بنت الحرمي
02-06-2009, 08:12 AM
التقيت في إحدى ردهات الفنادق دون موعد وبدون سابق معرفة مع زائر للدوحة، استوقفني وعرفني بنفسه، وقال أنا أعرفك، وطلب منى أن نجلس لنتحدث في هموم امتنا العربية والإسلامية، اعتذرت له بأدب بأنني على موعد مع صديق في هذا الفندق، قال: وهل يمكن بعد موعدك أن نلتقي؟ وافقت وحددنا موعد اللقاء.
التقيت بزائرنا الكريم، وراح يمطرني بأسئلة كثيرة عن ما تفعله بلادنا وقياداتنا السياسية في المجال الدولي والعربي، من هذه الأسئلة، انتم في قطر زججتم بأنفسكم بين الدول الصناعية لحل الأزمة المالية العالمية وكأنكم تريدون أن تصلحوا الاقتصاد العالمية وإخراجه من الدائرة المفرغة، ووضعتم أنفسكم على قدم المساواة مع أمريكا في هذا المجال، ألقيتم كل ثقلكم في المسألة اللبنانية، ولبنان في الدائرة السعودية والمصرية والسورية والإيرانية إلى جانب المخابرات العالمية، فلماذا انتم هناك؟ القضية الفلسطينية لم تتركوا سبيلا في هذه القضية إلا ودخلتم فيه، وانتم تعلمون ان هذه المسألة تدخل في الاحتكار المصري الإسرائيلي وغير مسموح لأحد بالولوج في هذا الميدان، زججتم بأنفسكم في الشأن اليمني، في المرة الأولى كنتم مناصرين لقيام الوحدة اليمنية وراهنتم في قطر على تحقيق الوحدة، ووضعتم أنفسكم وسطاء في الخلاف القائم بين النظام السياسي في صنعاء والحوثيين، وذهبتم إلى السودان للمساهمة في حل النزاع القائم في دار فور، وانتم تعلمون ان السودان يدخل ضمن المجال الحيوي لمصر ولن تسمح بنجاحكم هناك، فوق هذا كله وضعتم أنفسكم في دائرة الصراع الليبي السوداني والتشادي فماذا انتم فاعلون؟؟!
سألت محدثي، هل انتهيت من أسئلتك؟ قال: في جعبتي الكثير ولكني اكتفي بما ذكرت. قلت إذا جاء دوري للكلام وارجو أن تعطيني فرصة دون مقاطعة كما أعطيتك. اتفقنا على ذلك.
( 1 )
قلت لمحدثي: أنا لست متحدثا باسم الدولة ولو أن ذلك يشرفني، وكل ما أقوله هنا يعبر عن رأيي الشخصي كما أرى الأمور، ومن هنا سوف أتناول المواضيع التي طرحتها حسب التسلسل الذي أدليت به.
في المجال الاقتصادي: ما المانع أن يكون لنا في قطر رأي في الأزمة العالمية الاقتصادية والمالية، مالتس الاقتصادي البريطاني المشهور كانت له بصمته في الاقتصاد والنقود، وكذلك كار ماركس، وفشر ولبسي وغيرهم وهؤلاء كانت أدوارهم على أسس فردية، وأبدعوا. في تقديري فشلت نظرية الاقتصاد الحر وعزل الدولة عن المجال الاقتصادي، بينما نظرية ماركس هي التي تحظى بالاهتمام الآن، وقد أفردت مجلة "النيوز ويك الأمريكية" على غلافها قبل بضعة أشهر الدعوة إلى الاقتصاد الموجه في مواجهة النظام الفردي الذي أدى بنا إلى كوارث من عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
إذا كان من أتيت على ذكرهم أعلاه من المهتمين بالاقتصاد ساهموا مساهمات على أسس فردية، فان قطر تساهم على أساس عمل جماعي يجمع المنظرين والعمليين على قدم المساواة للخروج من دائرة السلاسل الزمنية الاقتصادية التي تضطرب من وقت إلى آخر، ثم لماذا الاستخفاف بقدراتنا، الم تكن السعودية ضمن دول العشرين للبحث عن مخرج من الأزمة المالية الراهنة؟.
