المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تتخلى الكويت عن ربط الدينار بالدولار من أجل إنجاح العملة الخليجية الموحدة؟



مغروور قطر
28-08-2009, 11:33 AM
هل تتخلى الكويت عن ربط الدينار بالدولار من أجل إنجاح العملة الخليجية الموحدة؟
الوطن الكويتية 28/08/2009
قالت دراسة صادرة عن المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية انه من أهم شروط نجاح الاتحاد النقدي تحول الكويت لربط الدينار الكويتي بالدولار أو تحول الدول الأخرى لربط عملتها بسلة موزونة (سلة عملات) مثل الكويت. مشيرة إلى أنه من أهم المعايير الخاصة بالوحدة النقدية أن احتياطيات السلطة النقدية من النقد الأجنبي لكل دولة يجب أن تكفي لتغطية وارداتها السلعية في مدة لا تقل عن أربع أشهر، وألا تزيد نسبة العجز السنوي في المالية الحكومية إلى الناتج الإجمالي عن %3. ولكن مع انخفاض قيمة الدولار لأدنى مستوياته بشكل متكرر أمام العملات الرئيسية الأخرى في العالم، ارتفعت تكلفة الاستيراد في الخليج، وكان ذلك عاملاً رئيسيًا وراء تسجيل معدلات قياسية للتضخم في المنطقة. منوهة إلى أنه من أهم النقاط الخلافية معيار سعر الصرف وهذا على اعتبار أن كل دول الخليج ستربط عملاتها بالدولار، والكويت خارج هذا الإطار. ومع تقلب سعر صرف الدولار، فإنه من مصلحة هذه الدول أن يظل الدولار على الأقل مستقرًا وإن لم يكن ذو قيمة مرتفعة حتى تزداد تنافسية صادراتها. ونتيجة لهذا الارتباط ستكون السياسة النقدية في يد الولايات المتحدة وليس في يد مجلس التعاون الخليجي. كما ان هناك توجهاً آخر من البحرين إلى ربط العملة الخليجية الموحدة بالدولار والهدف من ذلك تعويم العملة حسب الناتج المحلي للمنطقة، مبينة أن الدولار لن يستعيد قوته في الأجل المتوسط وسيبقى ضعيفًا، ولكن لن يفقد دوره كعملة دولية بسهولة.

تباينا في الاراء حول هيمنة الدولار الأمريكي على النظام الاقتصادي العالمي خاصة في اعقاب الازمة المالية وتباين موقف الدول من بين مؤيد ومعارض، فالفريق المعارض يريد التحول من نظام نقدي متعدد تسيطر فيه عدد من العملات الرئيسية بجانب الدولار وعلى رأسها الصين، والاتحاد الأوروبي، والفريق المؤيد يريد الالتزام باتفاقية بريتون وودز، وعدم فك الارتباط بالدولار ومن بين هذه الدول دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء الكويت التي فكت بالفعل ارتباط عملتها الوطنية بالدولار، وذلك في شهر يوليو 2007.

وأوضحت الدراسة الخاصة بـ «الوطن» أن النظام النقدي الدولي بات أسيرًا لاتفاقية بريتون وودز بعد الحرب العالمية الثانية 1944، والتي وضعت الدولار في القلب من هذا النظام، حيث ضمنت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية للبنوك المركزية الأخرى إعادة بيع احتياطياتها من الدولار بثمن محدد مقابل الذهب في أي وقت، ونتيجة لهذا قامت العديد من الدول متعمدة مثل اليابان بتخفيض قيمة عملاتها مقابل الدولار لدعم الصادرات وتعزيز التنمية المحلية، واستمر الوضع هكذا حتى الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، حينما انهار هذا النظام، وانتفت قاعدة الذهب، وذلك بسبب ضغوط بعض الدول الكبرى بالإضافة لزيادة عجز الموازنة الأمريكية، الأمر الذي أدى إلى انهيار قاعدة الذهب والاعتماد على الدولار مكان الذهب، وحيث إن الدولار عملة أقوى دولة عسكريًا واقتصاديًا آنذاك، بالإضافة لعدم وجود عملة أخرى تنافسها، ترتب على ذلك قيام العديد من الدول وعلى رأسها الصين، بتكديس احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية خاصة الدولار، وقامت بتخفيض عملاتها من أجل زيادة قدرة الصادرات التنافسية، ولاحتواء تدفق العملات الأجنبية وتجنب الأزمات الاقتصادية كالأزمة المالية التي عصفت باقتصادات آسيا في التسعينيات من القرن العشرين.

