مغروور قطر
07-08-2009, 09:49 AM
تقرير حكومي عماني يعتبر "التضخم" تحدياً رئيسياً للسياسة الاقتصادية الكلية
الخليج 07/08/2009
ذكر تقرير صادر عن البنك المركزي العماني ان السلطنة شهدت العام الماضي تحسنا في إجمالي الناتج المحلي، وذلك للسنة الخامسة على التوالي، حيث بلغ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية 44%، مدعوماً بالنمو المتسارع في القيمة المضافة للأنشطة النفطية والأنشطة غير النفطية، كما تجاوز معدل النمو في قطاع النفط المعدل الذي تحقق نتيجة للتنويع الاقتصادي، وزاد نصيبه في إجمالي الناتج المحلي للسلطنة إلى 3 .51% خلال العام الماضي من 3 .46% متوسط السنوات الأربع السابقة، موضحا أن القيمة المضافة للأنشطة غير النفطية شهدت زيادة كبيرة خلال العام الماضي بلغ معدلها 2 .27% مقارنة بزيادة نسبتها 5 .16% متوسط السنوات من 2004 إلى ،2007 حيث زادت لقطاع الصناعة التحويلية بنسبة 5 .40% في العام الماضي، كما ظل نصيبها في إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية عند مستوى أعلى قليلاً من 10%، وفي العام الماضي زادت القيمة المضافة لقطاع الخدمات بنسبة 5 .22% مقارنة بزيادة نسبتها 4 .14% متوسط السنوات الأربع السابقة .
التقرير يشير إلى أن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي أدى إلى إيجاد فرص عمل عديدة لكل من العُمانيين والأجانب منذ عام ،2004 حيث زاد عدد العُمانيين العاملين في القطاع العام بنسبة 2 .7%، في حين انخفض عدد الوافدين العاملين في نفس القطاع بنسبة 1 .1% في عام 2007م مقارنة بعددهم في عام ،2006 الأمر الذي أسفر عن زيادة نصيب العُمانيين العاملين في القطاع العام إلى 7 .84% في عام 2007م من 6 .83% في عام 2006م . كما تجاوز عدد العُمانيين العاملين في القطاع الخاص منذ عام 2007م عددهم في القطاع العام، حيث تشير آخر بيانات متاحة من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إلى أن عدد العُمانيين العاملين في القطاع الخاص زاد بنسبة 7 .11% ليصل إلى 194 .147عاملا في العام الماضي، فضلا عن زيادة نسبتها 3 .15% في عام ،2007 الا أنه - وبالمقابل - حدثت زيادة غير مسبوقة في عدد الأجانب العاملين في القطاع الخاص، حيث زاد عددهم بنسبة 2 .20% ليصل إلى 510713 عاملا في عام ،2006 وبنسبة 25% ليصل إلى 447 .638 عاملا في عام ،2007 ثم بنسبة 5 .24% ليصل إلى 935 .794 عاملا في العام الماضي، ومن حيث العدد بلغ مجموع الزيادات في عدد الوافدين العاملين في القطاع الخاص خلال السنوات من 2006 إلى العام الماضي 370147 عاملا، حيث كان الاعتماد على الايدي العاملة الأجنبية بهذه الدرجة الكبيرة أمرا لا مفر منه- حسب التقرير - للمحافظة على قوة الدفع والنمو المرتفع والتنويع الاقتصادي .
التضخم
وتؤكد البيانات أن التضخم هو التحدي الرئيسي للسياسة الاقتصادية الكلية في السلطنة، وبصفة خاصة في النصف الأول من العام الماضي، حيث ارتفع معدل التضخم، حسبما يقاس بالرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين من 1 .3% متوسط السنوات الأربع السابقة إلى 4 .12% في العام الماضي، ويعزى ذلك إلى العديد من العوامل، منها استمرار ارتفاع الطلب المحلي على السلع والخدمات، والزيادة المطردة في أسعار السلع المستوردة نتيجة لحدوث زيادة غير مسبوقة في أسعار المواد الغذائية والمعادن وغيرهما من السلع في الأسواق العالمية، كما أدى تكاتف مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية المرتبطة بجانب العرض إلى تفاقم الضغوط التضخمية، ولم يكن هناك سوى مجال محدود أمام السياسة النقدية لاحتواء التضخم المحلي بفاعلية .
وعلى الرغم من ذلك، قام البنك المركزي العُماني باتخاذ عدد من الإجراءات لاحتواء التضخم تمثلت في رفع نسبة متطلبات الاحتياطي النقدي الإلزامي، وتخفيض نسبة التسليف، وامتصاص فائض السيولة لدى الجهاز المصرفي من خلال إصدار شهادات الإيداع خلال النصف الأول من العام الماضي .
