المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشكالية الثقافة ,,



شمعة الحب
27-01-2006, 08:36 PM
http://www.islamiyyat.com/Quran0006.jpghttp://www.islamiyyat.com/Quran0005.jpg
إذا كانت الثقافة هي من الكلمات المألوفة والمتداولة بين الناس, يبقى ما نقصده بالثقافة من الأمور الأشد غموضا والأكثر تعقيدا لما توحيه هذه الكلمة من معان تشمل كل نواحي الحياة الإنسانية والاجتماعية، فالثقافة عند البعض هي المركب الذي يحوي كل عناصر المعرفة والاعتقاد والأخلاق والعرف, وعند البعض الآخر هي السمات التي تحدد شخصية مجتمع معين في مقابل المجتمعات الأخرى.

وهناك ثقافة الحد الأدنى والحد الأقصى أو كما يسميها الأستاذ فؤاد زكريا الثقافة الشعبية والثقافة الرفيعة. هذه التعددية في النظرة إلى الثقافة لا تقف عند حدود المعنى فقط، إنما هناك تعدد أيضا في تحديد دور من يحمل هذه الثقافة وهو المثقف, فهل هو من رجال الفكر أم هو من رجال الإصلاح؟ وهل هو من أصحاب التوصيف "النظر" أو من أصحاب التوظيف "العمل"؟ من حملة المبادئ أم هو من أتباع المصالح؟ وهل هو من أهل النقد أو أهل المدح؟ هذا الكم الهائل من التقاطع والتداخل في تحديد معنى الثقافة وطبيعة الدور المطلوب من المثقف يحتم علينا بالضرورة أن نحدد معنى للثقافة حتى يتسنى لنا إرساء أساس واضح لمناقشة الموضوع الثقافي الذي هو بحق مطلب يفرض نفسه كلما دار الحديث عن النهضة والتقدم.

قبل الشروع في تحديد ما تعنيه كلمة "الثقافة", لا بد من الإشارة إلى أمرين مهمين, وبالإحاطة بهما قد يزال الكثير من الغموض والتعقيد في تحديد مضمون الثقافة وذلك من خلال فصل ما هو جوهر وما هو عرض في العملية الثقافية. الأمر الأول هو أن الثقافة تمس محتوى الإنسان الداخلي وتنكشف من خلال إسقاطاتها على واقع الإنسان, ذلك الواقع المتمثل في علاقة الإنسان مع نفسه ومع الحياة. فإذا كان الإنسان هو عبارة عن إرادة ونشاط, وإذا كان هذا النشاط هو عبارة عن مجموع ما يمارسه الإنسان من فكر وذوق وسلوك فإن الإرادة هي ذلك التركيب العضوي من البواعث المتعددة التي على ضوئها يصاغ هذا النشاط الإنساني من الفكر والذوق والسلوك.

أما الأمر الثاني فهو أن غاية الثقافة هي النفس الإنسانية, ذلك الوعاء الذي تصب فيه قوى الإنسان الروحية والفكرية والعاطفية وبتأثير ما تحويه هذه النفس من قيم ومثل تتفاعل هذه القوى لتشكل ذلك الإنسان بكل ما يتبناه من رؤية واعتقاد وما يأخذ به من مواقف وسلوك، فليست الغاية من الثقافة هي صياغة عقل الإنسان بمعزل عن عالم الروح والعاطفة كما يذهب إليه العقلانيون, ولا الغاية منها أن نخاطب الروح والعاطفة ونعطل العقل فعندها يكون الإنسان فريسة لظلام الجهل والأوهام.

فوفقا لهذا الإطار العام الذي تتحدد معالمه بهذين الأمرين تكون الثقافة "هي عالم القيم والمثل التي يتأطر بها فكر الإنسان وذوقه وسلوكه", وبهذا المعنى يتضح لنا كيف أن الثقافة هي نقطة البداية في عملية البناء الحضاري, لأنها هي التي تشكل فعل الإنسان وهي التي تحدد حركته واتجاهه.

فالثقافة هي عالم مطلق تشكله نوعية القيم والمثل التي تتفاعل في داخل حجراته, وعلى هذا يكون تعدد المصادر والمنابع لهذه القيم هي المدخل لتعدد الثقافات، فعندما تكون القيم السائدة في زماننا والمعاصرة لنا هي الأساس في بناء المنظومة الثقافية تكون عندنا ثقافة حديثة وعصرية. وعلى هذا يكون استخدام كلمة حديثة أو عصرية هو من باب تحديد المصدر لهذه الثقافة ولا يعني بالضرورة علو أو دنو تلك الثقافة. وعندما تكون الأيديولوجية هي المصدر, تتعدد الثقافات بتعدد هذه الأيديولوجيات. فهناك الثقافة الاشتراكية والقومية والرأسمالية والشيوعية وغيرها.

