المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل هناك منافع للأزمة المالية العالمية؟



ROSE
15-07-2009, 07:37 AM
هل هناك منافع للأزمة المالية العالمية؟




بقلم الدكتور لويس حبيقة :
الحدود السلبية للأزمة المالية العالمية أصبحت معروفة للرأي العام وإن اختلف الاختصاصيون حول عمقها وإلى أي مدى يمكن أن تستمر. في الأرقام وفي توقعات البنك الدولي بالنسبة للدول النامية، ستنمو بنسبة 1,2% هذه السنة مقارنة بـ 5,9% السنة الماضية. من الوقائع المعروفة أن الدول النامية تتطور بسرعة أكبر من الغنية لأنها تبدأ من مستويات منخفضة، وبالتالي فإن مجالات التطوير والتحسن هي أكبر بكثير. فنسبة 1,2% لهذه السنة تعتبر متدنية جدا وغير كافية لتعويض النمو السلبي الذي يتحقق في الدول الصناعية. كان من المفروض أن يكون تأثير الأزمة المالية على الاقتصاد العالمي أخف مما يحصل لو استطاعت الدول النامية والناشئة إبعاد نفسها عن الأزمة. إلا أن الرياح أتت بشكل معاكس وأحدثت ضررا كبيرا، ليس فقط بسبب سوء تحضير الدول لاقتصاداتها وإنما لأن الأزمة هي أعمق بكثير مما كان متوقعا. لذا لن يتعافى الاقتصاد العالمي قبل آخر سنة 2010 وربما في بداية 2011.
أما في الدول الصناعية وضمن مجموعة منظمة التعاون الاقتصادي oecd التي تضم 30 عضوا، يتوقع الباحثون أن يتحقق في سنة 2009 ركود قوي أي حوالي 4,1% من النمو السلبي. من المتوقع أن يتحقق نمو يقدر بـ 0,7% في سنة 2010، أي أن النمو الإيجابي الحقيقي لن يحصل إلا في سنة 2011. يبقى الوضع الاقتصادي الغربي مقلقا بالرغم من كل الخطوات المالية والنقدية المتخذة والتي فاقت تكلفتها كل التوقعات. من الممكن أن تحاول الولايات المتحدة ضخ حوافز مالية جديدة أي فوق ما قرر في الماضي والبالغ 787 مليار دولار. أما في النواحي الإيجابية، نذكر استطاعة بعض الشركات والمصارف من التعافي بسبب مساعدة الدولة لها وانتقال ملكية بعضها إلى القطاع العام. هنالك مصارف بدأت تعيد للدولة الأموال الإنقاذية التي اقترضتها ضمن البرنامج المتخصص tarp، كما أن شركة "جنرال موتورز" ستخرج من الإفلاس لكن بأحجام أصغر وسلع أقل تنوعا وبملكية مباشرة من الدولة.