( 2 )
لبنان، دولة شقيقة تعتصرها الطائفية والاثنية وبيوت الإقطاع السياسي، تحتاج إلى صديق تتوافر فيه كل سمات الطهر السياسي، فكانت قطر بقيادة أميرها سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وقد وفقت في مسعاها رغم كل الجهود التي تبذلها بعض عواصم الردة العربية وبمعونة فرنسية أمريكية صهيونية لتخريب ما حققته قطر، لكن اؤكد لك ان كل معاول الهدم ما برحت نشطة للنيل من لبنان كي لا يقال ان دولة قطر دفنت كل جذور الفتنة هناك والى الأبد.
( 3 )
فلسطين، بقيت أكثر من 55 عاما والأيدي العربية في بعض العواصم تلعب بقدر هذا الشعب العظيم، تاجر الكثير من القادة العرب والفلسطينيين بحقوق الشعب الفلسطيني، مصر السادات ومن بعده جمهورية حسني مبارك يقبضون أربعة مليارات دولار سنويا من أمريكا مقابل الخدمات التي يقدمها النظام السياسي في مصر لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، وهناك قيادات عربية أخرى تقبض وكذلك قيادات فلسطينية.
قطر كما قلت بطهرها السياسي تقدمت لرأب الصدع بين فريقين فلسطينيين احدهما هوى به الردى ويمثله الجمهور العباسي، وآخر يتطلع إلى تحقيق الحق للشعب الفلسطيني وتمثله حركة حماس الذي انتخبها الشعب لإدارة شؤونه، وكانت آخر جهود اهل الطهر السياسي القطريين أنهم أصروا على عدم إنفاق ريال واحد من الأموال التي جمعت لإعادة أعمار ما خربته الحرب الصهيونية في غزة، رغم محاولات الدولة العباسية استقطاع مبالغ من اجل إنفاقها على العاطلين من جحافل أنصار الرهط العباسي.
هل تعلم يا أخي العزيز ان القمة العربية رهنت المستقبل الفلسطيني برمته لإرادة النظام السياسي في شرم الشيخ ولم يتقدم أي من القادة العرب بمساءلة القيادة المصرية عن ما تفعل بالشأن الفلسطيني؟ هل تعلم أن بعض القادة العرب تبريرهم لعدم مساءلة نظام حسني مبارك أنهم لا يريدون إغضاب حسني مبارك. قطر لم تكن مع ذلك الرهط الصامت كي لا يغضب حسني، دعت إلى قمة عربية من اجل نصرة غزة، ورفع الحصار عنها وفضح معاناة أهلنا في غزة على المعابر المصرية.
( 4 )
في الشأن اليمني ودور قطر في حل الخلافات بين النظام السياسي وما يعرف بفريق الحوثيين، لا أريد أن أتحدث عن المعضلة الرئيسية التي حالت دون الوصول إلى اتفاق بين الطرفين، حرصا مني على الوحدة اليمنية، ولان اليمن يمر بأخطر أزمة سياسية قد تطيح بالوحدة ما لم تمتد الإرادة الإلهية والحكمة اليمنية لإنقاذ البلاد من شر مستطير.
لكني اقفز بك وفي عجالة عن حال السودان. قل لي بربك لو أحسنت مصر فعلها وملكت الارادة السياسية لحماية مجالها الحيوي جنوبا الا تستطيع حل الخلافات السودانية - السودانية، وكذلك السودانية - التشادية. عندما تقاعست جمهورية مبارك عن دورها فلا يجوز لها أن تعترض على من يقوم بالدور الأخوي لحل النزاعات البينية في السودان، قطر ليست لها مصالح ذاتية نحن في آسيا والسودان في إفريقيا ولكن واجب الأخوة يفرض على قطر أن تحاول إصلاح ذات البين دون تردد.
