QATAR 11
12-10-2009, 05:01 AM
تحولت لأهم مركز يزود السوق البريطاني بالغاز
توسعة المحطة.. بإضافة مرفأ جديد وزيادة مستودعات الغاز
ساوث هوك نموذج فريد للعلاقات المستقبلية بين البلدين والشعبين
محمد النعيمي: نفخر بنجاح تسيير الرحلة من المحطة
قطر أصبحت أكبر مورد للغاز في السوق البريطاني
المحطة استقبلت حتى الآن 20 ناقلة للغاز القطري المسال
قطر ستصدر ثلث إنتاج العالم من الغاز بحلول عام 2011
خطى مشروع محطة ساوث هوك، بوابة الغاز القطري نحو بريطانيا بميناء ميلفورد هيفن بمقاطعة بمبروكشاير في ويلز، في السادس من أكتوبر 2009، خطوة عملاقة جديدة باتجاه أهدافه الاستراتيجية، كأول مشروع متكامل للاستثمار في الغاز الطبيعي في العالم؛ لتغطية 20 في المائة من احتياجات السوق البريطاني من الغاز الطبيعي، وذلك بعد ستة أشهر لا أكثر من بداية العمل على المحطة.
وكان تدشين ساوث هوك في مايو الماضي قد أسس لنقلة ذات دلالة على مستوى العلاقات الاستراتيجية بين بريطانيا وقطر؛ بحسب تعبير دولة السيد غولدن رئيس الوزراء البريطاني، أضافت لمستوى العلاقات الثانية بين البلدين والشعبين والقيادتين بعدا على درجة من العمق والقرب والتكامل.
وقد زادت كثيرا أهمية حفل الافتتاح بحضور حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وسمو الشيخة موزة إلى جانب الملكة إليزابيث الثانية، ودوق أدنبرة. الحدث الذي وصفته الصحافة البريطانية بالاستثنائي، والذي يعكس حجم الاهتمام الذي توليه الحكومة البريطانية لهذه المحطة التي تشكل رافدا جديدا ومهما لأمن الطاقة في البلد، وعن طريق مصدر آمن هو قطر.
وفي الوقت الذي كانت المحطة في المرحلة الأولى وتعمل بطاقة إنتاجية تغطي 10 في المائة من احتياجات السوق البريطاني من الغاز، سيرتفع معدل إنتاج المحطة، مع انطلاقة المرحلة الثانية من المشروع ليغطي 20 في المائة من حاجة هذا السوق. حول هذا الحدث، وصيرورة العمل على المشروع، يشرح سعادة المهندس محمد النعيمي مدير عام شركة ساوُث هوك ل الراية:
"نحن نفخر اليوم ككوادر قطرية مشرفة على سير هذا المشروع الاستراتيجي الضخم، بنجاحنا في تسيير الخطوة الأولى من خطة العمل، والتي تم تدشينها في مايو الماضي بحضور حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله، وسمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند وجلالة الملكة اليزابيث الثانية إلى جانب الأمير فيليب دوق أدنبره، والتي أصبحنا وفقها اكبر مورد للغاز في السوق البريطاني من مجموع الشركات التي تضخ الغاز لهذا السوق، وفق ما أسفرت عنه آخر الإحصائيات في هذا الصدد. حيث تدخل المحطة اليوم، السادس من أكتوبر عام 2009 المرحلة الثانية من مخطط سير عملها، كمعبر أساسي لدخول الغاز القطري المسال إلى السوق البريطاني. والتي سيتم خلالها إضافة مرفأ جديد، وصهريجين آخرين لتخزين الغاز المسال، بالإضافة إلى توسيع المصنع وإضافة المزيد من معدات التشغيل؛ على النحو الذي ستصل معه سعة إنتاجية المحطة مع بدايات العام القادم إلى ما يغطي 20 % من إجمالي احتياجات المملكة المتحدة من هذا المصدر المهم للطاقة. أي ما سيسمح بمضاعفة معدل إنتاج المحطة؛ الذي يغطي اليوم نسبة 10 في المائة من حاجات هذا السوق.
ويشكل هذا الحدث في تفاصيله المختلفة أكثر من معنى؛ يواصل النعيمي ل الراية، على رأسها مصداقية الالتزام القطري بمختلف وعوده الاستراتيجية. وقدرته على ضخ الغاز الطبيعي للسوق البريطاني بالكميات التي يتوقعها هذا السوق، والاستجابة إلى حاجات هذا السوق الملحة التي أخذت تتهدد مع تناقص منتوج بحر الشمال كما أشار الوزير البريطاني للطاقة في أكثر من مناسبة.