أما الثقافة الدينية فإنها ثقافة تتجاوز دوائر الزمان والمكان والأيديولوجيات لأنها تستمد قيمها من السماء وتشكل عالمها الخاص على ضوء ما أنزلت به السماء من قيم ومبادئ "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم". ولا يعني هذا أنه ليست هناك قواسم مشتركة بين الثقافة الدينية وما تنتجه البشرية من ثقافات متعددة, فالثقافة الدينية هي علو قد يصل إليه الإنسان من خلال سعيه الدؤوب للتكامل مستعينا بما حباه الله من قدرات عقلية تنير له الطريق وما أودع فيه من فطرة تقوده إلى الخير "يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه".

وبقدر استيعابنا لهذا المفهوم يتفاوت إقبالنا وإدبارنا على الانفتاح والتفاعل مع الثقافات الأخرى، فالثقافة الإسلامية ومن خلال الدور المنوط بالمسلم كداعية إلى الله, هي في سعي متواصل للارتقاء بالبشرية إلى عالمها الخاص المتمثل بالقيم السماوية وهي بالقدر نفسه تبارك من يلتقي بها من خلال حركة الإنسان وتجربته في واقع الحياة. وعندما نسمع بعض فقهاء المسلمين بأن لا معاندة بين الشرع المنقول والحق المعقول, أو حيث يوجد العدل توجد شريعة الله أو أن الدين المعاملة. هذا الفهم والدعوة إليه ما هو إلا محاولة لدفع الفرد المسلم وحثه على التكامل من خلال الانفتاح على الآخر وفهمه ونبذ فكرة التقوقع داخل أسوار تبنى على قواعد من الرفض للفكر الآخر وتمجيد الذات وإلغاء الآخرين.

ليس بمقدور أحد أن ينكر أننا نعيش في أزمة ثقافية والدليل هو كثرة الدعوات التي تحاول معالجة هذه الأزمة من خلال ما تروج له من صيغ ثقافية متعددة، إن لم تكن في بعض الأحيان متناقضة، فهناك من يدعي أن سبب الأزمة هو التنكر لأسلافنا روحا وشكلا، والحل عندهم هو العودة إلى التراث والالتحام بالجذور حتى نحافظ على هويتنا. وصوت آخر يطالبنا بالقطيعة مع الماضي ونسيان التاريخ والالتحام بالحاضر بكل ما فيه من قيم ومعايير, لأن سبب الأزمة في مخيلتهم هي تلك القيود التي ورثناها والتي إليها يعود السبب في انعزالنا وقلة عطائنا. محاولات متعددة وإن كانت من نوع التعدد السلبي لأن معظمها إما متضاربة وإما غير شمولية وأغلبها يفترض أن الثقافة يمكن أن تستنسخ من خلال احتضان الماضي أو التماهي مع الآخرين.

ولم تعد الثقافة عندهم ذلك المجموع من القيم والمثل التي إليها يعود الفضل في انطلاقة التفاعل بين الإنسان ونفسه وبينه وبين بيئته. وعلى هذا يكون من الأنفع التركيز على تحديد مواطن الخلل في ثقافتنا، ثم المباشرة في إصلاحها من خلال بعث وإحياء القيم والمعايير التي بمقدورها أن تصل إلى جذور ما نعانيه من مشاكل وما نواجهه من أزمات، وعندها فقط نستطيع أن نؤسس لمعالجة جادة لواقعنا وما يختزن هذا الواقع من علل وأمراض وتخلف. وإذا سلمنا أن الثقافة هي بحاجة إلى إصلاح فإن المهمة الملقاة علينا هي تحديد الجوانب المختلة فيها التي من الضروري التوجه إليها والالتفات لها من إجل تحليلها ومعالجتها.
د. هاشم بن عبد الله الصالح

مخاوي بورصه قطر
27-01-2006, 09:13 PM
يعطيج الف عافيه اختي

Delete
27-01-2006, 09:19 PM
يعطيج الف عافيه اختي

شمعة الحب
27-01-2006, 09:23 PM
يعطيج الف عافيه اختي

يعافيك اخوي ابودانه,,, ويسلمووووووو ع المرور.

شمعة الحب
27-01-2006, 09:26 PM
يعطيج الف عافيه اختي


يعافيك اخوي وافي قطر ,,, ويسلموووووووو ع المرور.

بدور
27-01-2006, 09:56 PM
تسلمين حبوبه شمعة الحب

أختيار ونقل أكثر من روعه

فلك الشكر يا متميزه في الاختيار والنقل

relaax
27-01-2006, 11:39 PM
يعطيج العافيـــــــــــــــــه

شمعة الحب
27-01-2006, 11:41 PM
تسلمين حبوبه شمعة الحب

أختيار ونقل أكثر من روعه

فلك الشكر يا متميزه في الاختيار والنقل

العفو ,, اختي بدور ,, وشكرا ع مرورك المتميز .