخل المولى عبدالملك فاس بعد أن أحرز انتصاراً كبيراً على ابن أخيه المتوكل وعاد الجيش أدراجه الى الجزائر( ).
وقام عبدالملك بإصلاحات في دولته من أهمها:
1- أمر بتجديد السفن، وبصنع المراكب الجديدة، فانتعشت بذلك الصناعة عامة.
2- اهتم بالتجارة البحرية ، وكان للأموال التي غنمها من حروبه على سواحل المغرب سبب في انتعاش ونمو الميزان الاقتصادي للدولة.
3- أسس جيشاً نظامياً متطوراً واستفاد من خبرة الجندية العثمانية وتشبه بهم في التسليح والرتب.
4- استطاع أن يبني علاقات متينة مع العثمانيين وجعل منهم حلفاء واصدقاء وإخوة مخلصين للمسلمين في المغرب.
5- فرض احترامه على أهل عصره، حتى الأوروبيين ، احترموه وأجلوه قال الشاعر الفرنسي أكبريبا دو بين المعاصر لأحداث هذه الفترة: ( كان عبدالمك جميل الوجه، بل أجمل قومه، وكان فكره نيراً بطبيعته، وكان يحسن اللغات الاسبانية والإيطالية والأرمنية والروسية، وكان شاعراً مجيداً في اللغة العربية ، وباختصار، فإن معارفه لوكانت عند أمير من أمرائنا لقلنا إن هذه أكثر مما يلزم بالنسبة لنبيل، فأحرى لملك)( ).
6- أهتم بتقوية مؤسسات الدولة ودواوينها وأجهزتها، واستطاع أن يشكل جهازاً شورياً للدولة اصبح على معرفة بأمور الدولة الداخلية، وأحوال السكان عامة، وعلى دراية بالسياسة الدولية وخاصة الدول التي لها علاقة بالسياسة المغربية وكان أخوه أبوالعباس أحمد المنصور بالله الملقب في كتب التاريخ بالذهبي ساعده الأيمن في كل شؤون الدولة)

تحالف محمد المتوكل السعدي مع ملك البرتغال سبستيان:
كان محمد المتوكل بعد هزيمته من عمه عبدالملك قد اتصل بملك البرتغال سبستيان واتفق معه على أن يعينه على طرد عمه من حكم المغرب، وأن يتنازل له مقابل ذلك عن جميع شواطئ المغرب، فقبل سبستيان ذلك العرض المغربي( ).
انتقل المتوكل الى سبته وأقام بها أربعة شهور، ومنها اتجه الى طنجة في انتظار دون سبستيان على رأس القوات العسكرية.
وفي أثناء استعدادات الدول المسيحية وخاصة البرتغال للوثوب على المغرب، وإخضاعه بالكامل ، أرسل العثمانيون مدربين وأسلحة متنوعة ، واشفعوا في ذلك بفيلق عسكري( )، حيث تتجلى هنا الروح الاسلامية في الدفاع عن عقيدتهم لأن المعركة معركة المسلمين جميعاً وخصوصاً الدولة العثمانية التي كانت تحمل على عاتقها حماية المسلمين واراضيهم بعيدة عن المصالح المادية( ).

معركة وادي المخازن:
إن من الأعمال العظيمة التي قامت بها الدولة السعدية في زمن السلطان عبدالملك انتصارهم الرائع والعظيم على نصارى البرتغال في معركة الملوك الثلاثة، والتي تسمى في كتب التاريخ معركة القصر الكبير أو معركة وادي المخازن بتاريخ : 30 جمادي الثانية 986هـ الموافق 4 آب (أغسطس) 1578م.
لقد كان لتلك المعارك أسباب من أهمها:
1- أراد البرتغاليون أن يمحو عن أنفسهم العار والخزي الذي لحقهم بسبب ضربات المغاربة الموفقة والتي جعلتهم بنسحبون من أسفى وأزمور وأصيلا وغيرها في زمن يوحنا الثالث آب (1521-1557م).
2- أراد ملك البرتغال الجديد سبستيان ابن يوحنا أن يخوض حرباً مقدسة ضد المسلمين حتى يعلو شأنه بين ملوك أوروبا، وزاد غروره بعد ماحققه البرتغاليين من اكتشافات جغرافية جديدة أراد أن يستفيد منها من أجل تطويق العالم الاسلامي يدفعه في ذلك حقده على الاسلام وأهله عموماً، وعلى المغرب خصوصاً، لقد جمع ذلك الملك بين الحقد الصليبي والعقلية الاستعمارية التي ترى أن يدها مطلقة ، في كل أرض مسلمة تعجز عن حماية نفسها من أي خطر خارجي من جهة اخرى، ومن جهة اخرى خطط لغزو واحتلال المغرب( ).

حشود النصارى:
استطاع سبستيان أن يحشد من النصارى عشرات الألوف من الاسبان والبرتغاليين والطليان والألمان وجهز هذه الألوف بكافة الأسلحة الممكنة في زمنه، وجهز ألف مركب لتحمل هؤلاء الجنود نحو المغرب( ).
ووصلت قوات النصارى الى طنجة واصيلا في عام 1578م.

