تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : على يد سمو الأمير جزيرة الغاز القطري رقم 119 تنضم لأرخبيل فينيسيا



ROSE
05-11-2009, 07:27 AM
على يد سمو الأمير جزيرة الغاز القطري رقم 119 تنضم لأرخبيل فينيسيا
كنت شاهداً في ليلة العرس القطري على مسرح لافينيس العريق

- سمو الأمير : البعد البيئي هو البعد الآخر لالتزامنا و مسؤوليتنا في توفير إمدادات الغاز إلى الأسواق العالمية
- بيرلسكوني : فينيسيا ستستغل هذا الإنجاز في محاربة ظاهرة ارتفاع مياه البحر وانقاذ المدينة من الغرق

- فينيسيا تتحول بفضل الغاز القطري من مدينة للحرير والتوابل والفن في أوروبا إلى مركز عملاق للطاقة
- صحيفة " لاريبوبليكا " : أخيرا ومن هذه الليلة سينعم الإيطاليون بنوم هادئ
- ماركو بولو عاد يحمل نارا ويالها من نار نظيفة من عاصمة الطاقة النظيفة
- حجم محطة الأدرياتيك يزيد مرتين عن مساحة استاد سان سيرو في ميلانو
- قطر تعيد للعرب علاقتهم التاريخية وصيتهم التجاري في فينيسيا عبر بوابة الغاز
- تعلموا من العرب صناعة الزجاج ، والجلود ، والنسيج وعلى يد قطر يتعلمون صناعة الطاقة النظيفة


فينيسيا – د . طارق الشيخ : عدنا إلى الدوحة لكن قصة يومين حافلين رائعين ظلت تسيطر على البال وتلح علي بلوح الكتابة . قلت ماله ماركو بولو عاد يرحل ويتنقل بين موانئ الدنيا .. من المؤكد أنه لايبحث عن قارة لم تكتشف او موانيء لم تطأها أقدام البشر بعد . يرحل ماركو بولو من جديد تجاه الشرق بحثا عن مغامرة جديدة عله يجد مبتغاه ليبشر به أهل مدينته الجميلة فينيسيا . ماركو بولو تاجر البندقية الذي خلد اسمه في التاريخ مكتشفا عظيما عاد الى البندقية من جديد . وهذه المرة عاد الى اهله بما هو اعظم و بما لايقارن عاد يحمل نارا .
في تلك الليلة المجيدة في التاسع عشر من اكتوبر 2009 وسط قاعة مسرح " لافينيس " الملوكية البهية الرائعة جلس حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى والى جواره جلست سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند وسعادة السيد سلفيو بيرلسكوني رئيس وزراء ايطاليا . امتلأت القاعة التي يحكي كل ركن فيها قصة لوحدها من تاريخ دوقات فينيسيا . هنا فينيسيا مهد الجمهوريات الحديثة في أوروبا . وهنا فينيسيا الأرض الوحيدة في كل اوروبا التي عمدت تاريخا ناصعا للعلاقات التجارية والثقافية بين العرب واوروبا . فينيسيا التي عمدت قبل قرون مضت حوار الحضارات بين الغرب والشرق يوم أن كان معظم اوروبا يغط في نوم تاريخي عظيم عرفه التاريخ الإجتماعي لأوروبا بفترة القرون الوسطى . مسرح فينيسيا تحكي لوحاته روعة الفن وعبق تاريخ كان للعرب والمسلمين فيه قسطا وافرا.. حملة ثقافة وناقلي حضارة سامية وأهل تجارة وحملة لواء العولمة الحضارية آنذاك . إذ لم يعرف تاريخ فينيسيا حكم الخلافة العثمانية ولم يتول الحكم فيها أبدا أيا من الحكام المسلمين من سلاطين الدولة العثمانية برغم انهم قد بسطوا نفوذهم في كل المنطقة من حول جمهورية فينيسيا . بل ان فينيسيا وعلى خلاف المناطق الأخرى في أوروبا من صقلية الى اسبانيا ظلت على علاقة تاريخية بالمسلمين وبدرجة أثرت كثيرا في بنية الدولة التجارية والصناعية والثقافية . وتشهد على ذلك اللغة المحلية الذاخرة بالكلمات العربية وما اشتهرت به فينيسيا من فنون صناعة الزجاج والكريستال والسجاد تعلموا فنونها أول مرة من الحضارة العربية والإسلامية ثم غذوها ببصمة فينيسية حتى اصبحت رمزا من رموز ثقافتهم التجارية .