آخر القول: قطر تعمل من اجل امة، ومخالفوها يعملون من اجل مصالح ذاتية. انتهى حديثي مع محدثي لانشغالي بموعد آخر مع أخوة من السودان، وافترقنا كما التقينا بالسلام.
http://www.elaph.com/Web/NewsPapers/2009/5/445489.htm
التقيت بزائرنا الكريم، وراح يمطرني بأسئلة كثيرة عن ما تفعله بلادنا وقياداتنا السياسية في المجال الدولي والعربي، من هذه الأسئلة، انتم في قطر زججتم بأنفسكم بين الدول الصناعية لحل الأزمة المالية العالمية وكأنكم تريدون أن تصلحوا الاقتصاد العالمية وإخراجه من الدائرة المفرغة، ووضعتم أنفسكم على قدم المساواة مع أمريكا في هذا المجال، ألقيتم كل ثقلكم في المسألة اللبنانية، ولبنان في الدائرة السعودية والمصرية والسورية والإيرانية إلى جانب المخابرات العالمية، فلماذا انتم هناك؟ القضية الفلسطينية لم تتركوا سبيلا في هذه القضية إلا ودخلتم فيه، وانتم تعلمون ان هذه المسألة تدخل في الاحتكار المصري الإسرائيلي وغير مسموح لأحد بالولوج في هذا الميدان، زججتم بأنفسكم في الشأن اليمني، في المرة الأولى كنتم مناصرين لقيام الوحدة اليمنية وراهنتم في قطر على تحقيق الوحدة، ووضعتم أنفسكم وسطاء في الخلاف القائم بين النظام السياسي في صنعاء والحوثيين، وذهبتم إلى السودان للمساهمة في حل النزاع القائم في دار فور، وانتم تعلمون ان السودان يدخل ضمن المجال الحيوي لمصر ولن تسمح بنجاحكم هناك، فوق هذا كله وضعتم أنفسكم في دائرة الصراع الليبي السوداني والتشادي فماذا انتم فاعلون؟؟!
سألت محدثي، هل انتهيت من أسئلتك؟ قال: في جعبتي الكثير ولكني اكتفي بما ذكرت. قلت إذا جاء دوري للكلام وارجو أن تعطيني فرصة دون مقاطعة كما أعطيتك. اتفقنا على ذلك.
( 1 )
قلت لمحدثي: أنا لست متحدثا باسم الدولة ولو أن ذلك يشرفني، وكل ما أقوله هنا يعبر عن رأيي الشخصي كما أرى الأمور، ومن هنا سوف أتناول المواضيع التي طرحتها حسب التسلسل الذي أدليت به.
في المجال الاقتصادي: ما المانع أن يكون لنا في قطر رأي في الأزمة العالمية الاقتصادية والمالية، مالتس الاقتصادي البريطاني المشهور كانت له بصمته في الاقتصاد والنقود، وكذلك كار ماركس، وفشر ولبسي وغيرهم وهؤلاء كانت أدوارهم على أسس فردية، وأبدعوا. في تقديري فشلت نظرية الاقتصاد الحر وعزل الدولة عن المجال الاقتصادي، بينما نظرية ماركس هي التي تحظى بالاهتمام الآن، وقد أفردت مجلة "النيوز ويك الأمريكية" على غلافها قبل بضعة أشهر الدعوة إلى الاقتصاد الموجه في مواجهة النظام الفردي الذي أدى بنا إلى كوارث من عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
إذا كان من أتيت على ذكرهم أعلاه من المهتمين بالاقتصاد ساهموا مساهمات على أسس فردية، فان قطر تساهم على أساس عمل جماعي يجمع المنظرين والعمليين على قدم المساواة للخروج من دائرة السلاسل الزمنية الاقتصادية التي تضطرب من وقت إلى آخر، ثم لماذا الاستخفاف بقدراتنا، الم تكن السعودية ضمن دول العشرين للبحث عن مخرج من الأزمة المالية الراهنة؟.
