شلبي
02-10-2009, 12:30 AM
الديمقراطية الكافرة
--------------------------------------------------------------------------------
محمد صقر الزعابي
لماذا نطلق على ديمقراطية الغرب بأنها ديمقراطية كافرة، وبأنها لا تتناسب معنا نحن كمسلمين؟ (هل فقط لأن الشعب هو من يحكم نفسه بنفسه، فيعتبر هو من يشرع، وذلك خلاف ما نعتقده نحن كمسلمين بأن المشرع هو رب العالمين، أعتقد بأننا لن نختلف كثيرًا، أو على الأقل أنا لن أختلف مع نفسي كثيرًا إذا فككنا بعض المختلف فيه؛ لأننا نتكلم عن مسائل اجتهادية، وليست مسائل قطعية، ولأننا نحن من نصنع الأنظمة، وليست هي التي تصنعنا).
الديمقراطية الكافرة وضعت أسسها وأوجدت دساتيرها، وأطرت نظامها، ورسمت معالمها، ووضعت خطوطها الرئيسية ثم مضت في طريقها، هي لا تعترف بالدين، هذا شأنها، لكنها في النهاية لها مرجعية تحترم فيها الآخر، بل وحتى تحترم فيها الدين، ولا تستطيع التجاوز عليه، فيما هو مقرر كحق يمارسه الشخص المتدين في دولة علمانية لا يوجد لها (نظريًا ) ممثلين للدين، وإن كانت عمليًا تسمح لكل فكر بشري ناقص بأن يكون له كلمة وممثلين، فيصبح هو الدين الذي يستعبد به البشر بعضهم البعض.
هو فكر بشري قد يكون اعتوره بعض النقص في رسم الطريق القويم؛ لأنه يبقى اجتهاد بشر، ولكن في مجمله كنظام إداري يدار به نظام الحكم فهو نظام جد متطور، لأن فيه مقومات الحياة والروح التي يتطلع إليها الإنسان الذي يبحث عن النظام العادل، نظام يرسم الحدود، ويعطي كل ذي حق حقه، نظام لا يعرف الأسماء والألقاب، بل يعرف القواعد والنصوص التي يجب تطبيقها على الإنسان بصفته إنسانًا، وليس بصفته شيئًا آخر، لأن الصفات طارئة وليست ملازمه لهذا الإنسان، وكان الأولى بنا نحن كمسلمين أن نأخذ بهذا النظام؛ لأننا نعرف أن العزة والكرامة والدرجة العالية لا تؤخذ بالمناصب، بل هي تقوى وعمل وخدمة للآخرين يرتفع بها الإنسان بقدر بذله وجهده، وليس بلقب يحصل عليه كمنحة أو يرثه من آبائه وأجداده.
ويا للأسف، نحن نناقش نظام ونصفه بالكفر، وبالمقابل نلتفت (حتى تكاد رقابنا أن تنكسر من شدة الالتفات) عن نظام هو في الحقيقة أشد كفرًا وظلمًا وعدوانًا، نظام يحكم باسم الشعب والدين والمال والأرض، حتى وباسم الجيل الذي لم يولد، نظام فرد ليس له شريك، نظام رأي ليس له رأي آخر، نظام سيد، والكل من حوله عبيد، نظام يفهم والكل من حوله بليد، نظام يختار حتى وهو ميت لمن يفترض فيهم أنهم أحياء، نظام يقوم فيه الرجل المفكر العالم العامل للجاهل صاحب الجاه المصنوع والمنصب المنزوع.
نناقش ونفاضل بين النظام الديمقراطي الذي هو خير للإنسان وعزة الإنسان وكرامة الإنسان وحرية الإنسان، وبين نظام الفرد الديكتاتوري، وشلته الفاسده التي تحكم على شعوبها بالموت كل يوم ألف بل مليون مرة، أنظمة فرد تخطط لعزها وذل شعوبها لرفاهيتها، وفقر شعوبها لسيادتها، وعبودية شعوبها لخلودها وفناء شعوبها، أنظمة تقتل في المبدع حس الإبداع، وفي المتفوق روح المبادرة، وحب طلب العلم، وفي المفكر أي ذرة لفكرة جديدة، وفي الحر أي تطلع لنشر بذور الحرية، أنظمة مستغلة تلعب بحاجات الناس، فتعطي من لا يستحق ما لا يستحق حتى يصبح السارق شريفًا، وتمنع الحق عمن يستحق حتى يصبح القوي الأمين ضعيفًا.