وأرجعت الدراسة ثقة الدول في الدولار الأمريكي لأسباب تاريخية متعلقة بالقوة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية ولكن مع انطلاق الأزمة المالية العالمية وأزمة الرهن العقاري من الولايات المتحدة تزعزع موقف الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية في العالم (الإسترليني، اليورو، الين، اليوان)، ومع تذبذب قيمة الدولار بين الارتفاع والانخفاض تراجعت ثقة العالم فيه، وظهرت تيارات تنادي بضرورة التحول من نظام نقدي أحادي يهيمن عليه الدولار كعملة الاحتياطي الرئيسية في العالم، إلى نظام نقدي متعدد يعتمد على عملات أخرى بجانب الدولار وفيما يلي التفاصيل:

في البداية حددت الدراسة الأسباب الرئيسية لتراجع قيمة الدولار خلال الأزمة المالية العالمية في الآتي:

زيادة عجز الموازنة العامة الأمريكية، حيث انه من المتوقع أن ترتفع قيمة العجز في الموازنة من %5 من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في عام 2008 لتصل إلى %13 في عام 2009. وتحتاج الموازنة إلى عائدات مالية تغطي بها نفقات الإدارة الأمريكية المقدرة بـ 3250 ملياردولار. وقد قاربت قيمة العجز نحو تريليوني دولار في 2009. وقد عمق هذا العجز المبالغ الكبيرة التي تحملتها الولايات المتحدة فيما يعرف بحربها على الإرهاب، وكذلك المبالغ الكبيرة التي قامت بضخها إلى السوق الأمريكي، وذلك في محاولة للخروج من الأزمة المالية العالمية ومنع الاقتصاد من الدخول في مرحلة كساد اقتصادي.

ونظرًا لتجفيف العائدات الضريبية بموجب خطة إنعاش الاقتصاد، سوف تضطر الإدارة الأمريكية للجوء إلى موارد الدين العام (الذي بلغ في مجموعة سواءاً كان ديونًا حكومية داخلية أم خارجية حوالي 11 تريليون دولار في نهاية 2008)، ومن المتوقع أن يتفاقم بشكل كبير ليشكل عبئًا على الخزانة الأمريكية. ففي تسعينيات القرن العشرين لم يتجاوز هذا الدين %60ولكن من المتوقع أن يصل هذه السنة إلى %80 تمهيدًا لوصوله %100 أو ربما %114 عام 2014 بشرط انطلاق النمو في النشاط الاقتصادي في 2010. وتكمن خطورة تفاقم الدين العام في أنه مصحوب بعجز متزايد في ميزان المدفوعات، وهو ما يجعل البنوك المركزية في العالم تتردد في شراء أذونات الخزانة الأمريكية، وبالتالي انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الولايات المتحدة. ونظرًا لانخفاض العائد عليها وانخفاض سعر الفائدة على الدولار ليصل إلى صفر تقريبًا في نهاية 2008.

ويلزم لضبط موارد الدين العام مع الناتج المحلي الإجمالي تأمين شروط متلازمة أهمها تحصين مؤسسات المال والصناديق كلها، ويبقى سعر الفائدة وتثبيته على سندات الخزانة، حيث ان الجدوى من الدين تنعدم إذا تجاوز سعر الفائدة على السندات معدل النمو الاقتصادي. ومع قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشراء سندات خزانة بقيمة 300 ملياردولار في مارس 2009- بهدف خلق النقود وخلق السيولة- أدى ذلك إلى زيادة المعروض من الدولار مع بقاء المعروض من العملات الرئيسية كما هو مما أدى إلى انخفاض قيمة الدولار.

انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مع انخفاض استثمارات الدول المصدرة للنفط والصين واليابان والهند وروسيا جراء الأزمة المالية العالمية احتدمت المنافسة الدولية على استقطاب المدخرات الدولية، وتعد الولايات المتحدة أكبر منافس على هذه المدخرات، مما يؤدي إلى الضغط على أسعار الفائدة على السندات وارتفاعها مما قد يسبب انهيار سوق السندات وتهديد عملتها الوطنية، حيث إنها أصبحت تمتص أكبر من %75 من فائض المدخرات الدولية.

السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكية، فعندما حدث الكساد الكبير 1929، رأى الاقتصادي جون مينارد كينز أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو تغذية الطلب الفعّال، وأن يد الإنقاذ الوحيدة هي الحكومة، وأكد أن أي سياسة نقدية سواء إن كانت بتخفيض سعر الفائدة أو زيادة المعروض النقدي لن تؤدي إلى النتائج المرجوة. ولكن في الأزمة المالية العالمية في 2008، قامت العديد من الدول الصناعية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو، بتخفيض سعر الفائدة، فقد انتهجت الولايات المتحدة سياسة نقدية لتخفيض سعر الفائدة، وقد شهدت الولايات المتحدة تراجعًا في النشاط الاقتصادي بمعدل %6.1 مقارنة مع تراجع بلغ %6.3 في الربع الرابع من 2008.

وهذه المؤشرات إنما توضح أن الاقتصاد الأمريكي يمر بمرحلة كساد اقتصادي، حيث بلغ التضخم للخمس شهور الأولى من 2009 حوالي %0.12 مقارنة بمعدل التضخم الذي بلغ %0.31 خلال نفس الفترة من 2008. وكانت هذه المؤشرات نتيجة لسبب مهم وهو انتهاج البنك الفيدرالي سياسة نقدية تعتمد على التحكم في كمية النقود من خلال تخفيض سعر الفائدة، حيث وصل سعر الفائدة الاسمي في الخمسة شهور الأولى من 2009 إلى حوالي %0.18، وهو الأدنى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وإذا أخذنا في الاعتبار معدل التضخم في الخمسة أشهر الأولى ذاتها الذي بلغ %0.12 فيكون سعر الفائدة الحقيقي حوالي %0.06.

وهذا يدلنا على أن متوسط سعر الفائدة الحقيقي يترنح ليصل إلى الصفر أو سعر فائدة حقيقي سالب وهذا يترتب عليه انخفاض في القيمة الحقيقة للدولار مع زيادة عرض الدولار مما يدفع المدخرين بالدولار سواء أكانوا داخل أمريكا أم خارجها إلى التحول عن الدولار وأن تستبدل به عملات أخرى ذات سعر فائدة أسمى موجب، أو شراء أصول أكثر أمانًا مثل الذهب والمعادن النفيسة، وعند حدوث ذلك سيكون له أثر كبير على انخفاض سعر الصرف للدولار بصورة كبيرة مما يهدد بقاءه كعملة احتياط دولية، الأمر الذي سيدفع الدول التي ربطت عملاتها بالدولار إلى تغيير سياستها النقدية، وذلك بسبب التفاوت في معدل التضخم، فمثلاً في الشرق الأوسط، فإن معدل التضخم في الخمسة أشهر الأولى وصل حوالي %5 مقارنة بـ %0.12 في الولايات المتحدة.


.

مغروور قطر
28-08-2009, 11:34 AM
اليورو بدلا من الدولار

وأضافت الدراسة انه من الأسباب الأخرى التي أدت إلى الضغط على قيمة الدولار لجوء العديد من دول العالم إلى استخدام اليورو محل الدولار بنسب أكبر في مدفوعاتها وتجارتها الدولية، وفي تنويع سلة احتياطياتها من النقد الأجنبي، وذلك من أجل حماية حصيلتها من الصادرات، وحماية قيمة احتياطياتها من التدهور، وتجنب التضخم المستورد بسبب تواصل ضعف الدولار. وقد حاولت الولايات المتحدة مواجهة الأمر بكافة الطرق، وخاصة عندما طلبت بعض الدول النفطية تسديد فاتورة النفط باليورو بدلاً من الدولار، وعلى رأس هذه الدول فنزويلا وإيران.