( 2 )
لبنان، دولة شقيقة تعتصرها الطائفية والاثنية وبيوت الإقطاع السياسي، تحتاج إلى صديق تتوافر فيه كل سمات الطهر السياسي، فكانت قطر بقيادة أميرها سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وقد وفقت في مسعاها رغم كل الجهود التي تبذلها بعض عواصم الردة العربية وبمعونة فرنسية أمريكية صهيونية لتخريب ما حققته قطر، لكن اؤكد لك ان كل معاول الهدم ما برحت نشطة للنيل من لبنان كي لا يقال ان دولة قطر دفنت كل جذور الفتنة هناك والى الأبد.
( 3 )
فلسطين، بقيت أكثر من 55 عاما والأيدي العربية في بعض العواصم تلعب بقدر هذا الشعب العظيم، تاجر الكثير من القادة العرب والفلسطينيين بحقوق الشعب الفلسطيني، مصر السادات ومن بعده جمهورية حسني مبارك يقبضون أربعة مليارات دولار سنويا من أمريكا مقابل الخدمات التي يقدمها النظام السياسي في مصر لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، وهناك قيادات عربية أخرى تقبض وكذلك قيادات فلسطينية.
قطر كما قلت بطهرها السياسي تقدمت لرأب الصدع بين فريقين فلسطينيين احدهما هوى به الردى ويمثله الجمهور العباسي، وآخر يتطلع إلى تحقيق الحق للشعب الفلسطيني وتمثله حركة حماس الذي انتخبها الشعب لإدارة شؤونه، وكانت آخر جهود اهل الطهر السياسي القطريين أنهم أصروا على عدم إنفاق ريال واحد من الأموال التي جمعت لإعادة أعمار ما خربته الحرب الصهيونية في غزة، رغم محاولات الدولة العباسية استقطاع مبالغ من اجل إنفاقها على العاطلين من جحافل أنصار الرهط العباسي.
هل تعلم يا أخي العزيز ان القمة العربية رهنت المستقبل الفلسطيني برمته لإرادة النظام السياسي في شرم الشيخ ولم يتقدم أي من القادة العرب بمساءلة القيادة المصرية عن ما تفعل بالشأن الفلسطيني؟ هل تعلم أن بعض القادة العرب تبريرهم لعدم مساءلة نظام حسني مبارك أنهم لا يريدون إغضاب حسني مبارك. قطر لم تكن مع ذلك الرهط الصامت كي لا يغضب حسني، دعت إلى قمة عربية من اجل نصرة غزة، ورفع الحصار عنها وفضح معاناة أهلنا في غزة على المعابر المصرية.
( 4 )
في الشأن اليمني ودور قطر في حل الخلافات بين النظام السياسي وما يعرف بفريق الحوثيين، لا أريد أن أتحدث عن المعضلة الرئيسية التي حالت دون الوصول إلى اتفاق بين الطرفين، حرصا مني على الوحدة اليمنية، ولان اليمن يمر بأخطر أزمة سياسية قد تطيح بالوحدة ما لم تمتد الإرادة الإلهية والحكمة اليمنية لإنقاذ البلاد من شر مستطير.
لكني اقفز بك وفي عجالة عن حال السودان. قل لي بربك لو أحسنت مصر فعلها وملكت الارادة السياسية لحماية مجالها الحيوي جنوبا الا تستطيع حل الخلافات السودانية - السودانية، وكذلك السودانية - التشادية. عندما تقاعست جمهورية مبارك عن دورها فلا يجوز لها أن تعترض على من يقوم بالدور الأخوي لحل النزاعات البينية في السودان، قطر ليست لها مصالح ذاتية نحن في آسيا والسودان في إفريقيا ولكن واجب الأخوة يفرض على قطر أن تحاول إصلاح ذات البين دون تردد.
آخر القول: قطر تعمل من اجل امة، ومخالفوها يعملون من اجل مصالح ذاتية. انتهى حديثي مع محدثي لانشغالي بموعد آخر مع أخوة من السودان، وافترقنا كما التقينا بالسلام.
http://www.elaph.com/Web/NewsPapers/2009/5/445489.htm