السهم الملتهب
15-09-2009, 05:07 AM
الرجال أربعة أضعاف عدد النساء.. مسئولون وخبراء يؤكدون: خلل التركيبة السكانية.. مشكلة تبحث عن حل!! 2009-09-15 :eek5:
أرقام خطيرة: معهد الإحصاء يؤكد ان نسبة الذكور تزيد على 80 % من إجمالي عدد السكان في قطر د. فاطمة الكبيسي:
النهضة العمرانية.. جنون الإيجارات.. ارتفاع تكاليف المعيشة أهم أسباب الظاهرة
د. موزة المالكي: تفاقم معدلات الجريمة.. انتشار حالات الانتحار.. السلوكيات المنحرفة.. انعكاسات سلبية لخلل التركيبة السكانية
د. أمينة الهيل: كثير من العائلات القطرية تخشى الخروج أيام الإجازات بسبب انتشار العمالة العزبة في الشوارع والمراكز التجارية
مهندس محمد نصر الله: خلل التركيبة السكانية مشكلة مؤقتة ستنتهي مع انتهاء الطفرة العمرانية الحالية
حسام سليمان:
كشفت أحدث الإحصائيات الرسمية أن عدد الرجال في قطر يساوي أربعة أضعاف عدد النساء. حيث أكد معهد الإحصاء القطري مؤخرا ن عدد سكان قطر بلغ مليونا و597552 نسمة في 31 أغسطس 2009، ووفقا للأرقام التي نشرها المعهد على موقعه الإلكتروني فإن عدد الرجال نسبة إلى إجمالي السكان وصل إلى 1247844 أما عدد النساء فلم يتجاوز الـ 349908 وهو ما يعني وجود خلل غير طبيعي في التركيبة السكانية. وقد ارجع الخبراء هذا الخلل الكبير لظروف النهضة العمرانية والاقتصادية التي تحياها قطر حاليا وحاجة البلاد إلى استقدام آلاف العمالة سنويا للعمل في مشروعات التنمية. ورغم ذلك انتقد بعض الخبراء الفوضى العارمة التي يعاني منها سوق العمل القطري بسبب الخلل الكبير في تركيبة القوى العاملة في قطر خاصة إذا علمنا ان النسبة الغالبة من هذه العمالة غير متعلمة او من حملة الشهادات المتوسطة التي لا تجيد العمل إلا في الوظائف الهامشية. ونظرة واحدة على الارقام الرسمية تكشف بدقة ان هناك خللا كبيرا في التركيبة السكانية ويكفي ان نعرف أن نسبة العمالة الوافدة إلى السوق القطري بلغت نحو 92 % عام 2007 والكارثة أن معظم هذه العمالة غير ماهرة وغير متعلمة حيث ان 28 % منها لا تحمل الشهادة الابتدائية وهو ما يعني ان اكثر من ربع العمالة الوافدة إلى قطر عمالة "أمية" لا تجيد القراءة او الكتابة و75 % منها يحملون الشهادة الثانوية وما دونها. والسؤال هل قطر في حاجة إلى كل هذه العمالة خاصة إذا كان اكثر من 85 % من العمالة الوافدة تعتبر من اصحاب التعليم المتواضع؟.
مشكلة الخلل في التركيبة السكانية اكثر تعقيدا إذا نظرنا إليها من الناحية الاجتماعية حيث تشير الارقام الصادرة عن جهاز الاحصاء إلى أن نسبة الذكور من هذه العمالة بلغت نحو 90 % وهو الامر الذي يهدد بمشكلات اجتماعية وأمنية لاحصر لها. تحقيقات "الشرق" تفتح ملف " التركيبة السكانية في المجتمع القطري " لاستعراض أوجه الخلل التي يعاني منها حاليا واسبابها والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليها. واخيرا ما هي الحلول التي يقترحها الخبراء لتقليل الآثار السلبية الناجمة عن هذه المشكلة؟
في البداية تؤكد الدكتورة فاطمة الكبيسي أستاذ علم الاجتماع بجامعة قطر أن تضاعف عدد الرجال مقارنة بعدد النساء هو أمر طبيعي ليس في قطر وحدها ولكن في جميع الدول الجاذبة للأيدي العاملة. وتضيف أن هذه الدول عادة ما تكون في حاجة ماسة إلى استقدام الأيدي العاملة بكثافة عالية للعمل في مشروعات التنمية التي تقوم الحكومات بتنفيذها. وتؤكد ان قطر تعيش منذ عدة سنوات مرحلة نهضة اقتصادية وعمرانية شاملة كما ان الدولة تسابق الزمن لتحقيق معدلات قياسية من التنمية المستدامة ونظرا لأن عدد السكان في قطر لا يكفي للقيام بهذه المهمة فقد كان الحل في استقدام العمالة. وتقول عادة ما تكون هذه العمالة من الشباب العازب الذي يسعى إلى الكسب للزواج وتكوين أسرة.