حيث أتى المشروع القطري لضخ الغاز الطبيعي للسوق البريطاني عن طريق محطة ساوث هوك، كنجدة حقيقية لهذا السوق ومن مصدر مأمون؛ وهو دولة قطر المشهورة باستقرارها السياسي والأمني بفضل السياسة الحكيمة للقيادة القطرية التي جعلت لقطر مكانة لها وزنها الخاص على مستوى العالم."
وكان السيد إد ميليبَند وزير شؤون الطاقة وتغير المناخ بالمملكة المتحدة، قد شدد على مردودات المشروع الاستراتيجية على مستوى السوق البريطاني، وفق ما سيضمن تأمين احتياجاته لمصادر جديدة من الطاقة، وذلك بعد تدني مستويات إنتاج حقول بحر الشمال. حيث أعرب بهذا الخصوص: "مع التقلص السنوي لمصادرنا من الغاز في بحر الشمال، تعمل المملكة المتحدة على تنويع مصادر الطاقة. لذا نحن نعتز بالعمل مع مشروع قطر غاز 2 الذي شاهدنا أعماله في راس لفان. حيث سيؤمن هذا المشروع وصول شحنات الغاز الى المملكة المتحدة عبر ميلفورد هيفن".
"من ناحية أخرى، يواصل المهندس محمد النعيمي يمثل الحدث نجاحا لمسيرة المشروع ذاته، والتزامه بالأهداف العملية التي حددها لمساره. حيث نحن هنا ندخل المرحلة الثانية، بعد أن أتممنا بنجاح تام تفاصيل المرحلة الأولى، وفق القدرة الإنتاجية المقترحة للمرحلة، في الموعد المحدد، ووفق الشروط المحددة ومنها السلامة والانسجام مع البيئة".
"فلقد استقبلت المحطة حتى الان 20 ناقلة للغاز القطري المسال، وعلى رأسها الناقلة موزة التي كانت شامخة الحضور على ميناء المحطة خلال حفل الافتتاح. وهي واحدة من ضمن 14 ناقلة تم بناؤها خصيصا لمشروع قطر غاز 2 . هذا، وتبلغ حمولة الناقلة موزة، والتي تمت تسميتها خلال حفل في الحادي عشر من يوليو من العام الماضي، 266,000 متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، وهي الأكبر في العالم وتزيد سعتها بنسبة 80% عن سعة الناقلات التقليدية المستخدمة في نقل الغاز الطبيعي المسال، كما يقل استهلاكها للطاقة بحوالي 40 في المائة مقارنة بنظيراتها التقليدية. ويعزى هذا التوفير في الطاقة إلى حجم الناقلة وكفاءة محركاتها."
وأضاف: إن محطة ساوث هوك هي جزء من مشروع قطر غاز 2 الذي يمثل أول سلسلة متكاملة من تصنيع وتصدير ونقل وإعادة تسييل الغاز القطري وحتى ضخه في السوق المقصود. على النحو الذي يتكامل فيه العمل بين نقطة الانطلاق، ومرورا بآليات التوصيل والمواصلات، وحتى نقطة إعادة الغاز إلى حالة الغازية وضخه في السوق، وذلك عبر نفس المؤسسة. وبالتالي فإن محطة ساوث هوك تقدم هنا النموذج الأول وفق هذه السياسية من جهة، وتقدم من جهة أخرى دليلا عمليا على قدرة الاقتصاد القطري على العمل بنجاح في إطار عالمي الشروط والمناخ."
وكان سعادة الوزير عبد الله العطية نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة والصناعة، قد اعرب ل الراية حول دخول الغاز القطري إلى السوق البريطاني عبر محطة ساوت بأنه يشكل خطوة باتجاه تسويق الغاز القطري المسال لمختلف مناطق العالم عبر محطات عالمية أخرى سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، وآسيا.
وقال: ان الخطط والسياسات التي انتهجت في السنوات العشر الأخيرة تحت قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، وسمو ولي العهد الأمين الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، جعلت قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم وهي تلعب الدور المحوري بالقياس إلى حاجيات السوق العالمي من هذا الغاز. ويتوقع ان تصل الطاقة الانتاجية للدولة الى 77 مليون طن في عام 2011، أي حوالي ثلث إنتاج العالم من الغاز المسال. الأمر الذي سيجعل من قطر الدولة المحورية بلا منازع، والارتكازة الاستراتيجية الأساسية للسوق الدولية في صناعة الغاز المسال. لقد أصبحت قطر اليوم "الرقم الصعب" في الصناعات الهيدروكربونية.
