الوعب
24-07-2009, 06:59 PM
سيدات أكدن لـ «العرب» تعرضهن للتحرش بحجة أخذ المقاس
مهنة الخياطة: ذكور يتحكمون في أذواق الإناث
2009-07-24
الدوحة – هدى منير العمر
تكاد لا تُعد تلك المحلات التي تحمل لافتات الخياطين على مدار الطريق، حيث تلتهب بأسمائها المختلفة وأسعارها التنافسية فيما بينها، لجذب زبائنها المستهدفين، وحتى إن لم تروج لاسمها فستقتضي حاجة الناس إليها حتمية الوصول لأبوابها بشكل دائم أو حتى متقطع، خصوصاً محلات الخياطة المخصصة للسيدات.
والملفت في محلات الخياطة للسيدات مزاولة الأيدي الذكورية فيها مهنة أقرب بطبيعتها للنساء، فتصميم الملابس وخياطتها أو حتى ترقيعها لطالما صنفت ضمن مهام المرأة، أو اختصاصات ربة البيت منذ القدم، ومع ذلك لا يمكن الجزم بوجوب احتكار المرأة لها، فقد يحترفها بعض الرجال ويتميزون بها أكثر من النساء، كما هو حاصل في مجال الطبخ على سبيل المثال، فأشهر المطاعم العالمية وأفخم مطابخ الفنادق الشهيرة يشرف عليها "شيف" وطاقم ذكوري تام.
لكن فيما يخص مجال الخياطة وتصميم الملابس تشتكي كثير من السيدات من صعوبة التعامل مع رجل في تنفيذ طلباتهن الخاصة، لا سيما وأن القالب الأساسي المعمول عليه الزي المطلوب هو جسد المرأة بكل تفاصيله الدقيقة، وهذا ما أكدته بعض السيدات لــ "العرب" ملفتات إلى مضايقات تصل إلى حد التحرش، هذا عدا أبرز المشاكل العامة ككيفية أخذ المقاس، أو الاعتماد على ذوق الرجل ونصيحته فيما لو طلبت منه السيدة مشورة معينة أو فكرة "موديل" جديد، ومدى توافقها مع جسدها وهيئتها ككل، مما يشكل بعض العوائق بين الزبونة والخياط، ينتج عنها تصميم غير مرضي.
عقبات امتهان المرأة للخياطة
حسن محمد خياط شهير في منطقته، حيث يعمل فيها منذ أكثر من 18 سنة، وحول تفسيره لقلة الأيدي الأنثوية العاملة في مجال الخياطة في قطر وتعويضها بالذكورية بشكل ملفت يفيد: "أعتقد أن هذه الظاهرة طبيعية في مجتمع متطور مادياً كالمجتمع القطري، والذي لا تحتاج فيه المرأة للعمل بمثل هذه المهنة الصعبة وذات الدخل المحدود من ناحية، أما من الناحية الأهم، والتي أعتقد أنها السبب الرئيسي لنفور المرأة من مهنة الخياطة هي صعوبتها البالغة، فقد يظن البعض أنها بسيطة وممتعة وأقرب للنساء، لكن مع خبرتي الطويلة أكاد أجزم أنها مهنة لا يمكن أن تتحملها النساء لفترات طويلة" موضحاً تعليله بالقول "فمثلاً نحن الخياطون نبدأ عملنا منذ الصباح الباكر، حتى الساعات المتأخرة من الليل، لإنجاز الطلبات الهائلة، وعلى ذلك تحتاج الخياطة إلى قوة تحمل وصبر، ومن لا يقدر عليها سيعاني مشاكل في الظهر أو البصر... فضلاً عن أن للمرأة مهاماً أساسية في بيتها يستحيل معها إتمام طلبات زبائن محلات الخياطة المتزايدة والتي تحتاج لوقفات طويلة بشكل دائم".
أما فيما يتعلق بطرق أخذ مقاس جسد الزبونة، يؤكد حسن أنها ليست مشكلة كبيرة لذلك الحد، فمن ترغب بقيام الخياط بأخذ مقاسها مباشرةً فعليه بذلك، وإن رفضت تقوم حينها بأخذ المقاس بنفسها وتسجله للخياط، أو تعطيه قطعاً من ثيابها الجاهزة لينسخ عنها مقاسها، وبناء على ما قاله لا يرى حسن أنه بحاجة لتعيين سيدة مخصصة لأخذ المقاسات كما تفعل بعض المحلات الكبيرة.
