المخفي
18-08-2009, 03:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وعلى آله وصحبه
منقول من من مجموعة نايف العنزي
الصاعقة
السلطان العثماني بايزيد الأول رحمه الله
كان من سلاطين الدولة العثمانية العظام : السلطان "بايزيد الأول" ، سلطان الروم ، وصاعقة الإسلام ، والفاتح الكبير ، والمجاهد العظيم
كان رحمه الله عَلَمَاً من أعلام الجهاد ، وهو الذي بلغت الدولة في عهده من العزة والمجد ما ذَكَّرَ المسلمين بأيام الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ فهو صاحب النصر في معركة "نيكوبولس" التي كانت من أيام المسلمين الخالدة
فمن هو السلطان "بايزيد الأول" ؟!!!
دعونا نقف وقفات سريعة مع سيرة هذا البطل
السلطان "بايزيد الأول" هو رابع سلاطين الدولة العثمانية ، وُلد سنة 761هـ ، وبُويع له في ميدان الحرب بعد استشهاد أبيه السلطان "مراد الأول" في معركة "قوصوة" (كوسوفو) ، وأصبح سلطاناً على ما تحته من البلاد سنة 791هـ وهو ابن ثلاثين سنة .. هكذا كانت البداية : في ميدان الحرب
كانالسلطان "بايزيد الأول" مُحباً للجهاد ، مُعِزَّاً لدين الله ، مُذِلاً للكفار وأعوانهم ، مُحَطِمَّاً هَامَات المتكبرين ، مُدَمِّراً لأعداءِ الله ... وكان على قدرٍ كبير من الشجاعة ، ومن أقوى السلاطين بأساً .. جَرَّدَ الدولة البيزنطية من جميع ممتلكاتها إلا العاصمة "القسطنطينية" ، وضَرَبَ حولها حصاراً شديداً حتى كادت أن تُفتح على يديه ، وانتظر العالم الإسلامي والنصراني سقوط "القسطنطينية" بين ساعةٍ وأخرى ، حتى حدث ما لم يكن في الحسبان كما سيأتي إن شاء الله تعالى
كان مجرد ذكر اسم "بايزيد" كافياً أن يوقع الرعب في نفوس النصارى في "أوروبا" عموماً وأهل "القسطنطينية" خاصة ، كانت ترتجف منه ملوك "أوروبا" رعباً ، وكان رحمه الله سريعاً في انقضاضه على أعدائه ، حتى لقبوه "يلديرم" أي "الصاعقة" ،وظل هذا الاسم يرعب "أوروبا" بأسرها
كان رحمه الله عادلاً حازماً ، يُحِب العلماء ويُقَّربهم ويُعَظِّم شأنهم ، وكان شديد التواضع مع ما جَمَعَ الله له من الهيبة والملك والقوة ، وله في ذلك قصة شهيرة لها دلالتها ، فقد تم استدعاء السلطان "بايزيد الأول" إلى المحكمة للإدلاء بشهادته في أمرٍ ما !! فهل جاء السلطان أم اعتذر ؟! بل جاء السلطان ، ووقف أمام القاضي الإمام "شمس الدين فناري" في تواضع شديد ، فإذا بالقاضي ينظر إلى السلطان ثم يفاجئ الجميع بقوله : ((هذا الرجل لا تُقبل شهادته ؛ لأنه لا يحضر صلاة الجماعة مع المسلمين في المسجد ، ومن لا يصلي في المسجد جماعة دون عذرٍ شرعي لا تُقبل شهادته))
يا إلهي !!
نزلت كلمات القاضي على الحاضرين كالصاعقة ، وأمسك الجنود قبضات السيوف وانتظروا إشارة واحدة من السلطان لتطير عنق القاضي في لحظة ، لكن كانت المفاجأة الثانية : أومأ السلطان "بايزيد" برأسه في تواضع شديد ثم خرج ، وأمر ببناء مسجد ملاصق لقصره كي يحضر مع المسلمين صلاة الجماعة
هذا ما سجله المؤرخ "عثمان نزار" في كتابه "حديقة السلاطين" المؤلف قبل مئات السنين
بالله عليكم : هل سمعتم بسلطانٍ رُفضت شهادته ؟!! ألا يذكركم هذا السلطان بالفاروق "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه ؟!!
