هتـان قطر
20-08-2009, 07:17 AM
نحن و«السنير» .. والزمن طويل
انتهت للتو اختبارات الثانوية العامة، وظهرت النتائج بالنسبة للمدارس الحكومية، ونحن مع قراءة هذا المقال ننتظر أن تظهر نتائج الثانوية في المدارس المستقلة.
بتاريخ 3/6/2009م، صدر بيان عن الأخ العزيز سعادة السيد سعد بن إبراهيم المحمود وزير التعليم والتعليم العالي، الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم، تحدث فيه عن عدة مواضيع، كانت تشغل الشارع المحلي وقتها، كتسجيل الطلبة في المدارس المستقلة، والوقت المتوقع استهلاكه لإتمام دمج الوزارة مع المجلس الأعلى للتعليم، والأمان الوظيفي المقدم لجميع الموظفين المنتسبين للوزارة بعد دمجها، لتحقيق الاستقرار النفسي للكفاءات الموجودة، لتساهم في تطوير التعليم من خلال المدارس المستقلة بعد أن تكون جميع المدارس الحكومية قد أصبحت مستقلة.
ولم يغفل البيان التطرق للعلاقة الجيدة المفترض وجودها بين أصحاب التراخيص والمجلس الأعلى للتعليم، لضمان حسن تطبيق شعار المجلس الأعلى للتعليم، وهو «تعليم لمرحلة جديدة».
كانت لديّ وجهة نظر فيما يتعلق بالمنظومة التعليمية لدينا في الدولة، ولكن المستجدات على الساحة من تعيين وزير جديد للتعليم وأمين عام للمجلس الأعلى للتعليم، وكذلك قرب وقت امتحانات الثانوية العامة، جعلتني أتريث قليلاً في طرح وجهة نظري، حتى لا تُفهم بالطريقة التي يحلو لبعض البيروقراطيين وأصحاب النظريات التعليمية التي أكل الدهر عليها وشرب، أن يفهموها، ومن ثمّ أجد من يجادل برأي ليس به من فكر إلا الخوف من التطوير، وأفضلية بقاء الوضع على ما هو عليه، وترديد مقولة «هذا احنا اشزيّنا» دون النظر في نقاط الضعف التي خرجت معنا في شخصياتنا التي تكوّن الجزء الأكبر منها بسبب التعليم والقوانين المنظمة له .. وكأن تغيير الحال من المحال وليس دوام الحال من المحال.
سؤال واحد فقط أود أن أوجهه لسعادة الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم ليطرحه على المجلس الموقر بجميع أركانه..
ما الهدف من العملية التعليمية؟.. ولماذا نعلم أبناءنا وبناتنا؟
في السابق كان الهدف هو الحصول على الشهادة الجامعية للحصول على درجة «السنير» في الحكومة أو الحصول على الثانوية العامة، للالتحاق بالسلك العسكري برتبة مرشح ضابط.
طبعاً لم يكن هذا الهدف هو مبتغى جميع المواطنين القطريين، ولكن السواد الأعظم منهم، أكرر .. السواد الأعظم منهم، كان هدفه السنير، وأرض كبار الموظفين، سواء كان عن طريق الخدمة المدنية أو عن طريق القوات المسلحة أو وزارة الداخلية.
تعال معي يا سعادة الأمين العام لنستعرض معاً كيف تكوّن هذا الهدف لدى المواطنين القطريين.
في الوظائف الحكومية، كانت ومازالت درجة «السنير» لا تُمنح إلا لحملة الشهادة الجامعية، وأن من أمضى في الخدمة سنوات طويلة وهو لا يحمل إلا الثانوية العامة، فعليه أن يبحث عن واسطة لتضمن له ترقية من «توب الجنير» إلى «السنير».
في السابق كان هذا الهدف من أجل مساحة الأرض المقدمة من قبل الحكومة وحجم القرض المصروف لبناء المسكن عليها، ولكن مع مرور الوقت تمت معالجة هذا الأمر في توحيد مساحة الأرض الحكومية الممنوحة لجميع المواطنين، دون النظر إلى درجاتهم الوظيفية، وكذلك هو الحال بالنسبة لقروض الإسكان.
ولكن ماذا عن الانتقال من كادر وظيفي أقل إلى كادر وظيفي أعلى؟
مازال الأمر مرتبطا ارتباطا وثيقا بالشهادة الجامعية.