أسباب
وتضيف سببا آخر لزيادة عدد الرجال خصوصا في الفترة الأخيرة فتقول في السنوات الماضية كانت المساكن رخيصة والإيجارات معقولة وكانت في متناول كثير من الموظفين والعاملين في قطر لذلك كان عدد كبير منهم قادرين على استقدام عائلاتهم ولكن بعد حدوث الطفرة الكبيرة في الإيجارات والقفزات المتتالية التي حدثت في هذا القطاع أصبح من الصعب على كثير من العائلات البقاء في الدوحة خاصة ان ارتفاع أسعار الإيجارات أدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات وهو الأمر الذي شكل عبئا ماليا ضخما على كثير من العاملين بعد أن أصبحوا غير قادرين على تحمله. وتقول لاشك ان العامل الاقتصادي والرغبة في تحسين الأوضاع المالية هو الهدف الرئيسي من الاغتراب والسفر ولكن بعد ارتفاع أسعار الإيجارات وزيادة تكاليف المعيشة والغلاء الذي طال جميع السلع والخدمات أصبح من الصعب على كثير من الأسر البقاء في قطر ولذلك كان القرار الذي اتخذه الأزواج هو التضحية بالحياة الأسرية واتخاذ قرار سفر الزوجة والأبناء إلى البلد الأم من أجل تحقيق العائد الاقتصادي الذي تم الإقدام على الغربة من أجله. ولذلك ـ كما تقول الدكتورة فاطمة الكبيسي ـ شهدت قطر نزوح عشرات السيدات مع أبنائهن وبقاء الزوج بمفرده وهو الامر الذي رفع من نسبة الرجال في المجتمع القطري على حساب النساء.
وتشير إلى نقطة في غاية الاهمية ألا وهي ان الخلل في التركيبة السكانية في قطر لا يتوقف عند زيادة أعداد الرجال مقارنة بأعداد النساء ولكنه ينسحب ايضا على ان التركيبة السكانية نفسها غير متجانسة حيث توجد عشرات الجنسيات التي تتحدث بلغات مختلفة وتحمل الكثير من الديانات والثقافات المتباينة. وتؤكد أن هناك تأثيرا سلبيا خطيرا ينجم عن تزايد اعداد الوافدين إلى قطر من شتى دول العالم حيث يحملون العديد من الثقافات والسلوكيات التي لا تتفق مع ثقافة وهوية مجتمعنا القطري العربي المسلم.. مشيرة الى أن هناك خوفا لدى كل العائلات القطرية من اختلاط ابنائهم بهؤلاء المقيمين حتى لا يتأثروا بسلوكياتهم وعاداتهم ولعل تفضيل الاسر القطرية للسكن خارج تجمعات المقيمين يرجع إلى الخوف من الاثار السلبية التي تنجم عن الاختلاط بالمقيمين وخاصة ممن ينتمون إلى جنسيات ودول غير عربية واسلامية.
إفرازات سلبية
وحول الإفرازات السلبية لهذا التفاوت الصارخ بين أعداد الرجال وأعداد السيدات في المجتمع القطري تقول الدكتورة فاطمة الكبيسي ان وجود الرجل بدون اسرته وأولاده يؤدي الى عدم استقراره النفسي والاجتماعي وهو ما يجعله مشتت الذهن وغر قادر على العمل والانتاج بكامل طاقته وبالتالي تقل الفائدة التي يمكن ان تجنيها البلد من هؤلاء العمال لعدم استقرارهم النفسي والاجتماعي. وتضيف ان ان كل انسان له العديد من الاحتياجات البشرية التي يجب ان يحققها ويحصل عليها وإذا لم يستطع ان يحققها بالطرق السليمة فقد يلجأ الى الطرق المحرمة والمجرمة لتلبية احتياجاته البشرية وهو ما يشكل خطورة كبيرة على بنيان المجتمع.
وتضيف من اهم الظواهر السلبية حاليا والتي تم مناقشتها على جميع المستويات هي ظاهرة إسكان العزاب في المناطق السكنية للعائلات سواء كانت عائلات مواطنين او مقيمين مشيرة إلى تزايد شكاوى السكان في مختلف وسائل الإعلام من تصرفات العزاب التي تتنافى مع العادات والتقاليد وتخدش حياء السكان بسبب تجمعهم أمام المنازل ومحال البقالة فضلا عن الملابس التي يوجدون بها في الشوارع. وتضيف هناك مخاوف من ان يتحول المجتمع القطري إلى مجتمع للعزاب مشيرة الى ان ارتفاع اسعار الايجارات وغلاء المعيشة دفع العديد من المقيمين إلى ترحيل اسرهم إلى اوطانهم وبقائهم هم للعمل داخل الدوحة دون اسرة.
وتؤكد الدكتورة الكبيسي ان هناك عددا من الجهات المعنية في قطر تقوم بإعداد دراسات شاملة عن ظاهرة تزايد عدد العزاب في المجتمع القطري بهدف وضع حلول فعلية لها مشيرة الى ان مجلس الشورى كان قد أوصى في إحدى جلساته بضرورة الإسراع في إصدار قانون بتنظيم سكن الوافدين بدون عائلاتهم في المناطق التي تسكنها العائلات القطرية، نظرا لأن سكن العزاب في هذه المناطق يتسبب في مشاكل أخلاقية وأضرار اجتماعية وبيئية كثيرة.
آليات العلاج
وتؤكد استاذة علم الاجتماع ان الجهاز الامني يدرك تماما خطورة هذه الظاهرة والمشاكل التي يمكن ان تنجم عنها لذلك فإن الجهاز الامني لا يألو جهدا في العمل الجاد وتطبيق القانون على الجميع دون أي تفرقة او محاباة ومواجهة الجرائم المختلفة بل والتحذير منها قبل وقوعها مشيرا إلى ان الانضباط الامني يجبر الجميع على ثقافة وعادات وتقاليد المجتمع القطري. وتضيف ومما يسهل مهمة رجال الامن هو ان ثقافة المجتمع وطبيعته الاسلامية تحد كثيرا من أي خروج على القانون مشيرة إلى ان هناك عاملا آخر يحد من أثر هذه الظاهرة وهي ان نسبة كبيرة من العمالة الوافدة ينتمون إلى جنسيات عربية تحمل نفس الثقافة العربية والاسلامية المحافظة هذا بالإضافة إلى ان العمالة الاجنبية القادمة من الدول الغربية لديهم احترام غريزي لثقافة الآخر وبالتالي لا يحاولون الخروج على القانون او العادات والتقاليد المعمول بها في المجتمع القطري.