مسرح فينيسيا العريق يحكي قصصا رائعة من منجزات موسيقية واوبرالية خلدها التاريخ . هنا كان فيفالدي وهنا قدمت اعظم الأعمال الأوبرالية الخالدة .. وهنا بالذات وفي تلك الليلة من اليوم التاسع عشر من أكتوبر اعتلى ساحة المسرح ذلك الشاب القطري يطلب يد عروسه البهية من جميلات فينيسيا . وبلغة سهلة كانت ليلة العرس .. وليلة استعاد القطريون فيها للعرب لحظات مجيدة من تاريخ التلاقح الحضاري بين العالم العربي الاسلامي وفينيسيا .
ماركو بولو يعود من جديد بعد رحلة جاب فيها عباب بحر الخليج يحمل نارا ويبني واحدة من عجائب الجزر الصناعية . تحفة معمارية تماما كما هي الجسور الاربعمائة التي جعلت واحدا من اشهر اسماء فينيسيا " مدينة الجسور " .
في صباح ذات اليوم مررنا من تحت " جسر التنهدات " او كما يطلق عليه بالايطالية " بونتي دي سوسبيري " . لم يكن هناك مساجين يقتادون الى ساحة القصر لإصدار الأحكام عليهم ، بل كانت هناك تنهدات ارتياح انداحت دوائرها لتصل كل بقاع ايطاليا وعبر عنها ذلك الصحفي الايطالي جورجو لوناري من صحيفة الجمهورية " لاريبوبليكا " حينما خاطبهم في صبيحة اليوم التالي مبشرا " أخيراُ ومن هذه الليلة سينعم الإيطاليون بنوم هاديء. فعلى الأقل لا توجد مخاوف من انعدام تدفئة المنازل خلال هذا الشتاء. إذ سيتم اعتبارا من هذا الصباح، ومن عرض مياه البحر الأدرياتيكي المفتوحة، وأمام انظار الصحافة العالمية تقديم أول محطة للتغويز بعيدة عن الشاطيء و هي الأولى من نوعها في العالم " . بشرهم بأن ماركو بولو عاد يحمل نارا ويالها من نار نظيفة من عاصمة الطاقة النظيفة .
عن محطة الأدرياتيك للغاز الطبيعي وجه سمو الأمير كلمة تاريخية لها ذات المفعول الساحر الذي جعل من فينيسيا في القرن الخامس عشر وبعد فترة وجيزة من اختراع جوتنبيرج المذهل لآلة الطباعة عاصمة للطباعة بل يذكر التاريخ لها مولد اول صحيفة مطبوعة ، واول مجموعات احترفت بيع الأخبار " ولأول مرة اصبحت الأخبار تباع في فينيسيا . قائمة طويلة باسماء البضائع والسلع مقابل غازيتا واحدة ( وهي العملة القديمة لفينيسيا ) . ولذا ومنذ ذلك التاريخ أصبحت القوائم بالأسعار والصحف تضع على رأسها كلمة غازيتا . ثم اصبحت كلمة غازيتا مرادفة للصحيفة التي تظهر بشكل منتظم ولايزال اسم غازيتا مرادفا لكلمة صحيفة في كثير من اللغات في العالم " .