تحرش مبطن
تقول (م/ع) إنها تعرضت ذات مرة لمضايقة من قبل أحد الخياطين الذين كانت تتعامل معهم، وترجع بداية الموقف عندما ذهبت في أحد الأيام إلى محله لتضيق فستاناً كانت قد اشترته لحفل زفاف أختها، وعندها طلب منها ارتداءه ليقيس حجم الزوائد التي سيقصها منه، وأثناء أخذه مقاسها تقول "منذ اللحظة الأولى التي خرجت فيها من غرفة القياس بدت لي نظرات الخياط غير مطمئنة لجسدي رغم أني ارتديت الفستان فوق ملابسي العادية، لتستر ما يكشفه فستاني المفتوح، ورغم ذلك لم أسلم منه، فعندما بدأ بتمرير شريط المقاس على جميع جوانب جسدي وتدبيس الإبر على الفستان، استغل إجراءاته تلك وتحسس حينها أجزاء من جسمي بيده، ومن ربكتي لم أعد قادرة على التصرف، وخفت أن أشتكيه وأقطع رزقه وهو غير قاصد، فقد يكون قد اضطر لوضع يده علي وإلا كيف سيأخذ المقاس! وهذه أكبر حجه سيستند إليها في حال كان قد تعمد التحرش، وعندها ما كان بمقدوري إلا أن طلبت منه أن يسرع لأني على عجلة من أمري، ومرتبطة بموعد آخر بعد ربع ساعة". ومن بعد ذلك لم تعاود صاحبة الموقف التعامل مع هذا الخياط بتاتاً، مؤكدة أنها أصبحت تسجل مقاسها بنفسها في البيت، ومن ثم تعطيه للخياط مع قطعة القماش المراد تفصيلها.
الخياطون أمهر رغم العوائق
للبنى عامر موقف آخر تعتبره مضحكاً، ففي إحدى المرات التي ذهبت فيها لمفصل العباءات وبعد اختيار "موديل" العباءة الذي ترغب به، طلبت منه أن يأخذ مقاسها بنفسه، موضحة "يبدو أن هذا الخياط اعتاد -وبحكم محله المختص بخياطة العباءات- على غالبية زبوناته من المواطنات، وهن بطبيعة الحال يأتين بمقاسهن بأنفسهن، لذلك شعرته مستغرباً "متلبكاً" عندما بدأ بأخذ مقاسي، حتى إن يده كانت ترتجف وعيونه ستنفقع من شدة تحديقها بجسدي، خصوصاً عندما وصل لأخذ مقاس منطقة الصدر". ورغم أن لبنى تبسط الموقف وتسرده "بتنكيت" إلا أنها أيضاً أبدت استياءها من هذه المشكلة "فلا توجد محلات خياطة تشرف عليها سيدات، وإن وجدت فهي محدودة جداً ولا تغطي كافة المناطق، هذا خلاف أن الخياطين في قطر أمهر من الخياطات" تختم لبنى إفادتها.
المصممات مختصات
تشاطر أم عبد الله رأي سابقتها في أن نسبة امتهان السيدات الخياطة في قطر مازالت ضئيلة جداً، ومَن هن متوفرات غالبهن مختصات بتصميم أزياء معينة، متابعة بالقول "أعرف بعض المصممات اللاتي يملكن بوتيكات لتفصيل فساتين الأعراس والسهرات، وهن بذلك متخصصات في هذا الشأن ولا يقمن بتفصيل الأطقم والعباءات أو أي زي عادي، وبالتالي تكون أسعارهن مرتفعة من ناحية، ولا تسد متاجرهن حاجة السيدات من الخياطين بعددهن المحدود واختصاصاتهن الضيقة من ناحية أخرى".