إذا كانت النتائج السلبية للأزمة المالية العالمية معروفة وكبيرة، فهل هنالك أي خصائص إيجابية أو دروس يمكن تطبيقها لمصلحة الاقتصادات الوطنية؟ هل غيرت الأزمة العلاقات الاقتصادية الوطنية والدولية؟ هل غيرت في العادات والعقلية وتصرفات فرقاء الإنتاج والقطاع العام؟ هل انتقلنا من مرحلة إلى أخرى بفضل الأزمة القاسية؟ هل تأثرت الإنتاجية؟ هل تأثر المستهلكون العاديون بما حصل بعد أن خسروا دوليا ما يقارب 20% من ثروتهم الصافية مقارنة فقط ب 5% في الأزمات السابقة؟ هل تأتي فرص النهوض من القطاع العام أم من المواطن الذي يستفيد من الأسعار المتدنية للشراء والاستثمار وبالتالي يسبب نهوض الاقتصاد العالمي؟ هل نحتاج إلى رؤية جديدة للنمو تبنى على التوازن بين المناطق وبين مختلف شرائح المجتمع وتهتم بالفقراء وتحترم الحاجات البيئية؟
أولا: من الدلائل الإيجابية الأساسية هو شد الأحزمة على مستوى الأشخاص والأسر، وحتى في القطاع العام من ناحية الإنفاق الجاري وليس الاستثنائي. هنالك تغيرات واضحة في حجم وتشكيلة الإنفاق الذي يقوم بها المواطن وتقوم بها الأسر. تغيرت بعض العادات أي انتقل المواطنون إلى شراء سلع أقل تكلفة معتمدين على حسومات كبيرة تقدمها الشركات والمحلات لاجتذاب المواطنين والمستهلكين. تبعا للإحصائيات المتوافرة، هنالك 58% من الفرنسيين يقولون بأنهم غيروا عاداتهم الاستهلاكية بشكل أكيد ونهائي. كان النمو الفرنسي في الفصل الأول من سنة 2009 سلبيا أي بحدود 1,2% وهو الأدنى في التاريخ المدون. كان موسم 2008 – 2009 التجاري الأسوأ في بريطانيا منذ سنة 1983 أي منذ بداية جمع الإحصائيات المفصلة. هنالك دلائل تشير إلى ارتفاع الادخار عند المواطن الغربي بحيث أصبح يسدد ديونه بشكل أسرع ودوري أي يقلل من استهلاكه حتى لا يأكله الدين. تشير الدراسات إلى إمكانية وصول نسبة الادخار من الدخل إلى حدود 8% في الولايات المتحدة، وهذا ما لم يعرفه الأميركيون منذ عقود وربما أكثر. فالقلق الذي نتج عن الأزمة، وما تبعها من إفلاسات وبطالة، يساهم بشكل مباشر وقوي وسريع في تغيير عادات المواطن الغربي وخاصة الأميركي أي من مبذر إلى مدخر وهذا ما لم يكن ممكنا في الظروف العادية.
ثانيا: كان الاقتصاد العالمي مرتبطا بشكل كبير بالأوضاع الأميركية أي عمليا بالمستهلك الأميركي الذي يحرك الاقتصاد العالمي. لن يكون الاقتصاد الجديد، أي الذي يلي الأزمة، مرتبطا بأميركا كما كان في السابق. لن يكون الاقتصاد الجديد مرتكزا بنفس القدر على القطاع المصرفي والمالي كما كان سابقا. من ينظر إلى لائحة الشركات الخمسين الكبرى التي لم تعانِ من الأزمة يرى أنها تتوزع على قطاعات عدة لكن معظمها موجود في الاقتصاد الحقيقي، أي الإنترنت والاتصالات والبنية التحتية والطاقات البديلة والسلع الاستهلاكية من مأكولات وإلكترونيات وغيرها. من الخطأ القول إن كل الاقتصاد العالمي مريض، لكن أجزاء منه مريضة حقا. كما أن هنالك دولا كبيرة بل مجتمعات لم تصب بالأزمة بنفس القدر، كالصين التي يعول عليها في الإنقاذ وكذلك الهند وروسيا والبرازيل. سيتنوع الاقتصاد العالمي أكثر بعد الأزمة بحيث تتشكل نقاط ثقل عديدة ومتنوعة في قارات عدة وليس فقط في الغرب.
ثالثا: هنالك اقتناع في العالم بأن الحجم ليس ضمانة للاستمرار بعد الإفلاسات الخطيرة للشركات والمصارف الكبيرة. كما كانت هنالك عودة للنظريات الكينيزية فيما يخص الاقتصاد العام، هنالك عودة أيضا لنظريات "شومبيتر" فيما يخص القطاع الخاص. ففي كتاب شومبيتر "نظرية التطور الاقتصادي" الذي صدر في سنة 1911، يقول بأن الأزمة هي دافع قوي للتجديد والتطور والإبداع. هنالك فرص كبيرة اليوم للإبداع عبر الشركات الصغيرة التي لا تتطلب رأسمالا كبيرا لكنها تحتاج إلى أفكار جيدة. لم يعد ممكنا للشركات الكبيرة التي عانت وخسرت أن تستوعب اليوم كل خريجي الجامعات، بل على هؤلاء الشباب والشابات أن يفكروا بإنتاج سلع وخدمات جيدة وجديدة ضمن شركات صغيرة مرنة تلبي حاجات استهلاكية أو استثمارية. سيكون الاقتصاد الجديد مرتكزا أكثر من السابق على الفكر والخلق والإبداع.