فينيسيا تنهض من جديد . . فقد حمل سمو الأمير حفظه الله لأهل فينيسيا ومن بعدهم كل ايطاليا البشرى السارة ويسمع رئيس الوزراء بيرلسكوني كلمات لاشك ادخلت الطمأنينة في نفسه وايضا للملايين من أهل ايطاليا أن أصبح لديهم قوة الطاقة من راس غاز الى ايطاليا " إنه لمن دواعي السرور أن نجتمع اليوم في مدينة فينيسيا الجميلة لافتتاح وتدشين الميناء الأدرياتيكي لاستقبال الغاز الطبيعي المسال ، والذي يعتبر بحق من المشاريع المتميزة والرائدة في مجال الطاقة "0 ويضيف " إن هذا المشروع يمثل رمزاً للتعبير عن الصداقة بين دولتينا وشعبينا ، ونموذجاً للتعاون الفني والاقتصادي في مجال الطاقة بين المؤسسات والشركات ".
للطاقة سحر ولقوة قطرة الطاقة النظيفة سحر آخر . المشروع جزيرة جديدة تضيفها الريادة القطرية في صناعة الغاز الى أرخبيل فينيسيا لتصبح محطة الأدرياتيك الجزيرة رقم 119 . وأية مصادفة هذه الجزيرة التاسعة عشر بعد المئة تعلن انضمامها لأرخبيل فينيسيا في التاسع عشر من أكتوبر وعلى يد سمو الأمير . إنها واحدة من إضافات صناعة الغاز القطرية الساحرة وقد وصلت لتوها الى بر الأدرياتيك . فبعد المصانع العملاقة واسطول نقل الغاز العملاق هاهي جزيرة عملاقة تنشؤها قطر في واحدة من شراكاتها المميزة على بحر الأدرياتيك في عمل صناعي فريد من نوعه أوصفه وبدقة خطاب سمو الأمير " يعتبر هذا المشروع الأول من نوعه في العالم ، كما يعتبر طفرة نوعية في تصنيع موانئ استقبال الغاز الطبيعي المسال من حيث الالتزام الصارم بمتطلبات السلامة التشغيلية والمحافظة على البيئة 0 والمشروع عبارة عن منصة ضخمة في عرض البحر تبعد أكثر من 40 كيلو متر عن مدينة فينيسيا العريقة ، تم تصنيعها في أسبانيا وسحبها بحراً مسافة 3000 كيلو متر تقريباً ليتم إرساؤها في موقعها الحالي على عمق حوالي 30 متراً في مياه البحر الأدرياتيكي "0
كذلك فإن الأسلوب الذي تم به بناء المحطة فريد من نوعه حقا . فقد استخدمت تقنيات جديدة في بناء خزانين كبيرين للغاز المسال بنيت في اسبانيا وكوريا وتم تجميعها في اسبانيا وسحبت الى الموقع في ايطاليا .
ويشير سموه الى الهدف من المشروع قائلا " يهدف هذا المشروع إلى استقبال 6 ملايين طن في السنة من الغاز الطبيعي المسال وتخزينه وإعادته إلى حالته الغازية وضخه عبر أنبوب غاز بحري إلى شبكة الغاز الإيطالية 0 وهو يساهم بتأمين حوالي 10% من احتياجات إيطاليا من الغاز الطبيعي كما يمثل هذا الغاز الطبيعي المسال مصدراً جديداً من مصادر تأمين إمدادات الغاز النظيفة إلى إيطاليا ويساهم في تعزيز موارد الطاقة وضمان استقرارها ".
ولما كان الايطاليون دوما مغرمون بكرة القدم وفي تلك الليلة وفي حضرة بيرلسكوني رئيس نادي ميلانو العريق كان نادي ميلانو حاضرا استوحى منه الصحفي جورجو لوناري كلماته في تقريره في اليوم التالي ليمنح محطة الغاز المسال الوصف الأقرب لمخيلة الإيطاليين " تصل ضخامة حجم المشروع بمقدار مرتين من مساحة استاد سان سيرو الكروي بمدينة ميلانو: ارتفاع 47 مترا، وبعرض 88 مترا، وطول يبلغ 180 مترا، و هي بنية من الأسمنت المسلح يصل وزنها حوالي 290.000 طن " .