استغلال جريء
"في يوم من الأيام اجتمعت صديقاتي اللاتي ينتمين لنفس حينا السكني في بيتنا، فتناقلنا الأحاديث والإخبار، ومن جملة ما تطرقنا إليه، ذلك الخياط الذي يتعامل أغلبنا معه، كونه الأقدم والمميز في عمله بمنطقتنا السكنية، وحينها أطلقت إحدى صديقاتي الشتائم على الخياط الذي كنا نمتدحه في جلستنا، وكأنها كانت تنتظر تلك اللحظة لتفرغ ما شالته في نفسها عليه طوال تلك السنين الماضية، فقالت: لم أنس يوماً ما فعله قليل الحياء بي عندما كنت في سن المراهقة تقريباً، حيث ذهبت أنا ووالدتي إلى محله لأفصل جلابية، وعندما بدأ بأخذ مقاسي وضع يده على أجزاء من جسدي مستغلاً عدم انتباه أمي، وأكثر ما لفت انتباهي أنه أخذ مقاس المنطقة المحيطة بصدري أكثر من مرة بحجة أنه لم يتوصل للمقاس الدقيق بعد، وبحكم سني وخوفي من ردة فعل أهلي وتحديداً والدي وأخي التزمت الصمت ولم أخبر أمي بالأمر" هذا ما قالته المواطنة مريم نقلاً عن صديقتها المشتكية.
وتؤكد مريم أنها تواجه هي الأخرى صعوبات في التعامل مع خياط (رجل) خصوصاً فيما يخص طريقة أخذ المقاس، وتضطر لذلك أن تعطي الخياط قطعاً جاهزة من ملابسها ليقيس عليها ما سيفصله طبقاً لجسدها.
ذوق الرجل لا يكفِ
أما حنان عبد العزيز فتلاحظ من جانبها أن نسبة الخياطين قد تصل إلى 95 % مقابل نسبة الخياطات أو المصممات المتدنية للغاية في قطر، رغم أنها مهنة تتلاءم وطبيعة المرأة أكثر من الرجل كما تقول، ومن هذا البند تؤكد أن المشكلة بالنسبة لها ليست في طريقة أخذ المقاس "فأصبح المصمم حريصاً على تعيين سيدة في محله لتتولى مهمة أخذ المقاسات، وهذا ما نلاحظه في أغلب محلات فساتين الأعراس والسهرات المعروفة، أما بالنسبة لمحلات الخياطين العادية والتي لا يمكن الاستغناء عنها فيمكن حل مشكلة المقاس بإعطائه ثياباً جاهزة، ليأخذ منها الأحجام المطلوبة فيما سيفصله، أو أن تقوم السيدة بأخذ مقاسها بنفسها وتبعث به للخياط" تفيد حنان، متابعة فيما يتعلق بالمشكلة الحقيقية التي تواجهها في التعامل مع خياط قائلة "مهما كان ذوق الرجل وخبرته تبقى هذه المهمة ملائمة للنساء وذوقهن، مثل الكوافيرات تماماً، فأحياناً تذهب الزبونة للخياط وتريد منه نصيحة فيما ستفصله بحيث يتناسب مع عمرها ووزنها ولون بشرتها، وهذه أمور يصعب مناقشتها مع رجل، خصوصاً بالنسبة للمحجبات أو المنتقبات، إذ إن الخياط لا يعلم شكل جسدها الحقيقي وما يتناسب معه من ناحية، والزبونة قد تخجل من توضيح الوصف الدقيق لموديلات بعض الفساتين العريانة، أو التي ترغب فيها من تفصيلة معينة عند منطقة الصدر مثلاً ".
من عميق الخبرة
من جانبها تستغرب إحدى مصممات الأزياء الشهيرات في قطر -والتي فضلت عدم ذكر اسمها- من ظاهرة تمرس الرجال لمهنة الخياطة النسائية وندرة عمل السيدات فيها، ملفتة من خلال خبرتها الطويلة والتي دامت أكثر من 30 سنة إلى أن هذه الظاهرة غير موجودة في بعض الدول العربية الأخرى، حيث تحتوي محلات الخياطة للسيدات على طاقم أنثوي، ومحلات الخياطة للرجال على طاقم ذكوري دون خلط.