رابعا: هنالك قطاع مهم نما بسبب الأزمة وهو الكتابة والنشر. حقق العديد من مؤسسات النشر أرباحا كبيرة بسبب بيع الكتب المتخصصة بالأزمات المالية ودروسها ونتائجها. من لم يقرأ في الماضي، اشترى اليوم الكتب الاقتصادية ليفهم ما يحصل في العالم. بينما كانت مبيعات هذه الكتب متدنية في الماضي القريب، أصبحت مطلوبة من الفرد العادي القلق والواعي. لا يمكن القول إن كل هذه الكتب جيدة، لأن بعضا منها كتب بسرعة وبسطحية واضحة للاستفادة من موجة الشراء العامة. إلا أن قسما كبيرا منها ممتاز ويعالج الأزمة بكل أبعادها وعمقها. في كل حال، من الصعب الكتابة عن الأزمات خلال حصولها بل يجب أخذ الوقت مستقبلا لتحليل ما حصل واقتباس الدروس الأساسية. لا شك أن كتب المستقبل التي ستعالج الأزمة ستكون مختلفة عن الكتب التي صدرت، حتى من قبل المؤلفين أنفسهم.
خامسا: هنالك شعور قوي في المجتمعات الغربية بأن ما حصل غير مقبول خاصة وأنه يتكرر كل 10 سنوات أو أقل أحيانا. هنالك شعور اليوم بأن النمو القوي المتواصل ربما يضر بالتوازنات الاقتصادية وبالفقراء. هنالك تشديد على ضرورة الانتقال من النمو العادي الكلاسيكي إلى ما يعرف ب"النمو الأخضر" الذي يربط بين الاقتصاد والتنمية والبيئة. فالنمو الأخضر هو تطور مرتكز على التنمية الدائمة والتضامن الاجتماعي الذي يحمي الطبقات الفقيرة من غضب الجشع والتهور والمخاطرة غير المدروسة. فهل العالم مستعد لهذا التغيير؟

ROSE
15-07-2009, 07:38 AM
الثماني الكبار.... وسبل الخروج من الأزمة المالية العالمية





في إطار السعي الدائم لدول العالم للخروج من براثن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الطاحنة الراهنة، عقد العديد من المنتديات والمؤتمرات واللقاءات والقمم، والتي تمثل آخرها في قمة الثماني الكبار التي عقدت بمدينة لاكويلا بإيطاليا في الفترة من 8-10 من شهر يوليو الجاري، وبمشاركة العديد من دول الاقتصادات الناشئة وفي مقدمتهم الصين، والهند، والبرازيل، والمكسيك، ومصر، وجنوب إفريقيا .... وتعقد هذه القمة وسط ظروف مضطربة بالغة الدقة ومظاهرات عنيفة من مناهضي العولمة والرأسمالية، على الرغم من وجود بعض الإشارات والمؤشرات على حدوث بعض الانتعاش الطفيف في الاقتصاد العالمي، وفي أعقاب قمة اقتصادية هامة، وهي قمة العشرين التي عقدت في بريطانيا في شهر أبريل الماضي، والتي سوف تتلوها قمة أخرى لمجموعة العشرين في منتصف شهر سبتمبر المقبل بواشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية.
