تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : متطلبات قيادة فترة ما بعد الركود العالمي



الوعب
29-09-2009, 03:11 AM
إعداد - رأفت عبد الجواد:
في ظل بداية خروج بعض الاقتصادات من الانكماش، يحتاج الرؤساء التنفيذيون إلى تعديل استراتيجياتهم الخاصة بالبقاء في الأيام الصعبة، والبدء في التفكير بالتحول باتجاه الأعلى. مرت النشاطات العملية بأشد تراجع اقتصادي في سبعة عقود، بوجود انكماش عمل على اختبار الصفات والقدرات الإدارية للرؤساء التنفيذيين في العالم. إنه موضوع تم التساؤل حوله بكثافة خلال هذه الأزمة، بعد أن أدت سلسلة من القرارات السيئة من قبل كبار التنفيذيين، إلى تدمير في الصناعات على نطاق متنوع يمتد من النشاط المصرفي إلى صناعة السيارات. وقد أدى ذلك إلى زيادة أتعاب وأجور الاستشارات الإدارية الجيدة، التي ستكون بالأهمية ذاتها، بينما يبدأ الاقتصاد العالمي في التحسن. غير أنه بوجود بعض علامات التفاؤل الحذر التي تعود ثانية إلى الأسواق العالمية، وخروج بعض الاقتصادات الرئيسية من الانكماش، كيف يجب على قادة النشاط العملي الإعداد لعالم ما بعد الأزمة؟
يتحدث بينوفن بوتييه الرئيس التنفيذي لشركة إير ليكويد Air Liquide، وهي واحدة من أكبر الشركات العالمية في صناعة الغازات الصناعية بلسان الكثيرين، حين يقول: إن قادة النشاطات العملية بحاجة إلى أن يكونوا منفصمي الشخصية بعض الشيء.الغريزة الأولى هي الإعداد لحالة من التعافي حيث يقول: إننا بالفعل نخطط للخروج، إنها مسألة تشغيل كل المحركات مرة أخرى، وشحن جميع المحركات بمزيد من الوقود. غير أنه يضيف أن المديرين بحاجة إلى اتخاذ نهج متشعب: إنك بحاجة إلى إدارة التكاليف على أساس متشدد، في الوقت الذي تتحدث فيه عن النمو. ولذلك، فإنك بحاجة إلى الاقتراب الشديد من العاملين معك ميدانياً، بحيث تتحدث إليهم شارحاً ما تفعله. يسلط خبراء الإدارة الأضواء على الحاجة إلى الإعداد لتعاف دون الافتراض الأوتوماتيكي، أنه سوف يكون هنالك تعافٍ، إنك بحاجة إلى تجنب الرضا عن النفس . حسب ما يقوله روب جوفي، أستاذ السلوك التنظيمي في كلية لندن للنشاطات العملية.السرعة الظاهرة التي عادت بها الاقتصادات إلى النمو، أكدت مرة أخرى على الحاجة إلى عدم وضع كثير من الثقة في التوقعات. ويقول مارك توماس رئيس الاستراتيجية والتسويق في شركة PA الاستشارية، إن على الشركات أن تعد لثلاثة سيناريوهات محتملة: تعاف سريع على شكل حرف V، وتعاف أبطأ بكثير على شكل حرف L، أو انكماش مخيف ذي غطستين يتخذ شكل حرف W.