الغاز القطري يمضي يشق طريقه الى داخل اوروبا وفي مصادفة تاريخية محضة قريبا من ذات المداخل التجارية التي كانت تمهد الطريق الى داخل اوروبا من فينيسيا الى امستردام . بالأمس كانت محطة زيبروج في بلجيكا القريبة من امستردام واليوم فينيسيا وسبقتها ساوث هوك . إنها مداخل استراتيجية تشكل سلسلة عملاقة تطوق السوق الأوروبية العملاقة للطاقة . بعلاقة فينيسيا التجارية التاريخية العرب خاصة ازدهرت واصبحت قبلة التجار في أوروبا وبطاقة الغاز القطري سيعود لتجار البندقية صيتهم العريق .
لتقريب معنى هذه العلاقة التاريخية أحب ان أعود الى الماضي عبر
كتاب فينيسيا والعالم الاسلامي ( 828 – 1797 ) والصادر عن متحف الميتروبوليتان للفنون في نيويورك يبدأ مدير المتحف فيليبي دو مونتيبللو في تقديمه للكتاب تسجيل قس ميلانو بيترو كازولا لوصف رائع لمدينة فينيسيا عام 1494 وحال التجار فيها من رفاه وثراء ويقول " من يستطيع تعداد المتاجر الكثيرة جيدة التأثيث والمخازن الكبرى المليئة بالملابس مختلفة الأنواع والتصميمات المطرزة والمزركشة ، أنواع السجاد المختلفة ، والحرير بأنواعه المختلفة ، ومخازن اخرى ملأت بأنواع البهارات والخضروات والفاكهة والأدوية والشمع الأبيض الرائع " .
ويمضي في المقدمة ويقول إن الكثير من المنتجات التي أسرت عيون القس كازولا بما في ذلك السجاد ، والأقمشة المطرزة ، والحرير والبهارات تأتي من منطقة شرق المتوسط وماوراءها . جلبها الى البحيرة تجار فينيسيا الناشطين في مناطق مثل القاهرة ، والاسكندرية ، اسطنبول وبورصة ودمشق وتبريز واصفهان .
واليوم يضاف اسم دولة قطر وتجارة الغاز الطبيعي المسال القطرية الى هذه القائمة التاريخية والسجل التجاري الرائع لفينيسيا .
ويورد الكتاب جانبا من أسرار العلاقة التاريخية التي ربطت بين فينيسيا والعرب والمسلمين وحضارتهم " لا احد نجح في كل الغرب في إقامة علاقات تجارية ودبلوماسية مع العالم الاسلامي كما فعل أهل فينيسيا . وعندما أخذت الإمبراطورية البيزنطية تتراجع تدريجيا مفسحة المجال أمام السلاطين المسلمين في المنطقة ازدادت علاقات أهل فينيسيا تدريجيا بالمسلمين وافكارهم ، وثقافتهم وأسلوب حياتهم . ولعل نجاح فينيسيا على مدى التاريخ ارتبط بشكل تام تقريبا بدورها كبوابة اوروبا المنفتحة على الحضارات الغنية في الشرق " .
قطر تعيد للعرب اواصر علاقتهم التاريخية وصيتهم التجاري في فينيسيا عبر بوابة الغاز أوقل عبر خطوط نقل الغاز العائمة وهو التعبير الذي أطلقه سعادة عبدالله بن حمد العطية نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة والصناعة مجددا ذلك الصباح من على متن السفينة العملاقة " لا سيوبريما " وفي حضرة كل وسائل الاعلام الايطالية والعالمية . ويتم نقل الغاز من المحطة وتوزيعه عن طريق خط انابيب جديد يمر تحت مياه البحر متصل مباشرة بالمحطة. و قد نفذت شركة ادرياتيكا للغاز (Adriatica GNL ) الجزء الأول من خط الأنابيب، بمسافة 15 كيلومتر تحت سطح البحر، 10 كيلومترات عبر دلتا نهر البو و 5 كيلومترات تحت سطح الأرض. أما المرحلة الثانية من خطوط الأنابيب، والذي نفّذتها شركة أديسون و يبلغ طولها 84 كيلومتر لنقل الغاز من كافارازيري ( Cavarzere ) الى محطة توزيع الغاز المحلية بالقرب من مدينة بولونيا.