عندما جلس السلطان "بايزيد الأول" على كرسي السلطنة كانت "الأناضول" يحكمها مثل ملوك الطوائف ، واستطاع "بايزيد الأول" أن يوحد "الأناضول" كلها تحت إمرته بسرعة ومهارة حربية عجيبة أذهلت النصارى في "أوروبا" .. وبعدما توحدت "الأناضول" ابتدأ جهاده ضد الإمبراطورية البيزنطية ، وبالفعل قضى على شوكتهم ، ووَهَّن كيدهم ، وسلب بلادهم وضمها للدولة العثمانية ، فأصبحت "القسطنطينية" محاطة من كل جانب بالدولة العثمانية
ولم يكتفِ السلطان "بايزيد الأول" بذلك ، بل واصل جهاده حتى فتح "بلغاريا" و"البوسنة" و"الأفلاق" (جنوب رومانيا) ومعظم بلاد أوروبا الشرقية !! وقاتل "الصرب" وانتصر عليهم ، وأرغم ملك "الصرب" أن يدفع له جزية سنوية وبناء مساجد ومحاكم إسلامية !!!
الأمر الذى أرعب المماك المسيحية فى أوربا والذى أدى الى إعلان البابا "بونيفاس التاسع" الحرب الصليبية على الدولة العثمانية السلطان "بايزيد الأول" تحديداً ، ومنح غفرانه لجميع النصارى الذين سيقاتلون في تلك الحملة لإنقاذ "المجر" والممالك النصرانية في "أوروبا"
معركة نيكوبولس – 800هـ
اجتمعت لدعوة البابا 15 دولة أوروبية ومعظم أمراء وملوك أوروبا "المجر - النمسا - إنجلترا – فرنسا – البندقية - أسبانيا – إيطاليا – ألمانيا – رومانيا - سويسرا – بولندا" ، ومنذ قيام الحملة الصليبية الأولى في بداية القرن الحادي عشر الميلادي لم تجتمع هذه الأعداد الضخمة ، فكانت من أخطر الحملات الصليبية على الإسلام على الإطلاق
وكانت قيادة تلك الجيوش لملك المجر "سيجسومند" ، وافتخر النصارى بالقوات الكثيفة التي تم حشدها حتى تملكهم الغرور ، حتى أن الملك "سيجسموند" قال في كبر : ((لو سقطت علينا السماء لأمسكناها بحرابنا))
واجتمعت الجيوش في "بودا" عاصمة "المجر" ، وانعقد مجلس الحرب في صيف عام 1396م لرسم الخطط ووضع التكتيكات الحربية
وبدأ هجوم الجيوش الصليبية نحو "بلغاريا" ، واستعادوا بعض المدن ، وأبادوا الحامية الإسلامية فيها ، الأمر الذي أدى إلى ترك السلطان "بايزيد الأول" محاصرة "القسطنطينية" وتوجه نحو "أوروبا" في سرعته المعهودة ، وجمع مائة ألف مقاتل بالإضافة إلى قوات ضخمة أمده بها ملك "الصرب" رغماً عنه حسب الإتفاقية التي بينهما ، وتقابل الفريقين في منطقة "نيكوبولس"
قبل بداية المعركة اقترح الملك "سجسموند" أن يتخذ وضعية الدفاع ، لكن خالفه باقي الأمراء في الجيش ، واقترحوا مهاجمة العثمانيين والتوغل في "الأناضول" والتوجه بعدها إلى بلاد الشام وبيت المقدس
وأثناء مسير القوات الصليبية الضخمة وتقدمهم ظهرت فجأة الجيوش الإسلامية بقيادة "الصاعقة" كأنها خرجت من باطن الأرض ، وكان ظهوره كفيلاً بإدخال الرعب والهول في قلوب الصليبيين ، وبدأت المعركة التي تُعد من أشرس معارك التاريخ ، وقاتل المسلمون يومها قتال من لا يخشى الموت ، وأنزل الله على المسلمين الرحمة والسكينة وأيدهم بجندٍ من عنده وقذف في قلوب الذين كفروا الرعب ، وانتهت المعركة بنصرٍ مبين للمسلمين ذكرهم بأيام المسلمين الأولى في بدر واليرموك .. أما الملك "سجسموند" فقد وَلَّى هارباً ومعه رئيس فرسان "رودس" ، ولما بلغا في فرارهما شاطئ البحر الأسود = وجدا هناك الأسطول النصراني ، فوثبا على إحدى السفن التي فرت بهما مسرعة لا تلوي على شيء .. وتضاءلت مكانة "المجر" في عيون المجتمع الأوروبي بعد معركة "نيكوبوليس" ، وتبخر ما كان يحيط بها من هيبة ورهبة
وعلى الرغم من القضاء على القوات الصليبية ، إلا أن السلطان "بايزيد الأول" انزعج لكثرة قتلى المسلمين في المعركة التي قدرت بثلاثين ألف شهيد ، وتذكر السلطان "بايزيد" ما فعله الصليبيون بالحاميات الإسلامية في "بلغاريا" و"المجر" ، فأمر السلطان "بايزيد" بقتل الأسرى كلهم ، وكان عددهم ثلاثة آلاف أسير ، وفي رواية أخرى عشرة آلاف ، ولم يُبقِ إلا أكابر وعلية القوم ؛ للحصول على فدية ضخمة منهم