الجيش المغربي:
كانت الصيحة من جنبات المغرب الأقصى: "أن أقصدوا وادي المخازن للجهاد في سبيل الله".
والتقت جموع المغاربة حول قيادة عبدالملك المعتصم بالله، وحاول المتوكل المخلوع أن يخترق ذلك التلاحم فكتب الى أهل المغرب مااستنصرت النصارى حتى عدمت النصرة من المسلمين وقد قال العلماء: إنه يجوز للانسان أن يستعين على من غصبه حق بكل ماأمكنه وتهددهم( ) قائلاً: {فإن لم تفعلوا، فأذنوا بحرب من الله ورسوله} (سورة البقرة، آية ).
فأجابه علماء المغرب عن رسالته برسالة دحضت أباطيله، وفضحت زوره وبهتانه وكذبه، ومما جاء فيه : (الحمدلله كما يجب لجلاله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير أنبيائه ورسله، والرضى به، حتى أسس الله دين الاسلام بشروط صحته وكماله وبعد:
فهذا جواب من كافة الشرفاء والعلماء والصلحاء والأجناد من أهل المغرب.
لو رجعت على نفسك اللوم والعتاب، لعلمت أنك المحجوب والمصاب .. وأما قولك في النصارى فإنك رجعت الى أهل العدوة واستعظمت أن تسميهم بالنصارى، فيه المقت الذي لايخفى ، وقولك رجع إليهم حين عدمت النصرة من المسلمين ففيه محظورات يحضر عندهم غضب الرب جل جلاله، أحدهما: كونك اعتقدت أن المسلمين كلهم على ضلال ، وأن الحق لم يبق من يقوم به إلا النصارى والعياذ بالله.
والثاني: إنك استعنت بالكفار على المسلمين: قال عليه الصلاة والسلام. إني لا استعين بمشرك.. الاستعانة بهم -بالمشركين- على المسلمين فلا يخطر إلا على بال من قلبه وراء لسانه، وقد قيل قديماً : لسان العاقل من وراء قلبه .. وقولك: فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، إيه أنت مع الله ورسوله ولما سمعت جنود الله وأنصاره وحماة دينه من العرب والعجم قولك هذا، حملتهم الغيرة الاسلامية والحمية الايمانية ، وتجدد لهم نور الايمان وأشرق عليهم شعاع الايقان؛ فمن قائل يقول لا دين إلا دين محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن قائل يقول: سترون ما أصنع عند اللقاء، ومن قائل يقول: {وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين..} (سورة العنكبوت: آية 110) وقد افتخرت في كتابك بجموع الروم وقيامهم معك، وعولت على بلوغ المُلك بحشودهم ، وأني لك هذا( ) مع قول الله تعالى : {ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} ولما عاين أهل القصر الكبير النصارى واستبطؤوا وصول السلطان عبدالملك أرادوا الفرار والتحصن في الجبال، فقام الشيخ أبو المحاسن يوسف الفاسي بتثبيت الناس.
وكتب عبدالملك بالله المعتصم بالله من مراكش الى سبستيان : (إن سطوتك قد ظهرت في خروجك من أرضك، وجوازك العدوة، فإن ثبت الى أن تقدم عليك، فأنت نصراني حقيقي شجاع، وإلا فأنت كلب بن كلب)( ). فليس من الشجاعة ولا من روح الفروسية أن ينقض على سكان القرى والمدن العزل، ولا ينتظر مقابلة المحاربين وكان لذلك الخطاب أثر في غضب سبستيان وقرر أخيراً التريث رغم مخالفة أركان جيشه الذين أشاروا عليه بالتقدم لاحتلال تطوان والعرايش والقصر( ).
وتحركت قواد عبدالملك المعتصم بالله، وسار أخوه أحمد المنصور بأهل فاس وماحولها وكان اللقاء قرب محلة القصر الكبير.

قوى الطرفين (البرتغالي النصراني والاسلامي المغربي):
الجيش البرتغالي :
125.000، ومايلزمهم من المعدات والرواية الأوروبية تقلل بعد الهزيمة عدد جيشها، وتضخم عدد جيش المغرب، فهي تتحدث عن 14.000راجحل، و2000 فارس ، و36 مدفعاً، ومقابل 50.000 راجل في الجيش المغربي و22.000 ، 1.500 من الرماة، 20 مدفعاً. ذكر ابو القاضي في (المنتقى المقصور): (عدد الجيش البرتغالي مئة ألف وخمسة وعشرون ألفاً)( ).
وقال أبو عبدالله محمد العربي الفاسي في (مرآة المحاسن): أن مجموعهم كان مئة وعشرين ألفاً، وأقل ماقيل في عددهم ثمانون ألف مقاتل( ).
كان مع الجيش البرتغالي: 20.000 إسباني، 3000 ألماني، 7000 إيطالي... وغيرهم عدد كبير .. مع ألوف الخيل، وأكثر من أربعين مدفعاً.. وكل هذه القوى البشرية والمادية بقيادة الملك سبستيان.
وكان معهم، المتوكل المسلوخ بشرذمة تتراوح مابين 300-600 رجل على الأكثر( ).
الجيش المغربي:
وكان جيش المغاربة تعداده 40.000 مجاهداً يملكون تفوقاً في الخيل ومدافعهم أربعة وثلاثون مدفعاً فقط وكانت معنوياتهم مرتفعة جداً بسبب :
1- ذاقوا حلاوة الانتصار على النصارى المحتلين واستخلصوا من ايديهم ثغوراً كثيرة كانت محاطة بالأسوار العالية، والحصون المنيعة، والخنادق العميقة.
2- إلتفاف الشعب حول القيادة، تم إلتحام القبائل والطرق الصوفية وأهل المدن لأن المعركة كانت حاسمة في تاريخ الاسلام وفاصلة في تاريخ المغرب وكان الشيخ ابو المحاسن الفاسي زعيم الطريقة الشاذلية الجزولية لا يكل ولا يمل في شحذ الهمم ورفع المعنويات وقد قاد هذا الشيخ أحد جناحي الجيش المغربي وأبلى بلاءً حسناً رائعاً وثبت الى أن منح الله المسلمين النصر، وركبوا أكتاف العدو يقتلون ويأسرون وتورع أبو المحاسن عن الغنيمة بعد الانتصار العظيم ، وعفَّ عنها، ولم يأخذ منها شيئاً( ).
وأظهر عبدالملك المعتصم بالله وأخوه ابوالعباس والقادة العثمانيون عبقرية فذة في المعركة.
" لقد حنكت التجارب عبدالملك المعتصم بالله، فعزل عدوه عن اسطوله بالشاطئ بمكيدة عظيمة، وخطة مدروسة حكيمة، عندما استدرج سبستيان الى مكان حدده عبدالملك ميداناً للمعركة. وكان عزله عن أسطوله محكماً عندما أمر عبدالملك بالقنطرة أن تهدم ووجه إليها كتيبة من الخيل بقيادة أخيه المنصور فهدمها"( ).
لقد جعل عبدالملك المدفعية في المقدمة، ثم صفوف للرماة المشاة، وجعل قيادته في القلب وعلى المجنبتين رماه فرسان والقوى الاسلامية المتطوعة وجعل مجموعة من الفرسان كقوة احتياطية لتنقض في الوقت المناسب وهي في غاية الراحة لمطاردة فلولا البرتغاليين ، واستثمار النصر( ).
كان صباح الاثنين 30 جمادى الآخرة 986هـ/1578م يوماً مشهوداً في تاريخ المغرب، ويوماً خالداً في تاريخ الاسلام.
وقف السلطان عبدالملك المعتصم بالله خطيباً في جيشه، مذكراً بوعد الله للصادقين المجاهدين بالنصر( ) :
{ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} (الحج: آية 40).
{ وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم} (الانفال: آية 10).
كما ذكر بوجب الثبات:
{ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولهم الأدبار} (الانفال: آية 15).
{ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاأثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون} (الانفال : آية 45).
وبضرورة الانتظام:
{ إن الله يحب الذين يقاتلون في سيبله صفاً كأنهم بنيان مرصوص} (الصف: آية 4).
وذكر أيضاً حقيقة لا مراء فيها: إن انتصرت الصليبية اليوم، فلن تقوم للاسلام بعدها قائمة.
ثم قرئت آيات كريمة من كتاب الله العزيز، فاشتاقت النفوس للشهادة( ).
ولم يأل القسسُ والرهبان في إثارة حماس جند أوروبا الذين يقودهم سبستيان، مذكرين أن البابا أحل من أوزار والخطايا أرواح من يلقون حتفهم في هذه الحروب التي أتسمت بطابع الحروب الصليبية.
وانطلقت عشرات الطلقات النارية من الطرفين كليهما إيذاناً ببدء المعركة.
لقد قام السلطان عبدالملك برد الهجوم الاول منطلقاً كالسهم شاهراً سيفه يمهد الطريق لجنوده الى صفوف النصارى، وغالبه المرض الذي سايره من مراكش ودخل خيمته وماهي إلا دقائق حتى فاضت روحه في ساحة الفدى، لقد رفض أن يتخلف عن المعركة قائلاً ومتى كان المرض يثني المسلمين عن الجهاد في سبيل الله، وأمر هذا القائد المجاهد عجيب في الحزم والشجاعة، ولقد فاضت روحه وهو واضع سبابته على فمه مشيراً أن يكتموا الأمر حتى يتم النصر، ولا يضطربوا وكان كذلك، فلم يعلم أحد بموته إلا أخوه أحمد المنصور وحاجبه رضوان العلج، وصار حاجبه يقول للجند : (السلطان يأمر فلاناً أن يذهب الى موضع كذا، وفلاناً يلزم الراية، وفلاناً يتقدم وفلاناً يتأخر)( ).
وقاد احمد المنصور مقدمة الجيش وصدم مؤخرة الجيش البرتغالي ، وأوقدت النار في برود النصارى، وصدم المسلمون رماتهم، فتهالك قسم منهم صرعى، وولى الباقون الادبار قاصدين قنطرة نهر واد المخازن وكانت تلك القنطرة أثر بعد عين ، نسفها المسلمون بأمر سلطانهم ، فارتموا بالنهر، فغرق من غرق وأسر من أسر ، وقتل من قتل ، وصُرع سبستيان وألوف من حوله ، ووقع المتوكل رمز الخيانة غريقاً في نهر وادي المخازن.
واستمرت المعركة أربع ساعات وثلت الساعة، وكتب الله فيها النصر للاسلام والمسلمين( ).
جاء في (درة السلوك) لأحمد بن القاضي ، وهو معاصر لأحداث المعركة "مخطوط بدار الوثائق بالرباط د 428، ص14"( ):
وابن أخيه( ) بالنصارى اعتصما
وصار يستجدهم لمن سَمَا
أجابه اللعينُ بستيان( )
بجيشه ومعه الاوثان
وعدد الجيوش الذي جمعا
ينيف عن مائة ألف سُمِعا
فخلص الاسلام من يَدِ اللعين
بصبره على لقاء المشركين
مامنهم إلا قتيل وأسير
في ساعة من الزمان( ) ذا شهيد
مات بها بستيان اللعين
فماله عن الردى معين
ثم محمد( ) الذي أتى به
مات غريقاً يوماً فانتبهِ
لحكمه الله العظيم القاهر
أفادهم وزيَّنَ المنابر
بذكر عمه أبي العباس
الحازم الرّ أي شديد الباس
نجلُ الرسول المصطفى المختار
به زها المغربُ على الأقطار( )

