حبر سري
12-06-2009, 12:52 AM
في دولة الخلفاء الراشدين اطلقت كلمة عامل على الوالي
اذا كان حاكم الدولة الشاسعة أمير فالاولى ان حكام ولاياتها عمال.
لم تكن لعامل الامير مساحة جغرافية محددة فعمروا بن العاص كان عاملاً على مصر كلها وأنشأ مدينة جديدة هي الفسطاط اما معاوية بن ابي سفيان فكان عاملاً على دمشق وما حولها وهناك حمص وحلب والكوفة( مدينة جديدة) والبصرة واليمن والبحرين وعُمان وغيرها.
كان محمد بن سلمة (مسلمة) مسؤولاً عن كل عمال عمر وحظى بثقته.
من ضمن الاعمال التي كلفه بها احراق باب (القصر) الجديد لسعد بن ابي وقاص الذي بنى الكوفة وتولاها، فسياسة عمر تقضي ان لا يكون هناك باب وحاجب بين الوالي والرعية.
سعد بن ابي وقاص كان سابع الاسلام واحد المبشرين بالجنة وخال الرسول وبطل القادسية. ولكن عندما يتولى الولاية فلا بد ان يمتثل لاوامر الخليفة ويطبق سياسة الدولة العليا. وقد فعل
كان من مهمات بن سلمة الذهاب الى العامل الذي تصل المعلومات لعمر انه أثرى من وظيفته ومقاسمته لماله.
فعلها عدة مرات ومن جملة من زارهم عمروا بن العاص الذي قاسمه ماله حتى نعلاه وبالطبع كان الوالي يتميز غيظاً وغضباً ولكن لا احد يستطيع عصيان اوامر الخليفة الموجود على مسافة بعيدة.
تضخمت الدولة الاسلامية في زمن قصير جداً وكانت المشكلة الكبرى امام أميرها ايجاد عمال صالحين لادارة ارجاء الدولة وقادرين على تنفيذ سياساتها .
ولمساعدة مسؤول العمال محمد بن سلمة في ايجاد عمال، وحتى نأخذ فكرة عن أحوال ذلك الزمن، سنتخيل وجود جريدة رسمية في المدينة وفي احد اعدادها صدر الاعلان التالي:
إعلان في الجريدة الرسمية
مطلوب فوراً عامل لمدينة حلب
على المتقدم ان تتوفر فيه الشروط التالية:
1. أن لا يكون من الرعيل الأول من الصحابة.
2. أن لا يمت لامير المؤمنين عمر بن الخطاب باي صلة قرابة.
3. يتبع الأوامر الصادرة له من المركز ولا يعرض الرعية للاذى باي شكل من الأشكال.
4. أن يكون من أهل الحضر.
5. يتمتع بالهيبة والتواضع.
6. ان لا يظلم الرعية وان تملأ الرحمة قلبه فإنما يرحم الله من عباده الرحماء.
7. أن يحافظ على أسرار الدولة.
8. أن يقبل بتقديم كشف بأمواله وممتلكاته حال استلام وظيفته.
10. ينبغي ان يتمتع بالشفافية المطلقة.
11.يجب أن يخاف من الإغراء المادي.
12. أن يكون متعلماً يحسن القرآءة والكتابة
الراتب والإمتيازات:
يتقاضى المرشّح راتباً وقدره مائة وخمسين درهماً في الشهر مع عدد من الشياه قابل للتفاوض على أن لا يتجاوز عشرة شياه، كما تؤمن الدولة السكن والركوب ونفقات الحج كل عام للتشاور مع أميرالمؤمنين وتقديم كشف الحساب السنوي.
من يجد في نفسه الكفاءة فعليه مراجعة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في مكتبه الكائن في احد اركان المسجد النبوي.
تعب ابن سلمة وهو يجمع هذه النقاط من خلال معايشته لعمر ومن كتابات عمر لعماله ويعرف مأزق الدولة في عدم توفر كوادر لديها يتمتعون بكل هذه الصفات. والخليفة لا يقبل سوى الكمال.
(تم التطرق للشروط الثلاثة الاولى في مقالات منفصلة نظراً لأهميتها)
في الشرط الرابع يؤمن عمر بمبدأ الاهلية ويضع لنا القانون التالي:
وضع الرجل المناسب في المكان المنا سب
عمر لا يضع رجلاً بدوياً من اهل الوبر (الخيام) لادارة شؤون اهل المدر (الحضر او المدن).