فينيسيا نقطة التقاء الحضارات الشرقية وتلاقحها مع الحضارات الغربية بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي . هذا الموقع الاستراتيجي هو ماجعل أعين المفاوض القطري تتثبت في هذا المكان كمدخل استراتيجي لشمال ايطاليا الصناعي الغني ومنه الى أنحاء ايطاليا وقلب أوروبا .

ROSE
05-11-2009, 07:27 AM
واعود من جديد الى التاريخ .. هنا في فينيسيا كما يقول تييري ديسماريت الرئيس التنفيذي السابق لشركة توتال الفرنسية تجد آثار الرقي الفني الاسلامي الرفيع والتقدم العلمي للمجتمع المسلم حاضرا وبقوة في مجالات الطب ، والفلك ، والرياضيات وشكلت النظرة والنهج الفينيسي في التعامل مع الثقافات الشرقية .
ويضيف أن البحارة وتجار فينيسيا وفي مسعاهم الدائم لاكتساب المعارف الجديدة فقد وضعوا وبحماس شديد نصب أعينهم التكنيك الشرقي وسعوا دوما الى تقليده والاحتذاء به في صناعة الزجاج ، والجلود ، والنسيج . بل أن الفن وثقافة فينيسيا والخيال الفينيسي قد استلهم في منهجه الكثير من الشرق عبر قرون من الحوار والتواصل وتبادل الثقافات مع الشرق .
وتقول ديبورا هاوارد في وارد حديثها عن " فينيسيا كمدينة شرقية " : يعكس انتشار الكلمات العربية واليونانية في اللهجة الفينيسية المسار الكامل والخبرة الكولونيالية ". وتضيف أن فينيسيا وعلى خلاف اسبانيا وصقلية لم تخضع أبدا لحكم الخلفاء المسلمين . وظلت تاريخيا كجزء من الامبراطورية البيزنطية حتى حققت الجمهورية تدريجيا استقلالها السياسي والثقافي .
وتقول ان موقع فينيسيا على مفترق طريقين هامين يربطان بين منطقتين تجاريتين كبيرتين الطريق الى ممر برينر باس المؤدي الى المانيا والبحر الأدرياتيكي الذي يقود الى البحر المتوسط وهو ماترك اثره العظيم على المدينة ونموها التجاري والثقافي في نهايات القرون الوسطى . وترى ان هذا التزاوج بين الثقافات تمخض عنه تأثيرات كبيرة في الثقافة وحتى الثقافة المعمارية وتقاليدها .
في ساحة سان ماركو ذلك الصباح من التاسع عشر من اكتوبر تقابلت صدفة مع سعادة السيد يوسف حسين كمال والدكتور ابراهيم الإبراهيم واستعير هنا الصفتين المباشرتين لعلاقتهما بالحدث فسعادة الوزير رئيس مجلس إدارة شركة راس غاز والدكتور نائب رئيس مجلس الإدارة بعد التحية الواجبة تساءلت كم من المارين بالساحة ذلك الصباح يعرف أي بشرى سارة يحملها الرجلان لأهل فينيسيا .
والمفارقة أن القديس ماركو نفسه قد جيء به من الأسكندرية ( رفاته ) حاضرة الكنيسة الأ رثوذكسية . كما يشهد لفينيسيا تسامحها الديني وبدرجة اغضبت عليها الفتيكان واعتبرت لفترة من الزمن جمهورية مارقة .