ويشير تتبع قيمة الدولار خلال السنوات الأخيرة إلى أن التراجع في قيمته قد بدأ منذ عام 2001، واستمر هذا التراجع بشكل كبير عامي 2007 و2008 أمام جميع العملات الرئيسية في العالم، حيث فقد الدولار نحو %30 من قيمته أمام العملات الرئيسية، وكان تراجعه أمام اليورو والإسترليني غير مسبوق. فقد تراجع منذ مارس وحتى نهاية مايو 2009 بنحو %10 أمام اليورو و%8.8 أمام الجنيه الإسترليني، وبنحو %3 أمام الين الياباني.

وذكرت الدراسة انه في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الراهنة، وتذبذب قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية وُجد فريقان من الدول. الفريق الأول: وهو الفريق المعارض لهيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، ولكونه عمله الاحتياطي الأولى في العالم، وهذا الفريق يهدف إلى أن يحل محل الدولار الأمريكي كعملة احتياط دولية نظام نقدي جديد يكون تحت سيطرة صندوق النقد الدولي، وذلك بهدف خلق عملة احتياط جديدة غير مرتبطة بدولة معينة وقادرة على الحفاظ على استقرارها على المدى الطويل. وعلى رأس هذا الفريق الصين (القوى الصاعدة)، ومنطقة اليورو (الاتحاد الأوروبي). الفريق الثاني: الفريق المؤيد، والذي يرى أن الدولار عملة الاحتياطي الرئيسية في العالم، وسيظل هكذا ولن يتغير، حيث إن عملات هذه الدول مرتبطة بالدولار، وأي تراجع في قيمة الدولار تؤثر في عملاتها وبالتالي على اقتصاداتها.

وقالت الدراسة ان الفريق الأول (الفريق المعارض) يرى أن التحول عن استخدام الدولار كعملة للاحتياطي الأجنبي إنما هو نتيجة حتمية سواء في الأجلين المتوسط والطويل، ولكن في الأجل القصير ليس بالإمكان تغيير هذه العملة. فقد أوضح وزير المالية الياباني أن الدولار سيظل العملة الرئيسية في العالم، وأحد الأصول الأساسية في احتياطات اليابان بالعملات الأجنبية، والذي يقدر بحوالي تريليون دولار وأنه في الأجل القصير لا يوجد بديل له ولكن في الأجلين المتوسط والطويل يجب البحث عن عمله أخرى. وتعد اليابان صاحبة ثاني أكبر احتياطيات في العالم بالدولار الأمريكي بعد الصين.


موقف الصين

وتابعت الدراسة: أعربت الصين لزعماء العالم عن رغبتها في إنشاء نظام احتياطي عالمي أفضل وأكثر استقرارًا، ولكنها ليست في عجالة من أمرها لأنها تمتلك احتياطياً من النقد الأجنبي يقدر بحوالي 2.13 تريليون دولار حتى نهاية يونيو الماضي في عام 2009 بزيادة قدرها %17.84 على أساس سنوي بلغ 185.6 ملياردولار في النصف الأول من 2009 مقابل 95 مليارفي الوقت ذاته في 2008. وتعد الصين صاحبة أكبر احتياطي من النقد الأجنبي بالدولار في العالم، ولذلك فإن تراجع قيمة الدولار سيضر بها كثيرًا، كما أنه سيؤثر في قدرتها التصديرية إلى الولايات المتحدة، وانخفاض العوائد على احتياطاتها بالدولار، مقارنة بعوائد الاحتياطاتها من العملات الأخرى. وهذا لسبب انخفاض الفائدة على الدولار وانخفاض القوة الشرائية لاحتياطاتها، كما أن امتلاكها لأكبر احتياطي نقد أجنبي بالدولار يعرضها لضغوط ومخاطر سياسية لتعديل سياستها الاقتصادية والتجارية بسبب الدور المحوري لها في الاختلالات التجارية العالمية، وخاصة الاختلالات في الميزان التجاري للولايات المتحدة، حيث إن الخفض المبالغ فيه لليوان الصيني يعتبر أحد مسببات الاختلالات التجارية على المستوى العالمي. بالإضافة إلى أن عملة الصين غير قابلة للتحويل بحرية، كما أن الصين تعمل ببطء للتوصل إلى اتفاقيات من أجل تسهيل استخدام اليوان في التسويات التجارية.