ومن موقعها في هذا المجال تؤكد أن كثيراً من السيدات يشتكين لها من سوء التعامل مع بعض الخياطين، والتي وصلت إلى حد المضايقات الجسدية كما قالت، متابعة: "للأسف كثير من معدومي الضمير والدين يقومون بتلمس جسد الزبونة مع شريط المتر، وهذا أبسط ما سمعته، بل وأصبح شيئاً وارداً تعرض أية سيدة لمثل هذا المواقف مع الخياط في أية لحظة، مما خلق سخطاً واسعاً عند بعض الملتزمات من السيدات، فألاحظ أن كثيراً من الأزواج يسعدون عند قدومهم إلى محلي مع زوجاتهم، معللين ذلك بكثرة المشاكل، وعدم اطمئنانهم على نسائهم مع الخياطين، فرغم أن عُمالي رجال إلا أني مخصصة المعمل العلوي لهم ولا أسمح لأي رجل منهم بالنزول بتاتاً أثناء الدوام حتى تأخذ الزبونة كامل راحتها معي في الطابق السفلي".
وعلى خلفية تلك المشاكل، تستغرب من جانبها استمرار ذهاب كثير من السيدات إلى محلات الخياطين، موقعة جزءا من اللوم عليهن "فكيف تؤمّن الواحدة الخياط على جسدها؟" تتساءل هذه المصممة، معتبرة أن قلة الخياطات ليس مبررا كافيا لذلك، هذا عدا أن كثيرا من الزبونات يتحججن بأن الخياطين أكثر خبرة أمهر وأشطر من الخياطات، ومنهن من تتباهى من باب المظاهر بتعاملها مع مصمم معين ذي صيت واسع بين النساء وصاحب خبرة وأسعار مرتفعة لا تتعامل معه إلا صاحبات المستوى الراقي وفقا لإفادة المصممة.
منظور ديني
وفي هذا الشأن ينصح فضيلة الشيخ أحمد بن محمد البوعينين النساء بأخذ الحيطة والحذر من التعامل مع الخياطين، وعدم جواز لجوء المرأة لطريقة أخذ الخياط مقاس جسدها بنفسه، مؤكداً بقوله "الأجدر عليها أن تعطيه مقاساً جاهزاً من ثيابها، ويفترض أن تذهب للخياط مع محرم، وفي أضيق الحالات إن لزم الأمر لأخذ مقاسات دقيقة يمكن أن يقوم زوج أو أم أو أخت الزبونة على سبيل المثال بأخذها أمام ناظر الخياط دون أن يقوم هو بذلك، مع مراعاة إبقاء الستر والحشمة في اللباس أمامه.
وامتداداً لتلك المشاكل الواردة مع الخياطين ينبه كذلك البوعينين السيدات من عدم تبديل ملابسهن في غرف القياس التابعة لمحلات الخياطة أو حتى محلات الملابس الأخرى "فما دامت خارج بيتها لا يجوز لها خلع ملابسها في الأماكن المغلقة الخارجية" يقول البوعينين، متابعاً "القصص أمامنا كثيرة في هذا الشأن، فسمعنا عن حالات وضع كمرات في غرف القياس لتصوير أجساد النساء، ومنها قصة أذكرها من أحد الزملاء يقول فيها إن رجلاً اتفق مع أحد أصحاب محلات ملابس السيدات على وضع كاميرا في غرفة القياس، ليمده بشريط فيديو كامل كل يوم مقابل مبلغ من المال".
أدلة من السنة
ويستدل البوعينين من السنة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء" فإن كان نبينا قد وصى بغض البصر، ونبهنا من عواقب النظر إلى مفاتن المرأة، فكيف هو الحال بمقايسة الرجل مؤخرتها أو صدرها؟ يقول البوعينين، مذكراً كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له"، والمقصود هنا أن مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية حرام، وقياساً على ذلك لا يجوز للمرأة الاستهانة بتعاملها مع الخياط مهما كانت جنسيته، موضحاً "لا يعني أنه هندي أو آسيوي جواز التعامل معه دون شروط وضوابط شرعية، فالرجل يبقى رجلاً، هذا عدا أن المرأة قد تفتن هي الأخرى به".
ويختم الشيخ البوعينين أن أخذ الحيطة لا يغني عن المطالبة بتخصيص محلات أو أقسام خاصة بالسيدات تحت إشراف نسائي بحت، لتجنب تلك المشاكل وتفاقمها في المجتمع.