وأضاف: لقد اختارت قطر بهذا الصدد استراتيجية التصدير إلى القارات الثلاث، والتي هي آسيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، في نفس الوقت. بحيث أخذنا في الاعتبار بأن يذهب ثلث منتوجنا باتجاه الدول الآسيوية، والثلث لأمريكا الشمالية، بينما يقصد الثلث الباقي الدول الأوروبية بشكل عام. غير هذا ترى قطر في السوق الأوروبي محطة على درجة من الأهمية، وطبقا لتوقعاتنا سيصل معدل تسويقنا للغاز المسال نحو أوروبا مع عام 2010 الى 24 مليون طن، الأمر الذي سيجعل من قطر أحد أهم مصادر الغاز المسال الذي يصل الى أوروبا.
افتتاح المحطة الخبر الأهم:
وقد توقف الإعلام البريطاني بكثير من الاهتمام أمام هذه المناسبة، التي تستقبلها البلد كحدث جد إيجابي في زحمة الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أخذت تداعياتها تهدد سير العملية الاقتصادية بالكامل في البلد. حيث شددت التحليلات البريطانية على مستوى الرمز الذي يمثله قرار القصر الملكي في المملكة المتحدة بحضور الملكة اليزابيث والأمير فيليب دوق أدنبره إلى جانب سمو الأمير المفدى وسمو الشيخة موزة حفل افتتاح محطة ساوث هوك لاستقبال الغاز القطري بميناء ميلفورد هيفن جنوب ويلز. الذي يعكس على نحو بالغ الدلالة حجم الاهتمام الذي توليه مختلف الجهات البريطانية، وعلى كل المستويات الرسمية والشعبية لهذا الحدث.
حول هذا المعنى يشرح النعيمي ل الراية: " لقد حظي افتتاح المحطة بتغطية إعلامية واسعة على مستوى الصحافة العالمية والبريطانية والمحلية في ويلز، التي توقفت على نحو خاص على اعتبار الحدث لحظة تاريخية للمنطقة. خاصة من خلال تشريف العائلة المالكة البريطانية إلى جانب العائلة المالكة القطرية جنبا إلى جنب. ويمكن أن نتصور في هذا السياق تأثير مثل هذا الحضور العالي المستوى على الشعب الويلزي، والذي فسر اهتمام الملكة اليزابيث بحضور حفل الافتتاح بالأهمية الكبرى التي يحملها المشروع القطري لبريطانيا ولمنطقة ويلز بالذات.
وفق هذا المعنى لا زالت الأخبار والتحليلات المختلفة التي تناولت الحدث الموجودة على مواقع الجرائد المحلية على شبكة الانترنت، هي الأكثر قراءة حتى هذا التاريخ، وهو ما يعكس مدى الاهتمام الذي يوليه سكان المنطقة لهذا الحدث وحضور سمو الأمير وسمو الشيخة موزة إلى جانب الملكة اليزابيث حتى ديارهم..
من ناحية أخرى كانت الصحف الوطنية على اختلافها قد توقفت مطولا أمام طبيعة هذه الشراكة الاقتصادية المهمة التي تحققت في هذا المجال بالذات بين قطر وبريطانيا. فعلى سبيل المثال، يواصل النعيمي ل الراية، خصصت جريدة الفايننشل تايمز الواسعة الانتشار صفحة كاملة لتغطية الحدث، وشددت بصورة خاصة على التأثيرات الايجابية للمحطة على اقتصاد المنطقة في ظروف اقتصادية عالمية صعبة. كما ركزت على أهمية هذا الاستثمار القطري الواثق في مثل هذه الظروف الاقتصادية العالمية غير المستقرة، واصفة الحدث بأنه شجاعة استثمارية على درجة من الدلالة.
