QATAR 11
12-09-2009, 05:16 AM
منتقداً محاربة المسلسلات التلفزيونية لتعدد الزوجات
http://www.ashefaa.com/a3lam/shekh/al3arifi-3.jpg
انتقد الشيخ محمد العريفي بشدة ما تروجه بعض المسلسلات العربية والمدبجلة من سيناريوهات «مثالية لا تتحقق إلا في المدينة الفاضلة»، قائلا إنها تحارب تعدد الزوجات، وخدمة الزوجة لزوجها، وتروج لحياة زوجية بلا مشاكل، وهو أمر لا يمكنه الحدوث، داعياً إلى الاقتداء بالرسول عليه السلام في تعامله مع زوجاته، حيث كان يمتلك «رصيداً عاطفياً» مع زوجاته لحل المشاكل التي تقع بينهما.
وفي قاعة مكتظة عن آخرها بفندق الميلينيوم، حاضر أمس الأول الشيخ محمد العريفي أمام ما يفوق مائة رجل وامرأة جاءوا لتعلم كيفية «إدارة الأزمات العائلية»، بدعوة من مركز الاستشارات العائلية.
وبأسلوبه السلس الممتع، الذي كسب به إنصات الحضور وتفاعلهم، مازجاً بين روح الدعابة والجدية، تحدث الشيخ العريفي بصراحة عن كثير من المشاكل التي تعترض أزواج اليوم، مشيراً إلى أن الكثيرين من المقبلين على الزواج يعتقدون أن الزواج هو مجرد أمور الفراش والحب، ويتجاهلون المشاكل والخلافات التي لا مناص منها، فيتيهون في التعامل معها.
مودة ورحمة
واستعان الشيخ بمقتطفات من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع زوجاته، مؤكداً أنَّ السيرة النبوية تكشف عن أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان لديه رصيد عاطفي لحل أية مشكلة قد تقع بينه وبين زوجاته رضي الله عليهن، مشددا على ضرورة أن يخلق كلا الزوجين توازناً في علاقتهما الزوجية، ومستشهدا بأن الرسول خير الأنام، لا يهرب من المشكلة، بل كان يحرص رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- على أن يحل المشكلة مهما عظمت.
وقال الدكتور العريفي إنَّ ما قد يضاعف حجم الخلافات الزوجية هو عدم تنازل أحد الطرفين وبقاء كليهما عند موقفه، مستشهداً بقول الإمام أحمد لما ماتت زوجته وكان يدعو لها كثيراً، فقالوا له: نسمعك تدعو لأم عبد الله كثيراً. فقال: رحم الله أم عبد الله، والله إنا لبثنا عشرين سنة ما اختلفنا، كنت إذا غَضِبتُ راضتني، وإذا غَضِبَت راضيتها».
وأضاف قائلاً: «حتى إذا وقعت الخلافات لا بد لكلا الزوجين أن يتذكرا محاسن بعضهما البعض، وهذا ما أمرنا به الرسول الكريم قال عليه الصلاة والسلام «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر»، محذراً مما قد يقع به البعض والالتفات إلى وساوس الشيطان الذي يسعى دوماً إلى تعظيم الجانب السلبي عند الرجل لدى المرأة وبالعكس، لذا لا بد من الاقتداء بالرسول الكريم، وكيف كان يتعامل مع زوجاته.
ومثلما ألقى بالمسؤولية تارة على «كيد النساء»، فإن الشيخ العريفي أوصى بأن يلاطف الزوج زوجته، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل، فكان يلعب ويلهو مع عائشة -رضي الله عنها- عن عائشة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لي «تعالي أسابقك، فسابقته، فسبقته على رجلي. وسابقني بعد أن حملت اللحم وبدنت فسبقني، وجعل يضحك وقال هذه بتلك!»، فهذه دلالة على أنَّ ملاطفة الزوج لزوجته من أهم ركائز استمرار الحياة الزوجية، مشيراً في هذا الصدد إلى أنَّ بعض الزوجات قد لا تتجاوب مع زوجها ومزاحه، مما يجعل الزوج يحجب عن مزاحها وملاطفتها، لذا لا بد من الزوجة أن تتجاوب مع زوجها حتى تستمر الحياة الزوجية قوية متينة.
