المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 500» مليار دولار فوائض نفطية‚‚ أين تستثمر؟



مغروور قطر
06-02-2006, 05:50 AM
«500» مليار دولار فوائض نفطية‚‚ أين تستثمر؟

توقعت مصادر اقتصادية ان تتجاوز الفوائض المالية للدول المصدرة للنفط هذا العام 500 مليار دولار‚

وكانت تقديرات البنك الدولي قد قدرت الفوائض المالية بـ «450» مليار دولار في عام 2005‚ وقد طرح مركز الاقتصاد والاعمال والابحاث في مجلة «الاقتصاد والاعمال» سؤالا مفاده: أين يستثمر الخليجيون في عام 2006‚

وبدأت الفوائض المالية تسترعي انتباه المحللين الدوليين نظرا لازدياد اهميتها بالنسبة للاقتصاد العالمي ككل‚ وبالتالي امكانية تأثيرها على اتجاهات بعض السلع او القطاعات‚

وتشير معظم التقديرات في هذا الخصوص الى ان هذه الدول هي اكثر محافظة من السابق بالنسبة لصرف الفوائض النفطية لديها‚ حيث تبلغ نسبة الادخار حاليا 40 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي تقريبا في كل من الامارات والكويت‚ في المقابل قدر صندوق النقد الدولي انفاق الدول العربية النفطية منذ عام 2002 بنحو 30 في المائة من الفوائض الاضافية مقارنة مع 75 في المائة في السبعينيات وأوائل الثمانينيات مما أدى كذلك الى ارتفاع الفائض في موازناتها من 2 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي الى 15 في المائة تقريبا عام 2005‚

يذكر ان الدول العربية المصدرة للنفط لديها اليوم قدرة اكبر من السابق على استثمار فوائضها في اسواقها المحلية في ضوء النمو السكاني السريع لديها وتزايد الحاجة الى تحسين بناها التحتية والاستثمار في الطاقات الانتاجية للنفط والغاز‚ في السبعينيات وأوائل الثمانينيات كانت معظم الفوائض المالية توظف كودائع لدى المصارف الاميركية والاوروبية‚ اما اليوم ومع تطور أدوات واساليب وقنوات الوساطة المالية في العالم وفي الاسواق المحلية ايضا ازداد تنوع ادوات ووسائل الاستثمار المستخدمة مع اتجاه متنام نحو شراء الاسهم والسندات الاجنبية كما تشير أرقام بنك التسويات الدولية التي تظهر نموا طفيفا في ودائع الدول العربية المصدرة للنفط في المصارف الاجنبية‚

كما تزايد تعدد الجهات التي تقوم بتوظيف الفوائض المالية النفطية العربية لتشمل صناديق الاستثمار وصناديق التثبيت النقدي وشركات النفط المحلية بحيث لم تعد تظهر كل الزيادات في الايرادات النفطية ضمن الاحتياطات النقدية للمصارف المركزية‚ والتي ارتفعت بقيمة 70 مليار دولار تقريبا عام 2005‚ أي ما يوازي 30 في المائة فقط من الفائض في الحسابات الجارية لموازين مدفوعات الدول العربية النفطية‚ وتقوم هذه المؤسسات بتوظيف اموالها بوسائل جديدة بعيدا عن الودائع المصرفية التقليدية لتشمل صناديق التحوط ومراكز الاوفشور المالي‚ الي جانب التوظيفات المباشرة في شركات دولية‚ كما بالنسبة لشركة دبي كابيتال الدولية التي تملكت حصة في شركة دايملر ــ كرايسلر بقيمة مليار دولار في يناير الماضي‚ وشركة موانئ دبي العالم (DP World) التي اقدمت الشهر الماضي على طرح عرض بقيمة ثلاثة مليارات جنيه استرليني لشراء اكبر مجموعة لادارة المرافئ في بريطانيا P&O‚ لتصبح بذلك ثالث مؤسسة لادارة المرافئ في العالم‚