حراك اقتصادي للمنطقة
وقد عزز اختيار قطر للغاز لهذا الميناء كبوابة لدخول الغاز القطري المسال إلى المملكة المتحدة، وفق التحليلات البريطانية، من القيمة الاستراتيجية لميلفورد هيفن، وذلك وفق تحوله إلى مركز مهم للطاقة وسط المملكة المتحدة. السيد تيد سانجستر الرئيس التنفيذي لهيئة ميناء ميلفورد هيفن يشرح بهذا الصدد:
"لقد جهدنا خلال السنوات الأخيرة لأن نجعل من ميلفورد هيفن واحدا من أهم موانىء البلاد، وتمكنا اليوم من استقبال ناقلات الغاز المسال الضخمة التي سوف تساعدنا في تحقيق هذا الهدف. إن هذا الحدث قد جعل أنظار العالم بأسره تدور نحونا، ما سيساعد على جذب اهتمام المؤسسات التجارية الأخرى، التي يمكن أن تقدم لنا بدورها المزيد من الفرص باتجاه خلق إيرادات إضافية. وبالقياس لما يتميز به من طبيعة آمنة، سيكون لميلفورد هيفن دور حيوي في دعم التنمية الاقتصادية، وفي دعم نشاط مؤسسات المجتمع المحلية في جميع أنحاء بمبروكشاير."
في هذا الصدد يعرج المهندس محمد النعيمي لتوضيح الدور الايجابي للمحطة في إنعاش اقتصاد بيمبروكشاير، وويلز بشكل عام. حيث ستضخ استثمارات المشروع أكثر من بليون جنيه استرليني في الاقتصاد المحلي. وهو الحراك، الذي لمست المنطقة نتائجه منذ بداية العمل على المشروع، وخلال مختلف مراحل الإعداد وبناء المحطة والمصنع، ثم بعد بداية العمل على تشغيل المصنع. فإن المشروع الذي تقدمه ساوث هوك، يستند إلى استثمار طويل المدي، وبالتالي فانه يشكل أفقاً مفتوحاً للمزيد من الحراك، ومن فرص العمل والتفاعل المثمر مع اقتصاديات كامل منطقة بيمبروكشاير، ولكن بصورة خاصة ميلفورد هيفن. حيث سيضمن المشروع تحولها من جديد إلى واحدة من أهم مراكز إنتاج الطاقة، وأكبر موانيء المملكة المتحدة".
ويواصل: "فهنا تدخل قطر لقلب أحد أقوى واهم أسواق الغاز في العالم، وتستجيب لحاجات هذا السوق الذي أخذ يتهدد مع تناقص مخزون بحر الشمال، لكنها أيضا تدخل منطقة قد عصف بها الجزر الاقتصادي، وارتفاع معدل البطالة، حتى أنها قد سجلت خلال السنوات العشر الأخيرة أكبر معدل للبطالة في المملكة المتحدة، لتبعث فيها حراكا جديدا قادرا على قلب الأوضاع وإنعاش الحياة في هذا الركن البريطاني".
حول هذا المعنى يشرح المحلل السياسي البريطاني جورج دريك ل الراية بأن مقاطعة بمبركشاير بشكل عام، وخاصة المناطق المحيطة بمصافي البترول السابقة في ملفورد هيفن قد أصابتها نكسة اقتصادية كبيرة أعقاب إغلاق مرافيء البترول التي قام حولها اقتصاد المنطقة خلال النصف الأخير من القرن الماضي. وحل شبح البطالة على المنطقة بشكل كامل، حتى إن هجرة داخلية واسعة قد أخذت تنقل الناس من مدنها الأصلية إلى مدن أخرى في ويلز أو في مقاطعات بريطانية أخرى بكل ما يمثله ذلك من إشكاليات اقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة. وذلك دون أن يفلح الأمر كثيرا في إخراج الناس من حالة العسر الاقتصادي الذي يضرب مختلف العائلات المتواضعة الدخل. وقد جاء المشروع القطري للمنطقة بنجدة غير منتظرة حولت المكان إلى نقطة جذب اقتصادي في سرعة استثنائية وفق ما يقدمه للناس من فرص للعمل المباشر أو العمل غير المباشر.
فليس قليلا على سبيل المثال، يواصل المحلل البريطاني ل الراية، أن نجد في ميلفرد هيفن والمدن التي تحيط بها، أن المتاجر قد أخذت تزدهر والمقاهي تنتشر مثل الزهور في الربيع، والفنادق... بينما نجد في مدن بريطانية أخرى اليوم مع تداعيات الأزمة العالمية تعيش حالة عكسية حيث يتوالى اختفاء المحلات والمطاعم والمقاهي نتيجة لنقص الزبائن وعجز الناس عن صرف إي مبلغ غير ضروري.
لذلك فإن ما تقوم به قطر في المنطقة هو حدث أخذ مكانه في قلب التاريخ؛ لأنه قد جاء برسالة مغايرة لما يرسله الاقتصاد العالمي، وأسس حول المشروع لحراك اقتصادي غير مسبق جعل أهل المكان يعودون في هجرة عكسية إلى ديارهم.