ورغم ذلك تطالب الجهات المعنية في الدولة بضرورة دراسة السبل والإجراءات التي يمكن اتخاذها للحد من ارتفاع الاسعار وتخفيض تكاليف المعيشة لاتاحة الفرصة امام عشرات الموظفين والعاملين لاستقدام عائلتهم مرة أخرى لان ذلك سيصب في النهاية في تعظيم إنتاجية العامل او الموظف.
خلل كبير
وكانت احدث الدراسات الصادرة عن اللجنة الدائمة للسكان قد أكدت اتساع رقعة الخلل في التركيبة السكانية في قطر حيث تشير احدث الإحصاءات إلى تقلص حجم السكان المواطنين لصالح السكان الوافدين، مما يشير إلى الخلل النوعي متمثلا في زيادة أعداد الذكور عن أعداد الإناث، والتى ترتفع عن المعدلات الطبيعية، حيث تبلغ نسبة الإناث نحو (22 %) من مجمل سكان قطر في مطلع عام 2009 وقالت الدراسة هذا الخلل النوعي يؤثر في الكثير من النواحي الاجتماعية بالدولة.
وأشارت الدراسة التى تحمل عنوان "الواقع السكاني ومتطلبات التنمية الاقتصادية في قطر" إلى ان معدل النمو السكاني في دولة قطر خلال الفترة من 2004 إلى 2008 كان الأعلى على الصعيد العالمي، حيث بلغ 16.1 % وذلك على الرغم من أن معدل الخصوبة الكلية للنساء القطريات قد انخفض من 5.7 مواليد لكل امرأة عام 1990 إلى 4 مواليد في عام 2007، فإن هذا المعدل يتجاوز نظيره في المناطق الأكثر نموا (1.58) وفي الدول الأقل نموا (2.76). أما فيما يتعلق بالتركيب العمري لسكان قطر فقد بينت الدراسة أن الفئة العمرية (15 — 64 عاماً) قد مثلت أكثر من 85 % من إجمالي عدد السكان لعام 2008، بينما كانت نسبة الفئة العمرية (0 — 14 عاماً) بحدود 13.6 % وفئة المسنين (65 سنة فما فوق) كانت بحدود 1.04 %. وأشارت الدراسة إلى أن الواقع السكاني لدولة قطر يواجه جملة من التحديات التي تؤثر على مسيرة التنمية المستدامة والتطور في الدولة في مختلف الميادين. وتمثلت هذه التحديات في عدة محاور واهمها الخلل في التركيبة السكانية حيث يتمثل الخلل في التركيبة السكانية بدولة قطر في تقلص حجم السكان المواطنين بالنسبة للوافدين، بالاضافة الى تدني مستوى الإنتاجية حيث بينت الدراسة أن إضافة المزيد من العمالة الوافدة لدولة قطر خلال الفترة (2000 — 2007) لم يكن مصحوباً بزيادة موازية في القيمة المضافة. فقد تدهور متوسط إنتاجية العمال نتيجة للزيادة النسبية للعمالة، حيث تراجع معدل الإنتاجية في الساعة الواحدة في دولة قطر من (4.8 %) خلال الفترة (1990 — 2000) إلى (1.8 %) خلال الفترة (2000 — 2007) وهو أقل بكثير مما حققته الصين (10.1 %)، ومملكة البحرين (5.13 %) والهند (4.1 %)، وعمان (4.18 %)، ويتخطى نظيره في دولة الكويت (1.3 %) والمملكة العربية السعودية (0.8 %)، ودولة الإمارات العربية المتحدة (- 0.1 %).
كما اكدت وجود خلل كبير في توزيع السكان بحسب النوع الاجتماعي لصالح الذكور، حيث يوجد أربعة رجال مقابل كل امرأة واحدة، وهذا ربما يجعل قطر في الأمد القصير مجتمعاً ذكورياً، مما سيكون له انعكاسات اجتماعية خطيرة على المجتمع، تستدعي دراستها وإيجاد الحلول الكفيلة بالحد منها.
مشاكل اجتماعية
الدكتورة موزة المالكي أستاذ علم النفس المساعد والكاتبة المعروفة تتفق كثيرا مع الرأي السابق وتؤكد أن قطر مثلها مثل باقي دول مجلس التعاون الخليجي تعد من أكثر الدول جذبا واستعانة بالقوى العاملة الوافدة، إن أهم العوامل التي دفعت قطر للاستعانة بالعمالة الأجنبية هي زيادة معدلات النمو الاقتصادي بنسب كبيرة، ورغبة قطر في الاستفادة منها في إقامة مشروعات وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية مشيرة إلى أن العمالة الوطنية اللازمة لا تكفي مطلقا لإنجاز مثل هذه المشروعات. وقالت إن معظم العمالة الوافدة خصوصا الآسيوية منها تتركز في قطاع الخدمات وعلى رأسها قطاع المقاولات والبناء والتشييد، وقالت إن هذه العمالة تتصف بعدة خصائص تجعلها مقبولة لدى عدد كبير من أصحاب الأعمال وشركات ومؤسسات القطاع الخاص أهم هذه الصفات تدني المستوى التعليمي والثقافي وبالتالي هذه العمالة لا تتطلب أجورا مرتفعة وبالتالي تكون غير قادرة على استقدام عائلاتها.
واضافت ان ارتفاع اسعار الايجارات خلال السنوات القليلة الماضية أجبر عشرات الاسر على السفر وترك الزوج يعمل بمفرده والتحول إلى سكن العزاب.
