شلبي
28-09-2009, 06:01 PM
هل من حقنا السؤال؟ آخر تحديث:الاثنين ,28/09/2009
فاطمة الصايغ
تتميز دولة الإمارات كغيرها من بلدان دول الخليج، بأنها بلد خالٍ من الضرائب، فما تحصل عليه من دخل هو حق صافٍ لك تنفقه بالشكل الذي تريده. وقد وفرت الإمارات لمواطنيها والمقيمين على أرضها مستوى معيشياً متميزاً أهّلها لأن تحتل مقدمة دول العالم من حيث دخل الفرد. وقد استطاع آلاف العاملين على أرضها العيش بأمانٍ اقتصادي بل ومساعدة أهاليهم وذويهم عن طريق إرسال مدخراتهم أو الاحتفاظ بها هنا في الإمارات من دون أن يخشوا كما يحدث في بلدان أخرى كثيرة مساءلتهم أو ملاحقتهم بواسطة جهاز الضرائب الذي يمثل للمواطن في العديد من البلدان “البعبع” الذي يلاحق العاملين ويقض مضجعهم ولو بعد حين. ولكن عدم وجود ضرائب في بلدان الخليج لا يعني عدم وجود رسوم للخدمات المقدمة، وهو نظام معمول به في الكثير من بلدان العالم المتقدمة والنامية. فنظام الرسوم المعمول به هو نظام يتيح للفرد الحصول على خدمة أرقى بسعر من المفروض أنه رمزي. إنه نظام يختلف عن نظام الضرائب ويجب ألا يماثله، فالرسم والضريبة نظامان مختلفان وإن كانت غايتهما واحدة.
من ناحية أخرى يمثل نظام الضرائب وهو من أجهزة الدولة الرسمية جهازاً في غاية الأهمية. فهو يوفر للدولة دخلاً رئيساً في الكثير من الدول العظمى والصغرى حيث تعتمد جودة الخدمات المقدمة للمواطنين كالضمان الصحي والاجتماعي ونظام الإعالة بل وجودة الأجهزة الأمنية والدفاعية، على مدى التزام دافعي الضرائب وحرصهم على تسديد ضرائبهم بالشكل التام، فالضرائب هي في واقع الحال تمثل مساهمة الفرد في خدمة المجتمع ووعيه العام بأن عليه كفرد نصيباً في رفعة وتقدم وجودة الخدمات في مجتمعه.
وفي مقابل هذه الضرائب التي يدفعها الفرد يحق له حسب قوانين كل بلد امتيازات معينة تأتي في مقدمتها الحقوق السياسية كالترشيح والانتخاب وبقية الحقوق السياسية الأخرى، كما يأتي الضمان الصحي والاجتماعي وغيرها من الامتيازات من ضمن الخدمات التي يمولها دافعو الضرائب لأنهم المستفيدون منها في النهاية. فلا عجب أن تشكل الضرائب في الكثير من البلدان مصدراً مهماً للدخل القومي يضاف بالطبع إلى المصادر الأخرى كالمعادن والبترول والصناعة والتجارة وبقية أنواع الدخول التي تشكل مصدراً للدخل العام للدولة والتي بدورها تسهم في ميزانية الدولة السنوية.