للأسف ان ما حصل نتيجة لذلك هو قيام الكثير من الطلبة والموظفين الذين يحملون الثانوية العامة ويحلمون بـ «السنير» أو الدرجات التي تعادلها في الهياكل التنظيمية الجديدة، بالالتحاق ببعض المعاهد أو الجامعات ذات المستوى الأكاديمي الضعيف، من أجل الحصول على هذه الشهادة، لتحقيق حلم حياتهم وليصبحوا من كبار موظفي الدولة، لربما يحالفهم الحظ ليصبحوا مديرين في يوم من الأيام، ولمَ لا، فهناك بعض المديرين الذين حصلوا على المنصب وابتليت بهم الوزارات الحكومية، وهم يحملون شهادات علمية عالية، ولكن الفكر الذي يديرون به الوزارة لا يساوي قيمة حبر الأختام التي ختمت بها شهاداتهم للتصديق عليها ومعادلتها، مع العلم بأن هناك بعضا من هؤلاء المديرين من تعدى منصب المدير إلى ما هو أعلى من ذلك!.
لقد تنبّه المسؤولون في المجلس الأعلى للتعليم لذلك الأمر، وقاموا بإصدار قرارات تمنع الاعتراف بكثير من المعاهد والجامعات التي تمنح الشهادة الجامعية بأسهل الطرق، رغبة منهم في الحصول على مخرجات تعليمية في مستوى طموح الشعار الجديد، وهو «تعليم لمرحلة جديدة»، وهي رغبة تُحسب للمسؤولين الذين كانوا وراء هذا القرار لأهميته في النظام التعليمي.
تبعهم في ذلك مسؤولو جامعة قطر، وهي الجامعة الوحيدة لدينا التي يقع عليها عبء خدمة المجتمع القطري ومخرجات تعليم الوزارة، في إعطاء الأولوية إلى الحصول على اعتراف دولي من خلال تطبيق معايير تعليمية معينة، كاختبار التوفل والتدريس باللغة الإنجليزية ورفع معدلات القبول في جميع التخصصات دون النظر إلى البدائل المتوافرة في المجتمع لتخدم من لم يستطع الحصول على النسبة المطلوبة للالتحاق بالكلية المعنية أو اجتياز اختبار التوفل بالرغم من الحصول على نسبة مئوية عالية في الثانوية العامة.
من الواضح أن الكل يريد أن يكون أول من آمن بالشعار وأصدق من طبقه وهو «تعليم لمرحلة جديدة».
لقد أصبحنا نسمع في وسائل الإعلام أن اختبارات الثانوية العامة أصبحت بعبعاً للطلبة وكوابيس للأسر، وهذه النغمة المتخلفة والخزعبلات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، جاءتنا من مجتمعات عربية تعاني هي نفسها من شح فرص التعليم، بالرغم من كثرة الجامعات بها كدول، وكذلك تعاني من قلة فرص العمل وتفشي البطالة بالرغم من الفرص الكثيرة والكبيرة لرفع الكفاءة وتأهيل الموظفين لتحسين الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة لديهم، ولكن المهم هناك أن الفرد يحصل على وظيفة فقط «لياكل عيش».
لماذا جعلنا الشهادة الثانوية محطة مفصلية في حياة الطالب؟
لماذا يحكم على تفوق الطلاب من خلال الشهادة الثانوية فقط، والتي يخوض الطالب اختباراتها في أسبوعين بعد أن يكون قد أمضى أكثر من اثنتي عشرة سنة دراسية قبلها؟
لماذا لا يستطيع الطالب تكملة مشواره التعليمي بعد الثانوية حسب رغبته؟ ولماذا تجبره النسبة المئوية التي يحصل عليها الالتحاق بكلية معينة قد تكون بعيدة عن ميوله؟
كيف لي أن استثمر في تعليم أبنائي ولا أضمن دخولهم الجامعة؟
ماذا لو لم تكن لديّ القدرة على إرسال واحد فقط من أبنائي إلى الدراسة في الخارج؟
ماذا عن بناتي اللاتي لا أرغب في إرسالهن للخارج وأتمنى أن يحصلن على الشهادات العلمية في مجتمعنا وبيئتنا الآمنة؟
أين كليات المجتمع المفترض وجودها قبل تطبيق معايير التعليم الجديدة؟
هل الطموح أن نعمل في السكرتارية والوظائف المتوسطة؟
لماذا لا تُعدّل القوانين في جميع القطاعات من أجل أن تترك الحرية لمخرجات التعليم ولالتحاق الطلاب بالتخصصات التي يرغبونها، وإذا لم يتمكنوا من ذلك بسبب النسبة المئوية، فإن لديهم فرصة دخول إحدى الكليات التي تدرس نفس التخصص، ولكن بشهادة الدبلوم وليس البكالوريوس، وبعد الحصول على شهادة الدبلوم تتجدد له الفرصة في الحصول على البكالوريوس في نفس التخصص من أجل العلم والمعرفة وليس من أجل «السنير».