ونظراً لانحسار الضغوط التضخمية العالمية بدرجة ملحوظة- مع تراجع أسعار النفط بدرجة كبيرة خلال النصف الثاني من العام الماضي- قام “المركزي” بتغيير سياسته النقدية لتتماشى مع المعطيات الجديدة، حيث تم تخفيض نسبة متطلبات الاحتياطي النقدي الإلزامي ورفع نسبة التسليف إلى مستواهما الذي كانا عليه في شهر فبراير/ شباط من العام الماضي، وضخ مزيد من السيولة إلى الجهاز المصرفي من خلال تسهيل إعادة شراء الأوراق المالية “الريبو” مع البنوك التجارية بسعر فائدة يتحدد على ضوء سعر الفائدة “الليبور” على الدولار الأمريكي، إضافة إلى قيام الحكومة باتخاذ عدة إجراءات للتأثير في عرض السلع والخدمات لاحتواء التضخم .
وبالرغم من انخفاض المعدل نسبياً في الآونة الأخيرة، الا أن التضخم ظل عند مستوى مرتفع نظراً لأن التراجع في أسعار السلع في الأسواق العالمية لم ينتقل بالكامل إلى الأسواق المحلية بسبب استمرار ارتفاع الطلب المحلي على السلع والخدمات .
إيرادات إضافية
وكشف التقرير أن قطاعي النفط والغاز هيمنا على الهيكل العام للاقتصاد العُماني في العام الماضي، حيث شكَّلا معاً ما نسبته 3 .51% من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية، و1 .79% من صافي الإيرادات، و9 .84% من صادرات السلع ذات المنشأ العُماني، و76% من إجمالي الصادرات السلعية - ويشمل إعادة التصدير- فيما تراجع إنتاج السلطنة من النفط الخام منذ عام 2001م وحتى عام ،2007 إلا أنه زاد بنسبة 8 .6% ليصل إلى 277 مليون برميل العام الماضي مقارنة بكمية بلغت 3 .259 مليون برميل في عام ،2007 في حين زاد متوسط أسعار نفط عُمان بنسبة 55% ليصل إلى 06 .101 دولار للبرميل في العام الماضي من 2 .65 دولار للبرميل في عام ،2007 حيث أدى ارتفاع أسعار النفط في الجزء الأخير من العام الماضي- مع زيادة الانتاج بدرجة محدودة- إلى تحقيق إيرادات إضافية كبيرة للحكومة ساعدت على زيادة الإنفاق العام، وزيادة حجم الطلب الكلي الفعَّال . وحسب التقرير، استمرت السلطنة بوضع مالي جيد العام الماضي، وذلك نتيجة لعدة أسباب في مقدمتها ارتفاع أسعار النفط التي سادت خلال الجزء الأكبر من العام، كما استمرت في اتباع سياسة مالية توسعية، الأمر الذي يعكسه ارتفاع الإنفاق العام بنسبة 8 .25% عن مستواه في عام ،2007 وكان ذلك محصلة زيادة كل من المصروفات الجارية والمصروفات الاستثمارية بنسبة بلغت 5 .14% و4 .34% على التوالي .
على صعيد الأداء المالي للحكومة، انخفض الدين العام - كنسبة من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية للسلطنة- من 3 .6% في عام 2007م إلى 2 .4%، حيث تم إعداد الميزانية العامة للسلطنة للعام الماضي في ظل انخفاض أسعار النفط بدرجة ملحوظة وتفاقم الركود العالمي، وتوقع انخفاض حجم التجارة العالمية، فبنيت تقديرات الايرادات على أساس افتراض أن سعر النفط 45 دولاراً للبرميل، وهو نفس الافتراض الذي قُدِّرت على أساسه إيرادات ميزانية العام الماضي، وافتراض أن الانتاج يبلغ 805 آلاف برميل في اليوم، وقُدِّر إجمالي الإيرادات بحيث يزيد بنسبة 4% ليصل إلى 5614 مليون ريال عماني بالمقارنة بما كان عليه في موازنة العام الماضي، وذلك بالرغم من الانخفاض المتوقع في إيرادات النفط والذي تبلغ نسبته 4 .2% لتصل إلى 3522 مليون ريال عماني مقارنة بموازنة العام الماضي، كما قدر الإنفاق العام بمبلغ 6424 مليون ريال في ميزانية العام الحالي بزيادة تبلغ نسبتها 8 .10% على العام الماضي، كما أكدت الحكومة استمرارها في المحافظة على المصروفات الاستثمارية في المجالات الرئيسية .
اقتراض 100 مليون
وعلى ضوء الافتراضات والتقديرات السابقة من المقدر أن تسفر الميزانية العامة للسلطنة لعام 2009م عن عجز يبلغ 810 ملايين ريال عماني، منه مبلغ 710 ملايين ريال عماني سيتم تمويله بالسحب من صندوق الاحتياطي العام للدولة، والباقي عن طريق الاقتراض، الا أن ارتفاع أسعار النفط في عام 2009م إلى مستوى يفوق السعر المفترض في الميزانية من شأنه أن يدعم المركز المالي للحكومة بأكثر مما كان متوقعاً .