وأكدت أن هناك مشاكل اجتماعية كثيرة ومتنوعة بسبب هذه العمالة خصوصا أن كثيرا منها له ديانته وعاداته وتقاليده وثقافته مما يساهم في تفاقم معدلات الجريمة بين صفوفها وانتشار حالات الانتحار وارتكاب جرائم السرقة والتزوير وغيرها. وتضيف ان مشاكل العمالة العزبة لا تقتصر فقط على المشاكل الاجتماعية بل انها تنسحب على إنتاجية العامل مؤكدة ان العامل إذا لم يتحقق له الاستقرار النفسي والاجتماعي لن يستطيع ان ينتج بكامل طاقته. وتؤكد ان بعض الموظفين قادرون على استقدام عائلاتهم ولكنهم لا يقدمون على اتخاذ هذه الخطوة ظنا منهم ان ذلك سوف يكون اكثر توفيرا لهم وتؤكد ان هذا الكلام يجانبه الصواب حيث إن الموظف الذي يعيش بمفرده في قطر ينفق شهريا ضعف ما كان يمكن ان ينفقه لو ان اسرته تعيش معه في قطر هذا فضلا عن المصاريف التي ينفقها لشراء الهدايا في موسم الاجازات.
وتطالب الجهات المعنية في الدولة بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمساعدة العمال والموظفين على استقدام اسرهم للتقليل بقدر الامكان من الاثار السلبية لخلل التركيبة السكانية.
تصرفات منحرفة
وتؤكد د. أمينة الهيل الموجهة والخبيرة النفسية بوزارة التعليم والتعليم العالي ان الإحصائيات الخاصة بتضاعف اعداد الرجال مقارنة بأعداد السيدات في المجتمع القطري هو امر طبيعي في أي دولة مقبلة على مرحلة نمو اقتصادي وتطور عمراني غير مسبوق مشيرة إلى ان نسبة الذكور إلى نسبة الإناث تكاد تكون متساوية تماما بالنسبة للمواطنين القطريين. وتضيف المجتمع القطري كان منذ سنوات قليلة مجتمعا صغيرا ومغلقا أما الآن فقد اتسع المجتمع وزاد حجمه وازداد عدد العمالة الوافدة من كل البلدان مشيرة إلى ان مشروعات التنمية التي تنفذها الدولة حاليا في جميع المجالات وراء استقدام الآف العمالة العازبة للعمل في هذه المشروعات وهذا هو السبب الحقيقي والرئيسي للخلل الحادث حاليا في التركيبة السكانية بالمجتمع القطري.
ورغم اعترافها بارتفاع تكاليف المعيشة وجنون الإيجارات وكلها أسباب تمنع معظم المقيمين من استقدام عائلاتهم الا أنها تؤكد ان هذا السبب يعد هامشيا في تفاقم ظاهرة الخلل الواضح في التركيبة السكانية مشيرة إلى ان معظم العمالة العازبة عبارة عن "عمال " وليسوا موظفين وبالتالي لن يستطيعوا مهما تراجعت الأسعار من استقدام عائلتهم لان رواتبهم بطبيعة الحال لا تكفي لدفع ايجار حجرة واحدة وليس شقة متكاملة الاركان.
وحول الانعكاسات السلبية للظاهرة تقول د. أمينة: عدد كبير من تلك العمالة لديهم مشاكل كبيرة في بلادهم كما ان بعضهم لديه تصرفات وسلوكيات وأخلاقيات لا تتماشى مع المجتمع القطري والاسلامي كل هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية تكون عوامل ضغط على هذه العمالة فما كان يتوقعه ويحلم به شيء وما يراه علي ارض الواقع شيء آخر فتظهر مثل هذه السلوكيات المنحرفة في شكل ارتكاب جرائم سرقة وقتل في بعض الأحيان للرغبة في تغيير مثل هذه الظروف الصعبة. وتؤكد د. أمينة ان تلك الحوادث هي نتيجة وجود عدد من العمالة قد يكون لديها مشاكل خاصة مع أصحاب العمل ويعانون من ضغوطات نفسية ومشاكل عديدة في بلادهم دفعتهم لارتكاب مثل هذه الحوادث الفردية.
وتؤكد ان كثيرا من العائلات القطرية بدأت تخشى الخروج أيام الاجازات بسبب انتشار العمالة العزبة في الشوارع والمولات والمراكز التجارية مشيرة إلى مخاوف الاسر القطرية من الاحتكاك الزائد بين ابنائهم وبين هؤلاء العمال نظرا لاختلاف العادات والتقاليد والدين وغيرها من الامور التي تختلف كثيرا عن عادات المجتمع القطري المحافظ. وتقول من أكثر سلبيات خلل التركيبة السكانية هو ما يعرف بظاهرة " سكن العزاب " وتقول تقريبا لا يوجد منطقة في قطر لا تشكو من هذه الظاهرة التي باتت تؤرق جميع العائلات سواء كانت عائلات قطرية او عائلات غير قطرية. وتطالب الدولة بضرورة بحث ودراسة هذه المشكلة بشكل دقيق ومستفيض قبل ان يحدث ما لا يحمد عقباه. وتقترح ان يتم إنشاء مناطق او مدن متكاملة لسكن العمال وتكون بعيدة تماما عن المناطق المأهولة بالعائلات وتشترط ان يراعى فيها توافر جميع الخدمات وان تكون مطابقة للمعايير التي وضعتها منظمات حقوق الانسان في هذا المجال منتقدة بشدة اسلوب " حشر " العمال " في حجرات ضيقة بالمنطقة الصناعية وتؤكد ان هذه الحجرات تفتقد تماما لاي معايير صحية او بيئية او اجتماعية.
وتقترح للتخفيف من حدة الخلل في التركيبة السكانية ان يتم تسفير العمالة التي انتهت مهمتها إلى اوطانها بمجرد انتهاء المشاريع التي استقدمت من أجلها وتشدد على عدم السماح بعمليات نقل الكفالة .