موقف من مواقف العزة
كان ممن وقع في الأسر الكونت "دي نيفر" بنفسه ، وقد كان أحد أكبر الأمراء في الجيش الصليبي ، فأقسم للسلطان بأغلظ الأيمان ألا يعود لمحاربة المسلمين ، وكاد أن يقبل قدم السلطان ، لكن كان رد السلطان "بايزيد الأول" المعتز بدينه أن قال له : ((إني أجيز لك ألا تحفظ هذا اليمين ، فأنت في حِلٍّ من الرجوع إلى محاربتي وقت ما شئت)) ، ثم استطرد قائلاً كلمته الشهيرة التي خلدها له التاريخ وكتبها بحروف من ذهب : ((إذ أنه ما من شيءٍ أحب إليَّ من محاربة جميع مسيحي أوروبا والانتصار عليهم))
نزل الخبر على نصارى أوروبا مثل الصاعقة ، وانتظر النصارى سقوط الممالك النصرانية واحدة تلو الأخرى في قبضة السلطان "بايزيد" ، وعلى النقيض : أرسل السلطان "بايزيد" الرسائل إلى ملوك وسلاطين المسلمين في "القاهرة" و"بغداد" وبلاد ما وراء النهر ومعها بعض الأسرى كدليل مادي على النصر المبين ، وخلع عليه الخليفة "أبو عبد الله محمد بن المعتضد المتوكل على الله" لقب "سلطان الروم" ، وأهدى إليه أمير "بخارى" سيفاً على سبيل التكريم ، وعُلقت الزينة في البلاد الإسلامية فرحاً بذلك النصر المبين ، واتجهت أنظار المسلمين إلى تلك الدولة التي أيد الله جهادها بالنصر على أعدائها ، وارتحل كثير من شباب المسلمين إلى "الأناضول" ليكونوا تحت إمرة السلطان "بايزيد الأول" في جهاده ضد الروم نصارى أوروبا
وتعتبر معركة "نيكوبولس" بالنسبة للنصارى أعظم كارثة على الإطلاق في العصور الوسطى ، وبلغ السلطان "بايزيد الأول" قمة مجده بعد تلك المعركة ، حتى أنه أعلن أنه سيفتح "إيطاليا" بإذن الله ، وسيطعم حصانه الشعير على مذبح كنيسة القديس بطرس في روما
أي رجل كان هذا الرجل!!!
ولكن الله قدر شيئاً آخر
بعد الانتصار العظيم الذي حققه العثمانيون في هذه المعركة = ثَبَّتَ العثمانيون أقدامهم في البلقان ، حيث انتشر الخوف والرعب بين الشعوب البلقانية ، وخضعت "البوسنة" و"بلغاريا" للدولة العثمانية ، واستمر الجنود العثمانيون يتتبعون فلول النصارى في ارتدادهم ، وعاقب السلطان "بايزيد" حكام شبه جزيرة "المورة" الذين قدموا مساعدة عسكرية للحلف الصليبي
وعقاباً للامبراطور البيزنطي على موقفه المعادي : طلب "بايزيد" منه أن يُسَلِّم "القسطنطينية" ، وإزاء ذلك استنجد الامبراطور "مانويل" بأوروبا دون جدوى ، والحق أن فتح "القسطنطينية" كان هدفاً رئيسياً في البرنامج الجهادي للسلطان "بايزيد الأول" ، ولذلك فقد تحرك على رأس جيوشه وضرب حصاراً محكماً حول العاصمة البيزنطية وضغط عليها ضغطاً لا هوادة فيه ، واستمر الحصار حتى أشرفت المدينة في نهايتها على السقوط ، وبينما كانت أوروبا تنظر سقوط العاصمة العتيدة بين يومٍ وآخر = إذا السلطان ينصرف عن فتح "القسطنطينية" ؛ لظهور خطر جديد على الدولة العثمانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وعلى آله وصحبه
منقول من من مجموعة نايف العنزي
الصاعقة
السلطان العثماني بايزيد الأول رحمه الله
كان من سلاطين الدولة العثمانية العظام : السلطان "بايزيد الأول" ، سلطان الروم ، وصاعقة الإسلام ، والفاتح الكبير ، والمجاهد العظيم
كان رحمه الله عَلَمَاً من أعلام الجهاد ، وهو الذي بلغت الدولة في عهده من العزة والمجد ما ذَكَّرَ المسلمين بأيام الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ فهو صاحب النصر في معركة "نيكوبولس" التي كانت من أيام المسلمين الخالدة
فمن هو السلطان "بايزيد الأول" ؟!!!