الأوضاع النقدية في السلطنة خلال العام الماضي تميزت بارتفاع معدل نمو عرض النقد والائتمان تحت تأثير الطلب المتزايد على النقود الناتج من ارتفاع معدل النمو الاقتصادي، حيث دعَّمت الفوائض الكبيرة التي تحققت في الميزانية العامة وميزان المدفوعات التوسع في عرض النقد، وعلى ضوء حالة فائض السيولة لدى الجهاز المصرفي- حسب التقرير أيضا - كان على السياسة النقدية للبنك المركزي العُماني أن تتصدى لتحد مزدوج يتمثل بالاستمرار في امتصاص فائض السيولة من خلال إصدار شهادات الإيداع للبنوك التجارية، وفي نفس الوقت ضمان أن تتماشى أسعار الفائدة المحلية مع نظيرتها السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية . وفي هذا الإطار، سجل عرض النقد بمعناه الواسع “السيولة المحلية” زيادة بلغت نسبتها 1 .23% في العام الماضي، ويتمثل المصدر الرئيسي للتوسع النقدي في الزيادة الكبيرة التي طرأت على الائتمان المصرفي، تليها الزيادة التي طرأت على الأصول الأجنبية للبنك المركزي العُماني، حيث تمكنت الحكومة من خلال استخدام جزء من إيراداتها النفطية من تخفيف الضغط الواقع على عرض النقد .
زيادة الأصول
وحول النظام المالي، يؤكد التقرير أن الجهاز المصرفي العماني شهد سنة أخرى من الأداء الجيد في العام الماضي، وذلك بالرغم من بقاء النظام المالي العالمي واقعاً تحت وطأة الأزمة المالية العالمية، ويعزى ذلك إلى عدم تعامل البنوك العاملة في السلطنة في الأصول التي تراجعت قيمتها بدرجة ملحوظة، كما أنها لم تتعامل مع المؤسسات المالية العالمية التي تعرضت للانهيار، حيث زاد إجمالي أصول البنوك التجارية بنسبة 3 .33% ليصل إلى 8 .13 بليون ريال عماني في نهاية ديسمبر/ كانون الأول ،2008 ويعزى ذلك بصفة أساسية إلى زيادة الائتمان الذي منحته البنوك بنسبة 3 .42% وخاصة الممنوحة لقطاعات الإنشاءات، والخدمات، والقروض الشخصية، كما زاد مجموع رؤوس الأموال الرئيسية واحتياطي البنوك التجارية بنسبة 5 .23% ليصل إلى 8 .1 بليون ريال عماني، فيما بلغت نسبة كفاية رأس المال طبقاً لاتفاق “بازل2” 7 .14% .
صافي أرباح
وتشير التقديرات الأولية إلى أن صافي أرباح البنوك التجارية بلغ 1 .234 مليون ريال عماني في العام الماضي، بزيادة بلغت نسبتها نحو 10% على العام السابق . كما استمرت نوعية أصول الجهاز المصرفي في التحسن، الأمر الذي يعكسه انخفاض إجمالي قيمة القروض عديمة الأداء - الديون المعدومة- للبنوك التجارية ب 26 مليون ريال، كما انخفضت نسبة هذه القروض إلى إجمالي القروض إلى 4 .2% - من 2 .3% في نهاية عام 2007م- وأدت المخصصات العامة التي حددها البنك المركزي العُماني، كإجراء احترازي لمقابلة القروض المتحركة، إلى زيادة نسبة تغطية القروض المعدومة إلى 3 .119% في عام 2008م من 6 .107% في عام ،2007 الأمر الذي من شأنه توفير حماية للبنوك لمقابلة التحديات التي قد تنشأ من أي تراجع اقتصادي في المستقبل .
كما تشير التقديرات الأولية إلى أن ميزان مدفوعات السلطنة حقق فائضاً في العام الماضي، حيث بلغ فائض الحساب الجاري 2103 ملايين ريال، وتعزى تلك التطورات المؤاتية إلى ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، وقيمة الصادرات غير النفطية من منشأ عُماني بنسبة 1 .52%، وقيمة إعادة التصدير بنسبة 1 .51%، ما أسهم في تحقيق فائض الحساب الجاري، وذلك بالرغم من التدفقات إلى الخارج في صورة زيادة في تحويلات أجور العمال الوافدين وأرباح المؤسسات الأجنبية العاملة في السلطنة .
كما سجل ميزان الحساب الرأسمالي والمالي صافي تدفق إلى الخارج بلغ 1145 مليون ريال عماني في عام 2008م بالمقارنة بصافي تدفق إلى الداخل بلغ 1444 مليون ريال عماني في عام ،2007 وكان ذلك نتيجة لعدم ارتياح المستثمرين، وإحجام غير المقيمين عن المخاطرة في أعقاب تفاقم الأزمة المالية العالمية منذ منتصف عام ،2008 فيما أسفر ميزان المدفوعات الكلي عن فائض بلغ 702 مليون ريال عماني في عام 2008م بالمقارنة بفائض أكبر بلغ 2404 ملايين ريال عماني في عام ،2007 وفي نهاية عام ،2008 بلغ إجمالي احتياطي النقد الأجنبي الرسمي للبنك المركزي العُماني 7 .4163 مليون ريال عماني “بعد أخذ التغير في القيمة في الحسبان”، تكفي لتغطية احتياجات السلطنة من الواردات لمدة ستة أشهر، وأربعة أشهر كغطاء لجميع مدفوعات الحساب الجاري .