وفي الشرط الخامس ان يكون المتقدم مهيباً ومتواضعاً فادارة الولاية تحتاج احترام الناس وتواضع المدير. ولعمر تعبير طريف لذلك فقد قال: إذا كان المتقدم في القوم وليس أميرهم كان وكأنه أميرهم. وإذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم.
في الشرط السادس قال عمر ( ايما عامل لي ظلم أحداً فبلغتني مظلمته فلم اغيرها فانا ظلمته.)
ويعطينا القانون التالي:
الحاكم مسؤول عن اعمال موظفيه
وفي العصر الحالي يستقيل المسؤول في الغرب اذا اخطأ احد موظفيه.
اكثر ما يكرهه الخليفة الظلم، ورجل قاسي يمكن ان يكون ظالماً، شاهد عمر احدهم يعامل اطفاله بقسوة، وكان يفكر بتوليته فغض النظر عن الفكرة.
اما في الشرط الثامن فقد قدم عمر للبشرية قانون:
(تقديم المرشح للوظيفة كشفاً بامواله وممتلكاته قبل توليها)
وقانون:
(من اين لك هذا؟)
ومحاسبة العمال ومتابعتهم باستمرار ويصب هذا كله في القانون العام الذي سبق ذكره:
الوظيفة تكليف لا تشريف
كانت هذه الشروط صعبة، لهذا لم يتقدم أحد، خاصة ان عدد المتعلمين في الجزيرة الذين يصلحون لتولي الوظيفة محدود جداً.
بعد كل الجهد الذي بذله محمد بن سلمة في تجميع هذه النقاط. خاب أمله فقد فوجيء انه لا يعرف مفتاح الشروط كلها فقد قال عمر:
إنّا لا نستعين على عملنا بمن يطلبه.
يقيس عمر على نفسه، ويعرف ان من يطلب شيئاً فإنما يفكر بنفسه وبمصلحته وهو يبحث عن الأفراد الذين يفكرون بالمصلحة العامة ومن واجبه كمسؤول أن يجدهم رغم ندرة الكفاآت الموجودة.
هكذا يفكر رجل دولة عظيم في طريقة اختيار مساعديه ليضمن تطبيق سياسته
م ن ق و ل
اذا كان حاكم الدولة الشاسعة أمير فالاولى ان حكام ولاياتها عمال.
لم تكن لعامل الامير مساحة جغرافية محددة فعمروا بن العاص كان عاملاً على مصر كلها وأنشأ مدينة جديدة هي الفسطاط اما معاوية بن ابي سفيان فكان عاملاً على دمشق وما حولها وهناك حمص وحلب والكوفة( مدينة جديدة) والبصرة واليمن والبحرين وعُمان وغيرها.
كان محمد بن سلمة (مسلمة) مسؤولاً عن كل عمال عمر وحظى بثقته.
من ضمن الاعمال التي كلفه بها احراق باب (القصر) الجديد لسعد بن ابي وقاص الذي بنى الكوفة وتولاها، فسياسة عمر تقضي ان لا يكون هناك باب وحاجب بين الوالي والرعية.
سعد بن ابي وقاص كان سابع الاسلام واحد المبشرين بالجنة وخال الرسول وبطل القادسية. ولكن عندما يتولى الولاية فلا بد ان يمتثل لاوامر الخليفة ويطبق سياسة الدولة العليا. وقد فعل
كان من مهمات بن سلمة الذهاب الى العامل الذي تصل المعلومات لعمر انه أثرى من وظيفته ومقاسمته لماله.
فعلها عدة مرات ومن جملة من زارهم عمروا بن العاص الذي قاسمه ماله حتى نعلاه وبالطبع كان الوالي يتميز غيظاً وغضباً ولكن لا احد يستطيع عصيان اوامر الخليفة الموجود على مسافة بعيدة.
تضخمت الدولة الاسلامية في زمن قصير جداً وكانت المشكلة الكبرى امام أميرها ايجاد عمال صالحين لادارة ارجاء الدولة وقادرين على تنفيذ سياساتها .
ولمساعدة مسؤول العمال محمد بن سلمة في ايجاد عمال، وحتى نأخذ فكرة عن أحوال ذلك الزمن، سنتخيل وجود جريدة رسمية في المدينة وفي احد اعدادها صدر الاعلان التالي:
إعلان في الجريدة الرسمية
مطلوب فوراً عامل لمدينة حلب
على المتقدم ان تتوفر فيه الشروط التالية:
1. أن لا يكون من الرعيل الأول من الصحابة.
