المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «جدوى للاستثمار»: قروض الشركات العائلية تربك نمو الاقتصاد السعودي



ROSE
29-07-2009, 07:15 AM
«جدوى للاستثمار»: قروض الشركات العائلية تربك نمو الاقتصاد السعودي



الاقتصادية 29/07/2009
عد تقرير أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في شركة جدوى للاستثمار، أن الانتعاش الاقتصادي في المملكة أصيب بارتباك نتيجة مشاكل واجهت إحدى الشركات العائلية المحلية المعروفة ورجل أعمال تربطه صلة بتلك الشركة، ويبدو أن هناك عدداً من الشركات العائلية الأخرى تتعرض لضغوط مالية إضافة إلى المجموعتين المذكورتين.

وتتلخص أسباب تلك المشاكل - حسب التقرير - في استخدام قروض قصيرة الأجل لتمويل أصولها طويلة الأجل وتكبد خسائر استثمارية فضلاً عن تراكم مخزونات كبيرة من مواد خام انهارت أسعارها فيما بعد. ونتيجة للمخاوف من سلامة أوضاع الشركات العائلية وانكشافها أمام الدائنين أصبحت البنوك أكثر توخياً للحذر في تقديم التمويل للقطاع الخاص برمته. وفي ضوء هذه الظروف فقد خفضنا توقعاتنا بشأن النمو الاقتصادي لعام 2009 من 0,5 في المائة بالسالب إلى 1 في المائة بالسالب.

ويقول التقرير إن المشاكل التي تواجهها مجموعة سعد ومجموعة أحمد حمد القصيبي نالت تغطية إعلامية واسعة، وكانت القصة قد انطلقت عندما أخفق بنك تمتلكه مجموعة القصيبي في البحرين في تسديد ديونه في أيار (مايو) الماضي وسط دلائل بأن المجموعة كانت تقوم بإعادة هيكلة ديونها، وبعد وقت قصير أعلنت مجموعة سعد كذلك أنها تعيد هيكلة ديونها بسبب مشاكل في السيولة.

وأياً كانت العلاقة القائمة بين المجموعتين سرت أنباء أن مجموعة القصيبي رفعت في منتصف تموز (يوليو) الجاري دعوى قضائية في نيويورك ضد رئيس مجلس إدارة مجموعة سعد تتهمه بالتلاعب في معاملات بالعملة الأجنبية. وجاءت هذه الشكوى رد فعل لدعوة رفعها ضدها بنك المشرق الإماراتي بأن مجموعة القصيبي أخلت بالتزاماتها التعاقدية في معاملة بالعملات الأجنبية.

وفي الحقيقة لا تعتبر الأسباب المباشرة للمشاكل الأخيرة محصورة على مجموعة الشركات العائلية فقد عانت الشركات في مختلف أنحاء العالم التي اعتمدت بشدة على الاقتراض القصير الأجل نضوب الائتمان المصرفي. أما في السعودية فلا تتعدى القروض التي تزيد آجالها على ثلاث سنوات ما نسبته 22 في المائة من إجمالي الديون في المملكة. كذلك أصبحت خسائر الاستثمارات أمراً شائعاً بسبب انهيار قيمة الموجودات (تمتلك مجموعة سعد حيازات كبيرة في قطاع العقارات وقطاع الخدمات المالية وهما أكثر القطاعات تأثراً بالأزمة المالية). إضافة إلى ذلك تكبدت كثير من شركات المساهمة العامة المحلية خسائر ضخمة نتيجة لتآكل قيمة موجوداتها من المواد الخام، حيث شجع الشح في بعض المواد خلال النصف الأول من العام الماضي والتوقعات باستمرار الطفرة الاقتصادية بعض الشركات على تخزين تلك المواد عندما كانت أسعارها في ارتفاع، لكن قيمة تلك المخزونات انهارت في نهاية الأمر جراء هبوط أسعار السلع نتيجة لتعمق الأزمة المالية العالمية.

ومع ذلك، فمن المحتمل أن تكون آليات العمل داخل المجموعتين قد ساعدت على تفاقم المشاكل. بدأت كل من المجموعتين عملها معتمدة على نشاط تجاري واحد حيث كانت مجموعة سعد تمارس المقاولات بينما مارست مجموعة القصيبي التجارة، ولكن بمرور الزمن توسعت أنشطة الشركتين وأصبحت كل منهما مجموعة شركات ذات أنشطة متعددة، وهو الأسلوب الذي سلكته عديد من الشركات العائلية في السعودية.