ويضيف: أنه وضع غير مريح لقادة النشاطات العملية، ولكن إذا كانوا يعتمدون على تعاف بشكل الحرف V، فإن من الممكن أن يواجهوا صعوبات كامنة.إن من شأن مثل هذه الرسالة الدقيقة أن تزيد من قيمة القادة الحقيقيين للنشاطات العملية، بدلاً من المديرين القادرين فقط على بث اتجاه أقرب إلى الصورة المباشرة. يحتاج التنفيذيون كجزء من التفكير العميق، إلى إعادة تقييم ما تغير في صناعاتهم، وكيفية حاجتهم إلى التكيف. ويقول السير نايجل نوولز الرئيس التنفيذي لأكبر شركة قانونية في العالم وهي دي إل أيه بايبر DLA Piper: أعتقد أن الناس أصبحوا مدركين أنه كان هنالك تحول في النهج المتبع. ولن تكون الحياة، مرة أخرى، كما كانت عليه. وعلى الرؤساء التنفيذيين الآن أن ينظروا إلى حيث يريدون أن يكونوا، وكيف يمكنهم بلوغ ذلك استناداً إلى عام 2009، وما بعد ذلك، وليس ما كانت عليه استراتيجيتهم قبل التراجع الاقتصادي. يتضمن ذلك الأمر إعادة تفكير استراتيجي مع وجود عدد قليل من حالات الاضطراب، على الأقل. وقد أطلق جف إملت الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك على ذلك وصف: عالم إعادة الإطلاق، وهو يجادل بأن عالم النشاطات العملية من التنظيم إلى الإدارة، لا يمكنه العودة إلى العمل بالطريقة التي اعتاد عليها قبل الأزمة. يضيف جوفي يمكن أن يتمثل الأمر في أن قطاعات من الاقتصاد لن تتعافي بالطريقة التي نفهمها. ولكن تعود الخدمات المالية إلى ما كانت عليه، وسيفكر المستهلكون بالقيمة بصورة أعمق .
يتطلب الأمر كذلك أن ينتقل التنفيذيون، إذا لم يكونوا قد بدأوا في ذلك بالفعل، من الأسئلة المتعلقة بمجرد البقاء في الأجل القصير، إلى قضايا مرتبطة بالأجل الأطول. ويقول برونو لافونت الرئيس التنفيذي لشركة لافارج، وهي أكبر شركة لصناعة الإسمنت في العالم: أعتقد أن أحد أكبر التحديات هو أن تكون مدفوعاً بشدة بأمور الأجل القصير، وألا تنسى في الوقت ذاته أمور الأجل الطويل. وكان من الكفاءة الحقيقية أن يكون المرء مركزاً في مثل هذه الأزمات، وإن المحافظة على الهدوء تعني الكفاءة العالية.أما جيرارد كريستدلي الرئيس التنفيذي لشركة فيليبس، التجمع الصناعي الهولندي، فيصف التحول المطلوب بقوله: حين تدخل في أزمة ما، فإن تشد اللجام بقيود أشد، لأن من الضروري الإسراع في تخفيض تكاليفك. وحين تخرج من أزمة ما، فإنك تصبح بحاجة إلى فسح المجال ثانية، أمام شيء من حرية أصحاب الأفكار الجريئة في إدارة المشاريع في الخط الأمامي للنشاط العملي، لكي تتمكن من الاغتنام الفعلي للفرص، بحيث تستطيع بالفعل أن تستفيد من التحول باتجاه الأعلى. يضيف أن الحكمة في إعادة توازن أسلوب الإدارة تتمثل في: أين تسيطر على الأمور بقوة، وأن تمنح مجالاً للحركة. بدأت الأهمية كذلك بالنسبة لقادة النشاطات العملية بأن يكونوا واضحين، حيث إن إحدى الرسائل الحاسمة هي ألا يختفي المديرون داخلياً. ويقول بوتيه، على سبيل المثال، إنه ضاعف الوقت الذي يتصل فيه مع موظفيه ضعفين، أو ثلاثة أضعاف. بعد أن تقوقعوا خلال معظم العام الماضي، فإن على قادة النشاطات العملية الخروج من متاريسهم بينما تبدو بوادر تعاف محتمل. ويقول توماس: آن الأوان للتوقف عن الانطواء الداخلي، حيث ينبغي النظر باتجاه الخارج لرؤية ما يحدث.