وتمثل دول الخليج أنموذجاً فريداً على مستوى العالم، فقد حباها الله ثروة طبيعية متمثلة في البترول كمصدر دخل وحيد. كما تميزت بنظام اجتماعي انعكس على الواقع الاقتصادي بل وشكله. فنظراً لتركيبتها الاقتصادية والاجتماعية لم تعرف دول الخليج نظام الضرائب بل اعتمدت نظاماً اقتصادياً قائماً على الرفاه الاجتماعي، ولذا عرفت بدول أو “مجتمعات الرفاه”. فالطفرة البترولية التي شهدتها دول الخليج منذ بدء الإنتاج كانت تصاعدية، ولذا لم تركز دول الخليج في إنشاء نظام الضرائب بل ظلت سياستها طوال سنوات عديدة قائمة على أساس الرفاه أي تقديم كل الخدمات العامة بصورة مجانية. حتى سنوات الركود التي كانت خلال فترات الثمانينات لم تؤثر كثيراً في الخدمات المقدمة من قبل الدولة. ولكن الوضع تغير كثيراً في العقدين الماضيين. فدول الخليج التي اعتمدت على البترول كمصدر رئيس ووحيد للدخل بدأت تراجع سياساتها الاقتصادية والاجتماعية نظراً لتغير واقعها الاقتصادي والاجتماعي. فعلى الرغم من أن المواطن الخليجي ظل هو محور اهتمام كل الخطط التنموية فإنه لم يعد المحور الوحيد الذي تتمحور من حوله كل الخطط. فدول الخليج بدأت في وضع خطط مستقبلية جديدة والأخذ في الاعتبار بأن النفط مصدر ناضب وأن المواطن يجب ألا يكون مجرد متلقٍ فقط للامتيازات بل يجب أن يكون أيضاً مساهماً في الدخل القومي عن طريق مساهمته مادياً، ولو بشكل رمزي، في الخدمات التي تقدمها له الدولة. وهكذا بدأت جميع دول الخليج منذ التسعينات في مراجعة خططها التنموية واضعة في الحسبان التركيبة المجتمعية الجديدة التي أصبحت تشكل شعوب دول الخليج. ذلك أن مواطنيها قلة يعيشون في بحر واسع من الأعراق والجنسيات وبالتالي يجب أخذ تلك التركيبة في كل خطة تنموية. وبدأت جميع دول الخليج في مراجعة ما تقدمه للمواطن من سكن وخدمات صحية وتعليمية والخدمات العامة من مرافق وطرق وخدمات. وهكذا بدأ الخليج نظاماً جديداً قائماً على فرض رسوم كانت في بدايتها رمزية بسيطة على خدمات معينة تخفيفاً على الدولة من ناحية وإشراكاً للفرد في تحمل جزء من سعر الخدمات التي يستهلكها، ثم تطورت هذه الرسوم شيئاً فشيئاً لتصبح اليوم ضريبة مخيفة كما تسمى في القاموس الأجنبي. فقد بدأنا نظاماً خاصاً للخدمات قائماً على معايير اقتصادية جديدة حتى أصبحت بعض المدن تقدم خدمات شبيهة بخدمات البريد. فهناك سعر خاص للطرق السريعة وآخر للطرق البطيئة وثالث للعيش في المدن ورابع للقرى والضواحي، وهكذا أصبح للوقت ثمنه. ولم يسلم قطاعا التعليم والصحة، وهما من أهم الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن والمقيم، من الخصخصة وبالتالي الرسوم. فهناك سعر للتعليم المتميز وآخر للتعليم العادي، ولا نبالغ إذا قلنا إنه قد يأتي يوم لا يجد فيه البعض مناصاً من العيش خارج المدن تفادياً للرسوم التي يجب أن يدفعها كل مقيم في المدن الكبرى. وتفننت بعض الدول في اختراع الرسوم المختلفة فهناك رسوم تدفع للمعرفة وأخرى للطرق وثالثة للتعليم، حتى أصبح البعض يتوقع أن يشهد اليوم الذي تفرض فيه الرسوم على الهواء الذي نتنفسه، بحجة أنه هواء “مفلتر”.
إن من حق أي دولة فرض رسوم على الخدمات التي تقدمها حتى تستطيع الارتقاء بها، ولكن في المقابل هل من حق دافعي الرسوم أن يتساءلوا عن أوجه أو كيفية إنفاق تلك الأموال التي دفعوها؟ هل من حقهم المطالبة مثلاً بتحسين وضع التعليم والمستشفيات أو حال الثقافة؟
لقد أصبحنا نعيش في مجتمعات عالمية ينطبق علينا كل ما ينطبق على المجتمعات الأخرى من ضرائب ورسوم وغيرها، وأصبحت تلك الخصوصية التي كانت تعيشها مجتمعات الخليج في السابق كمجتمعات رفاهية تقدم فيها كل الخدمات بالمجان، شيئاً من الماضي. وفي مقابل هذا التغير يجب أن يكون هناك تغير في عقلية التعامل مع الفرد. فما عاد الفرد في مجتمعنا غافلاً عما يدور حوله من متغيرات عالمية. وعليه فإنه إذا كان من حق الدولة أن تفرض رسوماً مهما كان نوعها، فمن حق الفرد أن يعرف كيف وظفت هذه الرسوم. إنه حق من حقوق الفرد في المجتمع العالمي الذي أصبحنا نعيش فيه.