هدهد سليمان
08-06-2009, 08:42 AM
أسباب نصر وادي المخازن:
1- القيادة الحكيمة التي تمثلت في زعامة عبدالملك المعتصم بالله وأخيه أبي العباس، ولحاجبه المنصور، وظهور مجموعة من القادة المحنكين من أمثال أبي علي القوري ، والحسن العلج، ومحمد أبي طيبة، وعلي بن موسى، الذي كان عاملاً على العرائش.
2- التفاف الشعب المسلم المغربي حول قيادته بسبب أبي المحاسن يوسف الفاسي والذي استطاع أن يبعث روح الجهاد في القوى الشعبية.
3- رغبة المسلمين في الذود عن دينهم وعقيدتهم وأعراضهم، والعمل على تضميد الجراح بسبب سقوط غرناطة، وضياع الأندلس ، والانتقام من النصارى الذين عذبوا المسلمين المهاجرين والذين تحت حكمهم في الأندلس.
4- اشتراك خبراء من العثمانيين تميزوا بالمهارة في الرمي بالمدفعية وشارك كذلك مجموعة من الاندلسيين تميزوا بالرمي والتصويب بدقة مما جعل المدفعية المغربية تتفوق على المدفعية البرتغالية النصرانية .
5- الخطة المحكمة التي رسمها عبدالملك المعتصم بالله مع قادة حربه حيث استطاع أن يستدرج خصومه الى ميدان تجول فيه الخيل وتصول، مع قطع طرق تموينه وإمداده ثم نسفه للقنطرة الوحيدة على نهر وادي المخازن.
6- القدوة والأسوة المثالية التي ضربها للناس كل من عبدالملك وأخيه أحمد المنصور حيث شاركوا بالفعل والسنان في القتال فكان حالهما له أثر أشد في اتباعهم من قولهم.
7- تفوق القوات المغربية بالخيل حيث استطاع الفرسان أن يستثمروا النصر ويطوقوا النصارى المنهزمين ومنعتهم خيل المسلمين الخفيفة الحركة من أي فرصة للفرار.
8- استبداد سبستيان بالرأي وعدم الأخذ بمشورة مستشاريه وكبار رجال دولته مما جعل القلوب تتنافر.
9- وعي الشعب المغربي المسلم بخطورة الغزو النصراني البرتغالي وقناعته بأنه جهاد في سبيل الله ضد غزو صليبي حاقد( ).
10- دعاء وتضرع المسلمين لله بإنزال النصر عليهم وخذل وهزيمة أعدائهم ، وغير ذلك من الاسباب.