يعتبر العام الماضي عاماً استثنائياً من حيث الصعوبات التي حفل بها، وتمثلت في حدوث تراجع حاد في إجمالي الناتج المحلي العالمي، وانخفاض التوظيف، وتوقع حدوث تراجع ملحوظ في حجم التجارة العالمية، إضافة إلى الآثار المترتبة على ذلك، والتي تمثلت في انحسار مستوى الرفاهة الاقتصادية للجنس البشري في مجموعه، وإن كان هذا الأثر قد يتفاوت من دولة لأخرى، وفيما يشير التقييم الحالي للأوضاع الاقتصادية العالمية إلى حدوث بعض الارتياح تجاه الأزمة، إلا أن المؤشرات الاقتصادية الكلية الرئيسية ما زالت عند مستوى متدن، حيث أدت برامج الاقتراض الحكومية الكبيرة التي أعدتها ونفذتها الدول المتقدمة بصفة خاصة، إلى ارتفاع العائد على الأوراق المالية الحكومية طويلة الأجل بدرجة ملحوظة في العديد من دول العالم خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي له تداعيات طويلة الأجل على صعيد التضخم في ظل السياسات النقدية والمالية التوسعية التي يجري تنفيذها حالياً، ويتعين التنويه إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل قد يؤدي إلى تأخير التقدم على صعيد الانتعاش الاقتصادي، كما يقلل من التفاؤل الحذر الذي تحقق في النصف الأول لعام 2009م .
تأثير سلبي
تجدر الإشارة إلى ان الاقتصاد العُماني من بين الاقتصادات التي تأثرت سلباً بالأزمة المالية العالمية، حيث من المتوقع أن يؤدي استمرار انخفاض أسعار النفط، منذ الربع الأخير من عام ،2008 إضافة إلى ضعف الطلب العالمي على السلع إلى التأثير سلباً في معدل النمو الاقتصادي للسلطنة . كما أنه من المحتمل أن يظل معدل النمو في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي “بالأسعار الثابتة” للسلطنة موجباً في عام ،2009 ويعزى ذلك إلى استمرار الطلب المحلي عند مستوى مرتفع، واستمرار المصروفات الرأسمالية من قِبل الحكومة، فضلاً عن استمرار أنشطة التنويع الاقتصادي في القطاعات غير النفطية، وستستمر المقومات الاقتصادية للسلطنة في وضع جيد خلال الأجل المتوسط، إضافة إلى احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية المحتفظ بها لدى البنك المركزي العُماني، فإن الأصول المالية الكبيرة التي تحتفظ بها الحكومة العُمانية في الخارج توفر قدراً كبيراً من المرونة للحكومة تمكنها من اتباع سياسة مالية لمواجهة التداعيات السلبية المترتبة على هبوط الدورة الاقتصادية .
هذا . . وتتمتع سلطنة عُمان بجهاز مصرفي سليم لا يتعامل بشكل مباشر في الأصول منخفضة الجودة، ويتم الإشراف عليه بشكل مباشر من قِبل البنك المركزي العُماني، وهو يتمتع برأسمال كاف، ويمتلك أصولا ذات نوعية جيدة، تحقق له أرباحاً مع انخفاض مستوى الديون المعدومة، وتعتبر نسبة الدين الخارجي إلى إجمالي الناتج المحلي للسلطنة منخفضة بالمعايير الدولية، حيث قامت وكالات التصنيف الائتماني العالمية - وأخذاً في الحسبان الاعتبارات السابقة - بتأكيد تصنيفها الائتماني السيادي للسلطنة، وذلك بالرغم من احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي في العام الحالي .
حسابات مدققة
التقرير السنوي للبنك المركزي يتألف من ستة فصول وملحق إحصائي، يتضمن الأول نظرة عامة ورؤية مستقبلية، تشتمل على أهم ملامح التطورات التي طرأت على الصعيدين المحلي والعالمي، مع تقييم للتطورات المتوقعة محلياً وعالمياً في عام ،2009 فيما تعرض الفصول الخمسة التطورات الاقتصادية والمالية والمصرفية التي شهدتها سلطنة عُمان خلال عام ،2008 وذلك من خلال عرض للحقائق والأرقام مع تحليل الاتجاهات في مجالات “الإنتاج، التوظيف، الأسعار، النفط والغاز، المالية العامة، النقود والبنوك والمؤسسات المالية، التجارة الخارجية، وميزان المدفوعات”، كما يشتمل على الحسابات المدققة ولوائح البنك المركزي العُماني التي صدرت خلال العام الماضي .