دعونا نقف وقفات سريعة مع سيرة هذا البطل
السلطان "بايزيد الأول" هو رابع سلاطين الدولة العثمانية ، وُلد سنة 761هـ ، وبُويع له في ميدان الحرب بعد استشهاد أبيه السلطان "مراد الأول" في معركة "قوصوة" (كوسوفو) ، وأصبح سلطاناً على ما تحته من البلاد سنة 791هـ وهو ابن ثلاثين سنة .. هكذا كانت البداية : في ميدان الحرب
كانالسلطان "بايزيد الأول" مُحباً للجهاد ، مُعِزَّاً لدين الله ، مُذِلاً للكفار وأعوانهم ، مُحَطِمَّاً هَامَات المتكبرين ، مُدَمِّراً لأعداءِ الله ... وكان على قدرٍ كبير من الشجاعة ، ومن أقوى السلاطين بأساً .. جَرَّدَ الدولة البيزنطية من جميع ممتلكاتها إلا العاصمة "القسطنطينية" ، وضَرَبَ حولها حصاراً شديداً حتى كادت أن تُفتح على يديه ، وانتظر العالم الإسلامي والنصراني سقوط "القسطنطينية" بين ساعةٍ وأخرى ، حتى حدث ما لم يكن في الحسبان كما سيأتي إن شاء الله تعالى
كان مجرد ذكر اسم "بايزيد" كافياً أن يوقع الرعب في نفوس النصارى في "أوروبا" عموماً وأهل "القسطنطينية" خاصة ، كانت ترتجف منه ملوك "أوروبا" رعباً ، وكان رحمه الله سريعاً في انقضاضه على أعدائه ، حتى لقبوه "يلديرم" أي "الصاعقة" ،وظل هذا الاسم يرعب "أوروبا" بأسرها
كان رحمه الله عادلاً حازماً ، يُحِب العلماء ويُقَّربهم ويُعَظِّم شأنهم ، وكان شديد التواضع مع ما جَمَعَ الله له من الهيبة والملك والقوة ، وله في ذلك قصة شهيرة لها دلالتها ، فقد تم استدعاء السلطان "بايزيد الأول" إلى المحكمة للإدلاء بشهادته في أمرٍ ما !! فهل جاء السلطان أم اعتذر ؟! بل جاء السلطان ، ووقف أمام القاضي الإمام "شمس الدين فناري" في تواضع شديد ، فإذا بالقاضي ينظر إلى السلطان ثم يفاجئ الجميع بقوله : ((هذا الرجل لا تُقبل شهادته ؛ لأنه لا يحضر صلاة الجماعة مع المسلمين في المسجد ، ومن لا يصلي في المسجد جماعة دون عذرٍ شرعي لا تُقبل شهادته))
يا إلهي !!
نزلت كلمات القاضي على الحاضرين كالصاعقة ، وأمسك الجنود قبضات السيوف وانتظروا إشارة واحدة من السلطان لتطير عنق القاضي في لحظة ، لكن كانت المفاجأة الثانية : أومأ السلطان "بايزيد" برأسه في تواضع شديد ثم خرج ، وأمر ببناء مسجد ملاصق لقصره كي يحضر مع المسلمين صلاة الجماعة
هذا ما سجله المؤرخ "عثمان نزار" في كتابه "حديقة السلاطين" المؤلف قبل مئات السنين
بالله عليكم : هل سمعتم بسلطانٍ رُفضت شهادته ؟!! ألا يذكركم هذا السلطان بالفاروق "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه ؟!!