وإذا كان البكالوريوس والدبلوم بعيدي المنال عن البعض لأي سبب من الأسباب .. فلماذا لا تُعدّل القوانين إلى السماح لأي من الموظفين القطريين بالانتقال من الدرجات الوظيفية الدنيا إلى الدرجات الوظيفية العليا دون واسطة فلان أو علان، ولكن من خلال إجراءات تأهيلية يمر بها الموظف كدورات تدريبية حقيقية أو ورش عمل أو ندوات يشارك فيها ليكون مؤهلاً لأن يكون مسؤولاً ناجحاً، وليس ديكوراً في مكتبه الفخم.
وبصفتك وزيراً للتعليم والتعليم العالي وفي نفس الوقت أميناً عاماً للمجلس الأعلى للتعليم ومسؤولا مع أعضاء المجلس الموقر عن وضع السياسات العامة للتعليم وتنفيذها، فإن مخرجات التعليم - أيا كان مستوى هذا التعليم - مسؤوليتكم من حيث مستوى هذه المخرجات وفرص العمل التي تلاقيها في السوق المحلي، ومدى مساهمة هذه المخرجات في عملية التنمية وتحقيق رؤية قطر «2030م».
إذا كان الهدف هو فعلاً إعداد أجيال من القطريين القادرين على التفكير الحرّ الخلاق، والتفاعل الإيجابي مع روح ومعطيات العصر، وتقبّل الآخر والاستفادة منه، والقدرة على العمل الجماعي، وتبني التفكير النقدي التحليلي المبدع، دونما تفريط في الأصول والثوابت والقيم، وصولاً إلى تحقيق الهدف الاستراتيجي وهو إرساء قواعد مجتمع المعرفة كما جاء في بيانكم، فإن عليكم قتل التخلف الموجود في الترقيات وارتباط التعيين في درجات معينة بشهادات معينة، ولنا في «قطر للبترول» أسوة حسنة في تأهيل حملة الثانوية العامة من خلال دورات تدريبية مكثفة وفتح فرص الترقي في الوظيفة من خلال الكفاءة العملية مع منح فرصة تحقيق حلم الحصول على المنصب والشهادة العليا في نفس الوقت، جعل المؤسسات والوزارات و الشركات الخاصة تعمل على إغراء هؤلاء الموظفين المؤهلين للعمل لديهم، في حين أنه كان بالإمكان القيام بنفس آلية تأهيل الموظفين التي تقوم بها «قطر للبترول».
كذلك أتمنى من سعادتكم إنشاء كليات المجتمع بشكل فوري وعاجل، لتستوعب خريجي الثانوية الذين لم يستطيعوا تحقيق المعدل المطلوب وليست لديهم واسطة في أي من المؤسسات أو الوزارات التي ترسل بعثات دراسية في الخارج، لإتاحة الفرصة لمن يتخرج الآن من الثانوية ويصطدم بالوضع العقيم الذي جعل من الثانوية العامة محطة مفصلية في حياة الطلاب.
إن فرصة الحصول على شعب مثقف وواع وخلاق تكون عن طريق وجود حرية الاختيار في التعليم وتوافر فرصة التصحيح والتعديل في حال الإخفاق بدلاً من الحكم على الخريج بالإعدام بسبب الرغبة في أن تكون جامعاتنا عالمية أو أن يكون مبعوثونا للخارج من أصحاب النسب المئوية العالية، فالوقت يضيع من أعمار الطلاب وليس من أعماركم كمسؤولين وليس المطلوب منكم سوى إتاحة الفرصة للجميع، فليس كل من حمل شهادة علمية مؤهلا وقادرا على تحمّل المسؤولية يا سعادة الوزير.
أحمد بن عبدالله السليطي
عجبني المقال جدا فنقلته
بارك الله فيك يا احمد السليطي
كفيت ووفيت ..