نتائج المعركة:
1- أصبح سلطان المغرب بعد عبدالملك أحمد المنصور بالله الملقب بالذهبي وبويع بعد الفراغ من القتال بميدان المعركة، وذلك يوم الاثنين 30 جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وتسع مئة للهجرة.
2- وصلت أنباء الانتصار بواسطة رسل السلطان أحمد الذهبي الى مقر السلطنة العثمانية، وفي زمن السلطان مراد خان الثالث، والى سائر ممالك الاسلام المجاورة للمغرب وغيرها، وحل السرور بالمسلمين وعم السعد في ديارهم ووردت الرسائل من سائر الاقطار مهنئين ومباركين للشعب المغربي نصرهم العظيم.
3- ارتفع نجم الدولة السعدية في آفق العالم وأصبحت دول أوروبة تخطب ودها واضطر ملك البرتغال الجديد وملك اسبانيا أن يرسلوا وفوداً محملة بالهدايا الثمنية. ثم قَدِمَتْ رسل السلطان العثماني مهنئة ومباركة ومعهم هدياهم الثمينة وبعدها رسل ملك فرنسا واصبحت الوفود (تصبح وتمسي على اعتاب تلك القصور)( ).
4- سقط نجم نصارى البرتغال في بحار المغرب واضطربت دولتهم، وضعفت شوكتهم ، وتهاوت قوتهم.
يقول لويس ماريه -المؤرخ البرتغالي- واصفاً نتائج المعركة:
" وقد كان مخبوءاً لنا في مستقبل الاعصار ، العصر، الذي لو وصفته -كما وصفه غيره من المؤرخين- لقلت: هو العصر النحس البالغ النحوسة ، الذي انتهت فيه مدة الصولة والظفر والنجاح، وانقضت فيه أيام العناية من البرتغال ، وانطفأ مصباحهم بين الأجناس، وزال رونقهم، وذهبت النخوة والقوة منهم، وخلفها الفشل الذريع ، وانقطع الرجاء واضمحل إبان الغنى والربح، وذلك هو العصر الذي هلك فيه سبستيان في القصر الكبير في بلاد المغرب"( ).
5- مات في تلك المعركة ثلاثة ملوك، صليبي حاقد سبستيان ملك البرتغال، وملك مخلوع خائن محمد المتوكل، ومجاهد شهيد، عبدالملك المعتصم بالله.
6- سارع البرتغاليون النصارى بفكاك أسراهم ودفعوا أموالاً طائلة للدولة السعدية.
7- سادت فترة هدوء ورخاء وبناء وازدهار في العلوم والفنون والصناعات في بلاد المغرب.
8- حدث تحول جذري في التفكير والتخطيط على مستوى أوروبا حيث رأوا أهمية الغزو الفكري لبلاد المسلمين، لأن سياسة الحديد والنار تحطمت أمام إرادة الشعوب الاسلامية في المشرق والمغرب( ).
استمر احمد المنصور على منهج أخيه في بناء المؤسسات واقتناء ماوصلت إليه الكشوفات العلمية وتطوير الادارة والقضاء والجيش، وترتيب الأقاليم وتنظيمها، وكان أحمد المنصور يتابع وزراءه وكبار موظفيه ويحاسبهم على عدم المحافظة على أوقات العمل الرسمية، أو التأخير في الرد على المراسلات الإدارية والسياسية.
وأحدث حروف لرموز خاصة بكتابة المراسلات السرية حتى لايعرف فحواها إذا وقعت في يد عدو، وهذا يدل على اهتمامه الشخصي بجهاز الأمن والاستخبارات التي تحمي به الدولة من الاخطار الداخلية والخارجية.
واهتم بالجهاز القضائي ، وفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية تماماً، ومنع السلطة التنفيذية من التدخل في السلطة القضائية.
وقد قارن مؤرخ فرنسي بين القضاء الأوروبي والقضاء المغربي في القرنيين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين (16، 17م) فقال: "في الوقت الذي كانت أوروبة في العصر السعدي يحتفظ الملوك فيها وحدهم بحق الحكم في عدد من القضايا ، فإن الملوك السعديين لا ينظرون إلا في القضايا المرفوعة ضد رجال السلطة ، وهذا ماكان يدعى بقضاء المظالم( ).
وترأس أحمد المنصور مجلس المظالم وجعله في جامع القصبة في مراكش ، بجوار قصره وشكل لجنة تراقب مجرى القضاء في الاقاليم ويهتم بمطالعة ودراسة تقاريرهم بعناية واهتم بضبط الادارة وإحكام دولته وإقامة العدل على رعاياه وعمل على إقامة محطات في أرجاء البلاد يحرسها جنود مقيمون لا يبعد بعضهم عن بعض إلا بمسافة عشرين كيلومتراً بحيث يستطيع المسافرون والقوافل أن تمر عبر القرى والبوادي بأمن وسلام.

وطور عمل المؤسسات الاستشارية وأوجد مجلس الديوان أو مجلس الملاء واختصاصاته سياسية وقضائية وعسكرية، وهو أعلى مرجع قانوني للبلاد، إلا أنه لايستطيع أن يتجاوز أحكام السلطة القضائية ، ولوكانت ضد المجلس كله أو بعض رجاله وكان مجلس الديوان من المرونة وسعة الافق بحيث يسمع بدخول المختصين أو ممثلين المدن والمراكز القروية عندما يقتضي الامر استشارات على نطاق شعبي واسع( ).
وطور السلطان احمد المنصور جيش دولته واقتدى بالنظام العثماني في التسليح والرتب واللباس واهتم بإسناد القيادات لمن أظهر كفاءة عسكرية عالية واثبتت الايام انه أهل لذلك ومن أهم هذه القيادات ، إبراهيم محمد السُّفياني قائد الجبهة الامامية في وادي المخازن، وأحمد بن بركة، وأحمد العمري المعقلي.
ودعمّ جيشه بالوحدات الطبية من جراحين وغيرهم وأقام مستشفيات متنقلة ميدانية تستقبل الجرحى والمرضى في الحروب واهتم بتأهيل التقنيين المتخصصين في جيشه، وقام السعديون ببناء دار العدة لصناعة المدافع واهتموا بتطوير الأسطول، خصوصاً في مينائي العرائش وسلا( ).
ومد نفوذ الدولة السعدية نحو الجنوب وضم بلاد السودان الغربي إلى نفوذه ودخل في لعبة الموازنات الدولية بين الاسبان والانجليز والعثمانيين، وظهرت منه مواهب سياسية متميزة، واستطاع أن يحقق الأمن والأزدهار والرفاه والخصب لبلاده( ).

: اقتراح عثماني على السعديين:
بدأت القوات الاسبانية في اكتساح الأراضي البرتغالية، ولم يستطع الأمير البرتغالي دون أنطونيو مقاومة تلك القوات الاسبانية، التي ضمت أراضيه لسنة 988هـ/1580م عند ذلك اقترح السلطان العثماني مراد الثالث عقد تحالف عسكري ضد الاسبان على أساس امداده بأسطول حربي وقوات عسكرية فبعث برسالتين في رجب 988هـ/ سبتمبر 1580م، قال فيها " .. فلما وصل بمسامعنا الشريفة ومشاعرنا الحقانية المنيفة خبر طاغية قشتالة وأنه احتوى على سلطنة برتغالي، أو كاد وأنه جعل أهلها في الأغلال والأصفاد، وأنه لكم جار وعدو مضرار حركتنا الحمية الإسلامية .. لإظهار الألفة الأزلية أن تتخذ عهداً وتؤكد أن المملكتين محروستا الجوانب ونعلق العهد بالكعبة ... فإذا تم هذا الشأن .. نوجه لكم ثلاثمائة غرابا سلطانية وجيش عز ونصر وكماه عثمانية تستفتح بها إنشاء الله بلاد الأندلس .. ".
كان قلج علي بعد استقرار الدولة العثمانية في تونس بدأت أنظاره تتطلع إلى المغرب( )، وأخذ يعمل في توحيد الوجهة السياسية لبلاد المغرب الإسلامي، لضمه إلى الدولة العثمانية( )، خاصة بعد تذبذب موقف المولى أحمد المنصور الأخير من الدولة صدرت الأوامر إلى قلج علي قائد الأسطول العثماني بالتوجه إلى المغرب لضمه للدولة العثمانية، فوصل قلج علي إلى الجزائر في جمادي الثانية 989هـ/ يونيو 1581م، بينما كان المنصور يرابط بقواته عند نهر تانسيفت، وكانت القوات المغربية قد استعدت لمواجهة التدخل العثماني، إذ جهز المنصور جنوده وتقدم بها حتى حدود بلاده، كما سد مدخل مملكته، وحصن الثغور، وإلى جانب تلك الاستعدادات وجه المنصور سفارة خاصة لأسطنبول وذلك بعد أن توصل إلى شبه اتفاق عسكري مع الملك الاسباني الذي انتهى من مشاكله بدخوله للعاصمة البرتغالية لشبونة في 27 جمادي الثانية 989هـ/ 31 يوليو 1581م، على أساس تقديم المساعدة العسكرية للمغرب، لمواجهة التدخل العثماني، مقابل التنازل عن مدينة العرائش وامتيازات أخرى وأمام تطور الأحداث لم يجد السلطان العثماني بداً من قبول الأمر الواقع والتراجع عن غزو المغرب بأن أمر قلج علي( ) ، وجعفر باشا نائب قلج علي في الجزائر، بالتخلي عن العمل بالمغرب والانتقال إلى الشرق، حيث اضطربت الأمور بالحجاز فتخلى قلج علي عن هدفه الطموح في استرداد الأندلس، بعد توحيد الجبهة لبلاد المغرب الإسلامي( ).
تردد السفراء بين الاستانة وفاس فتوجهت سفارات أحمد بن ودة والشاظمي وابي الحسن علي بن محمد التمكروتي بين عامي 979هـ/ 1588م، 999هـ/1590م، واستقبل أحمد المنصور سفيراً عثمانية في 998هـ/ 1589م( ) لم تتحقق رغبة السلطان العثماني في التحالف مع السعديين لاسترداد الأندلس وذلك بسبب انشغال الدولة بحروبها المضنية ضد الشيعة الصفوية في إيران، والهابسبرج في وسط أوروبا، بالإضافة إلى واجبها نحو حماية مقدسات الأمة الإسلامية في الحجاز، وتدعيم حزامه الأمني( ).