أرقام خطيرة: معهد الإحصاء يؤكد ان نسبة الذكور تزيد على 80 % من إجمالي عدد السكان في قطر د. فاطمة الكبيسي:
النهضة العمرانية.. جنون الإيجارات.. ارتفاع تكاليف المعيشة أهم أسباب الظاهرة
د. موزة المالكي: تفاقم معدلات الجريمة.. انتشار حالات الانتحار.. السلوكيات المنحرفة.. انعكاسات سلبية لخلل التركيبة السكانية
د. أمينة الهيل: كثير من العائلات القطرية تخشى الخروج أيام الإجازات بسبب انتشار العمالة العزبة في الشوارع والمراكز التجارية
مهندس محمد نصر الله: خلل التركيبة السكانية مشكلة مؤقتة ستنتهي مع انتهاء الطفرة العمرانية الحالية
حسام سليمان:
كشفت أحدث الإحصائيات الرسمية أن عدد الرجال في قطر يساوي أربعة أضعاف عدد النساء. حيث أكد معهد الإحصاء القطري مؤخرا ن عدد سكان قطر بلغ مليونا و597552 نسمة في 31 أغسطس 2009، ووفقا للأرقام التي نشرها المعهد على موقعه الإلكتروني فإن عدد الرجال نسبة إلى إجمالي السكان وصل إلى 1247844 أما عدد النساء فلم يتجاوز الـ 349908 وهو ما يعني وجود خلل غير طبيعي في التركيبة السكانية. وقد ارجع الخبراء هذا الخلل الكبير لظروف النهضة العمرانية والاقتصادية التي تحياها قطر حاليا وحاجة البلاد إلى استقدام آلاف العمالة سنويا للعمل في مشروعات التنمية. ورغم ذلك انتقد بعض الخبراء الفوضى العارمة التي يعاني منها سوق العمل القطري بسبب الخلل الكبير في تركيبة القوى العاملة في قطر خاصة إذا علمنا ان النسبة الغالبة من هذه العمالة غير متعلمة او من حملة الشهادات المتوسطة التي لا تجيد العمل إلا في الوظائف الهامشية. ونظرة واحدة على الارقام الرسمية تكشف بدقة ان هناك خللا كبيرا في التركيبة السكانية ويكفي ان نعرف أن نسبة العمالة الوافدة إلى السوق القطري بلغت نحو 92 % عام 2007 والكارثة أن معظم هذه العمالة غير ماهرة وغير متعلمة حيث ان 28 % منها لا تحمل الشهادة الابتدائية وهو ما يعني ان اكثر من ربع العمالة الوافدة إلى قطر عمالة "أمية" لا تجيد القراءة او الكتابة و75 % منها يحملون الشهادة الثانوية وما دونها. والسؤال هل قطر في حاجة إلى كل هذه العمالة خاصة إذا كان اكثر من 85 % من العمالة الوافدة تعتبر من اصحاب التعليم المتواضع؟.
مشكلة الخلل في التركيبة السكانية اكثر تعقيدا إذا نظرنا إليها من الناحية الاجتماعية حيث تشير الارقام الصادرة عن جهاز الاحصاء إلى أن نسبة الذكور من هذه العمالة بلغت نحو 90 % وهو الامر الذي يهدد بمشكلات اجتماعية وأمنية لاحصر لها. تحقيقات "الشرق" تفتح ملف " التركيبة السكانية في المجتمع القطري " لاستعراض أوجه الخلل التي يعاني منها حاليا واسبابها والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليها. واخيرا ما هي الحلول التي يقترحها الخبراء لتقليل الآثار السلبية الناجمة عن هذه المشكلة؟
في البداية تؤكد الدكتورة فاطمة الكبيسي أستاذ علم الاجتماع بجامعة قطر أن تضاعف عدد الرجال مقارنة بعدد النساء هو أمر طبيعي ليس في قطر وحدها ولكن في جميع الدول الجاذبة للأيدي العاملة. وتضيف أن هذه الدول عادة ما تكون في حاجة ماسة إلى استقدام الأيدي العاملة بكثافة عالية للعمل في مشروعات التنمية التي تقوم الحكومات بتنفيذها. وتؤكد ان قطر تعيش منذ عدة سنوات مرحلة نهضة اقتصادية وعمرانية شاملة كما ان الدولة تسابق الزمن لتحقيق معدلات قياسية من التنمية المستدامة ونظرا لأن عدد السكان في قطر لا يكفي للقيام بهذه المهمة فقد كان الحل في استقدام العمالة. وتقول عادة ما تكون هذه العمالة من الشباب العازب الذي يسعى إلى الكسب للزواج وتكوين أسرة.
أسباب
وتضيف سببا آخر لزيادة عدد الرجال خصوصا في الفترة الأخيرة فتقول في السنوات الماضية كانت المساكن رخيصة والإيجارات معقولة وكانت في متناول كثير من الموظفين والعاملين في قطر لذلك كان عدد كبير منهم قادرين على استقدام عائلاتهم ولكن بعد حدوث الطفرة الكبيرة في الإيجارات والقفزات المتتالية التي حدثت في هذا القطاع أصبح من الصعب على كثير من العائلات البقاء في الدوحة خاصة ان ارتفاع أسعار الإيجارات أدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات وهو الأمر الذي شكل عبئا ماليا ضخما على كثير من العاملين بعد أن أصبحوا غير قادرين على تحمله. وتقول لاشك ان العامل الاقتصادي والرغبة في تحسين الأوضاع المالية هو الهدف الرئيسي من الاغتراب والسفر ولكن بعد ارتفاع أسعار الإيجارات وزيادة تكاليف المعيشة والغلاء الذي طال جميع السلع والخدمات أصبح من الصعب على كثير من الأسر البقاء في قطر ولذلك كان القرار الذي اتخذه الأزواج هو التضحية بالحياة الأسرية واتخاذ قرار سفر الزوجة والأبناء إلى البلد الأم من أجل تحقيق العائد الاقتصادي الذي تم الإقدام على الغربة من أجله. ولذلك ـ كما تقول الدكتورة فاطمة الكبيسي ـ شهدت قطر نزوح عشرات السيدات مع أبنائهن وبقاء الزوج بمفرده وهو الامر الذي رفع من نسبة الرجال في المجتمع القطري على حساب النساء.