الخليج 07/08/2009
ذكر تقرير صادر عن البنك المركزي العماني ان السلطنة شهدت العام الماضي تحسنا في إجمالي الناتج المحلي، وذلك للسنة الخامسة على التوالي، حيث بلغ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية 44%، مدعوماً بالنمو المتسارع في القيمة المضافة للأنشطة النفطية والأنشطة غير النفطية، كما تجاوز معدل النمو في قطاع النفط المعدل الذي تحقق نتيجة للتنويع الاقتصادي، وزاد نصيبه في إجمالي الناتج المحلي للسلطنة إلى 3 .51% خلال العام الماضي من 3 .46% متوسط السنوات الأربع السابقة، موضحا أن القيمة المضافة للأنشطة غير النفطية شهدت زيادة كبيرة خلال العام الماضي بلغ معدلها 2 .27% مقارنة بزيادة نسبتها 5 .16% متوسط السنوات من 2004 إلى ،2007 حيث زادت لقطاع الصناعة التحويلية بنسبة 5 .40% في العام الماضي، كما ظل نصيبها في إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية عند مستوى أعلى قليلاً من 10%، وفي العام الماضي زادت القيمة المضافة لقطاع الخدمات بنسبة 5 .22% مقارنة بزيادة نسبتها 4 .14% متوسط السنوات الأربع السابقة .
التقرير يشير إلى أن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي أدى إلى إيجاد فرص عمل عديدة لكل من العُمانيين والأجانب منذ عام ،2004 حيث زاد عدد العُمانيين العاملين في القطاع العام بنسبة 2 .7%، في حين انخفض عدد الوافدين العاملين في نفس القطاع بنسبة 1 .1% في عام 2007م مقارنة بعددهم في عام ،2006 الأمر الذي أسفر عن زيادة نصيب العُمانيين العاملين في القطاع العام إلى 7 .84% في عام 2007م من 6 .83% في عام 2006م . كما تجاوز عدد العُمانيين العاملين في القطاع الخاص منذ عام 2007م عددهم في القطاع العام، حيث تشير آخر بيانات متاحة من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إلى أن عدد العُمانيين العاملين في القطاع الخاص زاد بنسبة 7 .11% ليصل إلى 194 .147عاملا في العام الماضي، فضلا عن زيادة نسبتها 3 .15% في عام ،2007 الا أنه - وبالمقابل - حدثت زيادة غير مسبوقة في عدد الأجانب العاملين في القطاع الخاص، حيث زاد عددهم بنسبة 2 .20% ليصل إلى 510713 عاملا في عام ،2006 وبنسبة 25% ليصل إلى 447 .638 عاملا في عام ،2007 ثم بنسبة 5 .24% ليصل إلى 935 .794 عاملا في العام الماضي، ومن حيث العدد بلغ مجموع الزيادات في عدد الوافدين العاملين في القطاع الخاص خلال السنوات من 2006 إلى العام الماضي 370147 عاملا، حيث كان الاعتماد على الايدي العاملة الأجنبية بهذه الدرجة الكبيرة أمرا لا مفر منه- حسب التقرير - للمحافظة على قوة الدفع والنمو المرتفع والتنويع الاقتصادي .
التضخم
وتؤكد البيانات أن التضخم هو التحدي الرئيسي للسياسة الاقتصادية الكلية في السلطنة، وبصفة خاصة في النصف الأول من العام الماضي، حيث ارتفع معدل التضخم، حسبما يقاس بالرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين من 1 .3% متوسط السنوات الأربع السابقة إلى 4 .12% في العام الماضي، ويعزى ذلك إلى العديد من العوامل، منها استمرار ارتفاع الطلب المحلي على السلع والخدمات، والزيادة المطردة في أسعار السلع المستوردة نتيجة لحدوث زيادة غير مسبوقة في أسعار المواد الغذائية والمعادن وغيرهما من السلع في الأسواق العالمية، كما أدى تكاتف مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية المرتبطة بجانب العرض إلى تفاقم الضغوط التضخمية، ولم يكن هناك سوى مجال محدود أمام السياسة النقدية لاحتواء التضخم المحلي بفاعلية .
وعلى الرغم من ذلك، قام البنك المركزي العُماني باتخاذ عدد من الإجراءات لاحتواء التضخم تمثلت في رفع نسبة متطلبات الاحتياطي النقدي الإلزامي، وتخفيض نسبة التسليف، وامتصاص فائض السيولة لدى الجهاز المصرفي من خلال إصدار شهادات الإيداع خلال النصف الأول من العام الماضي .