وإذا كانت قمة العشرين الماضية والتي سبق انعقادها لقمة الثماني بأقل من ثلاثة أشهر، قد استطاعت أن تنهي أعمالها وتوصياتها بصيغة توافقية ترضي جميع الأطراف، رغم الاختلاف البين في الرؤى والمواقف حول سبل علاج الأزمة، فقد اقترح أحد الفرق والذي ترأسه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا واليابان وكندا، أن حل الأزمة يكمن في المزيد من الإجراءات التحفيزية، من خفض للضرائب وتخفيض في أسعار الفائدة بالبنوك وضخ كميات كبيرة من الأموال في شرايين الاقتصاد الوطني والعالمي، بما يعمل على خلق المزيد من الطلب على منتجات الشركات والمؤسسات المختلفة، وما يترتب على ذلك من تشغيل هذه الشركات والمؤسسات بمعدلات أكبر، وعدم تخليها عن العمالة التي تعمل بها ... بينما يرى الفريق الآخر الذي تتزعمه كل من فرنسا وألمانيا وآخرون، أن حل الأزمة يكمن في علاج المسببات الأساسية للأزمة المالية العالمية، وفي مقدمتها عدم وجود رقابة حقيقة أو ضوابط على عمل المصارف والمؤسسات المالية وخاصة الأمريكية منها، وما ترتب على ذلك من إفراط شديد في التمويل المصرفي، وبصفة خاصة لعمليات التمويل العقاري، بأكثر كثيراً من حجم ودائع وأصول البنوك، ولمقترضين ذات درجات مخاطر عالية، أي غير قادرين على سداد أقساط وقيمة القروض الممنوحة لهم، وما واكب ذلك من عمليات التسنيد والمشتقات المالية عالية المخاطر .
وقد جاءت قمة الثماني التي تختلف قليلا عن قمة العشرين في أنها تبحث العديد من الملفات السياسية بجانب الملف الاقتصادي، لتؤكد على ما جاء بقمة العشرين من حيث ضرورة استكمال عمليات تحفيز الاقتصاد وضخ المزيد من الأموال، إلا أنها أبدت استعدادها لإنهاء إجراءات ذلك الحفز عندما يصبح الانتعاش الاقتصادي أمرا مؤكداً، وذلك لتفادي زيادة مقدار الدين العام وارتفاع معدلات التضخم، وذلك بعد حدوث بعض التحفظات من قبل كندا وبعض الدول الأخرى الأعضاء في فريق العمل الذي ترأسه الولايات المتحدة الأمريكية فيما سمي
بإستراتيجية الخروج، وكذا أكدت القمة على ضرورة التصدي للسياسات الحمائية التي تفرضها بعض الدول، والعمل على إرساء نظام نقدي ومالي عالمي جديد مستقر وفعال وقادر على حماية الأسواق، ويقوم على أسس واضحة من الرقابة والشفافية، ويمتد ليشمل مناطق استثمارية جديدة كانت ومازالت مثيرة للكثير من الجدل كصناديق التحوط والملاذات الضريبية الآمنة، مع ضمان توافر الإمدادات الكافية من النقد، وخاصة تلك الإمدادات التي يتطلبها القطاع المصرفي مع الالتزام بسرعة التوصل إلى نهاية متوازنة لجولة الدوحة لمحادثات التجارة العالمية بحلول عام 2010.
وقد جاءت توصية قمة الثماني في شأن الانحباس الحراري وخفض معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50% على الأقل بحلول عام 2050 مقارنه بالمستويات المسجلة في عام 1990، أشبه ما تكون بالمسرحية الهزلية الكوميدية السوداء، إذ اعتقد الكثيرون حول العالم خطأ أن الكبار يمكن أن يعملوا لصالح البشرية أكثر من مصالحهم الذاتية الضيقة، وأنهم سوف يعملون على خفض معدلات الانحباس الحراري خلال ثلاث أو خمس أو عشر سنوات على الأكثر، وأنهم ليسوا في حاجة لأكثر من أربعين عاما لتحقيق هذا المطلب البيئي والصحي العالمي.