جهاد الوالي الجزائري وتغير الأوضاع :
جهز الوالي العثماني في الجزائر أسطوله في سنة 990هـ/1582م لمحاربة اسبانيا فوق أرضها، فنزل المجاهدون المسلمون في برشلونة فأعملوا فيها تدميراً ثم عبروا مضيق جبل طارق وهاجموا جزر الكناري التي تحتلها اسبانيا فدمروا المراكز العسكرية وغنموا مافيها ولم يكن الأسطول العثماني يذهب للأندلس لمجرد التنكيل بالاسبانيين ولتدمير منشآتهم بل كان بالدرجة الأولى لانقاذ المسلمين من نكبتهم وتعرض المجاهدون أثناء ذلك لمعارك قاسية وهزائم أحياناً( ).
ازداد تطاول الانكشارية في الجزائر على الأهالي في الوقت الذي انصرف رجال البحر ليمارسوا الجهاد البحري على نطاق واسع( ) ، لذلك حضر حسن فنزيانو من نشاطه البحري، الذي بادر إلى عودته إلى الجزائر حينما بلغه انتشار الفوضى بين الجنود، فانتصب على الجزائر للمرة الثانية، وفرض طاعته على الرعية وذلك في ربيع الثاني سنة 991هـ/ ابريل 1583م، ولم يعارض الباب العالي في توليه، لما كان له من العقل في حسم الخلاف وإطفاء نار الفتن واستتباب الأمن بالجزائر .
باشر حسن فنزيانو تسيير الإدارة بما عهد منه من نشاط وحزم فإنه لم يترك قيادة الأسطول العثماني بالجزائر لغيره، وكثرت في أيامه المغانم بما كانت تجلبه السفن من السواحل الاسبانية والجزر الشرقية من نفائس، وبما كان يستولي عليه من الأسرى والمغانم في غزواته.
وفي 992هـ/1584م أبحر حسن فنزيانو بأسطوله على ثغر بلنسية وحمل أعداداً كبيرة من مسلمي الأندلس، إذ أنقذهم من اضطهاد الاسبان، كما استطاع في السنة التالية انقاذ جميع سكان كالوسا، إذ حملهم إلى الجزائر وفي السنة بعدها توغل مراد رايس في المحيط الأطلس فأغار على جزر الكناري وغنم منها غنائم كثيرة بما فيهم زوجة حاكم تلك الجزر، وبقي حسن فنزيانو على رأس الحكومة العثمانية بالجزائر إلى أن استدعاه السلطان في اسطنبول ليتولى منصب إمارة البحر " قبودان دوريا "( ) وذلك بعد وفاة قلج علي سنة 995هـ/1587م .

FG
08-06-2009, 08:43 AM
مشكور هدهد على الموضوع القيم والثري بالمعلومات ..

والدولة العثمانية كانت قوة كبيرة لها شأن في العالم ..

حبيت أوضح أن الدولة العثمانية كانت تسيطر على مناطق بعيدة وغير مذكورة بالخريطة وذلك عن طريق نظام الوصاية ..

هدهد سليمان
08-06-2009, 08:47 AM
مشكور هدهد على الموضوع القيم والثري بالمعلومات ..

والدولة العثمانية كانت قوة كبيرة لها شأن في العالم ..

حبيت أوضح أن الدولة العثمانية كانت تسيطر على مناطق بعيدة وغير مذكورة بالخريطة وذلك عن طريق نظام الوصاية ..


الله يجزيك خير الشيخ وياليت تضيف المعلومات الناقصه حتى تكتمل الحلقه لتصبح كاملة بإذن الله ومتى اردت ان تنقلها انقلها والموضوع موضوعك .. كل التقدير لشخصكم الكريم