ونتيجة لتعثر مجموعتي سعد والقصيبي في تسديد ديونهما أصبحت البنوك أكثر حذراً إزاء تقديم القروض لكل الشركات العائلية (تمثل الشركات العائلية نسبة كبيرة من القطاع الخاص)، ما جعل الشركات الأخرى في القطاع الخاص تواجه مزيدا من الصعوبات في الحصول على التمويل. ولا ننسى أن القطاع الخاص كان يواجه سلفاً مشكلة شح التمويل، حيث ظل حجم قروض البنوك التجارية إلى القطاع الخاص يتراجع في خمسة من الأشهر السبعة المنتهية في حزيران (يونيو) الماضي بينما انخفض إجمالي القروض المستحقة بأكثر من 14 مليار ريال عن أعلى مستوياته التي سجلها في تشرين الثاني (نوفمبر). وبالرغم من أن القروض المقدمة إلى القطاع الخاص ارتفعت بصفة عامة بنسبة 0,5 بالمائة في حزيران (يونيو)، إلا أن تصنيف تلك القروض يكشف أنها كانت تستهدف قطاعات محدودة ومعينة.

ورغماً عن عدم إعلان أي من البنوك المحلية انكشافها أمام قروض مجموعتي سعد والقصيبي، إلا أنه يعتقد أن تلك القروض تناهز ملايين الدولارات حيث يعتقد أن مجموعة القصيبي مدينة لقرابة 120 بنكاً حول العالم بمبلغ يقارب 9.2 مليار دولار. وتعتبر البنوك المحلية مكشوفة بصورة كبيرة أمام الشركات العائلية وقد أوضحت نتائج الربع الثاني أن البنك الأهلي التجاري وبنك الراجحي والبنك السعودي البريطاني والبنك السعودي الأمريكي والبنك السعودي الفرنسي والبنك السعودي الهولندي قد رفعت من مخصصاتها للديون الهالكة، ونرجح بشدة أن تحذو البنوك الأخرى حذو نظيراتها في الفصل الثالث، كما نتوقع الاستمرار في زيادة مخصصات الديون الهالكة التي تم تجنيبها خلال الفصل الثاني. وقد أدى القلق بشأن سلامة موقف البنوك إلى تخلف أدائها بمقدار 12 نقطة مئوية عن مؤشر «تاسي» منذ انتشار الأخبار عن وجود تلك المشاكل في منتصف أيار (مايو).

وبرغم ذلك لا نعتقد أن مشاكل الشركات العائلية تمثل خطراً جدياً على قطاع البنوك نتيجة لسلامة وقوة معطياتها الأساسية، حيث لم تتعد القروض المتعثرة نسبة 1.3 في المائة من إجمالي القروض في نهاية 2008 كما أن مخصصات الديون كانت كافية لتغطية أكثر من 153 في المائة من تلك القروض.

وعلى الأرجح سيتم تحسين إجراءات الإقراض في البنوك التجارية، فمن المعلوم أنه في حالات وجود علاقات طويلة ممتدة بين البنوك وكبار العملاء تميل البنوك في بعض الأحيان إلى تخفيف شروط الإقراض المطبقة حسب مستوى الثقة بين الطرفين. ولقد انتشرت خلال الفترة الماضية ظاهرة «الإقراض بناء على اسم العميل» حيث يقوم البنك بتقديم القرض وفقاً لضمان شخصي من المقترض، ولكننا نتوقع لجود البنوك لمزيد من التقصي قبل الإقراض من الآن فصاعداً وأن تتشدد في تقديم ضمانات إضافية ملموسة مع مطالبة العميل بإبداء قدر أكبر من الشفافية.

أدت مشاكل الشركات العائلية وتأثيرها في القروض البنكية إلى إعاقة الانتعاش الاقتصادي الذي بدا أنه قد حصل على موطئ قدم في أعقاب الارتفاع في أسعار النفط والأسهم في الربع الثاني. وبما أن النشاط التجاري يتباطأ عموماً خلال الصيف ورمضان، فلا نتوقع انتعاشاً ملموساً في القطاع الخاص قبل الربع الأخير من العام. وفي ظل هذه الظروف، فإننا نتوقع انكماش الاقتصاد بالقيمة الفعلية بنسبة تبلغ 1 في المائة هذا العام مقابل توقعاتنا السابقة بأن يكون الانكماش في حدود 0.5 في المائة.