ليــث قطر
14-10-2009, 12:03 AM
لا تصالح
علي الظفيري
http://profile.ak.fbcdn.net/v222/526/33/n802004971_3916.jpg
2009-10-11
أية مصالحة فلسطينية تلك التي يدور النقاش حولها في القاهرة، هل يمكن لعاقل أن يتحدث عن هذا الأمر الآن؟ ومع من تتصالح الفصائل الفلسطينية المقاومة؟ إن ما جرى الأسبوعين الماضيين يحتم علينا أن نعيد النقاش بشكل جذري حول الفكرة وأساسها، وهذا ليس انفعالا أو غضبة تجاه موقف السلطة الخائن للقضية الفلسطينية، إنما هو مطلب جاد لتحديد الهويات والمواقع من جديد، من وماذا وكيف ولماذا.
في المقال الماضي قلت إنها لا سلطة ولا وطنية ولا فلسطينية، شعرت بالندم الكبير بعد ذلك الوصف، كانت مجاملة ولطفا لا تستحقه، إنها كائن أبشع وأكثر سوءاً من ذلك الوصف، ولست اليوم بصدد البحث عن الوصف اللائق والمطلوب لها، لكن دعونا نطرح أسئلة أكثر جدية في هذه المسألة، لماذا على مصر أن ترعى هذه المصالحة، وعلى المقاومة أن تقبل بها، وكأنها أمر حتمي لا مناص منه، هذا غير صحيح أبداً، أقبل أن يكون هناك تفاوض مع فريق عباس الموجود في رام الله، كما يكون التفاوض مع إسرائيل بالضبط، وليس في هذا قسوة أو تطرف أبداً، بل على العكس سيضع هذا الفهم الأمور في مسارها الصحيح.
السؤال الكبير الذي تطرحه هذه القضية يتجسد في المطلب الذي تريده كل من فتح وحماس في الصراع القائم بينهما من جهة وبين حماس وإسرائيل من جهة أخرى، وأرجو أن لا يتوهم أحد أن حداً أدنى من الصراع يمكن أن يتوفر في العلاقة بين حركة فتح وإسرائيل، تريد حماس وفصائل المقاومة شيئا من حقوق الشعب الفلسطيني التي تغتصبها إسرائيل برعاية من حركة فتح وسلام فياض وياسر عبدربه -وبعض الدول العربية بكل تأكيد- إضافة للأمم المتحدة، تريد المقاومة تحقيق ذلك بالحد الأدنى من الشروط العادلة والكرامة، أما الفريق السابق فيحمل نفس الادعاء ولكنه يقبل -كسقف لمطالباته- بدور وظيفي يحمي مصالحه ويحقق له مكاسب آنية وضيقة، مثالٌ لها اتصالات ابن الرئيس وإسمنت رئيس الوزراء السابق واستثمارات رئيس الوزراء الحالي، وبين هذا وذاك سيل من الصغائر للمناضلين المتقاعدين من حركة فتح واليسار الفلسطيني!
اليوم لا بد من الفصل، الفصل بين تلك الأفكار المتشابكة والمتداخلة بحجة اختلاف الآليات والوسائل المتبعة، خدعة أن فريقاً يرى في التفاوض وسيلة للسلام وتحقيق المطالب عبر الشرعية، وأن الاختلاف حول هذا هو اختلاف الفريق الواحد والشعب الواحد!، هناك فريق إسرائيلي وفريق عربي بكل وضوح، والفريق الإسرائيلي يستوطن رام الله وعدداً من العواصم العربية المهمة، وبالتالي تكون المواجهة والصراع معه ومع إسرائيل على حد سواء، لا شيء اسمه المصالحة وجسر الهوة وإعادة اللحمة، على حركة حماس والفصائل الفلسطينية المقاومة استيعاب الدرس جيدا، واستخلاص العبر من الحرب الإسرائيلية على القطاع والمواقف التي فضحتها، يجب أن تتذكر جيدا موقف الرئيس عباس من تلك المجازر، وأن تستحضر الموقف المصري منها، فأبو الغيط الذي أقسم بتكسير أقدام الفلسطينيين وحاصر القطاع يومها لا يمكن اليوم بأية حال من الأحوال أن يكون حمامة سلام ومصالحة بينكم وبين أعدائكم الفلسطينيين. إن واحداً من الأهداف لتلك الحرب الإسرائيلية هو إخضاع المقاومة وإعادة شيء من القوة والنفوذ لما يسمى فريق السلطة الفلسطينية، وهذا أمر يتم برعاية مصرية وكان ينجح شيئا فشيئا بسبب قبول حماس بالمصالحة، لكن سوء الحظ أتى بالقاضي ريتشارد غولدستون وتقرير لجنة التحقيق التي يرأسها ففضحهم جميعا، ولا يجب تفويت الفرصة وتركهم يلوذون بالفرار دون عقاب.