هدهد سليمان
08-06-2009, 08:49 AM
انتهاء نظام البيلربك في الجزائر:
بوفاة قلج علي انتهى في الجزائر نظم البيلربك الذي جعل من حكام الجزائر ملوكاً واسعي السلطة والنفوذ واستعيض عنه بنظام الباشوية مثلها في ذلك تونس وطرابلس( ) ، ويفسر هذا التغيير في شكل الحكم العثماني بخوف السلطان العثماني في أن يتجه البيلربك بسبب قوتهم وضعف البحرية العثمانية نحو الاستقلال.
وكان الباشا موظف ترسله الاستانة لمدة ثلاث سنوات يتولى خلالها حكم البلاد دون أن يكون له سند أساسي أو سند محلي بين القوى التي تسيطر على البلاد( ) ، ويكون الباشا في كل من طرابلس وتونس والجزائر وكيلاً للسلطان ويكون مطلق التصرف لبعد الولاية عن العاصمة اسطنبول.
كانت أحداث مابعد 997هـ/1588م في نيابات العثمانية الثلاث طرابلس وتونس والجزائر تفيد بسطوة الجنود ورجال البحرية على السلطنة فيها على حساب سلطة الباشا إلا أن طبيعة علاقات السلطة في داخل الولاية مع امساك السلطنة العثمانية بسلطة إصدار الغرامات، قد ضمنا تحقيق الأهداف العثمانية في الحكم من حيث الخطبة باسم السلطان وتحصيل الأموال سنوياً والمساهمة في حروب الدولة والقبول بالباشا القادم من الاستانة ممثلاً أعلى للسلطان في حكم النيابة وهي جميعها من رموز السيادة العثمانية الرسمية( ).
كان ذلك هو التحول الذي جرى في الدولة نحو الشمال الافريقي، إثر معركة ليبانتوسنه 978هـ/1571م ، فبعد أن كان الشمال الأفريقي تحت مسؤولية البيلربك الموجود في الجزائر، انقسمت المنطقة إلى ثلاث ولايات هي طرابلس وتونس والجزائر وصارت ولايات عادية مثلها مثل سائر الولايات العثمانية الأخرى، لقد كان موقف الدولة السعدية من جهة، وتصرف بعض الانكشاريين من جهة وجبهات المشرق من جهة وغير ذلك من الأسباب أضعف همة الدولة في إرجاع الأندلس .
لقد حالت عدة أسباب دون ضم المغرب الأقصى للدولة العثمانية منها:
1- ظهور شخصية قوية حاكمة في المغرب ونعني به المنصور السعدي.
2- وفاة قلج علي في 1587م ومن بعده أدخل الشمال الأفريقي في نظام الولايات.
3- كان النصر الذي أحرزه المغاربة على البرتغاليين في معركة وادي المخازن سبباً في تقدير السلطات العثمانية للسعديين واحترامهم( ) لقد كانت الدولة العثمانية في جهودها البحرية في البحر المتوسط أكثر توفيقاً من البحر الأحمر والمحيطات لعدة أسباب منها:
1- قرب الشمال الأفريقي من كل من اسطنبول ومصر يجعل الامدادات متلاحقة ويجعل صورة الأحداث واضحة، والتطورات العسكرية مفهومة، بعكس الحال في المحيطات حيث كانت تطورات الأمور لاتصل إلا بعد وقت طويل وبشكل غير واضح.
2- كانت للعثمانيين قواعد قوية في شمال افريقية تستند إلى خلفية إسلامية واسعة وخبرة عملية في محاربة النصارى وكانوا على استعداد للتعاون مع العثمانيين والدخول تحت نفوذهم.
3- لم تكن هناك مقاومة مذهبية عنيفة في شمال افريقية بل كانت الهيمنة للمذهب السني الذي استطاع أن يقف أمام المذاهب المنحرفة ويجتثها من جذورها( ).

هدهد سليمان
08-06-2009, 08:55 AM
بداية اضمحلال الدولة العثمانية

اتفق المؤرخون على أن عظمة الدولة العثمانية قد انتهت بوفاة السلطان العثماني سليمان القانوني عام ( 974هـ/ 1566م ) وكانت مقدمات ضعف الدولة قد اتضحت في عهد السلطان سليمان، إذ وقع السلطان تحت تأثير زوجته روكسلانا التي تدخلت للتآمر ضد الأمير مصطفى ليتولى ابنها سليم الثاني الخلافة بعد أبيه وكان مصطفى قائداً عظيماً ومحبوباً من الضباط، مما أدى إلى سخط الانكشارية ونشوب ثورة كبرى ضد السلطان وأخمدها السلطان سليمان، وبذلك تم القضاء على مصطفى وابنه الرضيع وكذلك قتل السلطان ابنه بايزيد وأبناءه الأربعة بدسيسة من أحد الوزراء( ) ومن مظاهر الضعف في عهد سليمان بدء انسحاب السلطان من جلسات الديوان، وبروز سطوة الحريم والعجز عن مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى نشوب القلاقل الشعبية في الروميلي والأناضول( ).

السلطان سليم الثاني
تولى الحكم في 9 ربيع الأول سنة 974هـ، ولم يكن مؤهلاً لحفظ فتوحات والده السلطان سليمان ولولا وجود الوزير الفذ والمجاهد الكبير والسياسي القدير محمد باشا الصقللي( ) لانهارت الدولة، إذ قام بإعادة هيبتها وزرع الرهبة في قلوب أعدائها وعقد صلحاً مع النمسا وأتم توقيع معاهدة في عام 975هـ الموافق 1967م احتفظت بموجبها النمسا بأملاكها في بلاد المجر ودفعت الجزية السنوية المقررة سابقاً للدولة كما اعترف أمراء تراسلفانيا والأفلاق والبغدان( ).