يتبــــــــــــع
توسعة المحطة.. بإضافة مرفأ جديد وزيادة مستودعات الغاز
ساوث هوك نموذج فريد للعلاقات المستقبلية بين البلدين والشعبين
محمد النعيمي: نفخر بنجاح تسيير الرحلة من المحطة
قطر أصبحت أكبر مورد للغاز في السوق البريطاني
المحطة استقبلت حتى الآن 20 ناقلة للغاز القطري المسال
قطر ستصدر ثلث إنتاج العالم من الغاز بحلول عام 2011
خطى مشروع محطة ساوث هوك، بوابة الغاز القطري نحو بريطانيا بميناء ميلفورد هيفن بمقاطعة بمبروكشاير في ويلز، في السادس من أكتوبر 2009، خطوة عملاقة جديدة باتجاه أهدافه الاستراتيجية، كأول مشروع متكامل للاستثمار في الغاز الطبيعي في العالم؛ لتغطية 20 في المائة من احتياجات السوق البريطاني من الغاز الطبيعي، وذلك بعد ستة أشهر لا أكثر من بداية العمل على المحطة.
وكان تدشين ساوث هوك في مايو الماضي قد أسس لنقلة ذات دلالة على مستوى العلاقات الاستراتيجية بين بريطانيا وقطر؛ بحسب تعبير دولة السيد غولدن رئيس الوزراء البريطاني، أضافت لمستوى العلاقات الثانية بين البلدين والشعبين والقيادتين بعدا على درجة من العمق والقرب والتكامل.
وقد زادت كثيرا أهمية حفل الافتتاح بحضور حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وسمو الشيخة موزة إلى جانب الملكة إليزابيث الثانية، ودوق أدنبرة. الحدث الذي وصفته الصحافة البريطانية بالاستثنائي، والذي يعكس حجم الاهتمام الذي توليه الحكومة البريطانية لهذه المحطة التي تشكل رافدا جديدا ومهما لأمن الطاقة في البلد، وعن طريق مصدر آمن هو قطر.
وفي الوقت الذي كانت المحطة في المرحلة الأولى وتعمل بطاقة إنتاجية تغطي 10 في المائة من احتياجات السوق البريطاني من الغاز، سيرتفع معدل إنتاج المحطة، مع انطلاقة المرحلة الثانية من المشروع ليغطي 20 في المائة من حاجة هذا السوق. حول هذا الحدث، وصيرورة العمل على المشروع، يشرح سعادة المهندس محمد النعيمي مدير عام شركة ساوُث هوك ل الراية:
"نحن نفخر اليوم ككوادر قطرية مشرفة على سير هذا المشروع الاستراتيجي الضخم، بنجاحنا في تسيير الخطوة الأولى من خطة العمل، والتي تم تدشينها في مايو الماضي بحضور حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله، وسمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند وجلالة الملكة اليزابيث الثانية إلى جانب الأمير فيليب دوق أدنبره، والتي أصبحنا وفقها اكبر مورد للغاز في السوق البريطاني من مجموع الشركات التي تضخ الغاز لهذا السوق، وفق ما أسفرت عنه آخر الإحصائيات في هذا الصدد. حيث تدخل المحطة اليوم، السادس من أكتوبر عام 2009 المرحلة الثانية من مخطط سير عملها، كمعبر أساسي لدخول الغاز القطري المسال إلى السوق البريطاني. والتي سيتم خلالها إضافة مرفأ جديد، وصهريجين آخرين لتخزين الغاز المسال، بالإضافة إلى توسيع المصنع وإضافة المزيد من معدات التشغيل؛ على النحو الذي ستصل معه سعة إنتاجية المحطة مع بدايات العام القادم إلى ما يغطي 20 % من إجمالي احتياجات المملكة المتحدة من هذا المصدر المهم للطاقة. أي ما سيسمح بمضاعفة معدل إنتاج المحطة؛ الذي يغطي اليوم نسبة 10 في المائة من حاجات هذا السوق.
ويشكل هذا الحدث في تفاصيله المختلفة أكثر من معنى؛ يواصل النعيمي ل الراية، على رأسها مصداقية الالتزام القطري بمختلف وعوده الاستراتيجية. وقدرته على ضخ الغاز الطبيعي للسوق البريطاني بالكميات التي يتوقعها هذا السوق، والاستجابة إلى حاجات هذا السوق الملحة التي أخذت تتهدد مع تناقص منتوج بحر الشمال كما أشار الوزير البريطاني للطاقة في أكثر من مناسبة.