وتشير إلى نقطة في غاية الاهمية ألا وهي ان الخلل في التركيبة السكانية في قطر لا يتوقف عند زيادة أعداد الرجال مقارنة بأعداد النساء ولكنه ينسحب ايضا على ان التركيبة السكانية نفسها غير متجانسة حيث توجد عشرات الجنسيات التي تتحدث بلغات مختلفة وتحمل الكثير من الديانات والثقافات المتباينة. وتؤكد أن هناك تأثيرا سلبيا خطيرا ينجم عن تزايد اعداد الوافدين إلى قطر من شتى دول العالم حيث يحملون العديد من الثقافات والسلوكيات التي لا تتفق مع ثقافة وهوية مجتمعنا القطري العربي المسلم.. مشيرة الى أن هناك خوفا لدى كل العائلات القطرية من اختلاط ابنائهم بهؤلاء المقيمين حتى لا يتأثروا بسلوكياتهم وعاداتهم ولعل تفضيل الاسر القطرية للسكن خارج تجمعات المقيمين يرجع إلى الخوف من الاثار السلبية التي تنجم عن الاختلاط بالمقيمين وخاصة ممن ينتمون إلى جنسيات ودول غير عربية واسلامية.
إفرازات سلبية
وحول الإفرازات السلبية لهذا التفاوت الصارخ بين أعداد الرجال وأعداد السيدات في المجتمع القطري تقول الدكتورة فاطمة الكبيسي ان وجود الرجل بدون اسرته وأولاده يؤدي الى عدم استقراره النفسي والاجتماعي وهو ما يجعله مشتت الذهن وغر قادر على العمل والانتاج بكامل طاقته وبالتالي تقل الفائدة التي يمكن ان تجنيها البلد من هؤلاء العمال لعدم استقرارهم النفسي والاجتماعي. وتضيف ان ان كل انسان له العديد من الاحتياجات البشرية التي يجب ان يحققها ويحصل عليها وإذا لم يستطع ان يحققها بالطرق السليمة فقد يلجأ الى الطرق المحرمة والمجرمة لتلبية احتياجاته البشرية وهو ما يشكل خطورة كبيرة على بنيان المجتمع.
وتضيف من اهم الظواهر السلبية حاليا والتي تم مناقشتها على جميع المستويات هي ظاهرة إسكان العزاب في المناطق السكنية للعائلات سواء كانت عائلات مواطنين او مقيمين مشيرة إلى تزايد شكاوى السكان في مختلف وسائل الإعلام من تصرفات العزاب التي تتنافى مع العادات والتقاليد وتخدش حياء السكان بسبب تجمعهم أمام المنازل ومحال البقالة فضلا عن الملابس التي يوجدون بها في الشوارع. وتضيف هناك مخاوف من ان يتحول المجتمع القطري إلى مجتمع للعزاب مشيرة الى ان ارتفاع اسعار الايجارات وغلاء المعيشة دفع العديد من المقيمين إلى ترحيل اسرهم إلى اوطانهم وبقائهم هم للعمل داخل الدوحة دون اسرة.
وتؤكد الدكتورة الكبيسي ان هناك عددا من الجهات المعنية في قطر تقوم بإعداد دراسات شاملة عن ظاهرة تزايد عدد العزاب في المجتمع القطري بهدف وضع حلول فعلية لها مشيرة الى ان مجلس الشورى كان قد أوصى في إحدى جلساته بضرورة الإسراع في إصدار قانون بتنظيم سكن الوافدين بدون عائلاتهم في المناطق التي تسكنها العائلات القطرية، نظرا لأن سكن العزاب في هذه المناطق يتسبب في مشاكل أخلاقية وأضرار اجتماعية وبيئية كثيرة.
آليات العلاج
وتؤكد استاذة علم الاجتماع ان الجهاز الامني يدرك تماما خطورة هذه الظاهرة والمشاكل التي يمكن ان تنجم عنها لذلك فإن الجهاز الامني لا يألو جهدا في العمل الجاد وتطبيق القانون على الجميع دون أي تفرقة او محاباة ومواجهة الجرائم المختلفة بل والتحذير منها قبل وقوعها مشيرا إلى ان الانضباط الامني يجبر الجميع على ثقافة وعادات وتقاليد المجتمع القطري. وتضيف ومما يسهل مهمة رجال الامن هو ان ثقافة المجتمع وطبيعته الاسلامية تحد كثيرا من أي خروج على القانون مشيرة إلى ان هناك عاملا آخر يحد من أثر هذه الظاهرة وهي ان نسبة كبيرة من العمالة الوافدة ينتمون إلى جنسيات عربية تحمل نفس الثقافة العربية والاسلامية المحافظة هذا بالإضافة إلى ان العمالة الاجنبية القادمة من الدول الغربية لديهم احترام غريزي لثقافة الآخر وبالتالي لا يحاولون الخروج على القانون او العادات والتقاليد المعمول بها في المجتمع القطري.