عندما جلس السلطان "بايزيد الأول" على كرسي السلطنة كانت "الأناضول" يحكمها مثل ملوك الطوائف ، واستطاع "بايزيد الأول" أن يوحد "الأناضول" كلها تحت إمرته بسرعة ومهارة حربية عجيبة أذهلت النصارى في "أوروبا" .. وبعدما توحدت "الأناضول" ابتدأ جهاده ضد الإمبراطورية البيزنطية ، وبالفعل قضى على شوكتهم ، ووَهَّن كيدهم ، وسلب بلادهم وضمها للدولة العثمانية ، فأصبحت "القسطنطينية" محاطة من كل جانب بالدولة العثمانية
ولم يكتفِ السلطان "بايزيد الأول" بذلك ، بل واصل جهاده حتى فتح "بلغاريا" و"البوسنة" و"الأفلاق" (جنوب رومانيا) ومعظم بلاد أوروبا الشرقية !! وقاتل "الصرب" وانتصر عليهم ، وأرغم ملك "الصرب" أن يدفع له جزية سنوية وبناء مساجد ومحاكم إسلامية !!!
الأمر الذى أرعب المماك المسيحية فى أوربا والذى أدى الى إعلان البابا "بونيفاس التاسع" الحرب الصليبية على الدولة العثمانية السلطان "بايزيد الأول" تحديداً ، ومنح غفرانه لجميع النصارى الذين سيقاتلون في تلك الحملة لإنقاذ "المجر" والممالك النصرانية في "أوروبا"
معركة نيكوبولس – 800هـ
اجتمعت لدعوة البابا 15 دولة أوروبية ومعظم أمراء وملوك أوروبا "المجر - النمسا - إنجلترا – فرنسا – البندقية - أسبانيا – إيطاليا – ألمانيا – رومانيا - سويسرا – بولندا" ، ومنذ قيام الحملة الصليبية الأولى في بداية القرن الحادي عشر الميلادي لم تجتمع هذه الأعداد الضخمة ، فكانت من أخطر الحملات الصليبية على الإسلام على الإطلاق
وكانت قيادة تلك الجيوش لملك المجر "سيجسومند" ، وافتخر النصارى بالقوات الكثيفة التي تم حشدها حتى تملكهم الغرور ، حتى أن الملك "سيجسموند" قال في كبر : ((لو سقطت علينا السماء لأمسكناها بحرابنا))
واجتمعت الجيوش في "بودا" عاصمة "المجر" ، وانعقد مجلس الحرب في صيف عام 1396م لرسم الخطط ووضع التكتيكات الحربية
وبدأ هجوم الجيوش الصليبية نحو "بلغاريا" ، واستعادوا بعض المدن ، وأبادوا الحامية الإسلامية فيها ، الأمر الذي أدى إلى ترك السلطان "بايزيد الأول" محاصرة "القسطنطينية" وتوجه نحو "أوروبا" في سرعته المعهودة ، وجمع مائة ألف مقاتل بالإضافة إلى قوات ضخمة أمده بها ملك "الصرب" رغماً عنه حسب الإتفاقية التي بينهما ، وتقابل الفريقين في منطقة "نيكوبولس"
قبل بداية المعركة اقترح الملك "سجسموند" أن يتخذ وضعية الدفاع ، لكن خالفه باقي الأمراء في الجيش ، واقترحوا مهاجمة العثمانيين والتوغل في "الأناضول" والتوجه بعدها إلى بلاد الشام وبيت المقدس
وأثناء مسير القوات الصليبية الضخمة وتقدمهم ظهرت فجأة الجيوش الإسلامية بقيادة "الصاعقة" كأنها خرجت من باطن الأرض ، وكان ظهوره كفيلاً بإدخال الرعب والهول في قلوب الصليبيين ، وبدأت المعركة التي تُعد من أشرس معارك التاريخ ، وقاتل المسلمون يومها قتال من لا يخشى الموت ، وأنزل الله على المسلمين الرحمة والسكينة وأيدهم بجندٍ من عنده وقذف في قلوب الذين كفروا الرعب ، وانتهت المعركة بنصرٍ مبين للمسلمين ذكرهم بأيام المسلمين الأولى في بدر واليرموك .. أما الملك "سجسموند" فقد وَلَّى هارباً ومعه رئيس فرسان "رودس" ، ولما بلغا في فرارهما شاطئ البحر الأسود = وجدا هناك الأسطول النصراني ، فوثبا على إحدى السفن التي فرت بهما مسرعة لا تلوي على شيء .. وتضاءلت مكانة "المجر" في عيون المجتمع الأوروبي بعد معركة "نيكوبوليس" ، وتبخر ما كان يحيط بها من هيبة ورهبة