لقاء مع الصحافة
وعلى هامش المحاضرة، تحدث الشيخ العريفي بإسهاب مع الإعلاميين حول مشاكل الحياة الزوجية التي تكاثرت في المجتمعات الإسلامية، مقابل إقبال متزايد على اعتناق الإسلام في الدول الغربية، ليؤكد أنه متفائل بشكل منقطع النظير بحال الشباب المسلم رغم كل ما يقال عنه.
وألقى العريفي باللائمة على اتساع رقعة الاتصالات التي سهلت على الرجل المتزوج التواصل مع أخريات، وفي بعض الأحيان المرأة المتزوجة التواصل مع آخرين، مما جعل كلا من الزوج والزوجة غير مرض للطرف الآخر، إلى جانب الجهل بالحياة الزوجية، واقتصارها على المتعة بكافة أنواعها، دون الالتفات إلى أنَّ قرار الزواج قرار لا بد أن يتحمل تبعاته الطرفان، وفيما يلي نص الحوار:
* ما الذي يفسر كثرة الخلافات والشكاوى بين الأزواج في المجتمعات الإسلامية، بحيث يشكو الأزواج من عدم الوفاء لبعضهم لبعض واستيفاء واجباتهم وحقوقهم؟
** . بلا شك أنه في زمننا هذا مع اتساع رقعة الاتصال بين الناس وسهولتها، وسهولة أن يكون الرجل مع من شاء من النساء أحيانا، والمرأة ربما كانت مثل ذلك، أدت بالرجل إلى الشعور بعدم الاضطرار بأن يعود مرضيا لزوجته دائما، وهي أيضا، لوجود البديل الآخر، فاليوم للأسف مع التوسع الحاصل في الإعلام، والانفتاح الشديد، سواء في الإعلام المرئي أو من خلال الإنترنت وغيره، جعل عدد منهم يكون علاقات متنوعة مع النساء، وكذلك الأمر مع بعض الفتيات، فأصبحت المشاكل تكثر من هذه الجهة، لأن الرجل لا يريد أن يشاركه أحد في زوجته، والمرأة لا تريد أن يشاركها أحد في زوجها، وبالتالي زادت المشاكل من هذه الجهة.
* هل ترى أن كثرة الخلافات والأزمات في المجتمعات الإسلامية مردها لنقص الوازع الديني والابتعاد عن تعاليم الإسلام، أم بفعل الضغوطات الاقتصادية وإكراهات الحياة الكثيرة؟
** يبدو لي أن دخول طبائع أخرى أحيانا على الناس من خلال بعض أنواع المسلسلات التي يراها الناس وأدخلت عدة مفاهيم قد لا تكون موجودة عندنا، وأحيانا يكون الكاتب لهذه القصة رجل ليست لديه أية معلومات شرعية، وبالتالي فهو يفترض حلولا. أعطيك مثالا عما يحدث في عالم اليوم: فأنا أحدث عن بعض المسلسلات الآن أنها تحارب -إن صح التعبير- ما يتعلق مثلا بتعدد الزوجات، وخدمة الزوج المتناهية والإكرام التام له، بحجة أن الرجل خائن، فأنت تتعبين عليه اليوم، وغدا يتزوج عليك ويتركك، كما هو موجود في بعض المسلسلات ولا أريد أن أسميها. فكانت لدى بعض الناس مفاهيم حلوة حول التعاون بين الزوجين، فجاءت هذه المسلسلات لتفسد هذه التعاملات بين الزوجين.
كما أن هناك عامل الجهل بالحياة الزوجية، فبعضهم يتزوج وهو جاهل، ويعتقد أن الحياة الزوجية هي سعة الصدر وأمور الفراش، وضحك مع زوجته، ولا يدري أن الحياة الزوجية يوم لك ويوم عليك، ويوم تسر ويوم تساغ، وأنه لا بد أن يتحمل تبعات معينة، وأنه لا بد أن تشعر المرأة برجولة زوجها وما شابه ذلك.
أيضا أمر ثالث: فسيدنا إبراهيم عليه السلام كان يقول: «رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ..»، كما هو في آخر سورة إبراهيم. فهو كان حريصا على أن تكون هناك إقامة للصلاة في دار أهله، وقال سبحانه وتعالى: «رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي». وقال سبحانه وتعالى عن إسماعيل: «وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً» فالمقصود أن نقص الوازع الديني ربما أحدث بعض المشكلات.