ورغم ذلك تطالب الجهات المعنية في الدولة بضرورة دراسة السبل والإجراءات التي يمكن اتخاذها للحد من ارتفاع الاسعار وتخفيض تكاليف المعيشة لاتاحة الفرصة امام عشرات الموظفين والعاملين لاستقدام عائلتهم مرة أخرى لان ذلك سيصب في النهاية في تعظيم إنتاجية العامل او الموظف.
خلل كبير
وكانت احدث الدراسات الصادرة عن اللجنة الدائمة للسكان قد أكدت اتساع رقعة الخلل في التركيبة السكانية في قطر حيث تشير احدث الإحصاءات إلى تقلص حجم السكان المواطنين لصالح السكان الوافدين، مما يشير إلى الخلل النوعي متمثلا في زيادة أعداد الذكور عن أعداد الإناث، والتى ترتفع عن المعدلات الطبيعية، حيث تبلغ نسبة الإناث نحو (22 %) من مجمل سكان قطر في مطلع عام 2009 وقالت الدراسة هذا الخلل النوعي يؤثر في الكثير من النواحي الاجتماعية بالدولة.
وأشارت الدراسة التى تحمل عنوان "الواقع السكاني ومتطلبات التنمية الاقتصادية في قطر" إلى ان معدل النمو السكاني في دولة قطر خلال الفترة من 2004 إلى 2008 كان الأعلى على الصعيد العالمي، حيث بلغ 16.1 % وذلك على الرغم من أن معدل الخصوبة الكلية للنساء القطريات قد انخفض من 5.7 مواليد لكل امرأة عام 1990 إلى 4 مواليد في عام 2007، فإن هذا المعدل يتجاوز نظيره في المناطق الأكثر نموا (1.58) وفي الدول الأقل نموا (2.76). أما فيما يتعلق بالتركيب العمري لسكان قطر فقد بينت الدراسة أن الفئة العمرية (15 — 64 عاماً) قد مثلت أكثر من 85 % من إجمالي عدد السكان لعام 2008، بينما كانت نسبة الفئة العمرية (0 — 14 عاماً) بحدود 13.6 % وفئة المسنين (65 سنة فما فوق) كانت بحدود 1.04 %. وأشارت الدراسة إلى أن الواقع السكاني لدولة قطر يواجه جملة من التحديات التي تؤثر على مسيرة التنمية المستدامة والتطور في الدولة في مختلف الميادين. وتمثلت هذه التحديات في عدة محاور واهمها الخلل في التركيبة السكانية حيث يتمثل الخلل في التركيبة السكانية بدولة قطر في تقلص حجم السكان المواطنين بالنسبة للوافدين، بالاضافة الى تدني مستوى الإنتاجية حيث بينت الدراسة أن إضافة المزيد من العمالة الوافدة لدولة قطر خلال الفترة (2000 — 2007) لم يكن مصحوباً بزيادة موازية في القيمة المضافة. فقد تدهور متوسط إنتاجية العمال نتيجة للزيادة النسبية للعمالة، حيث تراجع معدل الإنتاجية في الساعة الواحدة في دولة قطر من (4.8 %) خلال الفترة (1990 — 2000) إلى (1.8 %) خلال الفترة (2000 — 2007) وهو أقل بكثير مما حققته الصين (10.1 %)، ومملكة البحرين (5.13 %) والهند (4.1 %)، وعمان (4.18 %)، ويتخطى نظيره في دولة الكويت (1.3 %) والمملكة العربية السعودية (0.8 %)، ودولة الإمارات العربية المتحدة (- 0.1 %).
كما اكدت وجود خلل كبير في توزيع السكان بحسب النوع الاجتماعي لصالح الذكور، حيث يوجد أربعة رجال مقابل كل امرأة واحدة، وهذا ربما يجعل قطر في الأمد القصير مجتمعاً ذكورياً، مما سيكون له انعكاسات اجتماعية خطيرة على المجتمع، تستدعي دراستها وإيجاد الحلول الكفيلة بالحد منها.
مشاكل اجتماعية
الدكتورة موزة المالكي أستاذ علم النفس المساعد والكاتبة المعروفة تتفق كثيرا مع الرأي السابق وتؤكد أن قطر مثلها مثل باقي دول مجلس التعاون الخليجي تعد من أكثر الدول جذبا واستعانة بالقوى العاملة الوافدة، إن أهم العوامل التي دفعت قطر للاستعانة بالعمالة الأجنبية هي زيادة معدلات النمو الاقتصادي بنسب كبيرة، ورغبة قطر في الاستفادة منها في إقامة مشروعات وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية مشيرة إلى أن العمالة الوطنية اللازمة لا تكفي مطلقا لإنجاز مثل هذه المشروعات. وقالت إن معظم العمالة الوافدة خصوصا الآسيوية منها تتركز في قطاع الخدمات وعلى رأسها قطاع المقاولات والبناء والتشييد، وقالت إن هذه العمالة تتصف بعدة خصائص تجعلها مقبولة لدى عدد كبير من أصحاب الأعمال وشركات ومؤسسات القطاع الخاص أهم هذه الصفات تدني المستوى التعليمي والثقافي وبالتالي هذه العمالة لا تتطلب أجورا مرتفعة وبالتالي تكون غير قادرة على استقدام عائلاتها.
واضافت ان ارتفاع اسعار الايجارات خلال السنوات القليلة الماضية أجبر عشرات الاسر على السفر وترك الزوج يعمل بمفرده والتحول إلى سكن العزاب.