وعلى الرغم من القضاء على القوات الصليبية ، إلا أن السلطان "بايزيد الأول" انزعج لكثرة قتلى المسلمين في المعركة التي قدرت بثلاثين ألف شهيد ، وتذكر السلطان "بايزيد" ما فعله الصليبيون بالحاميات الإسلامية في "بلغاريا" و"المجر" ، فأمر السلطان "بايزيد" بقتل الأسرى كلهم ، وكان عددهم ثلاثة آلاف أسير ، وفي رواية أخرى عشرة آلاف ، ولم يُبقِ إلا أكابر وعلية القوم ؛ للحصول على فدية ضخمة منهم
موقف من مواقف العزة
كان ممن وقع في الأسر الكونت "دي نيفر" بنفسه ، وقد كان أحد أكبر الأمراء في الجيش الصليبي ، فأقسم للسلطان بأغلظ الأيمان ألا يعود لمحاربة المسلمين ، وكاد أن يقبل قدم السلطان ، لكن كان رد السلطان "بايزيد الأول" المعتز بدينه أن قال له : ((إني أجيز لك ألا تحفظ هذا اليمين ، فأنت في حِلٍّ من الرجوع إلى محاربتي وقت ما شئت)) ، ثم استطرد قائلاً كلمته الشهيرة التي خلدها له التاريخ وكتبها بحروف من ذهب : ((إذ أنه ما من شيءٍ أحب إليَّ من محاربة جميع مسيحي أوروبا والانتصار عليهم))
نزل الخبر على نصارى أوروبا مثل الصاعقة ، وانتظر النصارى سقوط الممالك النصرانية واحدة تلو الأخرى في قبضة السلطان "بايزيد" ، وعلى النقيض : أرسل السلطان "بايزيد" الرسائل إلى ملوك وسلاطين المسلمين في "القاهرة" و"بغداد" وبلاد ما وراء النهر ومعها بعض الأسرى كدليل مادي على النصر المبين ، وخلع عليه الخليفة "أبو عبد الله محمد بن المعتضد المتوكل على الله" لقب "سلطان الروم" ، وأهدى إليه أمير "بخارى" سيفاً على سبيل التكريم ، وعُلقت الزينة في البلاد الإسلامية فرحاً بذلك النصر المبين ، واتجهت أنظار المسلمين إلى تلك الدولة التي أيد الله جهادها بالنصر على أعدائها ، وارتحل كثير من شباب المسلمين إلى "الأناضول" ليكونوا تحت إمرة السلطان "بايزيد الأول" في جهاده ضد الروم نصارى أوروبا
وتعتبر معركة "نيكوبولس" بالنسبة للنصارى أعظم كارثة على الإطلاق في العصور الوسطى ، وبلغ السلطان "بايزيد الأول" قمة مجده بعد تلك المعركة ، حتى أنه أعلن أنه سيفتح "إيطاليا" بإذن الله ، وسيطعم حصانه الشعير على مذبح كنيسة القديس بطرس في روما
أي رجل كان هذا الرجل!!!
ولكن الله قدر شيئاً آخر
بعد الانتصار العظيم الذي حققه العثمانيون في هذه المعركة = ثَبَّتَ العثمانيون أقدامهم في البلقان ، حيث انتشر الخوف والرعب بين الشعوب البلقانية ، وخضعت "البوسنة" و"بلغاريا" للدولة العثمانية ، واستمر الجنود العثمانيون يتتبعون فلول النصارى في ارتدادهم ، وعاقب السلطان "بايزيد" حكام شبه جزيرة "المورة" الذين قدموا مساعدة عسكرية للحلف الصليبي
وعقاباً للامبراطور البيزنطي على موقفه المعادي : طلب "بايزيد" منه أن يُسَلِّم "القسطنطينية" ، وإزاء ذلك استنجد الامبراطور "مانويل" بأوروبا دون جدوى ، والحق أن فتح "القسطنطينية" كان هدفاً رئيسياً في البرنامج الجهادي للسلطان "بايزيد الأول" ، ولذلك فقد تحرك على رأس جيوشه وضرب حصاراً محكماً حول العاصمة البيزنطية وضغط عليها ضغطاً لا هوادة فيه ، واستمر الحصار حتى أشرفت المدينة في نهايتها على السقوط ، وبينما كانت أوروبا تنظر سقوط العاصمة العتيدة بين يومٍ وآخر = إذا السلطان ينصرف عن فتح "القسطنطينية" ؛ لظهور خطر جديد على الدولة العثمانية