تعليقكم على قبول المرأه للرجل لاخذ القياس ومن ثم التحرش
مهنة الخياطة: ذكور يتحكمون في أذواق الإناث
2009-07-24
الدوحة – هدى منير العمر
تكاد لا تُعد تلك المحلات التي تحمل لافتات الخياطين على مدار الطريق، حيث تلتهب بأسمائها المختلفة وأسعارها التنافسية فيما بينها، لجذب زبائنها المستهدفين، وحتى إن لم تروج لاسمها فستقتضي حاجة الناس إليها حتمية الوصول لأبوابها بشكل دائم أو حتى متقطع، خصوصاً محلات الخياطة المخصصة للسيدات.
والملفت في محلات الخياطة للسيدات مزاولة الأيدي الذكورية فيها مهنة أقرب بطبيعتها للنساء، فتصميم الملابس وخياطتها أو حتى ترقيعها لطالما صنفت ضمن مهام المرأة، أو اختصاصات ربة البيت منذ القدم، ومع ذلك لا يمكن الجزم بوجوب احتكار المرأة لها، فقد يحترفها بعض الرجال ويتميزون بها أكثر من النساء، كما هو حاصل في مجال الطبخ على سبيل المثال، فأشهر المطاعم العالمية وأفخم مطابخ الفنادق الشهيرة يشرف عليها "شيف" وطاقم ذكوري تام.
لكن فيما يخص مجال الخياطة وتصميم الملابس تشتكي كثير من السيدات من صعوبة التعامل مع رجل في تنفيذ طلباتهن الخاصة، لا سيما وأن القالب الأساسي المعمول عليه الزي المطلوب هو جسد المرأة بكل تفاصيله الدقيقة، وهذا ما أكدته بعض السيدات لــ "العرب" ملفتات إلى مضايقات تصل إلى حد التحرش، هذا عدا أبرز المشاكل العامة ككيفية أخذ المقاس، أو الاعتماد على ذوق الرجل ونصيحته فيما لو طلبت منه السيدة مشورة معينة أو فكرة "موديل" جديد، ومدى توافقها مع جسدها وهيئتها ككل، مما يشكل بعض العوائق بين الزبونة والخياط، ينتج عنها تصميم غير مرضي.
عقبات امتهان المرأة للخياطة
حسن محمد خياط شهير في منطقته، حيث يعمل فيها منذ أكثر من 18 سنة، وحول تفسيره لقلة الأيدي الأنثوية العاملة في مجال الخياطة في قطر وتعويضها بالذكورية بشكل ملفت يفيد: "أعتقد أن هذه الظاهرة طبيعية في مجتمع متطور مادياً كالمجتمع القطري، والذي لا تحتاج فيه المرأة للعمل بمثل هذه المهنة الصعبة وذات الدخل المحدود من ناحية، أما من الناحية الأهم، والتي أعتقد أنها السبب الرئيسي لنفور المرأة من مهنة الخياطة هي صعوبتها البالغة، فقد يظن البعض أنها بسيطة وممتعة وأقرب للنساء، لكن مع خبرتي الطويلة أكاد أجزم أنها مهنة لا يمكن أن تتحملها النساء لفترات طويلة" موضحاً تعليله بالقول "فمثلاً نحن الخياطون نبدأ عملنا منذ الصباح الباكر، حتى الساعات المتأخرة من الليل، لإنجاز الطلبات الهائلة، وعلى ذلك تحتاج الخياطة إلى قوة تحمل وصبر، ومن لا يقدر عليها سيعاني مشاكل في الظهر أو البصر... فضلاً عن أن للمرأة مهاماً أساسية في بيتها يستحيل معها إتمام طلبات زبائن محلات الخياطة المتزايدة والتي تحتاج لوقفات طويلة بشكل دائم".
أما فيما يتعلق بطرق أخذ مقاس جسد الزبونة، يؤكد حسن أنها ليست مشكلة كبيرة لذلك الحد، فمن ترغب بقيام الخياط بأخذ مقاسها مباشرةً فعليه بذلك، وإن رفضت تقوم حينها بأخذ المقاس بنفسها وتسجله للخياط، أو تعطيه قطعاً من ثيابها الجاهزة لينسخ عنها مقاسها، وبناء على ما قاله لا يرى حسن أنه بحاجة لتعيين سيدة مخصصة لأخذ المقاسات كما تفعل بعض المحلات الكبيرة.