ونظراً لانحسار الضغوط التضخمية العالمية بدرجة ملحوظة- مع تراجع أسعار النفط بدرجة كبيرة خلال النصف الثاني من العام الماضي- قام “المركزي” بتغيير سياسته النقدية لتتماشى مع المعطيات الجديدة، حيث تم تخفيض نسبة متطلبات الاحتياطي النقدي الإلزامي ورفع نسبة التسليف إلى مستواهما الذي كانا عليه في شهر فبراير/ شباط من العام الماضي، وضخ مزيد من السيولة إلى الجهاز المصرفي من خلال تسهيل إعادة شراء الأوراق المالية “الريبو” مع البنوك التجارية بسعر فائدة يتحدد على ضوء سعر الفائدة “الليبور” على الدولار الأمريكي، إضافة إلى قيام الحكومة باتخاذ عدة إجراءات للتأثير في عرض السلع والخدمات لاحتواء التضخم .
وبالرغم من انخفاض المعدل نسبياً في الآونة الأخيرة، الا أن التضخم ظل عند مستوى مرتفع نظراً لأن التراجع في أسعار السلع في الأسواق العالمية لم ينتقل بالكامل إلى الأسواق المحلية بسبب استمرار ارتفاع الطلب المحلي على السلع والخدمات .
إيرادات إضافية
وكشف التقرير أن قطاعي النفط والغاز هيمنا على الهيكل العام للاقتصاد العُماني في العام الماضي، حيث شكَّلا معاً ما نسبته 3 .51% من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية، و1 .79% من صافي الإيرادات، و9 .84% من صادرات السلع ذات المنشأ العُماني، و76% من إجمالي الصادرات السلعية - ويشمل إعادة التصدير- فيما تراجع إنتاج السلطنة من النفط الخام منذ عام 2001م وحتى عام ،2007 إلا أنه زاد بنسبة 8 .6% ليصل إلى 277 مليون برميل العام الماضي مقارنة بكمية بلغت 3 .259 مليون برميل في عام ،2007 في حين زاد متوسط أسعار نفط عُمان بنسبة 55% ليصل إلى 06 .101 دولار للبرميل في العام الماضي من 2 .65 دولار للبرميل في عام ،2007 حيث أدى ارتفاع أسعار النفط في الجزء الأخير من العام الماضي- مع زيادة الانتاج بدرجة محدودة- إلى تحقيق إيرادات إضافية كبيرة للحكومة ساعدت على زيادة الإنفاق العام، وزيادة حجم الطلب الكلي الفعَّال . وحسب التقرير، استمرت السلطنة بوضع مالي جيد العام الماضي، وذلك نتيجة لعدة أسباب في مقدمتها ارتفاع أسعار النفط التي سادت خلال الجزء الأكبر من العام، كما استمرت في اتباع سياسة مالية توسعية، الأمر الذي يعكسه ارتفاع الإنفاق العام بنسبة 8 .25% عن مستواه في عام ،2007 وكان ذلك محصلة زيادة كل من المصروفات الجارية والمصروفات الاستثمارية بنسبة بلغت 5 .14% و4 .34% على التوالي .
على صعيد الأداء المالي للحكومة، انخفض الدين العام - كنسبة من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية للسلطنة- من 3 .6% في عام 2007م إلى 2 .4%، حيث تم إعداد الميزانية العامة للسلطنة للعام الماضي في ظل انخفاض أسعار النفط بدرجة ملحوظة وتفاقم الركود العالمي، وتوقع انخفاض حجم التجارة العالمية، فبنيت تقديرات الايرادات على أساس افتراض أن سعر النفط 45 دولاراً للبرميل، وهو نفس الافتراض الذي قُدِّرت على أساسه إيرادات ميزانية العام الماضي، وافتراض أن الانتاج يبلغ 805 آلاف برميل في اليوم، وقُدِّر إجمالي الإيرادات بحيث يزيد بنسبة 4% ليصل إلى 5614 مليون ريال عماني بالمقارنة بما كان عليه في موازنة العام الماضي، وذلك بالرغم من الانخفاض المتوقع في إيرادات النفط والذي تبلغ نسبته 4 .2% لتصل إلى 3522 مليون ريال عماني مقارنة بموازنة العام الماضي، كما قدر الإنفاق العام بمبلغ 6424 مليون ريال في ميزانية العام الحالي بزيادة تبلغ نسبتها 8 .10% على العام الماضي، كما أكدت الحكومة استمرارها في المحافظة على المصروفات الاستثمارية في المجالات الرئيسية .
اقتراض 100 مليون
وعلى ضوء الافتراضات والتقديرات السابقة من المقدر أن تسفر الميزانية العامة للسلطنة لعام 2009م عن عجز يبلغ 810 ملايين ريال عماني، منه مبلغ 710 ملايين ريال عماني سيتم تمويله بالسحب من صندوق الاحتياطي العام للدولة، والباقي عن طريق الاقتراض، الا أن ارتفاع أسعار النفط في عام 2009م إلى مستوى يفوق السعر المفترض في الميزانية من شأنه أن يدعم المركز المالي للحكومة بأكثر مما كان متوقعاً .