* ما دمتم تطرقتم للمسلسلات، برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة الإقبال اللافت في المجتمعات الإسلامية على المسلسلات التركية، الأمر الذي فسره البعض بأن الأزواج في الأسر الإسلامية يشكون من سوء المعاملة، وأن تلك المسلسلات تقدم لهم دروسا في فن المعاملة الزوجية، ما يبرر الإقبال عليها، بينما يراها البعض سببا لهدم البيوت، فما رأيكم؟
** المشكلة في هذه المسلسلات أنها تفترض شيئا نموذجيا، بمعنى أنها تفترض أن الرجل يعيش مع المرأة في مدة 150 حلقة، لمدة أكثر من 150 ساعة، كلها حب ورومانسية وإحساس وحنان وعاطفة وشفقة، ولا يزعل أبدا، ولا يغضب، ولا يفقد أعصابه، ولا يختلفان في وجهة النظر! فهذا الأمر لا يمكن أن يقع بين شخصين! كما أن الرومانسية يعيشها أصلا مع امرأة ليست زوجته، كما أن المسألة كلها تمثيل، هو أنه لما يمسح على شعرها أو بأسلوب لا يعجب المخرج، فهو يوقف المشهد ويعيده مرة ثانية، فلما تأتي المرأة وتطالب زوجها الذي هو بجبنها 24 ساعة، ويعيش معها في الحلوة والمرة، وتقول له أريدك أن تمسح على شعري وعلى دموعي، وتقبلني وأنت داخل، وتقبلني وأنت خارج، وتفعل كذا وكذا، فهذا تكليف ما لا يطاق، لأن الزوج عليه ضغوطات في الحياة، مختلفة عن الرجل الذي يمثل في مسلسل. كما أن نسائي لما أغاضبها مثلا، تقول لي يا ليت الذين يرونك في التلفزيون تضحك يرونك على حقيقتك، فأقول: لا، أنا حقيقتي ليست كذلك، وإنه من الطبيعي في حياتي أن أغضب يوما، وأسر يوما، وغير ذلك. فالمشكلة مع تلك المسلسلات أن بعض البنات لما ترى تلك الأشكال فتقول أنظر كيف يعيشون! لكن هذه ليست عيشتهم، بل هذه عيشة نموذجية، هم يخرجونها للناس ويفترضون وقوعها، وهي مماثلة لمدينة أفلاطون الفاضلة التي لا تقع إلا في الأذهان.
http://www.ashefaa.com/a3lam/shekh/al3arifi-3.jpg
انتقد الشيخ محمد العريفي بشدة ما تروجه بعض المسلسلات العربية والمدبجلة من سيناريوهات «مثالية لا تتحقق إلا في المدينة الفاضلة»، قائلا إنها تحارب تعدد الزوجات، وخدمة الزوجة لزوجها، وتروج لحياة زوجية بلا مشاكل، وهو أمر لا يمكنه الحدوث، داعياً إلى الاقتداء بالرسول عليه السلام في تعامله مع زوجاته، حيث كان يمتلك «رصيداً عاطفياً» مع زوجاته لحل المشاكل التي تقع بينهما.
وفي قاعة مكتظة عن آخرها بفندق الميلينيوم، حاضر أمس الأول الشيخ محمد العريفي أمام ما يفوق مائة رجل وامرأة جاءوا لتعلم كيفية «إدارة الأزمات العائلية»، بدعوة من مركز الاستشارات العائلية.
وبأسلوبه السلس الممتع، الذي كسب به إنصات الحضور وتفاعلهم، مازجاً بين روح الدعابة والجدية، تحدث الشيخ العريفي بصراحة عن كثير من المشاكل التي تعترض أزواج اليوم، مشيراً إلى أن الكثيرين من المقبلين على الزواج يعتقدون أن الزواج هو مجرد أمور الفراش والحب، ويتجاهلون المشاكل والخلافات التي لا مناص منها، فيتيهون في التعامل معها.
مودة ورحمة
واستعان الشيخ بمقتطفات من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع زوجاته، مؤكداً أنَّ السيرة النبوية تكشف عن أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان لديه رصيد عاطفي لحل أية مشكلة قد تقع بينه وبين زوجاته رضي الله عليهن، مشددا على ضرورة أن يخلق كلا الزوجين توازناً في علاقتهما الزوجية، ومستشهدا بأن الرسول خير الأنام، لا يهرب من المشكلة، بل كان يحرص رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- على أن يحل المشكلة مهما عظمت.