http://www.alkhaleej.ae/portal/38a2bb55-a88d-44f3-b1e8-5f032f4fd4ce.aspx
فاطمة الصايغ
تتميز دولة الإمارات كغيرها من بلدان دول الخليج، بأنها بلد خالٍ من الضرائب، فما تحصل عليه من دخل هو حق صافٍ لك تنفقه بالشكل الذي تريده. وقد وفرت الإمارات لمواطنيها والمقيمين على أرضها مستوى معيشياً متميزاً أهّلها لأن تحتل مقدمة دول العالم من حيث دخل الفرد. وقد استطاع آلاف العاملين على أرضها العيش بأمانٍ اقتصادي بل ومساعدة أهاليهم وذويهم عن طريق إرسال مدخراتهم أو الاحتفاظ بها هنا في الإمارات من دون أن يخشوا كما يحدث في بلدان أخرى كثيرة مساءلتهم أو ملاحقتهم بواسطة جهاز الضرائب الذي يمثل للمواطن في العديد من البلدان “البعبع” الذي يلاحق العاملين ويقض مضجعهم ولو بعد حين. ولكن عدم وجود ضرائب في بلدان الخليج لا يعني عدم وجود رسوم للخدمات المقدمة، وهو نظام معمول به في الكثير من بلدان العالم المتقدمة والنامية. فنظام الرسوم المعمول به هو نظام يتيح للفرد الحصول على خدمة أرقى بسعر من المفروض أنه رمزي. إنه نظام يختلف عن نظام الضرائب ويجب ألا يماثله، فالرسم والضريبة نظامان مختلفان وإن كانت غايتهما واحدة.
من ناحية أخرى يمثل نظام الضرائب وهو من أجهزة الدولة الرسمية جهازاً في غاية الأهمية. فهو يوفر للدولة دخلاً رئيساً في الكثير من الدول العظمى والصغرى حيث تعتمد جودة الخدمات المقدمة للمواطنين كالضمان الصحي والاجتماعي ونظام الإعالة بل وجودة الأجهزة الأمنية والدفاعية، على مدى التزام دافعي الضرائب وحرصهم على تسديد ضرائبهم بالشكل التام، فالضرائب هي في واقع الحال تمثل مساهمة الفرد في خدمة المجتمع ووعيه العام بأن عليه كفرد نصيباً في رفعة وتقدم وجودة الخدمات في مجتمعه.
وفي مقابل هذه الضرائب التي يدفعها الفرد يحق له حسب قوانين كل بلد امتيازات معينة تأتي في مقدمتها الحقوق السياسية كالترشيح والانتخاب وبقية الحقوق السياسية الأخرى، كما يأتي الضمان الصحي والاجتماعي وغيرها من الامتيازات من ضمن الخدمات التي يمولها دافعو الضرائب لأنهم المستفيدون منها في النهاية. فلا عجب أن تشكل الضرائب في الكثير من البلدان مصدراً مهماً للدخل القومي يضاف بالطبع إلى المصادر الأخرى كالمعادن والبترول والصناعة والتجارة وبقية أنواع الدخول التي تشكل مصدراً للدخل العام للدولة والتي بدورها تسهم في ميزانية الدولة السنوية.