تحرش مبطن
تقول (م/ع) إنها تعرضت ذات مرة لمضايقة من قبل أحد الخياطين الذين كانت تتعامل معهم، وترجع بداية الموقف عندما ذهبت في أحد الأيام إلى محله لتضيق فستاناً كانت قد اشترته لحفل زفاف أختها، وعندها طلب منها ارتداءه ليقيس حجم الزوائد التي سيقصها منه، وأثناء أخذه مقاسها تقول "منذ اللحظة الأولى التي خرجت فيها من غرفة القياس بدت لي نظرات الخياط غير مطمئنة لجسدي رغم أني ارتديت الفستان فوق ملابسي العادية، لتستر ما يكشفه فستاني المفتوح، ورغم ذلك لم أسلم منه، فعندما بدأ بتمرير شريط المقاس على جميع جوانب جسدي وتدبيس الإبر على الفستان، استغل إجراءاته تلك وتحسس حينها أجزاء من جسمي بيده، ومن ربكتي لم أعد قادرة على التصرف، وخفت أن أشتكيه وأقطع رزقه وهو غير قاصد، فقد يكون قد اضطر لوضع يده علي وإلا كيف سيأخذ المقاس! وهذه أكبر حجه سيستند إليها في حال كان قد تعمد التحرش، وعندها ما كان بمقدوري إلا أن طلبت منه أن يسرع لأني على عجلة من أمري، ومرتبطة بموعد آخر بعد ربع ساعة". ومن بعد ذلك لم تعاود صاحبة الموقف التعامل مع هذا الخياط بتاتاً، مؤكدة أنها أصبحت تسجل مقاسها بنفسها في البيت، ومن ثم تعطيه للخياط مع قطعة القماش المراد تفصيلها.
الخياطون أمهر رغم العوائق
للبنى عامر موقف آخر تعتبره مضحكاً، ففي إحدى المرات التي ذهبت فيها لمفصل العباءات وبعد اختيار "موديل" العباءة الذي ترغب به، طلبت منه أن يأخذ مقاسها بنفسه، موضحة "يبدو أن هذا الخياط اعتاد -وبحكم محله المختص بخياطة العباءات- على غالبية زبوناته من المواطنات، وهن بطبيعة الحال يأتين بمقاسهن بأنفسهن، لذلك شعرته مستغرباً "متلبكاً" عندما بدأ بأخذ مقاسي، حتى إن يده كانت ترتجف وعيونه ستنفقع من شدة تحديقها بجسدي، خصوصاً عندما وصل لأخذ مقاس منطقة الصدر". ورغم أن لبنى تبسط الموقف وتسرده "بتنكيت" إلا أنها أيضاً أبدت استياءها من هذه المشكلة "فلا توجد محلات خياطة تشرف عليها سيدات، وإن وجدت فهي محدودة جداً ولا تغطي كافة المناطق، هذا خلاف أن الخياطين في قطر أمهر من الخياطات" تختم لبنى إفادتها.
المصممات مختصات
تشاطر أم عبد الله رأي سابقتها في أن نسبة امتهان السيدات الخياطة في قطر مازالت ضئيلة جداً، ومَن هن متوفرات غالبهن مختصات بتصميم أزياء معينة، متابعة بالقول "أعرف بعض المصممات اللاتي يملكن بوتيكات لتفصيل فساتين الأعراس والسهرات، وهن بذلك متخصصات في هذا الشأن ولا يقمن بتفصيل الأطقم والعباءات أو أي زي عادي، وبالتالي تكون أسعارهن مرتفعة من ناحية، ولا تسد متاجرهن حاجة السيدات من الخياطين بعددهن المحدود واختصاصاتهن الضيقة من ناحية أخرى".