إلا أن أحد أهم التوصيات التي اتفق عليها قادة الدول الثماني الكبار قد تمثلت في المبادرة الخاصة بتوفير 20 مليار دولار لدعم الأمن الغذائي والبنية الزراعية للدول النامية على مدى السنوات الثلاث القادمة، وكذا مكافحة الفقر، بعد أن بلغ الجياع حول العالم لأكثر من مليار نسمة، يتركز معظمهم في القارة الإفريقية، التي اهتمت القمة بشأنها، وخصصت اليوم الثالث من أعمالها من أجل النهوض بالتنمية فيها، في ظل دعوة القمة لرؤساء ثماني دول إفريقية للمشاركة في أعمالها، ومع التركيز على الاستثمارات الزراعية طويلة الأجل بدول القارة الإفريقية، ومساعدة هذه الدول على إنتاج غذائها بنفسها إلا أن التخوف الحقيقي جاء متمثلا في أن هذه المبادرة جاءت في صورة وعود، وأن هناك وعودا مماثلة من قبل ولم تنفذ، أو نفذت بشكل جزئي، وكان آخرها الوعود المبرمة في عام 2005، والتي كان من المقرر بموجبها توفير مساعدات للدول النامية بقيمة 50 مليار دولار أمريكي حتى عام 2010 ولم يتم الالتزام سوى بـ27 مليار دولار فقط.
وعلى الرغم من مطالبة الصين بضرورة العمل على إيجاد عملة احتياطية جديدة بديلة عن الدولار الأمريكي، والتحول تدريجياً عن النظام المالي العالمي الذي يعتمد على الدولار، والتي كانت مدعومة في ذلك بكل من البرازيل، وروسيا، وبدعم مفاجئ غير منسق من الرئيس الفرنسي ساركوزي ... إلا أن القمة لم تتخذ أية توصيات محددة في هذا الشأن.
وفي النهاية، وإذا كانت هناك بعض المؤشرات الإيجابية على تحقيق تعافٍ نسبي بطيء للاقتصاد العالمي، وإذا كانت تقارير صندوق النقد الدولي تفيد بأن معدل النمو الاقتصادي العالمي سوف ينمو في عام 2010 ليكون في حدود 2,4% إلا أن تصريح الرئيس الأمريكي أوباما في ختام أعمال القمة قد أكد على أن عملية التعافي الاقتصادي مازالت بعيدة بالإضافة إلى القلق الزائد الذي أبداه وزير المالية البريطاني من فشل بعض الدول الأوروبية في تطهير بنوكها من الأصول الخطرة، وتأكيده على أن الاقتصاد العالمي لن يتعافى ما لم يتم تطهير هذه البنوك كما صرح مدير منظمة التجارة العالمية باسكال لامي بأنه لا يتفق مع هؤلاء المتفائلين بشأن وضع الاقتصاد العالمي، الذي يرى أنه مازال في أعماق الأزمة ويشاركه في ذلك خبراء البنك الدولي الذين يتوقعون نمواً سالبا هذا العام في كل من أمريكا واليابان وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي ولعل هذه المؤشرات السلبية هي ما دعت القمة لاستكمال وبذل المزيد من الجهود والتباحث قبل نهاية العام الجاري، من خلال قمة العشرين القادمة في واشنطن في شهر سبتمبر القادم، وتليها قمة الثماني في كوبنهاجن في ديسمبر المقبل.

د. رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والخبير الاقتصادي الدولي

ROSE
15-07-2009, 07:39 AM
اقتصاديات الخليج وتخطي الأزمة في النصف الثاني من 2009





انتصف عام الأزمة 2009 وما زال الجدل دائرا حول مدى انفراج الأزمة الاقتصادية العالمية وإن كانت تقارير المؤسسات الاقتصادية الدولية تشير إلى تحسن وتيرة الاقتصاد العالمي بمعدلات مختلفة وإن حظيت دول الخليج بنسب أعلى تؤهلها إلى تخطي هذه الأزمة بأقل الخسائر خاصة أن دول الخليج شهدت في السنوات الخمس الماضية أداء اقتصاديا جيدا تزامن مع وجود مشاريع ضخمة وطموحة لتطوير البنى التحتية في مختلف القطاعات، السياحية والعقارية إلى القطاع النفطي والصناعي حتى بلغ إجمالي حجم المشاريع في كل مراحل التخطيط والتنفيذ في دول