الأوضاع النقدية في السلطنة خلال العام الماضي تميزت بارتفاع معدل نمو عرض النقد والائتمان تحت تأثير الطلب المتزايد على النقود الناتج من ارتفاع معدل النمو الاقتصادي، حيث دعَّمت الفوائض الكبيرة التي تحققت في الميزانية العامة وميزان المدفوعات التوسع في عرض النقد، وعلى ضوء حالة فائض السيولة لدى الجهاز المصرفي- حسب التقرير أيضا - كان على السياسة النقدية للبنك المركزي العُماني أن تتصدى لتحد مزدوج يتمثل بالاستمرار في امتصاص فائض السيولة من خلال إصدار شهادات الإيداع للبنوك التجارية، وفي نفس الوقت ضمان أن تتماشى أسعار الفائدة المحلية مع نظيرتها السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية . وفي هذا الإطار، سجل عرض النقد بمعناه الواسع “السيولة المحلية” زيادة بلغت نسبتها 1 .23% في العام الماضي، ويتمثل المصدر الرئيسي للتوسع النقدي في الزيادة الكبيرة التي طرأت على الائتمان المصرفي، تليها الزيادة التي طرأت على الأصول الأجنبية للبنك المركزي العُماني، حيث تمكنت الحكومة من خلال استخدام جزء من إيراداتها النفطية من تخفيف الضغط الواقع على عرض النقد .
زيادة الأصول
وحول النظام المالي، يؤكد التقرير أن الجهاز المصرفي العماني شهد سنة أخرى من الأداء الجيد في العام الماضي، وذلك بالرغم من بقاء النظام المالي العالمي واقعاً تحت وطأة الأزمة المالية العالمية، ويعزى ذلك إلى عدم تعامل البنوك العاملة في السلطنة في الأصول التي تراجعت قيمتها بدرجة ملحوظة، كما أنها لم تتعامل مع المؤسسات المالية العالمية التي تعرضت للانهيار، حيث زاد إجمالي أصول البنوك التجارية بنسبة 3 .33% ليصل إلى 8 .13 بليون ريال عماني في نهاية ديسمبر/ كانون الأول ،2008 ويعزى ذلك بصفة أساسية إلى زيادة الائتمان الذي منحته البنوك بنسبة 3 .42% وخاصة الممنوحة لقطاعات الإنشاءات، والخدمات، والقروض الشخصية، كما زاد مجموع رؤوس الأموال الرئيسية واحتياطي البنوك التجارية بنسبة 5 .23% ليصل إلى 8 .1 بليون ريال عماني، فيما بلغت نسبة كفاية رأس المال طبقاً لاتفاق “بازل2” 7 .14% .
صافي أرباح
وتشير التقديرات الأولية إلى أن صافي أرباح البنوك التجارية بلغ 1 .234 مليون ريال عماني في العام الماضي، بزيادة بلغت نسبتها نحو 10% على العام السابق . كما استمرت نوعية أصول الجهاز المصرفي في التحسن، الأمر الذي يعكسه انخفاض إجمالي قيمة القروض عديمة الأداء - الديون المعدومة- للبنوك التجارية ب 26 مليون ريال، كما انخفضت نسبة هذه القروض إلى إجمالي القروض إلى 4 .2% - من 2 .3% في نهاية عام 2007م- وأدت المخصصات العامة التي حددها البنك المركزي العُماني، كإجراء احترازي لمقابلة القروض المتحركة، إلى زيادة نسبة تغطية القروض المعدومة إلى 3 .119% في عام 2008م من 6 .107% في عام ،2007 الأمر الذي من شأنه توفير حماية للبنوك لمقابلة التحديات التي قد تنشأ من أي تراجع اقتصادي في المستقبل .
كما تشير التقديرات الأولية إلى أن ميزان مدفوعات السلطنة حقق فائضاً في العام الماضي، حيث بلغ فائض الحساب الجاري 2103 ملايين ريال، وتعزى تلك التطورات المؤاتية إلى ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، وقيمة الصادرات غير النفطية من منشأ عُماني بنسبة 1 .52%، وقيمة إعادة التصدير بنسبة 1 .51%، ما أسهم في تحقيق فائض الحساب الجاري، وذلك بالرغم من التدفقات إلى الخارج في صورة زيادة في تحويلات أجور العمال الوافدين وأرباح المؤسسات الأجنبية العاملة في السلطنة .
كما سجل ميزان الحساب الرأسمالي والمالي صافي تدفق إلى الخارج بلغ 1145 مليون ريال عماني في عام 2008م بالمقارنة بصافي تدفق إلى الداخل بلغ 1444 مليون ريال عماني في عام ،2007 وكان ذلك نتيجة لعدم ارتياح المستثمرين، وإحجام غير المقيمين عن المخاطرة في أعقاب تفاقم الأزمة المالية العالمية منذ منتصف عام ،2008 فيما أسفر ميزان المدفوعات الكلي عن فائض بلغ 702 مليون ريال عماني في عام 2008م بالمقارنة بفائض أكبر بلغ 2404 ملايين ريال عماني في عام ،2007 وفي نهاية عام ،2008 بلغ إجمالي احتياطي النقد الأجنبي الرسمي للبنك المركزي العُماني 7 .4163 مليون ريال عماني “بعد أخذ التغير في القيمة في الحسبان”، تكفي لتغطية احتياجات السلطنة من الواردات لمدة ستة أشهر، وأربعة أشهر كغطاء لجميع مدفوعات الحساب الجاري .