انتهت للتو اختبارات الثانوية العامة، وظهرت النتائج بالنسبة للمدارس الحكومية، ونحن مع قراءة هذا المقال ننتظر أن تظهر نتائج الثانوية في المدارس المستقلة.
بتاريخ 3/6/2009م، صدر بيان عن الأخ العزيز سعادة السيد سعد بن إبراهيم المحمود وزير التعليم والتعليم العالي، الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم، تحدث فيه عن عدة مواضيع، كانت تشغل الشارع المحلي وقتها، كتسجيل الطلبة في المدارس المستقلة، والوقت المتوقع استهلاكه لإتمام دمج الوزارة مع المجلس الأعلى للتعليم، والأمان الوظيفي المقدم لجميع الموظفين المنتسبين للوزارة بعد دمجها، لتحقيق الاستقرار النفسي للكفاءات الموجودة، لتساهم في تطوير التعليم من خلال المدارس المستقلة بعد أن تكون جميع المدارس الحكومية قد أصبحت مستقلة.
ولم يغفل البيان التطرق للعلاقة الجيدة المفترض وجودها بين أصحاب التراخيص والمجلس الأعلى للتعليم، لضمان حسن تطبيق شعار المجلس الأعلى للتعليم، وهو «تعليم لمرحلة جديدة».
كانت لديّ وجهة نظر فيما يتعلق بالمنظومة التعليمية لدينا في الدولة، ولكن المستجدات على الساحة من تعيين وزير جديد للتعليم وأمين عام للمجلس الأعلى للتعليم، وكذلك قرب وقت امتحانات الثانوية العامة، جعلتني أتريث قليلاً في طرح وجهة نظري، حتى لا تُفهم بالطريقة التي يحلو لبعض البيروقراطيين وأصحاب النظريات التعليمية التي أكل الدهر عليها وشرب، أن يفهموها، ومن ثمّ أجد من يجادل برأي ليس به من فكر إلا الخوف من التطوير، وأفضلية بقاء الوضع على ما هو عليه، وترديد مقولة «هذا احنا اشزيّنا» دون النظر في نقاط الضعف التي خرجت معنا في شخصياتنا التي تكوّن الجزء الأكبر منها بسبب التعليم والقوانين المنظمة له .. وكأن تغيير الحال من المحال وليس دوام الحال من المحال.
سؤال واحد فقط أود أن أوجهه لسعادة الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم ليطرحه على المجلس الموقر بجميع أركانه..
ما الهدف من العملية التعليمية؟.. ولماذا نعلم أبناءنا وبناتنا؟
في السابق كان الهدف هو الحصول على الشهادة الجامعية للحصول على درجة «السنير» في الحكومة أو الحصول على الثانوية العامة، للالتحاق بالسلك العسكري برتبة مرشح ضابط.
طبعاً لم يكن هذا الهدف هو مبتغى جميع المواطنين القطريين، ولكن السواد الأعظم منهم، أكرر .. السواد الأعظم منهم، كان هدفه السنير، وأرض كبار الموظفين، سواء كان عن طريق الخدمة المدنية أو عن طريق القوات المسلحة أو وزارة الداخلية.
تعال معي يا سعادة الأمين العام لنستعرض معاً كيف تكوّن هذا الهدف لدى المواطنين القطريين.
في الوظائف الحكومية، كانت ومازالت درجة «السنير» لا تُمنح إلا لحملة الشهادة الجامعية، وأن من أمضى في الخدمة سنوات طويلة وهو لا يحمل إلا الثانوية العامة، فعليه أن يبحث عن واسطة لتضمن له ترقية من «توب الجنير» إلى «السنير».
في السابق كان هذا الهدف من أجل مساحة الأرض المقدمة من قبل الحكومة وحجم القرض المصروف لبناء المسكن عليها، ولكن مع مرور الوقت تمت معالجة هذا الأمر في توحيد مساحة الأرض الحكومية الممنوحة لجميع المواطنين، دون النظر إلى درجاتهم الوظيفية، وكذلك هو الحال بالنسبة لقروض الإسكان.
ولكن ماذا عن الانتقال من كادر وظيفي أقل إلى كادر وظيفي أعلى؟
مازال الأمر مرتبطا ارتباطا وثيقا بالشهادة الجامعية.