وقال الدكتور العريفي إنَّ ما قد يضاعف حجم الخلافات الزوجية هو عدم تنازل أحد الطرفين وبقاء كليهما عند موقفه، مستشهداً بقول الإمام أحمد لما ماتت زوجته وكان يدعو لها كثيراً، فقالوا له: نسمعك تدعو لأم عبد الله كثيراً. فقال: رحم الله أم عبد الله، والله إنا لبثنا عشرين سنة ما اختلفنا، كنت إذا غَضِبتُ راضتني، وإذا غَضِبَت راضيتها».
وأضاف قائلاً: «حتى إذا وقعت الخلافات لا بد لكلا الزوجين أن يتذكرا محاسن بعضهما البعض، وهذا ما أمرنا به الرسول الكريم قال عليه الصلاة والسلام «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر»، محذراً مما قد يقع به البعض والالتفات إلى وساوس الشيطان الذي يسعى دوماً إلى تعظيم الجانب السلبي عند الرجل لدى المرأة وبالعكس، لذا لا بد من الاقتداء بالرسول الكريم، وكيف كان يتعامل مع زوجاته.
ومثلما ألقى بالمسؤولية تارة على «كيد النساء»، فإن الشيخ العريفي أوصى بأن يلاطف الزوج زوجته، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل، فكان يلعب ويلهو مع عائشة -رضي الله عنها- عن عائشة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لي «تعالي أسابقك، فسابقته، فسبقته على رجلي. وسابقني بعد أن حملت اللحم وبدنت فسبقني، وجعل يضحك وقال هذه بتلك!»، فهذه دلالة على أنَّ ملاطفة الزوج لزوجته من أهم ركائز استمرار الحياة الزوجية، مشيراً في هذا الصدد إلى أنَّ بعض الزوجات قد لا تتجاوب مع زوجها ومزاحه، مما يجعل الزوج يحجب عن مزاحها وملاطفتها، لذا لا بد من الزوجة أن تتجاوب مع زوجها حتى تستمر الحياة الزوجية قوية متينة.
لقاء مع الصحافة
وعلى هامش المحاضرة، تحدث الشيخ العريفي بإسهاب مع الإعلاميين حول مشاكل الحياة الزوجية التي تكاثرت في المجتمعات الإسلامية، مقابل إقبال متزايد على اعتناق الإسلام في الدول الغربية، ليؤكد أنه متفائل بشكل منقطع النظير بحال الشباب المسلم رغم كل ما يقال عنه.
وألقى العريفي باللائمة على اتساع رقعة الاتصالات التي سهلت على الرجل المتزوج التواصل مع أخريات، وفي بعض الأحيان المرأة المتزوجة التواصل مع آخرين، مما جعل كلا من الزوج والزوجة غير مرض للطرف الآخر، إلى جانب الجهل بالحياة الزوجية، واقتصارها على المتعة بكافة أنواعها، دون الالتفات إلى أنَّ قرار الزواج قرار لا بد أن يتحمل تبعاته الطرفان، وفيما يلي نص الحوار:
* ما الذي يفسر كثرة الخلافات والشكاوى بين الأزواج في المجتمعات الإسلامية، بحيث يشكو الأزواج من عدم الوفاء لبعضهم لبعض واستيفاء واجباتهم وحقوقهم؟
** . بلا شك أنه في زمننا هذا مع اتساع رقعة الاتصال بين الناس وسهولتها، وسهولة أن يكون الرجل مع من شاء من النساء أحيانا، والمرأة ربما كانت مثل ذلك، أدت بالرجل إلى الشعور بعدم الاضطرار بأن يعود مرضيا لزوجته دائما، وهي أيضا، لوجود البديل الآخر، فاليوم للأسف مع التوسع الحاصل في الإعلام، والانفتاح الشديد، سواء في الإعلام المرئي أو من خلال الإنترنت وغيره، جعل عدد منهم يكون علاقات متنوعة مع النساء، وكذلك الأمر مع بعض الفتيات، فأصبحت المشاكل تكثر من هذه الجهة، لأن الرجل لا يريد أن يشاركه أحد في زوجته، والمرأة لا تريد أن يشاركها أحد في زوجها، وبالتالي زادت المشاكل من هذه الجهة.