ثمة أمور يجب أن يعاد النظر فيها وتكون واضحة في هذا الصراع، هذه القضية ليست فلسطينية، إنها أكبر من ذلك بكثير، وأن حركة فتح والجبهات التي عن يمينها وعن شمالها ليست فلسطينية أيضاً، إنها امتدادات للعدو في داخلنا، ولا يجب أن يكون سقفنا أقل من هذا أبدا، وأن معاناة أهلنا في غزة والضفة معاناة مؤلمة -لكن لابد منها-، ولنتذكر أن جُلَّ الشعب الفرنسي ونصف فيتنام قبِل بالعدو، ولم يحاربه ويدحره سوى القلة المؤمنة بحريتها وكرامتها وأرضها، لا بد لنا أن نتحمل قليلا أو كثيرا، وأن لا نقبل بالفتات.
ولنتذكر أمل دنقل حين قال: لا تصالح، ولو توجوك بتاج الإمارة، إن عرشك سيفٌ، وسيفك زيفٌ، إذا لم تزن -بذؤابته- لحظات الشرف، واستطبت الترف!
http://alarab.com.qa/details.php?docId=100868&issueNo=660&secId=15
جريدة العرب القطرية
علي الظفيري
http://profile.ak.fbcdn.net/v222/526/33/n802004971_3916.jpg
2009-10-11
أية مصالحة فلسطينية تلك التي يدور النقاش حولها في القاهرة، هل يمكن لعاقل أن يتحدث عن هذا الأمر الآن؟ ومع من تتصالح الفصائل الفلسطينية المقاومة؟ إن ما جرى الأسبوعين الماضيين يحتم علينا أن نعيد النقاش بشكل جذري حول الفكرة وأساسها، وهذا ليس انفعالا أو غضبة تجاه موقف السلطة الخائن للقضية الفلسطينية، إنما هو مطلب جاد لتحديد الهويات والمواقع من جديد، من وماذا وكيف ولماذا.
في المقال الماضي قلت إنها لا سلطة ولا وطنية ولا فلسطينية، شعرت بالندم الكبير بعد ذلك الوصف، كانت مجاملة ولطفا لا تستحقه، إنها كائن أبشع وأكثر سوءاً من ذلك الوصف، ولست اليوم بصدد البحث عن الوصف اللائق والمطلوب لها، لكن دعونا نطرح أسئلة أكثر جدية في هذه المسألة، لماذا على مصر أن ترعى هذه المصالحة، وعلى المقاومة أن تقبل بها، وكأنها أمر حتمي لا مناص منه، هذا غير صحيح أبداً، أقبل أن يكون هناك تفاوض مع فريق عباس الموجود في رام الله، كما يكون التفاوض مع إسرائيل بالضبط، وليس في هذا قسوة أو تطرف أبداً، بل على العكس سيضع هذا الفهم الأمور في مسارها الصحيح.