وفي سبيل مطالبة الصين بعدم هيمنة الدولار، قام البنك الصيني بأول صفقة تسوية تجارية عبر الحدود باليوان، وقام بها الفرع في شنغهاي، وهي تعد أول تسوية تجارية عبر الحدود باليوان من بنك الصين (هونج كونج). وتعد أول خطوة على طريق من جانب الصين لطرح اليوان كعملة دولية شأنها شأن باقي العملات الرئيسية المستخدمة في العمليات التجارية عالميًا كما أشار محافظ البنك المركزي الصيني إلى أن وجود عملة احتياطية قوية يمكن أن يتم من خلال إصدار المزيد من حقوق السحب الخاص في صندوق النقد الدولي، ولتمكين البلدان من السحب وتشجيعها على ذلك اقترح استخدام حقوق السحب الخاص على نطاق أوسع من ذي قبل، وقيام البلدان ذات الفائض بإعطاء بعض احتياطاتها إلى الصندوق ليقوم بإداراتها. كما قامت الصين بوضع سلسلة من ترتيبات المقايضة مع بنوك مركزية أخرى تشمل الأرجنتين، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا بحيث تستطيع من خلالها جعل عملتها متاحة لجميع الدول الأخرى.

ولكن على جانب آخر، فإن الصين على المدى الطويل ستستفيد من ضعف الدولار الذي أدى إلى تحسن المركز الاقتصادي والدور الصيني في الاقتصاد العالمي والنظام التجاري الدولي، وكذلك كسب الصين والأوروبيين لأن السياسة النقدية الصينية مكنت الأوروبيين من تحمل تكلفة فاتورة النفط المرتفعة خلال 2007 و2008، ومن زيادة استثماراتهم وإنتاجهم في ظل قوة اليورو وضعف الدولار، وكذلك ظهور الصين كحليف قوي للاتحاد الأوروبي في حالة حدوث حرب تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إذا أقدم الاتحاد الأوروبي على تخفيض اليورو لدعم تنافسيه منتجاته في مواجهة الواردات الأمريكية.


الاتحاد الاوروبي

واعتبرت الدراسة اليورو ثاني أكبر عملة احتياطي في العالم بعد الدولار. ففي العقد الأخير مثّل الدولار ثلثي احتياطيات العالم بينما مثل اليورو الربع. وقد تنبأ رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي في الولايات المتحدة في 2007 بأن اليورو يحل محل الدولار في المستقبل كأول عملة احتياطي في العالم، أو على الأقل أن يتم التعامل معه كعملة احتياطي أولى مثل الدولار. ويؤكد اقتصاديون هذا الاتجاه في حالة انضمام بريطانيا إلى المنطقة، وإذا ما استمر الدولار في الانخفاض.

وفي سبيل التخلص من هيمنة الدولار، دعا الاتحاد الأوروبي إلى إنشاء مؤسسات مقاصة خاصة تجري فيها تسوية العمليات الخاصة بعقود المشتقات المالية القابلة للتداول والعقود للخيارات الحالية - على سبيل المثال لا الحصر- التي يجري تداولها خارج البورصات الرسمية حتى لا يكون لها أثر سلبي في الاستقرار المالي. ولكن يجب الأخذ في الاعتبار بأن الدولار الضعيف واليورو القوي ليس في مصلحة دول الاتحاد الأوروبي جميعها، والتي بدأت تزداد مخاوفها من ضعف الدولار وزيادة قوة اليورو، وفي مقدمة هذه الدول فرنسا التي صرحت في سبتمبر 2008 عن ترحيبها بخفض اليورو، كما بدا واضحا عدم ترحيب الشركات الأوروبية الرئيسية بقوة اليورو وضعف الدولار مثل شركة إيرباص الأوروبية.

ومن المصاعب التي تواجه عملية التحول نحو اليورو من الناحية الفعلية أن الدول التي اشترت اليورو بنحو 86 سنتا في عام 2000 ستجد أنه من غير الأنسب شرائه بنحو 1.5 دولار، لأن هذا يعني خسارة كبيرة للدول التي لديها احتياطيات دولارية. هذا بجانب استبعاد تحول دول الأوبك لتسعير نفطها باليورو في الأجل المنظور رغم الضغوط التي تمارسها بعض دول المنطقة في هذا المجال.