نتنكر للمرارة التي نتجرعها في أنظمة لا تعرف سوى أنفسها، ولا تعرف حتى الدين الذي تدعيه وتزعمه لنفسها وتنكره على الدول الديمقراطية العلمانية، والتي هي في الواقع أشد احترامًا للدين منها، دولة الفرد دينها هواها، ولولا الحياء لصار الفرد رب العالمين يشكر حتى على الهواء الذي يتنفسه الفقير المسكين، أما دولة الكفر الديمقراطية باسم الحرية والعدالة والمساواة، فيستطيع الفقير الذليل في بلده أن يقف خصمًا لحكومة ذلك البلد الند بالند (كما وقف ابن الأكرمين أمام عمر بن الخطاب؛ ليأخذ الحق منه لابن الفقير).
الديمقراطية ليست كافرة؛ لأنها نظام العدل، ونستطيع نحن تحويرها لتصبح شورى، أو تصبح كوكتيل قراطية أو تصبح شيئًا ما من الحرية المنظمة التي تناسبنا، الديمقراطية نظام راقي يجمع سمات دولة العدل، ودولة التداول ودولة المحاسبة والمراقبة ودولة الحرية، دولة الراية البيضاء التي لا يلوثها أو يحورها المنافق لتصبح على مقاس من يريد أن يلبسها له.
الديمقراطية ليست شرًا كلها إن لم يكن الخير في معظمها، (وإن كان فيها كفر، فلماذا لا ندعوها للإسلام فيحسن إسلامها، ويرتقي فيها وبها أبناء هذه الأمة المكلومة)، فلقد كفرنا نحن أبناء هذه الأمة بنظام الفرد الحاكم (وهو كله شر، وليس فيه من الخير شيء) الذي ليس له مثيل، ولا قبيل، وتبرأنا منه ومن دعواه بأنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
http://www.emasc.com/content.asp?contentid=24465
--------------------------------------------------------------------------------
محمد صقر الزعابي
لماذا نطلق على ديمقراطية الغرب بأنها ديمقراطية كافرة، وبأنها لا تتناسب معنا نحن كمسلمين؟ (هل فقط لأن الشعب هو من يحكم نفسه بنفسه، فيعتبر هو من يشرع، وذلك خلاف ما نعتقده نحن كمسلمين بأن المشرع هو رب العالمين، أعتقد بأننا لن نختلف كثيرًا، أو على الأقل أنا لن أختلف مع نفسي كثيرًا إذا فككنا بعض المختلف فيه؛ لأننا نتكلم عن مسائل اجتهادية، وليست مسائل قطعية، ولأننا نحن من نصنع الأنظمة، وليست هي التي تصنعنا).
الديمقراطية الكافرة وضعت أسسها وأوجدت دساتيرها، وأطرت نظامها، ورسمت معالمها، ووضعت خطوطها الرئيسية ثم مضت في طريقها، هي لا تعترف بالدين، هذا شأنها، لكنها في النهاية لها مرجعية تحترم فيها الآخر، بل وحتى تحترم فيها الدين، ولا تستطيع التجاوز عليه، فيما هو مقرر كحق يمارسه الشخص المتدين في دولة علمانية لا يوجد لها (نظريًا ) ممثلين للدين، وإن كانت عمليًا تسمح لكل فكر بشري ناقص بأن يكون له كلمة وممثلين، فيصبح هو الدين الذي يستعبد به البشر بعضهم البعض.