حيث أتى المشروع القطري لضخ الغاز الطبيعي للسوق البريطاني عن طريق محطة ساوث هوك، كنجدة حقيقية لهذا السوق ومن مصدر مأمون؛ وهو دولة قطر المشهورة باستقرارها السياسي والأمني بفضل السياسة الحكيمة للقيادة القطرية التي جعلت لقطر مكانة لها وزنها الخاص على مستوى العالم."
وكان السيد إد ميليبَند وزير شؤون الطاقة وتغير المناخ بالمملكة المتحدة، قد شدد على مردودات المشروع الاستراتيجية على مستوى السوق البريطاني، وفق ما سيضمن تأمين احتياجاته لمصادر جديدة من الطاقة، وذلك بعد تدني مستويات إنتاج حقول بحر الشمال. حيث أعرب بهذا الخصوص: "مع التقلص السنوي لمصادرنا من الغاز في بحر الشمال، تعمل المملكة المتحدة على تنويع مصادر الطاقة. لذا نحن نعتز بالعمل مع مشروع قطر غاز 2 الذي شاهدنا أعماله في راس لفان. حيث سيؤمن هذا المشروع وصول شحنات الغاز الى المملكة المتحدة عبر ميلفورد هيفن".
"من ناحية أخرى، يواصل المهندس محمد النعيمي يمثل الحدث نجاحا لمسيرة المشروع ذاته، والتزامه بالأهداف العملية التي حددها لمساره. حيث نحن هنا ندخل المرحلة الثانية، بعد أن أتممنا بنجاح تام تفاصيل المرحلة الأولى، وفق القدرة الإنتاجية المقترحة للمرحلة، في الموعد المحدد، ووفق الشروط المحددة ومنها السلامة والانسجام مع البيئة".
"فلقد استقبلت المحطة حتى الان 20 ناقلة للغاز القطري المسال، وعلى رأسها الناقلة موزة التي كانت شامخة الحضور على ميناء المحطة خلال حفل الافتتاح. وهي واحدة من ضمن 14 ناقلة تم بناؤها خصيصا لمشروع قطر غاز 2 . هذا، وتبلغ حمولة الناقلة موزة، والتي تمت تسميتها خلال حفل في الحادي عشر من يوليو من العام الماضي، 266,000 متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، وهي الأكبر في العالم وتزيد سعتها بنسبة 80% عن سعة الناقلات التقليدية المستخدمة في نقل الغاز الطبيعي المسال، كما يقل استهلاكها للطاقة بحوالي 40 في المائة مقارنة بنظيراتها التقليدية. ويعزى هذا التوفير في الطاقة إلى حجم الناقلة وكفاءة محركاتها."
وأضاف: إن محطة ساوث هوك هي جزء من مشروع قطر غاز 2 الذي يمثل أول سلسلة متكاملة من تصنيع وتصدير ونقل وإعادة تسييل الغاز القطري وحتى ضخه في السوق المقصود. على النحو الذي يتكامل فيه العمل بين نقطة الانطلاق، ومرورا بآليات التوصيل والمواصلات، وحتى نقطة إعادة الغاز إلى حالة الغازية وضخه في السوق، وذلك عبر نفس المؤسسة. وبالتالي فإن محطة ساوث هوك تقدم هنا النموذج الأول وفق هذه السياسية من جهة، وتقدم من جهة أخرى دليلا عمليا على قدرة الاقتصاد القطري على العمل بنجاح في إطار عالمي الشروط والمناخ."
وكان سعادة الوزير عبد الله العطية نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة والصناعة، قد اعرب ل الراية حول دخول الغاز القطري إلى السوق البريطاني عبر محطة ساوت بأنه يشكل خطوة باتجاه تسويق الغاز القطري المسال لمختلف مناطق العالم عبر محطات عالمية أخرى سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، وآسيا.
وقال: ان الخطط والسياسات التي انتهجت في السنوات العشر الأخيرة تحت قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، وسمو ولي العهد الأمين الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، جعلت قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم وهي تلعب الدور المحوري بالقياس إلى حاجيات السوق العالمي من هذا الغاز. ويتوقع ان تصل الطاقة الانتاجية للدولة الى 77 مليون طن في عام 2011، أي حوالي ثلث إنتاج العالم من الغاز المسال. الأمر الذي سيجعل من قطر الدولة المحورية بلا منازع، والارتكازة الاستراتيجية الأساسية للسوق الدولية في صناعة الغاز المسال. لقد أصبحت قطر اليوم "الرقم الصعب" في الصناعات الهيدروكربونية.