أولاً: تجدد الهدنة مع شارل التاسع ملك فرنسا:
تجددت الهدنة مع ملك بولونيا وشارل التاسع ملك فرنسا في عام 980هـ الموافق 1569م كما زادت الامتيازات القنصلية الفرنسية وجرى تعيين هنري دي فالوا - وهو أخو ملك فرنسا - ملكاً على بولونيا باتفاق مع فرنسا التي أصبحت بذلك ملكة التجارة في البحر المتوسط . وطبقاً للمعاهدات السابقة فقد قامت تلك الدولة - أي فرنسا - بإرسال البعثات الدينية النصرانية إلى كافة أرجاء البلاد العثمانية التي يسكنها نصارى وخاصة بلاد الشام وقامت بزرع محبة فرنسا في نفوس نصارى الشام ممّا كان له أثر يذكر في ضعف الدولة، إذ امتد النفوذ الفرنسي بين النصارى وبالتالي ازداد العصيان وتشجعوا على الثورات فكان من أهم نتائج ذلك التدخل الاحتفاظ بجنسية ولغة الأقليات النصرانية حتى إذا ضعفت الدولة العثمانية ثارت تلك الشعوب مطالبة بالإستقلال بدعم وتأييد من دول أوروبا النصرانية( ).
إن اقتناع الدول الأوروبية بكون " نظام الامتيازات الأجنبية، حقاً من حقوقها الطبيعية هو الذي دفع فرنسة لإرسال جنودها لمساعدة البندقية التي كان السلطان مراد الرابع ( 1624-1640م ) يحاربها، كما أرسلت سفيرها برفقة عمارة بحرية لإرهاب الدولة العلية ومطالبتها بتحديد الامتيازات. لكن الصدر الأعظم حينئذ والذي كان مازال يمتلك قراره السياسي، أخبر السفير "بأن المعاهدات هذه ليست اضطرارية واجبة التنفيذ ذلك لكونها منحة سلطانية فحسب، الأمر الذي جعل فرنسة تتراجع عن تهديداتها وتتحايل لدى السلطان ليوافق من جديد على تجديد نظام الامتيازات عام 673م، مما زاد الطين بلة، وبدل أن تتعظ الدولة العثمانية مما حدث أمر السلطان محمد الرابع (1648-1687م) بتفويض فرنسة حق حماية بيت المقدس( ) تتابع بتجديد الامتيازات، وفي كل مرة يضاف قيد جديد على السلطنة ففي تجديد عام 1740م أضافت السلطنة امتيازات تجارية جديدة لفرنسة. ولكن الامتيازات تعرضت لتهديد حقيقي عندما احتل نابليون بونابرت مصر، فقد أوقفت السلطنة العمل بها، غير أن نابليون كان قد تراجع في الوقت المناسب حفاظاً على علاقته مع السلطنة، وذلك حين عرض انسحاب فرنسة من مصر لقاء تجديد الامتيازات، وقد تم ذلك بالفعل في 9 تشرين أو ( أكتوبر ) 1801م وأضافت السلطنة امتيازاً جديداً يقضي بمنح فرنسة حرية التجارة والملاحة في البحر الأسود( ).
لقد كانت نتائج هذه الامتيازات وخيمة جداً على السلطنة ولقد بين المؤرخ اليوناني ويمتري كيتسيكس : " .. أن الامتيازات حطمت اقتصاد الامبراطورية بتحطيمها النظام الضريبي العثماني القائم على حماية التجارة المحلية ضد المنافسة الاجنبية .. "( ). بل هذه الامتيازات حالت دون قيام السلطنة بتنفيذ مشروعات إصلاحية واستنباط موارد مالية جديدة لمواجهة نفقات الإدارة والحكم، لذلك أصبحت معاهدات الامتيازات الأجنبية بمثابة مواثيق مذلة للعثمانيين مادام الأوربيون لايخضعون للسلطات العثمانية، فقد أصبحوا وكأنهم يشكلون حكومة داخل الحكومة العثمانية( ).
ثانياً: حاكم خوارزم يطلب الحماية من السلطان سليم الثاني
اشتكى حاكم خوارزم للسلطان سليم الثاني، من أن شاه فارس يقبض على الحجاج الوافدين من تركستان، بمجرد عبورهم حدوده، وأن موسكو بعد استيلائها على استراخان منعت مرور الحجاج والتجارة، ووضعت العقبات والعراقيل أمامهم، لهذا طلب حاكم خوارزم، وحكام بخارى وسمرقند من السلطان سليم الثاني أن يفتح استرخان بهدف إعادة فتح طريق الحج( ) لاقى ذلك الطلب القبول لدى الدولة العثمانية اعد صوقللي باشا الصدر الأعظم في الدولة حملة كبرى سنة 976هـ/977هـ/568-1569م للاستيلاء على استراخان وتحويلها إلى قاعدة عثمانية للدفاع عن المنطقة وأن يصل مابين نهري الفولجا والدون بقناة صالحة لمرور السفن لتسهل دخول الأسطول العثماني بحر الخزر ( قزوين ) عن طريق البحر الأسود لتمكن العثمانيين من وقف التوسع الروسي نحو الجنوب وتطرد الفرس من القوقاز واذربيجان بل وغزو فارس من الشمال، بدلاً من مرور الجيوش العثمانية بأرض أذربيجان الوعرة، والاتصال بالأزبك أعداء الصفويين وتتار القرم، ومن شأن كل ذلك أن يؤدي إلى إحياء طريق القوافل القديمة المارة بأواسط آسيا من الشرق إلى الغرب( ).
شرع العثمانيون في تنفيذ مشروع وصل نهر الدون بالفولجا، وحل شهر جمادي الأولى 977هـ/ اكتوبر 1569م حتى كان ثلث القناة قد اكتمل، وان يكن موسم الشتاء قد أدى إلى إيقاف العمل، وحينئذ اقترح قائد الحملة استعمال سفن صغيرة محملة بالمدافع والذخيرة لشن الهجوم على استراخان إلا أن الحملة فشلت بسبب الظروف الطبيعية ومع هذا استطاع صوقللي باشا أن يحقق بعض النجاحات كتشديد قبضة السلطان على أمراء مولدافيا وولاشيا وبولندا، وبذلك اعترضت الدولة العثمانية مرحلياً توسع روسيا شمال وغرب البحر الأسود( ).
ثالثاً: فتح قبرص:
كانت إيطاليا واسبانيا تقدر أهمية جزيرة قبرص وشاع في أوروبا عن تكون حلف ضد السلطان ولكن لم يعمل شيء في حينه لانقاذ قبرص من العثمانيين الذين نزلوها بقوة كاسحة، نفذت إلى الجزيرة بدون صعوبة ووقفت مدينة فامرجستا الحصينة أمام العثمانيين بقيادة باحليون وبراجادنيو الذين واجهوا القوة العثمانية التي وصلت مائة ألف مقاتل استعمل خلالها العثمانيين جميع وسائل الحصار المعروفة، من فر وكر، وزرع للألغام ولم ينتج أي تأثير على الحامية، ولو وصلت قوة مسيحية للنجدة، لصار العثمانيون في خطر، إلا أن المجاعة قامت بعملها، واستسلمت المدينة في ربيع الثاني 979هـ / اغسطس 1571م .
نقلت الدولة العثمانية بعد فتحها لقبرص عدداً كبيراً من سكان الأناضول الذين لايزال أحفادهم مقيمين في الجزيرة، ورغم ترحيب القبارصة الارثوذكس بالحكم العثماني، الذي انقذهم من الاضطهاد الكاثوليكي الذي مارسته البندقية لعدة قرون، إلا أن احتلال العثمانيين أثار الدولة الكاثوليكية( ).
رسى الأسطول العثماني بعد انتهاء مهمته في ابنانجني وانصرف معظم جنوده بمناسبة حلول موسم الشتاء، حيث تتوقف ساحة المعارك في مثل هذا الوقت من السنة، والاستعداد للسنة المقبلة( ).
رابعاً: معركة ليبانتي( )