استغلال جريء
"في يوم من الأيام اجتمعت صديقاتي اللاتي ينتمين لنفس حينا السكني في بيتنا، فتناقلنا الأحاديث والإخبار، ومن جملة ما تطرقنا إليه، ذلك الخياط الذي يتعامل أغلبنا معه، كونه الأقدم والمميز في عمله بمنطقتنا السكنية، وحينها أطلقت إحدى صديقاتي الشتائم على الخياط الذي كنا نمتدحه في جلستنا، وكأنها كانت تنتظر تلك اللحظة لتفرغ ما شالته في نفسها عليه طوال تلك السنين الماضية، فقالت: لم أنس يوماً ما فعله قليل الحياء بي عندما كنت في سن المراهقة تقريباً، حيث ذهبت أنا ووالدتي إلى محله لأفصل جلابية، وعندما بدأ بأخذ مقاسي وضع يده على أجزاء من جسدي مستغلاً عدم انتباه أمي، وأكثر ما لفت انتباهي أنه أخذ مقاس المنطقة المحيطة بصدري أكثر من مرة بحجة أنه لم يتوصل للمقاس الدقيق بعد، وبحكم سني وخوفي من ردة فعل أهلي وتحديداً والدي وأخي التزمت الصمت ولم أخبر أمي بالأمر" هذا ما قالته المواطنة مريم نقلاً عن صديقتها المشتكية.
وتؤكد مريم أنها تواجه هي الأخرى صعوبات في التعامل مع خياط (رجل) خصوصاً فيما يخص طريقة أخذ المقاس، وتضطر لذلك أن تعطي الخياط قطعاً جاهزة من ملابسها ليقيس عليها ما سيفصله طبقاً لجسدها.
ذوق الرجل لا يكفِ
أما حنان عبد العزيز فتلاحظ من جانبها أن نسبة الخياطين قد تصل إلى 95 % مقابل نسبة الخياطات أو المصممات المتدنية للغاية في قطر، رغم أنها مهنة تتلاءم وطبيعة المرأة أكثر من الرجل كما تقول، ومن هذا البند تؤكد أن المشكلة بالنسبة لها ليست في طريقة أخذ المقاس "فأصبح المصمم حريصاً على تعيين سيدة في محله لتتولى مهمة أخذ المقاسات، وهذا ما نلاحظه في أغلب محلات فساتين الأعراس والسهرات المعروفة، أما بالنسبة لمحلات الخياطين العادية والتي لا يمكن الاستغناء عنها فيمكن حل مشكلة المقاس بإعطائه ثياباً جاهزة، ليأخذ منها الأحجام المطلوبة فيما سيفصله، أو أن تقوم السيدة بأخذ مقاسها بنفسها وتبعث به للخياط" تفيد حنان، متابعة فيما يتعلق بالمشكلة الحقيقية التي تواجهها في التعامل مع خياط قائلة "مهما كان ذوق الرجل وخبرته تبقى هذه المهمة ملائمة للنساء وذوقهن، مثل الكوافيرات تماماً، فأحياناً تذهب الزبونة للخياط وتريد منه نصيحة فيما ستفصله بحيث يتناسب مع عمرها ووزنها ولون بشرتها، وهذه أمور يصعب مناقشتها مع رجل، خصوصاً بالنسبة للمحجبات أو المنتقبات، إذ إن الخياط لا يعلم شكل جسدها الحقيقي وما يتناسب معه من ناحية، والزبونة قد تخجل من توضيح الوصف الدقيق لموديلات بعض الفساتين العريانة، أو التي ترغب فيها من تفصيلة معينة عند منطقة الصدر مثلاً ".
من عميق الخبرة
من جانبها تستغرب إحدى مصممات الأزياء الشهيرات في قطر -والتي فضلت عدم ذكر اسمها- من ظاهرة تمرس الرجال لمهنة الخياطة النسائية وندرة عمل السيدات فيها، ملفتة من خلال خبرتها الطويلة والتي دامت أكثر من 30 سنة إلى أن هذه الظاهرة غير موجودة في بعض الدول العربية الأخرى، حيث تحتوي محلات الخياطة للسيدات على طاقم أنثوي، ومحلات الخياطة للرجال على طاقم ذكوري دون خلط.