2. أن لا يمت لامير المؤمنين عمر بن الخطاب باي صلة قرابة.
3. يتبع الأوامر الصادرة له من المركز ولا يعرض الرعية للاذى باي شكل من الأشكال.
4. أن يكون من أهل الحضر.
5. يتمتع بالهيبة والتواضع.
6. ان لا يظلم الرعية وان تملأ الرحمة قلبه فإنما يرحم الله من عباده الرحماء.
7. أن يحافظ على أسرار الدولة.
8. أن يقبل بتقديم كشف بأمواله وممتلكاته حال استلام وظيفته.
10. ينبغي ان يتمتع بالشفافية المطلقة.
11.يجب أن يخاف من الإغراء المادي.
12. أن يكون متعلماً يحسن القرآءة والكتابة
الراتب والإمتيازات:
يتقاضى المرشّح راتباً وقدره مائة وخمسين درهماً في الشهر مع عدد من الشياه قابل للتفاوض على أن لا يتجاوز عشرة شياه، كما تؤمن الدولة السكن والركوب ونفقات الحج كل عام للتشاور مع أميرالمؤمنين وتقديم كشف الحساب السنوي.
من يجد في نفسه الكفاءة فعليه مراجعة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في مكتبه الكائن في احد اركان المسجد النبوي.
تعب ابن سلمة وهو يجمع هذه النقاط من خلال معايشته لعمر ومن كتابات عمر لعماله ويعرف مأزق الدولة في عدم توفر كوادر لديها يتمتعون بكل هذه الصفات. والخليفة لا يقبل سوى الكمال.
(تم التطرق للشروط الثلاثة الاولى في مقالات منفصلة نظراً لأهميتها)
في الشرط الرابع يؤمن عمر بمبدأ الاهلية ويضع لنا القانون التالي:
وضع الرجل المناسب في المكان المنا سب
عمر لا يضع رجلاً بدوياً من اهل الوبر (الخيام) لادارة شؤون اهل المدر (الحضر او المدن).
وفي الشرط الخامس ان يكون المتقدم مهيباً ومتواضعاً فادارة الولاية تحتاج احترام الناس وتواضع المدير. ولعمر تعبير طريف لذلك فقد قال: إذا كان المتقدم في القوم وليس أميرهم كان وكأنه أميرهم. وإذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم.
في الشرط السادس قال عمر ( ايما عامل لي ظلم أحداً فبلغتني مظلمته فلم اغيرها فانا ظلمته.)
ويعطينا القانون التالي:
الحاكم مسؤول عن اعمال موظفيه
وفي العصر الحالي يستقيل المسؤول في الغرب اذا اخطأ احد موظفيه.
اكثر ما يكرهه الخليفة الظلم، ورجل قاسي يمكن ان يكون ظالماً، شاهد عمر احدهم يعامل اطفاله بقسوة، وكان يفكر بتوليته فغض النظر عن الفكرة.
اما في الشرط الثامن فقد قدم عمر للبشرية قانون:
(تقديم المرشح للوظيفة كشفاً بامواله وممتلكاته قبل توليها)
وقانون:
(من اين لك هذا؟)
ومحاسبة العمال ومتابعتهم باستمرار ويصب هذا كله في القانون العام الذي سبق ذكره:
الوظيفة تكليف لا تشريف
كانت هذه الشروط صعبة، لهذا لم يتقدم أحد، خاصة ان عدد المتعلمين في الجزيرة الذين يصلحون لتولي الوظيفة محدود جداً.
بعد كل الجهد الذي بذله محمد بن سلمة في تجميع هذه النقاط. خاب أمله فقد فوجيء انه لا يعرف مفتاح الشروط كلها فقد قال عمر:
إنّا لا نستعين على عملنا بمن يطلبه.
يقيس عمر على نفسه، ويعرف ان من يطلب شيئاً فإنما يفكر بنفسه وبمصلحته وهو يبحث عن الأفراد الذين يفكرون بالمصلحة العامة ومن واجبه كمسؤول أن يجدهم رغم ندرة الكفاآت الموجودة.
هكذا يفكر رجل دولة عظيم في طريقة اختيار مساعديه ليضمن تطبيق سياسته
م ن ق و ل