هو فكر بشري قد يكون اعتوره بعض النقص في رسم الطريق القويم؛ لأنه يبقى اجتهاد بشر، ولكن في مجمله كنظام إداري يدار به نظام الحكم فهو نظام جد متطور، لأن فيه مقومات الحياة والروح التي يتطلع إليها الإنسان الذي يبحث عن النظام العادل، نظام يرسم الحدود، ويعطي كل ذي حق حقه، نظام لا يعرف الأسماء والألقاب، بل يعرف القواعد والنصوص التي يجب تطبيقها على الإنسان بصفته إنسانًا، وليس بصفته شيئًا آخر، لأن الصفات طارئة وليست ملازمه لهذا الإنسان، وكان الأولى بنا نحن كمسلمين أن نأخذ بهذا النظام؛ لأننا نعرف أن العزة والكرامة والدرجة العالية لا تؤخذ بالمناصب، بل هي تقوى وعمل وخدمة للآخرين يرتفع بها الإنسان بقدر بذله وجهده، وليس بلقب يحصل عليه كمنحة أو يرثه من آبائه وأجداده.
ويا للأسف، نحن نناقش نظام ونصفه بالكفر، وبالمقابل نلتفت (حتى تكاد رقابنا أن تنكسر من شدة الالتفات) عن نظام هو في الحقيقة أشد كفرًا وظلمًا وعدوانًا، نظام يحكم باسم الشعب والدين والمال والأرض، حتى وباسم الجيل الذي لم يولد، نظام فرد ليس له شريك، نظام رأي ليس له رأي آخر، نظام سيد، والكل من حوله عبيد، نظام يفهم والكل من حوله بليد، نظام يختار حتى وهو ميت لمن يفترض فيهم أنهم أحياء، نظام يقوم فيه الرجل المفكر العالم العامل للجاهل صاحب الجاه المصنوع والمنصب المنزوع.
نناقش ونفاضل بين النظام الديمقراطي الذي هو خير للإنسان وعزة الإنسان وكرامة الإنسان وحرية الإنسان، وبين نظام الفرد الديكتاتوري، وشلته الفاسده التي تحكم على شعوبها بالموت كل يوم ألف بل مليون مرة، أنظمة فرد تخطط لعزها وذل شعوبها لرفاهيتها، وفقر شعوبها لسيادتها، وعبودية شعوبها لخلودها وفناء شعوبها، أنظمة تقتل في المبدع حس الإبداع، وفي المتفوق روح المبادرة، وحب طلب العلم، وفي المفكر أي ذرة لفكرة جديدة، وفي الحر أي تطلع لنشر بذور الحرية، أنظمة مستغلة تلعب بحاجات الناس، فتعطي من لا يستحق ما لا يستحق حتى يصبح السارق شريفًا، وتمنع الحق عمن يستحق حتى يصبح القوي الأمين ضعيفًا.
نتنكر للمرارة التي نتجرعها في أنظمة لا تعرف سوى أنفسها، ولا تعرف حتى الدين الذي تدعيه وتزعمه لنفسها وتنكره على الدول الديمقراطية العلمانية، والتي هي في الواقع أشد احترامًا للدين منها، دولة الفرد دينها هواها، ولولا الحياء لصار الفرد رب العالمين يشكر حتى على الهواء الذي يتنفسه الفقير المسكين، أما دولة الكفر الديمقراطية باسم الحرية والعدالة والمساواة، فيستطيع الفقير الذليل في بلده أن يقف خصمًا لحكومة ذلك البلد الند بالند (كما وقف ابن الأكرمين أمام عمر بن الخطاب؛ ليأخذ الحق منه لابن الفقير).
الديمقراطية ليست كافرة؛ لأنها نظام العدل، ونستطيع نحن تحويرها لتصبح شورى، أو تصبح كوكتيل قراطية أو تصبح شيئًا ما من الحرية المنظمة التي تناسبنا، الديمقراطية نظام راقي يجمع سمات دولة العدل، ودولة التداول ودولة المحاسبة والمراقبة ودولة الحرية، دولة الراية البيضاء التي لا يلوثها أو يحورها المنافق لتصبح على مقاس من يريد أن يلبسها له.
الديمقراطية ليست شرًا كلها إن لم يكن الخير في معظمها، (وإن كان فيها كفر، فلماذا لا ندعوها للإسلام فيحسن إسلامها، ويرتقي فيها وبها أبناء هذه الأمة المكلومة)، فلقد كفرنا نحن أبناء هذه الأمة بنظام الفرد الحاكم (وهو كله شر، وليس فيه من الخير شيء) الذي ليس له مثيل، ولا قبيل، وتبرأنا منه ومن دعواه بأنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
http://www.emasc.com/content.asp?contentid=24465