ومن موقعها في هذا المجال تؤكد أن كثيراً من السيدات يشتكين لها من سوء التعامل مع بعض الخياطين، والتي وصلت إلى حد المضايقات الجسدية كما قالت، متابعة: "للأسف كثير من معدومي الضمير والدين يقومون بتلمس جسد الزبونة مع شريط المتر، وهذا أبسط ما سمعته، بل وأصبح شيئاً وارداً تعرض أية سيدة لمثل هذا المواقف مع الخياط في أية لحظة، مما خلق سخطاً واسعاً عند بعض الملتزمات من السيدات، فألاحظ أن كثيراً من الأزواج يسعدون عند قدومهم إلى محلي مع زوجاتهم، معللين ذلك بكثرة المشاكل، وعدم اطمئنانهم على نسائهم مع الخياطين، فرغم أن عُمالي رجال إلا أني مخصصة المعمل العلوي لهم ولا أسمح لأي رجل منهم بالنزول بتاتاً أثناء الدوام حتى تأخذ الزبونة كامل راحتها معي في الطابق السفلي".
وعلى خلفية تلك المشاكل، تستغرب من جانبها استمرار ذهاب كثير من السيدات إلى محلات الخياطين، موقعة جزءا من اللوم عليهن "فكيف تؤمّن الواحدة الخياط على جسدها؟" تتساءل هذه المصممة، معتبرة أن قلة الخياطات ليس مبررا كافيا لذلك، هذا عدا أن كثيرا من الزبونات يتحججن بأن الخياطين أكثر خبرة أمهر وأشطر من الخياطات، ومنهن من تتباهى من باب المظاهر بتعاملها مع مصمم معين ذي صيت واسع بين النساء وصاحب خبرة وأسعار مرتفعة لا تتعامل معه إلا صاحبات المستوى الراقي وفقا لإفادة المصممة.
منظور ديني
وفي هذا الشأن ينصح فضيلة الشيخ أحمد بن محمد البوعينين النساء بأخذ الحيطة والحذر من التعامل مع الخياطين، وعدم جواز لجوء المرأة لطريقة أخذ الخياط مقاس جسدها بنفسه، مؤكداً بقوله "الأجدر عليها أن تعطيه مقاساً جاهزاً من ثيابها، ويفترض أن تذهب للخياط مع محرم، وفي أضيق الحالات إن لزم الأمر لأخذ مقاسات دقيقة يمكن أن يقوم زوج أو أم أو أخت الزبونة على سبيل المثال بأخذها أمام ناظر الخياط دون أن يقوم هو بذلك، مع مراعاة إبقاء الستر والحشمة في اللباس أمامه.
وامتداداً لتلك المشاكل الواردة مع الخياطين ينبه كذلك البوعينين السيدات من عدم تبديل ملابسهن في غرف القياس التابعة لمحلات الخياطة أو حتى محلات الملابس الأخرى "فما دامت خارج بيتها لا يجوز لها خلع ملابسها في الأماكن المغلقة الخارجية" يقول البوعينين، متابعاً "القصص أمامنا كثيرة في هذا الشأن، فسمعنا عن حالات وضع كمرات في غرف القياس لتصوير أجساد النساء، ومنها قصة أذكرها من أحد الزملاء يقول فيها إن رجلاً اتفق مع أحد أصحاب محلات ملابس السيدات على وضع كاميرا في غرفة القياس، ليمده بشريط فيديو كامل كل يوم مقابل مبلغ من المال".
أدلة من السنة
ويستدل البوعينين من السنة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء" فإن كان نبينا قد وصى بغض البصر، ونبهنا من عواقب النظر إلى مفاتن المرأة، فكيف هو الحال بمقايسة الرجل مؤخرتها أو صدرها؟ يقول البوعينين، مذكراً كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له"، والمقصود هنا أن مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية حرام، وقياساً على ذلك لا يجوز للمرأة الاستهانة بتعاملها مع الخياط مهما كانت جنسيته، موضحاً "لا يعني أنه هندي أو آسيوي جواز التعامل معه دون شروط وضوابط شرعية، فالرجل يبقى رجلاً، هذا عدا أن المرأة قد تفتن هي الأخرى به".
ويختم الشيخ البوعينين أن أخذ الحيطة لا يغني عن المطالبة بتخصيص محلات أو أقسام خاصة بالسيدات تحت إشراف نسائي بحت، لتجنب تلك المشاكل وتفاقمها في المجتمع.
تعليقكم على قبول المرأه للرجل لاخذ القياس ومن ثم التحرش