نعم لهيمنة الدولار

ورصدت الدراسة توجهات الفريق المؤيد لهيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي فعلى رأس هذا الفريق دول مجلس التعاون الخليجي فيما عدا الكويت (الإمارات، والسعودية، والبحرين، وعُمان، وقطر). وقد حصل وزير الخزانة الأمريكي على تطمينات من جانب هذه الدول الخمس، والسبب الرئيسي في تمسك هذه الدول بالدولار كعملة احتياطي يرجع إلى رغبتها في إقامة اتحاد نقدي خليجي، ومن الشروط الأساسية للاتحاد النقدي وجود عملة موحدة تربط عملاتها، وبالفعل قامت الدول الخمس (الإمارات، البحرين، السعودية، قطر، عُمان) بربط عملاتها المختلفة بالدولار الأمريكي. ولكن مع تذبذب قيمة الدولار وتراجعه قامت الكويت بربط الدينار الكويتي بسلة موزونة من العملات وعلى رأسها الدولار، كما قامت سلطنة عُمان بشراء كميات محدودة من الجنيه الإسترليني واليورو لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار، ولكن مازال الدولار عملة الاحتياطي الرئيسية لديها.

ومن أهم شروط نجاح الاتحاد النقدي تحول الكويت لربط الدينار الكويتي بالدولار أو تحول الدول الأخرى لربط عملتها بسلة موزونة (سلة عملات) مثل الكويت. ومن أهم المعايير الخاصة بالوحدة النقدية أن احتياطيات السلطة النقدية من النقد الأجنبي لكل دولة يجب أن تكفي لتغطية وارداتها السلعية في مدة لا تقل عن أربعة أشهر، وألا تزيد نسبة العجز السنوي في المالية الحكومية إلى الناتج الإجمالي عن %3. ولكن مع انخفاض قيمة الدولار لأدنى مستوياته بشكل متكرر أمام العملات الرئيسية الأخرى في العالم، ارتفعت تكلفة الاستيراد في الخليج، وكان ذلك عاملاً رئيسيًا وراء تسجيل معدلات قياسية للتضخم في المنطقة. فمثلاً تأتي أغلب واردات عمان من الإمارات وأوروبا واليابان، ولكن %80 من إيرادات الدولة عام 2008 أتت من صادرات النفط المقومة بالدولار. وبالنسبة لشروط الاتحاد النقدي الخاصة بالدين العام ألا يتجاوز حجم هذا الدين %60 من الناتج المحلي الإجمالي، وأن تحافظ عملات دول الخليج على سعر صرف ثابت مقابل الدولار، وكان من أهم النقاط الخلافية معيار سعر الصرف وهذا على اعتبار أن كل دول الخليج ستربط عملاتها بالدولار، والكويت خارج هذا الإطار. ومع تقلب سعر صرف الدولار، فإنه من مصلحة هذه الدول أن يظل الدولار على الأقل مستقرًا وإن لم يكن ذا قيمة مرتفعة حتى تزداد تنافسية صادراتها. ونتيجة لهذا الارتباط ستكون السياسة النقدية في يد الولايات المتحدة وليس في يد مجلس التعاون الخليجي. وهناك توجه آخر من البحرين إلى ربط العملة الخليجية الموحدة بالدولار والهدف من ذلك تعويم العملة حسب الناتج المحلي للمنطقة.

واضافت الدراسة أن الأمر المؤكد أن الدولار لن يستعيد قوته في الأجل المتوسط وسيبقى ضعيفا، ولكن لن يفقد دوره كعملة دولية بسهولة، ولكن من المرجح أن يتراجع دور الدولار في تسوية المدفوعات وفي الاحتياطيات في الأجل الطويل. لتصبح هناك أكثر من عملة دولية تستخدم بجانب الدولار، وبالتالي سيكون لدينا نظام اقتصادي به العديد من العملات الرئيسية في العالم بجانب الدولار وسيكون ذلك على حساب تراجع الوزن النسبي للدولار