وأضاف: لقد اختارت قطر بهذا الصدد استراتيجية التصدير إلى القارات الثلاث، والتي هي آسيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، في نفس الوقت. بحيث أخذنا في الاعتبار بأن يذهب ثلث منتوجنا باتجاه الدول الآسيوية، والثلث لأمريكا الشمالية، بينما يقصد الثلث الباقي الدول الأوروبية بشكل عام. غير هذا ترى قطر في السوق الأوروبي محطة على درجة من الأهمية، وطبقا لتوقعاتنا سيصل معدل تسويقنا للغاز المسال نحو أوروبا مع عام 2010 الى 24 مليون طن، الأمر الذي سيجعل من قطر أحد أهم مصادر الغاز المسال الذي يصل الى أوروبا.
افتتاح المحطة الخبر الأهم:
وقد توقف الإعلام البريطاني بكثير من الاهتمام أمام هذه المناسبة، التي تستقبلها البلد كحدث جد إيجابي في زحمة الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أخذت تداعياتها تهدد سير العملية الاقتصادية بالكامل في البلد. حيث شددت التحليلات البريطانية على مستوى الرمز الذي يمثله قرار القصر الملكي في المملكة المتحدة بحضور الملكة اليزابيث والأمير فيليب دوق أدنبره إلى جانب سمو الأمير المفدى وسمو الشيخة موزة حفل افتتاح محطة ساوث هوك لاستقبال الغاز القطري بميناء ميلفورد هيفن جنوب ويلز. الذي يعكس على نحو بالغ الدلالة حجم الاهتمام الذي توليه مختلف الجهات البريطانية، وعلى كل المستويات الرسمية والشعبية لهذا الحدث.
حول هذا المعنى يشرح النعيمي ل الراية: " لقد حظي افتتاح المحطة بتغطية إعلامية واسعة على مستوى الصحافة العالمية والبريطانية والمحلية في ويلز، التي توقفت على نحو خاص على اعتبار الحدث لحظة تاريخية للمنطقة. خاصة من خلال تشريف العائلة المالكة البريطانية إلى جانب العائلة المالكة القطرية جنبا إلى جنب. ويمكن أن نتصور في هذا السياق تأثير مثل هذا الحضور العالي المستوى على الشعب الويلزي، والذي فسر اهتمام الملكة اليزابيث بحضور حفل الافتتاح بالأهمية الكبرى التي يحملها المشروع القطري لبريطانيا ولمنطقة ويلز بالذات.
وفق هذا المعنى لا زالت الأخبار والتحليلات المختلفة التي تناولت الحدث الموجودة على مواقع الجرائد المحلية على شبكة الانترنت، هي الأكثر قراءة حتى هذا التاريخ، وهو ما يعكس مدى الاهتمام الذي يوليه سكان المنطقة لهذا الحدث وحضور سمو الأمير وسمو الشيخة موزة إلى جانب الملكة اليزابيث حتى ديارهم..
من ناحية أخرى كانت الصحف الوطنية على اختلافها قد توقفت مطولا أمام طبيعة هذه الشراكة الاقتصادية المهمة التي تحققت في هذا المجال بالذات بين قطر وبريطانيا. فعلى سبيل المثال، يواصل النعيمي ل الراية، خصصت جريدة الفايننشل تايمز الواسعة الانتشار صفحة كاملة لتغطية الحدث، وشددت بصورة خاصة على التأثيرات الايجابية للمحطة على اقتصاد المنطقة في ظروف اقتصادية عالمية صعبة. كما ركزت على أهمية هذا الاستثمار القطري الواثق في مثل هذه الظروف الاقتصادية العالمية غير المستقرة، واصفة الحدث بأنه شجاعة استثمارية على درجة من الدلالة.