الخليج 2.1 تريليون دولار، مع نهاية الربع الثاني من العام الجاري وهو يوازي ما بين ضعفي إلى ثلاثة أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي الخليجي المتوقع لهذا العام، على الرغم من أن معظم الاقتصاديات الكبرى لم تنجُ من الأضرار السلبية للأزمة نتيجة لانخفاض معدلات الأنشطة الاقتصادية وتوقف بعضها، ولعل ما ساعد الاقتصاديات الخليجية على الصمود منذ بداية الأزمة هو التدخل الحكومي بدعم البنوك وتشجيع الاستمرار في المشروعات الاستثمارية وتنفيذ الخطط التنموية وفق ما هو مخطط لها مسبقا حتى ولو كان هناك بطء في التنفيذ فإنه كان الأفضل بدلا من تعثر هذه المشروعات لأن ذلك ساعد على الحد من التأثيرات السلبية على الاقتصاد خاصة في الاقتصاديات التي كانت تتمتع بوجود فائض ومخصصات تم ضخها بالسوق في الوقت المناسب،
كما أن التداعيات السلبية التي أثرت في بعض المؤسسات الاقتصادية والمصرفية الخليجية كان سببها الأول هو ارتباطها بمؤسسات أجنبية منيت بخسائر كبيرة، وما زالت هذه المؤسسات متضررة بنسب متفاوتة حتى الآن مما يعطي دلالات على وجود الركود العالمي في بعض المناطق وسوف يبدو ذلك جليا في بعض البلدان الآسيوية التي شهدت من قبل فترات نمو سريعة في ظل استمرار تراجع الاقتصاديات المتقدمة، نظرا لقوة أو ضعف النظم المالية، وتذبذب أسعار السلع الأولية، وتناقص الدعم الحكومي المقدم بمرور الوقت, الذي يصاحبه ارتفاع رهيب في معدلات البطالة ...والغريب أن الكثير من الدول الخليجية والعربية تحاول أن تتجمل بإخفاء الحقيقة أو بعض منها ولا شك أن ارتفاع أسعار النفط سيعود بالفائدة على الدول المصدرة للنفط ومنها بالقطع دول الخليج إذ سيسهم ذلك في التعجيل بخروجها من عنق الأزمة والعودة لمعدلات النمو الطبيعية خلال الربع الأخير من 2009، التي تصاحبها توقعات تحسن في كل من الهند والصين وهي من الدول الكبرى المستهلكة للنفط والتي انتعشت فيها الصناعة بالإضافة إلى وجود عدد كبير من المشاريع الجديدة في الخليج مازال الأمل في إقامتها قائما، ويتركز معظمها في قطاع الإنشاء وأنه في حال تنفيذ هذه المشاريع، كما هو مخطط لها فإن ذلك من شأنه أن يحفز النشاط الاقتصادي في دول الخليج بشكل كبير، وأن يساندها في مواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية، بشرط أن يتوفر لها التمويل في الوقت المطلوب وبمشاركة القطاعين العام والخاص خاصة أن الدول الخليجية كان لديها مع بداية الأزمة استثمارات بأكثر من 7. 1 تريليون دولار في الولايات المتحدة وأوروبا باعتبار أنهما من أكبر مناطق العالم جذباً للاستثمار ويمكن توجيه هذه الاستثمارات أو جزء منها للداخل
ومن الأمور المشجعة على ذلك ما جاء مؤخرا في تصريحات خوسيه فيناليس مدير إدارة الأسواق المالية بالبنك الدولي بأن المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي من جراء الأزمة المالية قد خفت إلى حد ما منذ شهر أبريل الماضي نتيجة للسياسات المالية التي جرى اتخاذها سيما ما يتعلق بالحد من التمويل والإقراض المحفوف بالمخاطر، واستمرار نمو الاقتصاد بوتيرة منتظمة وبمعدلات جيدة، بما مكنها من التعامل مع انعكاسات الأزمة واحتمالاتها، ولا سيما في ظل استمرار مخصصات الإنفاق على المشاريع التنموية الضرورية والدور الذي يلعبه القطاع الخاص في هذا المجال وهو ما حدا بالأسواق المالية إلى استعادة الثقة التي افتقدتها مع بداية الأزمة، التي مر فيها الاقتصاد العالمي بمراحل حرجة .