واصبحت بعض هذه المؤسسات من اهم اللاعبين الدوليين في القطاع المالي‚ مثل جهاز ابوظبي للاستثمار الذي يدير وحده نحو 250 مليار دولار من الموجودات المالية‚ يضاف الى ذلك بعض الشركات الخاصة التي ازدادت سيولتها النقدية وأخذت تتوسع ايضا في استثماراتها الخارجية‚ مثل شركة دبي للاستثمار التابعة لـ «دبي القابضة» التي تملكت مؤخرا مبنى «230 بارك أفينيو» في نيويورك بقيمة 705 ملايين دولار بعد شراء عقار ضخم في وسط لندن في «ترافلقار سكوير» قبل بضعة اسابيع فقط‚

بالنظر الى ضخامة حجم الفوائض المتراكمة لدى الدول النفطية‚ اعلن صندوق النقد الدولي ان سياسات الانفاق الواجب اتباعها من حكومات هذه الدول ينبغي ان تركز على زيادة الانفاق لتعزيز النمو الاقتصادي‚ اضافة الى زيادة الطاقة الانتاجية والتكريرية للنفط‚ وكذلك لتخفيض الديون المترتبة عليها‚

فوائض القطاع الخاص

من جهة اخرى تزايدت المبالغ المستثمرة في الاسواق المالية المحلية وذلك وسط تنامي الثروات الخاصة في بلدان الخليج بشكل ملحوظ في العامين الاخيرين حيث تقدر بأكثر من 3‚3 تريليون دولار اليوم‚ وانعكس ذلك على عدد من بورصات المنطقة‚ كما اصبحت الرسملة السوقية لبورصات الخليج ككل البالغة اكثر من 120‚1 مليار دولار توازي 88 في المائة من الرسملة السوقية للبورصات العربية ككل‚ مقابل 4‚84 في المائة عام 2004‚

كذلك‚ قفزت اسعار العقارات في معظم دول الخليج ترافقا مع المشاريع التجارية والسكنية والسياحية الضخمة التي اطلقت خلال العامين الماضيين‚ وفي الوقت الذي يعتبر بعض المراقين أن أسعار العقارات وصلت إلى مستويات قياسية وانه لا يمكن ان ترتفع أكثر في المستقبل‚ يرى العديد من الخبراء ان القطاع العقاري ما زال في بداية مرحلة انتعاشه‚

ولكن بعد الزيادات الكبيرة في اسعار اسهم الشركات الخليجية في العامين الأخيرين تضاعفت القيمة الترسملية للأسواق المالية في كل من السعودية والإمارات والكويت وقطر بين ثلاث واربع مرات خلال الفترة نفسها‚ والسؤال المطروح: هل هناك مجال لمزيد من الارتفاع في أسعار الاسهم أو العقارات من دون ان يعقب ذلك انهيار كبير يبدد كل المكاسب السابقة في حال حدوث انخفاض مفاجئ في اسعار النفط؟

الجدير بالذكر ان زيادة الاسعار في الاسواق المالية المحلية تفاقمت حدتها بسبب الاحجام المذهلة للطلبات على الاكتتاب في الاصدارات الأولية للأسهم IPOs والتي فاقت كل الارقام القياسية المسجلة في العالم ككل‚

ويراهن بعض المحللين على استمرار ارتفاع البورصات في بلدان الخليج في ظل توقع استمرار نمو ارباح الشركات نظرا لتوقع بقاء اسعار النفط على مستويات عالية وبالتالي استمرار الانتعاش الاقتصادي في هذه البلدان‚ كما ان أكثر من 50 شركة عائلية وفردية اعلنت نيتها طرح اسهمها للاكتتاب العام‚ وتستغل الشركات حاليا الطلب الكبير على الاصدارات الأولية لطرح اسهمها في البورصة بهدف زيادة رسملتها من جهة واستقطاب الرساميل التي تمكنها من تحقيق مشاريعها التوسعية من جهة أخرى‚ لكن في حال تكرار ظاهرة الاكتتابات القياسية التي سجلت في الإمارات والتي اعتمدت بشكل ضخم على اثر الرافعة Leverage‚ قد تتعرض البورصات التي تشهد مثل هذه الظاهرة إلى نقص مماثل في السيولة وإلى تراجع في اسعار الاسهم القائمة‚