للأسف ان ما حصل نتيجة لذلك هو قيام الكثير من الطلبة والموظفين الذين يحملون الثانوية العامة ويحلمون بـ «السنير» أو الدرجات التي تعادلها في الهياكل التنظيمية الجديدة، بالالتحاق ببعض المعاهد أو الجامعات ذات المستوى الأكاديمي الضعيف، من أجل الحصول على هذه الشهادة، لتحقيق حلم حياتهم وليصبحوا من كبار موظفي الدولة، لربما يحالفهم الحظ ليصبحوا مديرين في يوم من الأيام، ولمَ لا، فهناك بعض المديرين الذين حصلوا على المنصب وابتليت بهم الوزارات الحكومية، وهم يحملون شهادات علمية عالية، ولكن الفكر الذي يديرون به الوزارة لا يساوي قيمة حبر الأختام التي ختمت بها شهاداتهم للتصديق عليها ومعادلتها، مع العلم بأن هناك بعضا من هؤلاء المديرين من تعدى منصب المدير إلى ما هو أعلى من ذلك!.
لقد تنبّه المسؤولون في المجلس الأعلى للتعليم لذلك الأمر، وقاموا بإصدار قرارات تمنع الاعتراف بكثير من المعاهد والجامعات التي تمنح الشهادة الجامعية بأسهل الطرق، رغبة منهم في الحصول على مخرجات تعليمية في مستوى طموح الشعار الجديد، وهو «تعليم لمرحلة جديدة»، وهي رغبة تُحسب للمسؤولين الذين كانوا وراء هذا القرار لأهميته في النظام التعليمي.
تبعهم في ذلك مسؤولو جامعة قطر، وهي الجامعة الوحيدة لدينا التي يقع عليها عبء خدمة المجتمع القطري ومخرجات تعليم الوزارة، في إعطاء الأولوية إلى الحصول على اعتراف دولي من خلال تطبيق معايير تعليمية معينة، كاختبار التوفل والتدريس باللغة الإنجليزية ورفع معدلات القبول في جميع التخصصات دون النظر إلى البدائل المتوافرة في المجتمع لتخدم من لم يستطع الحصول على النسبة المطلوبة للالتحاق بالكلية المعنية أو اجتياز اختبار التوفل بالرغم من الحصول على نسبة مئوية عالية في الثانوية العامة.
من الواضح أن الكل يريد أن يكون أول من آمن بالشعار وأصدق من طبقه وهو «تعليم لمرحلة جديدة».
لقد أصبحنا نسمع في وسائل الإعلام أن اختبارات الثانوية العامة أصبحت بعبعاً للطلبة وكوابيس للأسر، وهذه النغمة المتخلفة والخزعبلات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، جاءتنا من مجتمعات عربية تعاني هي نفسها من شح فرص التعليم، بالرغم من كثرة الجامعات بها كدول، وكذلك تعاني من قلة فرص العمل وتفشي البطالة بالرغم من الفرص الكثيرة والكبيرة لرفع الكفاءة وتأهيل الموظفين لتحسين الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة لديهم، ولكن المهم هناك أن الفرد يحصل على وظيفة فقط «لياكل عيش».
لماذا جعلنا الشهادة الثانوية محطة مفصلية في حياة الطالب؟
لماذا يحكم على تفوق الطلاب من خلال الشهادة الثانوية فقط، والتي يخوض الطالب اختباراتها في أسبوعين بعد أن يكون قد أمضى أكثر من اثنتي عشرة سنة دراسية قبلها؟
لماذا لا يستطيع الطالب تكملة مشواره التعليمي بعد الثانوية حسب رغبته؟ ولماذا تجبره النسبة المئوية التي يحصل عليها الالتحاق بكلية معينة قد تكون بعيدة عن ميوله؟
كيف لي أن استثمر في تعليم أبنائي ولا أضمن دخولهم الجامعة؟
ماذا لو لم تكن لديّ القدرة على إرسال واحد فقط من أبنائي إلى الدراسة في الخارج؟
ماذا عن بناتي اللاتي لا أرغب في إرسالهن للخارج وأتمنى أن يحصلن على الشهادات العلمية في مجتمعنا وبيئتنا الآمنة؟
أين كليات المجتمع المفترض وجودها قبل تطبيق معايير التعليم الجديدة؟
هل الطموح أن نعمل في السكرتارية والوظائف المتوسطة؟
لماذا لا تُعدّل القوانين في جميع القطاعات من أجل أن تترك الحرية لمخرجات التعليم ولالتحاق الطلاب بالتخصصات التي يرغبونها، وإذا لم يتمكنوا من ذلك بسبب النسبة المئوية، فإن لديهم فرصة دخول إحدى الكليات التي تدرس نفس التخصص، ولكن بشهادة الدبلوم وليس البكالوريوس، وبعد الحصول على شهادة الدبلوم تتجدد له الفرصة في الحصول على البكالوريوس في نفس التخصص من أجل العلم والمعرفة وليس من أجل «السنير».