السؤال الكبير الذي تطرحه هذه القضية يتجسد في المطلب الذي تريده كل من فتح وحماس في الصراع القائم بينهما من جهة وبين حماس وإسرائيل من جهة أخرى، وأرجو أن لا يتوهم أحد أن حداً أدنى من الصراع يمكن أن يتوفر في العلاقة بين حركة فتح وإسرائيل، تريد حماس وفصائل المقاومة شيئا من حقوق الشعب الفلسطيني التي تغتصبها إسرائيل برعاية من حركة فتح وسلام فياض وياسر عبدربه -وبعض الدول العربية بكل تأكيد- إضافة للأمم المتحدة، تريد المقاومة تحقيق ذلك بالحد الأدنى من الشروط العادلة والكرامة، أما الفريق السابق فيحمل نفس الادعاء ولكنه يقبل -كسقف لمطالباته- بدور وظيفي يحمي مصالحه ويحقق له مكاسب آنية وضيقة، مثالٌ لها اتصالات ابن الرئيس وإسمنت رئيس الوزراء السابق واستثمارات رئيس الوزراء الحالي، وبين هذا وذاك سيل من الصغائر للمناضلين المتقاعدين من حركة فتح واليسار الفلسطيني!
اليوم لا بد من الفصل، الفصل بين تلك الأفكار المتشابكة والمتداخلة بحجة اختلاف الآليات والوسائل المتبعة، خدعة أن فريقاً يرى في التفاوض وسيلة للسلام وتحقيق المطالب عبر الشرعية، وأن الاختلاف حول هذا هو اختلاف الفريق الواحد والشعب الواحد!، هناك فريق إسرائيلي وفريق عربي بكل وضوح، والفريق الإسرائيلي يستوطن رام الله وعدداً من العواصم العربية المهمة، وبالتالي تكون المواجهة والصراع معه ومع إسرائيل على حد سواء، لا شيء اسمه المصالحة وجسر الهوة وإعادة اللحمة، على حركة حماس والفصائل الفلسطينية المقاومة استيعاب الدرس جيدا، واستخلاص العبر من الحرب الإسرائيلية على القطاع والمواقف التي فضحتها، يجب أن تتذكر جيدا موقف الرئيس عباس من تلك المجازر، وأن تستحضر الموقف المصري منها، فأبو الغيط الذي أقسم بتكسير أقدام الفلسطينيين وحاصر القطاع يومها لا يمكن اليوم بأية حال من الأحوال أن يكون حمامة سلام ومصالحة بينكم وبين أعدائكم الفلسطينيين. إن واحداً من الأهداف لتلك الحرب الإسرائيلية هو إخضاع المقاومة وإعادة شيء من القوة والنفوذ لما يسمى فريق السلطة الفلسطينية، وهذا أمر يتم برعاية مصرية وكان ينجح شيئا فشيئا بسبب قبول حماس بالمصالحة، لكن سوء الحظ أتى بالقاضي ريتشارد غولدستون وتقرير لجنة التحقيق التي يرأسها ففضحهم جميعا، ولا يجب تفويت الفرصة وتركهم يلوذون بالفرار دون عقاب.
ثمة أمور يجب أن يعاد النظر فيها وتكون واضحة في هذا الصراع، هذه القضية ليست فلسطينية، إنها أكبر من ذلك بكثير، وأن حركة فتح والجبهات التي عن يمينها وعن شمالها ليست فلسطينية أيضاً، إنها امتدادات للعدو في داخلنا، ولا يجب أن يكون سقفنا أقل من هذا أبدا، وأن معاناة أهلنا في غزة والضفة معاناة مؤلمة -لكن لابد منها-، ولنتذكر أن جُلَّ الشعب الفرنسي ونصف فيتنام قبِل بالعدو، ولم يحاربه ويدحره سوى القلة المؤمنة بحريتها وكرامتها وأرضها، لا بد لنا أن نتحمل قليلا أو كثيرا، وأن لا نقبل بالفتات.
ولنتذكر أمل دنقل حين قال: لا تصالح، ولو توجوك بتاج الإمارة، إن عرشك سيفٌ، وسيفك زيفٌ، إذا لم تزن -بذؤابته- لحظات الشرف، واستطبت الترف!
http://alarab.com.qa/details.php?docId=100868&issueNo=660&secId=15
جريدة العرب القطرية