ارتفاع معدلات التضخم

ترافقت موجة ارتفاع اسعار الاسهم والعقارات هذه المرة مع ارتفاع في معدلات التضخم في الاقتصادات الخليجية بنسبة 9 في المائة كمعدل وبحد أقصى قد يتجاوز 15 في المائة في الإمارات للعام 2005‚ جاء ذلك في ظل نمو عام في الكتلة النقدية‚ نتيجة الفوائض المحققة في المنطقة‚ بلغ نحو 24 في المائة في كل من العامين 2004 و2005‚ ومن العوامل التي زادت الضغوط التضخمية عدم لجوء المصارف المركزية في بلدان الخليج إلى رفع معدلات الفوائد أكثر‚ وذلك نظرا لربط العملات الخليجية بالدولار وبالتالي ضيق مجال التحكم بمعدلات الفوائد‚

والسؤال هنا: لماذا شهدت دول الخليج المصدرة للنفط ارتفاعا في معدلات التضخم في حين لم تسجل الدول المستوردة للنفط أي زيادة تذكر في التضخم رغم انها هي التي تستهلك النفط بصورة أساسية وبالتالي هي أول من يتأثر بتغير اسعاره؟

والواقع ان قوى العولمة خففت كثيرا من اثر ارتفاع اسعار النفط على اقتصادات الدول الصناعية كما تبين دراسة حديثة لبنك التسويات الدولية التي اشارت إلى ان تزايد المنافسة بين الشركات على المستوى العالمي حال دون انتقال اثر هذا الارتفاع على اسعار السلع النهائية‚

وجاء ذلك خصوصا بعد انضمام الصين إلى الاقتصاد العالمي بالنظر إلى الكلفة المتدنية جدا لليد العاملة هناك‚ وعليه‚ يمكن القول ان التضخم في دول الخليج هو محلي الطابع‚ وناتج بصورة خاصة عن الزيادة الهائلة في السيولة المحلية والضيق النسبي في قاعدة الاستثمار المحلية المتوافرة‚ رغم ضخامة بعض المشاريع التي اخذت تطلق في العامين الأخيرين في هذه البلدان‚

الاتجاه نحو المعادن والودائع

إزاء هذا الوضع قد يختار بعض المستثمرين في الخليج توظيف جزء من أموالهم في الادوات التي تحمي من التضخم مثل الذهب مثلا الذي يشهد سعره ارتفاعا ثابتا منذ اربع سنوات كما تجاوز عتبة 530 دولارا للأونصة في ديسمبر 2005 لأول مرة منذ ابريل 1981‚

وكان العديد من المراقبين يتوقعون ارتفاع اسعار الذهب بشكل اسرع العام 2005‚ غير ان عمليات البيع التي اخذت تقوم بها المصارف المركزي في السنوات الأخيرة خففت من سرعة ارتفاع سعر المعدن الاصفر‚

في المقابل‚ كانت اسعار بعض المعادن الأخرى اسرع نموا من اسعار الذهب لاسيما البلاتين والنحاس الذي ارتفع سعره أكثر من 30 في المائة العام 2005 وأكثر من 200 في المائة منذ العام 2003‚ مما رفع مجموع نمو مؤشر المعادن إلى ما يقرب من 20 في المائة بين نهاية نوفمبر 2004 ونهاية نوفمبر 2005‚ في مقابل ارتفاع في سعر الذهب تقريبا بنسبة 9‚12 في المائة خلال الفترة نفسها‚