يعتبر العام الماضي عاماً استثنائياً من حيث الصعوبات التي حفل بها، وتمثلت في حدوث تراجع حاد في إجمالي الناتج المحلي العالمي، وانخفاض التوظيف، وتوقع حدوث تراجع ملحوظ في حجم التجارة العالمية، إضافة إلى الآثار المترتبة على ذلك، والتي تمثلت في انحسار مستوى الرفاهة الاقتصادية للجنس البشري في مجموعه، وإن كان هذا الأثر قد يتفاوت من دولة لأخرى، وفيما يشير التقييم الحالي للأوضاع الاقتصادية العالمية إلى حدوث بعض الارتياح تجاه الأزمة، إلا أن المؤشرات الاقتصادية الكلية الرئيسية ما زالت عند مستوى متدن، حيث أدت برامج الاقتراض الحكومية الكبيرة التي أعدتها ونفذتها الدول المتقدمة بصفة خاصة، إلى ارتفاع العائد على الأوراق المالية الحكومية طويلة الأجل بدرجة ملحوظة في العديد من دول العالم خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي له تداعيات طويلة الأجل على صعيد التضخم في ظل السياسات النقدية والمالية التوسعية التي يجري تنفيذها حالياً، ويتعين التنويه إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل قد يؤدي إلى تأخير التقدم على صعيد الانتعاش الاقتصادي، كما يقلل من التفاؤل الحذر الذي تحقق في النصف الأول لعام 2009م .
تأثير سلبي
تجدر الإشارة إلى ان الاقتصاد العُماني من بين الاقتصادات التي تأثرت سلباً بالأزمة المالية العالمية، حيث من المتوقع أن يؤدي استمرار انخفاض أسعار النفط، منذ الربع الأخير من عام ،2008 إضافة إلى ضعف الطلب العالمي على السلع إلى التأثير سلباً في معدل النمو الاقتصادي للسلطنة . كما أنه من المحتمل أن يظل معدل النمو في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي “بالأسعار الثابتة” للسلطنة موجباً في عام ،2009 ويعزى ذلك إلى استمرار الطلب المحلي عند مستوى مرتفع، واستمرار المصروفات الرأسمالية من قِبل الحكومة، فضلاً عن استمرار أنشطة التنويع الاقتصادي في القطاعات غير النفطية، وستستمر المقومات الاقتصادية للسلطنة في وضع جيد خلال الأجل المتوسط، إضافة إلى احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية المحتفظ بها لدى البنك المركزي العُماني، فإن الأصول المالية الكبيرة التي تحتفظ بها الحكومة العُمانية في الخارج توفر قدراً كبيراً من المرونة للحكومة تمكنها من اتباع سياسة مالية لمواجهة التداعيات السلبية المترتبة على هبوط الدورة الاقتصادية .
هذا . . وتتمتع سلطنة عُمان بجهاز مصرفي سليم لا يتعامل بشكل مباشر في الأصول منخفضة الجودة، ويتم الإشراف عليه بشكل مباشر من قِبل البنك المركزي العُماني، وهو يتمتع برأسمال كاف، ويمتلك أصولا ذات نوعية جيدة، تحقق له أرباحاً مع انخفاض مستوى الديون المعدومة، وتعتبر نسبة الدين الخارجي إلى إجمالي الناتج المحلي للسلطنة منخفضة بالمعايير الدولية، حيث قامت وكالات التصنيف الائتماني العالمية - وأخذاً في الحسبان الاعتبارات السابقة - بتأكيد تصنيفها الائتماني السيادي للسلطنة، وذلك بالرغم من احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي في العام الحالي .
حسابات مدققة
التقرير السنوي للبنك المركزي يتألف من ستة فصول وملحق إحصائي، يتضمن الأول نظرة عامة ورؤية مستقبلية، تشتمل على أهم ملامح التطورات التي طرأت على الصعيدين المحلي والعالمي، مع تقييم للتطورات المتوقعة محلياً وعالمياً في عام ،2009 فيما تعرض الفصول الخمسة التطورات الاقتصادية والمالية والمصرفية التي شهدتها سلطنة عُمان خلال عام ،2008 وذلك من خلال عرض للحقائق والأرقام مع تحليل الاتجاهات في مجالات “الإنتاج، التوظيف، الأسعار، النفط والغاز، المالية العامة، النقود والبنوك والمؤسسات المالية، التجارة الخارجية، وميزان المدفوعات”، كما يشتمل على الحسابات المدققة ولوائح البنك المركزي العُماني التي صدرت خلال العام الماضي .