وإذا كان البكالوريوس والدبلوم بعيدي المنال عن البعض لأي سبب من الأسباب .. فلماذا لا تُعدّل القوانين إلى السماح لأي من الموظفين القطريين بالانتقال من الدرجات الوظيفية الدنيا إلى الدرجات الوظيفية العليا دون واسطة فلان أو علان، ولكن من خلال إجراءات تأهيلية يمر بها الموظف كدورات تدريبية حقيقية أو ورش عمل أو ندوات يشارك فيها ليكون مؤهلاً لأن يكون مسؤولاً ناجحاً، وليس ديكوراً في مكتبه الفخم.
وبصفتك وزيراً للتعليم والتعليم العالي وفي نفس الوقت أميناً عاماً للمجلس الأعلى للتعليم ومسؤولا مع أعضاء المجلس الموقر عن وضع السياسات العامة للتعليم وتنفيذها، فإن مخرجات التعليم - أيا كان مستوى هذا التعليم - مسؤوليتكم من حيث مستوى هذه المخرجات وفرص العمل التي تلاقيها في السوق المحلي، ومدى مساهمة هذه المخرجات في عملية التنمية وتحقيق رؤية قطر «2030م».
إذا كان الهدف هو فعلاً إعداد أجيال من القطريين القادرين على التفكير الحرّ الخلاق، والتفاعل الإيجابي مع روح ومعطيات العصر، وتقبّل الآخر والاستفادة منه، والقدرة على العمل الجماعي، وتبني التفكير النقدي التحليلي المبدع، دونما تفريط في الأصول والثوابت والقيم، وصولاً إلى تحقيق الهدف الاستراتيجي وهو إرساء قواعد مجتمع المعرفة كما جاء في بيانكم، فإن عليكم قتل التخلف الموجود في الترقيات وارتباط التعيين في درجات معينة بشهادات معينة، ولنا في «قطر للبترول» أسوة حسنة في تأهيل حملة الثانوية العامة من خلال دورات تدريبية مكثفة وفتح فرص الترقي في الوظيفة من خلال الكفاءة العملية مع منح فرصة تحقيق حلم الحصول على المنصب والشهادة العليا في نفس الوقت، جعل المؤسسات والوزارات و الشركات الخاصة تعمل على إغراء هؤلاء الموظفين المؤهلين للعمل لديهم، في حين أنه كان بالإمكان القيام بنفس آلية تأهيل الموظفين التي تقوم بها «قطر للبترول».
كذلك أتمنى من سعادتكم إنشاء كليات المجتمع بشكل فوري وعاجل، لتستوعب خريجي الثانوية الذين لم يستطيعوا تحقيق المعدل المطلوب وليست لديهم واسطة في أي من المؤسسات أو الوزارات التي ترسل بعثات دراسية في الخارج، لإتاحة الفرصة لمن يتخرج الآن من الثانوية ويصطدم بالوضع العقيم الذي جعل من الثانوية العامة محطة مفصلية في حياة الطلاب.
إن فرصة الحصول على شعب مثقف وواع وخلاق تكون عن طريق وجود حرية الاختيار في التعليم وتوافر فرصة التصحيح والتعديل في حال الإخفاق بدلاً من الحكم على الخريج بالإعدام بسبب الرغبة في أن تكون جامعاتنا عالمية أو أن يكون مبعوثونا للخارج من أصحاب النسب المئوية العالية، فالوقت يضيع من أعمار الطلاب وليس من أعماركم كمسؤولين وليس المطلوب منكم سوى إتاحة الفرصة للجميع، فليس كل من حمل شهادة علمية مؤهلا وقادرا على تحمّل المسؤولية يا سعادة الوزير.
أحمد بن عبدالله السليطي
عجبني المقال جدا فنقلته
بارك الله فيك يا احمد السليطي
كفيت ووفيت ..