وأكدت أن هناك مشاكل اجتماعية كثيرة ومتنوعة بسبب هذه العمالة خصوصا أن كثيرا منها له ديانته وعاداته وتقاليده وثقافته مما يساهم في تفاقم معدلات الجريمة بين صفوفها وانتشار حالات الانتحار وارتكاب جرائم السرقة والتزوير وغيرها. وتضيف ان مشاكل العمالة العزبة لا تقتصر فقط على المشاكل الاجتماعية بل انها تنسحب على إنتاجية العامل مؤكدة ان العامل إذا لم يتحقق له الاستقرار النفسي والاجتماعي لن يستطيع ان ينتج بكامل طاقته. وتؤكد ان بعض الموظفين قادرون على استقدام عائلاتهم ولكنهم لا يقدمون على اتخاذ هذه الخطوة ظنا منهم ان ذلك سوف يكون اكثر توفيرا لهم وتؤكد ان هذا الكلام يجانبه الصواب حيث إن الموظف الذي يعيش بمفرده في قطر ينفق شهريا ضعف ما كان يمكن ان ينفقه لو ان اسرته تعيش معه في قطر هذا فضلا عن المصاريف التي ينفقها لشراء الهدايا في موسم الاجازات.
وتطالب الجهات المعنية في الدولة بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمساعدة العمال والموظفين على استقدام اسرهم للتقليل بقدر الامكان من الاثار السلبية لخلل التركيبة السكانية.
تصرفات منحرفة
وتؤكد د. أمينة الهيل الموجهة والخبيرة النفسية بوزارة التعليم والتعليم العالي ان الإحصائيات الخاصة بتضاعف اعداد الرجال مقارنة بأعداد السيدات في المجتمع القطري هو امر طبيعي في أي دولة مقبلة على مرحلة نمو اقتصادي وتطور عمراني غير مسبوق مشيرة إلى ان نسبة الذكور إلى نسبة الإناث تكاد تكون متساوية تماما بالنسبة للمواطنين القطريين. وتضيف المجتمع القطري كان منذ سنوات قليلة مجتمعا صغيرا ومغلقا أما الآن فقد اتسع المجتمع وزاد حجمه وازداد عدد العمالة الوافدة من كل البلدان مشيرة إلى ان مشروعات التنمية التي تنفذها الدولة حاليا في جميع المجالات وراء استقدام الآف العمالة العازبة للعمل في هذه المشروعات وهذا هو السبب الحقيقي والرئيسي للخلل الحادث حاليا في التركيبة السكانية بالمجتمع القطري.
ورغم اعترافها بارتفاع تكاليف المعيشة وجنون الإيجارات وكلها أسباب تمنع معظم المقيمين من استقدام عائلاتهم الا أنها تؤكد ان هذا السبب يعد هامشيا في تفاقم ظاهرة الخلل الواضح في التركيبة السكانية مشيرة إلى ان معظم العمالة العازبة عبارة عن "عمال " وليسوا موظفين وبالتالي لن يستطيعوا مهما تراجعت الأسعار من استقدام عائلتهم لان رواتبهم بطبيعة الحال لا تكفي لدفع ايجار حجرة واحدة وليس شقة متكاملة الاركان.
وحول الانعكاسات السلبية للظاهرة تقول د. أمينة: عدد كبير من تلك العمالة لديهم مشاكل كبيرة في بلادهم كما ان بعضهم لديه تصرفات وسلوكيات وأخلاقيات لا تتماشى مع المجتمع القطري والاسلامي كل هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية تكون عوامل ضغط على هذه العمالة فما كان يتوقعه ويحلم به شيء وما يراه علي ارض الواقع شيء آخر فتظهر مثل هذه السلوكيات المنحرفة في شكل ارتكاب جرائم سرقة وقتل في بعض الأحيان للرغبة في تغيير مثل هذه الظروف الصعبة. وتؤكد د. أمينة ان تلك الحوادث هي نتيجة وجود عدد من العمالة قد يكون لديها مشاكل خاصة مع أصحاب العمل ويعانون من ضغوطات نفسية ومشاكل عديدة في بلادهم دفعتهم لارتكاب مثل هذه الحوادث الفردية.
وتؤكد ان كثيرا من العائلات القطرية بدأت تخشى الخروج أيام الاجازات بسبب انتشار العمالة العزبة في الشوارع والمولات والمراكز التجارية مشيرة إلى مخاوف الاسر القطرية من الاحتكاك الزائد بين ابنائهم وبين هؤلاء العمال نظرا لاختلاف العادات والتقاليد والدين وغيرها من الامور التي تختلف كثيرا عن عادات المجتمع القطري المحافظ. وتقول من أكثر سلبيات خلل التركيبة السكانية هو ما يعرف بظاهرة " سكن العزاب " وتقول تقريبا لا يوجد منطقة في قطر لا تشكو من هذه الظاهرة التي باتت تؤرق جميع العائلات سواء كانت عائلات قطرية او عائلات غير قطرية. وتطالب الدولة بضرورة بحث ودراسة هذه المشكلة بشكل دقيق ومستفيض قبل ان يحدث ما لا يحمد عقباه. وتقترح ان يتم إنشاء مناطق او مدن متكاملة لسكن العمال وتكون بعيدة تماما عن المناطق المأهولة بالعائلات وتشترط ان يراعى فيها توافر جميع الخدمات وان تكون مطابقة للمعايير التي وضعتها منظمات حقوق الانسان في هذا المجال منتقدة بشدة اسلوب " حشر " العمال " في حجرات ضيقة بالمنطقة الصناعية وتؤكد ان هذه الحجرات تفتقد تماما لاي معايير صحية او بيئية او اجتماعية.
وتقترح للتخفيف من حدة الخلل في التركيبة السكانية ان يتم تسفير العمالة التي انتهت مهمتها إلى اوطانها بمجرد انتهاء المشاريع التي استقدمت من أجلها وتشدد على عدم السماح بعمليات نقل الكفالة .