المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النفط الرخيص.. ثروة وطنية



إنتعاش
04-10-2009, 01:25 PM
للنفط استخدامان رئيسيان، توليد الطاقة والصناعات البتروكيماوية. وقد شهد كلا المجالين نموا مطردا في القرن الماضي، لدرجة وضعت العالم على المحك. فالعالم حتى اليوم، لم يتمكن من اكتشاف مصدر أرخص وأكثر كفاءة للطاقة.

وقد أثبتت أزمة الائتمان أن عصر النفط الرخيص قد انتهى إلى غير رجعة. فمع أن الطلب على النفط لم ينم خلال عام 2009، إلا أن أسعار النفط ما زالت تحلق بعيدا عن ستين دولارا للبرميل.

أسعار النفط المرتفعة دفعت عجلة الاستثمار في أبحاث ودراسات تحاول إيجاد بديل حقيقي. فتكلفة استهلاك النفط اليوم لا يتم حسابها بما يحتاجه برميل النفط من مواد وعتاد لاستخراجه من باطن الأرض فقط، إنما دخلت في معادلة الأضرار البيئية الناجمة عن استهلاك الوقود والتي تؤدي بشكل أو بآخر إلى الاحتباس الحراري.

السبب في الارتفاع المستمر في أسعار النفط ليس ناجما عن زيادة الطلب، إنما النقص المتوقع في المعروض في المستقبل. هناك من يتحدث أيضا عن عدم كفاية الاستثمارات في مجال التنقيب عن النفط للكشف عن احتياطيات جديدة. فبحسب دراسات مراكز الطاقة الغربية، بدأ العالم منذ عامين في استهلاك كميات أكبر مما يتم الكشف عنه.

كل ما سبق يدل على أهمية النفط كعصب للتنمية الاقتصادية العالمية. الأبحاث الرامية إلى إيجاد مصادر أخرى للطاقة ليست بالضرورة مضرة بالدول التي تعتمد على تصدير النفط، بل على العكس تماما.

فكما أن العالم غير قادر على التخلي عن النفط كمصدر رئيس للطاقة في المدى المنظور القريب، فإنه لن يتمكن من العيش بدون البلاستيك. لقد أصبحنا نعيش اليوم في عالم من البلاستيك، فالسيارات والطائرات والحواسيب وهواتفنا المتنقلة وحتى ملابسنا تحتوي بشكل أو بآخر على منتجات بتروكيماوية.

لقد تمكنت السعودية من بناء صناعة بتروكيماوية عالية الجودة والكفاءة، ولكن حتى تتمكن هذه الصناعة من الإبقاء على ميزاتها الاقتصادية، فلابد لها من مصدر رخيص للنفط. ولذلك يجب علينا أن ندعم الأبحاث الهادفة إلى إيجاد بدائل وحلول واقعية لمصادر متجددة للطاقة.

بذلك سيتسنى لنا أن نحتفظ بمخزوننا النفطي لدعم صناعة البتروكيماويات، وسنتمكن من المساهمة في الحفاظ على استقرار درجة حرارة الأرض.

علينا أن نوازن بين مصالحنا الوطنية وبين مصالح العالم الاستراتيجية. على سبيل المثال، تعد الصين أهم الدول المصدرة للمعادن الأرضية، والتي تستخدم في بطاريات السيارات الهجينة التي تقلل من استهلاك الوقود.

الصين اعتبرت هذه المعادن ثروة وطنية لا يمكن التفريط فيها، ولذلك قامت بالحد من تصديرها للخارج. الخطوات التي يخطوها العالم باتجاه مصادر الطاقة المتجددة أكثر واقعية من اختراع بديل للبلاستيك، ولذلك فإنه في حال اكتشف مصدر بديل لطاقة النفط، فإنه يمكننا التحول من دولة مصدرة للطاقة، إلى دولة مصدرة للبلاستيك.