عن المشروع واهميته بالنسبة لايطاليا يذكر رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلسكوني " عملت المحطة أخيرا بعد سنوات من الانتظار والترقب ، وبعد صعوبات جمة صاحبت انجازها ". هذه الجزئية من حديث بيرلسكوني هامة للغاية واهميتها تكمن في صعوبة ومشقة التفاوض حول إقامة المشروع ، وماصحبها من تعرجات وصعود وهبوط واستواء كاد يعصف بالمفاوضات . وهي صعوبات تحدث عنها صراحة فيما بعد سعادة عبدالله بن حمد العطية واصفا بأن التفاوض مع ايطاليا بأنه صعوبة حقيقية على خلاف أمريكا وبريطانيا ويعني هنا التفاوض بشأن محطات الغاز المسال . وأوضح هذه النقطة في مؤتمره الصحفي وبصراحته المعهودة " من الصعوبة الدخول في تفاوض مع ايطاليا لطبيعة المنظومة السياسية وتعقيدات الواقع في ايطاليا وفي النظام بالدولة والتي تعطي قوة اكبر للمناطق " .
فقد كانت قضايا البيئة مسيطرة ، وتصدي جمعيات حماية البيئة في فينيسيا وايطاليا لفكرة قيام المحطة جزءا دقيقا أحاط بالمفاوضات . وتمخض ذلك عن انتصار حقيقي لفينيسيا ، وكان لدولة قطر اسهامها غير المباشر في ايجاد حل تاريخي لمعضلة حماية فينيسيا من الغرق . فقد تزامن تنفيذ المحطة مع الجدل الايطالي حول مشروع مصدات الأمواج لحماية المدينة التاريخية من الغرق . ومصادفة أيضا ان رئيس الوزراء بيرلسكوني كان هو بالذات من دشن مشروع المصدات عام 2003 لوقف تكرار الفيضانات التي كانت تغمر وباستمرار مدينة فينيسيا وتعرف باسم " أكوا التا " . والمشروع الذي دشنه بيرلسكوني يقضي بوضع 79 من مصدات الأمواج عبر قاع البحر عند المداخل الرئيسية الثلاث وينتهي العمل به في عام 2011 . ومن شأنه حماية المدينة من الغرق لمدة قرن كامل من الزمان . واعترضت جماعة البيئة مرة على قيام المحطة ومرة اخرى على قيام المصدات وفي كلا الحالتين فهم يحاججون بأن المشروعين يضران بالحياة البحرية وكذلك الحيوانات البرية في المنطقة .
واستغرق الأمر زمنا طويلا في بلد مثل ايطاليا تأخذ العملية الديمقراطية وقتا طويلا حتى تبت كل الأطراف في الأمر واهم من ذلك توفر القناعات ومعها التعويضات المالية .
هذه المخاوف والهواجس البيئية صاحبت بيرلسكوني حتى ليلة افتتاح المشروع فنجده يقول " أن محطة الأدرياتيك تمثل نقطة تحول هامة في تاريخ الطاقة في ايطاليا من حيث نظافة الغاز الطبيعي وتأثيره الايجابي على البيئة وهو لايلوث البيئة ويجب أن تزيد ايطاليا من نسبته بين مصادر الطاقة الأخرى ". ويضيف " أن فينيسيا مدينة التاريخ والثقافة والفن سوف تستغل هذا الانجاز في محاربة ظاهرة ارتفاع مياه البحر من خلال خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة وسنبدأ قريبا في مشروع عملاق لحماية المدينة من هذه الظاهرة وانقاذها من الغرق " .
وقد جاء الرد والتطمينات سريعة من جانب سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حينما قال في كلمته " إن البعد الآخر لالتزامنا و مسؤوليتنا في توفير إمدادات الغاز الطبيعي إلى الأسواق العالمية ولا سيما أسواق الدول الصناعية ، هو البعد البيئي 0 إن الغاز الطبيعي يعتبر من مصادر الطاقة الأولية النظيفة ذات الكفاءة العالية مقارنة بالمصادر الأخرى ، وهو الاختيار الأول حالياً في محطات توليد الكهرباء المتطورة ، نظراً لأهميته في تقليل انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون والحفاظ على البيئة " .