وتمثل دول الخليج أنموذجاً فريداً على مستوى العالم، فقد حباها الله ثروة طبيعية متمثلة في البترول كمصدر دخل وحيد. كما تميزت بنظام اجتماعي انعكس على الواقع الاقتصادي بل وشكله. فنظراً لتركيبتها الاقتصادية والاجتماعية لم تعرف دول الخليج نظام الضرائب بل اعتمدت نظاماً اقتصادياً قائماً على الرفاه الاجتماعي، ولذا عرفت بدول أو “مجتمعات الرفاه”. فالطفرة البترولية التي شهدتها دول الخليج منذ بدء الإنتاج كانت تصاعدية، ولذا لم تركز دول الخليج في إنشاء نظام الضرائب بل ظلت سياستها طوال سنوات عديدة قائمة على أساس الرفاه أي تقديم كل الخدمات العامة بصورة مجانية. حتى سنوات الركود التي كانت خلال فترات الثمانينات لم تؤثر كثيراً في الخدمات المقدمة من قبل الدولة. ولكن الوضع تغير كثيراً في العقدين الماضيين. فدول الخليج التي اعتمدت على البترول كمصدر رئيس ووحيد للدخل بدأت تراجع سياساتها الاقتصادية والاجتماعية نظراً لتغير واقعها الاقتصادي والاجتماعي. فعلى الرغم من أن المواطن الخليجي ظل هو محور اهتمام كل الخطط التنموية فإنه لم يعد المحور الوحيد الذي تتمحور من حوله كل الخطط. فدول الخليج بدأت في وضع خطط مستقبلية جديدة والأخذ في الاعتبار بأن النفط مصدر ناضب وأن المواطن يجب ألا يكون مجرد متلقٍ فقط للامتيازات بل يجب أن يكون أيضاً مساهماً في الدخل القومي عن طريق مساهمته مادياً، ولو بشكل رمزي، في الخدمات التي تقدمها له الدولة. وهكذا بدأت جميع دول الخليج منذ التسعينات في مراجعة خططها التنموية واضعة في الحسبان التركيبة المجتمعية الجديدة التي أصبحت تشكل شعوب دول الخليج. ذلك أن مواطنيها قلة يعيشون في بحر واسع من الأعراق والجنسيات وبالتالي يجب أخذ تلك التركيبة في كل خطة تنموية. وبدأت جميع دول الخليج في مراجعة ما تقدمه للمواطن من سكن وخدمات صحية وتعليمية والخدمات العامة من مرافق وطرق وخدمات. وهكذا بدأ الخليج نظاماً جديداً قائماً على فرض رسوم كانت في بدايتها رمزية بسيطة على خدمات معينة تخفيفاً على الدولة من ناحية وإشراكاً للفرد في تحمل جزء من سعر الخدمات التي يستهلكها، ثم تطورت هذه الرسوم شيئاً فشيئاً لتصبح اليوم ضريبة مخيفة كما تسمى في القاموس الأجنبي. فقد بدأنا نظاماً خاصاً للخدمات قائماً على معايير اقتصادية جديدة حتى أصبحت بعض المدن تقدم خدمات شبيهة بخدمات البريد. فهناك سعر خاص للطرق السريعة وآخر للطرق البطيئة وثالث للعيش في المدن ورابع للقرى والضواحي، وهكذا أصبح للوقت ثمنه. ولم يسلم قطاعا التعليم والصحة، وهما من أهم الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن والمقيم، من الخصخصة وبالتالي الرسوم. فهناك سعر للتعليم المتميز وآخر للتعليم العادي، ولا نبالغ إذا قلنا إنه قد يأتي يوم لا يجد فيه البعض مناصاً من العيش خارج المدن تفادياً للرسوم التي يجب أن يدفعها كل مقيم في المدن الكبرى. وتفننت بعض الدول في اختراع الرسوم المختلفة فهناك رسوم تدفع للمعرفة وأخرى للطرق وثالثة للتعليم، حتى أصبح البعض يتوقع أن يشهد اليوم الذي تفرض فيه الرسوم على الهواء الذي نتنفسه، بحجة أنه هواء “مفلتر”.
إن من حق أي دولة فرض رسوم على الخدمات التي تقدمها حتى تستطيع الارتقاء بها، ولكن في المقابل هل من حق دافعي الرسوم أن يتساءلوا عن أوجه أو كيفية إنفاق تلك الأموال التي دفعوها؟ هل من حقهم المطالبة مثلاً بتحسين وضع التعليم والمستشفيات أو حال الثقافة؟
لقد أصبحنا نعيش في مجتمعات عالمية ينطبق علينا كل ما ينطبق على المجتمعات الأخرى من ضرائب ورسوم وغيرها، وأصبحت تلك الخصوصية التي كانت تعيشها مجتمعات الخليج في السابق كمجتمعات رفاهية تقدم فيها كل الخدمات بالمجان، شيئاً من الماضي. وفي مقابل هذا التغير يجب أن يكون هناك تغير في عقلية التعامل مع الفرد. فما عاد الفرد في مجتمعنا غافلاً عما يدور حوله من متغيرات عالمية. وعليه فإنه إذا كان من حق الدولة أن تفرض رسوماً مهما كان نوعها، فمن حق الفرد أن يعرف كيف وظفت هذه الرسوم. إنه حق من حقوق الفرد في المجتمع العالمي الذي أصبحنا نعيش فيه.
http://www.alkhaleej.ae/portal/38a2bb55-a88d-44f3-b1e8-5f032f4fd4ce.aspx