حراك اقتصادي للمنطقة
وقد عزز اختيار قطر للغاز لهذا الميناء كبوابة لدخول الغاز القطري المسال إلى المملكة المتحدة، وفق التحليلات البريطانية، من القيمة الاستراتيجية لميلفورد هيفن، وذلك وفق تحوله إلى مركز مهم للطاقة وسط المملكة المتحدة. السيد تيد سانجستر الرئيس التنفيذي لهيئة ميناء ميلفورد هيفن يشرح بهذا الصدد:
"لقد جهدنا خلال السنوات الأخيرة لأن نجعل من ميلفورد هيفن واحدا من أهم موانىء البلاد، وتمكنا اليوم من استقبال ناقلات الغاز المسال الضخمة التي سوف تساعدنا في تحقيق هذا الهدف. إن هذا الحدث قد جعل أنظار العالم بأسره تدور نحونا، ما سيساعد على جذب اهتمام المؤسسات التجارية الأخرى، التي يمكن أن تقدم لنا بدورها المزيد من الفرص باتجاه خلق إيرادات إضافية. وبالقياس لما يتميز به من طبيعة آمنة، سيكون لميلفورد هيفن دور حيوي في دعم التنمية الاقتصادية، وفي دعم نشاط مؤسسات المجتمع المحلية في جميع أنحاء بمبروكشاير."
في هذا الصدد يعرج المهندس محمد النعيمي لتوضيح الدور الايجابي للمحطة في إنعاش اقتصاد بيمبروكشاير، وويلز بشكل عام. حيث ستضخ استثمارات المشروع أكثر من بليون جنيه استرليني في الاقتصاد المحلي. وهو الحراك، الذي لمست المنطقة نتائجه منذ بداية العمل على المشروع، وخلال مختلف مراحل الإعداد وبناء المحطة والمصنع، ثم بعد بداية العمل على تشغيل المصنع. فإن المشروع الذي تقدمه ساوث هوك، يستند إلى استثمار طويل المدي، وبالتالي فانه يشكل أفقاً مفتوحاً للمزيد من الحراك، ومن فرص العمل والتفاعل المثمر مع اقتصاديات كامل منطقة بيمبروكشاير، ولكن بصورة خاصة ميلفورد هيفن. حيث سيضمن المشروع تحولها من جديد إلى واحدة من أهم مراكز إنتاج الطاقة، وأكبر موانيء المملكة المتحدة".
ويواصل: "فهنا تدخل قطر لقلب أحد أقوى واهم أسواق الغاز في العالم، وتستجيب لحاجات هذا السوق الذي أخذ يتهدد مع تناقص مخزون بحر الشمال، لكنها أيضا تدخل منطقة قد عصف بها الجزر الاقتصادي، وارتفاع معدل البطالة، حتى أنها قد سجلت خلال السنوات العشر الأخيرة أكبر معدل للبطالة في المملكة المتحدة، لتبعث فيها حراكا جديدا قادرا على قلب الأوضاع وإنعاش الحياة في هذا الركن البريطاني".
حول هذا المعنى يشرح المحلل السياسي البريطاني جورج دريك ل الراية بأن مقاطعة بمبركشاير بشكل عام، وخاصة المناطق المحيطة بمصافي البترول السابقة في ملفورد هيفن قد أصابتها نكسة اقتصادية كبيرة أعقاب إغلاق مرافيء البترول التي قام حولها اقتصاد المنطقة خلال النصف الأخير من القرن الماضي. وحل شبح البطالة على المنطقة بشكل كامل، حتى إن هجرة داخلية واسعة قد أخذت تنقل الناس من مدنها الأصلية إلى مدن أخرى في ويلز أو في مقاطعات بريطانية أخرى بكل ما يمثله ذلك من إشكاليات اقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة. وذلك دون أن يفلح الأمر كثيرا في إخراج الناس من حالة العسر الاقتصادي الذي يضرب مختلف العائلات المتواضعة الدخل. وقد جاء المشروع القطري للمنطقة بنجدة غير منتظرة حولت المكان إلى نقطة جذب اقتصادي في سرعة استثنائية وفق ما يقدمه للناس من فرص للعمل المباشر أو العمل غير المباشر.
فليس قليلا على سبيل المثال، يواصل المحلل البريطاني ل الراية، أن نجد في ميلفرد هيفن والمدن التي تحيط بها، أن المتاجر قد أخذت تزدهر والمقاهي تنتشر مثل الزهور في الربيع، والفنادق... بينما نجد في مدن بريطانية أخرى اليوم مع تداعيات الأزمة العالمية تعيش حالة عكسية حيث يتوالى اختفاء المحلات والمطاعم والمقاهي نتيجة لنقص الزبائن وعجز الناس عن صرف إي مبلغ غير ضروري.
لذلك فإن ما تقوم به قطر في المنطقة هو حدث أخذ مكانه في قلب التاريخ؛ لأنه قد جاء برسالة مغايرة لما يرسله الاقتصاد العالمي، وأسس حول المشروع لحراك اقتصادي غير مسبق جعل أهل المكان يعودون في هجرة عكسية إلى ديارهم.
يتبــــــــــــع