ان هذا الارتفاع سيتباطأ في الأشهر المقبلة في حال استمرار ارتفاع معدلات الفوائد العالمية والتي ستدفع المستثمرين مجددا نحو التوظيفات الأعلى مردودا‚

‚‚ وإلى الاستثمار في الدول العربية

من جهة أخرى قد يتجه بعض المستثمرين الى توظيف جزء من فوائضهم في الدول العربية غير النفطية‚ وبالفعل فقد زادت التدفقات النقدية الخليجية الى عدد من الدول العربية الأخرى كما يظهر من تحسن الأوضاع الاقتصادية ونمو الاسواق المالية في بعض هذه البلدان مثل الأردن ولبنان ومصر‚ لكن عدم توافر البيانات الاحصائية الحديثة والمفصلة لا يسمح بتقييم الحجم الفعلي لهذه التدفقات‚ هذا مع العلم ان تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن «الاونكتاد» يشير الى تراجع التدفقات المالية الخارجية المباشرة الى الدول العربية عام 2004 وبنسبة تصل الى 20 في المائة تقريبا رغم التحسن البارز في اقتصادات هذه الدول في ضوء ارتفاع أسعار النفط‚ لكن الإحصائيات الواردة في التقرير تشمل مجمل التدفقات المباشرة‚ مما قد يقلل من أثر التدفقات النقدية البينية بين الدول العربية‚ كما لا تأخذ الاحصائية في الاعتبار الزيادة الملحوظة في التدفقات النقدية من الخارج للمواطنين في البلد نفسه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001‚ لكن الواضح ان هناك تدفقات متزايدة الى عدد من الدول العربية غير النفطية كما تظهر عمليات الشراء الكبيرة والعديدة لشركات ومستثمرين خليجيين في منطقة سوليدير في وسط بيروت في العامين 2004 و2005‚ والمشاريع العقارية العديدة التي أطلقت في الاردن في الفترة نفسها خصوصا في منطقة العقبة وفي وسط العاصمة عمان‚ اما في مصر فقد توزعت الاستثمارات بين المشاريع العقارية وبعض التوظيفات في البورصة خصوصا في الاصدارات الأولية للأسهم وآخرها اصدار شركة الاتصالات المصرية التي تعتبر اكبر عملية اصدار أولية للأسهم تشهدها السوق المصرية حتى الآن‚

الاستثمارات الحكومية

ولا شك ان خيارات الاستثمار التي تعتمدها الحكومات والمؤسسات والأفراد في دول الخليج سيكون لها تأثير على خيارات المستثمرين في دول أخرى‚ وآخر دليل على ذلك هو الدولار الاميركي‚ الذي عُزي ارتفاع سعر صرفه تجاه العملات الدولية الأخرى وفي مقدمتها اليورو والين الياباني الى أعلى مستوى له منذ أكثر من عامين‚ الى تفضيل دول الخليج التعامل به على التعامل بالعملات الاخرى‚ كما عُزي بعض ارتفاع اسعار الذهب الى جاذبية المعدن الاصفر تقليديا لدى شرائح واسعة من المجتمع في دول الخليج‚ حيث سجلت مبيعات الذهب في الامارات مثلا‚ ارتفاعا بنسبة 25 في المائة عام 2005‚ يضاف الى ذلك ان عددا من الشركات الخليجية اصبحت في صدارة ترتيب الشركات العالمية المدرجة في البورصات ما يزيد من أثر قراراتها الاستثمارية على الأسواق المالية الدولية وفي مقدم هذه الشركات «سابك» التي احتلت المرتبة 11 حسب ترتيب «فايننشيال تايمز»‚ والمرتبة 23 حسب ترتيب Fortune 500 وتتجاوز اليوم الرسملة السوقية للشركة 176 مليار دولار أي ما يوازي أكثر من خُمس الرسملة السوقية لمجموع البورصات العربية‚