* هل ترى أن كثرة الخلافات والأزمات في المجتمعات الإسلامية مردها لنقص الوازع الديني والابتعاد عن تعاليم الإسلام، أم بفعل الضغوطات الاقتصادية وإكراهات الحياة الكثيرة؟
** يبدو لي أن دخول طبائع أخرى أحيانا على الناس من خلال بعض أنواع المسلسلات التي يراها الناس وأدخلت عدة مفاهيم قد لا تكون موجودة عندنا، وأحيانا يكون الكاتب لهذه القصة رجل ليست لديه أية معلومات شرعية، وبالتالي فهو يفترض حلولا. أعطيك مثالا عما يحدث في عالم اليوم: فأنا أحدث عن بعض المسلسلات الآن أنها تحارب -إن صح التعبير- ما يتعلق مثلا بتعدد الزوجات، وخدمة الزوج المتناهية والإكرام التام له، بحجة أن الرجل خائن، فأنت تتعبين عليه اليوم، وغدا يتزوج عليك ويتركك، كما هو موجود في بعض المسلسلات ولا أريد أن أسميها. فكانت لدى بعض الناس مفاهيم حلوة حول التعاون بين الزوجين، فجاءت هذه المسلسلات لتفسد هذه التعاملات بين الزوجين.
كما أن هناك عامل الجهل بالحياة الزوجية، فبعضهم يتزوج وهو جاهل، ويعتقد أن الحياة الزوجية هي سعة الصدر وأمور الفراش، وضحك مع زوجته، ولا يدري أن الحياة الزوجية يوم لك ويوم عليك، ويوم تسر ويوم تساغ، وأنه لا بد أن يتحمل تبعات معينة، وأنه لا بد أن تشعر المرأة برجولة زوجها وما شابه ذلك.
أيضا أمر ثالث: فسيدنا إبراهيم عليه السلام كان يقول: «رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ..»، كما هو في آخر سورة إبراهيم. فهو كان حريصا على أن تكون هناك إقامة للصلاة في دار أهله، وقال سبحانه وتعالى: «رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي». وقال سبحانه وتعالى عن إسماعيل: «وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً» فالمقصود أن نقص الوازع الديني ربما أحدث بعض المشكلات.
* ما دمتم تطرقتم للمسلسلات، برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة الإقبال اللافت في المجتمعات الإسلامية على المسلسلات التركية، الأمر الذي فسره البعض بأن الأزواج في الأسر الإسلامية يشكون من سوء المعاملة، وأن تلك المسلسلات تقدم لهم دروسا في فن المعاملة الزوجية، ما يبرر الإقبال عليها، بينما يراها البعض سببا لهدم البيوت، فما رأيكم؟
** المشكلة في هذه المسلسلات أنها تفترض شيئا نموذجيا، بمعنى أنها تفترض أن الرجل يعيش مع المرأة في مدة 150 حلقة، لمدة أكثر من 150 ساعة، كلها حب ورومانسية وإحساس وحنان وعاطفة وشفقة، ولا يزعل أبدا، ولا يغضب، ولا يفقد أعصابه، ولا يختلفان في وجهة النظر! فهذا الأمر لا يمكن أن يقع بين شخصين! كما أن الرومانسية يعيشها أصلا مع امرأة ليست زوجته، كما أن المسألة كلها تمثيل، هو أنه لما يمسح على شعرها أو بأسلوب لا يعجب المخرج، فهو يوقف المشهد ويعيده مرة ثانية، فلما تأتي المرأة وتطالب زوجها الذي هو بجبنها 24 ساعة، ويعيش معها في الحلوة والمرة، وتقول له أريدك أن تمسح على شعري وعلى دموعي، وتقبلني وأنت داخل، وتقبلني وأنت خارج، وتفعل كذا وكذا، فهذا تكليف ما لا يطاق، لأن الزوج عليه ضغوطات في الحياة، مختلفة عن الرجل الذي يمثل في مسلسل. كما أن نسائي لما أغاضبها مثلا، تقول لي يا ليت الذين يرونك في التلفزيون تضحك يرونك على حقيقتك، فأقول: لا، أنا حقيقتي ليست كذلك، وإنه من الطبيعي في حياتي أن أغضب يوما، وأسر يوما، وغير ذلك. فالمشكلة مع تلك المسلسلات أن بعض البنات لما ترى تلك الأشكال فتقول أنظر كيف يعيشون! لكن هذه ليست عيشتهم، بل هذه عيشة نموذجية، هم يخرجونها للناس ويفترضون وقوعها، وهي مماثلة لمدينة أفلاطون الفاضلة التي لا تقع إلا في الأذهان.