وفقاً لما يراه جوفي، فإن جانباً من التراجع تضمن أعداداً ضخمة من العاملين، والمديرين الذين قدموا تضحيات من خلال أمور مثل تجميدات الرواتب، في سبيل المحافظة على بقاء النشاط العملي. وآن الأوان للبدء في مكافأة مثل هؤلاء العاملين على تضحياتهم. يضيف أن على الشركات كذلك التفكير بكيفية الاحتفاظ بالمواهب، بينما يبدأ المنافسون في البحث عنها لتوظيفها في الوقت الذي يتعزز فيه التعافي. ويقول: إبق على قيمة منظمتك بالنسبة إلى الأشخاص القيمين بالفعل.
غير أنه بقدر أهمية تغييرات السلوك، فإن على قادة النشاطات العملية أن يبقوا على تركيزهم على بعض المجالات التي اكتسبت أهمية خلال الأزمة، وليس أقلها شؤون التمويل. بوجود علامات تحذير ما زالت قائمة حول احتمال أزمة ائتمان أخرى، يصف توماس الأولوية المستمرة بأنها: التأكد من أنه مهما كانت الأمور المقبلة، فإن عليك أن تحافظ على سيولتك. وهو يشجع كذلك على البحث، فيما إذا كانت الشركات قادرة على تحسين تخصيص رساميلها، بينما ترى الدراسات أن أكثر من 50 في المائة من تلك الرساميل، هي رساميل ميتة مربوطة بنشاطات عملية متدنية الأداء. تكون هنالك فرص جيدة أمام أولئك القادة الذين يستطيعون إدارة كل هذه الأمور. وقد توقع كثير من المعلقين أن تعثر الشركات الكبرى على فرص للشراء خلال الأزمة، غير أنه لم يحدث سوى القليل من ذلك بسبب شحة الائتمان.أما الآن فإن تحركات مثل تقديم عرض شراء من جانب شركتي كرافت إلى كادبوري، والاندماجات في شركات الاتصالات والكيماويات، والرقائق متناهية الصغر، تمنح قوة للمزاعم الجيدة بأن أفضل الشركات سوف يكون بإمكانها تحقيق الأرباح.يقول توماس: إبدأ بالاستفادة من أوضاع الشركات التي عانت أخيراً، فقد يرغب قادة النشاطات العملية في تخفيف بعض القيود التي فرضت خلال الأيام السيئة. ويشير بوتييه من شركة إير ليكويد Air Liquide إلى تخفيف التكاليف التي تعود إلى تقديرات الإدارة، ويقول: كيف ندير تلك الأمور في المستقبل؟ عليك أن تعيد فتح الصمامات.

أمور متعلقة بالإعداد لتعاف قريب
ابدأ الإعداد للتعافي دون أن تفترض أنه موجود بالفعل، حيث إن الأمور يمكن أن تسوء، ولذلك فإن عليك التخطيط لذلك أيضاً. عليك بازدواج الشخصية بالإبقاء على سيطرة قوية على التكاليف، في الوقت الذي تمد فيه لعودة النمو.ألق نظرة خارج شركتك، وانظر إلى ما تغير في صناعتك، وفي العالم عموماً. وهل تغير سلوك زبائنك بصورة شبه دائمة؟ وهل أنت بحاجة إلى تغيير استراتيجيتك، أو مجرد إدخال تعديلات عليها؟ ولا تعتمد على الفرضيات القديمة.اعمل على تقييم العاملين لديك، وكافئ أولئك الذين ساعدوا على استمرار الشركة، واستعد للمحاربة في سبيل الاحتفاظ بأفضل ما لديك من العاملين، واصل مراقبة السيولة، وشؤون التمويل. ابدأ بتخفيف بعض القيود التي فرضت أثناء الأزمة، وامنح الموظفين مزيداً من الحرية. تجنب الرضا عن النفس.
تواصل مع الموظفين بنزاهة، دون رسم صورة مفرطة في التفاؤل، حيث يمكن للقادة الجيدين أن ينجحوا في تخطي الأوضاع الدقيقة.