ويضفي السيد المسند رئيس مجلس الإدارة السابق لمحطة الأدرياتيك المزيد من التوضيحات على هذا الجانب بقوله ان المشروع الذي بدأ كفكرة عام 2001 مر بظروف تفاوضية معقدة اكثرها لمعالجة الجوانب القانوني المتعلق بقوانين البيئة ، ومصاعب أخرى واجهت مرور خط الغاز نفسه من المحطة الى البر . إذ يخترق الخط الى البر مناطق بيئية تحظى بالحماية من الاتحاد الأوروبي . ثم أمر المحافظة على البيئة وتكلفة ذلك . أضف الى ذلك فقد كانت هناك مصاعب مع شراء الأراضي لشق طريق خط الانابيب . وقد أمكن تجاوز كل هذه المصاعب . ويضيف المسند " ومن الفوائد التي تمت من خلال المشروع أن الحكومة الايطالية وافقت وبعد أربعة عقود من التردد من حسم مشروع مصدات الأمواج لحماية مدينة فينيسيا من أمواج الأدرياتيك التي كانت تهدد المدينة بالغرق . وبنيت حتى الان حوالي 40 من مصدات الأمواج . وتطلب الأمر تغيير أشياء في المشروع بناء على متطلبات قوانين البيئة في ايطاليا والتقييم المالي للمشروع ، والتقنية العالية المستخدمة في المشروع وتجميعها في ايطاليا من انحاء مختلفة من العالم وهو امر لم يحدث في هذه الصناعة من قبل " .
وأشار المسند الى ان تجاوز المصاعب الكثيرة قد تم بفضل مساندة الحكومتين القطرية والايطالية الأمر الذي ساهم في قيام المشروع ونجاحه .
فينيسيا تعود من جديد الى موقعها التاريخي الريادي نازعة عنها إهاب الماضي كمدينة للحرير والتوابل والفن في أوروبا . فقد أضافت فينيسيا الى أرخبيلها جزيرة جديدة عملاقة لتكون مركزا جديدا للطاقة يرفد ايطاليا بمقدار 10 % من حاجتها من الطاقة النظيفة . وبالنسبة لدولة قطر وراس غاز تحديدا فإن المشروع يكمل ماحجمه 35 % من انتاج راس غاز الموجه الى أوروبا . والخبر السار وفق تعبير جيري ولاهان المدير العام السابق لراس غاز ان الطلب على الغاز الطبيعي آخذ في الإزدياد والطلب داخل ايطاليا قوي جدا مايجعل دخول مثل هذه السوق وفي هذا التوقيت بالذات يعد في حد ذاته انجازا هاما تحققه قطر للبترول .
مشاعر الايطاليين بقيام محطة الأدرياتيك عبر عنها رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني " ان هذا الاقليم يشعر بالعرفان كما تشعر كل ايطاليا نتيجة لهذا المشروع الذي يوفر لنا الطاقة النظيفة " .
وعبر سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني من جانبه عن مشاعر الشعب القطري بقوله " أنه جزء من مسؤوليتنا في تأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى كافة أرجاء العالم على أسس تجارية مجدية للمنتج والمستهلك على حد سواء ".
منذ تلك الليلة التاسع عشر من أكتوبر كما قال الصحفي الايطالي " سينعم الإيطاليون بنوم هاديء. فعلى الأقل لا توجد خطورة عدم تدفئة المنازل خلال هذا الشتاء " . وهذه مسألة غاية في الأهمية على ضوء تجربة الشتاء الماضي ومانجم عن الخلاف بين روسيا واكرانيا من مضاعفات طالت كل الدول الأوروبية المستفيدة من خط الغاز الروسي . لقد اعادت دولة قطر وشيجة صلة عربية عميقة وتاريخية مع فينيسيا عبر مشروع تاريخي سيعيد نظم العلاقة بين قطر وايطاليا على نحو جديد ورائع منطلقا من أعرق المدن التجارية في أوروبا عروس بحر الأدرياتيك فينيسيا .

السندان
05-11-2009, 06:59 PM
والى الامام ياقطر

الله يعطيكِ العافية على النقل