ارتعدت فرائص الأمم المسيحية من الخطر الإسلامي العظيم الذي هدد القارة الأوروبية، من جراء تدفق الجيوش العثمانية براً وبحراً فأخذ البابا بيوس الخامس ( 1566 - 1572م ) يسعى من جديد لجمع شمل البلاد الأوروبية المختلفة وتوحيد قواها براً وبحراً تحت راية البابوية( ) وقد كتب يقول " ... إن السلطنة التركية قد تبسطت تبسطاً هائلاً بسبب نذالتنا "( ) عقد البابا بيوس الخامس وفيليب الثاني ملك اسبانيا وجمهورية البندقية معاهدة في أوائل 979هـ/ مايو 1571م، تعهدوا فيه بالقيام بهجوم بحري ضد العثمانيين شارك في الحلف كذلك بعض المدن الايطالية، وذلك بعد تحريك بيوس الخامس لروح التحالف، فارتبطت توسكاني وجنوة، وسافوي، وبعض الايطاليين في الحلف المقدس( )، وأرسل البابا إلى ملك فرنسا يريد العون: فاعتذر شارل التاسع بحجة ارتباطه بمعاهدات مع العثمانيين، فأجابه البابا طالباً منه التحلل من مواثيقه هذه ولم تمض سوى أيام قليلة حتى نقض الامبراطور عهوده ومواثيقه التي أبرمها مع العثمانيين واتجه نحو إيفان ملك الروس يطلب إجابته نفير الحرب ووجد تباطؤاً عند ملك بولونيا واختير ( دون جوان ) النمساوي قائداً للحملة وجاء في أحد بنود المعاهدة النصرانية : " إنَّ البابا بيوس الخامس وفيليب ملك إسبانيا وجمهورية البندقية يعلنون الحرب الهجومية والدفاعية على الأتراك لأجل أن يستردوا جميع المواقع التي اغتصبوها من المسيحيين ومن جملتها تونس والجزائر وطرابلس سار دون جون إلى البحر الادرياتيك، حتى وصل إلى الجزء الضيق من خليج كورنث بالقرب من باتراس وليس ببعيدة عن ليبانتو والذي اسمها اعطى للمعركة.
كان من رأي قادة الأسطول الإسلامي الإفادة من تحصين الخليج وعدم الاشتباك بالأسطول الصليبي، غير أن القائد العام علي باشا صمم على الخروج للمعركة معتمداً على تفوقه في عدد سفنه، ونظم علي باشا قواته فوضع سفنه على نسق واحد من الشمال إلى الجنوب، بحيث كانت ميمنتها تستند إلى مرفأ ليبانتو، ومسيرتها في عرض البحر، وقد قسمها علي باشا إلى جناحين وقلب فكان هو في القلب وسيروكو في الجناح الأيمن وبقي الجناح الأيسر بقيادة قلج علي.
ومقابل ذلك نظم دون جون قواته فوضع سفنه على نسق يقابل النسق الإسلامي ووضع جناحه الأيمن بقيادة دوريا مقابل قلج علي، وأسند قيادة جناحه الأيسر إلى بربريجو مقابل سيروكو وجعل دون نفسه لقيادة القلب وترك أسطولاً احتياطياً بقيادة سانت كروز( ).
خامساً: احتدام المعركة :
احتدمت المعركة في 17 جمادي الأولى سنة 979هـ/ 17 اكتوبر 1571م أحاط الأسطول الإسلامي بالإسطول المسيحي وأوغل العثمانيون بين سفن العدو، ودارت معركة قاسية أظهر فيها الفريقان بطولة كبيرة وشجاعة نادرة( )، وشاءت إرادة الله هزيمة المسلمين ففقدوا ثلاثين ألف مقاتل وقيل عشرين ألفاً، وخسروا 200 سفينة حربية منها 93 غرقت والباقي غنمه العدو وتقاسمته الأساطيل النصرانية المتحدة( ) وأسر لهم عشرة آلاف رجل( ) واستطاع قلج علي انقاذ سفنه واستطاع كذلك المحافظة على بعض السفن التي غنمها ومن بينها السفينة التي تحمل عمل البابا، رجع بها لاسطنبول التي استقبلته استقبال الفاتحين، رغم الشعور بمرارة الهزيمة( ) وبادر السلطان سليم الثاني أثر ذلك بترفيع قلج علي إلى رتبة قائد البحرية العثمانية " قبودان باشا "، مع الاستمرار في منصبه كبيرلبك للجزائر( ) .
سادساً: أثر ليبانتو على أوروبا والدولة العثمانية:
احتفلت القارة الأوربية بنصر ليبانتو، فلأول مرة منذ أوائل القرن الخامس عشر تحل الهزيمة بالعثمانيين( ) فهلل الأوروبيون وكبروا لذلك الانتصار وأقيمت معالم الزينات في كل مكان وأفرطت في التسبيح بحمد دون جون أمير الأساطيل المتحدة الذي أحرز هذا الانتصار، إلى حد أن البابا لم يتورع عن القول أثناء الاحتفال في كنيسة القديس بطرس، بمناسبة هذا النصر ( إن الإنجيل قد عنى دون جون نفسه، حيث بشر بمجيء رجل من الله يدعى حنا ) وظل العالم المسيحي ومؤرخوه ينوهون بهذا النصر البحري، حتى أن القواميس المدرسية الحديثة لاتذكر ثغر ليبانت، إلا وتذكر معه دون جون المشار إليه على اعتبار أنه أنقذ المسيحية من خطر كان يحيق بها( ).
لقد فرح البابا فرحاً عظيماً على الرغم من عدم ارتياحه لأنَّ عدوه لايزال عظيماً مرهوب الجانب وحاول إثارة شكوك الشيعة الأثنى عشرية الصفوية ضد العثمانيين مستغلاً بعض الضغائن والمشكلات والاختلاف العقائدي، فأرسل إلى الشاه طهماسب ملك العجم ومن جملة ماقال له : " .. لن تجد أبداً فرصة أحسن من هذه الفرصة لأجل الهجوم على العثمانيين ، إذ هم عرضة للهجوم من جميع الجهات ... "( ).
وأرسل يستعدي ملك الحبشة وإمام اليمن على الدولة العثمانية ولكن المنية عاجلته( ).
إن نتيجة معركة ليبانتو، كانت مخيبة لآمال العثمانيين، فقد زال خطر السيادة العثمانية في البحر المتوسط ومع زوال الخطر، زال الخوف الذي كان قوياً، للمحافظة على حلف مقدسي دائم و استعاد الحسد والغيرة نشاطه بين الدول المسيحية( ).
إن أهمية ليبانتو كانت عظيمة وأسطورة عدم قهر العثمانيين قد اختفت ولم تعد للوجود ثانية على أقل تقدير في البحر، وأزيح ذلك الخوف عن قلوب حكام إيطاليا، واسبانيا، وتزعزع تأثير الدولة العثمانية على سياسة القوى الغربية لأوروبا، إذ كانت من الحقيقة القوات العثمانية هائلة في كل المجال البري، والمجال البحري( )، كما أن الانتصار المسيحي في ليبانتو 1571 كان إشارة لتحضير حاسم في ميزان القوة البحرية في البحر المتوسط، كما أنه أنهى عصراً من عصور العمليات البحرية الطموحة في البحر المتوسط، والتي تكاليفها باهظة( ).
لم يعد يفكر العثمانيون بعد تلك الهزيمة في إضافة حلقة أخرى إلى سلسلة أمجادهم البحرية( )، إذا كان هذا الإنكسار نقطة البداية نحو توقف عصر الإزدهار لقوة الدولة البحرية( ).

مطيع الله
08-06-2009, 12:47 PM
أحسنت أخي هدهد
الحمد لله على نصر وادي المخازن فقد كان نصرأ عظيماً كسر ظهر الكفر و الطغيان

وكما نرى فقد عادت الدولة السعدية لنصرة الدين بعد التخاذل وقت سقوط غرناطة
وهذا يؤكد أن الخير يبقى في الأمة حتى و إن مر عليها زمن تكون فيه خامدة هامدة لا تدفع عن نفسها ضر عدوها.

بقي لي آخر مقالين قبل مقالي هذا و أكون ختمت كل الموضوع الشيق جداً

كنت سألتك عن المصدر، فلا مانع عندي أن تجعله خاتمة لنقولك حتى نقرأ معك ولا نمل

لدي كتاب الكتروني بعنوان حاضر العالم الإسلامي به شرح للتاريخ الحديث للدولة العثمانية وسقوطها على يد أتاتورك لعلك تجده بالبحث في الجووجل أو ارفقه لك في هذا الموضوع.

مطيع الله
14-06-2009, 04:14 PM
نريد المزيد
مقالات مفيدة جداً
فرصة ثمينة لعشاق القراءة